عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - حسو نرمو حسين

صفحات: [1]
1
وزير ٌ شُجاع وقرار جرئ !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

ليس من طبعي أن أمدح َ شخصية معينة ، مهما تكون مكانته ِ بقدر ما يكون المدح على أساس المهنية والمصلحة العليا للبلد ، لأنني معروف بالنقد وأي مقال لي لا يحتوي على نقد بناء طبعا ً بعيدا ً عن التشهير لا أرى فيه طعما ً للقراءة لا لي ولا حتى للقراء الأعزاء . الشخصية المعنية في عنوان المقال هو الوزير وصاحب القرار الجرئ هو السيد محمد توفيق علاوي وزير الاتصالات العراقي والذي قدم استقالته قبل فترة إلى دولة رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي . هذا الوزير التقينا معه بحكم العمل مرات عدّة ، وهو الذي تبوأ هذا المنصب وفق مبدأ المحاصصة في الحكومات العراقية المتعاقبة بعد سقوط بغداد والاحتلال الأمريكي ، نعم ترأس وزارة مهمة جدا ً والتي تُصنّف دائما ً في الدول النفطية بوزارة النفط الثانية ، كون هذه الوزارة تأتي بواردات إلى الدولة من تأجير الفضاء ، سواء ً من خلال عقود شركات الهواتف النقالة أو القنوات الفضائية والراديوات ، ناهيك عن شبكات الإنترنيت و .. و ... وفق مبدأ المنافسة المهنية . في العراق وقبل السقوط كانت هنالك شركتين للهواتف النقالة تعملان في إقليم كردستان ، بعدها دخلت أخرى في الميدان وفق مبدأ المنافسة ، حيث تم بيع التراخيص للشركات الثلاث بعد أربع سنوات من سقوط النظام وتحديدا نهاية عام 2007 ، لتُصبح العمل تحت سيطرة  ربما محدودة للدولة ، حيث لحد الآن لم تُستخدم بوابات النفوذ الدولية العراقية من قبل الشركات المذكورة وبإمكان الدول المجاورة مراقبة كافة الخطوط للتلفونات حتى لكبار المسئولين ، كذلك استغلت الكثير من القنوات الفضائية والراديوات وشركات الإنترنيت المدعومة من الأحزاب والقادة السياسيين الظروف في البلد خاصة بعد الاقتتال شبه الطائفي في بغداد وباقي المحافظات ، لتتم استخدام الفضاء العراقي لمصالحها دون دفع الاستحقاقات المفروضة عليهم للدولة وتحديدا ً لوزارة الاتصالات والتي هي الراسمة لسياسة البلد في مجال الاتصالات وكذلك هيئة الإعلام والاتصالات والتي هي المنفّذة لسياستها ، هذه الاستحقاقات تُقدّر بمليارات الدولارات والتي هي بالأخير مُلك للشعب وحده مع باقي الواردات في كُل المجالات ، نعم البعض من هذه الشركات تمكنت من التأثير على إصدار بعض القرارات والتوصيات من الجهات العليا في الدولة لصالحها ولفترة من الفترات ، بحيث تحكمت في سياسة البلد بِحُكم علاقاتها أو ربما استثمارات القادة السياسيين في الشركات . لذا بالتأكيد الذي يترأس مثل هذه الوزارة أو حتى هيئة الإعلام والاتصالات سيقع في حيرة من الأمر أحيانا ً كثيرة حينما يريد العمل وفق مبدأ المهنية العالية وذلك لحساسية التعامل في مثل هذه الملفات الشائكة والتي بدأت تُدمّر البنية التحتية للدولة والتي لا تسمح أو لا تجعل العراق من التطور في الكثير من المجالات والقطاعات الحيوية بِحُكم التدخلات العجيبة لأصحاب الشأن المتنفّذين  خدمة ً للمصالح الشخصية الضيقة المفروضة على المصلحة العليا للدولة والمفروض أن تكون ككيان محافظ على مصالح الشعب المغلوب على أمره . الكُل يعلم وكما هو معروف في العراق الحديث الديمقراطي التعددي المحاصصي ، بأن الكُرسي الوزاري غال ٍ جدا ً ، بحيث قيل ولأكثر من مرّة وعلى مستوى الإعلام بأن تم دفع مبالغ طائلة من أجل الحصول على هذا الكُرسي أو ذاك في هذه الوزارة أو تلك ، وهذا أمر غير مُستبعد في هذه الفترة بالذات ربما للفوز بالبعض من العقود المغرية والتي تَدّر بالأموال الطائلة للمتنفذّين ، لذا من الصعب جدا ً أحيانا ً التضحية بالتنازل عن الكُرسي الوزاري بالذات حتى لو كان على حساب الجهة أو الكتلة التي دَعَمَت الشخصية المتربّعة عليه . في تصور بأن هذه الاستقالة أو محاولة إبعاد هذه الشخصية من الوزارة كما يتم الترويج حاليا ً في البعض من وسائل الإعلام لا تَمُر مرور الكِرام ، ربما ستشهد رفع الغبار عن البعض الكثير من الملفات الخاصة بالفساد والتي تنخر بكيان الدولة الدولة العراقية وسيكون هنالك تبادل إتهامات أو حتى التلفيق سيأخذ جانب مهم في هذا الملف بالذات ، على كُل نأمل أن يخرج معالي الوزير من هذه الأزمة منتصرا ً وبذلك سيدخل أسمه في قائمة الشُجعان الذين لعبوا دورا مهما ً جدا ً في التاريخ العراقي الحديث بعد الدكتاتورية ولو في تصوري بأنهم قليلين جدا ً أيضا ً .

