عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - Amer Hanna Fatuhi

صفحات: [1]
1


الحروب الصليبية ... ثانية ! 

- عامر فتوحي -    

تقديم :

لايمر يوم إلا ونسمع أو نقرأ فيه عن جرائم (تقشعر لها الأبدان) ترتكب بحق المسيحيين المشرقيين وأتباع الديانات الأخرى غير المسلمة ، ذبح غير المسلمين على الطريقة الإسلامية (ذبحاً حلالاً) تقليد بدأ منذ غزوة بدر الكبرى حتى لحظة كتابة هذه السطور ، إغتصاب الصبايا المسيحيات مستمر على قدم وساق منذ نشأة الدولة الإسلامية الأولى حتى يومنا هذا ، التغرير بالفتيات المسيحيات ومن ثم نكاحهن بعقود زواج مدفوعة الأجر (طالت أو قصرت) أمر متعارف عليه ويتم تحفيظه للمترددين على التكايا الممولة سعودياً ، تفجير الكنائس وحرق المكتبات المسيحية لم يتوقف منذ عهد (الشروط العمرية المتخلفة) ، شتم المسيحيين واليهود والتعريض بهم في البلاد المسلمة سواء في الطرقات والمحلات العامة وعبر أبواق المآذن حالة عامة شاملة ، الإستهزاء بالصلبان تعدى حالة المطالبة بإنزالها من على دور العبادة إلى التدرب عليها كشواخص قتالية تبث تفاصيلها يومياً ودون وازع من ضمير محطات التلفزيون في البلدان العربية والإسلامية على حد سواء مع ذلك لم نسمع أو نقرأ عبارة تنديد واحدة ، بل وصلت السفاهة بتلفزيون دويلة (الكيان الفلسطيني) في غزة إلى مستو من الوضاعة في نشر الكراهية تجاه الآخر إلى حد بث (برامج للأطفال) تجمع بين مزيج من شخصيات كارتونية محببة كالأرنب والبطة وأشخاص إعتياديين (بلحى إسلاموية ونساء وفتيات بعمر الورود بين محجبة ومنقبة) ، ولا هم لمثل هذه البرامج (التربوية) إلا العويل والزعيق والدعوة الصريحة إلى محاربة الكفار (الصليبيين) وأكل (اليهود) وهم أحياء بإرادة ومشيئة من ألله !!!

أما عن معاملة سكان البلاد الأصليين المسيحيين كمواطنين من مرتبة أدنى من كلدان وبقية الناطقين بالسورث علاوة على القبط وغيرهم فحدث ولا حرج . وإن كان هذا الذي أشرت إليه بشكل مقتضب وسريع يجري بشكل يومي متنام ومتصاعد مع إزدياد حدة التخلف وإضطهاد المرأة (العورة) في البلدان التي تضم غالبية مسلمة ، ولا من أحد يكترث بما يحدث من ظلم مريع في هذه البلدان على أساس (أنها شأن داخلي) ؟!!

أن سيل الإجابات الجاهزة التي يتلقاها المسيحيون المشرقيون وبقية أتباع الديانات غير المسلمة المتجاوز عليها في البلدان الناطقة بالعربية وما يسمى بالعالم الإسلامي ، لا يتعدى تأثيرها في معظم الأحيان مساحة الحبر الذي يكتب به على الورق ، بخاصة وأن تبريرات أولي الأمر هنالك مرتبة وجاهزة ، فأن من يذبح المسيحيين واليهود والصابئة وغيرهم من وجهة النظر التبريرية تلك (هم محض قلة ضالة) ، أما الذين يغتصبون (الكتابيات على حد التعبير الإسلامي) وهؤلاء الذين ينكحهون بعقود زواج ممولة سعودياً إذلالاً للفتاة المغرر بها وإحتقاراً لأهلها (فهم بين شباب طائش وعشاق أضناهم الهوى) ، أما هؤلاء الذين يفجرون الكنائس ويذبحون رجال الدين والراهبات ويحرقون المكتبات المسيحية فهم (مجهولون خارجون على القانون) ، أما عن رجال الدين وأئمة الجوامع الذين يشتموننا ليل نهار عبر مكبرات الصوت المنصوبة على قمم المآذن ويدعون إلى تهجيرنا وذبحنا أو التفضل علينا بالدخول إلى الإسلام أو دفع الجزية عن يد ونحن صاغرين ، فهم (فئة من المتعصبين لا تحل ولا تربط) ، وأما عن المناهج التعليمية التي تلغي كل الثقافة والحضارة المسيحية وتقوم علانية وجهاراً بإشاعة مفاهيم تغريبية تجرد المسيحيين المشرقيين من هويتهم الوطنية الأصلية (فهي موضوعات تافهة وعديمة الأهمية) ؟!!

وفي النهاية نكتشف بأن (هيام المسيحيين بالغرب الصليبي وليس أي سبب آخر) كان السبب الرئيس في تناقص عددهم الذي كان يتجاوز التسعة ملايين وكانوا يشكلون 95% من عدد العراقيين قبل معركة القادسية إلى نسبة واقعية تقرب اليوم من 10% أي ما يقرب من مليونين إذا ما أعتبرنا أن عدد سكان العراق (الداخل والخارج) اليوم (22 مليوناً) ، أما أنهار الدم التي لم تتوقف فليست إلا محض خيال ؟!!
كما نكتشف بأن كل هذا الذي يجري بحقنا منذ قرون (في بلادنا) التي يعاملنا المحتلون الدخلاء عليها (من عرب وفرس وكورد وترك) كأجانب ومواطنين من درجة أدنى (بتصديق دستوري يستمد مفاهيمه من الشرع الإسلامي) ليست إلا تصرفات فردية ينبغي أن لا نعيرها أية أهمية ؟!!

في المقابل نرى بأن مواطني البلدان التي تتواجد فيها جاليات صغيرة مهاجرة (مسلمة) وتحديداً أوربا وأمريكا وكندا تستمتع بكافة الحقوق المكفولة لمواطني تلك الدول ، ذلك أنها دول قامت على أسس التعاليم المسيحية المتسامحة حقاً وفعلاً ، علماً أن مجتمعات معظمها اليوم تطغي عليها الروح الليبرالية المتطرفة التي لا تعترف نسبة كبيرة من مواطنيها بأي دين سماوي ، بل أن هنالك العديد من الشواهد من (أفلام وكتب) تنشر وتنتج بين بين حين وآخر في تلك البلدان لا لقصد إلا الإساءة لشخص السيد المسيح وأمه البتول . ومع ذلك أذا ما قام شخص من بين هؤلاء الغربيين الملحدين بالتجاوز على الرموز الإسلامية أو حتى بمحاولة تغطية نمط الحياة في المجتمعات الإسلامية كما حدث لحفيد (فان كوخ) الذي تم ذبحه حلالاً على الملأ (وعلى الطريقة الإسلامية) ، نرى أن ذات الحكومات والجهات التي لا نسمع منها إلا الأجابات الجاهزة والتافهة عن التصرفات الفردية (التي يذهب الآلاف من المسيحيين ضحية لها) ، تتدافع بالمناكب لدعم حملات التبويق التي لا غرض منها إلا تأجيج ضغائن عامة المسلمين في البلدان الإسلامية التي يشيع فيها التخلف أساساً ، والتي بمقدور أصغر إمام جامع فيها أن يؤجج (مشاعر الغضب الغريزية الجاهزة) في عشرات الآلاف من العامة ، ملوحاً ببوادر (حرب إمبريالية صليبية جديدة ومؤامرة عالمية مسيحية) على الشرق (الوديع البريء المسالم) متجاهلاً أنهار الدماء التي فجرها المسلمين منذ نشأة الإسلام حتى اليوم ، ومبرراً تلك التصرفات الأوربية (الفردية فعلاً) سواء كانت (قصدية أو عفوية) بالعداء الصليبي المستفحل ضد الإسلام والمسلمين ؟؟؟
   
  أن موضوع (الحروب الصليبية) الذي يتعكز عليه السلفيون عامة والوهابيون بشكل خاص ويشكل ركناً أساسياً في ذهنية رجل الشارع سواء في البلدان ذات الأغلبية المسلمة أو في البلدان الغربية ، هو من وجهة النظر العلمية والعملية إنما يعد أحد أهم المواضيع التي تعكس آثارها السلبية الخطيرة على مجتمعاتنا المشرقية والعالم المتمدن على حد سواء ويؤثر في نموها سلباً .

الغريب هنا أن كتابنا المنفتحين ومثقفينا اليساريين المتنورين يتحاشون الخوض في هذا الموضوع الذي تردده وسائل الإعلام والمنابر الدينية يومياً بشكل ببغائي يعكس وجهة النظر العربسلامية المليئة بالأكاذيب والمغالطات السفيهة التي  تبرر دونما جدال (وحشية زمر الإرهاب) وتدعم بشكل أو بآخر أجندتها لذبح المسيحيين في الشرق من خلال إستخدام هذا الموضوع وفق آلية عمل مزدوجة داهية وخبيثة في آن ، فمن ناحية يشجع موضوع الحروب الصليبية (الملفق والمحشو بالأكاذيب والسفاهات) شراذم الإرهابيين لتصفية الوجود المسيحي في الشرق ، ومن ناحية أخرى يتم إستخدامه بدهاء عندما يتطلب الأمر (التمسكن والتباكي) أمام الإعلام الغربي الليبرالي ومؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان . وفي كلتا الحالتين فإن المسيحي المشرقي هو الضحية الدائمة ، فعندما نشر رسام الكاريكاتير الدانيماركي المغمور كورت فوستغارد (73 عاماً) رسومه عن نبي المسلمين دفع المسيحيون في البلاد التي يحكمها المسلمون الثمن غالياً ، حيث سفحت الدماء ونحرت الراهبات وخربت دور العبادة وأنتهكت الأعراض وفق منطق يسميه العراقيون (الفرهود) وكذلك (ولية مخانيث) ، وبصراحة فإن (ولية المخانيث) هذه لم تتوقف منذ غزوة القادسية في القرن السابع للميلاد حتى اليوم .
أن موضوع (الحروب الصليبية) هذا الذي يمنح خفافيش الظلام المبررات التي تسوغ لهم التعبير عن نوازعهم الدموية الشريرة بأبشع الصور ، هو دافعي الرئيس اليوم لرد و(تصويب المغالطة) التي تضمنتها الرسالة التي بعثها (الداعية الإسلامي الحبيب علي الجفري) إلى عدد من المفكرين ورجال الدين المسيحيين في العالم الغربي ، آملاً أن يبدأ العراقيون (إذا ما أرادوا الخير للعراق) بقراءة التاريخ بعيداً عن الترهات والأكاذيب التي تم حشرها في عقول العامة مع هيمنة الطاغية عبد الملك بن مروان على مقاليد حكم (الدولة الأموية) وتسليط عامله المسخ (الحجاج بن يوسف الثقفي) على رقاب العراقيين .

ولكي أمنع على المتصيدين في المياه العكرة حججهم التي يبررون بها أعمال الحثالات الإرهابية شرقاً وغرباً ، ولكي أقطع على هذا البعض التكتيك الذي يستخدمونه لكم الأفواه وإغتيال (الكلمة الحرة) من خلال إستخدامهم لعبارات جاهزة يستخدمها السلفيون والمتطرفون الليبراليون الغربيون ومثيليي الجنس في المجتمعات الغربية من نوع (سياسة نشر الكراهية ضد الإسلام) ، (تعد على الإسلام) ، (تجاوز وطعن وإساءة وما شاكل من مفردات جاهزة ) ، فقد حرصت على أن أتقيد في موضوعي هذا أعتماد مقتبسات مستلة من القرآن (مصحف عثمان) وأحاديث نبي المسلمين المتفق على صحتها بين جمهرة علماء المسلمين من المذاهب الرئيسة الخمسة ، وذلك من أجل تفنيد أباطيل وحجج تلك الشراذم الظلامية الشريرة وفق المنطق القائل: (من فمك أدينك) أو كما تقول العرب: (شهد شاهد من أهلها) . كما إن مبرر إعتمادي  لهذه المقتبسات القرآنية والحديث وكتب السيرة النبوية ، هو إثبات (الحقائق الدامغة) التي تتعلق بالخلفية (الواقعية) والدوافع (الحقيقية) التي أدت إلى قيام (الحروب الصليبية) التي جاءت كما سيتبين لنا من خلال الشواهد والإثبات المستمدة من التاريخ والشرع الإسلامي (كرد فعل غربي لا بد منه) على قرون من (الإنتهاكات والفضائع العربسلامية) للعالم المشرقي وأوربا على حد سواء ، والذي أجبر الأوربيين آخر الأمر على خوض غمار تلك الحروب من منطلق (مكره آخاك لا بطل) .

الحروب الصليبية ورسالة إعتذار قداسة البابا يوحنا بولص الثاني :

ثمة مفارقة تدعو إلى الدهشة والإستهجان معاً ، إذ يعتقد البعض أن إعتذار قداسة الحبر الأعظم (يوحنا بولس الثاني) للمسلمين عن مشاركة الكنيسة الكاثوليكية في الحروب الصليبية (وهيّ مجموعة الحروب التي حدثت بين أوربا (المسيحية طوعاً) وبين الشرق (الذي تمت أسلمته بالنار والحديد) من خلال إكتساح عسكري شامل تمثل في غزوتي (اليرموك والقادسية) ، إنما هو إعتراف موجه من قبل رأس المسيحيين الأوربيين والعالم الكاثوليكي إلى القوى الإسلامية المهيمنة حالياً على الشرق من (عرب وكورد وترك وفرس ) متضمناً موافقة قداسته (الوهمية) بعائدية الشرق الأوسط (العراق وما تسمى ببلاد الشام) إلى تلك القوى الإسلامية الأجنبية الدخيلة أصلاً .

كما يذهب البعض من هؤلاء (الموهومين) إلى أن الرسالة التي بعثها مجموعة من أساتذة جامعة ييل (الليبرالية المتطرفة) في الولايات المتحدة وذيلها عدد من رجال الدين المسيحيين البروتوستانت منطلقين من إيمان المسيحية بنبذ العنف من جهة ، ومن جهة أخرى جهل جلهم على ما يبدو بوقائع التاريخ الإسلامي ، إنما هيّ تأكيد آخر على صحة إدعاء مسلمو الشرق بعائديته لهم ، ولكن شتان ما بين الحدثين ، ذلك أن حسابات الحقل هيّ غير حسابات البيدر تماماً .

لأن إعتذار البابا يوحنا بولص الثاني للمسلمين الذين نالهم الأذى بسبب تلك الحروب إنما ينطلق من رؤية إنسانية شمولية وروحانية مسيحية خالصة ، حيث لا تؤمن الديانة المسيحية بالقتال أو العنف حتى إذا نال المسيحي الإضطهاد والتعذيب والقتل فأن عليه أن يسامح المعتدي والقاتل ويصلي من أجل هدايتهما إلى طريق الحق والحياة ، ولمن لا يعلم فأنه لا يوجد في المسيحية ثنائية في الموقف (أي مرة تبيح وأخرى تحرم) ، فلا ناسخ أو منسوخ ولا ظاهر أو باطن ، ذلك (أن كلمة إله المسيحيين ثابتة لا ينسها أو ينسخها أو يبدلها) كما هو الحال في الإسلام : (ما ننسخ من آيات أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ... سورة البقرة 2 : 106) . وبمعنى أوضح أن وعد إله المسيحيين للمؤمنين وعد أب لأبنائه فهو راسخ لا يتبدل حرف منه ولو أنطبقت السماء على الأرض ، كما يتضح ذلك جيداً في مزمور (119-89) إلى الأبد يا رب كلمتك مثبتة في السموات ، وكذلك في مزمور (89-34) لا أغير ما خرج من شفتي ، وايضاً في (بطرس 1: 24 و25) أما كلمة الرب فتثبت للأبد .

أما خير ما يعبر عن الفلسفة الدينية المسيحية المتسامحة التي أساسها المحبة (الحقيقية) فيتمثل في الآية الكتابية التي يقول فيها السيد المسيح : لا تقاوموا من يسيء إليكم . من لطمك على خدك الأيمن ، فحول له الآخر ... متى ( - 5 : 39 ) وأيضاً لوقا (6: 29-30 ). وأما عن محبة الأعداء فيقول : أحبوا أعدائكم ، أحسنوا إلى مبغضيكم ، وباركوا لاعنيكم ، وصلوا من أجل المسيئين إليكم ... لوقا (6: 27-28 ) وأيضاً متى ... (5 : 44 ) ، أما موقف المسيحية من العنف فواضح جداً تظهره الآية الكتابية (متى 26 : 52) التي أوردها مرقس ولوقا ويوحنا أيضاً : (من يأخذ بالسيف ، بالسيف يهلك) .

هذه هيّ التعاليم المسيحية التي يفترض بالمسيحيين عامة ورجال الكنيسة بشكل خاص أن يلتزموا بها ، وهذه التعاليم السمحاء وليس أي شيء آخر ما دفع قداسة الحبر الأعظم للإعتذار للمسلمين الذين نالهم الأذى بسبب الحروب الصليبية ، ليس كما يعتقد  المسلمون (عن جهل) بأنه إعتراف بعدوان مسيحي (صليبي) على بلاد المسلمين ، بل لأن مشاركة الكنيسة في الحروب مهما كانت غاياتها ودعم العنف مهما كان سببه وبغض النظر عن مرتكبه إنما يخالف التعاليم الكنسية المستمدة من الكتاب المقدس الذي ينبذ الحرب والعنف بشكل عام .

لذلك لم نر على طول تاريخ البشارة المسيحية أن السيد المسيح أو أحد تلاميذه قد جيش جيشاً أو رفع سيفاً لنشر الديانة المسيحية ، ذلك أن إله المسيحيين واثق وقادر على أن يقول للشيء كن فيكون ، كما أنه ليس بحاجة لمن يقاتل عوضاً عنه أو يمنحه حصة من غنائمه ، وهل من المعقول أن يطلب رب العرش وخالق الأرض والسموات وكل ما يرى وما لا يرى حصة من غنيمة تافهة مهما كبرت أوعظمت في عين البشر . ناهيكم عن أن إله المسيحيين صبور غفور واناته طويلة بطول الزمان ، فهو المبتدأ والمنتهى ، لذلك (لا إكراه في دينه ولا مبدل لكلامه) ، وأولاً وأخيراً لا حاجة له لمن يجيش له جيشاً بأسمه ويفرض على الناس واجب عبادته (بالنار والسيف) .

ومن هذا المنطلق الواضح ، فأنه باطل كل من يجيش جيشاً يدعي صاحبه نشر المسيحية بقوة السيوف ، علماً أن نشر الديانة المسيحية لم تدر يوماً في خلد من جيش جيوش الصليبيين ، لأن حملاتهم تلك لم تكن من أجل نشر الإيمان المسيحي ، وإنما حملات أمراء وملوك (دول أوربية) لحماية رعاياهم ومصالحهم وأراضيهم التي أمتهنها وأغتصبها المسلمون ، وما شارة الصليب التي ميزت تلك الحملات إلا دلالة إعتزاز هؤلاء الأوربيين بديانتهم التي أنتهك حرمتها المسلمون على مدى عدة قرون ، وخير دليل على ذلك أن الإمبراطور قسطنطين الأول قد حارب على رأس جيشه تحت راية الصليب ، ولم يكن ذلك من أجل نشر التعاليم المسيحية أو فرضها على الآخرين بالقوة ، وإنما فعل ذلك إبان نزاعه مع ماكسين (منافسه على حكم الإمبراطورية الرومانية) ، حيث حسم النزاع بعد معركة جسر ميلفيان عام 310م لصالح الإمبراطور قسطنطين الأول .

وما يعنينا هنا أن رفع الأوربيين لراية الصليب أو إرتداء الدروع وتقلد التروس المزينة بشارة الصليب لم يبدأ على عهد الحروب الصليبية كما يروج لذلك (كذباً) دعاة الجهاد الإسلامي ، وإنما كان ذلك تقليداً أوربياً متعارفاً عليه سبق قيام الحروب الصليبية بما يقرب من (ثمانية قرون) لم يكن هنالك فيها ثمة من إسلام أو مسلمين .
أما الغرض من وضع شارة الصليب أو حملها أو تقلدها أوربياً ، فقد كان دافعه خليطاً من العرف العسكري والإعتزاز وطلب الحماية الإلهية حسب ، والتي ترجع جذورها إلى زمن الإغريق الذين كانوا يضمنون دروعهم وتروسهم رموزاً دينية (علماً أن أصل هذا التقليد يعود إلى بلاد الرافدين القديمة) .
عموماً ، أن إستخدام شارة الصليب إبان الحروب الصليبية كان مبعثه تمييز المقاتلين الأوربيين عن خصومهم من ناحية وطلباً للحماية الإلهية من ناحية أخرى ، والأخيرة لا تعدو أن تكون قناعة بشرية محضة لم ترد في الكتاب المقدس أو تفرضها التعاليم المسيحية الروحانية الخالصة مطلقاً . 

ولمن لا يعلم من الأخوة المسلمين فأن الديانة المسيحية هيّ (الديانة الروحانية الوحيدة) التي لا علاقة لها بالأرضيات ، ذلك أن مملكة (المسيحي) الصحيح (بحسب الكتاب المقدس) ليست من هذا العالم ، لذلك إذا ما قام شخص أو ملك بتبرير تجييشه للجيوش متذرعاً بالديانة المسيحية ، فإنه إنما يكشف عن جهله المدقع بالتعاليم المسيحية التي ترفض العنف أصلاً ، لأن الدفاعيات المسيحية ترفض منطق العنف والسيف مفضلة منطق الحوار والتبشير بكلمة الرب حسب متمثلين بوداعة الحمام ، لأن إله المسيحيين (واثق وقادر) على كسب حب شعبه بالحجة والمنطق حسب . وتأكيداً على ذلك نضرب مثالين مستمدين من تاريخ الدولة (العباسية) الإسلامية يدلان على شجاعة المسيحي عندما يختبر إيمانه ، وأيضاً طريقته المسالمة المتميزة بالحوار المتحضر عند الدفاع عن ذلك الإيمان :

يتمثل أولهما في المساجلة التي حدثت بين الخليفة المهدي والبطريرك الكبير طيمثاوس الأول 727-823 م الذي عاصر المهدي وهارون الرشيد والأمين والمأمون ، وفي تلك المساجلة تمكن البطريرك من إقناع الخليفة المهدي بالأفكار الرئيسة للمسيحية مثل (تجسد السيد المسيح والثالوث الأقدس ودحض شهادة العهدين عن نبي المسلمين وموت المسيح على الصليب) وغيرها من دفاعيات مسيحية لعبت دوراً كبيراً في إحترام الخلفاء للمسيحيين وتقريبهم من الخلفاء وتمكينهم من دواوين الدولة .

كذلك اذكر رسالة المسلم التقي عبد ألله بن إسماعيل الهاشمي لصديقه المسيحي عبد المسيح بن اسحق الكندي يدعوه فيها إلى الإسلام مبرراً له بالحجة أهمية ذلك ، فرد عليه صديقه المسيحي برسالة يدعوه فيها إلى المسيحية بعد أن فند حجج صديقه المسلم وبين له (أهمية الخلاص بالمسيح) ، وقد أورد البيروني هاتين الرسالتين في مؤلفه (الآثار الباقية عن القرون الخالية) ، لا سيما بعد أشتهارهما بين العامة حتى وصلت بشكل وشاية مضخمة ومزورة إلى دار خلافة المأمون 813-833 م ، فطلب المأمون أن يأتوه بالرسالتين وبعد أن قرئتا عليه وهو مصغ لهما بعناية بالغة ، أجاب الوشاة قائلاً : ما كان له (عبد ألله بن إسماعيل) إلى أن يتعرض لما ليس من عمله حتى أجاز كتاف نفسه (أن يخسر المساجلة) ، فأما النصراني فلا حجة لنا عليه ، لأن الأمر لو لم يكن عنده هكذا لما أقام على دينه . والدين دينان : أحدهما دين الدنيا ، والآخر دين الآخرة . أما دين الدنيا فالدين المجوسي وما جاء به زرادشت . وأما دين الآخرة (بمعنى الروحاني) فهو دين النصارى وما جاء به المسيح ، وسكت . لكنه بعد أن رأى وجوم المستمعين من حوله لعدم إشارته إلى الدين الإسلامي أضاف قائلاً : وأما الدين الصحيح فهو دين التوحيد الذي جاء به (صاحبنا) ، لأنه الجامع للدنيا والآخرة . فأنفرجت أسارير من حوله .

وهكذا يتبين لمن يريد  أن يستوعب جوهر المسيحية القائم على المحبة والتسامح وقبول إهتداء الآخر عن طريق الحوار والإرادة الحرة حسب ، فأنه سيفهم بالضرورة بأن إعتذار قداسة البابا يوحنا بولص الثاني كان دافعه الأول والأخير (إيمانه المسيحي الذي ينبذ العنف ويشيد بالمحبة والسلام) ، وبالتالي فإن إعتذاره ذاك لم ينطلق من إعتبارات تتعلق بشرعية أو عدم شرعية تلك الحروب كما يتخيل المسلمون ، كما أنه لم يوجهه بدوافع سياسية أو وطنية أو أي دافع  دنيوي آخر ، ذلك أن قداسة البابا يوحنا بولص الثاني هو بكل بساطة ووضوح (رجل ألله) الذي سعى بدافع من إيمانه المسيحي حسب أن يصلح ذلك الخطأ التاريخي المتمثل في تدخل الكنيسة في تلك الحروب التي لا تمت بأيما صلة إلى العقيدة المسيحية الروحانية الخالصة .

تصويب وتفنيد ما جاء في متن رسالة جامعة ييل :

أما بخصوص رسالة جامعة ييل الأمريكية ومن آزرها من رجال الدين المسيحيين التي أعدها وبعثها نيابة عنهم البروفيسور ميروسلاف فولف (مدير مركز الإيمان والثقافة) في جامعة ييل (وهيّ جامعة معروفة بتطرف أساتذتها الوجودي وكادرها الذي يغلب عليهم روح الإلحاد ومناوئة المسيحية) وهيّ الصفة الغالبة اليوم على مجتمع المستعمرات الثلاثة عشر التي كانت أساس قيام دولة الولايات (الفيدرالية) المتحدة ، فأنها تمثل وجهة نظر تلك الجامعة المتطرفة والجو المغرق في ليبراليته الذي يسود تلك الولايات المعروفة اليوم بتطرفها وتشجيعها لبدعة زواج مثيليي الجنس وما يطلق عليه مبدأ التصحيح السياسي المنفلت ومناوئتها الصريحة للمسيحية بذريعة الفصل ما بين الدولة والدين الذي ينادي به الدستور الأمريكي ، علماً أن فقرات الدستور الأمريكي غير معنية على الإطلاق بإلغاء وجود ألله الذي هو (إيمان) وليس (ديانة) ، كما لا تدعو تلك الفقرات إلى التجاوز على المسيحية التي كانت ثقافتها وقيمها المنبع والأساس الذي بني عليه الدستور الأمريكي .

وقد جاءت رسالة جامعة ييل رداً على رسالة (كلمة سواء بيننا وبينكم) التي بعثها الداعية الإسلامي الحبيب علي الجفري نيابة عن 138 عالماً مسلماً من مختلف مذاهب أهل السنة والجماعة إضافة إلى علماء من الطوائف الشيعية ، والتي برغم ما تحتويه من (خطاب ودي وتأكيد على عبادة ألله ومحبته ومحبة الجار وتؤسس لخطاب مسيحي إسلامي معتدل) ، إلا أنها تثير عدداً من التساؤلات التي لا بد من توضيحها ، علاوة على تجاهلها الكبير لحقوق السكان الأصليين لبلدان الشرق الأوسط وتلاعبها بحقائق التاريخ الدامغة المتمثلة بقرون من الإمتهانات والمذابح لأبناء الديانات الأخرى ولاسيما المسيحية واليهودية وهو ما يقلل من مصداقيتها وتأثيرها على المدى البعيد ، وهذا ما سأتناوله هنا .

إن مراجعة بسيطة لخلفية البروفيسور ميروسلاف فولف ترينا أنه (كرواتي الأصل ، بروتوستانتي المعتقد ، وهو معتقد منشق عن الكنيسة الكاثوليكية الجامعة التي لا ينتمي إليها ميروسلاف ، والتي أثار رأسها ( البابا أريان الثاني) خلافاً للمعتقد المسيحاني المسالم حماس قادة الجيوش الصليبية في خطاب له في كليرمونت جنوبي فرنسا مما أشعل فتيل تلك الحروب ، علماً أن تلك الحملات لم تكن أكثر من (حرب دفاعية) و (رد فعل أوربي منطقي) على قرون من التجاوزات والإعتداءات والإحتلالات الإسلامية لأوربا ، وهو ما يؤكد دونما لبس بأنها لم تكن موجهة بدوافع نشر الإيمان المسيحي ، وما يؤكد ذلك أيضاً أن الحملة الصليبية الرابعة لم تتجه إلى الشرق أصلاً ، بل عمد قادة الحملة (رغم معارضة وإستياء البابا أنوسنت الثالث) إلى مهاجمة عاصمة أخوتهم المسيحيين الشرقيين (القسطنطينية) ، حيث أدى ذلك الهجوم (خلافاً للتعاليم المسيحية) إلى تحجيم دور (الكنيسة البيزنطينية) المنافسة لروما .

أما لو قمنا بتحليل محتوى رسالة ميروسلاف وجماعته (غير المسؤولة) لوجدنا أنها :

1- تصادق على مسألة غير واضحة ليس لعامة المسيحيين الغربيين حسب ، بل لمعظم المسيحيين المشرقيين الذين تم تضليلهم وتجهيلهم بحقائق تاريخ المنطقة ، حيث تتعاطف الرسالة (دونما مسوغ) مع الرواية العربية الإسلامية التي (لا أساس لها من الصحة) والتي تصور الحروب الصليبية على أنها محض (هجوم أوربي مسيحي عدائي على الشرق العربي المسلم) من أجل نشر الديانة المسيحية . وهيّ (مغالطة تاريخية) تعتمد (الفهم القرآني) لنشر الدين الإسلامي .
وهذه المغالطة الفاضحة هيّ التي يستخدمها الإسلامويون منذ القرون الأولى للإسلام وحتى اليوم لذبح المسيحيين المشرقيين وهدم وتفجير كنائسهم وتخريب حتى مقابرهم لإفراغ الشرق منهم في (ظل صمت دولي) و(عدم إعتراض أو إشارة من ميروسلاف ومن وقع معه تلك الرسالة) التي تثير علامات إستفهام كثيرة ، علماً ، بأنني قمت بتفنيد (مغالطة) أو (إدعاء) العرب والمسلمين عامة بصدد ما تسمى بالحروب الصليبية ، و(تكذيب ذلك الإدعاء الباطل) بشكل لا لبس فيه في القسم الأول من بحثي الموسوم (الحروب الصليبية وصراع الأضداد -السيف والصليب- !) والذي يمكن قراءته على الرابط التالي :
http://kaldaya.net/Articles/600/Atricle659_Dec1_07_AmerFatuhi.html

2- أن رسالة ميروسلاف وجماعته تطلب الصفح من الأمة الإسلامية ومغفرة ألله . الحق أنني في الوقت الذي أفهم فيه جيداً طلب المغفرة من ألله ، لأن طلب المغفرة مسألة صحية ولازمة لجميع الذين يؤمنون بالله ، إلا أنني أجد طلب الصفح من الطرف المعتدي (ما يسمى بالعالم الإسلامي) الذي يصور نفسه (خلافاً للواقع) بمظهر الضحية ، إنما هو خطأ تاريخي وأخلاقي لا يغتفر .

فهل من المعقول أن تجوز الإدعاءات والمغالطات العربية الإسلامية على أساتذة ولاهوتيين مثل ميروسلاف ورجال الدين البروتوستانت ، مع أنه بإمكان أي إنسان إعتيادي وبمراجعة بسيطة لجوهر وتاريخ الديانتين (المسيحية والإسلامية) أن يتوصل إلى نتائج وحقائق لا تقبل الجدال ، وهيّ : أن الديانة المسيحية منذ بدء بشارة السيد المسيح وحتى إعلان مرسوم ميلانو عام (313م) على عهد الإمبراطور قسطنطين الأول الذي أعترفت فيه الإمبراطورية الرومانية بالديانة (المسيحية) ثم تبنيها فيما بعد ، وتحديداً في عام (438) على عهد الإمبراطور ثيودوسيوس كدين رسمي بديل عن العقائد الوثنية القديمة ، (لم يرفع مسيحي واحد سيفاً على أحد) أو تفرض المسيحية تعاليمها على أحد بالقوة ، لأن ذلك وبكل بساطة يتعارض تماماً مع العقيدة المسيحية التي تتطلب (الإيمان الصادق والإرادة الحرة) ممن يقبل المسيح (رباً ومخلصاً) .
وهكذا نجد أن المسيحية قد نمت وأنتشرت بالكلمة والإقتناع بالشهادة المسالمة التي تتضح أمثولتها بكل جلاء ووضوح في فداء السيد المسيح وحوارييه ورسله وشعبه ، ولعل عصور شهداء المسيحية المشرقيين والأوربيين الذي أمتد على مدى بضعة قرون دون أن يرفع مسيحي واحد سيفه لا بل حتى عصاه على أحد (خير دليل) على جوهر المسيحية الرافض للعنف والقائم على المحبة والإستشهاد عن إيمان ومحبة ورجاء وسلام داخلي .

في المقابل نجد أن الفهم القرآني وفلسفته لنشر الدين الإسلامي مختلفان تماماً عن المسيحية ، ولعل قراءة عاجلة لعدد من المصادر الإسلامية من الممكن أن تبين لنا طبيعة الإسلام وطريقة إنتشاره المعروفة جداً ، حيث كان الدين الإسلامي في أول الأمر مقتصراً في مكة على نبي المسلمين وبعض الأقرباء والمريدين مع عبيدهم أي (طبقة الأرذلين) بحسب النص القرآني ، وقد كانت ممارسته ولقاءات أتباعه الذين لم يتجاوز عددهم الأربعين (سرية للغاية) ، وكانت هذه الإجتماعات السرية تتم في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي في مكة ، ولم يعرف هذا الدين إنتشاره عالمياً إلا بعد تحوله من حركة (إصلاحية أبيونية) سرية ومسالمة إلى إستخدام العنف المسلح والقوة متمثلة بالغزوة والسرية التي كانت تنطلق من يثريبو (المدينة) التي عاش فيها نبي المسلمين لمدة عشر سنوات فقط ، حيث قصدها فاراً من ملاحقات ومضايقات أهل مكة وأبناء عمومته ليملك عليها في زمن قصير بعد نجاحه في التعرض (للقوافل التجارية المسالمة) وتصفية معارضيه وبخاصة من تطاولوا عليه بشعرهم أو مكذبين نبوته ، وذلك من خلال عمليات تذكر المصادر الإسلامية ومنها (السيرة النبوية وصحيح مسلم) أنها كانت تتم بليل وبسرية مطلقة ومن تلك العمليات التي تشهد عليها كتب التاريخ الإسلامي الآنفة الذكر ، نذكر على سبيل المثال تصفية (عصماء بنت مروان وأبي عفك اليهودي وكعب بن الأشرف وأبي رافع بن عبد ألله وسلام بن أبي الحقيق وأم قرفة وأبن شيبينة) وغيرهم كثير مما ليس هنا مجاله ، ناهيكم عن عدد كبير من الغزوات والسريات التي مهدت للقضاء على قبائل يثرب وتبوك الغنية والإستحواذ على ممتلكاتها قبل التوجه لتصفية الحسابات مع قادة مكة ، علماً أن نبي المسلمين شارك شخصياً في تسع وعشرين غزوة .

الجدير بالذكر هنا ، أن مصير سكان الجزيرة من مسيحيين ونصارى ويهود وبقية الملل لم يكن بأفضل من مصير كل من (رفض الدخول إلى الإسلام مرغماً) أو (أرتد عن الإسلام طوعاً) ، وقد ترسخ هذا (النهج العنفي) بعد وفاة نبي المسلمين محمد بن عبد ألله متأثراً بالسم الذي دس له في طعامه في المدينة من قبل زينب بنت الحارث ، وهيّ كما يذكر (البيضاوي) سبية يهودية جعلها نبي المسلمين من حصة سلام بن مشكم بعد أن قتل المسلمون زوجها وأبيها وعمها ونالوا من أهلها ما نالوا .
حيث قام الخليفة عبد الكعبة المعروف بأسم (أبو بكر الصديق) بشن حرب ضروس ضد القبائل التي أرتدت عن الإسلام (وهو ما يؤكد ثانية مسألة فرض الإسلام بالإكراه) ، فقهر جيش المسلمين الكبير العدة والعدد تلك القبائل المتفرقة في الجزيرة كل على حدة ، فأعاد من أعاد (مرغماً) إلى حظيرة الإسلام وقتل من قتل من الرافضين بالنار وحد السيف .
وقد واصل الخليفة المتزمت عمر بن الخطاب ذات النهج التوسعي فأحتلت جيوشه العراق (الذي لا علاقة له من قريب أو بعيد بالحجاز أو بما تسمى بجزيرة العرب) وفرض الإسلام على سكانه المسيحيين (بالقوة) ، ولعل خير مثال على حجم تلك التجاوزات اللا إنسانية بحق سكان العراق الأصليين ما أورده البلاذري في كتابه (فتوح البلدان) حيث يذكر بأن عثمان بن حنيف ختم في يوم واحد على رقاب (550.000) ألف علج (كافر) من أبناء قرى وسط وجنوب العراق وهؤلاء العلوج (الكفار) الذين ينعتهم المستعرب الإسلاموي عمر فاروق : (أوباش النبط -الفلاحين- وأجراء القرى) وهما تسميتان عربيتان إسلاميتان تدلان على (الكلدان) الذين ذاقوا الأمرين من جيش الحجازيين الغزاة (برغم كل الدعم الذي قدمه مسيحيي العراق لجيش المسلمين) . ومع ذلك ، أستخدم غلاة المسلمين ضد مسيحيي العراق العديد من الأساليب البشعة لإجبارهم على إنكار دينهم والدخول في الإسلام ومنها وضع علامة الشيطان على أبوابهم ووسم جباه رجالهم بعلامات مهينة وهدم كنائسهم وإقتلاع قبور موتاهم ومنع إقامة طقوسهم ونهب ممتلكاتهم وقتل رؤسائهم ومنع نزول رجالهم في أيام الجمع إلى الشارع ونهيم عن إستخدام لغتهم وتبديل أسماء مناطقهم الأصلية إلى العربية وتهجيرهم من مدنهم ، ووصل الأمر حد إخصاء رجالهم وقلع أحدى أعينهم وقطع ألسنتهم ، ناهيكم عن هتك أعراضهم ، وهذا كله موثق في العديد من المصادر الإسلامية .

لذلك فإنه ليس من المنطق أو العدل المساواة ما بين ما تسمى بالغزوات والسريات والفتوح التي يقرها القرآن وأحاديث نبي المسلمين وبين ما تسمى بالحروب الصليبية التي لا يقرها الكتاب المقدس ، بذريعة أن كلا الدينين يستخدمان ويحثان على نشر الإيمان بالقوة ، لأن هذا وبكل بساطة (كذب وأفتراء) تفضحهما آيات الكتاب المقدس التي تحث على السلام والمحبة من ناحية ومن ناحية أخرى الأيات القرآنية التي تحث على الفتح والقتال .
وبرغم هذا الفرق الشاسع الذي يتجاهله الكتاب المسلمون ما بين (غزوات وفتوحات المسلمين) وبين (الحروب الدفاعية الأوربية المسماة بالصليبية) ، نرى مجاراة عدد كبير من الكتاب والمؤرخين الغربيين الحاقدين على المسيحية (لعلة فيهم) لتلك الإدعاءات المنتشرة في العالم الإسلامي والتي تكتسب قوتها من ماكنة الدولار التي تغذيها آبار النفط في السعودية وإيران ، ولعل خير مثال على ذلك فلم (الإسلام سلام) الذي أنتج في بريطانيا بعد تفجيرات عام 2005م بأموال سعودية عبر منظمة (مسلمو بريطانيا) وبتزكية ليبرالية ، وكذلك فلم (إمبراطورية الإيمان) الذي أنتجته شركة (بي بي إس) بدعم مموه من إيران والسعودية وقام عدد كبير من الأساتذة الجامعيين والإعلاميين الليبراليين والملحدين في بريطانيا والولايات المتحدة بإضفاء الشرعية على محتواه التمجيدي والتبريري ، ولعل الزيارة الأخيرة للأمريكية سندي شيهان للضغط على حكومة حسني مبارك للإفراج عن عدد من قادة الأخوان المسلمين (قادة الإرهاب في العالم) خير دليل على غباء وسذاجة وتفاهة معظم أفراد المجتمع الغربي الليبرالي المتطرف ، ومع ذلك عندما يتطلب التكتيك الإسلاموي تأجيج مشاعر عامة المسلمين ضد الغرب يتهم بالصليبية ؟!!!

وعوداً على بدء ، أي معرفة مَن الباديء بالعدوان على مَن ، (الهلاليون) المشرقيون أم الأوربيون (الصليبيون) ، وبالتالي مَن الذي عليه أن يعتذر لمَن ؟
أستشهد بحادثة الرسائل التي أرسلها نبي المسلمين شخصياً إلى ثلاثة أطراف من أطراف المعمورة (ذات الأغلبية المسيحية) والتي تثبت بالدليل القاطع (مَن هو الذي بدأ بالعدوان على دين الآخرين) وبدأ (مسلسل الدم) لم يجف حتى لحظة كتابة الموضوع ، وقد أيد الأزهر وعامة علماء المسلمين تلك الرسائل التي تؤيدها المصادر الإسلامية التقليدية ، حيث أطلع العالم كله من خلال النسختين العربية والإنكليزية من فلم مصطفى العقاد الشهير (الرسالة) على محتواها المعروف من قبل عامة المسلمين ، أما تلك الرسائل التي وجهها نبي المسلمين شخصياً إلى خسرو الثالث المعروف عند العرب بكسرى وهو ملك بلاد فارس والعراق المسيحي آنذاك ، الرسالة الأخرى وجهها إلى المقوقس -حاكم مصر الروماني الأصل- يسميه المسلمون عظيم القبط (المسيحيين) ، أما الرسالة الثالثة فقد وجهها إلى هرقل ملك المسيحيين الروم (بحسب القراءة العربية) ، وتلك الرسائل (كما يعرف الجميع) لم تكن تتضمن دعوة أخوية للسلام أو دعوة للحوار الديني ، ذلك أن مثل ذلك الحوار كان قد ثبت فشله مع وفد (مسيحيي نجران) بشخص أميرهم العاقب بن عبد المسيح وأسقفهم أبو حارثة بن علقمة اللذين ناقشا نبي المسلمين في الفرق ما بين العقيدتين وأنتصروا في النقاش لعقيدتهم (المسيحية) التي ميزها القرآن عن النصرانية أثر ذلك النقاش الخاسر إسلامياً بصفة (الغلو) ، ذلك أنها فاجئت نبي المسلمين بإختلافها الجوهري عن العقيدة (النصرانية الأبيونية) التي نشأ الإسلام على أنقاضها ، والتي تربى عليها معظم أهل مكة ومنهم آل بيت رسول المسلمين (إبتداء بقصي) ونسله (عبد العزي وعبد الدار وعبد مناف وعبد قصي) مروراً (بأسد وهاشم وذريتهما) ، والتي كان أساسها (أنجيل العبرانيين) الذي عربه (أسقف مكة) ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي بن قصي ، وذلك في جبل حراء شرق مكة الذي كان يتحنث فيه مع تلاميذه !!!
لكن أهل واحة نجران دفعوا ثمن دفاعهم المتحضر عن ديانتهم المسيحية باهظاً ، وذلك عندما غزاهم جيش المسلمين (رغم عهد الأمان الذي كاتبهم عليه نبي المسلمين) ، فتم الإستيلاء على تلك الواحة المعروفة آنذاك بغناها الواسع وحياة أهلها المسالمين فقتل من قتل وهرب بجلده من نجى منهم إلى (الحيرة) في العراق.

المهم هنا أن مسيحيي العراق (النساطرة آنذاك) أو قبط مصر (الأرثوذوكس) أو حتى مسيحيو الإمبراطورية الرومانية (الكاثوليك) لم يفكروا يوماً بغزو الجزيرة العربية ليفرضوا على أهلها ديانتهم المسيحية (بحد السيف) ، بل أن من فعل ذلك (بتفويض إلهي بحسب المعتقد الإسلامي) هم المسلمون وبشكل أدق نبي المسلمين وخلفائه من بعده ؟!!
وتؤكد العديد من البحوث والمنشورات الإسلامية على أن السبب الرئيس لقيام الغزوات الكبرى أو ما تسمى بالفتوح إنما كان مرده نهي المسلمين عن غزو القبائل المجاورة التي تتشارك معها بالإسلام ، (ولما كانت العرب - خير أمة أخرجت للناس - قبائل غزو وسلب) ، فقد تم توجيهها إلى غزو الإمبراطوريات المجاورة الثرية التي كانت تعيش آنذاك مرحلة بذخ وإنهيار وتفسخ داخلي شنيع . وهكذا يتضح بأن المسلمين هم الذين بدأوا بالعدوان على الآخرين من مشرقيين وأوربيين ، وأنهم (هم ولا أحد غيرهم) من بدأ بأحتلال أراضي الأوربيين من أجل فرض الإسلام عليهم بالقوة .
وخير دليل على ذلك ما جاء على لسان الصحابي أبن عباس والذي أورده (السيوطي) ، أن نبي المسلمين قال لأصحابه : أغزوا تغنموا بنات بني الأصفر (بنات الروم الشقراوات !) .
وأختم هذا بما ورد في الصفحة (22) من كتاب (حروب دولة الرسول) للمسلم المعروف سيد محمد القمني والذي جاء فيه على لسان نبي المسلمين : (أتبعوني أجعلكم والذي نفسي بيده لتملكن كنوز كسرى وقيصر !! ) ... وإن لم يكن (الإستحواذ على بنات بني الأصفر) و (تملك كنوز كسرى وقيصر) هو العدوان بعينه ، فكيف يكون العدوان أثابكم ألله ؟!!

لرب قائل يقول: أن تلك الغزوات والسريات لم تكن إلا فتحاً إلهياً (وهذه قناعة تخص المسلمين فقط) . هنا يهمني أن يفهم ذلك المسلم قبل غيره بأن معنى الفتح كما أوردته آية النصر - مدنية - : (بمعنى فتح دار الشرك والكفر ودخولها في دائرة الإسلام) ، وهذا يتناقض تماماً مع الوصف القرآني الأصلي عن أهل الكتاب ، ذلك أن أهل العراق والشام ومصر والإمبراطورية الرومانية كانوا من المسيحيين واليهود ، أو كما تصفهم الآيات القرآنية (أهل الذكر) و (أهل مودة وإحسان) .
ولأنهم أهل دين وكتاب وغير عدوانيين بشهادة القرآن ، فأن مفردة الفتح تعد باطلة تماماً ولا تجيز ضمن العقيدة الإسلامية (إسلام مكة) غزوهم . لكن نية العدوان على الآخرين من شرقيين (كلدان وآراميين سوريين وقبط) وغربيين (صليبيين) بغطاء ديني إنما هيّ من بنات أفكار المسلمين الذين وجدوا في حسناوات وكنوز كسرى وقيصر غايتهم.

والسؤال الأخير الذي يفرض نفسه هنا هو : مَن ينبغي أن يعتذر مِن مَن جراء أنهار الدم التي أسالتها الفتوح الإلهية المفترضة ؟

لا سيما وأننا لم نسمع إعتذاراً واحداً قد صدر على مدى القرون من أي طرف رسمي إسلامي علماني أو ديني عن سلسلة المذابح التي طالت المسيحيين المشرقيين على طول التاريخ الإسلامي ، والتي ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا تحت غطاء مريب وتعتيم منظم ومدروس من قبل الحكومات العربية والإسلامية ومرتزقتها الغربيين ؟!!!

أعتقد أن على الداعية الجفري وعلمائه الأفاضل من شتى المذاهب الإسلامية أن يبادروا إلى (طلب الصفح والمغفرة من المسيحيين المشرقيين) جراء بحيرات الدم التي أغرقوا بها الشرق والعالم أجمع منذ بداية التاريخ الإسلامي حتى يومنا هذا ، لا سيما وأنها تمت بحق شعوب مسالمة آزر بعضها (الكلدان والقبط) جيوش المسلمين أملاً في التخلص من ربقة الإحتلال الأجنبي (الفارسي والروماني) ، فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار !!
كما ينبغي على الجفري وعلمائه الأفاضل أن يستغفروا ربهم ويطلبوا صفح المسيحيين الأوربيين الذين قام المسلمون بغزو بلدانهم وسلب ممتلكاتهم وهتك أعراضهم على مدى عدة قرون قبل أن يطردهم سكان تلك البلدان ، وما خطبة البربري طارق بن زياد (المفصلة في الرابطين الأخيرين الواردين في أسفل الموضوع) إلا مثال حي على طبيعة تلك الغزوات الفاشية الغاشمة .

أما للبروفيسور ميروسلاف فولف وأساتذة جامعة ييل ورجال الدين البروتستانتيين الذين صادقوا على تلك الوثيقة فأقول : جميل جداً أن تشيع قيم المحبة وأسلوب الحوار الحضاري ما بين الأديان ، لكن من السذاجة والخطل أن يتم ذلك على حساب تجاهل دماء ملايين الضحايا من المسيحيين الأبرياء ، كما أن من الخطأ طلب الصفح من المسلمين الذين بدأوا الحرب (وما زالوا) على الديانات الأخرى (بتفويض إلهي) مفترض !

لقد كان المسلمون وما زالوا هم الطرف (الظالم) حتى لو أفترضنا (خلافاً للواقع) بأن الصليبيين كانوا أجلافاً وقساة ، أليس العرب من تقول : (الباديء أظلم) ؟!

أخيراً ، رغم قناعتي الشخصية الكاملة بلا جدوى مناقشة عامة المسلمين في الأمور الدينية نظراً لجهل معظمهم بحقائق التاريخ الإسلامي ، فأنني أعتقد أن أول خطوة نحو حوار علماني صادق وحقيقي وليس (حوار إستغفال وخداع وإستعراضات إعلامية) ، إنما تتطلب وفقاً للحجة والقرينة والمنطق والأخلاق أن يبدأ قادة المسلمين بطلب الصفح من ملايين الضحايا المسيحيين وغيرهم من ضحايا أبرياء ما تزال دمائهم المهدورة وأعراضهم المنتهكة وأراضيهم المستلبة منذ قرون وحتى يومنا هذا تستصرخ الضمير الإنساني دون مجيب ، فهل يفعلها قادة المسلمين ؟!!

إنتباهة لقراءة المزيد حول الفضائع التي أرتكبها الغزاة المسلمون والموثقة في كتبهم المتفق على صحتها أنظر الرابط التالي :

http://kaldaya.net/2008/Articles/100/Atricle21_Jan19_08_TomaShamani.html

ولقراءة وجهة نظر الكاتب المسلم الدكتور فواز الفواز التي تؤكد حقيقة مسالمة ووطنية المسيحيين المشرقيين ، أنظر الرابط التالي :

http://karemlash4u.com/vb/showthread.php?t=16150


إشكالية الحروب الصليبية وعروبة فلسطين بين الحقائق الدامغة والإدعاءات الباطلة !!

القسم الأول
الحروب الصليبية وصراع الأضداد (السيف والصليب) !

http://kaldaya.net/Articles/600/Atricle659_Dec1_07_AmerFatuhi.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,147253.0.html

2
الناصرية .. شجرة ألله الطيبة ... قيثارة العراق الشجية


للناصرية (أور) وبالسومرية (شش أونو كي) مكانة أثيرة في قلبي ليس لأنني قضيت فيها أجمل سني عمري التي توزعت بين العمل والنفي والإعتقال الذي أشبهه على حد قول شاعرها الأسدي (وما بلد ضمني سجنه ولكنه قفص البلبل) . بل لأجل تاريخها الذي هو جوهرة متميزة بين جواهر التاج العراقي العريق ولأجل ناسها الطيبين المغسولين بالعشق السومري والمطيبين بالأريج الكلدي المضوع بالمحبة . الناصرية أور المقير أو أور الكلدان الأوائل كما تعرف عالمياً ، مدينة المدن الأولى وبوابة العراق على بحر الكلدان القديم (تام تي شا مات كلدي) الذي يعرف اليوم بالخليج .

أن سحر ليالي الناصرية بسمائها الصافية كعيون الأطفال لا يمكن أن ينسى ، لا سيما تلك الليالي التي كنت أقضي جلها في حضن زقورتها ذو المعبدين العلوي والسفلي (E kish nu gal) ، تلك الزقورة التي شيدها أورنمو وأبنه شولكي وعمرها نبونائيد ، التي كنت أفتح عيني وأغمضها لسنين على مرأى هامتها الشامخة ، سنين الناصرية الحبيبة ولياليها العامرة تلك أثمرت أول كتبي (أور الكلدان ... رؤية عراقية) ومنحتني معارف لم أكن لأحلم بها يوماً .