31 / أب / 2012

h.nermo@gmail.com

www.hnermo.blogspot.com

 

2

العراق وأزمة الولاء !!!

بغداد / حسين حسن نرمو

تأسست الدولة العراقية على أنقاض إمبراطورية الرجل المريض بعد الحرب العالمية الأولى بعد أن وَطَدّت بريطانيا أقدامها في الشرق عامة وكامتداد لإمبراطوريتهم الهندية وفي العراق خاصة ً بعد دخولها من البصرة وباتجاه الشمال عبر بغداد العاصمة ، ليأخذ هذا الدخول طابع الاحتلال والانتداب فيما بعد ، ليتحكموا بِكُل شاردة وواردة حتى تمكنوا من تشكيل حكومات متتالية وفق مزاج المندوب السامي البريطاني ، رغم ظهور قوى معارضة ومناوئة للاحتلال والسياسة البريطانية ، متمثلة ً بالانتفاضات والثورات ، منها ثورة العشرين على سبيل المثال لا الحصر ... لذا وربما أراد العرب في تلك الفترة والذين كانوا ينوون الاستقلال أن يقيموا علاقات مع الدول التي تنافس العثمانيين والأتراك فيما بعد وهي بريطانيا وفرنسا وآخرين .

تمكن الإنكليز بعد إقناع العراقيين وفق الآلية المتبعة حينذاك من تتويج الأمير فيصل ملكا ً على العراق ومن كسب البعض الكثير من المؤيدين إلى جانبه وبأعلى المستويات من شخصيات عراقية أو حتى ضباط سبق وأن خدموا أيام العهد العثماني ومن أصول عراقية ، لذا بأن البعض من هؤلاء بقوا حتى أواخر أيامهم يكنون الولاء للسفارة البريطانية في بغداد أكثر مما يكنون الولاء لعرش العراق ، لا بل وقفوا بالضد من الذين كانوا لهم مواقف من السفارة وضد تدخلها في شؤون العراق أو من الذين تحالفوا مع جهات دولية أخرى مثل الألمان ضد الإنكليز .