ترى كم من الذكريات والأسماء الحبيبة والصديقة والتفاصيل الموغلة في خصوصيتها تلك التي يمكن لي أن أستذكرها كلما رن في أذني أسم الناصرية والفرات وشارع النيل وساحة الحبوبي والأور والمكير والشطرة والغراف وسوك الشيوخ والعكيكة والجبايش والفهود والرفاعي وجلعة سكر وغيرها . وتريات مظفر وتفاصيل تشابيه معركة الطف ووهب النصراني وأمه وعمود الخيمة ، مسابقات الدارمي وأغنيات جعفر حسن وجرزات حسين نعمة التي كان صديقنا الطيار المدني الشهيد طالب التركماني الكوردي الشيوعي يقول فيها متفكهاً (لا أعرف إيهما تهون عليّ طول السهر جرزاته أم أغانيه) ؟
كؤوس العرق التي كانت وما تزال لذة للشاربين والتي منحتنا يوماً إبتسامة عريضة عندما صحونا ذات يوم ثمانيني لنرى تمثال الحبوبي ملوحاً بزجاجة عرق وضعها ليلاً أحد الظرفاء !

أن مدينة الناصرية وأهلها الطيبين الذين عانوا الأمرين أيام الحكم الصدامي البائد والتي تعيش اليوم وضعاً خدمياً لا يقل بؤساً عن الأمس ، تثبت للجميع بأن مدينة عمرها بعمر العراق لا يمكن لها أن تنكسر أو أن تتنكر لتاريخها العريق .
أو ليست أور الناصرية هذه أحدى أولى مدن العراق الجنوبية الثلاث : أريدو (عاصمة الكلدان الأولى) ، وأور (التي أبتكر فيها القلم الكلداني الحديث) على عهد ملكها الشمس(نبوخذنصر) الذي ترجع عائلته المنحدرة من بيث ياقين إلى ثالثة المدن الجنوبية أوروك . أور هذه شهدت إنطلاقة الكلدان في عهدهم الذهبي يوم تمكن ملكها نبوبلاصر من الإستقلال ببابل وتأسيس السلالة الكلدانية الذهبية أو السلالة البابلية الحادية عشر .

أوليست أور الناصرية هذه التي أبتناها الكلدان الأوائل في أواخر الألف السادس ق.م من أستقبلت في منتصف الألف الرابع ق.م جموع السومريين الرافديين الشماليين الذين طبعوا أهلها منذ عهدذاك بعيونهم الواسعة الآسرة الساحرة ومنحوا صبايها هبة الدلال الآسر وهن يتمايلن على إيقاع ضفائرهن المخضبة بالحناء متشبهات بملكتهن الرائعة (بو آبي) التي أذهلت الآثاريين والمؤرخين وتجاوز حضورها المعجز هؤلاء الآثاريين إلى الأدباء والروائيين ، وما إنبهار الروائية البريطانية أجثا كرستي بأور من خلال رواياتها الشهيرة إلا شهادة حية على ذلك الإعجاب المنقطع النظير .

لأور منزلة أخرى ليس مثلها منزلة ، ففيها تبينت محبة ألله للعالم ومنها هاجر أبنها إبراهيم الكلداني إلى الأرض التي وعده بها ألله ولنسله (تكوين 15 : 7) وكذلك سورة المائدة (5 : 20 -21) وأيضاً سورة الأعراف (7: 127)  . ومن تلك المدينة العريقة ، كان الملك الكلداني الثائر (مردوخ إبلا إيدينا) يقارع الجيوش الغازية الكبيرة العدة والعدد بأسلوب حرب العصابات الذي أبتكره ، منطلقاً من أهوار الجبايش في عمليات سريعة قاصمة وحاسمة مستخدماً مريديه ومحبيه من سكنة الأهوار بشباكهم وفالاتهم ومشاحيفهم حتى تمكن من تحرير بابل ، تلك العمليات القتالية المبتكرة أثبتت جدواها وأبلت ثانية بعد قرون مستعيدة مجد أبنها الملك الكلداني الثائر (مردوخ بلادان) ، وذلك في عهد الدكتاتور السابق الذي ذاق الأمرين على أيدي الثوار المتمركزين في الأهوار.

وإن أنسى فلا أنسى أيام الثورة الشعبانية وكنت وقتذاك في الناصرية ، حيث تقطعت بنا السبل بين شوارع مخربة طافحة بالماء والطين وجسور مهدمة ومواصلات معطلة ومطر كالسخام ، ثم كان الإلتفاف على الإنتفاضة بترتيب مريب من توابين وعناصر أمنية مخربة زرعها النظام البائد بتشجيع من دول الجوار بين جمهور الناقمين على السلطة البائدة ، فهب الأصدقاء والأحبة ومنهم قاسم رحمن (أبو محمد) الذي  نصحني بترك الناصرية التي لم تعد آمنة وساعدني للعودة سالماً عن طريق السماوة وبابل إلى بغداد .

الناصرية (أور) التي أبتناها الكلدان الأوائل في الألف السادس قبل الميلاد تستعيد اليوم زهوها العراقي الأصيل وتكشف عن طينها الحري ، فتكرم بكل فرح وإعتزاز أبن العراق البار وسليل مؤسسيها الأوريين الأوائل غبطة مولانا البطريك عمانوئيل الثالث دلي الكلي الطوبى من خلال إعتماد أسم نيافة أبينا الكاردينال لبطولة دورة كروية شبابية بمبادرة من أعضاء المنظمة العراقية لإسناد الإنسان في الناصرية ، لتقول لذلك البعض من العراقيين (المتفرسين والمستعربين) : بأننا عراقيون أولاً ، وبأن الناصرية كانت وما تزال قلب العراق النابض بالمحبة وراحة اليد التي من أن نعطش حتى تسقينا ماءً زلالاً (تعطش وأشربك ماي بجفوف إيدية) .
الناصرية (أور) هذه كانت وستبقى سليلة المجد العراقي العريق ، شجرة ألله الطيبة التي لا ينال منها قولة القائلين ، زقورة التقوى ومهد الصالحين ، قيثارة العراق الشجية وتخومها وفراتها أبداً قبلة الأولين والآخرين .

عامر حنا فتوحي / الولايات المتحدة الأمريكية


لمشاهدة تفاصيل مصورة من دورة نيافة (الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي) الكروية التي تقام في الناصرية جنوب العراق أنظر الرابط التالي :

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,165388.msg3018351.html#msg3018351

3
الأسبوع الثقافي العراقي في أميريكا

(Iraqi Cultural Week)

كرنفال للأصالة وتواصل للحياة العراقية المبدعة


معرض تشكيلي وآخر للكتاب
مع حفلة فرقة أور (UR Group) للمقام العراقي وقراءات شعرية
ومحاضرة عن تاريخ وفنون العراق ماضياً وحاضراً وفلم وثائقي عن جواد سليم ونصب الحرية

أختتمت مؤخراً في جامعة مادونا -السيدة العذراء- (Madonna University) الكاثوليكية العريقة في ولاية ميشيغن الفعاليات الرئيسة للأسبوع الثقافي العراقي (Iraqi Cultural Week) الذي نظمته رابطة الفنانين العراقيين في الولايات المتحدة وكندا (Iraqi Artists Association) . ويعد هذا الأسبوع الثقافي العراقي مناسبة إحتفالية عراقية تقام لأول مرة في تاريخ ولاية ميشغن الأمريكية ، حيث أشتمل على العديد من النشاطات الإبداعية العراقية وعلى النحو التالي :

1- إفتتاح معرض الفنون التشكيلية : الواجهة الأخرى للعراق (The Other Frontier of IRAQ) ، وذلك في يوم السادس عشر من شهر كانون الثاني ، حيث ضم المعرض أعمال نخبة من الفنانين العراقيين المعروفين وهم :عامر حنا فتوحي (Amer Hanna Fatuhi) وبرهان صالح كركوكلي (Burhan Saleh Kirkukly) وفاروق القس بولس (Farouk Kaspaules) ومازن إيليا الشعاوي (Mazin Elia Al Shaawi) وندوة القرغولي (Nadwa Qaragholi) وباول بتو (Paul Batou) وزهير شعوني (Zuhair Shaaouni) ، علاوة على أعمال الفنان العراقي الراحل زياد مجيد حيدر (Ziad Majeed Haider) ، كما أفتتح في ذات اليوم معرض (الكتاب العراقي) لمؤلفين يقيمون في الولايات المتحدة وكندا . وقد كان حفل إستقبال الزائرين الذين أكتضت بهم قاعة العرض الفنية (Madonna Art Gallery) ناجحاً وممتعاً ومفيداً .
أشتمل الحفل كلمة إفتتاحية لرئيسة الرابطة الروائية وصانعة الأفلام وئام نعمو (Weam Namou-Yatooma) ، إضافة إلى كلمات نائب رئيس الجامعة (Prof. Dr. Ernest Nolan, Ph.D., Vice President) ومدير العلاقات الدولية للجامعة البروفيسور الدكتور جانثان سويفت (Prof. Dr. Jonathan Swift, Ph.D., Director, International Relations) وكلمة مهمة للفنان عامر فتوحي (Amer Hanna Fatuhi) الذي قاد الحضور بمرافقة الأستاذ دوكلس سيمفان (Ass. Prof., Douglas Semivan) مدير قسم الفنون التشكيلية في جولة أستعرض فيها الفنان والناقد التشكيلي عامر فتوحي الخلفية التاريخية للفنون العراقية وتجربة الفن الحديث في العراق كما عرف بالفنانين المشاركين .

الغريب في الأمر (غياب كافة التنظيمات العراقية عن حضور الحفل الإفتتاحي للإسبوع الثقافي العراقي ونشاطات الأيام الأخرى) رغم نشر الدعوة عبر واجهة المنبر الديمقراطي العراقي ومنسقه الذي يشغل منصب منسق منظمات الجالية العراقية في ولاية ميشيغان والذي عادة ما يقوم متطوعاً بتمرير أخبار الجالية إلى قائمة بريده الإلكتروني ، إضافة إلى نشر أخبار الاسبوع الثقافي في العديد من المواقع العراقية ، مما يثير أكثر من علامة إستفهام حول المعاني التي يحملها مثل هذا الغياب غير المبرر ... ؟؟!!
لكن الحضور المشجع لحفل الإفتتاح وبخاصة من قبل الجمهور الأمريكي وتواجد عدد من العوائل الكلدانية المقيمة في ولاية ميشيغن أشاع البهجة وأدى إلى لقاءات ناجحة ومثمرة بين الجالية والجمهور الأمريكي المتعطش لمعرفة الصورة الحقيقية للعراقيين وهيّ بكل تأكيد صورة مخالفة تماماً عما تنشره وسائل الإعلام المتطرفة وقنوات الشر والحقد كالجزيرة والمنار.

وقد أشتمل اليوم الأول للإسبوع الثقافي العراقي على عرض للكتاب العراقي المتوفر في مكتبة رابطة الفنانين العراقيين في ميشغن ، وقد عرضت الكتب المنشورة باللغات الإنكليزية والعربية والمندائية والكلدانية (السريانية مجازاً) على العديد من الحاويات الزجاجية ، كما أشتملت الكتب على العديد من فروع الثقافة والأدب والمعاجم والعلوم ، وقد غابت عن العرض كتب كنا نتمنى تواجدها لدينا ولاسيما الكتب المنشورة باللغات الكوردية والتركمانية والأرمنية .
ومن المؤلفين المشاركين ضمن مجموعة الكتب المعروضة وئام نعمو ودنيا ميخائيل ومرشد كرمو والدكتور علي عبد الأمير وآسر عبد الرحمن وماجد عزيزة وباول بتو والأب يعقوب يسو وزهير شعوني ونوري عموري والأب حنا شيخو والأب ميخائيل بزي والأب عمانوئيل الريس ويوسف ميري ولميعة عباس عمارة والدكتور عبد ألله و د. عبد ألله مرقس رابي ونينوس نيراري وغازي شفو وعامر فتوحي .
ومن الجدير بالذكر قيام التلفزيون العراقي الأمريكي الكلداني (ICA) وتلفزيون شبكة الإعلام العراقية الأمريكية (Iraqi American Media Network) علاوة على تلفزيون مادونا (www.madonna.edu) بتغطية فعاليات حفل الإفتتاح ، كما تم الإتفاق مع تلفزيوني فضائية الحرة وفضائية عشتار على بث حلقة مسجلة عن فعاليات الإسبوع الثقافي العراقي بعد إختتامه .

2- وفي يوم السبت الموافق للسادس عشر من شهر كانون الثاني أحيت فرقة أور (UR Group) للتراث الموسيقي العراقي التابعة لرابطة الفنانين العراقيين إحتفالية رائعة وناجحة للمقام العراقي والجالغي البغدادي ، حيث أذهلت فرقة أور الجمهور بعزفها الرائع الجماعي والإنفرادي ، وتضم فرقة أور عازفة العود غادة المقدسي (Ghada al-Mekdisy) ، عازف القانون علاء الشكرجي (Alaa al-Shakarchi) ، عازف الكمان ثمين جابرو (Thamin Jabiro ) ، عازف الطبلة غسان حمي (Ghassan Hami) ، إضافة إلى مؤدي المقام بسام نعيم (Basam Naem) . وقد تخلل فترة العزف وقتاً مخصصاً لإلقاء عدد من القصائد العراقية باللغة الإنكليزية مستلة من مجموعة (آخر أفكاري عن العراق) للشاعر الفنان باول بتو (Paul Batou) ، مع قصائد للفنانة الشاعرة وئام نعمو (Weam Namou-Yatooma) ، حيث قامت الشاعرة وئام نعمو بإلقاء عدد من القصائد المختارة ، وقد شكل حضور عازف القيثار رائد حنا (Raeed Hanna) إضافة غنية لفرقة أور التي من المؤمل أن تشارك قريباً في عدد من العروض المستقبلية ، حيث أنهالت عليها العروض من قبل عدد من الجهات الثقافية العراقية والعربية والأمريكية .
ومن الجدير بالذكر أن جمهور القاعة الذي لم يكن معظمهم مطلعاً على إسلوب الغناء العراقي العريق أو اللهجة العراقية قضى النصف الثاني من وقت الحفل يتمايل طرباً وتجاوباً مع أغنيات المقام العراقي والجالغي البغدادي ، وقد كان جو القاعة عامراً بالفرح والتضامن مع العراق .
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الساعة المخصصة للإستراحة وتناول المشروبات والأطعمة الخفيفة والبقلاوة والزلابية العراقية أشتملت على جولة قادها الفنان التشكيلي عامر فتوحي كما قام الفنان زهير شعوني بتعريف الجمهور بأعماله الفنية المتميزة . وقد قامت عدسة التلفزيون العراقي الكلداني الأمريكي ومديرها العام الإعلامي المعروف ساهر المالح (Sahir N. al-Malih) بتغطية وقائع ذلك اليوم الجميل .

3- وفي يوم الأربعاء الموافق للثالث والعشرين من شهر كانون الثاني الذي صادف الذكرى السابعة والأربعين لرحيل فنان العراق الخالد جواد سليم (Jawad Salim) الذي توفي في ذلك اليوم من عام 1961 . ألقى الفنان التشكيلي العراقي والباحث المتخصص في تاريخ وفنون وادي الرافدين عامر فتوحي (Amer Hanna Fatuhi) محاضرة مهمة توزعت على محورين رئيسين هما : (الأعمال التشكيلية المعروضة بمناسبة الاسبوع الثقافي العراقي) مع إشارة إلى الوضع الصحي الصعب لشيخ الرسامين العراقيين المقيم في كندا الأستاذ الفنان الرائد عيسى حنا دابش (Issa Hanna Dabish) ، فيما تناول المحور الثاني (جواد سليم ونصب الحرية) ، وقد تخلل هذين المحورين قراءات شعرية قرأتها رئيسة رابطة الفنانين العراقيين الروائية وئام نعمو (Weam Nanmou) .

وقد عرض بهذه المناسبة الفلم الوثائقي جواد سليم ونصب الحرية (Jawad Salim & The Freedom Monument) من إنتاج رابطة الفنانين العراقيين وذلك تضامناً مع الحملة التنويرية التي دعا إليها نخبة من المثقفين والأكاديميين العراقيين من أجل صيانة هذا المعلم العراقي الحضاري المهم (نصب الحرية) ، وهو النصب الذي صمم خلفيته المعمارية المعمار العراقي رفعت الجادرجي وأنجز أعماله النحتية النحات العراقي الخالد جواد سليم الذي (توفاه ألله) وهو لم يكمل الثانية والأربعين من العمر .
والحق فقد بذل مخرج الفلم الفنان الفوتوغرافي المعروف زهير شعوني (Zuhair Shaaouni) جهداً بالغاً وتمكن من إنجاز الفلم في زمن قياسي ، وقد كان للفلم وموسيقاه التصويرية التي أشرف عليها الفنان زهير شعوني ومؤسسة هايتك تأثيراً بالغاً تمثل في تعاطف الجمهور الأمريكي ومساندتهم لموضوع الحفاظ على النصب من الإنهيار. وقد جاء عرض الفلم وسط حشد أمريكي متعاطف مع حملة الحفاظ على النصب ضم الحشد عدد من الأكاديميين المعروفين كان بينهم نخبة من رجال الدين الكاثوليك وعدد آخر من الراهبات وطلبة كلية الفنون في جامعة مادونا الكاثوليكية (Madonna University) . وبسبب خصوصية مساحة العرض لكالري مادونا (Madonna Art Gallery) ، فقد تم تقسيم الطلبة على ثلاث وجبات شملت كل وجبة طلبة صفين مع الأساتذة وزوار الجامعة.

أن رابطة الفنانين العراقيين في الولايات المتحدة وكندا (Iraqi Artists Association) تعد أبناء شعبنا العراقي الكريم بمواصلة تعريف الجمهور الأمريكي بمعاناة المبدعين العراقيين داخل العراق وفي بلدان الشتات علاوة على الإهمال الذي يواجهه ما تبقى من مؤسسي الحداثة في العراق ولعل آخر المتبقين على قيد الحياة أستاذنا الكبير عيسى حنا دابش (Issa Hanna Dabish) الذي لم تكلف الحكومة العراقية نفسها ولو بالسؤال عن صحته ، بإستثناء الإتصال الشخصي لملحقنا الثقافي في واشنطن البروفيسور الدكتور عبد الهادي الخليلي المحترم (Prof. Dr. Abdulhadi Al-Khalili, Iraqi Attachee) الذي تربطه علاقة شخصية طيبة بالأستاذ عيسى حنا دابش ، كما تتعهد الرابطة بتوجيه نظر وسائل الإعلام الأمريكية إلى الوضع المتدهور للثقافة في العراق في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العراقيون ، كما تعد العراقيين جميعاً ببذل قصارى جهدها لدعم كل ما من شأنه أن يعيد الحياة الطبيعية في عراقنا العزيز . آملين من الأخوات والأخوة العراقيين المشاركة الفعلية في دعم الحملات التنويرية التي تحمي الديمقراطية الحقيقية في العراق وتضمن حقوق الإنسان العراقي بغض النظر عن الجنس والعرق والمعتقد ، وذلك تعبيراً عن محبتهم ودعمهم للعراق مهد الحضارة وموئل الكتابة والإبداع .
 
كما تتقدم رابطة الفنانين العراقيين بمناسبة إختتام فعاليات الإسبوع الثقافي العراقي بخالص شكرها وتقديرها لوسائل الإعلام المختلفة التي تناولت هذا الحدث الثقافي العراقي الكبير وعلى رأسها :
شبكة الإعلام العراقي الأمريكي (Iraqi American Media Network)
السيد ساهر نعمان المالح (Sahir N. al-Malih) والتلفزيون العراقي الكلداني الأمريكي (ICA)
فضائية الحرة (Al-Hurra Iraqi Satellite TV)
فضائية عشتار (Ishtar Iraqi Satellite TV)
تلفزيون مادونا (Madonna TV)
راديو سوا (Radio SAWA)
راديو صوت الغد (Voice of Tomorrow Radio)
راديو الشرق الأوسط (Middle East Radio)
الصحيفة الأولى في ولاية ميشغن / ديترويت فري بريس (Detroit Free Press)
السيد أمير دنحا (Amir Denha) ناشر صحيفة الجالية الأولى كالدين ديترويت تايمز (Chaldean Detroit Times)
صحيفة كالدين نيوز (Chaldean News)
صحيفة هومتاون لايف (Hometown Life)
صحيفة إسينترك (Eccentric)
مجلة عرب ديترويت (Arab Detroitِ)
صحيفة أوبزيرفر (Observer)
البروفيسور الدكتور ستانلي (Prof. Dr. Stanley D. Williams, PhD) لتغطيته وقائع يوم التاسع عشر وتزويد الرابطة بالصور والمادة الفلمية .
كما تشكر الرابطة كافة المواقع الأمريكية المتخصصة بتغطية النشاطات الثقافية والفنية والتي تتواجد عناوينها ضمن الروابط الملحقة ، علاوة على المواقع العراقية بشكل عام والمواقع الكلدانية التي عبرت من خلال تغطيتها المتواصلة عن اصالة إنتمائها العراقي العريق وحقيقية دورها وريادتها في كل ما يخص الشأن العراقي .
كما تتقدم الرابطة بشكرها الخاص للفنان زهير شعوني (Zuhair Shaaouni) لإخراجه فلم (Jawad Salim & The Freedom ) ، مثلما تشكر الرابطة كادر كالري ميسوبوتاميا في مدينة فرينديل لتوفير الجانب الأكبر من الأعمال الفنية وتغطية جانب كبير من مصاريف الإسبوع الثقافي العراقي ، للمزيد من المعلومات حول كالري ميسوبوتاميا أنظروا الموقع الإلكتروني : (www.mesopotamiaartgallery.com).


رابطة الفنانين العراقيين في الولايات المتحدة وكندا (Iraqi Artists Association)
(www.iraqiartists.org)


http://kaldaya.net/2008/DailyNews/01/Jan07_08_E3.html
http://kaldaya.net/2008/DailyNews/01/Jan14_08_E1.html
http://kaldaya.net/2008/DailyNews/01/Jan22_08_A1.html
http://www.arabdetroit.com/events.php?id=346
http://www.ankawa.com/english/?p=778
http://www.iduus.com/modules.php?name=News&file=article&sid=9403
http://www.greatstufftodo.com/eventdetail.asp?eid=42463&sid=456400
http://www.bridgestv.com/show_news.asp?newsid=3047
http://www.freep.com/apps/pbcs.dll/article?AID=/20080116/ENT1003/80115103/1035/ENT
http://www.hometownlife.com/apps/pbcs.dll/article?AID=/20080113/NEWS10/801130574
http://www.greatstufftodo.com/eventdetail.asp?eid=42442&sid=456154
http://www.crossingnineveh.blogspot.com
http://www.hometownlife.com/apps/pbcs.dll/article?AID=/20080113/NEWS10/801130574
http://www.actionforchange.org/week/michigan.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,163514.0.html
http://www.catholicblogs.com/search/here_i_am_lord_music

4
علم العراق المعدل ... بين الجد والهزل !!

لهؤلاء المتباكين المولولين على علم الشر والطغيان الذي ولغ بدماء العراقيين لعقود وعقود أقول كفاكم لطماً ونواحاً ونعيباً ، ذلك أن هذا العلم المشؤوم لم يمثل في يوم من الأيام دولة العراق ولا العراقيين ، ولمن لا يعلم فليعلم الآن بأن ما يسمى بعلم العراق بعد تأسيس المملكة العراقية 1921م والذي إعتمد معدلاً عن علم ثورة الحجاز في عام 1924م ، ليس سوى علم خططه وصنعه (الدبلوماسي الإنكليزي مارك سايكس عام 1916م) ، فجعله عروبياً إسلامياً لدغدغة مشاعر الشريف الحسين بن علي  ومريديه من الحجازيين الذين رفعوه في ثورتهم التي لم يكتب لها النجاح ، وكان العراق من جملة الدول التي تبنت ألوان ذلك العلم الشوفيني الطائفي (وهنا مربط الفرس) كما يقولون .

هذا هو التاريخ الواقعي (المصخم) لما يسمى بعلم العراق (المضحك المبكي) ، فلماذا كل هذه المناحات والبواكي واللطميات ، مع أنه علم ينتقص من عامة العراقيين بخاصة إذا ما جمعنا عدد الكلدان وأخوتهم من الناطقين بالسورث مضافاً لهم الكورد والتركمان والأرمن والمندائيين واليزيديين والشبك والفيلية وغيرهم لوجدنا أن عدد العرب العراقيين أو الأصح (مستعربة العراق) لا يتجاوز عددهم نسبة الثلث أو الربع قياساً بغيرهم من العراقيين من غير المستعربة ؟!!!

أما عن الرموز الدينية وتحديداً (الإسلامية) التي يريد الظلاميون أن يفرضونها قسراً على عموم العراقيين ، فأنها تتعارض جملة وتفصيلاً مع أساسيات إحترام المشاعر الدينية للعراقيين من غير المسلمين مثلما تتعارض مع شرعة حقوق الإنسان التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة وصادق عليها العراق كعضو مؤسس لعصبة الأمم المتحدة . ولا نعلم ما هيّ الحكمة الإلهية لوضع (عبارة التهليل) التي تذكرنا بثلاثة عشر قرناً دموياً من المجازر والإنتهاكات للأرض والعرض والمال والعيال والتي حرقت الأخضر واليابس ، والحليم من الإشارة يفهم ؟!!

أن فرض مثل هذه الألوان الطائفية والعبارات الدينية هيّ نوع من (الخاوة) والإستقواء على المستضعفين التي تتعارض مع أبسط المعايير الأخلاقية وسلوكيات الدول العصرية ، فهل لنا أن نستغرب لماذا يتقدم العالم كله بينما حكومتنا الرشيدة تقتدي في مسيرتها ببول البعير ؟

  أن ديمقراطية الحكومات العراقية المتعاقبة التي طلع علينا بها (حظ العراقيين العاثر) بعد عقود من الممارسات الصدامية الغبية والخرقاء التي أمتهنت العراقيين وخربت العراق ، إنما تثبت لنا وللعالم كله بأنهم إنما يتمشدقون بها إرضاء للغرب مع أنها في الواقع محض شعارات جوفاء وهواء في شبك ، أما الدولة العراقية ودستورها الحالي ومجالس أمتها وبرلماناتها أو مجالس نوابها فهي في واد وشعب العراق في واد آخر ، وكما قال رحمه ألله شاعر العراق الكبير معروف عبد الغني الرصافي في عام 1920م مع بعض التعديل على عجز بيته الأخير:

علم ودستور ومجلس أمة       كل عن المعنى الصحيح محرف
أسماء ليس لنا سوى ألفاظها             أما معانيها فليست تعرف
من يقرأ الدستور يعلم أنه         وفقا للتكايا والحسينيات مصنف
   
أن ما حدث في جلسة مجلس النواب في الثاني والعشرين من شهر كانون الثاني الجاري وتصديقهم (الظلامي) على إحلال (علم شوفيني طائفي) بآخر (لا يقل عنه شوفينية أو طائفية) إنما يتعدى كونه مجرد (ضحك على الذقون) إلى حالة غريبة وهجينة ومذلة من التدافع بالمناكب والأكتاف لإرضاء دول الشقاق والفتنة (إيران الظلامية والسعودية الوهابية) على حساب المستضعفين من أبناء العراق المحرومين من أبسط الخدمات المدنية التي تتمع بها أفقر الدول الأفريقية برغم إمتلاك العراق لثروات طبيعية لا تعد ولا تحصى !!

الحق ، أن هؤلاء الذين يتوقعون أن يصار مستقبلاً إلى إعتماد علم وطني يحترم حقوق المواطنة العراقية إنما يضرسون الهواء ، لأن مثل هكذا توقعات ما هيّ إلا قبض الريح ، ذلك أنني لا أتوقع أن يكون هنالك أية (مسابقة مستقبلية عادلة) لإختيار (علم عراقي وطني) مادامت (الحسينيات والتكايا) هيّ المرجعية الحكومية ومصدر القرار السياسي الوحيد ، وما دام سياسينا أثابهم ألله أسرى إفرازات (الحملة الإيمانية الوهابية) السيئة الصيت (التي قادها الظلامي عزت الدوري بتمويل سعودي وهابي) يعتقدون بأن الدولة العصرية هيّ دولة الجامع لا دولة الشارع ، وإن غدأً لناظره قريب .
 
أعتقد بصفتي كمواطن عراقي ، أنه كان من الأكرم لنا نحن العراقيين ولمجلس النواب العراقي أن يحترم التنويعة العراقية فيستبدل لنا ولو لمدة عام واحد علم الدم والعار الموغل بالشوفينية العروبية المقيتة والطائفية الإسلاموية البغيضة برقعة (قماشة بيضاء عليها أسم العراق) لكن هذا لن يكون ما لم نقطع دابر الفتنة (إيران والسعودية) ناهيكم عن (التدخل الغربي) الغبي الذي لا يكترث أصلاً بمعاناة العراقيين .

الرسم المرفق ليس تصميماً أو مقترحاً جديداً لعلم العراق ، وإنما الغرض الوحيد من نشره هو السخرية من مدى إنغلاق أفق (110) نائب من أصل (165) من نوابنا الأفاضل (أجلهم ألله) حسب ، واترك للعراقيين الشرفاء مسألة تقدير أيهما هو الأنفع والأجدى لوحدة العراقيين ، رقعة القماش البيضاء هذه الدالة على التسامح ومحبة العراق أم علمهم الشوفيني الطائفي الدموي الذي يريدون به شراً وفتنة ؟!! 
 
أخيراً أقول : أن هولاء الذين يراهنون متوهمين بأنهم قادرون على تشظية العراق وكسر إرادة العراقيين إنما يراهنون على الحصان الخاسر ، ذلك أن العراق الذي هو مهد المدنية وعنوان الرقي والحياة قادر بإرادة الخيرين والغيارى من أبنائه على أن ينهض من كبوته ويلفظ هذه الحثالات إلى مزبلة التاريخ ، لأن إرادة الحياة أقوى أبقى من (ولاية بطيخ) التي تسعى قوى الحسينيات وتكايا الظلام (المدعومة من دول الجوار الصديقة والشقيقة !!) إلى تأسيسها على حساب العراق والعراقيين ، وسيرى هؤلاء الظلاميين الطغاة إن آجلاً أو عاجلاً كيف سينقلب السحر على الساحر وترد بضاعتهم إليهم ، ولآت ساعة مندم .

عامر فتوحي
مواطن عراقي لم يفد إلى العراق غازياً أو مهاجراً
من همدان أو عموم إيران ولا من تركمانستان أو سعودستان

5
شكر من رابطة الفنانين العراقيين إلى الفنان زهير شعوني


 
بمناسبة إنجاز الفلم الوثائقي جواد سليم ونصب الحرية (Jawad Salim & The Freedom Monument) الذي أنتجته رابطة الفنانين العراقيين (Iraqi Artists Association) ، والذي يعد أول فلم وثائقي عراقي عن نصب الحرية (Documentary Movie) تنتجه رابطة الفنانين العراقيين في أميريكا وكندا .

يسر رابطة الفنانين العراقيين (Iraqi Artists Association) أن تتقدم بجزيل شكرها للفنان الفوتوغرافي المبدع زهير شعوني (Zuhair Shaaouni) الذي قام متطوعاً بإخراج الفلم في وقت قياسي ، كما يسر الرابطة أيضاً أن تتقدم بجزيل شكرها لمؤسسة هاي تيك التي يشرف عليها الفنان شعوني لمساهمتها الفاعلة في إختيار التأثير الموسيقي الذي أشرف على تضمينه الفنان شعوني . آملين أن يواصل فنانا المبدع زهير عطائه وإضافاته القيمة في مجال الفن التشكيلي والفوتوغرافي والفلمي .

وئام نعمو / رئيسة الرابطة
المقر العام - الولايات المتحدة الأمريكية
www.iraqiartists.org

6
شكر وتقدير للإعلامي الغيور ساهر المالح

من رابطة الفنانين العراقيين


ترى ما هيّ المعايير التي تؤكد وطنية وحقيقية ومستوى نجاح أي إعلامي عن غيره من المحسوبين على الإعلام ، وبالتالي ترى ما هو المعيار الحقيقي الذي يميز العراقي الوطني الحريص على حماية حقوق أهله وناسه عن هؤلاء الذي يلهثون ليل نهار مبوقين لوطنيتهم من خلال الشعارات الطنانة والتحزبات الضيقة الأفق ، مهرولين لإستقبال أي مغن من الدرجة العاشرة أو نائب عريف أو نقيب متقاعد أو سياسي من سياسي دولة المحاصصة الطائفية التي أستبدلت نظام دكتاتوري بشع بمجموعة من النهيبية والعربنجية والإنتهازيين والظلاميين الذين تحركهم دول الجوار (بالرموت كونترول) من الذين يعيثون فساداً وخراباً في وطننا الأم الذي ذبحته فلول الصداميين المنهزمة وغباء الساسة الغربيين الذين ما زالوا يصرحون أمام الخارطة العراقية بعد سنوات من تورطهم في العراق متوهمين بأن العراق محض (شيعة وسنة وكورد) .

ولكي لا أبتعد عن موضوعي الرئيس (مصداقية رجل الإعلام العراقي) و (مصداقية الوطني العراقي) أقول : لا يحتاج هكذا موضوع إلى صانع صواريخ لكي نبت في الأمر ، بل تكفي مقولة الكتاب المقدس الشهيرة (من ثمارهم تعرفونهم) ، وبمعنى آخر (الأفعال لا الأقوال) هيّ الفيصل في أي حكم ، وأفعال السيد (ساهر نعمان المالح) سواء في المجال الإعلامي أو ما يتعلق منها بالحرص على مصلحة جاليتنا في المهجر الأمريكي تتحدث عن نفسها .

أن ساهر المالح هو من وجهة نظري (جندي الإعلام العراقي المجهول في المهجر الأمريكي) ، أراه في مناسبات الأتحاد الديمقراطي العراقي ومناسبات منظمة حقوق الإنسان مناسبات منظمة ضحايا الحرب والمجاعة ومناسبات الأحزاب والمنظمات القومية ومناسبات الكنيسة والمناسبات الإجتماعية ، أراه وكادر تلفزيونه يغطون المهرجانات العراقية ومناسبات التضامن مع شعبنا المغلوب على أمره في العراق أراه في المناسبات الثقافية والدينية والإجتماعية والسياسية السباق للتغطية ، وأعرف أيضاً بأنه الإعلامي العراقي الوحيد الذي وضع تلفزيونه في خدمة الجالية والعراق عامة بشكل تطوعي وبمعنى أكثر وضوح أنه لا يسأل كما يفعل الآخرون كم هيّ حصتنا من هذه المناسبة (وكإنما مناسباتنا ليست إلا فرص للكسب المادي حسب) . ولعل برامجه الثقافية واللقاءات المفتوحة التي بثها ويبثها تلفزيون (ICA) مع الشخصيات المهجرية والشخصيات القادمة من العراق وبلدان الشتات بمستواها الثقافي الرفيع ومستوى لغتها الراقي ، إنما تشهد بإمكانات وحقيقية هذا الإعلامي الذي يتعالى على مغريات المادة من منطلق إحترام مهنة الإعلام وأحترام المشاهد .
الحق كان بودي أن أتقدم شخصياً لأخي وصديقي العزيز ساهر المالح بعميق شكري وإمتناني قبل هذا اليوم ، فهو الرجل الذي رضع مهنة الإعلام وشب عليها مغترفاً من أرثه العائلي الوطني الذي قدم العديد من الرجال الرجال على مذبح الحرية ومن أجل حياة كريمة لكل العراقيين . لكننا أحياناً نعمى عن رؤية هؤلاء المقربين منا لشدة قربهم !

إن ما يدفعني اليوم لتقديم هذا الشكر بالأصالة عن نفسي ونيابة عن رابطة الفنانين العراقيين في المهجر الأمريكي وكندا هو موقفه الكريم مع رابطتنا الفتية ، فبعد أن قام وكادره بتغطية الحفل الإفتتاحي للرابطة ومعرض الفنانين العراقيين ومعرض الكتاب العراقي في يوم السادس عشر من شهر كانون الثاني الجاري (في ظل غياب غريب ومريب للإعلام العراقي ومنظمات الجالية العراقية) لا سيما في مناسبة عراقية محضة وهم الذين يتمشدقون ليل نهار بالشعارات الوطنية !!

فإنه ومن دونما كلل أو ملل وبرغم عدم تنسيقنا معه فقد بادر السيد ساهر المالح إلى إنقاذ الموقف من خلال تغطيته التلفزيونية لنشاطات الإسبوع الثقافي العراقي ليوم التاسع عشر من شهر كانون الثاني بعد تأخر حضور كادر تلفزيون أمريكي محلي وإعتذار كادر تلفزيون عشتار بإرتباطهم بعمل آخر وإعتذار قناة الحرة وغياب تلفزيون مادونا الأمريكي ، هذا الرجل الغيور على العراق وسمعة العراق (حقاً وفعلاً) لم يتوان برغم إنشغال كادر تلفزيونه بتسجيل عمل تلفزيوني مهم داخل الإستوديو عن تأجيل كل إلتزاماته الشخصية والوظيفية ونقل معدات التصوير المعقدة بنفسه ، ثم المجيء إلى مدينة ليفونيا لتغطية فعاليات (الاسبوع الثقافي العراقي) بمجرد إتصالي به هاتفياً وإبلاغه بتفاصيل الوضع الصعب الذي نواجهه فيما يخص غياب الإعلام العراقي عن هذه المناسبة المهمة التي تعد أول تجربة على طول تاريخ ولاية ميشغن .

الحق لقد كانت فرحة أعضاء (فرقة أور) للمقام العراقي والجالغي البغدادي عظيمة ولم تقل عنها فرحة السيدة وئام نعمو التي قدمت قصائد عن العراق مستلة من مجموعتها الشعرية ومجموعة الشاعر العراقي الفنان باول بتو (آخر أفكاري عن العراق) ، كما أسعدت مبادرة السيد ساهر المالح كافة الفنانين التشكيليين العراقيين الذين ساهموا في المعرض العراقي المتميز (الوجه الآخر للعراق) ، مثلما أنقذت مبادرته ماء وجه تلفزيون مادونا ومنحت الحضور مذاقاً متميزاً .

لهؤلاء الذين راهنوا على عدم نجاح فعاليات الإسبوع الثقافي العراقي نقول: لو كنتم معنا يا أهلنا لأذهلكم تعاطف الجمهور الأمريكي ونشوته وتواصله مع الغناء العراقي الأصيل وإنبهارهم بمستوى الفنانين التشكيليين العراقيين ، وإليكم الروابط التالية (في أسفل الصفحة) وهيّ غيض من فيض (لعلكم تتعظون) وتتعلمون بأن المواطنة العراقية ليست كراس ومناصب وألقاب وعناوين كبيرة وليست شعارات وهتافات أكل عليها الدهر وشرب أومناحرات سياسية وتخوينات وتكفيرات ، ذلك أن رقي الأمم لا يقاس بمستوى سياسيها وإنما برقي فنونها وثقافتها ومكانة مبدعيها ؟!

أما لساهر المالح جندي الإعلام العراقي المجهول فله منا جميعاً كل الشكر وعميق الإمتنان .

تعليق على الصورة المرفقة بالموضوع :
خلفية الصورة لوحة : الحياة في العراق ستنتصر (Iraq ... Life Wins) ، اللوحة من النوع السهل الممتنع ، حيث تتألف من مربع خشبي أسود تتوزع عليه رموز مستمدة من الكتابة الصورية العراقية القديمة ، يمثل المربع مع الرموز نافذة على عراق المحاصصات الطائفية ومجازر الإرهابيين ودموية فلول البعث المنهزمة ، في المقابل نجد نخلة (رمز الحياة والتجدد في العراق القديم) منفذة بأسلوب الكتابة الصورية الرافدية تتقدم من مؤخرة اللوحة إلى مقدمتها معلنة إنتصار الحياة في العراق .
ولا أدري هل هيّ الصدفة المحضة أم أنها حالة قدرية ، حيث نجد أن رأس الإعلامي الغيور ساهر المالح الذي يقف تماماً على أمتداد جذع النخلة ، يأخذ وضعية الجمار (تاج النخلة) وتبدو سعفات النخلة ممتدة من الرأس . فهل هيّ الصدفة المحضة كما قلت أم أنها دلالة الشموخ العراقي الذي يتميز به هذا الإعلامي العراقي الغيور ؟

عامر فتوحي
فنان تشكيلي ومختص بتاريخ وفنون ما بين النهرين
المشرف العام على مهرجان (الإسبوع الثقافي العراقي)

للإتصال بهاتف رابطة الفنانين العراقيين (248-582-9088) من يوم الأربعاء حتى السبت من كل أسبوع ومن الساعة الرابعة حتى السابعة مساءً ، كما يمكنكم الأتصال على الرقم المباشر (248-217-5555) في جميع أيام الإسبوع من الساعة الواحدة بعد الظهر حتى الساعة الثامنة مساءً . (www.iraqiartists.org).

http://www.crossingnineveh.blogspot.com
http://www.arabdetroit.com/events.php?id=346
http://www.ankawa.com/english/?p=778
http://www.greatstufftodo.com/eventdetail.asp?eid=42463&sid=456400
http://www.bridgestv.com/show_news.asp?newsid=3047
http://www.freep.com/apps/pbcs.dll/article?AID=/20080116/ENT1003/80115103/1035/ENT
http://www.hometownlife.com/apps/pbcs.dll/article?AID=/20080113/NEWS10/801130574
http://www.greatstufftodo.com/eventdetail.asp?eid=42442&sid=456154




7
الأسبوع الثقافي العراقي في أميريكا

معرض تشكيلي وآخر للكتاب
مع حفلة للمقام العراقي وقراءات شعرية ومحاضرة عن تاريخ وفنون العراق


تستضيف جامعة مادونا -السيدة العذراء- (Madonna University) الكاثوليكية العريقة في ولاية ميشيغن للفترة من (16-23) من شهر كانون الثاني الجاري ولأول مرة في تاريخ ولاية ميشغن الأمريكية الأسبوع الثقافي العراقي الذي يشتمل على العديد من النشاطات الإبداعية العراقية وعلى النحو التالي :

1- إفتتاح معرض الفنون التشكيلية : الواجهة الأخرى للعراق (The Other Frontier of IRAQ) ، وذلك في يوم السادس عشر من شهر كانون الثاني ، يضم المعرض أعمال نخبة من الفنانين العراقيين المعروفين وهم (عامر فتوحي -أمريكا- ، برهان صالح كركوكلي -هولندا- ، فاروق القس بولس -كندا- ، مازن إيليا -العراق- ، ندوة القرغولي -أمريكا- ، باول بتو -أمريكا- ، زهير شعوني -أمريكا- ، إضافة إلى أعمال الفنان العراقي الراحل زياد مجيد حيدر) ، كما سيفتتح في ذات اليوم معرض الكتاب العراقي . وسيكون هنالك حفل إستقبال للزائرين مع جولة يستعرض فيها الفنان والناقد التشكيلي عامر فتوحي الخلفية التاريخية للفنون العراقية وتجربة الفن الحديث في العراق . (تتوفر الأطعمة والمشروبات خلال ساعات العرض).

2- وفي يوم السبت الموافق للسادس عشر من شهر كانون الثاني ستكون هنالك إحتفالية للمقام العراقي والجالغي البغدادي يحي الإحتفالية فرقة (أور) للتراث الموسيقي العراقي ، وتضم فرقة أور عازفة العود غادة المقدسي ، عازف القانون علاء الشكرجي ، عازف الكمان ثمين جابرو ، عازف الطبلة غسان حمي ، إضافة إلى مؤدي المقام بسام نعيم . وسيتخلل فترة العزف وقتاً مخصصاً لإلقاء عدد من القصائد العراقية باللغة الإنكليزية مستلة من مجموعة (آخر أفكاري عن العراق) للشاعر الفنان باول بتو ، مع قصائد للفنانة الشاعرة وئام نعمو ، حيث ستقوم الشاعرة وئام نعمو بإلقاء القصائد بمصاحبة مقطوعات فولكلورية عراقية يؤديها عازف القيثار رائد حنا .

3- وفي يوم الأربعاء الموافق للثالث والعشرين من ذات الشهر سيكون هنالك في فترة الغداء جولة ولقاء مع التشكيليين والموسيقيين والكتاب العراقيين مصحوبة بمحاضرة عن فنون وتاريخ العراق يقدمها الفنان المؤرخ عامر فتوحي بمصاحبة رئيسة رابطة الفنانين العراقيين (www.iraqiartists.org) في الولايات المتحدة السيدة وئام نعمو  .

للإطلاع على المزيد من التفاصيل أو، يرجى زيارة الرابط التالي : 
http://kaldaya.net/2008/DailyNews/01/Jan07_08_E3.html

وجدير بالذكر أن جامعة مادونا (السيدة العذراء) ستقوم بتحمل القسم الأكبر من الأعباء المادية للأسبوع الثقافي العراقي ، فيما تتحمل (رابطة الفنانين العراقيين) و(كالري ميسوبوتاميا) القسم الآخر ، وبهذه المناسبة يهمنا أن نعرف جامعة مادونا للقراء الأعزاء ، حيث  تعتبر هذه الجامعة العريقة موقعاً تعليمياً أكاديمياً رفيع المستوى ، لما تتصف به من سمعة طيبة وخاصة من ناحية رقي التعليم وتعدد التخصصات العلمية والإنسانية  ، وتضم الجامعة أعداداً متزايدة من الطلبة العراقيين لاسيما وأن هنالك جالية عراقية كبيرة تزيد على ثلاثمائة ألف نسمة في ولاية ميشيغن وحدها يشكل (الكلدان) فيها ما يزيد على ربع مليون نسمة تقريباً.
للمزيد من المعلومات حول جامعة مادونا يمكنكم زيارة موقعها الإلكتروني على العنوان (www.madonna,edu) .

ملاحظة : نلفت عناية القراء الإعزاء إلى أن معرض الفنون التشكيلية سيستقبل الزوار إبتداء من يوم الأثنين الموافق للرابع عشر من شهر كانون الثاني الجاري ، كما نلفت عناية القراء إلى أن بيت الثقافة والفنون العراقية (Mesopotamia Art, History & Beyond) الذي يديره الأستاذ عامر حنا فتوحي (Amer Hanna Fatuhi) في مدينة فرينديل والذي يضم كالري ميسوبوتاميا (Mesopotamia Art Gallery) المتعاون مع متحف الجامعة لإنجاح العرض التشكيلي ، سيواصل خلال أيام الأسبوع الثقافي العراقي إستقبال الزائرين والمهتمين بإقتناء الأعمال الفنية العراقية التاريخية والحديثة . للمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة موقع القاعة على العنوان التالي : (www.mesopotamiaartgallery.com).

لمعرفة جدول الإسبوع الثقافي تفصيلياً وعنوان الجامعة في مدينة ليفونيا وموقع قاعات العرض ، أنظر المعلومات أدناه :

Important dates

Wednesday, Jan. 16, 4-7 pm
Art Exhibition Opening Reception & Book Show

Sat., Jan 19, 2-5 pm
UR Traditional Music (Iraqi Maqam & Baghdadi Chalghi)
& Poetry Reciting

Wed., Jan. 23, 12 Noon
Lunchtime Lecture Featuring Amer Hanna Fatuhi & Weam Namou

Madonna University
36600 Schoolcraft Rd
Livonia, MI 48150-117
1-800-852-4951

Open to the public[/center]

8
علم العراق

رسالة مفتوحة إلى مام جلال الطالباني المحترم




فخامة الأستاذ جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق المحترم

أخواتي وأخوتي في العراق

تحية وأحترام وبعد ،
بغض النظر عن موقعينا كمواطنين عراقيين وما نقدمه للعراق كل بحسب إختصاصه وإمكاناته فإننا نشترك يا فخامة الرئيس في عامل رئيس يجمع ما بيننا وهو عراقيتنا وإيماننا بعراق ديمقراطي حر وموحد من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه ومن شرقه حتى غربه ، وهذا الذي يجمعنا هو أكبر من كل تفصيل وأعظم من أية محاصصة ، ذلك أن العراق كان وسيبقى وطن كل العراقيين دونما إستثناء ، لأن سر غنى العراق وعظمته في تنوعه .

فخامة الرئيس الموقر ، أخواتي وأخوتي في العراق ألفت عنايتكم الكريمة إلى أنه في عام 1985 / 1986 دعت لجنة تابعة إلى ديوان الرئاسة عن طريق دائرة الفنون التشكيلية كافة الفنانين التشكيليين العراقيين لتصميم علم وطني جديد للعراق فترشح أحد تصميمي اللذين قدمتهما لتلك المسابقة مع تصاميم عدد من الفنانين العراقيين المعروفين إلى المرحلة النهائية ، ثم رشح التصميم (http://iraqiartists.org/photos.php?pict=flag01) فيما بعد للمرتبة الأولى ، ولأسباب طائفية وشوفينية لا تخفى على الكثيرين تم إلغاء المسابقة بأمر من صدام حسين شخصياً .

في عام 2004م أرسلت عن طريق الإعلامي المعروف الدكتور صفاء صنكور (وبمبادرة شخصية مني) مقترح علم العراق الوطني الجديد (تصميم عام 2002) آخذاً بنظر الإعتبار منهجي الثابت الذي يؤكد على إعتماد الجوانب الوطنية التي تخص كل العراقيين وإهمال الجوانب ذات الخصوصيات الدينية أو العرقية (http://iraqiartists.org/photos.php?pict=flag04) ، كما أرسلت ذات المقترح للسيد عبد الحميد الكفائي الناطق الرسمي لمجلس الحكم الإنتقالي الموقر .

وفي يوم 28 آذار عام 2004م أتصلت بي إذاعة ال (BBC) البريطانية للتحدث على الهواء عن مبادرتي تلك لمقترح علم العراق الجديد ، وكان فخامتكم من ضمن المشاركين في ذلك اللقاء على الهواء ، حيث أبديتم وجهة نظركم بهذا الخصوص ، إلا أن المفاجأة الكبيرة والغريبة حقاً  قد حدثت بعد ما يزيد على شهرين من تلك المقابلة ، حيث قام مجلس الحكم الإنتقالي المؤقت ومن دونما مسوغ فني أو أخلاقي بإهمال ذلك التصميم المنفذ (برؤية وطنية عراقية وحرفية عالية) بشهادة المختصين . الأنكى من هذا وذاك ، كان في إعتماد المجلس لتصميم لا يتعدى في أفضل الأحوال أن يكون أكثر من تعديل (إذا جازت المفردة) على أحد تصميمي المقدمين لمسابقة عام 1985م وهو التصميم المنشور (بشكل أفقي وعمودي) منذ عام 2000م في أكثر من ثلاثة مواقع عراقية ، لكن التصميم نسب هذه المرة إلى أحد المهندسين المعماريين المعروفين ، الذي قام إما بإعتماد نسخة التصميم المتواجدة في (وزارة الحكم المحلي) أو (أحدى صوره المنشورة) في المواقع العراقية مستبدلاً رمز الشمس العراقية الرافدية بالهلال ، مع إضافة اللون الأصفر ما بين الخطين الأزرقين اثر إعتراض الأخوة العراقيين الكورد ؟!
الغريب هنا أن إعتماد مجلس الحكم الإنتقالي المؤقت لذلك الحل الغريب (http://en.wikipedia.org/wiki/Image:Proposed_flag_of_Iraq.svg) كان مجحفاً وتمييزاً بحقي في نقطتين رئيستين :
1- لم يتم إعلامي بأي شكل من الأشكال حول موقف مجلس الحكم الإنتقالي من مبادرة مقترح تصميمي لعلم العراق الذي تم تناوله عبر الإذاعة البريطانية على الهواء !!
2- من المتعارف عليه بين المختصين ، أن إجراء أي تعديل على تصميم مسجل كالتصميم (http://iraqiartists.org/photos.php?pict=flag02) الموثق في وزارة الحكم المحلي العراقي والمسجل فيدرالياً في الولايات المتحدة دون إستشارتي ، إنما يعد تجاوزاً أخلاقياً وخرقاً قانونياً فاضحاً لحقوق الإبتكار .

لقد كان رد فعل الشارع العراقي على ذلك التصميم المحرف والمشوه رادعاً ومباشراً ، أما عن عملية إنتحاله فأكتفي بما كتبه بهذا الصدد الكاتب العراقي المعروف عدنان حسين أحمد على الرابط (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=18574) .