بعد ثورة 14 تموز بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم وقيام النظام الجمهوري ، توالت الولاءات أيضا ً لجهات خارجية ساعدت على تكرار الثورات والانقلابات مما دفعت الذين حكموا العراق بالحديد والنار بافتعال الأزمات والحروب ، بدءا ً  بالحرب على الأكراد مرورا ً بقادسية الثمان سنوات أنتهاءا ً باحتلال الكويت وتحدي المجتمع الدولي بأجمعه ، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية للدولة وتجويع الشعب العراقي جراء تأثير الحصار الاقتصادي المعروف والقرارات الدولية بعد السيطرة على دولة الكويت باستخدام القوة والجيش المليوني ، هذا ما فقد النظام المتمثل بالقائد الضرورة المصداقية لدى القطب الذي حكم العالم بعد أنهيار الإتحاد السوفيتي ، هذا القطب الذي عمل وجاهد بشتى الطرق على إسقاط قيادة دولة المنظمة السرية وسقوط الصنم في نيسان 2003 ، ليتم قيادة العراق بعد الاحتلال تحت حكم الحاكم المدني بريمر  وتشكيل مجلس الحكم الانتقالي من خيرة القيادات المعارضة لنظام صدام سابقا ً ، هنا لا بد من التركيز أكثر على الولاء في الفترة التي تلت السقوط وبعد التركة الثقيلة التي خلفتها الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة والتي حكمت العراق ، حيث الكثير من أقطاب المعارضة العراقية ، تعاملوا بشكل أو بآخر وبشتى الطرق مع العديد من الدول ذات النفوذ من أميركا وأوربا وحتى الدول العربية والإقليمية ، هذا ما أكدته القيادات والشخصيات العراقية المعروفة ومنهم مَن تحدث من على شاشة التلفزة بأنه تعامل مع العديد من أجهزة المخابرات الدولية لأجل إسقاط صدام حسين .

إذن !! وفي مرحلة بعد السقوط تعددت الولاءات لجهات متعددة ، ربما البعض منها كانت ولحد الآن معهودة أو مفروضة على القوى السياسية المدعومة من الخارج قبل سقوط النظام مقابل خدمات أو دعم مالي تم قبوله أثناء فترة المعارضة ، لذا نعتقد بأن المرحلة التي تَمُرُ بها العراق هي من أخطر المراحل ، حيث كما نعلم بأن الدولة التي تخرج من حرب أو حروب مدمّرة لا يمكن بناءها دون وجود ولاء لها ، أي الولاء للوطن فقط ... لكن للأسف الشديد وفي الوقت الحاضر نفتقر إلى مثل هذا الولاء ، في حين توجد الكثير من الولاءات وبقوة في الميدان السياسي العراقي ، سواءا ً كان هذا الولاء دينيا ً أو مذهبيا ً أو طائفيا ً أو مرجعيا ً أو شخصيا ً أو قوميا ً أو كتليا ً أو تحالفيا ً أو حزبيا ً ضيقا ً أو ... أو ...  . تاركين الوطن يتألم أكثر مع الجُرح العميق الذي أصابه منذ تأسيس الدولة العراقية مع توالي الحكومات والانقلابات والثورات الدموية والمؤامرات والاحتلالات ، لنُسمي كُل مرحلة من هذه المراحل بالعراق الجديد ، لكن ! أي جديد هذا الذي دمّر العراق كُل مرة ً تلو الأخرى ، ليُعيد به كُل مرة ًإلى عصر ٍ أكثر َ رِقة ً وعبودية ، لتتأخر الدولة عن محيطه العربي والإقليمي بعشرات السنين من التطور والتقدم التكنولوجي ، وهذا ما يأسف ُ عليه كُل عراقي وطني غيور على بلده ولا يملك السُلطة لتغير هذا الواقع .

7 / تموز / 2012

h.nermo@gmail.com

www.hnermo.blogspot.com

3
الرعاية الاجتماعية ورعاية الطفل أولا ً !!!