لكن مشوار المعاناة مع المتنفذين بالقرارات العراقية في ظل حكومة ما بعد العهد الصدامي البائد لم ينته على ما يبدو ! ، إذ رغم كوني المرشح للفوز بمسابقة تصميم علم العراق لعام 1985م ، وبرغم كوني الفنان العراقي الوحيد الذي قدم (بمبادرة شخصية) مقترحاً لعلم العراق الجديد في أعقاب سقوط النظام البائد مباشرة أي منذ عام 2003م ، فقد علمت وعن طريق الصدفة حسب ، وذلك أثناء التسجيل للأنتخابات العراقية التي جرت مطلع عام 2005م بوجود مسابقة لتصميم علم العراق (وهو المشروع الذي أعمل عليه منذ عام 1985 حتى اليوم) بمعنى ما يقرب من ربع قرن !!
فقمت بإرسال مقترحين لعلم العراق إلى السيد وزير الثقافة السابق الأستاذ مفيد الجزائري المحترم عن طريق البريد الإلكتروني مع تصميم شعار الدولة العراقية الجديد ، كما قمت بإرسالهما أيضاً مع تصميم الشعار (Emblem) بواسطة أحد الأشخاص المسافرين إلى بغداد ، حيث تم تقديم التصاميم الثلاثة إلى وزير الثقافة الأسبق السيد مفيد الجزائري المحترم عن طريق مدير مكتبه السيد كامل مشعان بواسطة الإعلامي المعروف الدكتور صفاء صنكور ، ومع ذلك لم يردني أي جواب حتى لحظة كتابتي لهذه الرسالة المفتوحة !!!

المؤلم حقاً هو أن حرماني المتواصل من شرف تمثيل وطني الأم العراق سواء كان من خلال الإلغاء التعسفي لمسابقة عامي 1985-1986م التي رشحت للفوز بها أم من خلال إحتواء مجلس الحكم الإنتقالي لمبادرتي الفردية والشخصية لعام 2003م وتجييرها لشخص آخر ، أو صمت وزارة الثقافة (الغريب) وعدم إكتراثها حتى بالإجابة على رسائلي البريدية والإلكترونية ، لم يكن بسبب عدم صلاحية تصاميمي أو عدم تخصصي في المجال التشكيلي على سبيل المثال ، ذلك أن بإستطاعة أي مختص أن يتوصل وبمنتهى السهولة إلى تقييم صلاحية وجدارة التصاميم من الناحيتين الرمزية والحرفية ، كما أن ذلك (الإجحاف المتواصل) لم يكن بسبب جهل الجهات الآنفة الذكر بشخصي أو بخبرتي الفنية وخلفيتي العلمية ، إذ يعرفني الوسط التشكيلي العراقي جيداً منذ أواخر عقد السبعينات المنصرم (ومن لا يعرف) يستطيع وبكل سهولة زيارة المواقع الإلكترونية المثبتة في آخر الرسالة .

لقد كانت (علة حرماني) يا فخامة الرئيس بكل بساطة النظرة (التمييزية) الطائفية المنغلقة والتوجهات الشوفينية التي كانت تطبع النظام البائد ، وهيّ ذات العوامل التي حرمتني فيما بعد من فرصة المنافسة العادلة أثناء (مناورات) مجلس محاصصات الحكم الإنتقالي الملغى ، الذي كانت واحدة من منجزاته الظلامية القرار 137 السيء الصيت ، ويبدو أن هذا النهج التمييزي الطائفي الشوفيني ما يزال معمولاً به حتى يومنا هذا للأسف (ما لم تثبت لي فخامتكم عكس ذلك) ، وإلا ما معنى كل هذه المماطلات وأساليب التسويف والإلغاء الفوقي والمزاجي وإنعدام (أبسط حدود اللياقة) في التعامل مع المثقفين العراقيين ، مع أن رقي الدول كما تعرف فخامتكم (يقاس بمستوى فنونها وثقافتها ومكانة مبدعيها) .

لقد كنت كما يعلم العديد من المثقفين العراقيين أحد ضحايا النظام البائد الدائميين ، حيث عانيت الأمرين من أجهزته الحزبية والأمنية ثم تم سحب جنسيتي العراقية وحكمي بالأعدام غيابياً لأكثر من مرة ، وقد نشرت تلك الأحكام في الصحف العراقية ، مثلما نشرتها صحف المعارضة العراقية ولاسيما الصحف اليسارية ، كما تم تثبيت تلك الأحكام في منظمات حقوق الإنسان ومنها مقر منظمة العفو الدولية في لندن .
لذلك أعتقد أنه ليس من العدل أو المنطق أن أحرم من جديد ، (لا سيما في ظل نظام يسعى بخطى حثيثة نحو الديمقراطية) من فرصة المنافسة العادلة ، لا لجريمة إلا لأنني (فنان مستقل) لا أدخل ضمن حسابات المحاصصة الحزبية والهيمنة الطائفية الغريبة السائدة في عراق اليوم ، وأيضاً وهذا هو (الأهم) أن حرماني المستمر كان بسب كوني (كلداني القومية مسيحي الدين) ، علماً بأن الكلدان (دونما إنتقاص من أي مكون عراقي) هم (سكان العراق الأصليين) وهم (كما يشهد تاريخ العراق لهم) مواطنون عراقيون حضاريون مخلصون ومؤمنون بوحدة العراق وسلامته أرضاً وشعباً ، لذلك فأن حقي في المنافسة الشريفة والعادلة هو حق دستوري وأخلاقي علاوة على أنه (حق مقدس) أكتسبته (بحكم إنتمائي العراقي العريق) .

أخيراً ، أن فرصة تصميم رمز وطني عراقي مسألة لا تتكرر وشرف لا يعلى عليه ، لذلك آمل أن تكون لرسالتي هذه أثرها الطيب في فسح المجال مستقبلاً (للمنافسة الشريفة والعادلة) وبخاصة للفنانين التشكيليين المحترفين الذين لم يهادنوا النظام البائد أو يقبلوا أي من هباته الملوثة بدماء العراقيين ، آملاً أن يتم دعوة الفنانين التشكليين والمعماريين العراقيين المحترفين لتصميم علم عراقي وطني يتجاوز كل رؤية طائفية أو عرقية ، آخذين بنظر الإعتبار إطلاع الرأي العام العراقي على تفاصيل المسابقة وتصفياتها ونتائجها التي تخص العراق بجميع مكوناته وأطيافه ونسيجه الأثني المتآخي ، مع تمنياتي المسبقة بالموفقية والنجاح لصاحب التصميم الأفضل في أية مسابقة مستقبلية عادلة .

تقبلوا في الختام يا فخامة الرئيس كل التقدير وفائق الإحترام .


عامر حنا فتوحي / الولايات المتحدة
فنان تشكيلي وباحث مختص بفنون وتاريخ وادي الرافدين
www.amerfatuhiart.com
www.mesopotamiaartgallery.com
www.iraqiartists.org

إنتباهة : أتمنى أن يصلني على بريدي الإلكتروني (amerfatuhi@aol.com) من مكتب فخامتكم ما يطمئنني إلى إطلاعكم شخصياً على رسالتي المفتوحة هذه .

مرفق مع رسالتي المفتوحة هذه أيضاً ، مقترحي لعلم العراق الجديد المنشور في أعلى الصفحة والذي يتكون من مستطيلين أزرقين يمثلان نهري دجلة والفرات الخالدين تتوسطهما شمس الرافدين العريقة .
لقراءة التفاصيل الكاملة حول مشروعي لعلم العراق الحر يرجى زيارة الرابط : (http://iraqiartists.org/projects.html#3) . ولمن يرغب بقراءة المزيد باللغة العربية يرجى زيارة الرابط (http://www.iduus.com/modules.php?name=News&file=article&sid=5658) .

9
تلفزيون أور ( UR ) من أميريكا


بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة يسعدنا أن نزف لكم بشرى بدء بث تلفزيون إور (UR TV) الذي سيعنى بتغطية الشؤون الخاصة بالكلدان وعموم أبناء شعبنا الواحد في الولايات المتحدة والعالم . ومن المؤمل أن يبدأ البث بمشيئة الرب القدير في مطلع العام القادم عبر شبكة الكومكاست الأمريكية إضافة إلى شبكة الفوبتوب العالمية .

للمزيد من المعلومات حول تردد قنوات البث ومواعيد البث التلفزيوني أو لغرض الإعلان أو لإرسال المواد التلفزيونية المتعلقة بشؤون الكلدان وعامة شعبنا في المجالات القومية والدينية والعلمية والفنية والثقافية والرياضية وغيرها ، يرجى الإتصال على الهاتف الرئيس (0200-546-1248) أو على بريدنا الإلكتروني : urtv4u@aol.com

10
فرقة (أور للموسيقى التراثية) في كالري ميسوبوتاميا size] ] 

بدعوة من العازفة المعروفة على آلة العود الفنانة غادة المقدسي أجتمع عدد من الموسقيين المحترفين الذين يجمعهم محبة التراث العراقي الأصيل الذي يمتد إلى آلاف السنين حيث كشفت التنقيبات الآثارية العديد من الآلات الموسيقية الإيقاعية والوترية والهوائية في مدينة أور الكلدان العراقية العريقة . وقد قررت هذه المجموعة بشكل أولي أن تكون (أور) أسماً لفرقتهم التراثية كتعبير عن إعتزازهم ببلدهم الأم العراق .

وقد بدأت المجموعة أول أيام تدريبها (Rehearsal) في كالري ميسوبوتاميا (www.mesopotamiaartgallery.com) في مدينة فيرنديل بحضور عازفة العود (غادة المقدسي) وضابط الإيقاع (غسان حمي) وعازف الكمان (ثمين جابرو) ولظرف خاصة غاب قاريء المقام وعازف السنطور . ومن المؤمل أن تحيي فرقة أور للتراث الموسيقي العراقي أولى حفلاتها التراثية للمقام والجالغي العراقي ضمن أيام الإسبوع الثقافي العراقي الذي من المؤمل إقامته في منتصف شهر كانون الثاني القادم على قاعة العروض الكبرى لجامعة مادونا في مدينة ليفونيا بولاية ميشيغان .

11
إشكالية الحروب الصليبية وعروبة فلسطين
بين الحقائق الدامغة والإدعاءات الباطلة !!



مسألتان هامتان ولازمتان لكي ننهض بالعراق من الدرك الذي أوصلنا إليه غلاة العرب المسلمون (العروبإسلامويون) ، هاتان المسألتان ينبغي إجتثاثهما من عقول العامة المشبعة بالسخافات والشعارات العروبيإسلاموية التي لم ولن تجر على العراق والعراقيين غير البؤس والدمار ، وهاتان السخافتان هما ورقة (الغزوات الصليبية) وورقة (عروبة فلسطين) التي يلوح بهما في كل محفل محتلو ومستعربو ما تسمى بالدول العربية ... فما هيّ  يا ترى حقيقة تلك الغزوات الصليبية وهل كانت تلك الحروب بين (غاز وصاحب أرض) كما تروج لها المصادر العربية والإسلامية .. وأيضاً هل أن فلسطين هيّ عربية حقاً ؟

القسم الأول

الحروب الصليبية وصراع الأضداد (السيف والصليب) !


* عامر فتوحي *

إبتداءً أقول : بالرغم من أن موضوعي هذا غير موجه أصلاً لشعوب (البلدان الناطقة بالعربية) سواء كانوا عرباً أم مستعربة ، فأنا لا يهمني غير العراق والعراقيين ، إلا أنني أؤمن أيضاً ، بأن أي موضوع يمكن أن يثير (أجواء صحية للنقاش) هو موضوع (جدير بالقراءة) والتمحيص .
ثانياً أقول : قد يبدو للبعض أن موضوعي التنويري هذا هو من نوع (ضرب في الهواء) ، ذلك أن قروناً من الإفتراءات والتلفيق وأكداساً من الكتابات والخرافات والتحريفات المدروسة قد رسخت في الأخير لعملية تحريف وتشويه منظم للعقلية العراقية المنفتحة والسليمة ، ناهيكم عن قرون من عمليات غسل مكثفة لذاكرة الشعوب المستباحة ، ومن مثل (الشعب العراقي) الذي أستبيحت سيادته الوطنية منذ ما يقرب من ألفين وخمسمائة عام وتحديداً مع العام ( 539 ق.م) !!

نعم ، قد يعتقد البعض بأن موضوعاً مفرداً مثل موضوعي هذا لا يمكن أن يؤثر بأي حال من الأحوال في تبديل القناعات المهيمنة على عقول العامة التي يتناقلها الأبناء عن الآباء . لكنني مؤمن رغم كل المصاعب وردود الفعل المتباينة التي أتوقعها جراء تباين مستويات الوعي بأن الحقائق لا بد وأن تظهر إلى النور يوماً مهما تكالبت عليها عوادي الزمان وغطتها سحابات المصالح وغبار الأمكنة ، ولنا خير مثال في حضارة وادي الرافدين الأصيلة مات كلدو (بابل وآشور) وسومر التي طواها النسيان لآلاف السنين لتظهرها ثانية معاول الآثاريين .

أن موضوعي هذا وبمنتهى البساطة (محاولة أولى لهدم جدار الأباطيل والخرافة) اللذين يهيمنان على عقول المجتمعات العربيإسلامية عامة ، مثلما يهيمنان على عقول أبناء مجتمعنا العراقي الموغل في سبات ليس مثله سبات أهل الكهف!
كما أن مهمتي كمواطن عراقي يؤمن بالعراق وتنويعته السكانية (التي هيّ سر عظمته) هو نشر الوقائع كما هيّ لكي لا ينجرف العراقيون مستقبلاً خلف شعارات أكل عليها الدهر وشرب من نوع (ومعتصماه) ، أو أن يجروا خلف الأوهام والأباطيل وأكداس الضغائن ومعتقدات التكفير وكراهية الآخر ، بل أن يتفرغوا لبناء (العراق الذي هو اليوم بأمس الحاجة لكل قلب وذراع) ، آملاً أن تعمل محاولتي هذه على أبعاد الأذى عن أهل بيتي ، وهل عندنا بيت غير العراق؟ 

مدخل :

من البديهي أنه عندما تتسلل أفعى سامة إلى بيتك فإنك لكي تقتلها لا تدوس على ذيلها وإنما تسحق رأسها فتتخلص منها للأبد ، وهكذا فإن من يريد أن يقتلع الإرهاب من وطننا الأم (العراق) والعالم على حد سواء ، فإنه ينبغي عليه أن لا يكتفي بتسديد ضرباته نحو أدوات تنفيذ الإرهاب (من أسلحة ومنفذين وممولين وما شاكل من ذيول) حسب ، وإنما عليه أن ينسف (الفكرة السلبية) التي صنعت الإرهاب والإرهابيين من جذورها ، وذلك بإستخدام فكر بديل ، ولكنه هنا (فكر إيجابي) متنور وموضوعي .
إذ لا يمكن لأسلحة العالم كلها مهما تقدمت مستوياتها التكنولوجية ومهما أمعنت في إتساع مديات تأثيرها وفرادتها أن تقتلع الإرهاب من جذوره ، كما لا يمكن لجميع أسلحة العالم كلها أن تنتصر على الإرهاب ، لأن الإرهاب فكر والفكر لا حدود له ، أما الأسلحة فمادية (زمكانية) محدودة النتائج وقاصرة مهما أتسع تأثيرها ، وكما لا يفل الحديد إلا الحديد ، هكذا لا يمكن القضاء على فكرة ما إلا بفكرة أفضل منها .
ومن أجل أن نشيع الفكر الجديد في وطننا الأم (العراق) والعالم ، لا بد لنا أن نقوم أولاً بدحض مرتكزات الفكر التخريبي التقليدي الذي يعشش منذ عهد الدولة الأموية في العقل (العربيإسلامي) ، ولعل من أهم تلك المرتكزات أكذوبة (الحروب الصليبية) التي يجيد المتطرفون العربسلامويون التعكز عليها وإستخدامها بدهاء من خلال لعب دور الضحية المستهدفة من قبل (مؤامرات صليبية عالمية) لاشاغل لها إلا القضاء على الإسلام والمسلمين ، وما هذا التباكي في الحق إلا من أجل تجييش جيوش المتحمسين لوهم دولة الخلافة العالمية ، وذلك من أجل تحويلهم إلى قنابل بشرية لا تفرق بين مسلم أو مسيحي من ناحية ، ومن ناحية أخرى لإستدرار تعاطف عامة الغربيين السطحيين وطبقتهم المثقفة الليبرالية المتطرفة والمعادية للفكر المسيحي بشكل خاص ، وبالتالي إغراقهم بعقدة الذنب إزاء العالم الإسلامي المضطهد من قبل دعاة مؤامرة (الحملات الصليبية) ماضياً وحاضراً ؟!!

تخاريف وترهات وخزعبلات:

في مرحلة الدراسة الإبتدائية طلبت إدارة المدرسة من كل تلميذ مبلغ أربعين فلساً وذلك للمشاركة في سفرة مدرسية الغرض منها مشاهدة فلم (الناصر صلاح الدين -1963-) تأليف محمد عبدالجواد ونجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوي وإخراج يوسف شاهين ، ومن تمثيل ألمع نجوم الشاشة المصرية ومنهم أحمد مظهر وصلاح ذو الفقار ومحمود المليجي وحمدي غيث وعمر الحريري ونادية لطفي وليلى طاهر وتوفيق الذقن وآخرون ، وبطبيعة الحال فقد صور لنا هذا الفلم (بأمانة تاريخية عروبية منقطعة النظير) بأن الصليبيين الأجانب بشخص (فيليب ملك فرنسا -عمر الحريري- ولويز -ليلى فوزي- ورينو دي شاتيون -أحمد لوكسر-) ليس أكثر من غزاة تافهون وكفرة مارقون غارقون في الفساد والفجور ، فيما صور لنا (المدافعون العرب) وبمعنى أصح جيش صلاح الدين الفسيفسائي (من حجازيين وسلاجقة ومماليك وغيرهم من دخلاء على الشرق) بأنهم أهل الدار وبأنهم خلاصة للإيمان وأناس لا هم لهم إلا الذود عن الأرض والعرض ، وكان مدرس اللغة العربية المتحمس الذي قد رافقنا يحثنا مع كل ضربة سيف يصوبها أحد المقاتلين (العرب أو المستعربة) نحو أي (محارب صليبي) لأن نقوم من مقاعدنا ونصيح بأعلى صوتنا ألله أكبر .. ألله أكبر !!

في طريق العودة إلى المنزل رحت أفكر مع نفسي ، لماذا هؤلاء الصليبيون بهذا الإجرام مع أنهم يضعون علامة الصليب على صدورهم وهو رمز محبة كما كانت تخبرنا الوالدة (رحمها ألله) ، وبالتالي كيف لم يحولهم ذلك الصليب المقدس (إذا ما كانوا مجرمين حقاً) إلى أحجار أو يلقي بهم في هوة الجحيم ، وهو ما لقننا أياه أحد القسس الذين كان يشرف على دروس التعليم المسيحي ، فقد كان يحذرنا دائماً من مغبة إرتكاب المعاصي ، ذلك لأن ألله يرى ويسمع وإن كنا لا نراه ، وبأنه قادر في كل حين على تحويل المارقين إلى حجارة صماء أو يلقي بالعاصين في آتون الجحيم ؟
وقد بقيت لزمن لا أفهم سر هذه الإزدواجية بين عدم موت هؤلاء الفرسان الذين يرتدون دون حق شارة الصليب (وذلك بحسب الفلم العربي الذي لم يقدمهم لنا إلا كأشرار مارقين) وبين تحول دراكيولا مصاص الدماء إلى تراب حالما يرفع بطل الفلم (الولد باللهجة العراقية الدارجة) الصليب في وجهه !

بعد أكثر من ربع قرن من الدراسة والتمحيص تبين لي بأن ما تسمى بالحروب الصليبية لم تكن إلا حرباً بين (طرفين مستعمرين) تمت على أرض أجنبية (لا علاقة لها بكلا الطرفين المتقاتلين) رغم تغليفها بغلالة التوجهات الدينية ، علماً أن سبب قيامها أو (الصوج) بالعامية العراقية لم يكن من القاتل (الصليبيون) بحسب (كتب التاريخ العربسلامية) وإنما من المقتول ، أي (الغزاة الفسيفسائيون) الذين أستباحوا بالنار والحديد بلدان الشرق المسيحية وحولوا أهلها بالسيف وبحيرات الدم إلى منتجعات إسلاموية يستيقظ أطفالها صبحاً على وعد أحزمة التفجير المجانية لكي يمضوا ليلتهم في أحضان سبعين من الحور العين (الفتيات الأبكار اللذيذات الشبقات) كما تصورها لهم خطب يوسف القرضاوي وسلمان العودة وصالح الفوزان ؟!!

وإليكم عدد من الأمثلة الواقعية التي تعمل على تشويه عقول العراقيين : في مادة التاريخ العربي والإسلامي المقررة على الطلبة في المنهج المدرسي للصف الثاني المتوسط من المهازل والتلفيقات والأكاذيب (الفاشية العربية) التي هيمنت على العراق مع تبوأ الملك غازي للعرش وترسخت مع دعوات الناصريين في مصر ما يدعو أي دارس موضوعي للتاريخ إلى التساؤل حقاً : هل أن ما يقرأه تلاميذ العراق حتى اليوم هو منهج مدرسي علمي أم محض خرفات وخزعبلات من نوع (القصة خون) التي يقول قائلها : (إذا زعق عنترة) سقط ألف فارس وإذا أطاح بسيفه سقط عشرات الألوف صرعى ؟!
بالمناسبة (عنترة العبسي هذا أبن زبيبة الحبشية) الذي تتجاهل الكتب العربية الإشارة إلى ديانته عادة كان (مسيحياً) مثله مثل معظم أبناء قبائل عبس وطي وربيعة وتميم ومذحج وبهراء وشيبان وعذرة وعبد القيس وكعب وعاملة وجذام وجفنة أو ثعلبة (الغساسنة) ولخم أو آل نصر (المناذرة) وعبادة (العباد) وكندة وعامر وجزان وتغلب وسليح وقضاعة وقريش التي كان معظمها يدين بالنصرانية (الأبيونية) إبتداء بالجد الأول قصي وبخاصة قبيلة (بنو أسد) ، فيما يؤكد تاريخ اليعقوبي على تنصر قريش كلها وشاركها في ذلك كنانة وخزاعة وهو ما يذهب إليه الأزرقي في أخبار مكة ، (وهذا ما يناقض تماماً) الفهم الكاذب الشائع عند العامة عن (عصر الجاهلية) العربي الذي كانت وما تزال مناهج التعليم المدرسية المقررة تشيعها قسراً في عقول التلاميذ الذين لا حول لهم ولا طول ؟!!

الأنكى من منهج (التاريخ للصف الثاني المتوسط) وهو الأساس المعرفي (المغلوط) الذي يؤمن به عامة العراقيين ، منهج مقرر آخر ولكن (هذه المرة) على طلبة (الصف الثاني / قسم التاريخ - كلية الأداب في جامعة بغداد) هو (تاريخ أوربا في العصور الوسطى) . حيث يتناول هذا المنهج عبر (فصل كامل) موضوع (الحروب الصليبية) ولكن وفق رؤية (عروبيإسلاموية شوفينية) لا علاقة لها بأي منهج أكاديمي ، حيث يطلق على جيوش الغرب المسيحي عبارة (الإحتلال الأجنبي) وهيّ مسألة منطقية ومفهومة ، لكن ذات المنهج الأكاديمي يطلق على (فسيفساء الأجانب) المحتلين لمناطق (الشرق الكلداني الفينقي الآرامي العبري) من مجموع الغرباء الدخلاء من (حجازيين وسلاجقة تركمان ومماليك) عبارة (المقاومة العربية الإسلامية) ولا مبرر لمثل هذا التمييز الأخرق إلا بسبب كون هؤلاء الغزاة (مسلمون) ؟!!

ولتأكيد هذه الرؤية (الشوفينية العربيإسلامية) أقتبس بعض ما يرد في الصفحتين 227 و 228 من ذلك المنهج الجامعي المقرر ، حيث يرد ما يلي :

(في الكلام عن الحروب الصليبية يجب الأخذ بنظر الإعتبار ، أن هذه الحروب لم تكن إلا جزء من هجوم أوربي شامل على الوطن العربي والعالم الإسلامي . وقد بدأ هذا الهجوم قبل الحروب الصليبية وأستمر بعدها) .
ويضيف المنهج المقرر : (لقد قام النورمان خلال النصف الأول من القرن الحادي عشر بالهجوم على معاقل العرب في - جنوب إيطاليا كما هاجموا صقلية - بصورة مستمرة بين عامي 1060 و1090م وأحتلوها) ويضيف ذلك المنهج العلمي المقرر (أما في إسبانيا فقد شرعت - القوى المسيحية - في التوسع على حساب - العرب - في كل إتجاه ... فسقطت طليطلة بيد الفونسو السادس القشتالي عام 1085م وأستولى الآرغون على سرقسطة عام 1118م وأستمرت حركة التصفية للوجود العربي في إسبانيا خلال القرون الثلاثة التالية) .

الغريب هنا أن هذا المنهج المغرق في شوفينيته يقدم (الآراضي الأوربية في إيطاليا وإسبانيا) المحتلة من قبل (الغزاة العرب والمسلمين) على أنها (أراض عربية إسلامية) مثلها مثل (مكة أو الطائف أو جدة) ، وإن من حق (العرب والمسلمين) أن يحتلوها ويجامعوا نسائها وغلمانها ويجزوا أعناق أهلها الذين لا خيار أمامهم إلا أن يقبلوا بهذا أو أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
في المقابل فأنه ليس من حق الأوربيين عامة وأهل أسبانيا تحديداً من قشتاليين وآرغونيين (سكان مقاطعتين إسبانيتين) أن يحرروا بلادهم من الإحتلال الأجنبي (العربيأسلامي) ، بل أن عليهم أن يشكروا ألله (الرحمن الرحيم) ليل نهار لأنه منّ عليهم بجيوش أجنبية تنهب أموالهم وتهتك أعراضهم وتستبيح ممتلكاتهم . والحق أن هذا النوع من الإستباحة للأرض والعرض لم يكن حصراً على جيوش طارق بن زياد وأمثاله من الغزاة القدماء ، بل أستمر هذا وبشكل أكثر بشاعة مع جيوش السلطانية العثمانية التي أشتهر جيشها بمذابحه التي طالت الملايين من المسيحيين المشرقيين من أرمينيا إلى بلاد اليونان والبلقان ، ناهيكم عن مذابح المسيحيين في الشام ومذابح الكلدان (الثلاثة عشر) التي تم فيها تجييش (الأغوات الكورد) وكان من نتائجها إختلاق ما تسمى اليوم بكوردستان العراق وهيّ أراض وبلدات كلدانية مسيحية منذ آلاف السنين . أنظر دراستي الموسومة (فظائع الأغوات الكورد) .

ولعل خير مثال على تحريفات مناهج التدريس العراقية والعربيإسلامية عامة (خطبة البربري المستعرب) طارق بن زياد (البربر سكان المغرب الأصليين) الذي لا يحفظ العرب والمستعربة العراقيين وغيرهم من مسلمين غير هذا المقطع من خطبته (البحر من ورائكم والعدو من أمامكم فأيهما تختارون ؟) ، لكن بقية الخطبة التي لا يعرف العامة عنها شيئاً ، إنما تكشف وبشكل واضح وجلي حقيقة (النوازع الإستعمارية) والأطماع البشرية التي تقف وراء غزو العرب والمسلمين لإسبانيا وأوربا عامة ، حيث يظهر النص الذي يلي مقطع أبن زياد الشهير (البحر من ورائكم والعدو من أمامكم) بأن لا علاقة من قريب أو بعيد لتوجهات ذلك الجيش الفسيفسائي الأجنبي المرتزق بأي قناعة إيمانية أو مشيئة إلاهية (حاشى لله) . وبرغم إقتصار خطبة أبن زياد على إعلاء شأن العرب ، إلا أن الطريف هنا أنه أستخدم مفردة العربان (وشتان ما بين العرب والعربان) ، المهم هنا أن عماد جيش الغزاة ذاك كان جلّهم بين بربر وزنج وآراميين وقبط مستعربة ، حتى أن القائد الأعلى للحملة (موسى بن نصير) كان بالأصل من كلدان النجف المستعربة ، قتل الغزاة المسلمون أباه فتربى على الإسلام مع أسرى مدينة النجف (الكوشيا) الكلدانية المسيحية أصلاً ، أما طارق بن زياد فمعروف بكونه من برابرة بلاد المغرب .
 
وإليكم تتمة خطبة أبن زياد غداة (إستعماره لإسبانيا) ، حيث صرخ قائلاً في جنوده (المؤمنين الميامين) الذين كان يسيل لعابهم لمجرد التفكير (بحجم الغنائم وطراوة أعواد الإسبانيات) : وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من (الحور الحسان) الرافلات في (الدر والمرجان) و(الحلل المنسوجة بالعقيان) ، (المقصورات في قصور الملوك ذي التيجان) ، ثم يستطرد .. وقد أنتخبكم أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك ((ومن لا يعرف أمير المؤمنين هذا فليقرأ عن تاريخه المشرف)) من الأبطال عرباناً ... ليظهر دينه على هذه الجزيرة وليكون (مغنمها خالصاً لكم) من دونه ودون المؤمنين سواكم  (أي أن مغانمها ومنهوباتها لله - الخليفة - ولكم) .
وكأن إلله (جل جلاله) بحاجة إلى تلك الغنائم والمنهوبات وهو الذي خلق الأرض والسماوات ، فهل هذا (فتح إيماني أم نهب وإستعمار) ، وبالتالي لماذا حلال على العربي والمستعرب والأجنبي (المسلم) أن يغزوا وينهب ويغتصب ويسلب البلدان الصليبية (بأسم ألله) ، بينما حرام على أهل تلك البلدان حتى الدفاع عن حرمات حجيجهم (وهيّ المبررات) التي قادت إلى نشوب الحروب الصليبية ؟!!

 ولمن يريد الإستزادة حول موضوع التجاوزات والإمتهانات (العربسلامية) لغير المسلمين من سكان البلدان المحتلة فليقرأ ما يحتويه كتاب (في أحكام أهل الذمة) لأبن الجوزي لكي يطلع على حجم وبشاعة الإمتهان الإنساني المريع لمن (يمن ألله) عليه وعلى بلاده بالإحتلال من قبل دعاة تطبيق الشريعة من غلاة العرب والمسلمين .

والسؤال هنا هو : إن كان هذا ما يرد في مناهج التعليم (العلمانية) التي يفترض بها أن تكون (أكاديمية محضة) فما بالكم بما تنشره الفضائيات والمواقع العربسلامية من تخاريف وأضاليل ، وهل لنا بعد ذلك أن نستغرب سر ذلك العداء المستفحل للغرب والرغبة العارمة في تدميره من قبل العربيإسلاميين ، مع أن الأوربيين لم يأتوا بسيوفهم يوماً لإجبار العرب أو المسلمين بالتحول عن دينهم أو ذبحهم ذبح النعاج بل أن العرب والمسلمين هم من ذهبوا إلى أوربا فأغتصبوها وأمتهنوا أهلها وذلك (قبل قرون) من قيام الحملات الصليبية !
وبالتالي ، هل لنا أن نستغرب كيف ينقلب (الإرهابي) الذي يفجر نفسه بين تلاميذ المدارس وفي باصات العمال والكسبة وفي الأسواق الشعبية بين النساء والأطفال والكادحين إلى (مقاوم) ، وكيف يصير (الأجنبي الدخيل) إيرانياً كان أم عثمانياً إلى (صاحب الأرض) في البيانات والخطب العربسلامية ، وهل نستغرب كيف تجوز مثل هذه الأكاذيب والإفتراءات الإسلاموية العروبية رغم (هزالتها وتفاهتها) على العامة والمثقفين في الشارع العربي (سكان البلدان الناطقة بالعربية) ؟!!

وكنموذج أخير على حجم الإسفاف العربي في مجال تدوين الأحداث التاريخية وإنعدام مصداقية المؤرخ المسلم فيما يتعلق بهذا الموضوع جراء التحريفات والمبالغات والتهويلات (القصة خونية) أستشهد هنا بما جاء في كتاب (فتح الفتوح للواقدي) ، حيث يذكر الواقدي في الصفحة 176 :
وكان الظلام قد أعتكر فأفتقدوا المعركة بين القتلى فأذا قتل من العرب المتنصرة (خمسة آلاف فارس وسيدان) من ساداتهم وهما رفاعة بن مطعم الغساني والآخر شداد بن الأوس ووجدوا من قتل من المسلمين (عشرة رجال) !!!
ولو قمنا بتحويل هذه الأرقام إلى معادلة رياضية لتبين لنا بأن نسبة الخسائر بين الطرفين هو (واحد إلى خمسمائة) وبمعنى آخر أن كل مقاتل عربي مسلم تمكن من قتل 42 مقاتل عربي مسيحي كمعدل لكل ساعة من ساعات القتال وعلى مدى أثني عشر ساعة من القتال المتواصل دون أن يكل أو ينهار تعباً ، وبمعنى أدق أن قتل (مقاتل عربي مسيحي مدرب للقتال) لم يستغرق بحسب الواقدي أكثر من (ثانية وأربع أعشار الثانية) تقريباً !!!
ولا أعرف هل كان هؤلاء المقاتلة العرب المسلمون يمتلكون أذرع بشرية لها طاقات معروفة ومحدودة ، أم أن واحدهم كان قد أستبدل ذراعه (قبل المعركة) بريشة مروحة كهربائية (يابانية الصنع) لكي يتمكن من تحريكها على مدى أثني عشر ساعة دون توقف ، وبسرع تكفي لإضاءة منزل عصري مكيف ؟!!

إن مثل هذا التفاوت الرقمي بين قتلى الغساسنة (المسيحيين) الهائل العدد (خمسة آلاف فارس وسيدان) وهم الذين أشتهروا بمقارعتهم للدولة الفارسية وبين العدد الضئيل إلى حد اللامعقول لقتلى المسلمين (عشرة رجال) قد يبهج العقول الصغيرة وعامة المسلمين ، ذلك أن مناهج التدريس العروبية التقليدية دأبت على ترسيخ  فكرة (سيادة) العنصر العربي (خير أمة أخرجت للناس) وحقارة العناصر الأخرى ، كما أن حكايات عنترة العبسي كما أسلفنا (الذي كان يصيح فيطيح ألف من الفرسان) جعل العامة تتقبل تلك الأرقام الفلكية دونما تمحيص أو حتى رغبة في الفهم الصحيح ، ذلك أن الإبتهاج الفطري البدائي هو جزء لا يتجزأ من الوهم الجمعي (العامة) الذي يعد حجر الزاوية في بناء معتقدات المجتمعات العربسلامية المصابة بداء كراهية (القردة والخنازير) من مسيحيين (حضاريين) ويهود (أثرياء) ، وهيّ كراهية تشيعها للأسف الأحاديث الدينية الملفقة من ناحية ، والمريضة بعقدة الآخر أو كما يسميها المصريون (عقدة الخواجة) من ناحية أخرى !!

أن ما يدعوني اليوم إلى تناول موضوع (الحروب الصليبية) المحرف والمضبب الذي يتعكز عليه الإرهابيون ، ليس مشاهد التدريب المسممة لعقول الشبيبة التي تبثها علينا قنوات التلفزيون الفضائية العربية الممولة إما سعودياً أو إيرانياً كالجزيرة والذكر والفيحاء والمنار وما شابهها من منابر متخلفة ، والتي عادة ما تبث علينا مشاهد لمجاميع ملثمة (من كائنات الظلام) وهم يصوبون أسلحتهم نحو شخوص تحمل  شارة الصليب (وبالمناسبة لم نسمع ولو كلمة إعتراض واحدة من أي مسؤول عربي أو مسلم بهذا الصدد ، في حين لو كانت هذه الشخوص تحمل شارة الهلال - وهيّ شارة وثنية أصلاً - أو آيات قرآنية) لهاج وماج الشارع العربيإسلامي ولاستبيحت الأعراض وذبحت الراهبات وفجرت الكنائس بالعشرات حفاظاً على ماء وجه الدين الحنيف !

الحق أن ما يدعوني إلى كتابة هذا الموضوع هو ما كتبه مرة أحد الشمامسة (مساعد قس) في مجلة أمريكية يفترض بها أن تكون ناطقة بأسم منظمة فرسان كولومبس الكاثوليكية هيّ مجلة (الفارس) وذلك في موضوع تحت عنوان (الحروب الصليبية) . حيث لم يكن ذلك الموضوع (وهو ما أثار دهشتي وإستغرابي) أكثر من ترديد ببغائي ساذج لطروحات آلة الدعاية العربيإسلامية ، هذا علاوة على الصدام الذي حدث مؤخراً بيني وبين مؤسسة أمريكية عربية إسلامية تبث من أمريكا ذاتها (سياسة الكره والأضاليل ليس ضد المسيحيين حسب بل حتى ضد المسلمين من المذاهب الأخرى ولاسيما الشيعة - الجعفرية - الأثنى عشرية) ، تدعمها في ذلك جهات عربية إسلامية أصولية بالتعاون مع ملحدين أمريكيين معروفين ناقمين على المسيحية من نمط جورج سورو ومارك كيوبن ، علاوة على مجاميع من اليسار الموغل في التطرف .

ماهية الحروب الصليبية ... تواريخ وحقائق

يطلق على مجموع الحروب ما بين العامين (1096م - 1291م) التي قامت بين الشرق الذي أنتشر الإسلام فيه (طوعاً ودونما غزوات أو إكراه) وبين الغرب المسيحي الذي قد يخال للبعض بأن السيد المسيح (ملك السلام) وحواريه (الشهداء) قد خيروا سكانه (بين أن يقبلوا بالمسيحية بديلاً عن وثنيتهم أو أن يذبحهم المسيحيون ذبح النعاج ويسلبوا أملاكهم ويهتكوا أعراض نسائهم قدامهم وينهبوا أموالهم) جرياً على عادة أصحاب الغزوات !!

وقد أمتدت تلك الحروب التي تألفت من ستة حملات (صليبية) لم تصل سوى ثلاث منها إلى مبتغاها في الشرق هما الوجبة الثانية من الحملة الأولى (حملة الأمراء) بقيادة جودفري دو بوايون خادم القبر المقدس (الذي حكم القدس والناصرة وبيث لحم وبيروت وعكا وصيدا وصور وعسقلان وحيفا) وبوهيموند (أمير أنطاكيا) ، وريموند أمير تولوز الذي ملك على (كونتيسة طرابلس) وبلدوين شقيق جودفري دو بوايون أمير (أورها) ، والحملة الثالثة أو حملة الملوك (فردريك الأول إمبراطور ألمانيا الذي غرق في أسيا وتشتت جيشه) و(ريتشارد الأول قلب الأسد ملك أنكلترا) و(فيليب أوغسطس ملك فرنسا) ، والحملة الأخرى هيّ الحملة الخامسة التي قادها فردريك الثاني إمبراطور ألمانيا التي لم يتحارب فيها الطرفان بل عقد فيها الملك الكامل أيوب معاهدة صلح أقر فيها بعائدية مملكة القدس والناصرة وبيت لحم للإمبراطور الألماني . أما الحملات الأخرى فقد أنتهت الثانية على أبواب دمشق ، وتوجهت الرابعة إلى القسطنطينية ، فيما أنتهت الحملة السادسة أي حملة القديس (لويس التاسع) ملك فرنسا بوفاته في تونس أثر مرض ألم به بعد عبوره للبحر المتوسط .

وهنا يهمنا أن يعرف القاريء حقيقة (من حارب من) إبان تلك الحروب التي يعتقد عامة العرب أو المستعربة بأنها كانت حرباً (عربية - أوربية) ؟
1- في الحملة الأولى خاض الأوربيون المعاراك ضد جيوش الدولة السلجوقية وهم (محتلون آسيويون) قدموا من أواسط آسيا وكانوا السبب الرئيس في قيام تلك الحروب ، حيث تم في عهد حكم السلاجقة سلب قوافل الحجاج المسيحيين القادمين إلى الأراضي المقدسة لزيارة قبر السيد المسيح والتبرك بعود الصليب وبقية المواقع المقدسة ، وقد بالغ السلاجقة في غيهم حيث لم يكتفو بالسلب بل قاموا بإنتهاك أعراض المسيحيات وذبح الحجاج من الرجال والأولاد ، أما قادة السلاجقة فكانوا (رضوان ودقاق شاه) وكذلك (ياغي سيان) أمير أنطاكيا .
2- في الحملة الثانية واجه الصليبيون مستعمرون آسيويون جدد هم (الأتابكة) الذين أشتهروا بسلطانهم عماد الدين زنكي وخليفته نور الدين زنكي .
3- في الحملة الثالثة واجه الصليبيون مرة أخرى مستعمرون قدماء وجدد هم (نور الدين الأتابكي) حاكم سوريا و(صلاح الدين الأيوبي الكوردي) حاكم مصر ، ومعلوم أن الكورد هم (قبائل آسيوية) من العنصر (الهندوأوربي) مسقط رأسها هضبة همدان في إيران (بين طهران وكرمنشاه) .
4- لم تصل الحملة الرابعة إلى الشرق.
5- في الحملة الخامسة لم يتحارب فيها الطرفان ، قادها من أوربا الإمبراطور الألماني فردريك الثاني ومثلها من الشرق المستعمر الأيوبي .
6- الحملة السادسة قادها ملك فرنسا لويس التاسع الذي عرف بالصلاح والتقوى وسيم قديساً بأسم (القديس لويس) . في تلك الحملة توفي القديس لويس في تونس جراء مرض ألم به وذلك بعد عبوره للبحر المتوسط فأنتهت تلك الحملة التي عادت أدراجها إلى فرنسا دون أن يعلم بها سكان المشرق أصلاً.
أما نهاية الإمارات الصليبية فقد كانت على يد المماليك وهم من الأقوام (الهندوأوربية الأجنبية الدخيلة) ، ومن أشهرهم (السلطان بيبرس) الذي أحتل دمشق وتصدى للمغول ثم ضم إمارة انطاكيا المسيحية إلى مملكته ، فيما تمكن أبنه (قلاوون) من الإستيلاء على عكا آخر الإمارات الصليبية في الشرق.

الخلاصة:

أن تلك الحروب المسماة بالصليبية قد قامت أصلاً بين طرفين (مستعمرين) شرقي وغربي على (أرض أجنبية) لا تخص أي منهما . حيث تم إستلاب تلك البلاد من أهلها بالنار والحديد وذلك من قبل الغزاة الحجازيين إبان عصر الغزوات التوسعية الإسلامية للشرق (غزوتي اليرموك والقادسية) وتم فرض لغة المحتل وديانته على تلك الشعوب المسالمة المستضعفة بالنار والحديد وذلك إبتداء من عهد عبد الملك بن مروان 685-705 م وعامله على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي 694-714 م  ، وتواصلت مع محتلين آخرين (السلاجقة) وبخاصة بعد معركة (مانزيكرت) في عام 1071م التي أحتل فيها السلاجقة المسلمون كل آسيا الصغرى تقريباً ، وذلك قبل 25 عاماً فقط من قيام الحروب الصليبية .

أما دوافع تلك الحروب فقد كانت مزيجاً من التطلعات الإستعمارية مع غطاء ديني بإستثناء حملة القديس لويس التي كانت دوافعها دينية محضة وهدفها الدفاع عن المسيحيين المشرقيين وتخليص العتبات المقدسة المسيحية في الآراضي المقدسة من سيطرة المماليك .
والحق ، لو لم يبادر (المسلمون السلاجقة) إلى إنتهاك حرمة الحجيج المسيحيون المسالمون وإنتهاجهم لمسلك عدائي تمثل في قيامهم بأعمال قتل وسلب الحجاج المسيحيين وأنتهاك أعراض المسيحيات القاصدات الحج ، ولو لا أتيان السلاجقة المسلمون للعديد من الشناعات لما تمكن الأوربيون من إيجاد مبرر لهم فيستثيروا حماسة النبلاء والعامة على حد سواء لخوض تلك الحروب الطويلة الدامية والمكلفة.

المهم هنا أن هؤلاء المسلمين (من حجازيين عرب وكورد وسلاجقة ومماليك) كانوا هم أنفسهم (غزاة أجانب ومستعمرون) لا يختلفون في أسلوب حكمهم عن أي مستعمر سابق أو لاحق ، لقد حكم المستعربة اسبانيا (الأندلس ما يزيد على ستة قرون) ومع ذلك فقد طردهم الأسبان عن بكرة أبيهم بإعتبارهم محتلين وغزاة ، فعلاما يتباكى المسلمون في العالم كله كلما ذكرت الحروب الصليبية فيصورونها على أنها حرب بين مستعمر مسيحي أوربي ومدافع عربي مسلم وطني محلي ، مع أن السيطرة الفعلية للعرب القادمين من الحجاز كانت قد أنتهت فعلياً مع هيمنة العنصر التركي أبان العصر العباسي الثاني أي أن تواجدهم كسلطة مهيمنة على أراض أجنبية (العراق والشام ومصر) كان لما يقرب من قرنين حسب ، فيما سيطر بقية المستعمرون الأجانب (من مغول وسلاجقة وأتابكة) على الشرق لقرنين آخرين قبل إندلاع الحروب الصليبية ، وبمعنى أدق أن هذا النسيج الفسيفسائي من الحجازيين والتركمان والكورد والمماليك كانوا هم أنفسهم آنذاك غزاة ودخلاء على تلك البلدان المغتصبة بالقوة .

الجدير بالذكر هنا أيضاً ، أن تلك الحروب (لم تجر مطلقاً بين العرب والأوربيين) كما يعتقد العامة ، وإنما كما بينت آنفاً بين غزاة (آسيويين وهندوأوربيين) من سلاجقة وأتابكة وكورد ومماليك من جهة وبين غزاة (أوربيين) من جهة أخرى .
فلماذا حلال على الأجنبي المسلم أن يحتل أرضنا ويستبيح عرضنا وأمولنا وحرام على الأجنبي المسيحي حتى مجرد الدفاع عن حرمات حجيجه ، ولماذ يسكت العرب أو المستعربة حتى اليوم عن (الإحتلال العثماني أو الإيراني) بل يصل الأمر بهم حد التعاطف معه برغم ما جلباه ويجلبانه معهم من تخلف على كافة أنحاء البلاد ، فيما يصمون البريطاني والأوربي والغربي عامة بصفة المحتل ويطالبون بطرده من خلال المظاهرات وإستخدام العنف المسلح ، رغم إدخاله لآلات الطباعة وتنظيم المدن ونظم التعليم والصحة الحديثة والمعامل ذات الإنتاج الواسع ومصافي المياه ومحطات الكهرباء ، علماً أن كلاهما (غريب محتل وأجنبي) ؟!

الحق أن الحروب الصليبية تلك ليست إلا (وصمة عار) في جبين من أفتعلها وليس من خاضها دفاعاً عن حرمات الحجاج المسيحيين المسالمين وعن قدسية الأراضي المقدسة التي أمتهنها وأمتهن أهلها مجاميع الغزاة (الآسيويون) ، ولعل خير مثال على نمط هؤلاء المدافعين الذين دفعتهم حماستهم الدينية لخوض غمار تلك الحروب القديس (لويس) ومجموعة (فرسان المعبد) ، بل حتى النبيل جودفري دو بوايون الذي رفض أن يحمل لقب الملك وأكتفى بلقب (حامي القبر المقدس) ، والذي عرف سكان مملكة القدس والمدن المجاورة لها من مسيحيين ومسلمين إبان حكمه (الأمن والأمان) بعكس الإفتراءات العربيإسلامية اللاحقة .

تلك هيّ حقيقة الحروب الصليبية التي لم يكن فيها لسكان البلاد الأصليين من كلدان وآراميين شاميين وغيرهم من سكان أصلاء ناهيكم عن الحجازيين الغزاة أنفسهم ناقة فيها أو جمل ، كما أنها لم تكن حرباً موجهة ضد الإسلام والمسلمين كما تروج ذلك الأبواق العربيإسلامية ومناهج التدريس وفضائيات التخلف والظلامية ، وإنما كانت حرباً دفاعية ضد هؤلاء الغزاة الفسيفسائيين من المسلمين الآسيويين ولاسيما السلاجقة الذين أحتلوا بعد معركة (مانزيكرت) معظم آسيا الصغرى كمرحلة أولى لغزو أوربا ، وهم ذات الغزاة الذين أضطهدوا وبشكل بشع سكان البلاد الأصليين المسيحيين ، الذين يتواصل إضطهادهم وتشريدهم من أراضيهم حتى يومنا هذا .

ويبدوا أنه لن يهدأ بال لهؤلاء المتعصبين من المسلمين الغزاة الأجانب حتى يخرجوا آخر مسسيحي من الشرق (الذي هو وطنهم أصلاً) عملاً بوصية الخليفة الحجازي المتزمت وصاحب القوانين العمرية السيئة الصيت عمر بن الخطاب وأمثاله من الأصوليين إبتداء بأبن تيمية الأب الروحي للإراهبيين السلفيين ومن ركب موجته من أمثال الظلامي محمد بن عبد الوهاب صاحب المذهب الوهابي الموغل بالدموية والتخلف وصولاً لأبن لادن والظواهري ومن لف لفهم .
أن الصليب لم يكن يوماً آداة قتل وإرهاب كما يدعي دعاة الظلام والسلفية ، بل السيف الذي يلوح به (إله السيف) ولكم في علم (آل سعود) الوهابي خير مثال .

إنتباهة : حول بعض الأفكار المشابهة والبيانات النافعة عن (الإسلام السياسي) الذي يعصف بعقول العامة ويروج لأحزمة الموت الناسفة ونظرية المؤامرة الصليبية العالمية وغير ذلك من سفاسف ، يرجى قراءة الرابط التالي بقلم الدكتور عبد الخالق حسين :
http://www.iduus.com/modules.php?name=News&file=article&sid=6528

إنتباهة ثانية : يهمني أن يفهم العراقي العربي أو الكوردي أو التركماني الذي يؤمن بقدره كعراقي وبمواطنته العراقية التي لا يساوم عليها كوردستانياً أو إيرانياً أو تركياً أو سعودياً ، بأن ذكر السلاجقة وأمثالهم من التركمان الآق قوينلو والقرة قوينلو والكورد الهمدانيين والعرب الحجازيين ، ليس القصد منه تجريدهم من هويتهم العراقية ، ذلك أن المواطنة العراقية تنطلق أساساً من إيمان ذاتي بالإنتماء للعراق وعدم المساومة على وحدة أراضيه أو العزل بين تنويعته الأثنية التي هيّ سر عظمة العراق . أن ورود تلك الأثنيات بين الشعوب الغازية للعراق منذ مئات السنين هيّ حقيقة تاريخية هدفها الرئيس المقارنة العلمية حسب . أما تصوري الشخصي فهو أن العراقيين الحقيقيين على تنوع أصولهم ، هم هؤلاء الذين يجمعهم محبة العراق الموحد والولاء للوطن العراقي الواحد .

12
محنة الفن التشكيلي العراقي ... محنة العراق !!

إلغاء الآخر بين الأمس واليوم .. ؟!!


من الملفت للنظر حقاً ، أن توثيق المنجز الثقافي العراقي عامة والفن التشكيلي العراقي بشكل خاص يشبه تماماً في لا معقوليته ولا عدالته مناهج تدريس التاريخ العراقي ، فكلاهما إنتقائيان ممنهجان ضمن عقلية (لا تتجاوز الآخر حسب) لاسيما سكان العراق الأصليين - الكلدان (على تنوع كنائسهم) ، بل أنها لا تراه على الإطلاق ، وذلك إنطلاقاً من رؤية متخلفة شوفينية ومذهبية على حد سواء ؟!!
وهنا أستشهد بمثال كنت قد ضربته مرة في مقالي التهكمي الموسوم (كتب تاريخ العراق المدرسية تلعب الطفيرة !)  والذي نشر عام (2003م) في المجلة الساخرة (المطرقة) ، حيث يبدأ منهج التاريخ العراقي للصف (الأول المتوسط) بتاريخ العراق منذ العصور القديمة لينتهي مع نهاية التاريخ الوطني القديم (بحسب إعتراف المنهج المدرسي ذاته) ، أي مع إنهيار الإمبراطورية البابلية الحديثة التي يطلق عليها أيضاً مصطلح العصر الكلداني الذهبي أو الدولة الكلدانية في حدود العام (539 ق.م) .

الغريب في مناهج تدريس التاريخ العراقي المدرسية التي تشكل القاعدة المعرفية للعراقيين عامة أنها غير منصفة تماماً ، ذلك أنها تقدم تاريخ العراق في كتاب الصف (الثاني المتوسط) بمفهوم مختلف تماماً عن السياق الذي أعتمدته في الكتاب الأول لمرحلة الصف الأول المتوسط ، حيث يبدأ منهج التاريخ المقرر لصف الثاني المتوسط (الذي يفترض به منهجاً مدرسياً عراقياً وأيضاً منهجاً مكملاً لمنهج الكتاب الأول) بعيداً عن الأرض العراقية ، وأيضاً بعد تمييع صورة العراق وإقتطاع ما يقرب من ثلاثة عشر قرناً ليس من تاريخ العراق فحسب بل من تاريخ المنطقة ككل ومن دونما أي مبرر !!

المثير للريبة أيضاً أيضاً ، أن ذات المنهج المدرسي (الذي يفترض به الأمانة العلمية) يطرح في منهج الصف الثاني المتوسط صورة مختلفة ومغالطة عن العراق والعراقيين ، حيث يظهر العراق من خلالها كهامش جغرافي عديم الملامح ضمن توليفة التاريخ العربي الإسلامي الذي يقدم العالم القديم وشعوب المنطقة وهيّ تعيش جاهلية مطبقة وهيّ بكل تأكيد جاهلية ملفقة لا تنطبق حتى على مكة التي كان يدين عامتها بالمسيحية الأبيونية (أنظر الكتاب الأكاديمي قس ونبي) ، كما يشيع ذلك المنهج المدرسي المغلوط جملة وتفصيلاً صورة مشوهة عن العراق (الذي يعتبر دونما جدال مهد الحضارة البشرية) ، حيث تصوره كمجرد إمتداد طبيعي مقتطع من الحجاز المتخلف فكراً ومجتمعاً (قياساً بالعراق الحضاري واقعياً).
الأنكى من ذلك ، أن ذات المنهج المدرسي (الوطني !!) الأعوج يقدم (الغزاة) الحجازيين بصورة (محررين) ، فيما يقدم سكان العراق الأصليين على أساس كونهم (عجم) ، ومفهوم الأعجمي (لمن لا يعلم) يعني من الناحية اللغوية وبكل بساطة (الأجنبي أو الدخيل) ، فهل هنالك ثمة وقاحة أو تجن أكثر من هذا !!!
الحق ، إن مثل هذا المنطق المخادع الحديث العتيق ليس بغريب على الحجازيين الغزاة ومن شابههم من وافدين سواء كانوا مهاجرين (الكورد) أو غزاة (الفرس والعرب والتركمان) ، وكدليل على ذلك قول أبن المعتز:

أفما ترى بلداً أقمت به           أعلى مساكن أهله خص
وولاته نبط (كلدان) زنادقة     ملأى البطون ، وأهله خمص ؟!!

حيث يعتبر أبن المعتز أهل العراق الأصليين (الكلدان) الذي يرجع تواجدهم (الموثق علمياً) في العراق عهدذاك إلى ما يزيد على 6200 عام بمثابة (غرباء !) ، بينما أعتبر الحجازيين الذين وفدوا بعد غزوة القادسية عام (637م) أهل البلد مع أن تواجد هؤلاء الغزاة الأجانب في العراق لم يكن ليتجاوز (200) المائتي عام !!
وهو ما يذكرني بما جاء في كتاب (العرب في التاريخ) للمستعرب السوري (شاكر مصطفى) حيث يعبر وبكل (سفاهة) عن موضوع طرد أهل إسبانيا الأصليين لخليط المحتلين المستعربة من بربر وأمازيغ وقبط وعرب على النحو التالي : (أما المرابطون في الأندلس فقد هزموا وأسلموها للإحتلال الإسباني) ؟!!

ومما يثير التقزز حقاً في مثل هذه الطروحات العروبوية الإسلاموية الإستعلائية الغبية ، أنها تلغي (وبقدرة قادر ومن دون وازع أخلاقي) التاريخ الوطني للشعوب ، وما يهمنا هنا عملية إستقطاع التاريخ الوطني العراقي ما بين تاريخ سقوط الدولة البابلية الحديثة وتاريخ إحتلال العراق من قبل الحجازيين الغزاة بعد (غزوة القادسية) وهو تاريخ عراقي محظ يجهله عامة العراقيين تماماً ، علماً أن ما بين التاريخين السابقين فترة تزيد على أثني عشر قرناً وتمتد إلى نحو (1211) عام من التاريخ العراقي (الكلداني - الوثني / المسيحاني) ، والذي كان العراق فيه (برغم عدم إستقلاله سياسياً) منارة للعلم ومشعل للحضارة في العالم القديم كله ، بل أن الغزاة الحجازيين لم يعطوا ظهرهم للبداوة ويسيروا في ركب التحضر والمدنية إلا عندما أعتمدوا الحيرة (حيرتا) والكوفة (الكوشيا) وكربلاء (كربة إيل) ودمشق (دمشقا) وبغداد (بل داد) المسيحية (ديانة) والكلدانية - الآرامية (لغة) مراكز لحكم دولتهم الناشئة .
والحق أن هذا ينطبق تماماً على الأخوة الكورد الذين لم يعرفوا على طول تاريخهم غير حياة البداوة ولم يعرفوا التمدن والحضارة إلا بعد إحتلاهم مع مطلع العام 1515م وبتشجيع عثماني للبلدات الكلدانية في شمال العراق (بيث نهرين) وبلدات أشقاءنا في تياري وحيكاري التي يتواصل إحتلالها حتى يومنا هذا.
أن ما يبعث اليوم على الدهشة والأسى هو إستمرار هذا النهج المرفوض والمتخلف ضمن الواجهات الثقافية والسياسية الرسمية حتى بعد أنهيار التيار العروبي الذي هيمن على العراق في العقود المنصرمة الآخيرة . الأنكى من ذلك أن كورد العراق وهم من ضحايا عمليات تعريب وتتريك وتهميش الأمس صاروا اليوم يمارسون وبشكل إستعلائي ذات النهج الشوفيني المريض وبخاصة إزاء سكان العراق الأصليين (الكلدان) متناسين أو متجاهلين حقائق التاريخ الدامغة .

وعوداً على بدء ، لو حاولنا أن نستقرأ تاريخ توثيق المنجز العراقي الثقافي بشكل عام والتشكيلي بشكل خاص لوجدنا هيمنة غريبة لذات المنطق المشوه وعلى كافة المستويات الرسمية ، إذ ليس هنالك (على الإطلاق) ما يوثق أو يشير صراحة أو علنية لمنجز أهل العراق الأصليين (الكلدان) أو يهود العراق في كتب تاريخ الفن الحديثة المطبوعة في البلدان الناطقة بالعربية ، حيث لا تتعدى آفاق تلك الكتب الإنتقائية حدود التاريخ العربي الإسلامي القصير قياساً بعمر العراق العريق .
من البديهي أن مثل هذا الإستقراء إنما سيكشف لنا هزالة المنطلق العروبوي الإسلاموي المريض الذي يتحكم بمناهج التدريس في البلدان الناطقة بالعربية ، ويعمل وبشكل متواصل منذ عقود على غسل أدمغة العامة ، مما أدى إلى إقصاء (منجز العراقيين من غير العرب أو غير المسلمين) من كافة مناهج التعليم المدرسي ، وبديهي أن مثل هذا التوجه المرفوض علمياً وأخلاقياً لا يسعى إلا إلى إقتلاع هوية العراقيين الأصليين وحرمانهم من عراقيتهم ، مع أن أية مراجعة سريعة لعصر هيمنة الدولة العربية الإسلامية في العراق لتظهر لنا وبشكل جلي بأن معظم أدباء وفناني وعلماء بني العباس كانوا ذو أصول رافدية ، هذا علاوة على أن رسوم وزخرفات الكنائس والأديرة وتزويقات الوراقين على طول التاريخ المسيحي في العراق إنما تشهد لنفسها ، ناهيكم عن أسلوب العمارة الرافدية الذي طبع بناء الدور البابلية (المعروفة بالبغدادية ذات الشناشيل) وكذلك تصميم وبناء دور العبادة المسيحية والإسلامية ولاسيما في القباب الذهبية والعقود نصف الدائرية ، بل أن ملوية سامراء (شمرم الكلدانية البابلية الأصل) هيّ أساساً من تصميم المعماري الكلداني والوزير العباسي (دليل بن يعقوب النصراني) ، كما لا يخفى على الباحث المتخصص أن أسلوب التغليف بالقاشاني إنما تعود أصوله إلى تقنيات وطرائق تغليف بوابة عشتار وقصر نبوخذنصر في بابل .
وحري بالذكر هنا ، أننا إذا ما وضعنا جانباً الأصل الرافدي للمنجز الثقافي (العربسلامي) خلال سنوات حكم الدولتين الأموية والعباسية في العراق والتي لا تتعدى (627) عاماً ، وأستثنينا المنجز الأدبي العراقي سواء في مجال الشعر والرواية منذ مطلع القرن العشرين ولاسيما الملحمتين الحديثتين (يزداندوخت الشريفة الأربيلية / القس سليمان الصائغ -ط1934م) ، (شميرام / ميخائيل أورو - ط1958م) والتي لا نجد أثر لهما في كتب التوثيق والفهرسة العراقية ، فأن ما يهمنا في موضوعنا هنا هو تسليط الضوء على المنجز العراقي في مجال الفن التشكيلي الذي أستخدمت فيه أبشع أساليب الإحتواء والإلغاء والتجيير بحق أهل العراق الأصليين (الكلدان) والأثنيات الأخرى من غير العرب وبخاصة يهود العراق وهيّ مسلمة وبديهية لا تتطلب المحاججة.

فمنذ منتصف ستينات القرن المنصرم وتحديداً بعد هزيمة حزيران والفنانين التشكيليين الكلدان (أحفاد حضارتي بابل وآشور) يعانون من تجاهل المؤسسة الرسمية ، مع أن ذلك لم يمنعهم مطلقاً من العمل يد بيد مع زملائهم الفنانين العراقيين من أجل تأسيس هوية فنية عراقية ، ومما ساعد على ذلك عدم إكتراث الفنانين التشكيليين العراقيين المنفتحين أنفسهم بتوجهات المؤسسة الرسمية التمييزية المريضة ، فقد كان هدف الفنانين جميعاً هو توسيع قاعدة الفن التشكيلي في العراق ونقل الفن العراقي إلى آفاق رحيبة وجديدة ، مما أدى إلى أن يتبوأ الفن التشكيلي العراقي المكانة الفضلى بين دول الشرق الأوسط قاطبة خلال بضعة عقود حسب.
لكن آثار الإيديولوجيات (العروبوية) المنقولة عن (مصر العروبة !!) و(سوريا البعث العربي !!) وكتابات وترجمات (الموارنة المستعربة) أثرت وبشكل فاعل في رسم ملامح الوسط التشكيلي الرسمي العراقي مع هيمنة حزب البعث على العراق ، وبخاصة بعد حرب تشرين الخائبة التي أنعكست آثارها سلباً على الواقع التشكيلي العراقي ، حيث تأكدت وتمنهجت تلك الرؤية السياسية العروبوية الإلغائية المنغلقة ولاسيما في دهاليز المؤسسة الفنية الرسمية وبشكل مقرف ، وسرعان ما ترسخت إبان هيمنة صدام (المهوس بعبد الناصر) على مقدرات الأمور في العراق مع مطلع العام 1979م ، ثم أستفحلت بعد الإنقلاب الدموي على الجبهة الوطنية وتصفية القوى اليسارية المنفتحة ، أنظر مقالتي الموسومة (الثابت والمتحول في الفن التشكيلي العراقي).

ومع أن معظم الفنانين التشكيليين العراقيين الذين واصلوا عملهم الإبداعي في العراق لم يكترثوا كما أشرت آنفاً بتلك الخزعبلات التي لا تمت إلى الفن الحقيقي بإيما صلة ، إلا أن المؤلم حقاً ،أن جعبة البعض من النقاد المعروفين كانت خالية تماماً من أية معرفة تتعدى حدود خلفياتهم (غير المرنة تجاه الآخر) وأعني هنا بهم (تحديداً) هؤلاء النقاد الكبار الذين لا غبار على أستاذيتهم في عالم الكتابة والذين لم تخل صحيفة عراقية من مقالاتهم وتنظيراتهم ونقدهم وتوثيقهم لأهم تفصيلات المشهد التشكيلي العراقي ، مع ذلك فقد فاتهم لسبب أو لآخر أن ينظروا لأبعد من أرنبات أنوفهم .
ولعل الفلسطيني الأصل (جبرا إبراهيم جبرا) المتمكن أصلاً في عالم الترجمة والذي تحول إلى الإسلام بعد زواجه من أمرأة سنية ثرية ؟! ، كان (كما ذكرت في مقالة سابقة) واحداً من أخطر الذين رسخوا للأفكار (التمييزية) على أسس (عرقية ومذهبية) ، ويكفي الإستشهاد بكتابيه الموسومين (الفن المعاصر في العراق /حركة الرسم) و(جذور الفن العراقي) الذي تجاهل فيهما عن قصد ونية مبيتة ذكر الفنان التشكيلي العراقي الرائد (عزرا حيا) الذي يعتبر دونما جدال أحد أعمدة الحداثة في الفن التشكيلي العراقي والفنان العراقي الوحيد الذي يمتلك متحف اللوفر واحدة من لوحاته ضمن مجموعة الفن العالمي ، إضافة إلى معرفة جبرا وأبناء جيله بمكانة عزرا حيا التي أهلته للفوز بالجائزة الأولى للرسم في أول معرض فني عراقي أقيم عام 1932م في حديقة المعرض في الباب المعظم وهو المعرض الزراعي الصناعي الأول (معرض بغداد الدولي فيما بعد) .
ومثلما فعل جبرا ذلك مع (عزرا حيا) لكونه (يهودي) ، فإنه قابل إحسان صديقه والأخ الروحي لجواد سليم الفنان التشكيلي الرائد عيسى حنا (المسيحي الكلداني) بالإساءة والتجاهل (وهو ديدن اللؤماء) ، على الرغم من معرفة جبرا بأن عيسى حنا كان أول فنان تشكيلي عراقي يدخل تقنية الطباعة الفنية بالشاشة الحريرية (Silk-Screen) إلى العراق ، وذلك بعد تخرج عيسى حنا عام 1951م من جامعة سيركوزي / نيويورك ، كما أن عيسى حنا مع زميله أكرم شكري (بالإستعانة بالمصور الفوتوغرافي أكرم مجيد) كانوا أول مجموعة تؤسس عام 1940م (جمعية أصدقاء الفن) التي تعد أول تجمع فني مهني في تاريخ العراق الحديث وهيّ أصلاً من بنات أفكار أكرم وعيسى ، ناهيكم عن أن عيسى حنا هو الذي علم جبرا (الغريب الوافد إلى بغداد) أصول الرسم ، وأستضافه في بيته لمدة ستة أشهر ، عرفه خلالها على الوسط التشكيلي العراقي وقدمه لمؤسسي الحركات الفنية العراقية المهمة كجواد سليم وفائق حسن وعطا صبري وغيرهم !!

ولركوب جبرا موجة البعث العروبي ، فقد تجاهل عن عمد منجز النحات التركماني الرائد فتحي صفوت قيردار (1896-1966م) ، الذي حاز على الجائزة الأولى للنحت عام 1932م وذلك في المعرض الزراعي الصناعي الأول ، فيما حصل جواد سليم على الجائزة الثانية (وهيّ معلومة غير دقيقة وردت في بيانات شاكر حسن آل سعيد وذاك لصغر عمر جواد وقتذاك) ، والفنان الرائد فتحي صفوت قيردار كما يعرف ذلك جيداً كل من عاصره كان أستاذاً مرموقاً في مادة النحت ، ناهيكم عن تدريسه لعدد كبير من الفنانين المعروفين منهم عطا صبري وحافظ الدروبي ومحمد غني حكمت ، ومع ذلك لم يحتو متحف الفنانين الرواد العراقي على أي عمل من أعماله ، مثلما تم تجاهله تماماً في المطبوع الخاص بالمتحف والذي صدر عام 1988م عن دائرة الفنون التشكيلية .
والحق أن هذا التجاهل والإهمال المقصودين كان مصير العديد من الفنانين العراقيين الكلدان والكورد والتركمان والأرمن الذين أغفلتهم كتابات النقاد العراقيين المعروفين بإستثناء كتابات (كاتب الموضوع) وكتابات أخرى محدودة للناقد (سهيل سامي نادر) الذي أنزوى في أواخر عقد الثمانينات عن الساحة التشكيلية تجنباً لملاحقات كلاب حراسة السلطة وعيونهم المبثوثة في مركز صدام للفنون (دائرة الفنون التشكيلية) ونقابة الفنانين .

وبرغم الحضور المؤثر والكبير للناقد والمعلم الجاد نوري الراوي ولاسيما في مجال التعريف بالفن التشكيلي ، فأنه لم يتناول في كتابه الموسوم (تأملات في الفن العراقي الحديث) عزرا حيا وعيسى حنا وفتحي صفوت قيردار وجميل إلياس وصالح القرغولي وسركيس ميساك ومحمد عارف وخضر جرجيس وإسماعيل خياط ومقبل جرجيس ، ومثله فعل شوكت الربيعي في كتابيه الموسومين (لوحات وأفكار) و(الفن التشكيلي في العراق) ، وينطبق هذا على نزار سليم الذي تجاهل ذات الأسماء في الكتاب الكبير المطبوع عام 1973م على هامش المؤتمر الأول للفنانين التشكيليين العرب (واقع الحركة الفنية التشكيلية العراقية) ، كما ينطبق أيضاً كلاً أو جزءاً على شاكر حسن آل سعيد في كتابيه الموسومين (البيانات الفنية في العراق) و(فصول من تأريخ الحركة التشكيلية في العراق) ، وبطبيعة الحال فقد إنتقل هذا التجاهل والتهميش (غير المبرر) إلى كتاب عقدي السبعينات والثمانينات أمثال عادل كامل ومي مظفر وفاروق يوسف وسعد هادي ، ربما بسبب الهوة التي أختلقها كتاب العقود التي سبقتهم ، مع أن ذلك لا يبرر على الإطلاق إنعدام أية محاولة جادة من قبلهم للبحث الحقيقي عن جذور الفن العراقي الحديث وهم الذين أشبعونا تحليلاً ونقداً وإستعراضاً لأعمال مدللي الواجهة الرسمية وعلى رأسهم (رافع الناصري وتلاميذه) والمهيمنين على دفة الحركة التشكيلية العراقية آنذاك ولاسيما (اسماعيل الشيخلي وعامر العبيدي).

أن مطالعة سريعة للمشهد التشكيلي العراقي عبر إستقراء آخر ما نشر حول الفن التشكيلي العراقي وبخاصة الكتاب الموسوم (Strokes of Genius: Contemporary Iraqi Art) من إعداد الخزافة ميسلون فرج ومساهمة إبراهيم رشيد وهناء مال ألله ورشاد سليم !! ، علاوة على المواقع المتخصصة بالفن التشكيلي العراقي ومنها موقع موسوعة الفن العراقي (www.iraqfineart.com) الذي تنشره وزارة الثقافة في جمهورية العراق وما يكتب أو ينشر في هذا المجال في المواقع العراقية غير المتخصصة ليصيبنا بالغثيان حقاً !
الوجوه التي رسخت لها المؤسسة الرسمية المقبورة هيّ ذات الوجوه المهيمنة اليوم مع بعض المساحيق التجميلية ، أما هؤلاء الفنانين السبعينيين والثمانينيين الذين يعرف الوسط التشكيلي العراقي جيداً حجم منجزهم الإبداعي ، والذين كان قدرهم برغم الأذى والملاحقة والتهميش (أن يتصدوا للفكر المقبور ويواجهوا أزلام المؤسسة الرسمية) من خلال مواصلة منجزهم الإبداعي حسب ، فأنهم (وهو ما يثير الدهشة حقاً) ما زالوا يعانون حتى لحظة كتابة هذا الموضوع من أهمال وتهميش زملاء الأمس ووسائل الإعلام التي لا تتعامل إلا مع أكداس المطبوعات والوثائق التي تطبل لجوقة فناني التمجيد ومزوقي صورة النظام الفاشي السابق .
الأنكى من ذلك تهافت عدد من الفنانين والكتاب العراقيين في بلدان الشتات وبدوافع منفعية وأخرى غير منطقية إلى إلغاء وتهميش حضور زملائهم الذين يشاركونهم محنة الإغتراب ، ولعل معرض الفن العراقي في واشنطن الذي أشرفت شخصياً على إعداده بتخطيط من لدن الملحق الثقافي العراقي الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الهادي الخليلي خير مثال على ذلك ، أنظر الرابط :
http://kaldaya.net/2007/3_DailyNews_March2007/March02_07_A2.html

إن ما يحتاج إليه الوسط التشكيلي العراقي من وجهة نظري كفنان وناقد وباحث مختص ، هو أن يتم تأليف لجنة من المتخصصين في مجال الفن التشكيلي العراقي ، تناط بهم مسألة توثيق الفن التشكيلي العراقي برؤية وطنية شمولية تتوخى الحيادية والدقة العلمية والحرص على إعطاء المهتمين عامة بالنشاط التشكيلي العراقي رؤية واقعية وبانورامية متعددة الزوايا في آن واحد، وهذا لن يكون ما لم نضع في حسابنا جميعاً (العراق) ومصلحته أولاً وقبل كل شيء.

عامر حنا فتوحي / الولايات المتحدة الأمريكية
فنان وناقد تشكيلي وإستشاري في مجال تاريخ وفنون وادي الرافدين
www.mesopotamiaartgallery.com

رئيس قسم الفنون التشكيلية / مجلة فنون 1980-1983م ، مدير القسم الفني للمجلة 1982-1983م
عضو مؤسس في (جماعة أفق) وكاتب البيان التشكيلي التحريضي (أتبع حلمك) عام 1986م
المدير الفني الأقدم لبيت الفنون والثقافة العراقية في الولايات المتحدة الأمريكية (Mesopotamia Art, History & Beyond)

13
روح متقدة ... على قاعة متحف الفن الحديث في أميريكا

معرض تشكيلي لعشرة فنانين محترفين كلدان


يسر المركز الثقافي الكلداني في ديترويت أن يقدم بالتعاون مع مجلس ولاية ميشغان للفنون والثقافة (MCACA) ومؤسسة ميسوبوتاميا / بيث نهرين (Mesopotamia Art History & Beyond) معرضاً جماعياً تحت عنوان روح متقدة (Enduring Spirit) ، ويضم هذا المعرض المهم مجموعة أعمال فنية منتخبة يترواح عددها (30) ، لعشرة فنانين محترفين كلدان من أجيال مختلفة ، تترواح ما بين جيل الرواد ممثلاً بالفنان الرائد عيسى حنا دابش (مواليد 1919 ) ، مروراً بجيل الستينات ممثلاً بالفنان الراحل الملون الكبير خضر جرجيس ( 1938-2006 ) ، إضافة إلى ثمانية فنانين آخرين من أجيال الثمانينات والتسعينات ومطلع القرن الواحد والعشرين وهم : ( مازن إيليا الشعاوي ، وقيس السندي ، ولفون عموري ، وباول بتو ، وفاروق القس بولص ، وسام سيلو ، وزهير شعوني ، وعامر فتوحي) .

يقام العرض على متحف الفن الحديث (MONA) في مدينة بونياك (Pontiac) للفترة من الثالث والعشرين من شهر آب حتى يوم الخامس عشر من شهر أيلول (August 23, 2007—September 15, 2007) ، ويعد يوم الخامس عشر من شهر أيلول يوم إحتفالي (كلداني بابلي عريق) ، حيث كان أسلافنا العراقيون القدماء يحتفلون فيه بعيد تجدد الحياة أو (يوم شجرة النخيل المقدسة) ، وسيتم بهذه المناسبة ، إقامة حفل ختامي يتم فيه إعطاء تصور عن واقع الحركة التشكيلية العراقية ودور التشكيليين الكلدان فيها ، كما ستوزع المشروبات المنعشة والنبيذ والأطعمة الخفيفة مجاناً .

ويسر المركز الثقافي الكلداني في ديترويت أن يتقدم  بهذه المناسبة المهمة لكافة الجهات والشخصيات التي (دعمت مادياً) هذا المعرض المهم بأسمى آيات الشكر والأمتنان وهم : مجلس ولاية ميشيغان للفنون والثقافة (MCACA) ، مؤسسة ميسوبوتاميا / بيث نهرين (Mesopotamia Art History & Beyond) التي أنشأها ويديرها الفنان التشكيلي المؤرخ عامر حنا فتوحي ، ورابطة الفنانين العراقيين (IAA) ، إضافة إلى الدعم الكريم من لدن الدكتور ديفد أيوب والدكتور عماد نقاش .


عامر حنا فتوحي / المشرف العام على المعرض
رئيس المركز الثقافي الكلداني في ديترويت

Amer Hanna Fatuhi, Art Exhibition Supervisor




ENDURING SPIRIT

The Chaldean Educational Center of America, in collaboration with the Michigan Council for Arts & Cultural Affairs (MCACA), and Mesopotamia Art History & Beyond (Learning Studio & Art Gallery), presents a selection of 30 artworks by pioneer, established, and emerging contemporary Chaldean artists living in Southeastern Michigan and countries around the world. Subjects common to Chaldean artworks include landscape, traditional scenes of popular life, love, family, war, exile, and politically or socially motivated themes.  In exploring their unique identity, Chaldean artists often include visual references to their Mesopotamian heritage, such as ancient pictographic symbols and cuneiforms or architecture, incorporate Chaldean or Arabic writing, or use Christian imagery.
The exhibit is particularly important because it includes works by the important pioneer artists Issa Hanna [Dabish] and Khuder Jirjees. Issa Hanna was a founding member of the first officially recognized artist organization "Friends of Art Society" in Baghdad in 1941. Approximately twenty art works by Issa Hanna were housed in the modern art component of the Baghdad Museum, before the museum was looted in 2003.   Khuder Jirjees one of the founders of the 60’s art group Adam & Eve taught courses on color at the College of Fine Arts in Baghdad for several years. In his works, he often used a palette knife to create broad landscapes of color. In the early 90’s, he began to slowly lose his eyesight due to inadequate medical care caused by the sanctions. But he continued to paint, declaring that he could feel color and recognize the harmony of colors by touch.
The other participating artists include: Mazin Elia Al Shaawi, Qais Issa Al Sindy, Lavon Ammori, Paul Batou, Farouk Kaspaules, Sam Selou, Zuhair Shaaouni, and Amer Hanna Fatuhi. These artists have earned recognition for their artworks and their great contributions to their respective fields.
Chaldean artists have faced many challenges, such as discrimination, opposition to free expression, war, and displacement to new countries. At the same time, they demonstrate a complete commitment to art. Their works express a sadness common to contemporary Iraqis, but also the resilience of the Iraqi spirit. This exhibit is particularly relevant considering current events. This is a critical time to present the art of the native Iraqis and acknowledge a shared humanity across all cultures.
 

Lavon Ammori, Art Exhibit Organizer


To learn more about MONA the Museum of New Art and its director Jef Bourgeau, kindly visit MONA at: www.detroitmona.com
 
MONA is located at:
7 N. Saginaw St.
Pontiac, MI 48342
 
T. 248.210.7560
Thursday, Friday, & Saturday 12:00 N-5:00 PM

14
في هذه الظروف الحالكة الظلمة التي تمر على شعبنا العراقي عامة وأبناء الطائفة المسيحية وبقية الأطياف الدينية الصغيرة المبتلاة بأمراء الدم والجريمة والجهالة والتخلف والظلام ، ربما يتسائل البعض عن جدوى نشر موضوع عن (علم العراق) في الوقت الذي تهتك الأعراض فيه وتنتهك الحرمات وتستباح المقدسات ويذبح البشر من الوريد إلى الوريد مصحوبة بزعيق التكبير والتهليل مرضاة (لدين ألله ؟!!) الذي ينادي به الظلاميون الديناصوريون الذي يفتكون بالعراق وأهله المستضعفون بغض النظر عن دينهم أو إنحدارهم العرقي ، فكل عراقي هدف للذبح في دولة اللادولة واللاقانون.

الحق أن نشر مثل هذه المواضيع لازم تماماً ، وذلك لكي لا يتهم أحد في يوم ما أبناء أمتنا الكلدانية (سكان العراق الأصليون) أو شعبنا العراقي المسيحي عامة بأننا غير حريصين على المشاركة في بناء العراق أسوة ببقية أبنائه النجباء ، ولكيما نفوت الفرصة على مثل تلك الإتهامات الباطلة التي تكال لنا جزافاً في كل حين يميناً ويساراً ، قررت أن أنشر هذا الموضوع بطلب من بعض المسؤولين الروحيين والعلمانيين في الولايات المتحدة ممن يتميزون ببعد النظر وسعة الأفق علاوة على معرفتهم بتفاصيل مشروعي هذا منذ سنوات . وبرغم يقيني التام ويقين الذين طالبوني بنشر هذا الموضوع ، بأننا هنا كمن (ينادي ولا حياة لمن ننادي). ذلك إن كان نظام الطغيان السابق الذي لم يفرق في أذاه بين مسلم ومسيحي أو بين عربي وكردي وكلداني وبقية الأطياف العراقية المتآخية الأخرى قد قام بغبني من خلال إلغاء (مسابقة علم العراق) لمنتصف الثمانينات من القرن المنصرم (لإسباب تمييزية- فكرية قومية عقائدية) ، فما الذي يمكن أن نتوقعه اليوم في ظل غياب كامل للدولة العراقية ومؤسساتها المدنية ، حيث يستباح الدم العراقي وتنتهك الأعراض على مرأى ومسمع من رجال الدولة وعسسها ، وفي ظل جور لم يعرف المسيحيون مثله حتى في ظل (القوانين العمرية) السيئة الصيت.
ليس لنا في أيام المحنة السوداء هذه إلا أن نقول : لك ألله يا عراق ولكم ألله يا أخوتنا في العراق على تنوعنا الجميل ، العراق باق والطغاة زائلون إن عاجلاً أم آجلاً ، الحياة أبقى وأنقى وهم محض هباء.

علم العراق (الوطني) الذي نريد

* عامر فتوحي *
مدخل تاريخي :

في الثلاثين من شهر تشرين أول عام 1918م توقف العمل في العراق بإستخدام علم الدولة العثمانية الذي كان يتألف من مستطيل أحمر مع هلال ونجمة خماسية باللون الأبيض ، حيث أستبدل إبان الإنتداب البريطاني على العراق بالعلم البريطاني وذلك للفترة من 30 تشرين أول عام 1918م لغاية العاشر من شهر كانون الثاني 1919م ، وأستبدل الأخير بعلم الحجاز المعروف أيضاً بأسم (علم الثورة العربية) وهو العلم الذي رفعه الشريف الحسين في ثورة الحجاز عام 1916م حتى أستقر المقام به في دمشق . ويتألف علم الحجاز من ثلاثة مستطيلات أفقية هيّ من الأعلى إلى الأسفل الأسود فالأخضر فالأبيض يخترقها من من جهة اليسار إلى اليمين مثلث أحمر قاعدته في الجهة اليسرى ومقدمته تتجه نحو اليمين ، وفي عام 1924م أعتمد علم المملكة العراقية الذي شهد تحويراً بسيطاً لعلم الحجاز ، حيث أعيد ترتيب المستطيلات الأفقية الثلاثة فوضع الأبيض بين المستطيل الأسود العلوي والأخضر السفلي فيما تم قص مقدمة المثلث الأحمر ووضعت نجمتان سباعيتان ترمزان لألوية (محافظات) العراق الأربعة عشر آنذاك ، وقد أستمر العمل بهذا العلم حتى يوم 31 تموز عام 1959م ، حيث أستبدل بعلم الجمهورية العراقية الأولى (ثورة الرابع عشر من تموز لعام 1958م) ، والذي كان بدوره تحويراً لعلم المملكة العراقية ، حيث تم تدوير علم المملكة العراقية بزاوية 90 درجة فأصبحت الألوان الأفقية عمودية وعلى النحو التالي : الأخضر من اليمين ثم الأبيض في الوسط والأسود في اليسار ، فيما ألغي المثلث المقطوع الرأس وأستبدلت النجمتان بنجمة مركزية ثمانية باللونين الأحمر والأصفر ، وقد بقي هذا العلم في الإستخدام حتى 31 تموز عام 1963م ، حيث أستبدل بعلم البعثيين الذي مزج بين ألوان علم ثورة الحجاز وأهداف حزب البعث البائد (وحدة حرية أشتراكية) ممثلة بثلاث نجمات خضراء ، وبدلاً من من تفسير الألوان بحسب تفسيرات علم الحجاز الطائفي وعلم الجمهورية الأولى الذي تم التأكيد فيه على القومية العربية والأفكار العروبية حسب ، فقد فسرت ألوان علم البعثيين ببيتين من الشعر من نظم الشاعر العراقي صفي الدين الحلي يقول فيهما : بيض صنائعنا ، سود وقائعنا ... خضر مرابعنا ، حمر مواضينا ، وفي الثالث عشر من شهر كانون الثاني عام 1991م أضاف الدكتاتور السابق صدام حسين بخط يده عبارة التهليل (ألله أكبر) !!

مدخل للمشروع :

في عام 1985 / 1986 دعت لجنة تابعة لديوان الرئاسة عن طريق دائرة الفنون التشكيلية كافة الفنانين التشكيليين العراقيين والمهندسين المعماريين لتصميم علم وطني جديد للعراق ، فقمت بتقديم تصميمين أبعد أحدهما (B) لعدم توافق الألوان المستخدمة فيه مع شروط المسابقة التي أشتملت على ما يزيد من ألف تصميم ، فيما ترشح تصميمي الآخر لعام 1985م (A) مع تصاميم عدد من الفنانين العراقيين المعروفين إلى المرحلة النهائية ، ثم رشح التصميم (A) فيما بعد من قبل لجنة متخصصة للمرتبة الأولى ، ولأسباب طائفية وعنصرية متخلفة لا تخفى على الكثيرين تم إلغاء المسابقة بأمر من صدام حسين شخصياً عبر واجهة المجلس الوطني.

في عام 2004م أرسلت عن طريق الإعلامي المعروف الدكتور صفاء صنكور (وبمبادرة شخصية مني) مقترح علم العراق الوطني الجديد (تصميم عام 2002) آخذاً بنظر الإعتبار التأكيد على الجوانب الوطنية التي تخص كل العراقيين وإهمال الجوانب ذات الخصوصيات الدينية أو العرقية (1) ، كما أرسلت ذات المقترح للسيد عبد الحميد الكفائي الناطق الرسمي لمجلس الحكم الإنتقالي الموقر (أنظر مقترح علم العراق الجديد رقم 1) .

وفي يوم 28 آذار عام 2004م أتصلت بي إذاعة ال (BBC) للتحدث على الهواء عن مبادرتي تلك لمقترح علم العراق الجديد (C) ، وكان من ضمن المشاركين في الحوار السيد رئيس الجمهورية العراقية الموقر الأستاذ جلال الطالباني ، كما شارك في اللقاء الذي بثته الإذاعة البريطانية على الهواء المؤرخ المعروف عبد الرزاق الحسني والسياسي العراقي المقيم في بريطانيا الأستاذ السامر علاوة على رئيس الفرقة السمفونية العراقية أو ملحن النشيد الوطني العراقي . وفي ذلك البرنامج الذي بث مباشرة على الهواء منحت الفرصة لكي أكون أول المتحدثين (بصفتي مصمم علم العراق الجديد) تلاني في الحديث سيادة الرئيس مام جلال الطلباني .

إلا أن المفاجأة الكبيرة والغريبة حقاً  هو حدثت بعد ما يزيدعلى شهرين من تلك المقابلة الموثقة في إذاعة ال (BBC) ، حيث تم دونما مسوغ فني أو أخلاقي إهمال التصميم (1) الذي كنت قد نفذته برؤية وطنية عراقية وحرفية عالية (أنظر أسفل الموضوع المقترح رقم 1) ، الأنكى من هذا وذاك ، كان في إعتماد مجلس الحكم الإنتقالي المؤقت لتصميم لا يتعدى في أفضل الأحوال أن يكون أكثر من تحوير مغرض لواحد من تصميميّ المقدمين لمسابقة عام 1985م وهو التصميم (B) المثبت في نهاية الموضوع والمنشور منذ عام 2000م في الصفحة الثالثة من موقع علم الكلدان ومواقع عراقية أخرى ، ولكن التصميم نسب هذه المرة إلى أحد المهندسين المعماريين المعروفين ، الذي قام إما بإعتماد نسخة التصميم (B)  المتواجدة في وزارة الحكم المحلي أو بتدوير تصميمي للعلم المنشور في موقع علم الكلدان بزاوية 90 درجة وإستبدال الشمس العراقية بالهلال ، وعندما أعترض الجانب الكوردي تم إضافة اللون الأصفر ما بين الخطين الأزرقين ؟!

الغريب والمريب هنا أن إعتماد مجلس الحكم لذلك التحوير المتخلف لتصميمي المعروف لعام 1985م كان مجحفاً وتمييزاً بحقي في نقطتين رئيستين :
1- لم يتم إعلامي بشكل واضح حول موقف مجلس الحكم الإنتقالي من مبادرة مقترح تصميمي لعلم العراق الذي تم تناوله على الهواء .
2- أن إجراء أي تعديل على تصميم موثق وغير مصرح بالتلاعب به كالتصميم (B) الموثق في وزارة الحكم المحلي العراقي والمسجل فيدرالياً في الولايات المتحدة دون إستشارتي يعد تجاوزاً أخلاقياً وخرقاً قانونياً فاضحاً لحقوق الإبتكار .

في عام 2005م أرسلت عن طريق البريد الألكتروني رسالة إلى السيد وزير الثقافة الأستاذ مفيد الجزائري المحترم نشرت هذه الرسالة فيما بعد على موقع عنكاوا ، كما أرسلت بذات التاريخ طرداً بريداً تم تسليمه إلى مدير مكتبه السيد كامل شياع الذي قام بتسليمه شخصياً إلى سيادة الوزير ، وقد أحتوى ذلك الطرد البريدي على نماذج بحجم كبير لتصميمي علم العراق (المقترحان 1&2) إضافة إلى مقترح شعار الدولة العراقية (Iraqi Emblem) بحجم كبير، وبرغم (رسالتي المفتوحة إلى السيد الوزير) والمنشورة على موقع عنكاوا وبرغم متابعة بعض المثقفين العراقيين للموضوع في بغداد ، إلا أنني لم أستلم حتى لحظة كتابة هذا الموضوع ولو رداً متواضعاً من وزارة الثقافة العراقية أو أية جهة عراقية أخرى ؟!!

الأسباب الموجبة لإستبدال العلم البعثي المستخدم حالياً :

أن الغاية من أي علم وطني هو تمثيله الصادق لكل المواطنين بغض النظر عن خلفياتهم العرقية والدينية ، وهذا ما لا يتوفر في العلم الحالي للأسباب التالية :
1- تم إعتماد العلم المستخدم حالياً بتوصية من رئاسة حزب البعث العربي وتمثل النجمات الثلاثة أهداف الحزب وحدة حرية إشتراكية .
2- يميز علم البعثيين الحالي دينياً بين أبناء الوطن الواحد من خلال تأكيده على فئة طائفية واحدة متجاهلاً التنويعة الدينية الغنية للأطياف العراقية وحقها في المساواة .
3- يمثل العلم الحالي إستهانة النظام العروبي بالقيم الوطنية وبالتعددية العرقية للعراقيين مما يتعارض مع اللوائح الدستورية الوطنية وقوانين حقوق الإنسان المنصوص عليها في اللوائح الدولية ، كما يؤكد العلم الحالي على الممارسات العنصرية الإستعلائية المرفوضة .


مقترحي (علم العراق) لمسابقة عامي 1985-1986م ومقترح عام 2000م

التصميم (أ) لعام 1985م :
يتألف التصميم (أ) من خطين أفقيين عريضين أبيضين (دجلة والفرات) يحيطان من الأعلى والأسفل بمستطيل أفقي أخضر (واد بين نهرين)  ويتوسط المستطيل الأخضر الشمس الثمانية العراقية الرافدية العريقة (بالأحمر والأبيض) . وتمثل مجموع عناصر هذا الجزء من العلم حضارة وادي الرافدين القديمة. فيما يرمز المستطيل الأفقي الأحمر العلوي إلى تضحيات العراقيين وحيويتهم الخلاقة ، بينما يرمز المستطيل الأسود السفلي إلى (أرض السواد المعطاء) من ناحية وإلى إزدهار الحضارة العباسية من ناحية أخرى.

التصميم (ب) لعام 1985م :
يتألف التصميم (ب) من خطين أفقيين مستقيمين باللون الأزرق يمثلان نهري دجلة والفرات الخالدين فيما تعلوهما في مركز الفضاء العلوي للعلم الشمس الرافدية باللونين الأحمر والأصفر. وتدل الألوان الرئيسة الثلاثة (الأحمر والأزرق والأصفر التي تعد المصدر الطبيعي لبقية الألوان) على كون العراق موئل الحضارة الإنسانية ومنبعها.

تصميم عام 2000م :
عرض هذا التصميم الذي يتألف من ثلاثة مستطيلات بالألوان الأخضر والأبيض والأسود مع شمس رافدية تتوسط المساحة البيضاء عام 2000م على بعض الشخصيات العراقية والأحزاب الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ، ويمثل هذا المقترح في الواقع تطويراً لتصميم علم الدولة العراقية لعام 1959م ، ولكون علم العراق لعام 1959م لا يعد في الواقع أكثر من تدوير علم الثورة العربية بزاوية تسعين درجة مع تحويرات طفيفة ، فقد قمت بسحب هذا التصميم المعدل عن علم 1959م من المسابقات اللاحقة.


مقترح العلم الوطني العراقي الجديد (رقم 1)

يتألف العلم الوطني الجديد للعراق الحر من مستطيلين أحمر وأسود يتوسطهما مربع أبيض يحتوي على رمز العراق التاريخي (الإناء الفوار) باللونين الأزرق والأخضر .
يشغل المستطيلان الأحمر والأسود نصف مساحة العلم بينما يشغل اللون الأبيض الذي يتوسطهما النصف الآخر للعلم .

الألوان المستخدمة في العلم : هي الأحمروالأسود  والأبيض والأزرق وهي الألوان التي أستخدمها أسلافنا العراقيون في صروحهم الجبارة المسماة بالزقورات والتي يعدها العلماء اليوم ذروة العمارة في العالم القديم ومن أشهر تلك الزقورات (برج بابل) الذي يعد من عجائب الدنيا السبعة . أما اللون الأخضر المستخدم في الإناء الفوار فيرمز لوادي الرافدين رمز الخصوبة والحضارة والمدنية . بينما ترمز الحزمة اليمنى من المياه الفوارة لنهر دجلة الخالد وفروعه والحزمة اليسرى منهما لنهر الفرات الخالد وفروعه وترمز حزمتي المياه بمجموعها للتجدد والخيروالوفرة  والرفاهية التي يتميز بها العراق على مدى تاريخه الطويل .

ويرمز المستطيل الأسود إلى العراق الذي يوصف لكثرة خيراته بأرض (السواد) كما يشيراللون الأسود أيضاً إلى الحضارة العباسية الزاهرة وأيضاً إلى الصبروالتحمل ، بينما يرمز الأبيض إلى الصفاء والإنسجام وتآخي العراقيين ، كما يرمز الأحمر إلى حيوية العراقيين وطاقاتهم الخلاقة اللامحدودة وبالتالي ترمز الأشكال والألوان بمجموعها إلى العراق (الوطن .. الأرض والناس والتاريخ الزاهر) وبأنه مهد الحضارات وموئل المدنية .
وهي رموز تؤكد على المحبة والتسامح والتآخي والمساواة والإنتماء للهوية الوطنية العراقية العريقة .. التي تخص كل العراقيين على تنوعهم العرقي والطائفي ، ذلك أن العراقيين الأوئل هم دون جدال بناة الحضارة وأن العراق العزيز ( وطن كل العراقيين ) هو موئلها .



مقترح العلم الوطني العراقي الجديد (رقم 2)

يتألف العلم الوطني الجديد للعراق الحر (عراق كل العراقيين) من مستطيلين أزرقين يتوسطهما مربع أبيض يحتوي على رمز العراق التاريخي الشمس العراقية بالألوان الأزرق والأصفر والأحمر .
يشغل المستطيلان الأزرقان نصف مساحة العلم بينما يشغل اللون الأبيض الذي يتوسطهما النصف الآخر للعلم .

الألوان المستخدمة في العلم : هي الأحمروالأصفر والأزرق  والأبيض .

يرمز المستطيلان الأزرقان إلى نهري دجلة والفرات الذين ينبعان من الشمال ويصبان في الجنوب واللذين يرمزان بدورهما للخصوبة الدائمة والتجدد والحياة ، بينما ترمز الخلفية البيضاء للصفاء والإنسجام وتآخي العراقيين ، أما الشمس العراقية فتتألف من الألوان الثلاثة الرئيسة (الأحمر والأصفر والأزرق) دلالة على أصالة الحضارة العراقية التي تعد مهد الحضارات البشرية وموئل المدنية .
ويؤكد هذا التصميم الذي يربط ما بين عراقة التاريخ العراقي ومستقبله المشرق بإيجاز : (إشراقة شمس الحضارة العراقية على بلاد ما بين النهرين) .


مقترح شعار الدولة العراقية الجديد

يتألف شعار الدولة العراقية المقترح رمزيين وطنيين رافديين عريقين برؤية معاصرة هما الشمس العراقية و(الإناء الفوار) شعار وادي الرافدين القديم .

الألوان المستخدمة في الشعار : هي الألوان الرئيسة الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر ، مع ألوان تكميلية هيّ الأسود  والأبيض والذهبي (يمكن الإستعاضة عن الألوان التكميلية بألوان مأخوذة من مجموعة الألوان الأربعة الرئيسة) .

يتألف الشعار من الشمس العراقية بالألوان الثلاثة الرئيسة (الأحمر والأصفر والأزرق) ، حيث تدل الألوان الرئيسة التي تشتق منها بقية الألوان على أصالة الحضارة العراقية التي تعد مهد الحضارات البشرية وموئل المدنية .
أما الداخل فيتألف من كفين متداخلتين تحتضنان الإناء الفوار الذي يرمز للعراق ، فيما ترمز حزمتي المياه اليمنى واليسرى للنهرين الخالدين دجلة والفرات . والتصميم بمجموعه يدل على تآخي العراقيين وتكاتفهم وإحتضانهم للعراق بلد الخيرات والخصوبة والتجدد والحياة ، الذي يشرق بشمس حضارته الأصيلة على كل البشرية منذ مهد التاريخ .


إنتباهة
نشرت مقترحات علم العراق هذه منذ عام 2000م في العديد من المواقع الإلكترونية والصحف العراقية الصادرة في المهجر ومنها موقع (علم الكلدان) وموقع (أوراق عراقية) وموقع (عنكاوا) وموقع (أكد) ، ومن الصحف العراقية التي أفردت صفحات كاملة لنشر هذه التصاميم مرفقة بشروحاتها أو مقابلات مع الفنان عامر فتوحي (كاتب الموضوع) حول تصاميمي هذه لعلم العراق ، أذكر مجلة (الشمس) وصحيفة (ديترويت الشرق الأوسط) في الولايات المتحدة وجريدة (أكد) في كندا. لمعرفة المزيد عن هذه التصاميم وبعض ما كتب عنها باللغتين العربية والإنكليزية يرجى زيارة الصفحة الرئيسة (Art Plus) لموقع الفنان فتوحي : (www.amerfatuhiart.com).

PS. All these  suggested designs were published since 2000 on many Iraqi web sites and papers, among them (www.chaldeanflag.com), (www.iraqipapers.com), (www.ankawa.com), (www.akkad.com), along with Detroit Middle East paper, The Sun  magazine in the USA, and Akkad paper in Canada.


بسبب مواقفي المعارضة للنظام السابق على الصعيدين الفكري والثقافي ، فقد تم سحب جنسيتي العراقية عام 1996م وحكمي غيابياً بالإعدام لثلاث مرات ، نشرت هذه الأحكام في مطبوعات منظمة العفو الدولية في لندن وكذلك في صحف المعارضة العراقية .

PS. Due to my opposing stands against the former regime in regards to many ideological and cultural matters, my Iraqi citizenship was withdrawn in 1996 and I was sentenced to death in absentia three times. Those convictions were published on the International Pardon Organization Publications in London and Iraqi opposition newspapers.
 

15
أمريكا تشهد إختتام المعرض الرائع (عراق متعدد الألوان)

THE MANY COLORS OF IRAQ
MESOPOTAMIA
(Art, History & Beyond)
Ferndale, MI ( April 14 / May 18, 2007

ترى ما هيّ حقيقة مايحدث اليوم في العراق ومن هم يا ترى العراقيون الحقيقيون ، هنالك ثمة طرق متعددة للإجابة على أسئلة من هذا النوع ، لكن أفضلها عادة ما يكون من خلال العمل الفني . لقد كان العمل الفني على مدى العصور المرآة الحقيقية للإنسان ومحيطه، وعلى ما يبدو فأن هذا الأمر لم يتغير البتة، وليس هنالك ثمة ما يوحي بتغير هذا العامل المهم في المستقبل ، ذلك أن الفن هو الخلاصة الروحية والمادية للمجتمعات بدائية كانت أم موغلة في التقدم.

قاعات مركز ميسوبوتاميا / بيت الثقافة والفنون العراقية (MESOPOTAMIA Art Gallery) في مدينة فرينديل التي عودت الجمهور الأمريكي والعراقي على حد سواء على إقامة العروض التشكيلية المتميزة بجديتها ورقيها ، شهدت في يوم الثامن عشر من شهر أيار وبمناسبة الإحتفال بيوم (العلم الكلداني) عرضاً فنياً كبيراً وذلك إحتفالاً بإختتام المعرض الفني الكبير (عراق متعدد الألوان) الذي سبق إفتتاحه في يوم الرابع عشر من شهر نيسان المنصرم ضمن واحدة من النشاطات الإحتفالية بمناسبة رأس السنة الكلدانية 7307ك. والذي كان الهدف منه إعطاء تصور حضاري واضح وأمين عن واقع الإنسان العراقي (ذو قلب الذهب) وتحديه للمتغيرات المأساوية التي إبتلي بها ، بشكل لم يعرفه أي بلد خلال العقود المنصرمة الأخيرة.
ومن أجل التعريف الصادق بحضارية العراق والعراقيين بناة أول الحضارات البشرية وموئل المدنية ، فقد تم إنتقاء مجموعة من الأعمال الفنية لعدد كبير من أهم الفنانين التشكيليين العراقيين الرواد والفنانين الستينيين ومن أجيال أخرى لاحقة في مجال (الرسم والنحت والسيراميك والكرافيك) وفي مقدمتهم الأستاذ الرائد عيسى حنا دابش الذي تعود أولى مشاركاته إلى المعرض الزراعي الصناعي الأول الذي أقيم في بغداد عام 1936م، كما شارك في هذا المعرض المهم الفنانون الستينيون الكبار علي طالب ومحمد مهر الدين وإسماعيل خياط إضافة إلى أعمال الراحلين الكبيرين خضر جرجيس وزياد مجيد حيدر ، كما شارك من كندا الفنان فاروق القس بولص ومن إسبانيا الفنان محمد حسين عبدألله ومن هولندا برهان صالح كركوكلي ، ومن العراق وسام مرقص ، قيس السندي ، روش بنيامين ومازن إيليا ومحمود العبيدي وفاضل طعمة ، ومن الولايات المتحدة باول باتو وجوان يونو وجوزيف يوسف وعلاء هرمز وسلافة رومايا وسام سيلو وسوزن جعدان وزهير شعوني ، إضافة إلى المديرين الفنيين للمركز الفنانة الكاتبة (لفون عموري) والفنان المؤرخ (عامر فتوحي) .

كما أفتتح على هامش معرض (عراق متعدد الألوان) معرض فنان الرسم بالطوابع باسل عوديش في الإستوديو الخاص به في مبنى مركز ميسوبوتاميا ، وقد ساهم الفنان الموسيقي رعد بركات (متبرعاً) بعزف عدد من المقطوعات التراثية العراقية على آلة العود.

وقد تلقى مركز ميسوبوتاميا العديد من الرسائل الإلكترونية والبريدية ونداءات التهنئة ، وكان على رأس المهنئين سيادة الملحق الثقافي العراقي في واشنطن الأستاذ الدكتور عبد الهادي الخليلي الموقر ، والسيد رمزي دلو رئيس منظمة الحزب الديمقراطي الكلداني الأمريكي ، والعديد من الشخصيات.
ومن الجدير بالذكر أيضاً ، حضور العديد من ممثلي المنظمات والأحزاب العراقية بشكل عام والكلدانية بشكل خاص للحفل الختامي لمعرض (عراق متعدد الألوان) ومنهم الأتحاد الديمقراطي العراقي ممثلاً بالسيد عامر جميل والسيد كمال يلدو ، والبيت الثقافي العراقي ممثلاً برئيسه الدكتور ديفد أيوب ، وحزب الإتحاد الديمقراطي الكردستاني (يكتي) من خلال ممثله في ميشيغان السيد فريد متي ، والمنبر الديمقراطي الكلداني ممثلاً بالسادة قيس ساكو وفوزي دلي وساهر يلدو وشوقي قونجا والأخيرين حضرا أيضاً ممثلين عن إذاعة صوت الكلدان ، والسيد حميد مراد رئيس جمعية حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية ، علاوة على العديد من الشخصيات الأكاديمية والثقافية ومنهم الأكاديمي الدكتور شاكر كوركيس والكاتبة الروائية وئام نعمو الأستاذة الأمريكية سو مادونا المتخصصة باللغة الكلدانية والكاتب الكلداني المعروف الشماس كوركيس مردو.