بغداد / النائب حسين نرمو
كثيرة هي الاتفاقيات والإعلانات الخاصة بحقوق الطفل منذ العشرينات من القرن المنصرم ، من الحقوق ما دُرِجَ في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 ( للطفولة الحق في رعاية ومساندة خاصين ) ، ومنها أيضا ً وضعت في اعتبارها بأن الطفل وبسبب عدم نضجه ِ البدني والعقلي يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة بما في ذلك الحماية القانونية .
كُل ما دُوِنَ في الاتفاقيات من حقوق ٍ للإنسان وللطفل بالذات وفي الكثير من البلدان في العالم بَقَت حبرا ً على ورق ومجرد أوراق مؤرشفة لا تراه العين من غبار السنين ، إنما هنالك البعض الكثير من الدول إلتَزَمَت ، لا بل شُرِعَت قوانين في بلدانها للالتزام بالاتفاقيات الخاصة برعاية الطفولة وحقوق الإنسان بشكل عام ، منها بلدان أوربا الغربية على سبيل المثال لا الحصر ، في ألمانيا مثلا ً ، عدا قانون الرعاية الاجتماعية ( نظام السوسيال ) المعروف على مستوى أوربا ، هنالك أيضا َ صندوق خاص بإسم العائلة ( فاميليين كاسى ) لرعاية الطفل بعد الولادة مباشرة ً ولحين مرحلة البلوغ ، وتستمر الرعاية للطلبة المستمرين بالدراسة حتى سن السابعة والعشرين ، ربما إعطائهم الفرصة للحصول على الشهادات العليا .
أما في العراق فَحَدث ولا حرج ، ونقول وا أسفاه للمأساة التي مرَ ويمر بها الطفل العراقي لحد الآن نتيجة السياسات الخاطئة التي حكمت العراق بالحديد والنار ودخولها في متاهات الحروب المستمرة ، مما خَلَفت تركة ً ثقيلة ، لا سيما بعد سقوط بغداد والاحتلال الأمريكي واستهداف العراق من قبل قوى الظلام المتمثل بالإرهاب الأسود وحتى الإرهاب المُضَاد الخاليين من كُل القيم والمبادئ الإنسانية  ، حيث جرى خلال السنوات القليلة الماضية عمليات الانتقام من أزلام النظام البائد وخاصة في الوسط والجنوب العراقي ، تلاه عمليات تصفية الخصوم السياسيين بشتى الوسائل والطرق ، ثم القتل على الهوية لفترة طويلة وفي أنحاء العراق ، كذلك جرى قتل العراقيين أيضا ً من نيران وخلال عمليات صديقة مقاتلة ، ناهيك عن استهداف العراقيين عن طريق العمليات الإرهابية الجبانة والمستمرة لحد الآن بين فترة وأخرى ، بحيث أصبح كُل أيام الأسبوع دامية بالنسبة للعراقيين ، خَلَفَ هذا الاستهداف المستمر الكثير والكثير من الضحايا من القتلى والجرحى والمعاقين ، وكان  لها تأثير كبير جدا ً على انتهاك حقوق الأطفال ، بحيث وحسب الإحصائيات التي جرت مؤخرا ً بأن هنالك أكثر من أربعة ملايين طفل يتيم في العراق ، ونتيجة استهداف الأطفال من خلال الهجمات على المدارس والمستشفيات خَلَفَت أكثر من أربعة آلاف ما بين قتيل وجريح من الأطفال خلال السنوات الماضية ... الأغرب من ذلك هو استغلال هذه الشريحة البريئة من قبل الزمر والشبكات المختلفة ، كاستخدامهم في عمليات انتحارية وفي التجسس وكذلك تهريب الأطفال العراقيين إلى خارج القطر على أيدي عصابات متخصصة لهذا الغرض ، ربما لتدريبهم ضمن فرق الموت التي تتم إعدادهم بعيدا ً عن الأضواء أو استخدامهم في المستقبل لغرض في نفس القائمين على مثل هذه العمليات ، حتى تَمَ استخدام أعداد هائلة من الأطفال العراقيين في مهنة التسول وفي بغداد العاصمة بالذات من قبل شبكات تُدير مثل هذا الاستغلال ، ويجب أن لا ننسى بأن العراق من الدول التي يعملون فيها 5 % من الأطفال وفي مختلف المواقع لدعم عوائلهم نتيجة الظروف التي يمر بها البلاد ، في حين ، وفي الدول التي ترعى الأطفال ، لا يُسمح لهم العمل ، إلا بعد السادسة عشرة من العمر  ولساعات محدودة ، لا تتجاوز الأربع ساعات وبدون دفع رسوم الضرائب لا سيما الطلاب في المدارس .
لذا نرى بأن العراق قادرٌ على اعتماد نظام ، يسهم في رفع مستوى الرعاية الاجتماعية من خلال الاستفادة من الأنظمة العالمية المتطورة في هذا المجال ، وهذا ما أشار إليه  السيد يونادم كنه رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي ، ليؤكد ضرورة الارتقاء بمعايير الرعاية الاجتماعية في العراق ورفع مستواها من خلال اعتماد نماذج عالمية مثل ألمانيا والسويد ، باعتبارهما من النماذج المتطورة والتي يرفع الغبن عن كُل الذين يشتركون ويأخذون المساعدات بشكل عام ، وسيكون الطفل أيضا ً من ضمن هؤلاء الذين يحصلون على الحقوق والامتيازات المفروض التمتع بها ، وبالتالي ساهمت الدولة في رفع الحيف والقضاء على الجهات التي تستغل مثل هذه الشريحة الضعيفة التي لا حول ولها من قوة ، لتقع دائما ً في مصيدة الشبكات التي تهدف إلى استغلال الضعفاء خدمة ً لمآربهم الشخصية ... مثل هذا العمل يجب أن يكون من خلال تشريع قوانين خاصة في هذا المجال ، لكن التزامن مع مثل هذا الإجراء  ، يجب أن تكون هنالك إجراءات لتطوير قطاعات مختلفة مثل الصناعة على سبيل المثال لا الحصر ، والعمل على خصخصتها ، بغية الاستفادة من الضرائب والرسوم التي تساعد على دعم برامج الرعاية الاجتماعية ، ثم حث المشاركين في الرعاية والقادرين على العمل أن يتعلموا ثقافة العمل دائما ً ، وكذلك تقديم ما يمكن تقديمه من المساعدة من لدن الدولة لإيجاد فرص العمل في مختلف المجالات والقطاعات ومن خلال دوائر ومؤسسات خاصة ( الدوائر الخاصة بالعمل ) ، ومثلما هو موجود في النظام الألماني الذي أشرنا إليه وللإقتداء به مستقبلا ً .
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com
19  / 01 / 2012


4
الماده 140 بين الطموح والتحدّيات


بقلم : حسو نرمو حسين
قائممقام قضاء الشيخان

                                 
قبل ومع إنتهاء الحرب العالميه الاولى (1918) بدأت الانظار والخطوات تتجه نحو تقسيم ممتلكات الدوله العثمانيه حيث وقع العراق تحت الإنتداب البريطاني بعد أن إحتلت بريطانيا جنوب ووسط العراق واصلت قواتها التقدم باتجاه الشمال رغم إعلان هدنة موندرس في (11.11.1918) الى ان اكملت إحتلالها لولاية الموصل واحكمت سيطرتها على كل الاراضي العراقية. بعدها بدأت بريطانيا بالعمل على تأسيس الدوله العراقيه الحديثه بدمج الولايات الثلاث (البصره, بغداد, الموصل) المعروفة كل واحدة منها بتركيبتها السكانيه الشيعيه والسنيه والكورديه مع وجود مكونات قوميه ودينيه ومذهبيه متداخله في بعض المناطق. بعد سيطرة الجيش ومجيء أتاتورك الى الحكم وتأسيس الدوله التركيه الحديثه نجح في إقناع بريطانيا وحلفائها الاوربيين وعقد معهم إتفاقية لوزان (1923) التي نسفت ما جاء في إتفاقية سيفر (1920) التي عالجت المساله الكورديه في المواد 62, 63, 64 واعطت الحق لسكان ولاية الموصل في الانضمام الى الكيان الكوردي المقبل خلال فترة سنة إذا رغب سكان الولاية بذلك.  هكذا فقد الكورد فرصتهم التاريخيه في تأسيس كيان كوردي يشمل معظم اجزاء  كوردستان الواقعه تحت السيطره العثمانيه. اثناء قيام لجنة تقصي الحقائق (بروكسل) بإستطلاع آراء المنطقه صوّت الكورد لصالح الانضمام الى العراق مقابل ضمانات بمنحهم حكمآ ذاتيآ الذي أصبح حبرآ على ورق ممّا أثار حفيظة الكورد الذين ثاروا مرّة تلو الاخرى ضد الحكومات المتعاقبه على دفّة الحكم في العراق تخللتها فترات هدنه وعقد إتفاقيات مع تلك الحكومات التي لجأت الى التفاوض وتقديم الوعود لإمتصاص نقمة الكورد كلّما ضعفت وشعرت بقرب سقوطها, ومن ثمّ التنصل من وعودها وإلتزاماتها كلّما رسّخت اقدامها في الحكم, علاوة على المضيّ قدمآ في سياسة التعريب وتغيير الواقع الديموغرافي للمنطقه التي نعاني من آثارها الى يومنا هذا.
في (1946) حدث تحول تاريخي في حياة الشعب الكوردي بعد إعلان جمهورية مهاباد في كوردستان إيران ومن ثمّ تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة البارزاني الخالد الذي قاد اكبر ثوره كورديه في التاريخ إستطاعت إنتزاع أول إعتراف رسمي بحقوق الكورد في إتفاقية آذار (1970). إلاّ انّ - وكعادة الحكومات التي سبقتها - تنصلت حكومة البكر- صدّام من إلتزاماتها خاصة ما يتعلّق بكركوك التي كانت السبب في تجدّد القتال وآلت الاوضاع الى ما آلت اليها بعد إتفاقية الجزائر (1975) وتنازل العراق من حقوقه في شط العرب واراضي عراقيه لصالح إيران.