والحق أن يوم الثامن عشر من شهر أيار لعام 2007م كان واحداً من أنجح الأيام الإحتفالية لمركز ميسوبوتاميا (بيث نهرين) ، إذ علاوة على الجمهور الحاشد من عراقيين وأميريكان الذين حضروا هذا العرض الختامي فقد تم بمناسبة إقامة معرض (عراق متعدد الألوان) المهم هذا إجراء لقاءات موسعة عديدة مع الفنانين المشاركين المتواجدين في الولايات المتحدة وشخصيات منتقاة ممن حضروا المعرض ، وذلك من قبل وسائل الإعلام في المهجر الأمريكي الكندي التي حضرت المعرض بكثافة والتي تنوعت بين قنوات تلفزيونية وإذاعية وبين الصحف الدورية من جرائد ومجلات حضر بعضها خصيصاً من كندا ، ومنها :

التلفزيون العراقي الكلداني الأمريكي (ICA TV)
فضائية عشتار
إذاعة صوت الكلدان
إذاعة صوت الغد (ICA - Voice of Tomorrow Radio)
إذاعة الشرق الأوسط
مجلة أخبار الكلدان - (Chaldean News)
مجلة الحقيقة
مجلة شمس المهجر
مجلة القيثارة
جريدة ديترويت تايمز
جريدة الحقيقة
جريدة شمس الحرية
جريدة أكد (كندا)
جريدة صوت الحرية
جريدة نينوى (كندا)
مندوبين ومراسلين عن مواقع كلدانية ومواقع عراقية أخرى.

ولربما قد يتسائل البعض ممن ليس له إطلاع على ماهية إحتفالات رأس السنة الكلدانية (أكيتو) ، لذلك يهمنا أن نوضح هنا بأن (إحتفالات أكيتو) هيّ أقدم الإحتفالات الوطنية في بلاد وادي الرافدين (العراق القديم / بيث نهرين) ، حيث بدأ الإحتفال بها في عاصمة الكلدان الأولى (أريدو) والتي يرجع تأسيسها إلى عام 5300 ق.م. وتقوم الأحزاب والمنظمات القومية والثقافية والإجتماعية الكلدانية (إبتهاجاً بهذه المناسبة العراقية العريقة) بالإحتفال برأس السنة الكلدانية إبتداء من الأول من شهر نيسان حتى الحادي عشر منه من كل عام . لمعرفة المزيد حول (قاعات مركز ميسوبوتاميا / بيت الثقافة والفنون العراقية) ومشاركاته في إحتفالات أكيتو أو لإقتناء الأعمال الفنية الأصلية (Original Art Works) يمكنكم زيارة موقع المركز على العنوان الإلكتروني: www.mesopotamiaartgallery.com

وبمناسبة إختتام معرض (عراق متعدد الألوان) ، لا يسع كادر مركز ميسوبوتاميا إلا أن يتقدموا بالشكر الجزيل لكافة المؤازرين الذين ساهموا في تغطية بعض الأعباء المادية للمعرض وفي مقدمتهم رجل الأعمال الدكتور ديفد أيوب (Dr. David Ayoub - MCFS) ومنظمة المركز الثقافي الكلداني في ديترويت (CECA) والرابطة الدولية للفنانين الكلدان (ICA Art Org) ، وذلك لمواصلتهم دعم مركز ميسوبوتاميا مادياً ومعنوياً ، مع شكر خاص للإعلامي المعروف السيد ساهر المالح (Sahir Al-Malih) مدير عام مؤسسة آيكا للإعلام (ICA TV & Media) لتغطيته المستمرة وعلى مدى السنوات المنصرمة لكافة نشاطات مركز ميسوبوتاميا عبر شاشة التلفزيون العراقي الكلداني الأمريكي وإذاعة صوت الغد وجريدة شمس الحرية .   

* لإقتناء الأعمال الفنية عبر موقع مركز ميسوبوتاميا الإلكتروني أو للمزيد من المعلومات الخاصة بهذا المعرض أو العروض المستقبلية للمركز، يرجى الأتصال بهاتف مركز ميسوبوتاميا (9088-582-248) أو بالهاتف المباشر للمدير الفني الأقدم للمركز الفنان عامر فتوحي (Amer Hanna Fatuhi) على رقم الهاتف (5555-217-248)

16
عراق متعدد الألوان في أميريكا .. فنانون ووسائل إعلام
[/b] THE MANY COLORS OF IRAQ
MESOPOTAMIA
(Art, History & Beyond)
Ferndale, MI 6:30 PM - 9:00 PM / May 18, 07

بمناسبة الإحتفاء بيوم (العلم الكلداني) يقام في يوم الجمعة الموافق للثامن عشر من شهر أيار الجاري ومن الساعة السادسة والنصف حتى الساعة التاسعة مساءً على قاعات مركز ميسوبوتاميا / بيت الثقافة والفنون العراقية (MESOPOTAMIA Art Gallery) في مدينة فرينديل عرضاً فنياً كبيراً بمناسبة إختتام المعرض الفني الكبير (عراق متعدد الألوان) الذي يشارك فيه عدد كبير من أهم الفنانين التشكيليين العراقيين الرواد والفنانين الستينيين ومن أجيال أخرى في مجال (الرسم والنحت والسيراميك والكرافيك) وفي مقدمتهم الأستاذ الرائد عيسى حنا دابش و الأساتذة علي طالب ومحمد مهر الدين وإسماعيل خياط والراحلين الكبيرين خضر جرجيس وزياد مجيد حيدر ، كما يشارك من كندا الفنان فاروق القس بولص ومن إسبانيا الفنان محمد حسين عبدألله ومن هولندا برهان صالح كركوكلي ، ومن العراق وسام مرقص ، قيس السندي ، روش بنيامين ومازن إيليا ومحمود العبيدي وفاضل طعمة ، ومن الولايات المتحدة باول باتو وجوان يونو وجوزيف يوسف وعلاء هرمز وسلافة رومايا وسام سيلو وسوزن جعدان وزهير شعوني ، إضافة إلى المديرين الفنيين للمركز الفنانة لفون عموري وعامر فتوحي .
وسيتم بهذه المناسبة إجراء لقاءات موسعة بين الفنانين المشاركين المتواجدين في الولايات المتحدة ووسائل الإعلام في المهجر الأمريكي الكندي ومنها :

التلفزيون العراقي الكلداني الأمريكي (ICA TV)
فضائية عشتار
إذاعة صوت الكلدان
إذاعة صوت الغد (ICA - Voice of Tomorrow Radio)
إذاعة الشرق الأوسط
مجلة أخبار الكلدان - (Chaldean News)
مجلة الحقيقة
مجلة شمس المهجر
مجلة القيثارة
جريدة ديترويت تايمز
جريدة الحقيقة
جريدة شمس الحرية
جريدة أكد (كندا)
جريدة صوت الحرية
جريدة نينوى (كندا)
مندوبين ومراسلين عن مواقع كلدانية عراقية

(تتوفر المقبلات والمرطبات والنبيذ مجاناً والدعوة عامة للجميع)

يتقدم مركز ميسوبوتاميا بهذه المناسبة لكافة مؤازريه وفي مقدمتهم رجل الأعمال الدكتور ديفد أيوب (Dr. David Ayoub - MCFS) ومنظمة المركز الثقافي الكلداني في ديترويت (CECA) والرابطة الدولية للفنانين الكلدان (ICA Art Org) بالشكر الجزيل لمواصلتهم دعم مركز ميسوبوتاميا مادياً ومعنوياً ، مع شكر خاص للإعلامي المعروف السيد ساهر المالح (Sahir Al-Malih) مدير عام مؤسسة آيكا للإعلام (ICA TV & Media) لتغطيته المستمرة وعلى مدى السنوات المنصرمة لكافة نشاطات مركز ميسوبوتاميا عبر شاشة التلفزيون العراقي الكلداني الأمريكي وجريدة شمس الحرية .   

للمزيد من المعلومات ، يرجى الأتصال بهاتف مركز ميسوبوتاميا (9088-582-248) أو بالهاتف المباشر للمدير الفني الأقدم للمركز الفنان عامر فتوحي (Amer Hanna Fatuhi) على رقم الهاتف (5555-217-248) .

قسم العلاقات العامة
www.mesopotamiaartgallery.com
 
Gaining A Better Understanding of Iraq

Welcome .. to the Closing Ceremony of the Art Exhibition Entitled

 The Many Colors of IRAQ

Mesopotamia
Art, History & Beyond

Cordially invites you to observe (The Many Colors of IRAQ) Closing reception


LIVE the ART of the Native Iraqis (Chaldeans) and their Fellow Iraqi Artists

To Gain a Better understanding of IRAQ

on Fridday May 18th. 6:30 - 9:00 p.m.

THE PARTICIPANTS
The Pioneer Artist Issa Hanna Dabish, the Well-known artists Ali Talib, M. Muhraddin, and Ismaeel Khayyat, along with the late Artists Khuder Jirgees and Ziad Haider. The other participating artists in this exhibition are from USA as well as overseas. Among the most prominent ones comes M. Abdulla (Spain), Burhan Saleh Kirkukly (Holland), Mazin Elia Al Shaawi, Qais Issa Al Sindy, Roche Binyamen, Dr. Wissam Marqus, Mahmood Al-Ubidi, & Fadhel Tu’ma (Iraq), Farouk Kaspaules (Canada), Paul Batu, Joanne Yono, Josef Yousif, Alaa Hermiz, Sulafa Roumayah, Sam selou, Susan Jadan, and Zuhair Shaouni (USA), besides the art directors Lavon Ammori and Amer Hanna Fatuhi.



MESOPOTAMIA
Learning Studio & Art Gallery
800 Livernois Ave., (Bt. 8 and 9 Mile), Ferndale, MI 48220

248-582-9088  Cell. 248-217-5555

Comprehensive Media Coverage with the Artists By

Iraqi Chaldean American TV
Ishtar Satellite TV
Chaldean Voice Radio
ICA - Saut Al-Ghad (Voice of Tomorrow) Radio
Middle-East Radio
Chaldean News Magazine
The Truth Magazine
The Sun Magazine
The Harp (Al-Qithara) Magazine
Chaldean Detroit Times paper
The Truth Paper
The Sun of Freedom Paper
Akkad Paper
Voice of Freedom Paper
Major Chaldean and Other Iraqi Websites

SPONSORED By

International Chaldean Association of Art  www.chaldeanart.com
Dr. David Ayoub, Michigan Community Financial Services
ICA Media, Inc., TV, Paper, &  Print-shop
The Chaldean Educational Center of America CECA

Appetizers, Wine and Soft Drinks & Traditional Music are Available - Open to the public

Amer Hanna Fatuhi, Senior Art Director
Visual Artist & Historian
www.mesopotamiaartgallery.com

17
عراق متعدد الألوان .. المهرجان السنوي للفن العراقي في أميريكا

THE MANY COLORS OF IRAQ

MESOPOTAMIA ART GALLERY
(800 800Livernois St., Ferndale, MI 6:30 PM - 9:30 PM / April 14, 07
http://

بمناسبة أعياد (أكيتو/ رأس السنة الكلدانية 7307ك) أفتتح في الساعة السادسة والنصف من عصر يوم السبت الموافق للرابع عشر من شهر نيسان على قاعات مركز ميسوبوتاميا (بيت الثقافة والفنون العراقية)  في مدينة فرينديل المهرجان الفني الكبير للفنون التشكيلية العراقية ، حيث قدم على قاعات المركز عرضاً مهماً للأعمال الفنية التشكيلية لعدد من أهم الفنانين التشكيليين العراقيين في مجال (الرسم والنحت والسيراميك) مصحوباً بموسيقى تراثية على آلة العود أداها الفنان رعد بركات ، مع أربعة عشر قطعة موسيقية أصلية مكتشفة في أور الكلدان يتجاوز عهد تأليفها أكثر من أربعة آلاف عام .
 وقد شارك في هذا المعرض الفني المهم أسماء عراقية كبيرة منهم علي طالب ومحمد مهر الدين وإسماعيل خياط ، كما قدمت أعمال مهمة للفنان الرائد عيسى حنا دابش ، إضافة إلى أعمال الفنانين الراحلين خضر جرجيس وزياد مجيد حيدر.
وجدير بالذكر أن المعرض الذي سيستمر إلى نهاية شهر نيسان الجاري يضم أعمال نخبة من أبرز الفنانين التشكيليين العراقيين إضافة إلى عدد آخر من الفنانين المعروفين منهم محمد حسين عبد ألله (إسبانيا) ، برهان صالح كركوكلي (هولندا) ، فاروق القس بولص (كندا) ، مازن إيليا شعاوي ، قيس السندي ، وسام مرقص ، روش بنيامين (العراق) ، ومن الولايات المتحدة الامريكية كل من سام سلو ، جوزيف يوسف ، زهير شعوني ، جوان يونو ، سوزن جعدان ، بول بتو ، علاء هرمز ، سولافة رومايا إضافة إلى الأعمال الفنية للمديرين الفنيين للقاعة لفون عموري وعامر فتوحي .

وبهذه المناسبة يتقدم كادر مركز ميسوبوتاميا بوافر الشكر والإمتنان لكافة الحضور ولاسيما الجمهور الأمريكي الذين إستمتعوا بكل تأكيد بالأجواء العراقية الجميلة والموسيقى الكلدانية التراثية العريقة التي شهدت للأسف (غياباً كاملاً) من قبل (إذاعة صوت الكلدان) وممثلي كافة (المنظمات الكلدانية في ولاية ميشيغان) ، وهيّ مسألة محيرة ، لاسيما في مناسبة قومية كلدانية هامة مثل (أكيتو) رأس السنة الكلدانية البابلية 7307ك, آملين من كادر إذاعة صوت الكلدان وممثلي هذه المنظمات (الكلدانية) أن يكونوا مستقبلاً أكثر (وعياً وتفهماً) بأهمية الإحتفاء بالمناسبات القومية (الكلدانية) ، ذلك أن رقي الأمم يقاس برقي ثقافتها وفنونها.

كما يتقدم كادر المركز أيضاً بشكر خاص لسيادة الملحق الثقافي العراقي في واشنطن الأستاذ الدكتور عبد الهادي الخليلي المحترم وبالشكر الجزيل للفنان التشكيلي العراقي الكبير فيصل لعيبي والفنان الموسيقي العراقي رعد بركات والمؤازر الرئيس للقاعة الدكتور ديفد أيوب (رئيس البيت العراقي الأمريكي) والروائية السينمائية وئام نعمو وكادر جريدة (أوكلاند بريس) والسيدة سارة هوريس ممثلة إعلام الجيش الأمريكي في ولاية ميشيغان ، والفنانة بولا ميريه من مؤسسة (سبيرجوال ونكس الإعلامية) وإذاعة الشرق الأوسط ، لرسائل التهنئة التي أرسلوها والتغطية الإعلامية للمعرض ، مع وافر الشكر والإمتنان للسيد (ساهر المالح) مدير تلفزيون وإذاعة (ICA Media) للتغطية الشاملة للمعرض ومواقفه المتميزة في دعم النشاطات الثقافية للجالية العراقية بشكل عام والنشاطات القومية الكلدانية بشكل خاص .

للمزيد من المعلومات ، يرجى الأتصال بهاتف مركز ميسوبوتاميا (9088-582-248) أو بالهاتف المباشر للمدير الفني الأقدم للمركز الفنان عامر فتوحي (Amer Hanna Fatuhi) على رقم الهاتف (5555-217-248) .

المدير الفني الأقدم لمركز ميسوبوتاميا
www.mesopotamiaart.com


18
تهنئة بمناسبة يوم بابل

بمناسبة يوم بابل الموافق لليوم الأول من شهر أيلول لعام 2006م والموافق (للأول من شهر إيلولو لعام 7306ك)  تتقدم الرابطة الدولية للفنانين المحترفين الكلدان (ICA of Native Iraqis Visual Artists) بالنيابة عن الرئيس العام للرابطة الأستاذ الفنان الرائد عيسى حنا دابش (Issa Hanna Dabis) وبقية الزميلات والزملاء من الفنانين التشكيليين والمهندسين المعماريين والأكاديميين المختصين بتاريخ الفن وبالأصالة عن نفسي كرئيس للفرع المركزي للرابطة في الولايات المتحدة العام بأصدق وأحر التهاني بهذه المناسبة التاريخية الهامة . راجين من الرب القدير أن يعيد هذه المناسبة العزيزة على أبناء أمتنا الواحدة بالخير والموفقية وأن يظلل وطننا الأم العراق العزيز (بيث نهرين) برداء الأمن والأمان والسلام .

وبهذه المناسبة العزيزة ، نرجو من أبناء شعبنا أن يعززوا من مشاركاتهم وتشجيعهم للنشاطات الثقافية والفنية والمهرجانات الكلدانية التي تقام بهذه المناسبة في جميع أرجاء العالم ، كما نتمنى من أخواتنا وأخوتنا في الولايات المتحدة تشجيع وزيارة المهرجان الكلداني الذي تصادف إقامته إحتفالات (يوم بابل) و(يوم التجدد البابلي- شجرة الحياة العراقية /النخلة) في الخامس عشر من شهر أيلول ، حيث سيقام في المركز المديني لمدينة ساوثفيلد (Southfield Civic Center) والحدائق العامة للمركز المديني ، وذلك في يومي التاسع والعاشر من شهر أيلول الجاري . كما نتمنى بهذه المناسبة العزيزة لأستاذنا الكبير ومعلمنا الرائد الفنان عيسى حنا دابش العافية والسلامة والشفاء السريع أثر العملية الصعبة والناجحة التي أجريت له في أحدى المستشفيات الكندية ، آملين أن يعود إلى زملائه ومحبيه وإلى فرشه وألوانه قريباً بمشيئة الرب القدير .


عامر حنا فتوحي / رئيس
Amer Hanna Fatuhi, President-Headquarters USA


إنتباهة : تعد الرابطة الدولية العدة لإعادة إطلاق موقعها الإلكتروني (www.chaldeanart.com) وهو موقع مفتوح لكافة الفنانين التشكيليين والمعماريين من أبناء شعبنا على تنوع كنائسهم ، فعلى من يرغب منهم بفتح صفحة (مجانية) له في موقعنا تزويدنا ببطاقته الفنية مع صورة شخصية ونماذج من أعماله مرفقة بالمعلومات (تكون الصورمن النوع الرقمي -Digital-) ، علماً أن هنالك لجنة مختصة تجتمع شهرياً في الأربعاء الأول من كل شهر ، مهمتها تقييم الأعمال والإتصال بالفنانين . كما ستقوم الفنانة الكاتبة لفون عموري (Lavon Ammori) بالإستفادة من هذه المعلومات والصور في إنجاز كتابها الأكاديمي (Celebrating Chaldean Iraqi Art) .

19

السابع عشر من أيار يوم علم الكلدان القومي

تهنئة وتمنيات

CHALDEAN FLAG DAY

مدخل تاريخي :

مع أن مشروع علم الكلدان يعود إلى عام 1985م ، يوم طرح لأول مرة على عدد من المختصين في مجال الفن التشكيلي والتاريخ الرافدي في الوطن الأم العراق (بيث نهرين) ، إلا أن تبنيه رسمياً  لم يتم إلا في عام 1997م وذلك من قبل المركز الثقافي الكلداني الأمريكي ، حيث تم تبنيه لأول مرة في ديترويت ، كما تم أيضاً تبنيه آنذاك من قبل رئاسة معهد الجالية الثقافي ورابطة المدينة الكلدانية ، ثم أقر دولياً عام 1999م من قبل الرابطة الدولية للفنانين المحترفين الكلدان . كما عمدت العديد من المنظمات الكلدانية في الوطن الأم العراق والعالم إلى تبني علم الكلدان الشرعي وفي مقدمتها (حزب الأتحاد الديمقراطي الكلداني) أوسع المنظمات الكلدانية إنتشاراً وتأثيراً على الشارع الكلداني ، والمجلس القومي الكلداني والمنبر الديمقراطي الكلداني وجمعية الفادي والجمعية الثقافية الألمانية الرافدية في ألمانيا ومجموعة المهندس ليث ككا عيسى في فرنسا والمهندس حبيب تومي في النرويج ومجموعة السيد نافع توسا في هولندا وجمعية أور الكلدانية في الدانيمارك وجمعية أكاديميي أور الكلدان في أستراليا والجمعية الثقافية الكلدانية الأسترالية في أستراليا (أعرق المنظمات الكلدانية في المهجر الأسترالي) ، والمركز الثقافي الكلداني في نيوزيلندا والعديد من المنظمات والجمعيات والشخصيات الكلدانية .

وفي عام 2003م أقر الأتحاد الكلداني بأهلية التصميم  وجدارة مصمم علم الكلدان الفنان فتوحي (كاتب الموضوع) ، ثم قام الأتحاد بعد ذلك بخطوة أكثر جرأة وأشد حرصاً على المصلحة العليا للأمة الكلدانية ، وذلك عن قناعة ودراسة متعمعقة للموضوع وبخاصة بعد الإطلاع على الدراسة الموسومة ( نجمة الكلدان رباعية أم ثمانية ؟ ) أنظر الرابط ( http://www.ankawa.com/cgi-bin/ikonboard/topic.cgi?forum=32&topic=736 )  ، حيث تم تبني العلم الشرعي الكلداني (ذو النجمة الثمانية الكلدانية البابلية) ، وذلك في دورة السيد سام زير التي ضمت نائب رئيس الأتحاد والعضو المخضرم (المهندس هاني جولاغ) . للمزيد حول هذه الجمعيات ومزيد من المعلومات حول العلم ، أنظر (أخبار شعبنا في موقعي عنكاوا وموقع ( www.kaldaya.net ) ، كذلك أنظر الموقع الألكتروني للرابطة الدولية للفنانين المحترفين الكلدان الخاص بالعلم ( www.chaldeanflag .com ) والذي سيشهد قريباً المزيد من الإضافات والتحسينات .

اليوم وبعد سنوات من رفع (العلم الكلداني) رسمياً ، أصبح الكلدان يحتفلون في كل مكان في العالم بالعلم الكلداني في كافة المناسبات القومية والدينية والإجتماعية وكذلك في المناسبات التي تتعلق بوطننا الأم العراق ، وبخاصة في مناسبة الإنتخابات العراقية الأخيرة وكذلك في المسيرات السلمية والإجتماعات المطالبة بحقوق المهاجرين الكلدان في العالم ، ناهيكم عن تزايد نسبة المواقع الكلدانية التي تنشر في صفحاتها الأولى علم الكلدان القومي .

علم الكلدان رؤية وتقنية :

ثمة حقيقة لم يستوعبها للأسف البعض من غير المتخصصين في مجال التصميم الفني ، وهيّ أن علم الكلدان القومي إنما (يمتاز بفرادة لا يتصف بها أي علم آخر في العالم) وذلك من خلال تصميمه الفريد الذي يعتمد خمسة من العناصر البصرية وهيّ : الخطان العموديان الأيمن والأيسر اللذين يمثلان إنحدار نهري دجلة والفرات الخالدين من شمال الرافدين إلى جنوبه ، إذ لا يوجد علم في كل العالم يحتوي على (خطوط عمودية متميزة) كما هو الحال عليه في علم الكلدان القومي ، أما التكوين المركزي فيتألف من دائرتين صفراء وزرقاء تمثلان الشمس والقمر (الأجرام السماوية) دلالة على رقي أسلافنا في مجال العلوم عامة وتميزهم كأساتذة في علم الفلك ، كما يتمثل العنصر البصري الخامس بالشمس الرافدية القديمة التي أشتهرت في الإقليم البابلي والتي تبناها الكلدان رسمياً منذ القدم ، لكنها جاءت هنا بأخراج معاصر وبألوان هي الأحمر والأزرق والأصفر (وهيّ الألوان الرئيسة التي تتفرع منها كل الألوان الثانوية) ، وذلك للدلالة على حقيقة أن كل الحضارات العالمية إنما قد أستقت جذورها من حضارة بلدنا الأم بيث نهرين / وادي الرافدين التي كان للكلدان الأوائل (بناة أريدو وكيش) الفضل الرئيس في تأسيسها .

أما على صعيد العلاقة بين الأشكال والسطوح التي تتوزع عليها المفردات البصرية ، فلم تأت هذه العلاقات البصرية إعتباطاً وإنما جاءت هيّ الأخرى أثر دراسة طويلة ومضنية ، وقد يستغرب البعض من الأخوة من غير المتخصصين في المجال التشكيلي ويقولون مع أنفسهم مثلما قال البعض من البسطاء عن عدم معرفة (يمعود .. هو كله خطين ونجمة) وهم محقون في ذلك بعض الشيء ، ولكن ما يجهلونه هو الكثير !!
فالحقيقة أن أمثال تلك (التصورات غير العميقة) قد واجهت من قبل العديد من المبدعين الكبار من أساطين الفن الحديث أمثال بيت موندريان أحد عمالقة التجريدية الهندسية (GeometricAbstractism) والأب الروحي لحركة (Purism) التي أوجدها فيما بعد المعمار لوكربوزيه ، كما واجهت هذه التصورات غير الناضجة أيضاً كازمير ماليفتج (مؤسس حركة السوبريماتزم / Suprematism ) ، إذ أن أمثال هذه المنجزات التي لا يمكن أن يلم بتفاصيلها إلا المتخصصين في هذا المجال ، إنما تؤدي في الغالب الأعم إلى مواجهة معضلة مزدوجة ترتبط أولاهما (بفوقية الرؤية الفنية وحرفيتها الدقيقة) من ناحية ومحدودية معرفة العامة بالتفاصيل المدرسية للعمل التشكيلي ، كما تخضع أيضاً لعاملين آخرين رئيسين هما (متطلبات إبتكار العمل الفني) التي تتطلب علاوة على (الإلهام الفني) إلى (خبرة حرفية عالية) ، وأخيراً (القدرة على توصيل الفكرة العامة للمتلقي) الذي يجهل أساسيات البناء التصميمي للعمل الفني .
وقد حدث ذات مرة أن أحد كبار التجار المعروفين بعلاقاته الواسعة مع الوسط الثقافي لعصره أن وقف عام 1914م أمام لوحة للفنان ماليفتج (مربع أبيض على مربع أبيض) فقال ساخراً وبصوت جهور : أن أبني الصغير يستطيع أن يفعل ذلك !
فتقدم منه الفنان ماليفتج الذي كان يقف على بعد خطوات منه وقال له بدماثة وتهذيب : أنت محق ياسيدي ولكنك وأبنك لم تفعلا ذلك ، وإنما أنا من فكر وفعل هذا .. فخجل التاجر وأعتذر !

الحق ، أن تصميم علم الكلدان يخضع لمنطق يمكن لنا أن نصفه بعبارة (السهل الممتنع) ، أذ أن تنفيذه سهل جداً ، لكن صعوبته كانت في إبتكاره ومراحل تطويره التي أستمرت لما يقرب من خمسة عشرة عاماً ، وأدت بالنتيجة إلى إبتكار علاقات تشكيلية متميزة منحت التصميم العام إتزاناً بصرياً وتوافقاً شكلياً ولونياً وتوزيعاً هندسياً للأشكال ضمن السطح العام للعمل الفني (علم الكلدان القومي) .
وحري بالذكر هنا ، أنني قد أستخدمت لتصميم هذا العلم الفريد قاعدة النسبة الذهبية ، وهيّ قاعدة تعتمد توزيع البناء العام للتصميم على مبدأ (1 / 3 / 1) ، وهيً ذات القاعدة التي أستخدمها لإنجاز العديد من تصاميمي وأعمالي الفنية التشكيلية منذ عام 1976م ، ولعل من أبرز أعمالي المنفذة وفق هذه القاعدة لوحة (الأبد البارد) التي قدمتها في معرض تشكيلي جماعي عام 1976م وأثارت ضجة كبيرة ، لأنها لم تكن تحتوي إلا على خط أفقي باللون الفيروزي (الأزرق التركواز) ودائرة (قرص) باللون الأحمر المائل إلى البرتقالي ، وقد أستغرب بعض النقاد هذا العمل فجلبت لهم صورة فوتوغرافية لمشهد يصور بحراً هادئاً وقت الغروب ويلوح فيه قرص الشمس الغارب في سماء صافية ، ثم أوضحت لهم بأنني لم أفعل سوى تجريد المشهد من تفاصيله الزائدة والتركيز على العنصرين الأساسيين (البحر وقرص الشمس) وهو تماماً ما فعله أجدادنا الرافديون الأوائل عندما أختزلوا الموجودات المحيطة بهم في بيئتهم القديمة وحولوها إلى صور مختزلة شبه مجردة ، أطلق عليها فيما بعد مصطلح (الكتابة الصورية) وتمكنوا بذلك من أن ينقلوا البشرية كلها من دهاليز التاريخ المظلمة إلى شمس المدنية والحضارة !
وبالمناسبة فقد أقتنى اللوحة آنذاك المهندس المدني الإستشاري (سعد محمد شفيع الهاشمي) وما تزال منذ وقتذاك حتى يومنا هذا تحتل جانباً مهماً من مكتبه ، حسبما بين لي في حديث هاتفي جرى بيننا قبل أشهر لمباركتي بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة .

أن توزيع المفردات البصرية في علم الكلدان ، قد خضعت لقاعدة النسبة الذهبية بشكل صارم ودقيق ، حيث يشكل الخط العمودي الأزرق مع الفضاء المحيط به نسبة (1) إلى (3) من المجموع العام للتصميم وهو ما ينطبق على الفضاء المركزي الذي يحتوي العناصر البصرية الثلاثة الشمس الكلدانية البابلية والشكلين الهندسيين الدائريين اللذين يرمزان للأجرام السماوية ، مثلما  تنطبق هذه النسبة على القسم الأيسر من العلم بذات السياق ، ولو أخذنا القسم المركزي من التصميم لوجدنا أنه يعتمد ذات النسبة الذهبية (1 + 2 + 1) حيث يؤلف الفضاء النسبة (1) فيما يؤلف مجموع الشكل المركزي الثلاثي العناصر والفضاء الموجود في الجانب الآخر النسبة (3) ، فيكون التناسب على النحو القياسي (1 / 3) ، وما يهمنا هنا هو أن نؤكد بأن علم الكلدان هو منجز قومي فريد ينبغي لجميع أبناء الأمة الكلدانية الإعتزاز به ، لأنه وبحق خير ممثل لإصالة أمتنا الكلدانية العريقة وسموها الحضاري ماضياً وتطلعاتها المستقبلية المشروعة ضمن التنويعة العراقية المتآخية .

تمنيات :

بمناسبة يوم العلم الكلداني الذي يحتفل به الكلدان في السابع عشر من كل عام ، لا يسعني إلا أن أتقدم لأبناء الأمة الكلدانية العريقة التي هيّ جزء لا يتجزأ من النسيج العراقي المتآخي ، بأحلى الأمنيات راجياً من الرب القدير أن يحفظ أبناء أمتنا ، ويمن على كافة أخواتنا وأخوتنا العراقيين بهذه المناسبة العزيزة بالأمن والسعادة في ظل عراق ، نأمل أن يكون لكل العراقيين دونما إستثناء .
كما آمل أن يكون الإحتفاء بيوم العلم الكلداني مناسبة تاريخية لترسيخ الحضور الكلداني في الساحة الوطنية العراقية ، التي قدم الكلدان وما يزالون من أجلها كل غال ونفيس ، ليس بصفتهم قومية هامشية بسبب نسبتهم العددية (الترتيب الثالث بين الأثنيات العراقية) ، وإنما بصفتهم سكان العراق الأصليين (Native Iraqis) ، وأن يتعلم الجميع من تجربة الأميريكان مع الهنود الحمر ، فبرغم عقود من الإضطهادات والتمييز العراقي فأننا نجد للهنود الحمر اليوم مكانة متميزة بين بقية شرائح المجتمع الأمريكي بالرغم من ضآلة عددهم .
مرة أخرى أقول مبروك للكلدان بهذه المناسبة التاريخية العزيزة ، مع صلواتنا وتمنياتنا الحارة لوطننا الأم العراق العزيز بالسلام والسلامة .

عامر فتوحي
مدير مشروع متحف بابل / الولايات المتحدة الأمريكية
www.amerfatuhiart.com

محبة وسلام : إلى روح صديقي وأخي الروحي الفنان التشكيلي الكبير (زياد مجيد حيدر) الذي طالما شجعني على المضي في مشروع إنجاز العلم الكلداني ، وإلى صديقي العزيز الفنان التشكيلي التركماني الكبير (برهان صالح كركوكلي / هولندا) ، لمواقفه الأخوية العديدة وبخاصة في تأكيد إصالة تصميم العلم الكلداني ، وأخيراً إلى أستاذنا الرائد الفنان الكبير (عيسى حنا دابش) الذي أسهم مع أخيه الروحي جواد سليم في تنفيذ شعار الجمهورية العراقية لعام 1959م والذي دعمني بمحبة أبوية وأصر على أن تلعب (الرابطة الدولية للفنانين التشكيليين المحترفين الكلدان) دوراً طليعياً في عملية تبني العلم والتعريف به كرمز قومي . لهؤولاء وغيرهم من أحبة لا يسعني إلا أن أعلن عن محبتي لهم ، لأنهم وبحق (خُمرة الرغيف العراقي) وأنهم وبكل يقين (خَمرة العراق المعتقة) .

* صورة اللوحة الفائزة بجائزة معرض (مدينة ديترويت لرسوم الأطفال) عام 2002م ، للفنان الصغير سومر عامر (11 سنة) .

20
الآشورية كصفة (قومية) .. وحدث العاقل بما يعقل ؟!!



قد يبدو العنوان قاسياً بعض الشيء ، لكنها قسوة مطلوبة ومستوجبة ، ذلك أنني لا أؤمن مطلقاً بنظرية (المساومة) مهما كانت الأعذار والحجج قوية ومربكة ، بخاصة وأن أية مساومة : (عادة ما تبدأ بتنازلات صغيرة) !
بالنسبة لي أقولها وبمنتهى الوضوح : أنا (أؤمن بأن العراقيين الناطقين بالسورث أينما كانوا هم (شعب قومي واحد) بتسمية قومية واحدة ، لكنني لا أؤمن بوجود شعب قومي واحد بثلاث تسميات قومية) ، لأن هذا ما لا يقبله عقل أو يرتضيه المنطق .
ولأننا شعب واحد (سواء أقتنع البعض بذلك أم لم يقتنعوا) ، فأنني لا أقبل لا بالمجاملة على حقيقة (إنتمائنا القومي الكلدي) ولا بالمساومة على الوقائع التاريخية لشعبنا الكلدي الواحد بمختلف طوائفه وتسمياته المتداخلة قومياً وطائفياً وإقليمياً .

الحقيقة ، أن ما يدفعني اليوم لكتابة هذا الموضوع هو حالة (الدهشة المشوبة بالقرف) التي لا بد وأن تصيب أي قارئ متابع لما ينشر على هذا الموقع الجماهيري بصدد التسمية الإقليمية البائدة (الآشورية) ومحاولات تحميلها من قبل بعض الواجهات المسيسة بما ينفيه المنطق العلمي وتتجاوزه البينات التاريخية ، أما مبرر هذه الدهشة وهذا القرف ، فهو لكوننا بعد سبعة أعوام من أنطلاق هذا الموقع الرائد والعديد من المواقع ذات الهم القومي ، بمعنى بعد سبع سنوات من الحوار الذي يتوزع ما بين النقاش الرصين المتحضر وبين المهاترات اللامجدية ، فأننا ما زلنا نطالع مقالات متشجنة (لبعض الموهومين بالقومية الآشورية) ، وكمثال على ذلك ، أشير إلى ما كتبه مؤخراً السيد سام شليمون تحت عنوان (الآشورية وسام شرف على أعناقكم) ، والذي أتمنى من موقع عنكاوا أن يحافظ عليه (رغم هزالته وإفعامه بالتجاوز المرضي -من كلمة مرض- على أبناء الأمة الكلدانية ومثقفيها وبشكل سوقي) وكذلك ما كتبه السيد نضال زيا كابريال حول دعابة (اللغة الآشورية) ، وبالمناسبة لم يعرفنا كاتبنا الأكاديمي هذا بماهية تخصصه العلمي (الأكاديمي) ؟!!
وعوداً على بدء ، فأن الغاية من دعوتي لحفظ هذا المستوى الضحل من الكتابات وأقصد هنا تحديداً (نمط كتابة السيد سام شليمون) ، فذلك من أجل أن يدرك القراء مدى الدرك الذي أنحدر إليه (دعاة القومية الآشورية الباطلة) بعدما تكشفت للقاصي والداني أباطيلهم المغلفة بشعارات الأخوة المسيحية والوحدة المعلبة في دكاكين السياسة المعروفة الولاء والإرتماء  .
لذلك أقولها اليوم وعن يقين راسخ ، بأن العديد من الواجهات السياسية التي أنطلت عليهم لزمن (أوهام الثقل الآشوري) في وطننا الأم ، صاروا اليوم يدركون تماماً بأنهم (إنما كانوا يراهنون على حصان خاسر) ، لكننا أيضاً ما زلنا نرى (بسبب غياب التنسيق الكلدي) تواصل (تجاوزات غير منطقية بحق الكلدان) ، ولعل خير مثال على ذلك الحقائب الوزارية التي منحتها حكومة إقليم (كوردستان العراق) مؤخراً لمن لا يمثلون الكلدان ، وهذا في تصوري إنتقاص (لا يغتفر) من ناحية ، ومن ناحية ثانية تؤكد مثل هذه (الفرمانات) عدم جدية قيادات الكورد لتجاوز أخطاء الماضي والإعتذار من الكلدان عن عقود من التصفيات العرقية والدينية وبقية التجاوزات الموثقة التي طالت أبناء شعبنا على يد الأغوات والمهوسين (بالقوانين العمرية) منذ مطلع القرن السادس عشر للميلاد .

عموماً ، أن هذا الموضوع الذي وعدت القراء بكتابته مؤخراً والذي يندرج في باب (حدث العاقل بما يعقل) ، ليس الهدف منه الرد على كتابات سائبة ككتابات السيد شليمون تلك التي  يمكن لنا تشبيهها بمثل ( ريح في شبك) ، كما أن هذا الموضوع ليس الغرض منه الدخول في جدالات عقيمة مع الرهط المنحاز (لسبب أو لآخر) إلى التنظيمات الآشورية المتسيدة للمسرح السياسي لأخوتنا الآثوريين و (التي نعرف تاريخها جيداً) ، وبخاصة هؤلاء الذين لم يكترثوا في يوم من الأيام لا بمصير شعبنا الواحد ولا بوحدة وطننا الأم (بيث نهرين) .
أن أسماء من نوع سرجون داديشو ويونادم كنا وجاكلين قوسن زومايا الذين يسعون بين حين وآخر (وعن جهل مطبق) للإنتقاص من الكلدان ، إنما تؤكد مساعيهم الخائبة تلك ، بأنها ليست بأكثر من بلية على أصحابها ، وقديماً قيل (شر البلية ما يضحك) .

ولكي لا يستعرض عليّ بعض الكتاب (الفطاحل) من أخوتنا الآثوريين بعد الإنتهاء من قراءة هذا الموضوع مهارتهم في (فن الشتيمة) وتوجيه (التهم الجاهزة) التي تلقن لهم في (دوراتهم الحزبية التثقيفية) ، وهيّ بالمناسبة الشيء الوحيد الذي (يحسنون ممارسته) ضد كل من يرفض أباطليهم ويؤمن بقدره الكلداني ، فإنني أورد لهم هنا نبذة موجزة عني من أجل الإطلاع فحسب .
أنا عامر بر حنا جونقا بر فتوحي لبيبا بر شندخ بريخا من ماثا دبخديدا (السرياني الطقس - الكلداني القومية) ، ولدت وأموت مستقلاً ، درست هندسة الطيران والفن التشكيلي وتاريخ وادي الرافدين أكاديمياً ، مارست وما أزال الفن التشكيلي والنقد الفني وكتابة الدراسات التاريخية منذ أواخر عقد السبعينات . أسست (في العراق) عام 1986م (جماعة أفق) التي أصدرت بيانها التحريضي الشجاع (أتبع حلمك) الذي تبرأ فيه أفراد الجماعة من أية صلة تربطهم بثقافة ومعايير الحكم المقبور في العراق ، مثلما تبرأنا فيه من أية معايير تلغي إنسانيتنا وتفرض علينا ثقافات مرفوضة ، وقد نشرت مقاطع من هذا البيان في الصحف العراقية ونشرته أيضاً بعض صحف الدول الناطقة بالعربية وكذلك تم نشره في الصحف التي تنشر باللغة العربية في أوربا (بديباجته الكاملة) .
أكدت منذ مطلع عقد الثمانينات المنصرم من خلال الصحف والمقابلات الإذاعية والتلفزيونية التي كانت تجرى معي على (هويتي القومية الكلدية) ، وبينت رفضي القاطع للمعايير العروبية المفروضة على العراقيين ، سواء في وسائل الإعلام المحلية أو الدولية التي توزع في العراق ، وذلك (إبان تواجدي في العراق وفي العاصمة بغداد تحديداً) وليس على الجبال أو عبر الأطلسي كما قد يتوهم البعض .
منحت شرف حكمي بالأعدام لثلاث مرات مع سحب جنسيتي العراقية (هذه الأحكام موثقة في الصحف العراقية وصحف المعارضة ومقر منظمة العفو الدولية) ، ناهيكم عن العديد من الإعتقالات والتحقيقات في الدوائر الأمنية والإستخبارات العسكرية (الشعبة الخامسة) ، ولم أدع أو في نيتي الإدعاء يوماً بأنني مناضل أو غير ذلك من مفردات رنانة ، ذلك أنني كنت وسأبقى مجرد (مواطن عراقي كلداني) يؤمن بقدره في الرسم ، وقدرته على المشاركة مع أخواته وأخوته  من المثقفين الكلدان وغير الكلدان (كل في مجال تخصصه) من أجل تنوير أبناء وطننا الأم والعالم بمكانة سكان العراق الأصليين (الكلدان) ضمن النسيج العراقي المتآخي .

للعلم أيضاً ، فأنني لست ملزماً في موضوعي هذا أن أثبت قومية أبناء الأمة الكلدانية التي غبار عليها ، فقد كتبت عنها ولسنوات ما يفي هذا الموضوع حقه ، ولا جدوى من تكرار وإعادة ما سبق نشره ، والذي لن يعني إلا تبديد الجهد والوقت الثمينين ، كما أنني قد تناولت (كلدية أهل بابل) وأنتشارهم في وطننا الأم من خليج الكلدان حتى أعالي الجبال المحيطة بسهل نينوى ، وذلك بشكل تفصيلي في الجزئين الأول والثاني من كتابي الموسوم (الكلدان .. منذ بدء الزمان) ، وليس عندي ما أضيف لما ذكرته في كتابي شبه الموسوعي ذاك (400 صفحة مدعمة بالوثائق والبيانات الآثارية والكتابية ، علاوة على المخطوطات والمرتسمات النادرة) ، وللعلم أيضاً ، فقد قمت في الجزء الثاني من كتابي ذاك بدحض كافة الإدعاءات الباطلة (التي يتمشدق بها علينا دعاة الآشورية الخرافية التي لا طائل من ترديدها اليوم أو من عملية إجترارها الخائبة مستقبلاً) ، وذلك من خلال الفصول التالية من الجزء الثاني للكتاب :

إستساغة الوهم

- الإله الأجنبي الآسيوي آشور

- الثرى والثريا بين الشوباريين بناة مدينة آشور والعموريين البابليين مؤسسو دولة آشور

 تصويب لمغالطات

- إدعاءات ومغالطات مبرمجة

- إدعاء أن الكلدان طائفة حسب !

- إدعاء أن كلدان اليوم ليسوا كلدان الأمس ، أما الآثوريون فهم أحفاد آشوريي الأمس !

- إدعاء أن الكلدان لم يكونوا شعباً وإنما كهنة وسحرة وعرافين !

- إدعاء أن الكلدان قد حكموا وادي الرافدين لفترة لا تتجاوز ثلاثة أرباع القرن !!

- إدعاء أن مسيحيي (دشتا وطورا) ليسوا كلداناً لأنهم يسكنون فيما كان يسمى قديماً إقليم آشور !!

- إدعاء أنقراض الكلدان بعد سيطرة المسلمين على وادي الرافدين

- إدعاء أن منجزات جيش دولة آشور المنقرضة هي منجزات قومية

- إدعاء أن شمور آمات / شميرم -Shummuramat- آشورية قومياً

- إدعاء أن العهد القديم يصلح ككتاب مدرسي في التاريخ

- إدعاء أن مصطلح علم الآشوريات -Assyriology- يؤكد آشورية وادي الرافدين

- إدعاء أن أستخدام الباحثين لعبارة (اللغة الآشورية) يثبت قومية الآشوريين !!

- إدعاء أن إقليم الشمال كان يسمى آشور منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا

- إدعاء أن السريان والآشوريين / الشوباريين شعب واحد !

- إدعاء تعذر معرفة أصول الناطقين بالسورث إلى بابل أم آشور ؟

- كلدانية الدم المسفوح على الصليب لخلاص العالم

- التاريخ السلالي لإقليم شوبارو / آشور -Shubaru- ودحض الوهم الآشوري

- الخلاصة .. إشكالية التسمية المزدوجة كلدو آشور

فذلكة تاريخية :

من المعلوم لدى المختصين اليوم ، بأن العراق القديم شهد حضارة واحدة متكاملة أساسها (وسط وجنوب العراق - الإقليم البابلي / شومر وأكد) ، ومعلوم أيضاً أن بابل لم تكن في يوم من الأيام تعني مصطلحاً قومياً وأنما اقليماً وبمعنى آخر (وطن أو بلاد) ، وهذا (ما ينطبق تماماً على اقليم آشور) الذي لم يكن ليعني في يوم من الأيام غير مفهوم (الإقليم) . مع ذلك لنفترض أن كلتا التسميتان إنما تعنيان مفهوماً قومياً . هنا ينبغي لأي أنسان عاقل أن يطرح على نفسه السؤال التالي : (لماذا أذن لا يعتبر مثقفو الدكاكين السياسية الآشورية -التسمية البابلية- بمثابة تسميتهم القومية لكونها التسمية الأعرق بحسب المصادر التاريخية والمصادر الكتابية -Biblical-) التي تؤكد أقدميتها ؟
وإذا ما كان جواب الأكاديميين الآثوريين من مؤرخين وآثاريين الذين نوجه لهم (تحديداً) أسئلة هذا الموضوع - سيتم تشخيصهم لاحقاً - هو (الصمت المطبق) !! .. فأن السؤال الآخر هو : ترى من أسس الدولة الآشورية ومتى ، ومن أي موطن وفد سكان تلك الدولة البائدة ، وبالتالي ، ما هيّ أصولهم العرقية ؟
للإجابة على هذه الأسئلة التي أنا مؤمن تماماً ، بأن الأكاديميين العراقيين الرصينين يعرفونها اليوم جيداً ، وذلك في ضوء مكتشفات العقود الخمسة الأخيرة ، التي أورد موجزها على النحو التالي ، (علماً بأن مفردة الساميين التي أبتدعها شلوتزر ومفردة الأكديين نسبة للعاصمة أكد) إنما تعني هنا الشعب الرافدي غير السومري الذي سبق السومريين في إستيطان مدن وسط وجنوب الرافدين منذ 5300 ق.م ، وهيّ ذات المدن التي عرفت تاريخياً بأسم مات كلدو وبشكل أوسع بابلونيا :
1- سكن السومريون شمال العراق في عصور ما قبل التاريخ مؤسسين مستوطنات زراعية لا تعرف أسماؤها لعدم توفر عامل التدوين ، فيما سكن أسلاف الكلدان الأوائل (الساميون - الأكديون القدماء) في المدن التاريخية الأولى لجنوب ووسط الرافدين منذ الألف السادس ق.م .
2- توحيد البلاد (وسط وجنوب وشمال العراق القديم) لأول مرة في التاريخ في عهد ميشالم الكلدي (السامي-الأكدي) ملك كيش بحدود 2550 ق.م .
3- تعرض سكان الشمال الأصليين (السومريون) لضغوط مزدوجة أساسها زيادة في السكان تناسبت عكسياً مع المحصول الزراعي ، إضافة إلى التسرب المستمر للأقوام الهندوأوربية منذ منتصف الألف الرابع ق.م والتي أنتهت عهدذاك بالهجرة الشوبارية الكبرى في حدود 2300-2250 ق.م ، حيث (أقام الشوباريون الأجانب مدينة آشور على مستوطن زراعي سومري) وأستخدموا اللغة السومرية وبنوا معبداً لإلاههم الجبلي آشور (لأول مرة في التاريخ الرافدي) وذلك على أساس معبد مخصص للإلهة إنانا / عشتار في عهد الشيخ البدوي الشوباري (أوشبيا) في حدود (أواخر القرن الثاني ومطلع القرن الأول ق.م) .
4- السيطرة الإبلية على إقليم الشمال (إيبي سيبش أبن الملك إبريوم)
5- أكد (مدينة ضاحية بابلية) توحد البلاد ثانية ، ثم تقرض مملكة إيبلا (تأسيس أول إمبراطورية في التاريخ) على يدي العاهل الكلدي إمبراطور أكد (شروكين / سرجون الكبير)
6- ثورة أوتوخيكال ضد الغزاة الكوتيين ، عودة السيطرة السومرية (سلالة أور الثالثة)
7- بابل (المركز) وترسيخ السلطة الشرعية في وسط البلاد (بابل وضاحيتيها كيش وأكد - دور شروكين الأولى-)
8- البابليون يتمركزون بكثافة في مدينة (آشور الشوبارية) ، إنفصال إقليم الشمال ونشأة الدولة الآشورية على يد العاهل البابلي (الملك شمشي أدد الأول) 1813- 1781 ق.م ، تعميم إستخدام لغة أهل بابل والقلم البابلي . إستخدام شمشي أدد الأول (البابلي الأصل) بصفته أول ملك مستقل لإقليم الشمال اللقب الأكدي -Shar kishat matati- ملك جميع الأقطار وكذلك اللقب الأكدي -Shar kishshati- بمعنى ملك العالم المستمد من (معنى مدينة كيش البابلية) والذي يؤكد بأن بابل هيّ المصدر الشرعي للملوكية .
* الحلقات التاريخية اللاحقة واضحة تماماً حتى لغير المختصين ، ولكونها حلقات لاحقة فليس هنالك ثمة من داع لتناول تفاصيلها .
المهم هنا أن (مملكة آشور) لم يؤسسها آشوريون (نزلوا فجأة من السماء أو خرجوا على حين غرة من ثقب في الأرض) كما يحلوا لدعاة القومية الآشورية الخرافية الإيحاء بتجذرهم وإضفاء صفة القومية عليهم ، وإنما أسس ذلك الإقليم (المملكة) بابليون (أستخدموا لغة أهل بابل والقلم البابلي) وبالمعنى المعجمي القديم (لغة وقلم أكد) ، كما أن هذه المملكة الحديثة النشئة آنذاك (أشور) لم تتأسس في (العام الوهمي 4750 ق.م) كما يجيء في تأرخة أعداد صحيفة آشوريون ، وهو ذات (التاريخ الخرافي) الذي يحتفل فيه مدعو الآشورية (برأس السنة الآشورية الوهمية) التي يطلقون عليها باطلاً تسمية (أكيتو) ، لأن مثل هذا التاريخ الخرافي إنما يقوم على وهم باطل ، ذلك أن (مملكة آشور قد تأسست في العام 1813 ق.م) وهو ما تؤكده الأثباتات التاريخية لمملكة آشور ذاتها ، فهل نكذب سجلات تلك المملكة ونصدق التصريحات الطنانة التي يرددها (جهابذة) دكاكين السياسة الآشورية ؟
عموماً ، أن أهم سجلات تلك المملكة البائدة التي (تدحض أوهام مدعي الآشورية وتواريخهم الخرافية الباطلة) إنما تتمثل في ثبت خرسباد -Khorsabad- وثبت الملوك المتعاصرين -Synchronistic history- ، وفي جميع الحالات فإن مؤرخي الدولة الآشورية لم يدخلوا ضمن تاريخهم السلالي الفترة الممتدة ما بين (القرن الثالث ق.م) ونهاية (القرن الأول ق.م) وهيّ فترة حكم تسيد معظمها الغزاة الشوباريين أي (ملوك الخيام الآسيويين الذين أسسوا مدينة آشور) ، وهيّ المدينة التي أعطت للإقليم وسكانه (مواطنيه) تسمية (آشوريون) الأجنبية الدخيلة ، علماً بأن المدينة -على ما يبدو- قد أستمدت أسمها من إله الشوباريين المحلي (سيد جبل إبيخ) .
أما لماذ لم يبدأ ملوك الدولة الآشورية تاريخهم إلا بالملك (شمشي أدد الأول) ، فذلك بسبب إختلاف مؤسسو دولة آشور البابلي الأصول أثنياً (عرقاً ولغة وثقافة) عن هؤلاء الغزاة الأسيويين الأجانب (الذين كانوا هم أنفسهم من عروق آسيوية مجهولة) .
وجدير بالذكر هنا ، أن العمر النظري لدولة آشور منذ تأسيسها عام 1813 ق.م حتى إنقراضها عام 612 ق.م لا يتجاوز أكثر من (1201 عاماً) ، أما عمرها الواقعي إذا ما قمنا بحذف سنوات إقتطاعها الكلي من بلاد الرافدين بواسطة الخوريين (الميتانيين) والفراعنة والحيثيين ثم سنوات تلاشيها وإختفائها من المشهد السياسي جراء مرورها بفترات تاريخية مظلمة ، لوجدنا أن (التاريخ الفعلي) لتلك الدولة المنشقة عن السلطة الشرعية في بابل لا يتجاوز (299 عاماً فقط) ، وهذا التاريخ كما يعرف أي متخصص يعادل تماماً فترة حكم سلالة بابلية واحدة هيّ سلالة بابل الأولى ، وهيّ بالمناسبة سلالة واحدة من مجموع أحدى عشر سلالة بابلية ، كما أنها لم تكن أطول السلالات البابلية عمراً .
فعن أية (آلاف مؤلفة من السنين) تلك التي يتمشدق بها علينا دعاة الآشورية الباطلة ؟!!
 
ولكي أسد الطريق على هؤلاء المتطفلين على حقل التاريخ الرافدي ، فأنني ألفت عناية القراء بأن هذا الموضوع موجه أصلاً لدعاة الآشورية من (الأكاديميين في حقل التاريخ الرافدي) بشكل عام والدكتور (دوني جورج) تحديداً ، الذي رثيت له ولتصريحه غير المسؤول لصحيفة (آشوريون) ، وهو الأكاديمي الذي كنت آمل منه أن يلتزم جادة الصواب فلا يركب موجة الأباطيل والخزعبلات التي يروجها سياسيو التنظيمات التهويلية ، مثلما كنت آمل أن يكون أكثر جدية وموضوعية ورصانة من زميله المتلون الدكتور بهنام أبو الصوف (بدلالة تصريحات الأخير المتلونة وتقلب إنتماءاته السياسية) التي (يغض الطرف عنها اليوم) مناضلو الدكاكين ورجالات القرارات الوحدوية (الطنانة) ، وحري بالذكر هنا ، أنني كنت قد أشرت إلى (تصريحات الدكتور أبو الصوف المتقلبة) في مقالي الموسوم (من ثمارهم تعرفونهم) المنشور بتاريخ الخامس عشر من شهر شباط لعام 2000م على الصفحتين 8-9 من العدد الرابع لمجلة (بابل اليوم) ، كما سبق لي وأن أشرت إلى تلك التصريحات غير المسؤولة في موضوعات نشرت لي سابقاً على موقع عنكاوا .
حول تصريحات الدكتور دوني جورج أنظر الرابط ( http://ashuriuon.assyrianconference.com/10.html ) .

أما سبب (رثائي) للدكتور (دوني جورج) فكان بسبب ما ورد في الأسطر 15 - 19 من العمود السادس للقاء الذي أجري معه على الصفحة الثانية من صحيفة آشوريون / باب حوارات (العدد الأول - كانون الثاني 2006م) ، حيث ورد ما يلي : القومية هيّ كينونة الأنسان ، لا يستطيع اليوم أن يقول (أحد) أنا آشوري وغداً أنا أميركي وبعد غد أنا أنكليزي ، لأنه إذا ... (بقية الكلام جملة طويلة مفككة ومرتبكة) .
المهم هنا ، أن المقطع الأول من تصريح الدكتور جورج يؤكد بأن الآشورية مجرد (صفة إقليمية) ، لأن الدكتور دوني جورج يقارنها مع أقاليم وليس مع أعراق ، ذلك أن الأمريكان (كما يعرف القاصي والداني) هم من عروق قومية مختلفة ومثلهم الإنكليز حيث أن مفردة الأنكليز التي تعني عند العراقيين (البريطانيين بصفة عامة وسكان دولة أنكلترا بشكل خاص) ، حيث يطلق العراقيون على جميع البريطانيين وبضمنهم الويلزي والإسكتلندي والإيرلندي البريطاني كلمة إنكليزي ، وبالمصطلح الشعبي العراقي كنية (أبو ناجي) .
مع ذلك لنفترض بأن الدكتور دوني جورج قصد بالأنكليز (الإنكليز تحديداً) ، أفلا يدري الدكتور دوني جورج ما يعرفه أي مؤرخ درس تاريخ أوربا وما يعرفه أي طالب في السنة الثانية من قسم التاريخ / جامعة بغداد ، وهو أن سكان إنكلترا (الإنكليز) كانوا ذاتهم مزيجاً من (العرقين الإيبري والكلتي القديمين والعرق الإنكلوسكسوني الجرماني  اللاحق) ، والسؤال هنا : هل فاتت على الدكتور جورج (المختص في حقل التاريخ) بأن مثل هذه المقارنة الخائبة لن تكشف إلا عن (قلة المعرفة) بماهية الفروق بين المصطلحات (العرقية والوطنية) ، وذلك من خلال إعتقاده بأن تسمية الأمريكان والأنكليز هما تسميتان قوميتان ؟!! .. أم أنه قصد من خلال هذه المقارنة (الساذجة) التأكيد على المعنى الإقليمي لمفردة الآشوريين والتي تتناقض تماماً مع مقدمته (القومية) في ذلك المقطع ، مثلما تتعارض كلياً مع ما جاء في الأسطر 27 - 30 من ذات العمود ، والتي يقول فيها : (أنا أتكلم كمتخصص) وأقول بأن القومية الآشورية هيّ التسمية الوحيدة التي تجمع كل هذه الطوائف .
الحق لا أستطيع أن أقول للدكتور جورج صاحب مثل هذه (التصريحات الساذجة واللامسؤولة) غير العبارة المعروفة - أنظر أو تفكر قبل أن تثب - : (Look before you leap) .. عله يرعوي فلا يطلق الكلام على عواهنه مستقبلاً !!

مفهوم القومية (أكاديمياً)

من البديهي أن (مصطلح القومية) هو إصطلاح مستحدث أستخدم لأول مرة في الدراسات الحديثة في مطلع عقد الخمسينات من القرن المنصرم ، وتحديداً بعد إستعماله عام 1953م من قبل الأستاذ ديفد ريسمان -David Riesman- ، يعني هذا المصطلح وفقاً للدراسات الحديثة : مجموعة محددة من البشر يلتقون في عدد من الصفات المشتركة كالصفات الطبيعية -Physical Anthropology- أو الإجتماعية / الثقافية -Social Anthropology- التي تميزهم بشكل أو بآخر عن مجاميع بشرية أخرى . للمزيد حول مفهوم القومية كمصطلح مدرسي وتاريخ نشأته وتطور مفاهيمه يرجى الرجوع للفصل المعنون مدخل .. (تعريف القومية) من الكتاب الموسوم (الكلدان .. منذ بدء الزمان) . ما يهمنا هنا أن (صفة القومية) تتطلب توفر عامل أو أكثر من عدة عوامل رئيسة وأصيلة هيّ :
1- الجذر العرقي (مسقط الرأس الواحد)
2- اللغة الأم ومسار تطورها الطبيعي
3- الثقافة الأصلية

فتعالوا هنا لنرى هل تتوفر في مدعي التسمية الآشورية الحالية (التي باركها الدكتور دوني جورج) ولو صفة واحدة من الصفات الآنفة الذكر :

1- الجذر العرقي (مسقط الرأس الواحد) :
تتفق البيانات الكتابية (Biblical) مع المدونات التاريخية للمملكة الآشورية  كتسجيلات اللمو الآشورية المعروفة بأسم ثبت خرسباد -Khorsabad- وأثبات ملوك آشور -The Assyrian King-List- وكذلك أثبات الملوك المتعاصرين -Synchronistic King-Lists- على أن بابل هيّ منبع الهجرة نحو إقليم الشمال ، كما أن الإقليم البابلي كان بطبيعة الحال منبع التهجيرات الكلدية اللاحقة ، وفي كلتا الحالتين فأن (بابل هيّ مسقط رأس) من كان يطلق عليهم قديماً تسمية الآشوريين نسبة لمملكة آشور في إطار حدودها الرافدية التاريخية ، وتتفق المدونات الكتابية والآثارية على أن مدن نينوى العاصمة الكبرى للإقليم وأرك (أورهوي / أورفا) المدينة المتمسحة (المسيحية) لاحقاً ، قد بنيت وسكنت من قبل البابليين .
فإن كان مدعو القومية الآشورية يعتقدون بأن (المصطلح الإقليمي آشور) هو (مصطلح قومي) ، أليس من الحري بهم أن يستخدموا المصلح الإقليمي الأقدم (بابل) الذي تؤكد البيانات الكتابية والمدونات الآثارية أسبقيته ومرجعيته الشرعية كمصطلح (قومي) أيضاً ، أم أن السلم (الدرج) في تصورهم يبدأ من منتصفه ؟!!
عموماً ، ما يهمنا هنا هو تأكيد ، أن (إقليم بابل) وليس إقليم آشور هو (مسقط رأس سكان مملكتي بابل وآشور) .

2- اللغة الأم :
تتفق جميع المصادر الأكاديمية على أن ما يطلق عليه اليوم خطأ تسمية اللغة الآشورية أي (لهجة مملكة آشور الأكدية) هيّ في الواقع لغة أهل بابل (شومر وأكد) ، وهيّ اللغة التي أسماها كتبتها القدماء في قواميسهم القديمة باللغة الأكادية (أكدية بحسب الكتاب المقدس) . ومعلوم لدى المختصين جميعاً ومنهما الدكتورين أبو الصوف وجورج بأن مصدر هذه اللغة هو (مدن وسط وجنوب العراق القديمة) ، وهيّ مدن كيش وبابل وسيبار في وسط العراق ومدن أريدو وأور وأوروك في جنوب العراق (قبل الهجرة الشومرية) . والحقيقة الناصعة الأخرى التي لا يجهلها أي أكاديمي عراقي متخصص في مجال التاريخ الرافدي ، هو أن ما يطلق عليها تسمية (اللغة الآشورية القديمة) إصطلاحاً هيّ (لهجة هجينة) لم تستخدم مطلقاً في وادي الرافدين ، وإنما تم إستخدامها حصراً في (بلاد الأناضول) .

3- الثقافة الأصلية :
تتفق المدونات الآثارية على أن إقليم الشمال بقي متخلفاً برغم إرتباطه لغوياً وسكانياً وإدارياً بالسلطة الشرعية في الإقليم البابلي ، أما سبب تخلفه الدائم فقد كان بسب أقتطاعه ولقرون عديدة من وادي الرافدين وضمه للمملكتين الميتانية والحثية التي سربت إلى الإقليم ثقافات أجنبية آسيوية لا ترتقي إلى مستوى الثقافة البابلية الراقية عصرذاك .
وبرغم تلك التأثيرات والشوائب الأجنبية ، فقد عاد الإقليم ثانية إلى حضيرة الثقافة البابلية الراقية على عهد توكلتي ننورتا الأول 1243-1207 ق.م مروراً بعهد شمورآمات (الكلدية) التي يعود لها فضل ترسيخ بابلية آشور ، وذلك أثناء ممارستها لمقاليد الحكم مع زوجها (شمشي حدد الخامس) حيث راحت تؤكد على أولوية اللغة البابلية الحضارية بعد إستصدارها إرادة ملكية بذلك ، وإليها يعود الفضل في ترسيخ عبادة أبن كبير الآلهة البابلية (مردوخ) الإله البابلي (نابو) إله الكتابة والمعرفة ، حيث راح يزاحم (آشور) الإله الشوباري الأجنبي ، ويذهب إلى هذا العديد من المؤرخين ، وهو ما تؤكده جوان أوتس على الصفحة 192 من كتابها الموسوم (بابل .. تاريخ مصور) حيث تقول : (أستمرت السيطرة الثقافية البابلية حتى في ذروة القوة الآشورية) ، وقد كرس سرجون في نمرود وفي خرسباد ، وهيّ عاصمة شيدها سرجون الثاني شمال شرقي نينوى ، أكبر معبد للإله (نابو أبن مردوخ) البابلي ، الذي نشرت سمير آميس وأبنها أدد نيراري الثالث عبادته في بلاد آشور .
ومما يؤكد نجاح شمورآمات في مسعاها إلى (بابلية آشور) أي تبعية آشور الثقافية إلى بابل ، هو ما أن تسلم أبنها (حدد نيراري الثالث) مقاليد الحكم حتى أمر ببناء معبد كبير  للإله البابلي نابو في كلخو / نمرود مع تكريس تمثال للإله نابو كان هو الأكبر بين كل تماثيل آلهة اقليم آشور ، ولم يكتف بذلك ، بل نقش عليه عبارة (ثق بالإله نابو ولا تثق بإله غيره) !
أما عن الأسرة السرجونية التي أقتبست تسمية ملك كيش الكلدي شروكين فحدث ولا حرج ، وهنا نضرب مثالين لا أكثر وهما (مكتبة آشور بانيبال) والتي كان جلها مستنسخات ومقتنيات من مكتبات إقليم بابل مع أعداد هائلة من المنهوبات التي نقلت إليها أثر تدمير آشوربانيبال لمدينة بابل . أما المثال الآخر فكان في أخذ ملوك آشور ليد الإله مردوخ في بابل من أجل الإعتراف بهم كملوك شرعيين للبلاد ، ويعلم الدكتوران أبو الصوف وجورج بأنه ما من ملك بابلي أخذ على طول التاريخ يد الإله الأجنبي آشور .

السؤال الموجه هنا لهؤلاء المختصين في تاريخ الرافدين القديم وتحديداً (الدكتور دوني جورج) هو : إن كان مسقط رأس سكان المملكة الآشورية هو إقليم بابل ، وإن كانت اللغة الأصلية لسكان مملكة آشور أصلها أقليم بابل ، وإن كانت ثقافة إقليم آشور مصدرها بابل ، وهو ما تتفق عليه المصادر التاريخية والآثارية والكتابية (الكتاب المقدس) ، وبإختصار ووضوح شديدين أقول : إن لم تكن لسكان مملكة آشور الوافدين من بابل لغة أصلية وثقافة أصلية ، وإن كانت بابل كما أثبتنا كلديتها في كتابنا الموسوم (الكلدان .. منذ بدء الزمان) هيّ مصدر تلك الهجرات والتهجيرات .. (فعن أية قومية آشورية تتحدثون) ؟
 

عامر حنا فتوحي / مشروع متحف بابل - الولايات المتحدة الأمريكية
باحث أكاديمي متخصص في (تاريخ وفنون وادي الرافدين)
www.amerfatuhiart.com


إنتباهة :
تم رفع هذا الموضوع من موقع عنكاوا ومراسلتي بهذا الصدد بسبب إعتقاد الأخوة بكون العنوان السابق يمثل إساءة لواحدة من تسميات شعبنا وهيّ هنا تسمية (الآشورية) ، ولكي لا يكون هنالك أي سوء فهم فقد قمت بتغيير العنوان .
علماً ، أن وجهة نظر الأخوة في موقع عنكاوا هيّ (وجهة نظر غير صحيحة) علمياً ، ذلك أن هذه التسمية الأجنبية الدخيلة لا تمت إلى شعبنا بأيما صلة ، والدليل على ذلك مهاجمتها من قبل الأخوة الآثوريين أنفسهم ، وعلى سبيل المثال فحسب ، أستشهد بما جاء في موضوع القس المهندس عمانوئيل يوخنا الموسوم (حربنا حرب التسمية) حيث يقول عن التسمية الآشورية : بأنها تسمية (مقززة) .. مع ذلك لم يعتبر موقع عنكاوا كلمة (مقززة) بمثابة إساءة !!
تمنياتي لكادر عنكاوا وبخاصة لأخي العزيز أمير المالح المحترم كل الخير والموفقية ، ولكن أتمنى أن يعيدوا حساباتهم مستقبلاً فيما أكتب ، ذلك أنني لا أطلق الكلام على عواهنه كما يفعل البعض وإنما (أعني ما أقول وأقول ما أعني) عن دراسة وتمحيص .

إنتباهة ثانية :
لأدعياء الآشورية الباطلة الذين لا يسعني إلا (السخرية من أفكارهم وأوسمتهم الفنتازية المصنوعة من الخرافة والأباطيل) أقول :
أتمنى على من يريد محاججتي من المؤرخين (الأكاديميين) حصراً ، أن يمتلك الشجاعة الكافية ليعطيني فكرة مختصرة عن تاريخه ومواقفه الشخصية في ظل النظام البائد (كما فعلت أنا) في مقدمة الموضوع ، ولنرى بعدئذ من الذي ستنطبق عليه مبتكرات (دورات الطعن والإتهامات الجاهزة) التي يوجهها (دون كيخوتات) الإنترنيت لكل كاتب كلداني غيور على قوميته ووطنه ، وبشكل أوضح ، من هو العروبي العفلقي المرتزق ، أهم أبناء الأمة الكلدانية الغيارى على وحدة تراب وطنهم الأم العراق (بيث نهرين) والحريصين على تآخي جميع أطيافه في ظل نظام ديمقراطي تعددي ، أم هؤلاء الإنفصاليين الذين (نزحوا مرتزقة مع المستعمرين) وعاشوا على فتاتهم متسكعين لعقود بين دكاكين السياسة ومناوراتها المزرية (يبحثون عن وطن بديل وعن هوية تلملمهم) ؟
نحن أيها السادة المتسكعين نعرف هويتنا ومسقط رأسنا ولغتنا وتاريخنا (الكلدي البابلي) جيداً ، فهل تعرفون أنتم هويتكم ومسقط رأسكم ولغتكم وتاريخكم ؟[/b]

21
أكيتو 7306 ك .. تصويبات وإضافات !



الحق ، كنت قد قررت منذ بضعة أشهر أن أتجنب الدخول في مطب السجالات الإنشائية وبخاصة مع بعض المتصيدين الذين لا يهمهم من الكتابة هنا أو هناك إلا نفث عقدهم وأوهامهم في هذا الموقع أو ذاك ، وكان قراري المدروس ذاك لتحجيم وسد الطريق على من يعملون وعن نية مبيتة إلى جرنا إلى متاهة مهاترات تضر ولا تنفع ، ناهيكم عن إدمان البعض ممن يمتلكون فسحة وافرة من الوقت من الذين يستغلون حرية طرح الرأي في هذه المنابر الحرة من أجل التعريض والتجاوز الشخصي التي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بمفهوم حرية الرأي والرأي الآخر ، لهذا عمدت إلى إهمال عدد من الكتاب الإنشائيين الذين يذكرونني بقطع (الهنكيري) وهيّ عصابات جلدية كان سائسوا ربلات النقل (العربنجية) يضعونها على عيون الخيول ليحدوا من زاوية نظرها فتعدوا في خطوط (محدودة الأفق) ورتيبة .
أن حوار الطرشان مع هكذا نمط من (الكتاب الهنكيريين) الذين لا يريدون أن يوسعوا من آفاقهم ، والذين يتعاملون مع النصوص التاريخية وفق رؤية إنتقائية أحادية متخلفة وتفسيرات جاهزة لا تقبل التحليل والتفسير العلمي التي هيّ عماد عمل المؤرخ ، هو نوع من الكتابة على الماء أو ضرب في الهواء ، بخاصة وأن هذا النمط من البشر هم أشد الكتاب خطراً على أنفسهم وعلى جمهرة القراء ، لأنهم يريدون أن ينفعوا فيضروا ، وكما يقول المثل الشعبي العراقي (راد يكحلها عماها) .

أن الذي يريد أن يستفيد حقاً من خبرة الآخرين عبر الحوار البنّاء والمتحضر ، لا يغض النظر عمداً عن الكثير من الحقائق والبيانات التاريخية والآثارية التي أوردناها في مواضيع سابقة وذلك (لغاية في نفس يعقوب) ، علماً أن تلك البينات التي نشرناها لا تمثل إلا نسبة ضئيلة مما يتوفر من بينات آثارية ووثائقية ، وللعلم أيضاً فأنه برغم وفرة الأخيرة فأنها لا تمثل بدورها إلا نسبة متواضعة قياساً بحجم الآثار والشواخص التاريخية التي لم يكشف عنها بعد في وطننا الأم .
وحري بالذكر هنا ، أن هنالك ما يزيد على ثمانمائة (يشان) أي موقع تاريخي مشخص وعدد آخر مجهول وغير مشخص لا تتوفر لدى المديرية العامة للآثار والتراث الكادر والوسائل والآليات وظروف العمل المناسبة للكشف عن محتوياتها ، ناهيكم عن ما يزيد على 150 موقع آثاري تم إكتشافها أثر تجفيف النظام البائد للأهوار ، وقد تم نهب هذه المواقع كلياً خلال السنوات المنصرمة الأخيرة من قبل مهربين محترفين بالتنسيق مع جهات (إيرانية وخليجية) ، وذلك بحسب الدراسة الأكاديمية الموسومة (Mesopotania Endangered- Witnessing the Loss of History) والتي قامت بنشرها قبل ما يقرب من عام البروفيسورة الآثارية (JoanneFarchakh) عضوة المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو ، وتشكل هذه المواقع المجهولة لنا تماماً ثروة معلوماتية مضيعة بسبب نهبها غير المنظم من قبل سرق الآثار بالتعاون مع البسطاء والفقراء من أبناء شعبنا في محافظتي ميشان وذي قار (كلدو القديمة) .
مع ذلك ، فأن مراجعة بسيطة لما ينشر في الجورنالات الآثارية سواء في العراق أو العالم لتؤكد وبشكل قاطع ما توصلنا إليه في الكتاب الموسوم (الكلدان منذ بدء الزمان)ليعلم أبناء أمتنا الكلدانية العزيزة بأنه سيكون هنالك دائماً أشخاص مدفوعين بسبب أو بآخر لتحجيم تاريخنا ، وأمثال هؤلاء (عميان وإن كانوا يبصرون) . ولن يجني أمثال هؤلاء المتقولين الذين يعتقدون بأن بمقدورهم أن يمنعوا إشراقة الشمس بغرابيلهم إلا الخيبة والخسران .

أهيب هنا بجميع الأقلام الجادة والرصينة من كتّاب أبناء أمتنا الكلدانية أن لا يسكتوا عن الحق أو يجاملوا بحجة المرونة أو الرغبة في الحوار ، لأن هؤلاء المتقولين علينا لا ينفع معهم أي حوار موضوعي بسبب من إنغلاقهم ودوافعهم المبطنة ، كما أن هؤلاء لا ينطبق عليهم إلا القول العراقي المعروف (ما ينرجي خير منه لو تشعل له العشرة شمع) . بالنسبة لي أنا أؤمن بقدرة أبناء أمتنا العريقة على التمييز بين (الغث والسمين) ، بين (من يسعى لرفع الغبن التاريخي) عن كاهل أبناء أمتنا العريقة وبين (من يسعى خائباً للإنتقاص وتحجيم تاريخنا) معتمدين على كتابات نشرت في خمسينات وستينات القرن الماضي ، ناهيكم عن مصادر آخرى عمادها الإستنتاج المحض وهيّ مصادر يعرف أي متخصص عراقي في الآثار والتاريخ بأن الدهر قد أكل عليها وشرب .

لقد كنا وما نزال نأمل مع إطلالة كل أكيتو جديد أن يكف العراقيون من (أبناء أمتنا الواحدة) عن الدخول في المساجلات الإنشائية العقيمة التي تفرق ولا تجمع ، كما كنا نأمل وما نزال أن يكف (الدخلاء) على الشؤون الرافدية من (غير العراقيين) ممن حاولنا أن نبين لهم عبر الدليل الآثاري والوثيقة التاريخية والتأكيدات الكتابية (Biblical) خطل قراءتهم للتاريخ الرافدي وسطحية فهمهم للفروق ما بين المصطلحات الوطنية والعرقية والطائفية ، لكننا للأسف الشديد نجد أن الأقلام ذاتها التي تعودت أن تنتقص من الكلدان من ناحية وتروج من ناحية أخرى لمعلومات قاصرة وبعيدة عن المنطق العلمي والتاريخي ، إنما تعاود في كل عام إلى إجترار الكتابات السابقة الخائبة ، مما يدعونا إلى معاودة الكرة لدحض مغالطاتهم تلك على أمل أن تتوقف هذه الممارسات المغلوطة والمشبوهة لهؤلاء الذين يحسبون أنهم يعلمون وهم لا يعلمون ، وكذلك ممارسة (أشباههم في القصد) ممن لا يريدون أن يستوعبوا حقائق التاريخ الدامغة ، لاسيما بعض الموهومين من كتاب هذا الموقع أمثال اللبناني السيد كيفا وأشباهه ممن يحاولون عبثاً (إحتواء العراقيين من أبناء الطائفة السريانية عبر قطع جذورهم الرافدية وتجيييرهم للسوريين) وهو ما آمل أن ينتبه له أبناء طائفتي السريانية العراقية التي أنشقت في الجيل السابع عن جسم كنيسة المشرق في بابل ثم عادت إلى حضن الكنيسة الجامعة في منتصف القرن الثامن عشر للميلاد ، إن إنتماء أبناء الطائفة السريانية العراقية لجذورهم الكلدية البابلية لا يمكن أن يتجاهلها إلا من لا يؤمن بإنتمائه العراقي الرافدي ، وأمثال هؤلاء أتمنى لهم أن تكون سوريا محطتهم الأخيرة ، هذا إن قبلتهم ؟!!
أن هؤلاء الذين يحاولون عبثاً أن يمرروا على الكلدان (على تنوع مسمياتهم) سمومهم مغلفة بالعسل ، منتقصين من مصداقية مطلع التاريخ الكلدي 5300 ق.م برغم كل الدلائل المادية الآثارية والوثائقية والكتابية التي تناولناها بالتفصيل في كتاباتنا السابقة عبر موقع عنكاوا ، وهؤلاء الذين يتوهمون بأن الإنتقاص من التاريخ الكلدي عبر إستخدام مفردات غير علمية مثل (مهزلة) لوصف وتحجيم التاريخ الكلدي ، لا يكشفون في حقيقة الأمر إلا عن هزالتهم الشخصية وإنعدام قدرتهم على توصيل النقاط ما بين كلدان اليوم وبناة أريدو (الكلدان الأوائل) 5300 ق.م ، وهيّ مواضيع توصلنا إلى تأكيدها عبر رحلة ربع قرن من الدراسة النظرية والمختبرية والموقعية ومن خلال التحليل العلمي لعشرات البيانات والوثائق الآثارية التي أمتدت على ما يقرب من أربعمائة صفحة من الكتاب الموسوم (الكلدان منذ بدء الزمان) .

نصيحتي المخلصة للسيد كيفا وأمثاله من المشككين المتطفلين على التاريخ الرافدي ممن لا جدوى من مناقشتهم ولا يستحقون إلا الإهمال الكامل ، أن (يواجهوا مخاوفهم بشجاعة) من خلال قراءة كتابنا أولاً ، بدلاً من توجيه عبارات الإنتقاص الجاهزة نحو الكتاب الكلدان وبخاصة أينما وردت إشارة عني أو إستشهاد بما جاء في كتابي الذي لا يجروء أمثال السيد كيفا أن يقرأوا صفحة منه . نصيحتي الأخرى للسيد كيفا شخصياً هيّ : أن يتخلص من عقدة (عامر فتوحي السرياني الطقس الكلداني القومية) التي تقض مضاجعه ، بالنسبة لي أنا سرياني الطقس كلداني القومية عراقي الولاء ، ولن أبيع إنتمائي الرافدي الكلدي لا بسوريا كلها ولا بالقومية السريانية السورية المتخيلة ولا بأي بديل آخر ، نصيحتي الأخيرة أن ينتبه السيد كيفا لنفسه وشؤون بيته القومي السوري المتخيل ، وكما يقولون هنا في أميريكا لأمثاله (Get a Life) .

عموماً ، أكتفي هنا بنشر موضوع (أكيتو) هذا بمناسبة رأس السنة الكلدانية البابلية (7306ك) مشاركة لأبناء أمتي الكلدية العريقة بهذه المناسبة الرافدية العزيزة على قلوبنا . مع وعد مني بنشر مواضيع مستقبلية من نمط جديد (بأستثناء الموضوع القادم) الذي سيوجه لردع المتجاوزين على مصداقية الإنتماء القومي الكلداني العريق ، أما  الغاية الرئيسة من مواضيعي القادمة الجديدة فهي ، إلقاء المزيد من الضوء على مناطق (محرمة) عمدت السلطات الظالمة المتعاقبة على وطننا الأم إلى إغراقها في لجة الظلام لقرون عديدة ، وذلك منذ الإحتلال الأخميني مروراً بالغزو الإسلامي لوطننا الأم (بيث نهرين) حتى اليوم . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى سأسعى من خلال هذه المواضيع إلى كشف ما قامت به تلك السلطات الظلامية المصابة (بمركب النقص) من تسخير لآلتها الدعائية من أجل ترسيخ تواريخ محرفة ومزيفة في الذهن الجمعي لسكان (البلدان الناطقة بالعربية) بعيداً عن المنطق والواقع التاريخي ، وتوضيح أثرها السلبي على العراقيين بشكل عام والكلدان بشكل خاص . ومن جملة هذه المواضيع التي آمل أن أنشرها قريباً : (عرب عراقيون أم مستعربة ؟) ، (هل فلسطين حقاً عربية ؟) ، (مناهج التدريس العراقي بين الطفيرة والحية ودرج) ، (الحروب الصليبية وتحريفات الإعلام العروبي) ، (إغتيال التاريخ الرافدي .. أقلام وأفلام) .

أكيتو .. رأس السنة الكلدانية البابلية
يعود الإحتفال (برأس السنة الرافدية) في الأول من نيسان إلى السلالة البابلية الأولى ، أي إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد ، إذ تم على عهد هذه السلالة العمورية التي تنحدر عن الكلدان الأوائل ترتيب حلقات الحياة بشكلها شبه النهائي في حياة سكان ما بين النهرين ، سواء من الناحية الدينية أو الإقتصادية أو الإجتماعية ومنها (توحيد التقويم) ، فصار (الإحتفال الرسمي بعيد أكيتو في بابل) يمثل منذ وقتذاك عيد رأس السنة ، ولا تجرى إحتفالات المدن الأخرى وبضمنها (أحتفالات مدن كلخو وآشور ونينوى التي أجريت لبعض الوقت "في نينوى" إلا بعد الإنتهاء من الإحتفال الرسمي في بابل) ، فيما صار يحتفل في (الخامس عشر من شهر أيلول) بعيد التجدد أو عيد شجرة الحياة (النخلة المقدسة) .
أما قبل ذلك التاريخ فكان الإحتفال بأكيتو -Akitu- أو كما يسمى بالسومرية أكيتي -Akiti- يمثل أحد مناسبتين رئيستين (أكيتو وزاكموك) ، اللتين كان الوسط جنوبيون (يحتفلون بهما منذ عهد الكلدان الأوائل في أريدو 5300 ق.م) ، وكان هذين الإحتفالين يتميزان بأهمية خاصة في أريدو وكيش وأور وأوروك في فترة ما قبل الهجرة السومرية 3500 ق.م حتى نهاية العهد السومري الحديث 2112-2004 ق.م ، وكانت أور ممثلة بإلهها ننار -Nannar- الإله القمر (إله الحكمة) تلعب دوراً رئيساً في هذه الإحتفالات ، وبخاصة في عهد سلالة أور الثالثة .

وبديهي أن الرافديين الوسط جنوبيين القدماء من الكلدان الأوائل والسومريين كانوا قد أعتمدوا الإعتدال الخريفي زاكموك -Zagmuk- الذي يتم فيه جني التمور كبداية للسنة مع احتفالهم بكلا الاعتدالين الربيعي والخريفي بذات القوة والأهمية ، لكن بداية السنة وهي الترجمة الحرفية للكلمة السومرية (زاكموك) الذي تبناه السومريون كانت طقوسه تتركز حول (قدسية شجرة النخيل) وممارسة شعائر الخصب والتجدد / الزواج المقدس -Hashadu- ممثلة في العهد البابلي بمردوخ -Mardukh- الإله الوطني للبابليين وزوجته صربانيتم -Sarpanitu(m)- اللذين يمثلهما على الأرض الملك البابلي وكاهنة المعبد العليا -السيدة الإلهية- إينتوم -Entu(m)- .

والحقيقة فإن الأسم أكيتو مشتق عن تسمية قديمة جداً هي آكيتي شي كور كو - a-ki-ti-she-gur10-ku5- وهو عيد جز الصوف الذي كان يحتفل به منذ القديم في الفترة ما بين شهري آذار ونيسان (الموافق لشهر نيسان الحالي) ، وكان يعني عند العامة أيضاَ رأس السنة الجديدة وبخاصة في العهد قبل السرجوني (شروكين الكبير إمبراطور أكد) -Pre-Sargonic Period- ، حيث كان يحتفل به كما يثبت لنا ذلك نص لوح وصلنا من كرسو -Girsu- في مدينة أور الكلدان أولاً ، ثم بعد إنتهاء الإحتفالات الرسمية يحتفل به في مدينة نيبور ، ولكن مع هيمنة العموريين المنحدرين عن الكلدان الأوائل لازمته صفة (عيد بداية السنة) أي رأس السنة وبالبابلية القديمة (أكدية) بابل الكلدية الأصل -Resh Shattim- ، فصار أكيتو الإحتفال الرسمي الوحيد الخاص برأس السنة الجديدة ومركز إحتفاله الشرعي بابل .

لهذا أنفرد البابليون بممارسة طقوس الأحتفال بعيد رأس السنة البابلية (أكيتو) في الأول من شهر نيسان من كل عام ، فيما كان الإحتفال بهذه المناسبة يتم في المناطق الأخرى من وادي الرافدين وخاصة في إقليم الشمال شوبارو / آشور في تواريخ لاحقة (أي بعد الأنتهاء من أحتفالات العراق القديم المركزية في بابل) .

وبديهي أن الإله الوطني للبابليين (مردوخ) كان هو محور الإحتفال بعيد أكيتو سواء كان ذلك في بابل التي كانت هيّ المدينة الأولى التي يحتفل بها بهذه المناسبة المهمة أو في المدن الأخرى ، ولكن بعد دمار بابل على يد ملك الدولة الآشورية سنحاريب عام 689 ق.م توقفت الإحتفالات العظيمة في بابل لبضع سنوات ، فقام سنحاريب بالإحتفال بعيد أكيتو في عاصمته نينوى جاعلاً (الإله الشوباري الأصل آشور) يلعب الدور الرئيس في الإحتفالات ، مما أثار نقمة سكان أقليم آشور المهاجرين والمهجرين من بابل ، فأنقلب عليه أهل بيته وتمكن أحد أبنائه من قتله ، وهنا قام أبنه أسرحدون عن نية حسنة أو بناءً على رغبة والدته الكلدانية نقية / زاكوتو باللغة البابلية -Naqia / Zakutu- بإعادة تعمير بابل ، وإعادة طقوس مراسيم الإحتفال بكبير آلهة العراق القديم والإله الوطني مردوخ في بابل .
ويعتبر قمبيز الثاني -Cambyses II- أبن كورش الثاني -Cyrus II- آخر ملك قام بمراسيم أخذ يد الإله مردوخ في بابل عام 529 ق.م ، وذلك قبل تدمير زقورة بابل ومعبد الإيساكيلا في عام 482 ق.م في عهد الملك الأخميني أحشويرش الأول -Artaxerxes I- ، لكن الإحتفال بعيد أكيتو (بقي مستمراً في الإقليم البابلي) بحسب الوثائق التي جاءتنا من مدينة أوروك حتى منتصف القرن الثاني ق.م .
 
والحق فإنه منذ العهد البابلي القديم كانت جميع الأنظار تتطلع في الأول من نيسان من كل عام صوب بابل -Babel- العاصمة الرسمية للبلاد ، حيث كانت تجرى فيها الاحتفالات الباذخة وسط تجمعات بشرية هائلة تحج إليها من كل أنحاء البلاد الرافدية القديمة وبضمنها الأحواز والشريط البحري الممتد حتى قطرايا ومنطقة الفرات الأعلى وصولاً إلى حران .
وكانت الإحتفالات تجرى على مرحلتين وفي موقعين مختلفين هما معبد الإله الأعظم مردوخ إي ساك إيلا -E sag ila- أي المعبد المرفوع الرأس في زقورة بابل الشهيرة المعروفة بأسم إيه تيمن آن كي -E-temen-an-ki- أي بيت أسس السماء والأرض ، أما الموقع الآخر فهو المعبد المعروف بأسم بيت أكيتو (Bit Akitu) الذي يقع خارج أسوار المدينة من جهة الشمال .
وجدير بالذكر ، أنه منذ مطلع الألف الأول قبل الميلاد عمد البابليون إلى تحاشي مناداة (الإله مردوخ) بأسمه المجرد بسبب سطوته الإلهية وهيبته في نفوس المؤمنين ، وبدلاً من ذلك راحوا يستخدمون أثناء ذكرهم له صفته الرمزية (إيلو بعل) أي (السيد الإله) المشابهة لما أعتمده كتبة العهد القديم في إستخدامهم لعبارة (الرب الإله) كصفة لإيلوهيم / ألله العبراني .

يبدأ عيد رأس السنة الجديدة أكيتو في اليوم الأول من شهر نيسان ويستمر لمدة أحد عشر يوماً . وتخصص الأيام الثمانية الأولى لممارسات التكفير عن الذنوب ولا يسمح لغير كهنة القداديس الإحتفالية الأوريكالو -Urigallu-  بالإقامة في معبد الإيساكيلا الملحق ببرج بابل المسمى إيتيمناكي ، حيث تقام الصلوات وتنشد التراتيل ، وفي اليوم الرابع يفتتح الإحتفال جماهيرياً ويعلن الكاهن الأعلى للإيساكيلا الشيشكالو -Sheshgallu- بدء المراسيم الإحتفالية للسنة الجديدة على مستوى العامة ، مبتدئين بالتلاوة الشعرية لأسطورة الخليقة البابلية الإينوما إيليش -Enuma elish- التي تعني عندما في العلى ، وذلك من قبل كاهن القداديس الإحتفالية الأوريكالو مصحوباً بكادر من الممثلات والممثلين الذين يقومون بتمثيل تفاصيل الملحمة وما تزال هذه التمثيليات الشعبية تشاهد في تمثيل (تشابيه) معركة (الطف) في كربلاء (كربة إيل / الكلدانية) من قبل أبناء الطائفة الجعفرية الذين ينحدر معظمهم عن البابليين الكلدان ، مثلما كانت تشاهد من قبل (إبان العهد المسيحي في العراق) ، وذلك في تشابيه أحداث (الثلاثة العظيمة) وهيّ الجمعة العظيمة وسبت النور وأحد القيامة التي كنت تمثل من قبل المجاميع الكنسية في إقليم بابل أو كما كانت العرب بعد التوسعات الحجازية تطلق عليه تسمية (العراق الأعجمي) لغلبة العنصر الكلداني عليه .

وما يهمنا هنا أن أحتفالات أكيتو بإتفاق جميع المؤرخين ومصادقة الأدلة الآثارية ، إنما كانت تمارس من قبل العراقيين القدماء (بشكل رئيس ومركزي في بابل) ، ذلك أن (عيد أكيتو) أبتدأ وأنتهى في العراق القديم عيداً وسط جنوبي (إقليم بابل) ، ولم يكن في يوم من الأيام من إبتكار إقليم آشور .
كما أن الوسط جنوبيين من الكلدان الأوائل كانوا يحتفلون به منذ تأسيس أولى مدن ما قبل الطوفان (أريدو) صاحبة أول معبد بأسم (إي ساك إيلا -E sag ila-) بحدود 5300 ق.م ، وذلك وفقاً لما جاء في المدونات والملاحم التي ترجع للعهد البابلي القديم ، فيما لم تعرف مدن الإقليم الشمالي هذه الإحتفالات رسمياً (إلا في حدود 1200 ق.م) ، وذلك أثر نقل توكلتي ننورتا الأول (تمثال الإله مردوخ إله البابليين) إلى إقليم آشور مما أدى إلى إحتفال السكان (جلهم من المهاجرين والمهجرين الكلدان) بعيد أكيتو الذي تدور أحداثه (حول تنظيم مردوخ للكون) ، وهو ما يدحض تماماً المغالطة التي تشاع من قبل البعض من غير المتخصصين في مجال الدراسات التاريخية حول عائدية عيد أكيتو لإقليم آشور ؟!!

للمزيد من التفاصيل حول عيد أكيتو البابلي الكلدي ، أيامه والتفاصيل الدقيقة عن المشاركين في إحيائه وبقية التفاصيل الأخرى المرتبطة به يرجى مراجعة الفصول (أكيتو رأس السنة الكلدانية / البابلية 5300 ق.م) ، (سنة آشورية .. أم سنة كلدانية بابلية ؟ ) ، (الأعياد القومية الكلدانية) ، (التقويم في العراق القديم) ، (السياسة والدين في العراق القديم) وذلك ضمن أجزاء الكتاب الموسوم (الكلدان .. منذ بدء الزمان) .

إضافات

إضافة أولى : قرأت قبل فترة موضوعاً شيقاً للسيد إبرم شبيرا حاول من خلاله أن يفسر مبرر إعتماد أخوتنا الآثوريين لرقم سنتهم غير الواقعية بالنص التالي : (في الخمسينات من القرن التاسع عشر تمكن الآثاريون من التوصل إلى استنتاج مفاده بأن معبد مدينة آشور كان قد شيد بحدود عام 4750 ق.م. ثم اعتمد هذا التاريخ كبداية للمدنية والحضارة ) !!!
لتصويب هذه المغالطة العلمية التي لا أساس لها من الصحة نذكر ما يلي :
1- إن تلك الإستنتاجات التي طرحها البعض قبل ما يزيد على قرن ونصف من الزمان ولم يتقبلها المحفل الأكاديمي لم تكن مدعمة بأية أدلة علمية أو نصوص تاريخية إنما كانت محض توقعات عتيقة تجاوزتها المكتشفات التاريخية اللاحقة منذ قرن تقريباً ، ويكفي لدحض الرقم اللاواقعي للسيد شبيرا (4750 ق.م) الإستشهاد بما جاء في ترجمة مجلدي العالم الآثاري الألماني فالتر أندريه (Die Archaischenischen Ischtar - Tempel In Assur) ناهيكم عن العشرات من المصادر الأحدث عمراً . أن تصويب التوقعات غير المؤكدة مسألة طبيعية عند المؤرخين ولعل خير مثال على ذلك ، تصويب أسم الملكة الأورية بوآبي وأسم الملك أورو-أنيمكينا اللذين كان الآثاريون في القرن التاسع عشر يقرأونهما شبعاد وأوركاجينا ، لذلك فأن إحتساب السنة (4750 ق.م) في ضوء المكتشفات الحديثة هيّ مسألة باطلة علمياً جملة وتفصيلاً .
2- أن تاريخ بناء أول معبد للإله الهندوأوربي الشوباري الأجنبي الأصل (آشور) في ضوء المكتشفات اللاحقة إنما قد تم بحدود أواخر القرن الثاني ومطلع القرن الأول ق.م ، أي في عهد الشيخ الشوباري أوشبيا ذو التسلسل 16 بين الشيوخ الشوباريين البدو من (ساكني الخيام) ، وللعلم أيضاً أن أوشبيا الأجنبي هذا قد بنى (معبد آشور) ذاك على أساس معبد سومري قديم مخصص للإلهة إنانا (عشتار).
3- يتبين مما أشرت إليه آنفاً وهو ما يتفق معه جميع الآثاريين المحدثين بأن التاريخ غير الواقعي 4750 ق.م هو تاريخي غير صحيح وهو بالتالي تاريخ قائم على وهم باطل ، مع ذلك لن أستغرب من أخوتنا الآثوريين أن يقيموا أحتفالاتهم في العام القادم معتمدين ذات التاريخ الباطل علمياً ، والسؤال هنا (من يضحك على من) ؟
** المثير للإبتسام أيضاً ما ذهب إليه السيد شبيرا حيث أشار في ذات الإستشهاد السابق بأن (ذلك التاريخ غير الواقعي -4750 ق.م- قد أعتمد من قبل العلماء كبداية للمدنية والحضارة) ، ولن أعلق على مثل هذه العبارة غير المنطقية إلا بقولي للسيد شبيرا وكافة أخوتنا الآثورين : للتأكد من خطل هذا الزعم يرجى مراجعة أي مسرد تاريخي حديث للعراق القديم لمعرفة كيفية تصنيف العصور التاريخية وما سبقتها من عصور ، وبالتالي التأكد من إتفاق الآثاريين المحدثين جميعاً على أن الإقليم البابلي هو موئل الحضارة والمدنية الراقية في العراق القديم .

إضافة ثانية :
كيفية إحتساب تاريخ السنة الكلدانية البابلية (7306ك) وماهية الدلائل العلمية الآثارية والكتابية التي تدعمها ؟ .. يعتمد الكلدان المعاصرون إحتفالات عاصمة الكلدان الأولى (أريدو) التي تأسست بحدود 5300 ق.م (في قلب موطن الكلدان التاريخي - مات كلدو) كبداية للتاريخ الكلداني البابلي ، ومما يدعم مصداقية هذا التاريخ وواقعيته ونسبته للكلدان الأوائل هو :
1- لم تعرف مدن العراق القديم معبداً رسمياً للإله الوطني البابلي مردوخ إلا في مدينتين هما ضاحية أريدو المعروفة بأسم كو-ارا وضاحية المركز لمدينة بابل ، كما أن كلا المعبدين الرئيسين لهاتين المدينتين العريقتين حملا التسمية ذاتها إي ساك إيلا -E sag ila-  وهذا لم يأتي عن طريق المصادفة وإنما بسبب أن سكان كلتا المدينتين كانوا من الكلديين .
2- حملت كلتا المدينتين أريدو وبابل عبر آلاف السنين ذات الكنية (نون كي) والتي تقابلها عبارة (شباط بلاطي) أي موطن الحياة = النخيل وهذا ما يتوافق تماماً مع ما جاء في جداول أنساب الملوك ، ومعلوم لدى المؤرخين والآثاريين المحدثين بأن بناة أريدو وأوار وأوروك القدماء لم يكونوا من السومريين الذين وفدوا من شمال العراق القديم إلى جنوبه في حدود 3500 ق.م ، وإنما كانوا كما تثبت ذلك العديد من الدراسات الحديثة من الأكديين القدماء (تسمية موقعية) وبمعنى آخر من الكلدان الأوائل 5300 ق.م بدلالة وحدة اللغة والتراث الروحي والثقافي ودلالات أخرى عديدة أوردناها مفصلة في كتاب (الكلدان منذ بدء الزمان).
3- حول عراقة الكلدان وقدمهم في التاريخ الرافدي نستشهد أيضاً بما جاء في تسجيلات الملك الكلداني نبوناصر (747-734 ق.م) الذي (أعترف بتدميره لكافة التسجيلات التاريخية للملوك الكلدان الذين سبقوه) ، ولو أتيح لأي قارئ مشاهدة بعض المكتبات المكتشفة في الإقليم البابلي لهاله عدد الألواح التي تتجاوز الألف في بعض تلك المكتبات الصغيرة ، فكيف بمكتبة ملكية لملك كنبوناصر الذي عرف عنه إهتمامه المفرط بالتدوين ؟
ومعروف أيضاً أن (ملك آشور سنحاريب) قد قام أيضاً في وقت لاحق بتدمير المكتبات الكلدانية وحرق دور العلم في بابل ومن ثم أغراقها بماء الفرات ، وهو ما فعله الغزاة المغول تماماً بعد ألفين عام تقريباً بالعاصمة بغداد ، لهذا لن نستغرب تلك الندرة الغريبة في الألواح التي تسجل التاريخ العريق للكلدان ، لكن ما سلم (لله الحمد) من تخريب نبوناصر وسنحاريب يكفينا اليوم لشد لحمة تاريخنا الكلدي الحديث بتاريخ أسلافنا الكلدان الأوائل (سكان العراق الأصليين) .
4- يؤكد الكتاب المقدس في أكثر من موضع (عراقة الكلدان وقدمهم في التاريخ الرافدي) ويكفي هنا الإستشهاد بسفري التكوين وإرميا للتدليل على ذلك .
5- تؤكد (موسوعة البابليات) للمؤرخ البابلي المعروف (برحوشا) الذي أطلق عليه الإغريق تسمية (فم الذهب) والذي عاش في مطلع القرن الثالث ق.م (أي قبل حرب التسميات التي يخوضها اليوم أبناء شعبنا الواحد) ، بأنه قد أعتمد في تدوين موسوعته تلك على التسجيلات الرافدية القديمة التي لم يعثر على معظمها حتى اليوم ، ويؤكد ذلك المؤرخ القديم (الذي نهل من علمه العديد من المؤرخين الكلاسيكيين) بأن (أول ملك حكم وادي الرافدين القديم كان كلدانياً) ، وأن بداية حكمه كانت في عاصمة الكلدان الأوائل (أريدو) وهذا ما تؤكده جداول سلالات ما قبل وبعد الطوفان (Nam-lu-gal) ، وطبعاً هذا التأكيد التاريخي الذي تدعمه المكتشفات الآثارية جاء قبل تأسيس زوعا وحزب الإتحاد الديمقراطي الكلداني وقبل نشوء (عقدة السيد كيفا) بآلاف السنين.
6- يطلب الكتاب المقدس شهادتين من أجل المصادقة على أمر ما ، وها نحن هنا نذكر (خمس شهادات دامغة) ناهيكم عن ضعف هذا العدد من الشهادات اللغوية والتراثية التي تتواجد في المدونات التاريخية والأدبية ولا سيما في أساطير المدن الرافدية القديمة وأساطير الآلهة وكثير من الإستشهادات الأخرى القديمة والمحدثة التي قمت بتناولها بشيء من التفصيل في كتاب (الكلدان .. منذ بدء الزمان) ، والتي أضفت لها الكثير في النسخة الإنكليزية المنقحة والمزيدة ، التي سيقوم كادر من كبار الأساتذة الجامعيين المتخصصين بشؤون الشرق الأدنى القديم في جامعة ميتشيغان وبمؤازرة من البروفيسور (Chancellor D. Little) بالتقديم له بمشيئة الرب .

أخيراً ، أنتهز هذه المناسبة العزيزة عيد أكيتو (رأس السنة الكلدانية البابلية 7306ك) لكي أتمنى ثانية لأسرتي (عنكاوا وكالديا) وجميع القراء الأعزاء دونما إستثناء والعراقيين جميعاً سنة حافلة بالخير والموفقية ، راجياً من الرب القدير أن يعم سلامه وطن الرافدين (بيث نهرين) العراق العزيز ، البلد الذي أبتدأت فيه ومنه رسالة محبة ألله وسلامه للبشرية مع أبينا إبراهيم (بابن أوراهم) وكل أكيتو وأنتم بألف خير .

عامر حنا فتوحي
www.amerfatuhiart.com  [/b]

22
رحيل الأصدقاء .. إستذكار وأحتفاء بالصديقين علاء وزياد

قلوب من ذهب .. عراقيون حد النخاع

كنا لا نتجاوز أصابع اليد الواحدة الكاتب الكبير والفنان الفوتوغرافي اللامع علاء الدين محسن التميمي ، الفنان التشكيلي الرائع زياد مجيد حيدر ، المهندس النحات السماري بن مسلم (أعتقل عام 1979م بسبب إنتمائه للحزب الشيوعي وخرج بقرار عفو عام) وأنا ضيف غرفة التحقيقات الدائم الذي تنطبق عليه العبارة العراقية (يومية جاك الواوي وجاك الذيب) ، كانت علاقاتنا الأخوية من نوع خاص ، وذلك قبل أن أتعرف بالكاتب اللامع الدكتور صفاء صنكور والشاعر المخملي فاروق يوسف والفنان الكرافيكي الكبير برهان صالح كركوكلي (أعتقل في كركوك بتهمة الإنتماء للحزب الشيوعي وزج به في الأمن العامة حتى أصيب بمرض في القلب) وأخيراً النحات القدير محمد حسين عبد ألله .