  اسباب عديده في مقدمتها إفرازات اتفاقية الجزائر ونتائجها كانت السبب في نشوب اطول حرب في التاريخ الحديث بين البلدين إنتهت بنتائج وإفرازات كارثيه للبلدين والمنطقه ادّت الى غزو الكويت (1990) وتكبيل العراق بمجموعه من القرارات الدوليه ومن ثمّ تشكيل تحالف دولي ضده ونشوب حرب الخليج الاولى ممّا وفّر الفرصه للعراقيين لينتفضوا ضد النظام فتحررت كافة مناطق كوردستان بما فيها كركوك والمناطق الاخرى ثم سمحت قوات التحالف للقوات العراقية باستخدام طائرات الهليكوبتر وبدأت في قمع الإنتفاضه في الجنوب الشيعي والشمال الكوردي فكانت الهجره المليونيه التي هزّت الضمير العالمي شكلت ارضية صلبة لصدور القرار الدولي (688) في نيسان (1991) وتأمين منطقه آمنه للكورد شمال خط (36) ثم إنسحاب الإداره المركزيه عن المنطقه وإجراء إنتخابات برلمانيه في (19.5.1992) ومن ثمّ إنبثاق حكومة اقليم كوردستان وقرار البرلمان في (4.10.1992) الإتحاد الإختياري كشكل للعلاقه بين الاقليم والمركز. هكذا تحررت محافظات الاقليم (دهوك, أربيل, السليمانيه) وأصبحت تدار من قبل حكومة الاقليم بصورة شبه مستقله عن المركز الى اليوم.
أمّا المناطق الاخرى المستقطعه من كوردستان والمعروفه ب (المتنازع عليها) حسب الإصطلاح الدستوري فقد بقيت تحت سيطرة المركز الى سقوط النظام في (9.4.2003) وتعيين جي كارنر ومن ثمّ بول بريمر حاكمآ مدنيآ على العراق وإعلان تشكيل مجلس الحكم في (13.7.2003) وصدور قانون إدارة الدوله العراقيه المؤقت للفترة الإنتقاليه الذي عالج مشكلة هذه المناطق في الماده (58) والتي اصبحت فيما بعد ماده إنتقاليه ذي العدد (140) في الدستور الدائم الذي صوّت عليه (80%) من الشعب العراقي وحددت بسقف زمني يمتد الى نهاية (2007) تتضمن ثلاث مراحل (التطبيع, الاحصاء, الاستفتاء) كخارطة طريق لمعالجة مشكلة هذه المناطق .     
يتّضح من هذا السرد التاريخي الموجز للمراقب والمتابع لمجريات الاحداث انّ الظروف الدوليه وإتفاق دول الجوار العراقي المقتسمه لكوردستان - رغم خلافاتها - وجغرافية كوردستان إجتمعت مع بعضها على الحد من الطموح الكوردي وشكّلت معوقات وتحدّيات جدّيه في طريق الطموحات الكورديه في تحقيق امانيهم ليس في الاستقلال فحسب, بل في طريق تطبيق الماده (140) . كانت هذه المناطق خاصة كركوك نقطة خلاف دائمه بين الحركه التحرريه الكورديه والحكومات العراقيه ووصفت في تقرير بيكر - هاملتون بانها برميل بارود يهدد الامن والاستقرار في المنطقه . عليه كان لابدّ من إيجاد صيغه توافقيه تشكّل ارضيه مشتركه للاطراف المعنيه غايتها إعادة الاوضاع الى طبيعتها قبل إجراء التغييرات الديموغرافيه والاداريه عليها وحسب الآليه المرسومه في الدستور بالرجوع والإستناد الى رأي اصحابها الاصليين بعد التطبيع والإحصاء بغية إيقاف هذا البرميل الموقوت من الانفجار. تشمل الماده (140) محافظات كركوك, نينوى, ديالى, صلاح الدين, بالاضافة لمناطق في غرب ووسط العراق.
ما يهمنا هنا هو المناطق المعروفه تاريخيآ وجغرافيآ بانها كانت جزء من كوردستان تم إستقطاعها بقرارات تعريب جائره واجريت عليها تغييرات ديموغرافيه واداريه على نطاق واسع. ما يؤسف له رغم مرور ست سنوات على إقرار الدستور وتشكيل لجنة متابعة لتنفيذ الماده وتخصيص ميزانيه لها, لازالت الماده تراوح مكانها بسبب تلكؤ وتباطيء وعدم جدّية الحكومه المركزيه في إجراءاتها ودخول اطراف اقليميه على الخط للحيلوله دون تطبيق الماده. وهذا لا يبرّيء ساحة الاحزاب والاداره الكورديه من تحملّها جزء من مسؤولية عدم تنفيذ هذه الماده .
ان تحميل الاداره الكورديه جزء من المسؤوليه لايعني بأي حال من الاحوال عدم إيلائها الاهتمام الكافي لهذا الموضوع, حيث ان إعلان حكومة الاقليم في (21.12.2010) عن تشكيل هيئه خاصه لمتابعة ملف هذه المناطق, والورقه الكورديه ذي النقاط ال (19) واهمها إلتزام الحكومه المقبله بتنفيذ الماده كشرط للدعم الكوردي للكتله التي تسعى للفوز بتشكيل الحكومه, واخيرآ وليس آخرآ ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر الاخير للحزب الديمقراطي الكوردستاني وتأكيدات رئيس الاقليم السيد مسعود البارزاني المتواصله على التشبث بالماده يؤكد ويدعم ما ذهبنا اليه. ربّما كما اسلفنا بسبب حجم المشكله وتعقيداتها ودخول اطراف متعدده بما فيها الاقليميه ساهمت في تعقيد الاوضاع اكثر فأكثر مع مرور الوقت.
لذلك لابدّ من إعادة النظر في سياساتنا وإيجاد آليات جديده تصب في مصلحة تفعيل الاجراءات المؤديه لتطبيق الماده تستند قبل كل شيء الى إجراء دراسه علميه موضوعيه شامله ووافيه لكل منطقه على حدى كونها تختلف عن بعضها في تركيبتها السكانيه وإمتدادها الجغرافي مع الاقليم واهميتها الاقتصاديه والقوى السياسيه الفاعله صاحبة العلاقة في كل منطقه مع الاخذ بنظر الاعتبارمدى إستعداد الحكومه المركزيه لقبول عودة كل منطقه الى
الاقليم وموقف كل منطقه في تقرير ديمستورا وخلفه آدملكيرد وضعهما في الحسبان.
وتتلخص تلك الاجراءات حسب رأينا المتواضع في التحرك على اصعده ومستويات مختلفه يمكن
إيجازها بما يلي :
اولآ على الصعيد الدولي:
أ- ينبغي تفعيل الدبلوماسيه الكورديه وحثها على تعريف المجتمع والهيئات الدوليه بشكل اكبر حول مظلومية الكورد وما تعرضوا له عبر التاريخ من حملات جينوسايد واستخدام الاسلحه المحرمه دوليآ بما فيها الاسلحه الكيمياوية وما حصلت لمناطقهم من تغييرات اداريه وديموغرافيه.
ب- تحسين العلاقات مع دول الجوار العراقي وتبديد مخاوفها من ان تطبيق الماده (140) لن يؤدي الى زعزعة الامن والاستقرار في هذه الدول.
ج- تطمين الجانب العربي من ان تطبيق الماده (140) لن يشكّل منطلقآ للانفصال عن العراق.
ثانيآعلى الصعيد العراقي:
أ- بناء التحالفات مع القوى السياسيه على اساس مدى إلتزامها بالدستور بما فيه الماده (140).
ب- إعادة النظر في العلاقه مع المكونات القاطنه في هذه المناطق وتطمينها بان تطبيق الماده سوف يضمن حقوقها في الاقليم إسوة بمواطني الاقليم وتثبيت ذلك في مشروع دستور الاقليم لحين إقراره.