كنا ، علاء المهوس بالماركسية وأنا المهوس بالمستحيل نقضي نهاراتنا في الجامعة أما أمسياتنا فكانت في حانة سرجون الملاصقة لشارع أبو نواس أو في غرفة علاء في الطابق العلوي من منزلهم المجاور لبيتنا في شارع هويدي / الكرادة الشرقية التي كانت تحتوي على مختبر للتصوير ومنضدة للكتابة ، كان علاء مولعاً بإختبارته في مجال الفوتوغراف وكتابة القصة ، فيما كنت أنا غارقاً في لجة التاريخ الرافدي وإستقراء تجارب التشكيليين الكبار ، وفي أحيان كثيرة كنا نقوم بسفرات إلى شمال العراق وجنوبه متزودين ببضعة دنانير وزجاجتي عرق ورغبة عارمة في إكتشاف المجهول . شجعني علاء على الكتابة في الصحف بعد أن عرفني على الكاتبين اليساريين جهاد زاير وسعيد القدسي ، مثلما نصحني عام 1976م إرجاء تقديم معرض شخصي على قاعة عرض جمعية الفنانين الناطقين بالسريانية لعدم نضج تجربتي الفنية وقتذاك ، وكان علاء دائماً نعم الأخ والصديق الحقيقي ، حتى سافر أواخر عام 1978م إلى القاهرة ثم إلى الرباط أثر توقعه حدوث تغييرات قادمة ستودي بالعراق إلى غياهب الظلام ، ومع أنني لم أوافقه أو أستجيب لإلحاحه بمغادرة العراق سوية ، إلا أنني ساعدته على الخروج من العراق ، بل كنت ووالده (رحمه ألله) العم محسن جودي آخر من صحبه إلى المطار .
غادر علاء لكن علاقتنا الأخوية بقيت قوية ومتينة فكنا نواصل نقاشاتنا الساخنة بواسطة البريد وفي أحيان نادرة عبر الهاتف ، تلك النقاشات الحارة التي تذكرني بنقاشات الأيام الخوالي في بغداد حيث كنا نبدأها في من مقهى البرلمان أو المقهى البرازيلية وأحياناً كن نبدأ حواراتنا الساخنة في حانة ما أو قاعة عرض تشكيلي أو مسرح أو أمسية للفرقة السمفونية الوطنية ، ثم نواصلها ونحن سائرين على الأقدام حتى نصل بيت علاء القريب من شارع أبو قلام إذا ما سلكنا شارع السعدون أو بيتنا إذا ما سلكنا شارع أبو نواس ، وغالباً ما كنا نحتد ثم نتوقف عن الكلام حتى لو كنا في منتصف الطريق أي قرب ساحة الجندي المجهول العتيق (ساحة الفردوس فيما بعد) ، مع ذلك وبرغم توقفنا عن الكلام كنا نواصل سيرنا سوية صامتين حتى نصل بيت علاء أو بيتنا  فيقول أحدنا للآخر (تصبح على خير) ، وفي اليوم الثاني كنت أقف بباب منزلهم أو أجده بباب منزلنا لنذهب سوية إلى الجامعة .. أنقطعت أخبار علاء عني أثر شفاءه من مرض خبيث ألم به ثم عدنا فتواصلنا لبعض الوقت ، وذلك بعد سفره وأبنه فارق وزوجته جيان للعمل في قطر التي لم تعجبه والتي شبهها بأناس صحراويين في علبة سردين مكيفة ، فعاد إلى المغرب لكي يتوفى فيها بصمت !!

عندما سمعت صدفة بخبر وفاة علاء بعد فترة طويلة من رحيله أتصلت بالأخت إنعام كجة جي في باريس فأكدت لي صحة ما سمعته ، أخرجت صورته التي كنت قد رسمتها له عام 1995م كمونتيف لقصة قصيرة نشرتها مجلة الشرق بعنوان (حقول العتمة) ورحت أتأمل فيها فلم أستطع أن أغالب نفسي وبكيت ، لم يكن بكاءً حاراً فقد تعودت منذ وفاة والدتي (رحمها ألله) كيف أسيطر على دموعي ، كانت بضعة قطرات لكنها كانت خلاصة روحي ، فقد كان علاء وبحق أخي الروحي وصديق لا يتكرر وثروة ثقافية عراقية سيعاد إكتشافها في قادم الأيام .

اليوم وفيما أنا أتنقل بين صفحات الإنترنيت ، إستوقفني خبر رحيل صديق عزيز آخر هو الفنان التشكيلي العراقي الكبير زياد مجيد حيدر ، (قلب كبير من ذهب وفنان عراقي من الطراز الأول) . لم تكن معرفتي بزياد في أكاديمية الفنون الجميلة إلا معرفة سطحية ، لكنها إزدادت متانة بحكم عمله كمصمم في دار الأزياء العراقية التي كانت تبعد شارعين عن منزلنا في الكرادة الشرقية ، وكنت قتذاك أشغل منصب رئيس قسم الفنون التشكيلية في مجلة فنون فيما كان تعييني المركزي كمهندس في دائرة الخطوط الجوية ، كنا غالباً ما نقضي نهاراتنا نحتسي البيرة (إبتكار عراقي أصيل) في حانة المرايا ونكمل عصراً في إتحاد الأدباء أو جمعية التشكيليين العراقيين . كان زياد يختلف عن بقية معارفي وقتذاك فقد ولد في عائلة كبيرة تتألف من أحد عشر أخ وأخت وكانت إحدى شقيقاته مهندسة زميلة لنا في الخطوط الجوية العراقية ، كنت أزوره أحياناً في بيته في الصليخ لا سيما بعد أن أشتريت سيارة متواضعة من نوع فيات 128 ، لكننا كنا نقضي الكثير من الوقت في النقاش وتحليل الأوضاع التي كان فيها زياد بحكم ثقافته الشيوعية أبعد نظراً مني وأوسع أفقاً في المجال السياسي .
وإن أنسى فلا أنسى مطلقاً مواقفه الأخوية الصادقة معي ، فعندما قررت أن أقيم معرضي الشخصي الأول عام 1981م ، وذلك في ذروة تصاعد حدة الحرب العراقية الإيرانية فكرت بالعرض في أحدى القاعات الفنية الرئيسة ، لكن زوار معرض الفنان العراقي الكبير محمد مهر الدين أصابني باليأس ، عندئذ قال لي زياد : لماذا لا تعرض في مكان يتوفر فيه جمهور دائم لا سيما وأن الصحف العراقية ستكتب بالحتم عن معرضك ، بخاصة وأن مجلة فنون هيّ التي ترعى المعرض ، فقمت بمفاتحة رئاسة الجامعة التكنولوجية التي أعطتني قاعة متحف الجامعة ، فكان معرضاً ناجحاً حافلاً بالزوار ، وكان زياد معي كل الوقت يد بيد وخطوة بخطوة ، دلني على أنسب الأماكن لإقتناء الإطارات ، قمنا بعد ذلك بتأطير اللوحات سوية ، نقلناها سوية ، وفي يوم الإفتتاح كان واقفاً في باب القاعة يستقبل الزائرين بإبتسامته العذبة وفي يده كتلوك المعرض ، ولم يكتف بذلك حيث كتب مقالاً نشر في مجلة فنون حمل طابع زياد الصريح وموقفه من الفن والعالم .
وفي يوم حصولي على جائزة النقاد في مهرجان الواسطي الرابع عام 1984م عن لوحة شرق التي تم نهبها من المتحف عام 2003م ، كان دخولي إلى قاعة المتحف الوطني للفن الحديث متأخراً ، فجاءني زياد وسلم عليّ وهو يقبلني ويهنئني ويقول : مبروك عامر حصلت اليوم على جائزة متميزة ، كان زياد هو الفنان الذي حصل على جائزة المعرض الثانية مع أنه كان يستحق دونما نقاش الجائزة الكبرى للمعرض .
وفي معرضي لعام 1985م المعنون (بيت الجنون) كان غياب زياد مراً ، فقد حكم عليه النظام البائد بالإعدام شنقاً حتى الموت (لتبوله على أحدى جداريات صدام المنتشرة في الساحات العامة) ، لكن عفواً عاماً مكنه من تنسم نسمات الحرية من جديد ، مع أن أيام التعذيب الطويلة قد ألحقت به أذاً جسدياً كبيراً ولاسيما في عموده الفقري مما حرمه من نعمة الحصول على طفل ، وفي ذات يوم بينما كنا جالسين في مرسمي ، كان زياد يقلب أحد الأعداد القديمة لمجلة فنون ، وإذ به يقول لي عامر أنت فعلاً مجنون . أستغربت وقلت له ماذا تقول ؟ ، أجابني كيف تكتب موضوعاً عني وأنت تعلم بأنه قد حكم عليّ بالإعدام ؟ قلت له وماذا في ذلك ؟ ، فقال : يا أخي بعض من يتسمون اليوم بالأصدقاء أمتنعوا حتى عن إلقاء التحية عليّ لمدة عام بعد خروجي من المعتقل !! . فأجبته بعبارة عراقية موجزة (كلمن وحليبه) .
وفي معرضي الشخصي الرابع في قاعة ثيرفانتس في عمان عام 1994م ، وقف معي زياد مرة أخرى ذات موقفه الأخوي معي في عام 1981م ، كان كالمكوك الذي لا يهدأ حيث فعل الكثير من أجل ضمان نجاح المعرض ، وكان نجاح معرضي كبيراً ، فأعتبره زياد بمثابة نجاح له ، بل أنني كنت أحسه أكثر فرحاً مني . شربنا كثيراً ليلة ذاك ، وفي اليوم الثاني جاء إلى بيتي في دوار الحاووز في اللويبدة حيث كان يسكن أول شارعنا (شارع عبد المحسن الكاظمي !) ، تغدينا سوية ثم قال لي : عامر أريد أن أرسم صوراً شخصية لأطفالك (كنت أعرف محبة زياد للأطفال) فقلت له حسناً ، فبدأ برسم صورة أبني سومر ثم إنليل وننار ثم صورة أبنتي أوروك وما أزال حتى اليوم أحتفظ بتلك الرسوم الرائعة التي تكشف عن أستاذية لا تخفى . في تلك الأيام كنا نقضي بعض المساءات في ستوديو زياد إذ لم يعد بيتي الصغير في اللويبدة بعد إستقدامي لعائلتي من بغداد يوفر لنا حرية الشرب المشفوع بالنقاشات الساخنة وبخاصة إذا ما كان برفقتنا الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي الذي طلب مني وقتذاك أن أرسم له مجموعة قصائد عن صديقة مغربية أسمها سلمى ولم أتمكن من تنفيذها بسبب سفري ، كما كان برفقتنا أيضاً الناقد كفاح الحبيب الذي لم يكن ليفوت تلك الجلسات ، وكذلك صديقنا الرسام محمد فرادي والصديق العزيز أمين الخميسي (أبو فادي) الذي كان قد خرج للتو من المعتقل بقرار عفو عام بعد سنوات من التعذيب بسبب إنتمائه للحزب الشيوعي .
وعندما حصلت على عقد للعمل في الولايات المتحدة ، كنت أعمل رئيساً للتصميم الفني في مؤسسة أفيوني الناشرة لمجلة النورس السياحية وكانت المجلة بحاجة ماسة إلى مصمم فنان قادر على أن يعوض تركي للمؤسسة ، فأبلغت رئيسها بأن زياد فنان كبير وبأنه أكثر دراية مني في مجال التصميم وأوسع خبرة ، والحقيقة كان وجود زياد في تلك المؤسسة التي أحبه جميع العاملين فيها مكسب للمؤسسة قبل أن يكون لزياد . كان زياد آخر الأصدقاء الذين بقوا معي يوم سفري من عمان ، بل أنه أصر على مرافقتي حتى المطار لمساعدتي ، وبعد أن قبل أطفالي أحتظنني بمحبة أخوية صادقة وأوصاني بنفسي وبالعائلة خيراً .
والحق لم تنقطع أخبار زياد عني إلا مؤخراً ، وذلك أثر تعرضه لنكسة شخصية وأفتراقه عن زوجته (تلك الإنسانة العراقية الرائعة الحنونة) وأنتقاله من عنوانه السابق . رحل زياد لكنني لن أنسى مطلقاً ، أنني كنت يوماً ما غريباً في عمان وصادف أحد الأيام مناسبة عيد ميلاد (أبني سومر وأبنتي أوروك) ، طرق زياد الباب علينا طرقات خاصة كان أطفالي يطربون ويرقصون لها ، ثم دخل حاملاً أربع وردات وأربع أصابع شيكولاته (نستله) وهو يقول بمرح (عيد ميلاد سعيد يا حبايبي يا أطفال العراق) .
لن أبكي زياد ، لن أبكي زياد ، بل سأكتب عنه وعن فنه الرائع ما حييت ، لن أرثي علاء أو أبكي زياد ، الحق أنني أحتفظ منذ سنوات بزجاجة عرق ، وأعتقد أنني اليوم سأشرب نخبكما أيها الصديقين الرائعين علاء الدين محسن وزياد مجيد حيدر  .

لعلاء وزياد الرحمة وللعراق الذي نحمله (أينما شالتنا الدنيا أو حطت بنا) وشماً لا يمحى ورئة (لا نتنفس إلا بها) ، لن أقول وداعاً أيها الأصدقاء أو ألله يرحمك يالعراق ، بل أقول : كل عام وأنتم ملح العراق وزاده وزواده ، كل عام والعراق وأنتم في حدقات العيون .


عامر حنا فتوحي

23
سياسة التمييز العرقي والديني في العراق الجديد

الثابت والمتحول بين الأمس واليوم .. ؟!!

قبل أيام كنت أتصفح موقع عنكاوا فلفت نظري موضوع (قرنٌ من الإبداع العراقي يحلّ ضيفاً في باريس) بقلم السيد محمد الكحط الذي أعطاني موضوعه عن معرض (بغداد - باريس .. فنانون من العراق) إنطباعاً بأن الكاتب على ما يبدو غير ملم بخفايا الوسط التشكيلي العراقي وتشابكاته ، وبخاصة في العقود الثلاثة المنصرمة الأخيرة ، وبأن الموضوع بحد ذاته لا يتعدى تقرير عن مناسبة تمت دعوة الكاتب إليها حسب ، لكن موضوعه الآخر (الفكر البعثي العفلقي الصدامي يعود إلى السلطة بجهود وزير الثقافة الهمام) أعطاني إنطباعاً مختلفاً تماماً هذه المرة ، لأن دافع الرجل إلى الكتابة كان مرده بكل تأكيد حرصه على المنجز الفني وإحترامه للعمل الإبداعي العراقي .

الحق ، أنه بقدرما أسعدني هذا التوجه للتعريف بالفن التشكيلي العراقي المتميز رؤية وتقنية ، ولاسيما التقديم لأسماء مهمة كجواد سليم وفائق حسن وصالح القرغولي وأسماعيل فتاح الترك وخالد الجادر وكاظم حيدر ومحمد علي شاكر ومحمد مهر الدين وهيّ أسماء كان لها بالغ الأثر في رسم ملامح الفن التشكيلي العراقي ، إلا أنني قد أنزعجت كثيراً من عودة عدد كبير من أسماء (اللا موقف) التي عاشت طوال حياتها في دائرة مداهنة المؤسسة الرسمية للنظام المقبور إلى الهيمنة من جديد على المشهد التشكيلي العراقي ؟!

صحيح أن معظم الأسماء التي تم عرض نتاجاتها هيّ أسماء معروفة بتمكنها الفني ولكنها أيضاً (وهو مبرر كتابتي لهذا الموضوع) ذات الأسماء التي رسخت الحضورها المؤسسة الرسمية المقبورة (بسبب لا موقفها مما كان يحدث) على حساب فنانين آخرين كانوا بذات المستوى الفني بل أن بعضهم كان أرفع شأناً (رؤية وتقنية) ، ولاسيما هؤلاء الذين حاولت المؤسسة المقبورة (بسبب مواقفهم التقدمية) ليس التعتيم عليهم حسب ، وإنما ملاحقتهم وتصفيتهم جسدياً بدفع من (تقارير كلاب حراسة) دائرة الفنون التشكيلية و(عيون) نقابة الفنانين العراقيين الذين يتسلطون اليوم من جديد على ناصية القرار في المؤسسات التي أحكموا بالأمس قبضاتهم عليها ؟!!

ولرب قائل يقول : إن ما عرض من أعمال كان حصيلة ما يتوفر في مجموعة السيد (محمد زناد) صاحب قاعة أثر (بحسب ما ورد في موضوع السيد الكحط) ! ، وهو ما أستغربه تماماً ، إذ كيف تمكن شاب لم أسمع به حتى يوم توقفي عن الكتابة في العراق عام 1992م وعن المشاركة في المعارض الجماعية عام 1993م من الحصول على أعمال تعد من مقتنيات متحف الرواد والمتحف الوطني للفن الحديث ؟!!

عموماً ، أن دحض مثل هكذا إدعاء لا يحتاج إلى كثير عناء ، إذ أن الأسماء التي عتم عليها النظام المقبور والتي لاحقها لغرض تصفيتها أو من نجح في تصفيتها فعلاً ، علاوة على الأسماء التي حكم عليها النظام المقبور بالإعدام غيابياً وسحب جنسيتهم العراقية لمواقفهم الرافضة على المستويين الفني والسياسي (ومن بينهم كاتب الموضوع) ، هيّ أسماء معروفة جداً ، وليس من الصعب الحصول على نماذج من أعمالهم من بين مجموعات المتحف الوطني للفن الحديث التي نجت من سطو المعنيين بحمايتها أصلاً وذلك بحسب القول العراقي الشهير (حاميها حراميها) ، وهو ما يذكرني بحادثة السطو (الشهيرة) على منزل الفنان الراحل (فايق حسن) بعد ساعات من إعلان خبر وفاته في باريس ؟!!

المشكلة ليست في السيد محمد زناد (إذ بارك ألله في جهده للتعريف بالفن العراقي) وإنما المشكلة تتعلق بذات موظفي مركز صدام للفنون الذين يعرف الوسط التشكيلي العراقي حجم إنتهازيتهم وتاريخ ولوغهم في مستنقع التقارير الحزبية والتجسس على زملائهم الفنانين ، والذين يضطلعون اليوم بقيادة وتوجيه المؤسسة التشكيلية التي عاثوا فيها بالأمس خراباً . المؤلم حقاً ، أن يكون المنفذ الوحيد للسيد زناد وغيره من الذين يسعون للتعريف بالفن التشكيلي العراقي أن يمرروا مشاريعهم عبر مصفاة أيتام المؤسسة الرسمية الشوفينية المعروفة بنهجها البعثي الذي كان نأمل إجتثاثه ؟!!

لقد عانى الوسط التشكيلي العراقي من العديد من العقد والتمييز العرقي والديني منذ ثلاثينات القرن المنصرم والتي ترسخت وتمنهجت في دهاليز المؤسسة الفنية الرسمية بشكل مقرف إبان هيمنة البعثيين على مقدرات الأمور في العراق ، نعم لقد أنثالت هبات القيادة السياسية الرشيدة ومكرمات القائد الضرورة على الوسط التشكيلي العراقي لشراء ذمم الفنانين التشكيليين عبر معارض الحزب ومعارض جداريات بطل تحرير العراق من العراقيين ، ونعم لقد ركب الموجة حتى البعض من اليساريين من ضعاف النفوس الذين وجدوا أن هيمنة العقلية البعثية أمر واقع لا مفر من الإذعان له وقبوله ، ويكفي مراجعة بسيطة لكتلوكات معارض الحزب ومعارض جداريات الرئيس المخلوع لمعرفة الغث من السمين من فناني الفترة المظلمة (1978-2003م) . الأنكى ، أن بعض يساريي الأمس صاروا مع مطلع عقد الثمانينات من أشرس الأبواق المطبلة للقائد الضرورة ومنهم د. ماهود أحمد الذي طلق زوجته الروسية تأكيداً على عروبيته ثم وراح يمجد ويؤله القائد الضرورة في لوحات كبيرة عديدة !!
فيما أنقلب البعض من بوهيمي الأمس في باريس وروما إلى سلفيين ومنافقين وتحول البعض الآخر إلى بهلوانات وشطار يلعبون بالإيديولوجيات الماركسية والبعثية (كما يلعب الحواة بالبيضة والحجر) أو يفصلونها على مقاساتهم (كما يفعل الخياطون المهرة) ! .

وإذا ما أستثنينا عبد الرزاق عبد الواحد الذي لم يكتب في الفن التشكيلي ، وتركنا لبعض الوقت يوسف الصائغ الذي رحل مؤخراً بعد مشوار من التحولات الدراماتيكية  رؤية وممارسة وبخاصة بعد زواجه من أمرأة مسلمة وتحوله إلى الإسلام ، فإن الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا الذي لا غبار على أستاذيته في عالم الترجمة والذي تحول بدوره إلى الإسلام بعد زواجه من أمرأة سنية ثرية ؟! ، كان واحداً من أخطر الذين رسخوا للأفكار (التمييزية) على أسس (عرقية ومذهبية) ، ويكفي الإستشهاد بكتابه الموسوم (الفن المعاصر في العراق /حركة الرسم) الذي تجاهل فيه عن قصد ونية مبيتة ذكر الفنان التشكيلي الرائد عزرا حيا (اليهودي) الذي يعتبر دونما جدال أحد أعمدة الحداثة في الفن التشكيلي العراقي والفنان العراقي الوحيد الذي يمتلك متحف اللوفر واحدة من لوحاته ضمن مجموعة الفن العالمي . ومثلما فعل ذلك مع (عزرا حيا) فإنه قابل إحسان صديقه والأخ الروحي لجواد سليم الفنان التشكيلي الرائد عيسى حنا (المسيحي الكلداني) بالإساءة والتجاهل (وهو ديدن اللؤماء) ، على الرغم من معرفة جبرا بأن عيسى حنا كان أول فنان تشكيلي عراقي يدخل تقنية الطباعة الفنية بالشاشة الحريرية (Silk-Screen) إلى العراق ، وذلك بعد تخرج عيسى حنا عام 1951م من جامعة سيركوزي / نيويورك ، ناهيكم عن أن عيسى حنا هو الذي علم جبرا (الغريب الوافد إلى بغداد) أصول الرسم ، وأستضافه في بيته لمدة ستة أشهر ، عرفه خلالها على الوسط التشكيلي العراقي وقدمه لمؤسسي الحركات الفنية العراقية كجواد سليم وفائق حسن وغيرهم !!

وبسبب من نوازع جبرا العروبية تلك ، لم يتطرق مطلقاً إلى تناول منجز النحات التركماني الرائد فتحي صفوت قيردار (1896-1966م) ، الذي قام بتدريس عدد كبير من الفنانين المعروفين منهم عطا صبري وحافظ الدروبي ومحمد غني حكمت . وكان هذا التجاهل والإهمال المقصود مصير العديد من الفنانين العراقيين الكلدان والكورد والتركمان الذين أغفلتهم كتابات شاكر حسن آل سعيد وشوكت الربيعي ، أما الإستثناء الوحيد من بين الكتاب الكبار الذين تجاهلوا الطروحات العروبية البعثية فقد تمثل في كتابات الناقد التشكيلي الكبير (سهيل سامي نادر) الذي أنزوى آخر الأمر عن الساحة التشكيلية تجنباً لملاحقات كلاب حراسة السلطة وعيونهم المبثوثة في مركز صدام للفنون (دائرة الفنون التشكيلية) ونقابة الفنانين .

وقد أستمر هذا النهج المريض للمؤسسة الرسمية التي أمعنت إدارته التشكيلية في التمييز ضد من لا ينتمي إلى مستعربة العراق من الأثنيات العراقية المتآخية علاوة على الفنانين اليساريين ، ويبدو أن هذا النهج العروبوي الإسلاموي سيكون هو المهيمن على الوسط التشكيلي العراقي والمؤسسة الثقافية العراقية ، وبمعنى أشمل الثقافة العراقية لسنوات قادمة ، ما لم يتم إجتثاث أيتام النظام المقبور من المؤسسة الثقافية العراقية الحالية والتصدي لقوى الظلام الإسلاموية وإنتخاب واجهات منفتحة تؤمن بالعراق والعراقيين دونما ضوابط أو تمييز عرقي أو مذهبي ، وليس هذا بالصعب أو المستحيل ، إذ يمتلك العراق إحتياطياً هائلاً من المبدعين ربما يفوق بأضعاف حجم إحتياطه من النفط !!

أتمنى مستقبلاً من السيد محمد زناد أن يكون أكثر إلماماً بما يقدمه مسقبلاً ، كما آمل لا يتم تكرار الأسماء السبعينية والثمانينية والتسعينية التي كانت تجترها علينا المؤسسة التشكيلية المقبورة ، كما أتمنى مخلصاً أن يقوم المعنيون في العراق الجديد بتجاوز عقد الماضي وعقليته التمييزية فتكشف للعراقيين قبل غيرهم حجم الظلم الذي وقع على المبدعين العراقيين في العقود المنصرمة الأخيرة ، ويكتشفوا قبل غيرهم نتاجات وإبتكارات فنية لا يمكن إلا أن تكون مدعاة فخر لكل من يفتخر بعراقيته .

للسيد محمد زناد ولوزارة الثقافة العراقية  أقول : ترى هل سنرى في معارض العراق القادمة إلى جانب الأسماء التي تستحق (دونما جدال) تمثيل الفن العراقي أعمال كل من عيسى حنا دابش ، خضر جرجيس ، محمود صبري ، جميل إلياس ، د. شمس الدين فارس ، محمد عارف ، جودت حسيب ، حميد العطار ، مكي حسين ، فايق حسين ، قتيبة الشيخ نوري ، صالح الجميعي ، طالب مكي ، نعمان هادي ، صلاح جياد ، فيصل لعيبي ، إسماعيل خياط ، علي النجار ، جون نقاشيان ، خلود فرحان سيف ، غالب ناهي ، هيلدا أبيكيان ، عمار سلمان ، سركيس ميساك ، برهان صالح كركوكلي ، مسعود يلدو ، رملة الجاسم ، محمد حسين عبد ألله ، زياد مجيد حيدر وغيرهم من فنانين لم تستطع المؤسسة الرسمية المقبورة بكل سطوتها من التعتيم على حضورهم أو طمس أثرهم وبصماتهم التي تركوها على خارطة الجسد التشكيلي العراقي ؟!!   

عامر فتوحي
رئيس قسم الفنون التشكيلية / مجلة فنون 1980-1983م ، مدير القسم الفني للمجلة 1982-1983م
عضو مؤسس في (جماعة أفق) وكاتب البيان التشكيلي التحريضي (أتبع حلمك) عام 1986م


تصويبات :
الفنان الرائد عبد القادر الرسام لم يعش إبان الفترة العباسية كما جاء في موضوع السيد محمد الكحط ، فقد زالت الدولة العباسية عام 1258م ، أما عبد القادر الرسام الذي ولد في بغداد فقد عاش طفولته وشبابه إبان الحكم العثماني وتوفي في العهد الملكي (1882-1952م) وهو من المشاركين في جمعية أصدقاء الفن التي تأسست عام 1941م .
بالنسبة لتاريخ ولادة ووفاة الفنان عاصم حافظ اللذين وردا في موضوع السيد الكحط على النحو التالي (1920-1961م) فأنهما غير صحيحين . إذ يعد الفنان عاصم حافظ من رعيل الفنانين الذين ولدوا في العهد العثماني ، حيث ولد عام 1886م في الموصل ، درس العلوم العسكرية في إستنبول وتخرج برتبة ضابط في الجيش العثماني ، وذلك قبل دراسته للفن في باريس على يد الأستاذ أنطوان رينولدز في باريس (1928-1931م) ، وقد توفي عام 1978م .

24
علم العراق .. رسالة مفتوحة إلى أبناء الشعب العراقي
أخواتي وأخوتي في العراق


تحية وأحترام وبعد ،
ألفت عنايتكم الكريمة إلى أنه في عام 1985 / 1986 دعت لجنة تابعة إلى ديوان الرئاسة عن طريق دائرة الفنون التشكيلية كافة الفنانين التشكيليين العراقيين والمهندسين المعماريين لتصميم علم وطني جديد للعراق فقمت بتقديم تصميمين أبعد أحدهما (B) لعدم توافق الألوان المستخدمة فيه مع شروط المسابقة التي أشتملت على ما يزيد من ألف تصميم ، وقد ترشح تصميمي الآخر لعام 1985م (A) مع تصاميم عدد من الفنانين العراقيين المعروفين إلى المرحلة النهائية ، ثم رشح التصميم (A) فيما بعد للمرتبة الأولى ، ولأسباب طائفية وعنصرية وشوفينية لا تخفى على الكثيرين فقد تم إلغاء المسابقة بأمر من صدام حسين شخصياً .

أنظر مقترح تصميمي علم العراق (في أسفل الموضوع)
من اليمين لليسار التصميم (A) الذي رشح للمرتبة الأولى في مسابقة عام 1985م ، ثم التصميم (B) لم يدخل إلى مسابقة عام 1985م لعدم الإلتزام بشرط الألوان.

في عام 2004م أرسلت عن طريق الإعلامي المعروف الدكتور صفاء صنكور (وبمبادرة شخصية مني) مقترح علم العراق الوطني الجديد (تصميم عام 2002) آخذاً بنظر الإعتبار التأكيد على الجوانب الوطنية التي تخص كل العراقيين وإهمال الجوانب ذات الخصوصيات الدينية أو العرقية (C) ، كما أرسلت ذات المقترح للسيد عبد الحميد الكفائي الناطق الرسمي لمجلس الحكم الإنتقالي الموقر (أنظر مقترح علم العراق الجديد رقم 1 في أسفل الموضوع) .

وفي يوم 28 آذار عام 2004م أتصلت بي إذاعة ال (BBC) للتحدث على الهواء عن مبادرتي تلك لمقترح علم العراق الجديد (C) ، وكان من ضمن المشاركين في الحوار السيد رئيس الجمهورية العراقية الموقر الأستاذ جلال الطالباني ، كما شارك في اللقاء الذي بثته الإذاعة البريطانية على الهواء المؤرخ المعروف عبد الرزاق الحسني والسياسي العراقي المقيم في بريطانيا الأستاذ السامر علاوة على رئيس الفرقة السمفونية العراقية أو موزع لحن النشيد الوطني العراقي . وفي ذلك البرنامج الذي بث مباشرة على الهواء منحت الفرصة لكي أكون أول المتحدثين (بصفتي مصمم علم العراق الجديد وصاحب المبادرة الأولى التي لم يقدم على مثلها أي فنان عراقي غيري) ، تلاني في الحديث سيادة الرئيس مام جلال الطالباني الذي تحدث لمرة واحدة فقط !

إلا أن المفاجأة الكبيرة والغريبة حقاً ، كانت تلك التي حدثت عام 2004م وتحديداً بعد ما يقرب من شهرين فقط على تلك المقابلة ، حيث تم (دونما مسوغ فني أو أخلاقي) إهمال التصميم (C) الذي نفذته أيضاً برؤية وطنية عراقية وحرفية عالية (أنظر أسفل الموضوع المقترح رقم 1) بشهادة عدد من الأصدقاء من الفنانين التشكيليين العراقيين المحترفين في أميريكا وكندا وأوربا ، الأنكى من هذا وذاك ، كان في إعتماد مجلس الحكم الإنتقالي المؤقت لتصميم (لا يتعدى في أفضل الأحوال أن يكون أكثر من تعديل على أحد التصميمين اللذين قدمتهما لمسابقة عام 1985م) وهو التصميم (B) المثبت في أسفل الموضوع والمنشور منذ عام 2000م في الصفحة الثالثة من موقع علم الكلدان ، والغريب هنا (أن هذا التصميم المحرف) قد نسب هذه المرة إلى أحد المهندسين المعماريين المعروفين ! .. الذي قام إما بإعتماد نسخة التصميم المتواجدة في وزارة الحكم المحلي أو بتدوير تصميمي للعلم المنشور في موقع علم الكلدان بزاوية 90 درجة ورفع الشمس العراقية واضعاً بدلاً منها الهلال ، وعندما أعترض الجانب الكوردي تم إضافة اللون الأصفر ما بين الخطين الأزرقين ؟!
أما وجه الغرابة هنا فهو في إهمال المجلس لتصميم أصيل والإستعاضة عنه بتصميم محرف ، كما أن إعتماد مجلس الحكم الإنتقالي لذلك الشكل المحرف عن تصميمي لعام 1985م كان أيضاً مجحفاً وتمييزاً بحقي في نقطتين رئيستين :
1- أن تغاضي مجلس الحكم الإنتقالي عن (مبادرة مقترح تصميمي لعلم العراق الحر) الذي تم تناوله وتحليل مكوناته ورموزه الوطنية على الهواء ومن دون إستشارة لجنة فنية متخصصة كان لدوافع تمييزية ومن دون (مسوغ فني أو أخلاقي) .
2- أن إجراء أي تعديل على تصميم متواجد أصلاً وموثق كالتصميم (B) الموثق في وزارة الحكم المحلي العراقي والمسجل فيدرالياً في الولايات المتحدة دون إستشارتي يعد تجاوزاً أخلاقياً ، مثلما يعد خرقاً قانونياً فاضحاً لحقوق الإبتكار .

عموماً ، كان رد فعل الشارع العراقي على ذلك التصميم المحرف والمشوه رادعاً ومباشراً ، إذ رفضته كل القوى المتفتحة مثلما رفضته العامة لدلالاته التميزية والعنصرية (طائفياً وأثنياً) ، علاوة على رفضه من قبل عدد من الفنانين العراقيين الذين كانوا يعرفون خلفية ذلك التصميم .
لكن مشوار معاناتي مع المتنفذين بالقرارات الوطنية في ظل حكومة ما بعد العهد البعثي البائد لم تنته على ما يبدو ! ، إذ برغم كوني المرشح للفوز بمسابقة تصميم علم العراق لعام 1985م ، وبرغم كوني الفنان العراقي الوحيد الذي قدم (بمبادرة شخصية) مقترحاً لعلم العراق الحر في أعقاب سقوط النظام البائد مباشرة أي منذ عام 2003م ، فقد علمت وعن طريق الصدفة حسب (!!) وذلك أثناء التسجيل للأنتخابات العراقية التي جرت مطلع عام 2005م بوجود مسابقة لتصميم علم العراق (وهو المشروع الذي أعمل عليه منذ عام 1985 حتى اليوم) بمعنى ما يقرب من عشرين عاماً ، فقمت بإرسال مقترحين لعلم العراق إلى السيد وزير الثقافة السابق الأستاذ مفيد الجزائري المحترم عن طريق البريد الإلكتروني وهما التصميمان (C&D) مع تصميم شعار الدولة العراقية الجديد ، كما قمت بإرسالهما أيضاً مع تصميم الشعار بواسطة أحد الأشخاص المسافرين إلى بغداد ، حيث تم تقديم التصاميم الثلاثة للسيد مفيد الجزائري المحترم عن طريق مدير مكتبه السيد كامل شياع بواسطة الإعلامي المعروف الدكتور صفاء صنكور ، ومع ذلك لم يردني أي جواب إلى حد كتابة هذا الموضوع ؟!!

المؤلم حقاً هنا ، هو أن حرماني المتواصل من شرف تمثيل وطني الأم العراق سواء كان من خلال الإلغاء التعسفي لمسابقة عامي 1985-1986م التي رشحت للفوز بها أم من خلال إهمال مجلس الحكم الإنتقالي لمبادرتي الفردية والشخصية لعام 2003م (لم يكن بسبب عدم صلاحية تصاميمي) أو (لعدم أهليتي أو تخصصي في المجال التشكيلي) على سبيل المثال ، إذ يعرفني الوسط التشكيلي العراقي جيداً منذ أواخر عقد السبعينات المنصرم من خلال معارضي الشخصية ومساهماتي في المعارض الجماعية وتكويني مع مجموعة من الفنانين المحترفين لآخر جماعة فنية (أفق) التي أطلقت بياناً فنياً متميزاً على الصعيدين الفكري والفني (أتبع حلمك) أعتبره البعض منجزاً فنياً ثورياً فيما عده البعض الآخر تجاوزاً لمسموحات الدولة العراقية وقتذاك . مع ذلك يستطيع من لا يعرفني من القراء الكرام وبكل سهولة زيارة موقعي المثبت في آخر الموضوع .

لقد كانت علة حرماني أيتها الأخوات والأخوة في العراق ، بكل بساطة ووضوح (النظرة الطائفية المنغلقة والتوجهات العروبية العنصرية التي كانت تطبع النظام البائد) ، تلك النظرة التي أهانت العراقيين وأفقرتهم وذبحتهم من الوريد إلى الوريد وفي المقابل أغنت من يتسمون بأبناء الأمة العربية فأعطت خيرنا لغيرنا ، وهيّ ذات العوامل التي حرمتني فيما بعد من فرصة المنافسة العادلة أثناء (مناورات) مجلس الحكم الإنتقالي الملغى الذي كانت واحدة من منجزاته الظلامية القرار 137 السيء الصيت ، ويبدو أن هذا النهج التمييزي الطائفي الشوفيني ما يزال معمولاً به حتى يومنا هذا للأسف ، وإلا ما معنى كل هذه المماطلات وأساليب التسويف والإلغاء الفوقي والمزاجي ؟!!

لقد كنت كما يعلم العديد من المثقفين العراقيين أحد ضحايا النظام البائد الدائميين ، حيث عانيت الأمرين من أجهزته الحزبية والأمنية ، ذلك النظام الذي كانت واحدة من (مكرماته) سحب جنسيتي العراقية وحكمي بالأعدام غيابياً لأكثر من مرة (لمواقفي الرافضة لنهج المؤسسة الثقافية الرسمية آنذاك) وقد نشرت تلك الأحكام في الصحف العراقية ، مثلما نشرتها صحف المعارضة العراقية ولاسيما الصحف اليسارية ، كما تم تثبيت تلك الأحكام في منظمات حقوق الإنسان ومنها مقر منظمة العفو الدولية في لندن .
لذلك أعتقد أنه ليس من العدل أو المنطق أن أحرم كمواطن عراقي وفي ظل نظام (يؤمل منه) السعي بخطى حثيثة نحو الديمقراطية من فرصة المنافسة العادلة ، لا لجريمة إلا لأنني فنان مستقل لا أدخل ضمن حسابات المحاصصة الحزبية السائدة في عراق اليوم ، وأيضاً وهذا هو (الأهم) لكوني (كلداني القومية مسيحي الدين) ، علماً بأن الكلدان دونما إنتقاص من بقية المكونات العراقية المتآخية هم (سكان العراق الأصليين) ، لذلك فأن حقي في المنافسة الشريفة والعادلة هو حق دستوري وأخلاقي ، علاوة على أنه حق مقدس أكتسبته بحكم إنتمائي العراقي العريق .

أخيراً ، أن فرصة تصميم رمز وطني عراقي مسألة لا تتكرر ، لذلك آمل أن تكون لرسالتي هذه أثرها الطيب في فسح المجال للمنافسة الشريفة والعادلة وبخاصة للفنانين التشكيليين المحترفين المتواجدين خارج القطر ، ولاسيما هؤلاء الذين لم يهادنوا النظام البائد أو يقبلوا أي من هباته الملوثة بدماء العراقيين ، مع تمنياتي المسبقة بالموفقية والنجاح لصاحب التصميم الأفضل في أية مسابقة مستقبلية عادلة .

تقبلوا في الختام فائق الإحترام والتقدير .

عامر حنا فتوحي / الولايات المتحدة
فنان تشكيلي وباحث مختص بفنون وتاريخ وادي الرافدين
www.amerfatuhiart.com

إنتباهة : أتمنى أن يصلني على بريدي الإلكتروني (amerfatuhi@aol.com) من مكتب السيد وزير الثقافة العراقي المحترم ما يطمئنني إلى إطلاعه على رسالتي المفتوحة هذه . كما أتمنى أيضاً أن لا يكون للبعثي السيء الصيت السيد عباس جاور أحد الأشخاص الذين ألحقوا الأذى بي إبان النظام االبائد أو أي من أشباهه من أيتام النظام المقبور أي دور في شرف إختيار العلم العراقي الجديد ، لأن التاريخ لا يهادن أو يغفر للمسيئين بحق العراق والعراقيين .

مرفق مع هذه الرسالة المفتوحة أيضاً ، نماذج لعلم وشعار الدولة العراقية الجديدة .

مقترح العلم الوطني العراقي الجديد (رقم 1)

يتألف العلم الوطني الجديد للعراق الحر (C) من مستطيلين أحمر وأسود يتوسطهما مربع أبيض يحتوي على رمز العراق التاريخي (الإناء الفوار) باللونين الأزرق والأخضر .
يشغل المستطيلان الأحمر والأسود نصف مساحة العلم بينما يشغل اللون الأبيض الذي يتوسطهما النصف الآخر للعلم .

الألوان المستخدمة في العلم : هي الأحمروالأسود  والأبيض والأزرق وهي الألوان التي أستخدمها أسلافنا العراقيون في صروحهم الجبارة المسماة بالزقورات والتي يعدها العلماء اليوم ذروة العمارة في العالم القديم ومن أشهر تلك الزقورات (برج بابل) الذي يعد من عجائب الدنيا السبعة . أما اللون الأخضر المستخدم في الإناء الفوار فيرمز لوادي الرافدين رمز الخصوبة والحضارة والمدنية . بينما ترمز الحزمة اليمنى من المياه الفوارة لنهر دجلة الخالد وفروعه والحزمة اليسرى منهما لنهر الفرات الخالد وفروعه وترمز حزمتي المياه بمجموعها للتجدد والخيروالوفرة  والرفاهية التي يتميز بها العراق على مدى تاريخه الطويل .

ويرمز المستطيل الأسود إلى العراق الذي يوصف لكثرة خيراته بأرض (السواد) كما يشيراللون الأسود أيضاً إلى الصبروالتحمل ، بينما يرمز الأبيض إلى الصفاء والإنسجام وتآخي العراقيين ، كما يرمز الأحمر إلى حيوية العراقيين وطاقاتهم الخلاقة اللامحدودة وبالتالي ترمز الأشكال والألوان بمجموعها إلى العراق (الوطن .. الأرض والناس والتاريخ الزاهر) وبأنه مهد الحضارات وعنوان رقي البشرية .
وهي رموز تؤكد على المحبة والتسامح والتآخي والمساواة والإنتماء للهوية الوطنية العراقية العريقة .. التي تخص كل العراقيين على تنوعهم العرقي والطائفي ، ذلك أن العراقيين الأوئل هم دون جدال بناة الحضارة وأن العراق العزيز ( وطن كل العراقيين ) هو موئلها .

مقترح العلم الوطني العراقي الجديد (رقم 2)

يتألف العلم الوطني الجديد للعراق الحر (عراق كل العراقيين) من مستطيلين أزرقين يتوسطهما مربع أبيض يحتوي على رمز عراقي عريق (الشمس / النجمة العراقية) بالألوان الأحمر والأصفر والأزرق .
يشغل المستطيلان الأزرقان نصف مساحة العلم بينما يشغل اللون الأبيض الذي يتوسطهما النصف الآخر للعلم .

الألوان المستخدمة في العلم : هي الأحمروالأصفر والأزرق  والأبيض .

يرمز المستطيلان الأزرقان إلى نهري دجلة والفرات الذين ينبعان من الشمال ويصبان في الجنوب واللذين يرمزان بدورهما للخصوبة الدائمة والتجدد والحياة ، بينما ترمز الخلفية البيضاء للصفاء والإنسجام وتآخي العراقيين ، أما الشمس / النجمة العراقية فتدل على السمو والنبل ، وتدل الألوان الثلاثة الرئيسة (الأحمر والأصفر والأزرق) التي تشتق منها جميع الألوان الثانوية على أصالة الحضارة العراقية التي تعد مهد الحضارات البشرية وحجر الزاوية في بناء الحضارة الإنسانية .
والتصميم بشكل عام يربط ما بين عراقة التاريخ العراقي ومستقبله المشرق ، كما يمثل  وبإيجاز (إشراقة الشمس العراقية على بلاد ما بين النهرين) .

مقترح الشعار الوطني العراقي الجديد

يتألف الشعار الوطني الجديد للعراق الحر (عراق كل العراقيين) من رمز (الشمس / النجمة العراقية) بالألوان الأحمر والأصفر والأزرق (أنظر الشرح في مقترح علم العراق رقم 2) .
تحتوي النجمة على الرمز الرافدي القديم الذي يمثل الأناء (الأخضر) فيه وطننا الأم العراق فيما تمثل حزمتي المياه (الزرقاء) اليمنى واليسرى نهري دجلة والفرات الخالدين ، أما الكفين المتشابكتين فترمزان لتآخي العراقيين وتكاتفهم وإحتضانهم للعراق بلد الخيرات والخصوبة والتجدد والحياة ، الذي يشرق بشمس حضارته الأصيلة على كل البشرية منذ مهد التاريخ .
في الأسفل عبارة (الجمهورية العراق) بالأبيض على خلفية ذهبية .[/b][/size][/font]

25
هيا بنا نشتم .. هيا بنا نرجم عامر فتوحي !

السيد نذير حبش ، سبق لي وأن كتبت لك موضحاً بعض الأمور التي على ما يبدو لم تستوعبها ، الأنكى أن تأخذك العزة بالأثم ، وبدلاً من أن تتريث كما نصحتك فلا تقفز في الظلمة ، إلا أنك لم ترعوي فحولت الموضوع إلى (عداء شخصي) مع أنني لا أعرفك أو أستعرفك ، إذ لم تكن في قاموسي الشخصي قبل أن تبدأ بالتهجم عليّ إلا نكرة حسب ، ويشهد ألله بأنني لم أقرأ لك حرفاً واحداً مما نشرته سابقاً في موقع عنكاوا ، لأن عناوينك كانت تفصح عن نفسها وكما قيل (الكتاب يقرأ من عنوانه) !

بالنسبة لما أكتبه اليوم ، فأنه لا يتعارض على الإطلاق مع ما سبق لي وأن كتبته لك في ردي الأول الذي أعلمتك فيه بأن توضيحي ذاك هو آخر ماستسمعه مني ، إذ ليس عندي ما أضيف على ما أوردته في كتاب (الكلدان منذ بدء الزمان) وهو ما ألتزم به هنا .

لا أنكر أيضاً ، بأنني وصفت كتابتك بالصبيانية وبأنني بينت لك أن لا نقاط للتحاور بيننا لأنك لست أهلاً من الناحية الأكاديمية (حقل التاريخ) وهذا (ما أكدته أنت من خلال تهجمك الجديد) ، فإن كانت هاتين العبارتين هو ما أعتبرته أنت (شتائم) فصرت ترددها  بين سطر وآخر (بصيغة شتائم عامر فتوحي) وتقول بأنها بضاعة المستفلسين (تعني المفلسين) حتى ليخيل لكل من لم يقرأ جوابي لك ولمحترمك كيبا بأنني (علم في علم السباب) ، لكن الأمر وببساطة متناهية غير ذلك (بدليل إجاباتي المنشورة في الموقع والتي يستطيع أي قاريء الإطلاع عليها) ، فعن أية شتائم تتكلم ، وبالتالي ماذا تقول عن (بذاءاتك) التي أترك الحكم عليها للقراء ؟!!

الحق أنك قد أثبت لي وللقراء الأفاضل بأنني (لم أجانب الصواب مطلقاً) فيما ذهبت إليه ، ذلك أنني لم أقرأ في موقع عنكاوا طوال السنتين اللتين كنت عضواً فيها هذا الكم من التحليل الصبياني والسفاسف المعلوماتية والخلط الأهوج ، كما لم أقرأ عبارات بمثل هذا الإنحطاط الخلقي ، ولا أدري هل تجيز (حرية الرأي) في موقع عنكاوا .. تكفير الآخر وتخوينه وبإتهامه بالوساخة وعشق والدته أو تشبيهه بالبهيمة والعاهرة وإلى ما ذلك من عبارات يندى لها الجبين ؟

لن أتناول ما ورد في مستنقع كتاباتك الآسنة تفصيلياً ، لأن 64 سطراً من سطورك التي تتجاوز على 120 سطراً حملت من الشتائم والإتهامات والتشبيهات والإختلاقات ما لم أر مثيلاً له طوال مشوار حياتي المهنية في مجال الكتابة المحترفة الذي أبتدأته وأنا بعمر 22 عاماً . لذلك يا سيد حبش لن أرد على هذه التخرصات البذيئة ، أو أصوب لك تفصيلياً سذاجة معلوماتك الهزيلة ، بل سأدعك تعيش وهمك وتجتره إجتراراً .

لكنني أكتفي هنا ببضع إشارات عاجلة ومنها الإدعاء بتمكنك اللغوي ، الذي غالباً ما تشفعه مستميتاً بدرس من دروسك اللغوية العصماء ، مع أنك لا تعرف أن (لا ثغيرة أو خثيان) في اللغة العربية وإنما (ذخيرة وغثيان) !

وإن كان هذا مستوى إعجازك اللغوي ، فماذا عن مصادرك العبقرية التي تعتمدها وتطبل لها ، والتي سأستشهد منها (بتفسير من تطلق عليه صفة العالم في الرافديات) أ. د. أحمد داوود الذي يفسر أسم (شروكين) وليس (شاركون) كما ذكرت والذي يفسره بأنه يعني سيد الكون ، مع أن أي مبتديء في علم المسماريات يعلم بأن الأسم يتكون من كلمتين مدمجتين من أربعة مقاطع هيّ (شار - رو - كي - إن) أما الكلمتين فهما (شرو المجزومة بالرواص أي الواو الثقيلة وتعني ملك) و (كين بمعنى الصادق أو الشرعي) ، كما تثبت ذلك أيضاً عبارة (شرو كورات أربع إيم) أي (ملك جهات العالم الأربع) وتلفظ بالسومرية (لوكال آن أوبدا ليمو- با) ، وزيادة لمعلوماتك ومعلومات عالمك الكبير فأن كلمة سيد هيّ (ليل في السومرية وتقابلها إيل بحسب المعجم الأكدي) كما في إنليل وإيليل ، أما كلمة الكون فتلفظ (شار) وتكتب بمقطع مسماري مختلف ، كما تأتي أيضاً بمعنى (الكلية كما في إنشار وكي شار) !!!

والسؤال هنا إن كنت لا تجيد اللغة العربية التي تكتب بها ، فكيف يمكنك أن تتهم الآخرين بعدم فهم نصوصك العصماء ، وإن كانت مصادرك العلمية من نوع أحمد داوود الذي لا يعرف معنى أسم شروكين الذي يعرفه أي مبتديء دارس للتاريخ الرافدي ، فكيف لك أن تدحض ما ليس لك فهم فيه أصلاً ؟
نصيحتي لك أن تتعلم كيف تكتب أولاً ، ثم تعال بعدئذ لتصلح للآخرين قراءاتهم ، أما نصيحتي الأخرى لك فهي أن تتفرغ للسياسة والنضال (الذي تدعيه) وتترك المسائل التاريخية للمؤرخين .

ولكي تكفيني مقالات وتفسيرات عصماء وشتائم جديدة والتي تسميها بنفسك (بضاعة المفلسين) ، فأنني سأكتفي بأن أدينك من خلال كتاباتك وحدها حسب ، ولنرى بعدئذ من هو المؤهل لأن يكون محل سخرية الآخرين (المتعلم أم المتعالم) ؟!!

تقول مدعياً المنطق العلمي بأن على (اللاحق أن يتبع السابق) وفي هذا لا أعتراض ، ولكن جهالتك سرعان ما تتجاهل هذا المنطق المقبول فتذكر بأن السريانية أقدم عهداً من الكلدانية وتشير بتهكم صبياني بأن الكلدان سريان الأصل . فهل هذا منطق علمي ؟

للإجابة على ذلك ، أحيلك إلى ما كتبه محترمك كيبا حول أول ذكر للسريان في حدود مطلع القرن الثالث ق.م (علماً أن ذلك النص الإغريقي لم يذكر كلمة سريان وإنما السوريين بمعنى مواطنو سوريا ، ومع ذلك أقول فليكن معنى النص السريان وليس السوريين) ، فهل يجوز للكلدان (وهنا أيضاً بحسب كيبا) الذي يجعلهم (يخرجون في القرن التاسع ق.م من ثقب في الأرض على غفلة أو ينزلوا هكذا فجأة من السماء) أن يتبعوا (السوريين) السريان الذين يرد ذكرهم في حدود مطلع القرن الثالث ق.م ، مع أنهم وبحسب محترمك كيبا سباقون على السوريين ؟
وإن قلت بأن السريان هم ذاتهم آراميو القرن الثاني عشر ق.م وهو ما يذهب إليه محترمك كيبا عندما يدعي بأن الكلدان هم قبائل آرامية (لن أناقش الآن هذا الإفتراض) ، لكن المعادلة الحسابية تبقى هنا أيضاً المعادلة السابقة نفسها وهيّ أسبقية الكلدان على السريان .

أما بخصوص عائدية الكلدان للآرامين أو عودة الآراميين للكلدان ، فإنني أكتفي بالإستشهاد بالمؤرخ الكلداني البابلي برحوشا وتاريخه الذي كتبه قبل نشوء مصطلح القوميات والطوائف بعشرات القرون ، والذي أعاد فيه تاريخ الكلدان إلى أولى مدن ما قبل الطوفان (وبالمناسبة أيها الفطحل فإن تاريخ ما قبل وبعد الطوفان هو التاريخ المدون في أثبات الملوك ولم أخترعه أنا كما تتخيل جنابكم) .

وإذ كان برحوشا مزوراً ومثلي (قاصر ذهنياً) قياساً بعلمكم الغزير ،فماذا عن ألله ، وهل هو (القدوس) قد آثر أيضاً  أن يكذب علينا من أجل سواد عيون الكلدان ، ألم يقل ألله (القدوس) وبلسانه لبابن أوراهم الذي كان يعيش في أور بحدود العام 1900 ق.م (بأنه مخرجه من أور الكلدانيين وواعداً أياه ونسله بأرض إسرائيل) أنظر تكوين (15 - 7) وكذلك سورة المائدة (5 : 20 - 21 ) وأيضاً سورة الأعراف (7 : 127) ، عموماً يبدو أن منطقك العلمي لا يعترف لا بالمؤرخين الذين عاشوا قبل الميلاد بقرون ولا حتى بكلمة ألله ، وإنما تعترف بكتابات المحترم كيبا وبعبقرية عالمك داوود لا لسبب إلا لأنها تدغدغ مشاعرك (المنطقية والعلمية) ؟!!

التناقض الآخر  أيها العبقري هو موضوع (خيانتي لأجدادي) وما شاكل ذلك من سخافات وترهات ، فإنني هنا أيضاً لن (أدينك إلا من خلال كلماتك) المنطقية والعلمية لا بغيرها ، ألم تقل جنابكم في مطلع مقالتكم السياسية العصماء : لا أحد يعتقد بأننا نضمر حقداً للكلدان ، لسبب بسيط جداً بالنسبة لنا هم (أنفسنا) ، أي سريان حصلوا على أسمهم (لأي سبب كان) . والسؤال هنا يا عبقري زمانك هو : إذا كان السريان والكلدان واحد (وهو ما لم أذكر في حياتي كلها خلافه) ، وإن كان الكلدان سباقين على السريان تسمية كما أوضحت لك في المقطع السابق (إلا إذا كنت ما تزال مصراً على تجاوزك للحقائق التاريخية والإلهية) ، فهل لك أن تدلني عن أي نكران للأصل تتحدث ؟

أيها الشاطر عندما تريد أن تتصيد وتتهجم على الناس فلا تتصيد في مياه لا تعرفها لأنك تريد سمكة فلا تصيد إلا علقاً ، كما أنصحك ثانية أن تتعلم كيف تكتب أولاً ومن بعد فأنت حر لأن تمنطق منطقك أيها المنطقي !!

الكلدان والسريان شعب واحد بتسميتين قومية وطائفية أيها المحترم ، والكلدان هم السباقون (سواء كنت أنا من الطائفة السريانية أم لم أكن) لأن كلمة ألله تذكر ذلك صراحة ، والدلائل العلمية والإثباتات التاريخية التي لم أخترعها والتي أوردتها بالعشرات في كتابي تؤيد ذلك (ذلك الكتاب الذي تتهجم عليه دون وازع من حياء ومن دون أن تقلب صفحة واحدة من صفحاته الأربعمائة) !!

هنا يهمني أن أؤكد تناقضك الصبياني وكذبك وتهجمك السوقي عليّ فيما يخص نكراني لأصلي وتاريخ أجدادي أيها المتشاطر بعبارتك التي مفادها (بأن الكلدان هم السريان أنفسهم) ، إذ كيف ينكر أصله من ينتسب إلى أي من هاتين التسميتين مع أن المعنى واحد (هذا على إفتراض أن التسميتين تسميتان قومية) ؟!!
وإن لم يكن هنالك من (نكران للأصل كما هو واضح وبشكل جلي) ، فلماذا كل هذا التهجم الأخرق والعبارات الموغلة في البذاءة ؟

إن كنت تريد أن تقول لنا بأنك (معجم في الشتائم وقاموس في البذاءات) فقد وفيت وكفيت ، أما أن يكون هنالك مقصد آخر ، فعلم ذلك عند ألله (كلا- إيلو- سكل) ؟!

أخيراً ، بخصوص إستشهادتي ببعض الأسماء وتاريخي النضالي (بحسب عبارتك التهكمية) وهو التاريخ الذي لم تسمع به فلم أوردها للتباهي وإنما (كإجابات محضة) على تخرصاتك النضالية وإتهامك الصبياني لنا بتواجدنا في بلدان المهجر ، كما جاءت رداً على إدعاءات محترمك كيبا حول نكراني لطائفتي وعدم حاجة السريان لي ، (لا أكثر ولا أقل) . لذلك فأنها لا تستحق من فطحل مثلك ذلك التحليل السايكولوجي والسوسيولوجي الطريف الذي أوصلك إلى نتائج شتائمية مبتكرة .

بالمناسبة ، لقد ذكرت أنا إنتمائي القومي الكلداني في العراق علناً وعلى مستوى الوسط الثقافي (بمتشابكاته الأمنية المعروفة ولم أخش أحداً) وذلك عبر صفحات مجلة اليمامة (الطبعة الدولية التي كانت توزع في العراق) ، مثلما ذكرت إنتمائي الطائفي الكنسي السرياني في مجلة (كل العرب التي كانت توزع أيضاً في العراق) وغيرهما من وسائل الإعلام ، كما أن تاريخي النضالي ومواقفي من المؤسسة الرسمية وهيّ أمور لم تسمع بها جنابكم منشورة في الصحف العراقية ومنها جريدة بابل (التي نشرت قرار إعدامي وسحب جنسيتي العراقية) كما نشرت هذه المعلومات في صحف المعارضة العراقية ، علماً بأنني لم أدع يوماً بالنضال أو بكوني ضليع في السياسة ، فهل لك أيها المناضل السياسي أن تراجع نفسك وضميرك وتتذكر ماهية قوميتك التي كنت تجاهر بها إبان العهد البعثي ؟  

في الحق كنت أريد أن أودعك ببيتين من الشعر هما :

وذي سفه يواجهني بجهل     وأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلماً       كعود زاد بالإحراق طيبا

ولكن بعد ما أوردته لجنابكم آنفاً من إجابات دامغة (طبعاً بالنسبة لمنطقك العلمي وغزارة علمك الفنطازي ليست بأكثر من هذيانات) فإنني سأركن مسألة تحصيلي العلمي وتخصصي في الرسم والتاريخ جانباً لبعض الوقت مثلما سأركن أيضاً أسلوب الرد المتحضر ، لأن مع أمثالك (من قليلي التربية بدلالة بذاءاتك) لا ينفع على ما يبدو إلا الرد بالأسلوب الذي يناسبك . صدقني يا نذير عندما أقول : بأنني لم أكترث لأي من بذاءاتك التي أفترشت مساحة كتابتك (السياسية العصماء) كما تتوهم ، لكنك أوجعتني حقاً بعبارتك المنحطة (وسخت تاريخ بيت شندخ) التي لا أعرف ما هو موقف آل حبش منها ومنك ؟

عموماً ، أنا لا أستطيع أن أفعل إزاء تعريضك بي وبآل شندخ أي شيئ الآن ، ولكن وكما يقول المثل العراقي (جبل ويا جبل ما يلتكي بس آدمي ويا آدمي يلتكون) ، أعدك يا نذير  (ويشهد ألله على ذلك) بأنني عندما ألتقيك وجهاً لوجه فإنك لن تنسى ما حييت درس ذلك اليوم ، ومن يعرفني جيداً يعلم بأنني أفعل ما أقول .

عامر حنا فتوحي
 

26
كلدانية .. لا سريانية ولا آرامية .. دحض لأوهام


السيد هنري بدروس كيبا المحترم ، تحية وسلام

أخي كيبا ، قبل أن أرد على ردك المتحضر والمهذب جداً والذي لا يقل تهذيباً وتحضراً عن رد الأخ نذير حبش (يمكنك ببساطة مراجعة رده المهذب لتتأكد من مستوى تهذيبه وتحضره) ، عموماً قبل أن أرد على ردك المهذب أسأل .. (متى تهربت أنا من أية محاولة للرد ومتى كان ذلك ..؟) ، لعلمك أيها المهذب المتحضر ، هنالك فرق شاسع بين السكوت عندما يكون الحوار (حوار طرشان) وكما قيل (إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب) ، وبين الرد أو عدمه عندما يكون الطرف الآخر دون مستوى الحوار (ليس في مجال السلوك الحضاري المهذب فحسب بل على صعيد الموضوع الذي يرغب للتحاور فيه) .

بالنسبة لتهذيبك وتحضرك ، فقد أثبتهما لي وللقراء الكرام ، فهذا ما يلوح جلياً من خلال عباراتك وإتهامتك (المهذبة جداً) ، ولأذكر لك بعضها على سبيل القياس لا الحصر :
تتهمني بالتنكر لأجدادي السريان بإعتقادك أن أجدادي كانوا كلهم رجال دين ، تقول بأدب جم : هنيئاً لعمتك الفاضلة وأبنها الشريف (ماذا تعني بهذه المقارنة ؟) ، ما علاقة عدم حاجة السريان لي لكي أرسم لهم علماً ومتى سمعت من أحد بأنني طرحت على جهة سريانية رسم علم لهم وبالتالي ما علاقة هذا بالموضوع أصلاً ؟ ، أبناء طائفتي السريانية لم يطلبوا مني أبحاثاً  وكذلك لم يفعل أبناء أمتنا الكلدانية ، فمتى سمعت مني أو من أي كان بأنني أكتب حسب الطلب ؟ ، تقول بأنني صاحب نظرايات مشبوهة ولا تقول لي لماذا هيّ كذلك ، وهل عندما أقول بأنني كلداني أكون مشبوهاً ؟ ، تقول بأنني مضلل في الفقرتين 3 و 4 ، تقول بأنني أكره جذوري السريانية بمعنى أنني إنسان (كاره) ثم تردفها بكلمة (مزور) ، وبالمحصلة فإن ردكم العلمي المهذب يتوصل إلى ما يلي : أنني إنسان مشبوه ، متنكر لأصلي جاهل في مجال التاريخ ، مزور للحقائق ومضلل للآخرين ولست (مناضلاً أو شريفاً) كما هو عليه أبن عمتي العزيز يشوع مجيد هدايا .
عموماً أيها المحترم لن أرد على عبارتك المهذبة هذه وإتهاماتك الحضارية إلا بالمقولة الشهيرة (الإناء ينضح بما فيه) .

والآن أيها الأستاذ المؤرخ الكبير ، هل لك أن تقول لي كيف تكون لغتك سريانية وقوميتك سريانية ، إذا كانت حسب ما ورد في موضوعكم العلمي والدقيق جداً (آرامية لغة وشعباً) وهل بالله عليك سمعت بشعب بتسميتين قوميتين ، وبالتالي ، إذا كان تاريخ الآراميين بحسب ما ورد في موضوعكم العلمي الدقيق جداً يعود إلى القرن الثاني عشر ق.م والسريانية تعود إلى القرن الثالث ق.م بحسب الترجمة السبعينية (علماً أن الترجمة السبعينية تذكر عبارة السورية وليس السريانية كما تفضلتم بذكرها ، لأن السريانية أيها المؤرخ الكبير مصطلح شاع إبان الدولة العباسية في حدود القرن التاسع للميلاد) ، وبالمناسبة فأن الترجمات عادة ما تتم بحسب إجتهادات المترجمين ، ولو راجعت الصفحة 158 من كتاب (الكلدان منذ بدء الزمان) لوجدت أن لنعمان الذي برئ بنعمة الرب ثلاثة تسميات مترادفة في ثلاثة نسخ من الكتاب المقدس ، هيّ (سوري وشامي وسرياني) مع ذلك سنصفح عن هذا (المنطق العلمي الدقيق جداً) ونوافقك الرأي بأنها وردت (سريانية !!) ، وهنا نعود ونتساءل كيف يمكن للعام 301 قبل الميلاد أن يسبق القرن الثاني عشر ق.م ؟ ، بالمناسبة فإن تاريخ سلوقس الأول نيقاطور (المقدوني الأصل) يبدأ في 311 ق.م وليس 301 ق.م ، وأيضاً أن لغته كانت الإغريقية وليست السريانية كما تتخيل ؟!!
(بخصوص الآراميين ، تسميتهم وإنحدارهم الرافدي ولغتهم وقلمهم وتنقلاتهم عبر البادية العراقية السورية (منطقة باربوتاميا الرافدية قديماً) وحول تواجدهم في وادي الرافدين ومستوطناتهم في بلاد حاتي وغير ذلك من تفاصيل تؤكد إنحدارهم عن الكلدان الأوائل .. يمكنك دونما عصبية أو تشنج أن تراجع عدد من الفصول التي أوردتها بهذا الصدد في كتاب (الكلدان منذ بدء الزمان) وأن تتحقق بنفسك من المصادر وأن تتعلم ، لأن العلم نور ).

عموماً ، لأنني كما أدعيت جنابكم الكريم مضلل ومزيف ، فإنني لن أقول أي شيء عن تواريخك وإستنتاجاتك الفنطازية هذه ، ولكن هل لك أيها المؤرخ العلمي المنطقي أن تدلنا على تلك البديهية المبتكرة التي تتعامل مع التواريخ بالمقلوب ؟!!
الأهم من هذا وذاك ، أنك أيها المؤرخ الكبير تغالط نفسك وتناقض كل ما تتخيله حول وجود أمة سريانية ولغة سريانية ، ذلك وبمنتهى البساطة التي لا تحتاج إلى مستو عال من العلمية  (لأن الحديث يتبع القديم وليس العكس .. أليس كذلك ؟) .. وهنا لا بد لي من إن أتساءل ، إن لم تكن هنالك أمة سريانية ولغة سريانية كما تؤكد ذلك كتابتك .. فلماذا كل هذه الجعجعة الفارغة حول الأمة السريانية ؟!!

بخصوص التاريخ الكلداني واللغة الكلدانية الأم وفيما يخص تواجد السومريين وما إلى ذلك من موضوعات ، فإنه يكفي أيها المؤرخ المحترم (إن كنت متخصصاً كما تتخيل) أن تنزل من برجك العاجي فتقرأ فصول الكتاب (الكلدان منذ بدء الزمان) التي أشرت إليها في تصويباتي لكاتبكم الحضاري المهذب نذير حبش ، لترى أيها المحترم ماهية الشواهد العلمية التي جعلتني أكتب هذه الكتاب الذي قضيت في إنجازه 25 عاماً من الدراسة والبحث وسنتين متواصلتين من الكتابة !
وهنا أتساءل ببراءة ، لماذا يا ترى يعتمد مؤرخ كبير مثلك (ترجمة إغريقية) عندما يريد تأكيد ما تسمى باللغة السريانية (برغم أن العبارة الإغريقية تعني سوريا وليس سريانية) ، ولكن عندما يريد أن ينكر على الكلدان رافديتهم وعراقتهم وبكونهم بناة أريدو منذ العام 5300 ق.م فإنه يعطي ظهره لتاريخ برحوشا الذي كتب قبل الميلاد بعدة قرون والذي يؤكد فيه ذلك المؤرخ الذي كان الإغريق القدماء يطلقون عليه تسمية (فم الذهب) بأن أول ملك من ملوك ما قبل الطوفان كان كلدانياً وبأن أول سلالة رافدية حاكمة كانت سلالة كلدانية ؟!!

عموماً أيها المؤرخ الكبير ورجل العلم والمعرفة الذي لا يشق له غبار ، الفرق بيني وبينك هو أنني كدارس أكاديمي للتاريخ وكباحث نشر أولى دراساته التاريخية منذ عام 1980م (وليس كما أردت أن توهم القراء بأنني فنان حسب مع تشرفي بكوني أول فنان كلداني يحصل على عضوية الرابطة العالمية للفنانين المحترفين في باريس عام 1986م) ، هو أنني لا آخذ كل ما يكتبه الغربيون على أنه كلام منزل ، وعلى سبيل المثال فقد ترجمت المؤسسة الأهلية عام 1999م كتاب (الأصول السومرية للحضارة المصرية) للبروفيسور المؤرخ البريطاني الشهير أ وادل الذي كان قد نشره في لندن قبل بضع سنوات من ذلك التاريخ ، ومع علو الشأن الأكاديمي للأستاذ وادل ، إلا أنه كغربي فقد عمد إلى مغالطة غير محمودة العواقب وهيّ (إعتباره أن السلالة الكلدية الشهيرة بملكها شاروكين الأكدي هيّ سلالة سومرية !) ، أن أمثال مثل هذه المغالطات تجوز على أمثالك ولكنها لا تجوز عليّ .
ولأضرب لك أيها المؤرخ المحترم نماذج أخرى من هذه الأخطاء الشائعة التي تتعامل معها جنابكم الكريم كمسلمات وبديهيات ، وبالمناسبة فإن مثل هذه الأخطاء الشائعة ، لا تتواجد في كتب التاريخ حسب ؟!
أن مغالطات من نوع إستخدام مصطلح الأسيريولجي أو مصطلح اللغة السريانية على ما فيهما من سذاجة وبعد عن المنطق العلمي هيّ أمور شائعة جداً ، تتطلب من المختصين الواقعيين التعامل معها بحذر حتى وإن كانت تدحض بعض قناعاتنا التي ورثناها نقلاً عن أهالينا . علماً أن هذه ليست هيّ المرة الأولى التي يعتمد فيها الأكاديميون مصطلحاً ثم يتبين لهم عدم دقته ومع ذلك يبقى ذلك المصطلح الخاطئ في الإستخدام بسبب شيوعه ، وكدليل على ذلك :
فقد أعتقد الباحثون الذين أبتكروا ما يصطلح عليه اليوم بالصليب المالطي الذي أكتشف أولاً في مالطا بأنه أقدم أنواع الصلبان التي لها تلك الهيأة ، ولكن بعد بضعة عقود تبين لهم أن تصميم الصليب المالطي قد عرف في وادي الرافدين منذ عصور الفخار الأولى ، كما نسب الباحثون قوس النصر إلى التقاليد الرومانية ثم تبين لهم أن قوس بوابة عشتار هو أول قوس نصر معروف في العالم ، وأخطأوا ثالثة عندما نسبوا خاصية الأعداد الفيثاغورية إلى فيثاغورس -Phythagore- ثم تبين لهم أن البابليين عرفوا خاصية الأعداد الفيثاغورية قبل ولادة فيثاغورس بقرون عديدة ، وأخطأوا رابعة عندما تم في عام 1759م نسبة مذنب هالي إلى الفلكي الإنكليزي إدموند هالي -Edmond Halley- الذي تنبأ عام 1705م بظهوره في ذلك العام الذي سمي فيه المذنب بإسمه ، ثم بينت الإكتشافات الآثارية اللاحقة بأن العالم الكلداني كيدينو كان قد تنبأ نظرياً وسجل عملياً تسجيلين عن هذا المذنب قبل ما يزيد على ألفي عام من تنبؤ العالم هالي ،  وأخطأوا خامسة عندما نسبوا كاديكوس الطب إلى إله الطب الإغريقي إسكاليبوس ثم أكتشفوا أنه رمز عراقي قديم كان شائعاً في الإقليم البابلي منذ عهد سلالة لجش أي قبل تبنيه من قبل الإغريق بألفي عام ، وأخطأوا سادسة عندما أطلقوا على ما يسمى اليوم بمصطلح (الحيثيات أو اللغة الحيثية) ، ثم تبين لهم أنها لغة الشعب الهندوأوربي المعروف بأسم النيساتي وتدعى لغته بالنيساتية -Nesitian- ، وأخطأوا سابعة عندما أعتقدوا بأن إقليدس الذي عاش في حدود القرنين الرابع -Euclid of Megara- أو الخامس -Euclid of Alexandria- سواء كان الأول الفيلسوف أو الثاني الرياضي (مع أن هنالك من يرجح أنهما شخصاً واحداً) هو مبتكر النظرية المنسوبة إليه والتي ماتزال حتى اليوم تعرف بأسمه أي (نظرية إقليدس) ، وهيّ النظرية التي تعتمد مبدأ تشابه المثلثات القائمة الزاوية المحدثة من إنزال عمود من الزاوية القائمة في مثلث قائم الزاوية على الوتر ، غير أن الحفريات في مدينة شادو بوم البابلية (تل حرمل) بينت بأن الرياضيين البابليين قد أبتكروا وطبقوا هذه النظرية عملياً  قبل أن يعرفها اقليدس بسبعة عشر قرناً !!
فلا يستغرب أحد إذا ما بقي في الإستعمال مصطلح (اللغة السريانية) أو (علم الآشوريات) برغم كونه خطأ لا يغتفر ، ذلك أن صليب أريدو (الألف الخامس ق.م) ما زال يدعى بالصليب المالطي وقوس النصر البابلي ما زال ينسب للرومان ، وما زالت خاصية الأعداد الفيثاغورية تنسب إلى فيثاغورس ، وما زال مذنب (البابلي كيدينو) يدعى مذنب هالي ، وما زال رمز الطب الخاص بننكشزيدا ينسب للإله الإغريقي إسكلابيوس -Asclepios- ، وما زالت اللغة النيساتية تدرس تحت تسمية علم الحيثيات ، وما زالت نظرية (شادوبوم البابلية) تدعى حتى اليوم نظرية إقليدس !

الخلاصة أيها المؤرخ المحترم ، أنك تدافع عن وهم الأمة السورية (السريانية) التي أختلقها أنطوان سعادة في كتاباته مطلع القرن العشرين ومنها كتابه الشهير (نشوء الأمم الذي نشره عام 1938م) ، والحق فأن لا دافع خلف وهمك هذا إلا لأنك سوري أو لبناني المواطنة ، وحتى من دون أن تفهم الفرق الشاسع بين الإنتماء الوطني والإنتماء العرقي ، بالنسبة لنا نحن سريان العراق (الذين لا تحركنا دوافع سياسية ولا نؤمن إلا بقدرنا كعراقيين أصلاء) ، فأننا لسنا بسوريين ولن نكون كذلك في يوم الأيام ، لأننا بإختصار شديد أبناء وادي الرافدين الأصليين الذي ينحدرون عن الكلدان الأوائل ، شاء ذلك علمكم الغزير أم  أبى .

حري بالذكر أيضاً أيها المحترم كيبا ، هو أنني لم أطلب من السيد نذير حبش السكوت ، بل أنه هو الذي تبجح بأنه قادر على إسكاتي مثلما تبجح بنجاحه في ذلك مع الآخرين ، فكيف ولماذا قلبت الكلام ، أم أن هذا هو أيضاً بعض من علميتك التي تتفاخر بها علينا ؟

بالنسبة للدكتور أمير حراق ، فإن أختصاصه ليس تاريخ وادي الرافدين وإنما اللغة (السريانية مجازاً) تماماً مثل تخصص البعض في (Assyriology) الذي هو ليس اللغة الآشورية كما يتخيل البعض وهو ما تعلمه يقيناً ، ومع إحترامي لشخصه ، فإنني آخذ عليه مسألة عدم إيمانه بحرية معتقدات الآخرين الذين لا يقلون كفاءة عنه في مجالات إختصاصاتهم ، ففي حديث سابق بيني وبينه على الهاتف ، دعاني الدكتور حراق للدخول في منظمته السريانية ، ولما أفهمته بأنني لا أعير كبير أهمية للتنوعات الكنسية الطقسية قدر ما يهمني إيماني المسيحي ومذهبي الكاثوليكي ، فبين لي بأنه يقصد القومية السريانية ، وهنا قمت بمناقشته بكل أدب وأحترام فلما عصي عليه أن يرد ، أنهى المكالمة ولم يتصل بي منذ ذلك الحين ؟!! .. أرجو إيصال كلامي هذا له ، لأن الأستاذية تعني إحترام آراء الآخرين وبخاصة الإختصاصيين منهم ، كما أن الإختلاف في الرأي ينبغي أن لا يفسد للود قضية .. أليس كذلك ؟
 .
وبالمناسبة فقد رفضت أيضاً عرض أبن عمتي للدخول في الحزب السرياني ، لأنني لست سياسياً أولاً ، ولأن المنطلقات القومية للحزب هيّ منطلقات وهمية . وهنا أحيطك علماً ، بأن ما أورده هنا ليس إلا من أجل تصحيح معلومتك بأن السريان ليسوا بحاجة لي كما تدعي واهماً ، لأن إدعاءك هذا ليس أكثر من معلومة خاطئة أخرى ، كما يتبين لك من المثالين السابقين .

مسألة أخرى مهمة أيها المحترم كيبا ، ولأكن معك قاسياً بعض الشيء هذه المرة فأقول : من أعطى لجنابكم الكريم (صلاحية تنبيهي) وما معنى كلمة تنبيه هنا ومن أنت بحق المسيح لكي تنبهني ، لو كنت تعي ما تقول وتستوعب ما تكتب ، ولو كنت أهلاً للبحث العلمي كما تدعي ، لما عصي عليك الحصول على نسخة من كتابي (الكلدان منذ بدء الزمان) ، فإن كانت لك أنت أو للدكتور حراق أو كائناً من يكون القدرة على تمحيص دراستي ودحضها ، فإنني سأكون أول من يرفع لكم قبعته إحتراماً ، وإن لم تستطيعوا ، فما معنى سردكم الصبياني لكل ما تورده كتب الغربيين دونما تمحيص ، وما معنى جعجعاتكم الفارغة هذه في موقع عنكاوا ؟
أقرأوا وتعلموا أولاً ثم ناقشوا بعد ذلك ، إذ ليس من المنطقي أن تكون كل تلك المصادر التي أوردتها في بحثي كاذبة ومخادعة ومزورة ، لا لشيء إلا لأنها تؤكد وهمية الأمة السريانية !!

ليؤمن أبن عمتي العزيز (يشوع) بما يريد فهو رجل سياسة محترف وقادر على إيصال مطاليب أبناء الكنيسة السريانية للمسؤولين بقوة وأمانة ، وهذا هو حق لجميع السريان أسوة بأبناء الطوائف الأخرى ولكن نصيحتي له ولكم أن لا تجروا خلف السراب القومي السرياني فتصبحوا ذيولاً للسوريين ، إذ (ليس هنالك من أمة سريانية ولا من يحزنون) ، وأعود لأذكرك بما كتبته أنت بنفسك في مقالتك العلمية العصماء التي تؤكد ذلك !!!
أخيراً أيها المحترم ، أنا لم أتنكر للكنيسة السريانية في يوم من الأيام ، مثلما لا تعني خدمتي ضمن مجلس الخورنات الكاثوليكية الكلدانية ، أو سيامة أخي شماساً من قبل غبطة البطريرك الراحل مار روفائيل الأول بيداويد بعد الإضطهادات التي عانى منها من قبل المطارنة السوريين في دير يسوع الملك / جونيا بأنه متنكر لتاريخ أجدادنا ، لأن تاريخ أجدادنا أيها المحترم ليس التاريخ الكنسي حسب لو كنت تفهم ؟ ، وحتى لو كان كذلك فإن تاريخنا الكنسي الرافدي ينبع من كنيسة كوخي الكلدانية العروق وليس من كنيسة أنطاكيا أيها المبجل .

يبدو أن علمكم الغزير قد فات عليه الفصلين اللذين أدرجتهما في كتابي الموسوم (الكلدان .. شمس لا تنطفيء / 1997م) والذي أحتوى على موضوعين رئيسين يتناولان بمحبة أبناء طائفتي السريانية وهما (عصور شهداء المسيحية) و (من هم السريان ؟) ، مثلما قد يكون قد فات على جنابكم الكريم موضوع إفتتاحيتي لمجلة (بابل اليوم) التي كنت أصدرها في الولايات المتحدة والتي جاءت بعنوان (لماذا ينبغي علينا أن نفخر بالأسمين .. كلدان سريان) ، وبالمناسبة فإن هذه الشواهد كانت قد كتبت قبل تأسيس أي حزب سرياني في العراق ، وإن دلت على شيء فإنما تدلل على كذب إدعاءك ، وأيضاً على (مستوى علميتك التي تدعيها) أيها المحترم !

أننا لسنا خدم مؤسسات كنسية وإنما نحن أبناء الفادي من كل طقس وطائفة ، ولهذا ذكرت أكثر من مرة في كتبي ودراساتي بأن تنوع طقوس الكنائس الرافدية ما هو في الحق إلا تنويعات لحنية على قيثارة واحدة ، فأين هو نكراني لتراث الأجداد الكنسي أيها المحترم ؟
إن كنت أنت لا تعرف من هم أجدادك وما هو أصلك وفصلك ، فلا تأتي اليوم لتعرفني من هم أجدادي لأنني أعرفهم يقيناً ، أن قوميتنا الوحيدة إن كنا نؤمن حقاً بعراقيتنا وبكوننا السكان الأصليين لبيث نهرين هي (الكلدانية) التي ستبقى تقض مضاجع كل من لا يريد الخير لها ولأبنائها ، وفي الختام (سلام) عسى أن تعرفه ؟

للأمة الكلدانية بإخلاص / عامر حنا فتوحي


إنتباهة : إن محاولات الأخوة الموهومين بالأمة السورية (السريانية) ، ينبغي أن لا تنسيكم أيها القراء الأعزاء الكلدان ما نشرته في موضوع (إنحياز فضائية عشتار .. يبدو جلياً في الشعار) ، وبخاصة بشاعة التمييز الذي أرتكبه مسؤولو فضائية عشتار تجاه أبناء أمتنا الكلدانية من خلال شعارهم التمييزي المسيس ، كما آمل منكم أن لا تنسوا أو تسكتوا على فداحة التجاوز على تاريخنا الرافدي ورموزه التاريخية المعروفة ومنها رمز عشتار التاريخي الذي يتنكرون له لدوافع سياسية .

إنتباهة ثانية : يسعدني ويشرفني أن أكون أول من فكر ونفذ علم الكلدان القومي ، ويشرفني أيضاً ، أن ذلك لم يتم إلا بمبادرة شخصية مني ، وهنا لا يسعني إلا أن أشكر جميع الأحزاب والمنظمات الكلدانية وكافة أبناء أمتنا الكلدانية العريقة التي تفخر بعلمنا القومي الكلداني ، هذا العلم الذي يمثل (بحسب شهادات الجدارة والأصالة) خير تمثيل أصالتنا وحضاريتنا في وطننا الأم العراق العزيز (بيث نهرين) .
 
إنتباهة ثالثة وأخيرة : أثبتت لي تجربة الكتابة السابقة إليك يا سيد كيبا ، بأن تحاوري معك هو من نوع حوار الطرشان ومضيعة للجهد والوقت ، لذلك أكتب ما تشاء وتخيل ما تشاء لأن إستساغة الأوهام سهل ، ولكنني أتحداك لو كنت أكاديمياً كما تعتقد أن تدحض ما أوردته في كتاب (الكلدان منذ بدء الزمان) أو أن تنال من مصداقية مصادره .

27
كلدانية .. لا سريانية ولا آرامية

الأخ نذير حبش المحترم تحية وسلام

أخي الكريم ، برغم إنشغالي مؤخراً بإنجاز التقويم القومي الكلداني لعام 2006م والموافق للعامين (7305-7306ك) الذي يتطلب مني الكثير من الجهد ، وبرغم مشاغلي الأخرى العديدة فقد قرأت موضوعكم (ما حرّمه عامر فتوحي على غيره حلّله لنفسه ،أللغة السريانية أمّ الكلدانية) ، والحق فقد كان بودي التحاور معك لو كنت أهلاً لذلك ، ولكن ما منعني حقاً هو يقيني من عدم تخصصك في مجال التاريخ من ناحية ، ومن ناحية أخرى إستخدامك لبعض العبارات غير المتحضرة كاللعب على الآخرين وعيون السيدة نجاة التي لا أعرف من هيّ وتهمة التزييف (تزييف ماذا ؟) ، ناهيك عن ترديد التهم الساذجة التي مللنا منها لفرط ترديدها من قبل البعض على مسامعنا دونما وازع ومنها مشابهتنا للعروبيين البعثيين وما إلى ذلك ، لذلك سأكتفي هنا بعدد من التصويبات والتوضيحات آملاً أن يدعوك هذا للتفكير ملياً قبل الكتابة مستقبلاً .

عموماً يا أخي الكريم أود أن أعلمك بأن ليس هنالك من أمة سريانية ولا من هم يحزنون ، ولو كانت هنالك حقاً مثل هكذا أمة لكنت أول الداعين لها ، ذلك وببساطة متناهية لأنني مثلك سرياني الطقس كاثوليكي المعتقد . أن مصيبتنا يا أخي الكريم هيّ عندما يحاول أمثالك من غير المختصين (بدلالة ما كتبته من أوهام) أن يصلح للمختصين مجالات إختصاصهم ، الحق أنه لو كان لديك إطلاع بسيط في هذا الشأن لما ورطت نفسك في كتابة ما لا معرفة لك به . وإلا عن أي قاعدة منطقية تاريخية تتكلم وأنت تذكر بأن مصطلح السريانية وهي الإستخدام (العربي) لمفردة سورايي وسوريايي الذي شاع في سوريا (بلاد الشام) وأنتقل إلى بغداد أبان القرن التاسع الميلادي يسبق الشواهد التاريخية التي ترجع التاريخ الكلداني إلى أولى مدن ما قبل الطوفان ، وكيف بألله عليك يقع العام 5300 ق.م في الألف الرابع قبل الميلاد ، وأيضاً تتساءل وبشكل يبعث على الإبتسام ويكشف في الوقت عينه عن ماهية المنطق والعلمية التي تتخيلها متواجدة فيك ، (ترى ماذا كانت تلك اللغة التي تكلم بها أهل أريدو قبل ذلك التاريخ أي 5300 ق.م ؟) وتجيب بثقة لا يمتلكها العديد من الأكاديميين المعروفين ومن دون أية إشارة لأي مصدر سوى ما يدور في مخك من تخيلات وأوهام بأنها السريانية ؟!! ، وإليك النص (الأقوام التي هاجرت من بلاد الرافدين الجنوبي والغربي ومن الوسط نحو الشرق (العراق) كانت أقوم ناطقة (غير خرساء) أي كانت لها لغة يتكلمون بها ولم يبدأ نطق وتطور الأمة ببداية المرحلة الكلدانية ، تلك اللغة هي اللغة السريانية ، سبقت كل التسميات اللغوية والقومية والدينية الآخرى لتسميات الأمة الرافدينية) .. ما هو المصدر لمثل هذا المنطق الذي يدعو للإبتسام ؟!!

ولكي لا أتعب فكركم النير ، آمل من جنابكم الكريم أن يطالع الفصول التالية من دراستي الموسومة (الكلدان .. منذ بدء الزمان) وهي : (أصل التسميات القديمة بين القومية والإقليمية) / (إدعاء أن كلدان اليوم ليسوا كلدان الأمس) / (إدعاء أنقراض الكلدان بعد سيطرة المسلمين على وادي الرافدين) / (إدعاء أن السريان والآشوريين / الشوباريين شعب واحد !) / (إدعاء تعذر معرفة أصول الناطقين بالسورث إلى بابل أم آشور ؟) / (كلدانية الدم المسفوح على الصليب لخلاص العالم) / (نظام الكتابة السريانية ..  قلم آرامي أم إبتكار كلداني ؟) ، وبالمناسبة فإن هنالك ما يقرب من أربعمائة مصدر أكاديمي وبأكثر من لغة تدعم ما أذهب إليه في دراستي ، وليس من بين تلك المصادر كلها ما تتخيله عن وجود (أمة سريانية) ، إلا إذا كان ذلك يعني دولة الساحل السوري القديمة التي كانت تدعى حتى سقوط الدولة البابلية الحديثة بأسم (بلاد حاتي) والتي لله الحمد لا علاقة لسريان العراق بها من قريب أو بعيد .

لقد عمد الناشط السياسي السوري أنطوان سعادة في مطلع القرن العشرين إلى إشاعة فهم الأمة السريانية على أساس اللحمة التاريخية الثقافية ما بين بلاد الرافدين وسوريا الحالية وهيّ لحمة لا تربط في الواقع إلا ما بين ميسوبوتاميا وبارابوتاميا (البادية العراقية السورية) حسب ، والأخيرة هيّ التي أقتطعها الفرنسيون في مطلع القرن العشرين من جسد ما بين النهرين التاريخي .

أن أي سرياني عراقي غيور على إنتمائه الوطني ينبغي عليه يدافع أولاً عن هويته الرافدية التي تمثلها بكل جلاء قوميتنا الكلدانية العريقة التي عانت الأمرين جراء الإنقسامات الكنسية في القرون الأولى للبشارة المسيحية ، أما أعتقادك الواهم بالإنتماء لسوريا (الأمة السورية على حد زعم البعض) كياناً وثقافة فما هو إلا إنتماء باطل لأن أهالي بخديدا وبرطلة وبعشيقة وغيرها من بلدات عراقية تعتمد الطقس السرياني ما هيّ في الأصل إلا كنائس أنفصلت عن جسد كنيسة كوخي الكلدانية الجامعة والتي تحولت إلى المذهب النسطوري في الجيل الخامس ثم أعتمدت هذه البلدات في الجيل السابع المذهب المونوفيزي حتى عاد بعضها في القرن الثامن عشر إلى حضن الكنيسة الكاثوليكية الجامعة .

ولكي لا أسمع منك مستقبلاً مقالات عصماء جديدة تسكت بها الآخرين ، أنصحك أن تقرأ وتتعلم وأن تستشير من هو أكثر معرفة منك بمن تكتب إليه وتتهجم عليه ، ولا بأس من مراجعتك للأب الفاضل يوسف حبش وسؤاله عن مبرر ترك أخي لدير يسوع الملك في جونيا مكرهاً وهو في مرحلة ما قبل سيامته كاهناً وما هو دور المطارنة السوريين في ذلك ، ولا بأس من أن تسأل الأخ العزيز رياض حبش مدير موقع بخديدا الذي يمكنه أن يدلك على كيفية إقتناءك لكتاب الكلدان وما هو موقفي من الكنيسة السريانية ، كذلك يمكنك سؤال الأباء الرؤساء الأفاضل في بخديدا لتعرف من هو عامر حنا فتوحي آل شندخ بريخا وما هو دور آل شندخ بريخا في تاريخ الكنيسة السريانية وما هيّ مواقف آل شندخ حتى اليوم بهذا الخصوص ، فإن لم يكن هذا بمستطاعك فيمكنك معرفة مكانة آل شندخ من مراجعتك للصفحة 55 من كتاب الأب الدكتور بهنام سوني (بغديدا) ، كما يمكنك أيضاً لو كنت مقيماً في بخديدا مراجعة أبن عمتي السيد إيشوع مجيد هدايا بهذا الصدد ، وذلك لكي لا تتزاود معي حول المحبة لأبناء الطقس السرياني ، أحمد ألله في الأخير أنني ولدت من أب بخديدي وأم تلكيفية وتزوجت من أمرأة ألقوشية رائعة ، لأن هذا المزيج علمني أن أحترم كل التنوعات الطائفية والقروية والأهم من هذا وذاك علمني أن مسيحيتي ليست رهينة بطقس محدد وإنما ولائي الأول والأخير لربنا وفادينا ، مثلما علمني هذا أن لا أتعصب بل أتعامل مع المحيط بعقل متفتح وقلب متسامح ، ولهذا آمنت بعد دراسة طويلة ومستفيضة بقدري الكلداني الذي أنتمي إليه بوعي ورؤية واقعية مدعمة بالعلم والمعرفة .

يهمني أن تعلم أيضاً ، بأنني لم آت إلى ديترويت للنزهة ولكن بعد عدد من الإيداعات والإعتقالات والإستجوابات في الأمن العامة العراقية بتهمة المساس ببعض ممنوعات النظام البائد وكذلك بتهمة إرتباطي بالمعارضة العراقية أثناء إقامتي في عمان ، وبطبيعة الحال فإن هذه الإتهامات قد جاءت كتحصيل حاصل لمواقفي على الصعيدين التشكيلي والبحثي في مجال التاريخ الرافدي ومواجهتي من خلال (المقالة واللوحة) لعمليات غسيل الدماغ العروبية والتأكيد على الهوية الرافدية والإفتخار بقوميتي الكلدانية ، وهذا مثبت في العديد من الصحف العراقية والصحف الصادرة في أوربا ، وكان آخر الإجراءات البعثية سحب جنسيتي العراقية والحكم عليّ بالإعدام غيابياً . لذلك فأن وجودي مع عائلتي في ديترويت ليس ترفاً كما تتخيل ، وإنما وضعاً إستثنائياً أملته عليّ ظروف قاهرة ، لذلك لا أعرف ما معنى هذا التباهي الصبياني والتعريض للآخرين بأن هذا في ديترويت وذلك في سدني ، ترى ما الذي فعله جنابكم الكريم أيام العهد البعثي البائد لكي تتفاخر به علينا ، لا أريدك أن تكتب لي وإنما أن تراجع نفسك فلا ترمي أحجارك مستقبلاً في الظلمة لأن بعضها قد يصيب أهل بيتك !
 
لعلمك أيها الأخ الكريم ، فأن هذا التوضيح هو آخر ما ستسمعه مني إذ ليس عندي ما أضيف على ما أوردته في كتاب (الكلدان .. منذ بدء الزمان) والذي أثبت فيه بالوثيقة التاريخة والدليل الآثاري بأن لغة الناطقين بالسورث هيّ ذاتها (الكلدانية الأم) وهو مصطلح لم أبتكره أنا وأنما ورد على لسان بعض الباحثين الأوربيين منهم ماريو بيي ونوح ويبستر ، مثلما أثبت بأن قلمنا الحالي لم يبتكر في تركيا أو سوريا وإنما قد أبتكر في عهد الدولة البابلية الحديثة وتم تطويره في عهد يوسب بر سكد أود ناق ملك ميشان ، لذلك فأن لغتنا هذه سواء أستوعبت هذا أم لم تستوعبه (كلدانية .. لا سريانية ولا آرامية) ، أخيراً ، أتمنى مخلصاً أن لا تتسرع فتكتب ثانية قبل أن تقرأ ما توصلت إليه في بحثي الذي يتجاوز الربع قرن من الدراسة والعمل المختبري المتحفي والصيانة الموقعية والتأليف في مجال التاريخ الرافدي ، نصيحتي الأخيرة أن تقرأ وتمحص ما تقرأه ، وصدقني أيها الأخ الكريم بأن إستساغة الوهم لم ينفع أحد يوماً .

للأمة الكلدانية بإخلاص / عامر حنا فتوحي

28
إنحياز فضائية عشتار .. يبدو جلياً في الشعار
[/b][/size][/font]
عامر فتوحي
إبتداء أود أن أوضح بأن هذا الموضوع قد كتب تعقيباً على ما ورد على لسان السيد (جورج منصور) المحترم مدير فضائية عشتار أثناء حواره مع الأخت لينا سيواش والمنشور على الرابط (http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=10538.msg26837#msg26837) . ويهمني أيضاً قبل المداخلة أن أصحح معلومة وردت على لسان السيد منصور المحترم والتي وردت على النحو التالي : (السريانية هي أخت العربية تمتلك المزايا ذاتها من ناحية القواعد واستيعاب التطور اللغوي والمفردات الجديدة) !
إن في هذه العبارة التي (تتجاوز حدود المجاملة) مغالطة كبيرة ، وذلك لأسبقية وقدم ما تسمى بالسريانية وهيّ اللغة المنحدرة عن (الكلدانية الأم) أي لغة الكلدان الأوائل (Proto-Kaldee) بناة أريدو وأور وأوروك منذ 5300 عام ق.م ، وبمعنى آخر فإن ما يطلق عليه اليوم (مجازاً باللغة السريانية) إنما هيّ في الواقع وكما تثبت ذلك الدراسات والدلائل التاريخية ذات اللغة (مع الأخذ بنظر الإعتبار عامل التطور) التي كانت سائدة في تلك المدن التاريخية قبل الهجرة السومرية من الشمال في فترة ما بين القرنين الخامس والثالث والثلاثون قبل الميلاد .
وبديهي أن اللغة العربية التي نشأت في حدود أواخر القرن الأول ومطلع القرن الثاني للميلاد ليست أختاً للغة الكلدانية وإنما هيّ لغة مشتقة ومركبة من تزاوج كلدانية ما بين النهرين (Mesopotamia) - بآرامية بادية الرافدين (Parapotamia) مع اللغة الحبشية التي أستقرت في اليمن منذ القرن الثاني عشر ق.م . فأثرت في مدن الحجاز ومنها مدينة مكة التي كتب القرآن (مفردة كلدانية أصلها قريانا) بلهجتها ، وبما أن عامل الأخوة بمعنى (أن الأخ أو الأخت ينبغي أن يتحليا بصفة التقارب العمري) فإن هذا لا ينطبق جملة وتفصيلاً على العبارة السابقة ، لأن الكلدانية الأم (لغة سكان العراق الأصليين) والتي تعرف اليوم باللغة السريانية (مجازاً) تسبق اللغة العربية بما يقرب من خمسة آلاف وخمسمائة عام تقريباً وهو فرق شاسع لا محال .

الموضوع الرئيس تحليل وإستنتاجات .. شعار فضائية عشتار مغالطة تاريخية وأخلاقية

تقول الأخت لينا سيواش في الفقرة الثالثة من اللقاء بأن فضائية عشتار هيّ فضائية (مستقلة كما يروج لها مسؤولوها) ويؤكد السيد جورج منصور مدير الفضائية هذه المفردة (مستقلة) في الفقرة الرابعة من اللقاء ، ثم يذهب السيد منصور إلى أبعد من ذلك في الفقرة الخامسة حيث يؤكد بأن فضائية عشتار هيّ فضائية تتمتع بما أسماه (إستقلالية وحرفية وحيادية) !!!
وهنا لا بد لنا من أن نتساءل : هل أن ما يقوله المدير المسؤول هو كلام مسؤول ويتمع بالمصداقية التي ينبغي على من يحرص على وحدة أمتنا أن يتحلى بها أم أن كلامه محض ضرب في الهواء وذر للرماد في العيون ؟ .. وبمعنى آخر ، هل تمثل هذه الفضائية أبناء أمتنا الواحدة (الكلدان السريان الآشوريين) على تنوع مسمياتهم (القومية والطائفية والسياسية) ، أم أنها محاولة جديدة للإحتواء وطعن الكلدان في الخاصرة كما دأبت على فعل ذلك المنظمات السياسية الآشورية التي أثبتت فشلها ستراتيجياً وتكتيكياً ؟

من المعروف لنا العبارة الشائعة (الكتاب يقرأ من عنوانه) وعنوان فضائية عشتار على ما يبدو جلياً من خلال الشعار(Logo) الذي أعتمدته ، والذي أستخدم فيه أول الأمر العلم السياسي للتنظيمات الآشورية ضاربين عرض الحائط رموز الغالبية العظمى من أبناء أمتنا الواحدة ، لأن هنالك اليوم على أرض الواقع ثلاثة أعلام معترف بها عالمياً ومعلوم أن علم التنظيمات الآشورية لا يمثل حتى مجموع أبناء الطائفة الآثورية الذين تعد نسبتهم أصلاً الأقل قياساً بالكلدان السريان الذين يمثلون نسبة تزيد على 90% من مسيحي العراق الرافديين (الناطقون بالسورث) .
والسؤال البريء هنا لماذا أذن رغم كل هذه البديهيات التي أشرنا إليها أعتمدت فضائية عشتار (المستقلة الحرفية المحايدة كما يدعي مديرها) رمزاً سياسياً لا يمثل الأغلبية من الناطقين بالسورث وبالتالي ما علاقة هذا الرمز السياسي المحض بأسم الفضائية (عشتار) تاريخياً ؟؟؟

الأنكى من ذلك ، أنه وعلى ما يبدو .. فأن هذه الفضائية (المستقلة الحرفية المحايدة) بعد أن تلقت أكثر من نقد فيما يخص إستخدام العلم السياسي الآشوري في الشعار السابق ، لم ير مسؤولها من حل إلا بإستبدال تكتيكهم الإحتوائي ، لكن الهدف الستراتيجي لهذه الفضائية (المستقلة الحرفية المحايدة) بقي ذاته ، حيث أعتمدوا في الشعار الجديد النجمة الرباعية التي تعتمدها المنظمات السياسية الآشورية ، وهيّ مسألة غير صحية أو صحيحة على الصعيدين التاريخي والأخلاقي كما يلي :

1- على صعيد الأمانة التاريخية : يعرف أي متخصص أمين على ثقافة وحضارة وتاريخ ما بين النهرين (بيث نهرين) بأن رمز عشتار كان النجمة الثمانية (دون الأمواج الضوئية) ، وذلك على طول التاريخ الرافدي كما أستخدم كرمز لعشتار خلال بعض الفترات المبكرة (شعار القصبة المعقوفة) وبخاصة في دور جمدة نصر الذي شهد المراحل الأولى لتكوين الحضارة السومرية ، ولم يرد أي شعار لعشتار على طول التاريخ الرافدي على شكل نجمة رباعية مع الأمواج الضوئية (زهريرا) سواء على مسلة أو حجر كيدورو ؟!!!
ولمن يريد مزيد من المعلومات حول عشتار ومكانتها ضمن البنثيون البابلي / الرافدي أذكر ما يلي :

إنانا / عشتار -Inanna - Ishtar- و معنى أسمها هو سيدة السماء وهي إلهة الحب والحرب أي الإلهة المحاربة وربة الجيوش وهي الرمز الأنثوي للطبيعة وزوجها هو تموز -Tammuz- العنصر الذكوري للطبيعة ووزيرها وفي أحيان أخرى وزيرتها ننشوبور -Ninshubur- ، ومن ألقابها لبوة الإيجيجي وسيدة المناوشات وكذلك دعيت بالعذراء المقدسة أم البشر ، كما عرفت في مدينة الحضر بحدود القرن الأول ق.م بأسم أترعتا وتنعت أيضاً بأسم مرتن (سيدتنا) .
معبدها الرئيس هو -E anna-  في أوروك -E mash dari- في بابل ، وهيّ الإلهة الوطنية الحامية للعاصمة أكد وشعارها هو (النجمة الثمانية) وجرمها السماوي هو كوكب الزهرة ورقمها المقدس 15 وسلاحها هو السيف والقوس والنبال وتابعها الحيواني هو الأسد ، وهي الموكلة بيوم الجمعة من بين أيام الأسبوع ، ولونها هو الأبيض حيث تمثلها الطبقة الأرضية الثانية في برج بابل التي كانت تطلى باللون الأبيض نسبة للإلهة عشتار .

يلوح جلياً وفق ما أوردته من معلومات مستقاة من المصادر الأكاديمية والمكتشفات الآثارية (الجهل المطبق) لمسؤولي فضائية عشتار بتاريخهم الرافدي ، والسؤال البريء الذي نطرحه هنا ، ترى ماذا يمكن أن نتوقع ممن يجهل تاريخه أصلاً أن يقدم لأبناء أمته ؟

2- على صعيد الأمانة الأخلاقية : لأبناء أمتنا اليوم كما يعرف الجميع ثلاثة أعلام وهيّ العلم الكلداني (ذو النجمة الثمانية الكلدانية البابلية) وهو علم النسبة الغالبة من أبناء أمتنا ، العلم الآشوري وهو علم أبناء الطائفة الآثورية ومنظماتهم السياسية والذي يحمل النجمة الرباعية المستخدمة في علم زوعا وأيضاً في الشعار الجديد لفضائية عشتار ، وعلم سريان العراق الذي لا يحتوي على أية نجمة رافدية ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : من خول فضائية عشتار تجاوز رموز الغالبية العظمى من أبناء شعبنا الواحد والإكتفاء بالترويج لرمز لا يمثل إلا مجموعة سياسية بعينها ، وهل أن الأنحياز المكشوف إلى جهة سياسية بعينها هو ما يفسر (إستقلالية وحرفية وحيادية) هذه الفضائية التي ينبغي أن تكون جسراً لشد لحمة أبناء شعبنا الواحد بدلاً من إشاعة روح التمييز وتجاهل رغبات الكثرة الغالبة ، وبالتالي ألا يعد مثل هذا التجاوز غير المقبول مغالطة سلوكية وأخلاقية غير مبررة ؟

بالنسبة لي ، فأنا لا أريد من السيد جورج منصور المحترم إجابات مطاطة أو عبارات تبريرية ، بل أنني لن أقبل بأي كلام معسول يرد على لسان السيد المسؤول بخصوص الشعار الجديد الذي لا علاقة له من قريب أو بعيد بعشتار تاريخياً ، وإنما أريد منه ومن بقية المسؤولين على هذه الفضائية (فعل جاد وعمل مسؤول) والفعل الوحيد هنا هو (الإعتذار العملي) عن مثل هذه التوجهات غير المسؤولة التي تتنكر للتاريخ الرافدي وتضرب عرض الحائط طموحات الغالبية العظمى من أبناء شعبنا ، وذلك من خلال إستبدال التصميم الحالي (المغلوط) بشعار يتوافق مع التسمية (عشتار) ويتناسب أيضاً مع توجهات الفضائية كما وردت على لسان السيد جورج منصور المحترم والتي ينبغي أن لا تتجاوز على الكلدان من ناحية ، ومن ناحية أخرى أن تكون أمينة على تاريخنا الرافدي والمصلحة العليا لأبناء شعبنا الواحد .
أتمنى أخيراً أن يستوعب الجميع بأن الكلدان منفتوحون على الآخر من أبناء شعبنا الواحد وجادون في بناء الوحدة المتعقلة والرصينة ، لكنهم في عين الوقت لن يسمحوا لأي كان بالتجاوز على حقوقهم التاريخية في وطننا الأم (بيث نهرين) كما لن نسمح لأي كان لأن يمرر علينا سياسة الإحتواء التي أكل عليها الدهر وشرب .

عامر فتوحي / الولايات المتحدة
فنان تشكيلي وباحث متخصص في تاريخ وفنون وادي الرافدين
www.amerfatuhiart.com[/b][/size][/font]

صفحات: [1]