ج- قيام وسائل الاعلام والمنظمات الجماهيريه والنقابات ورجال الدين بدورها في ترجمة رسالة الرئيس بارزاني في نشر وترسيخ التسامح الديني والقومي والتآخي والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع الكوردستاني
د- إشراك المكونات الاخرى في الاداره في المناطق التي تشكّل فيها المكونات نسبة ملحوظة.
د- فتح قناة فضائيه موجهه تختص بشؤون هذه المناطق وباللغات العربيه والتركيه والسريانيه بغية توضيح الخطاب الكوردي لمواطني هذه المكونات القاطنين في هذه المناطق.
على الصعيد الداخلي:
أ- إعادة ترتيب البيت الكوردي وتوحيد خطابه في بغداد خاصة تجاه القضايا المصيريه بما فيها الدخول بقائمه مشتركه في إنتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات خاصة في هذه المناطق وبالاخص في كركوك والموقف من الدستور والماده (140).
ب- تشكيل لجنه عليا لتنسيق ومتابعة اعمال هذه المناطق والوقوف على مشاكلها الاداريه والقانونيه خصوصآ ما يتعلق بمسألة الاحصاء, ومساندة موقف الوحدات الاداريه المقاطعه لإدارة ومجلس محافظة نينوى, وبضرورة إجرائها من قبل دوائر الاحصاء في المحافظات التي اجرت عملية الحصر والترقيم مع التأكيد على وجوب أن يكون مدراء القطاعات والعدادين من المعلمين ومن سكنة تلك المناطق .
  ج- إستقطاع جزء من ميزانية محافظات الاقليم وتخصيصها للمناطق والوحدات الاداريه المقاطعه لادارة ومجلس محافظة نينوى بغية تقديم الخدمات وتوفير مستلزمات الحياة الضروريه.
د- ضرورة إصدار تعليمات وتشريعات حول معاملة المواطنين الساكنين ضمن الحدود الاداريه للوحدات الاداريه المقاطعه إسوة ببقية مواطني الاقليم في كافة مجالات الحياة لحين تقرير مصير هذه الوحدات.
ر- الاهتمام بالجانب الامني وتطمين المواطنين وحمايتهم بالتنسيق مع قوات التحالف. مما تقدم ذكره ينبغي على الاداره الكورديه واحزابها, بل يجب عليها ان تمضي قُدمآ في مسعاها الجاد في البحث عن كل السبل وطرق كل الابواب من اجل إيجاد افضل واقصر الطرق المؤديه لتطبيق المادة (140) وان تستعد لكل الاحتمالات.
اخيرآ لابدّ لجميع الاطراف العراقيه والاقليميه ان تدرك ان الاوضاع الدوليه لم تعد كما كانت في السابق هذا أولآ, وان الطرف الكوردي اصبح رقمآ لايمكن تجاوزه في المعادله العراقيه والاقليميه بعد الاهتمام الدولي والاحترام الذي يحظى به خصوصآ بعد نجاح مبادرة الرئيس بارزاني في لملمة الشمل العراقي وتشكيل الحكومه ثانيآ, ومن الفائدة بمكان التذكير بانّ العراق عبر تاريخه المرير شهد مآسي وويلات وحروب خارجيه وداخليه ولم يشهد هذا البلد إستقرارآ سياسيآ وإجتماعيآ وبالتالي تطورآ إقتصاديآ وعلميآ رغم جذوره التاريخيه وإمكانياته وثرواته الطبيعيه الهائله ويوعز هذا الى عوامل عديده تأتي في مقدمتها ان تشكيل الدوله العراقيه لم تكن على اسس سليمه. لذلك فانّ مسؤولية بلسمة جراح الماضي وإعادة تقويم تلك الاسس تعتبر واجبآ يصب في ترسيخ دعائم العراق الجديد التعددي الاتحادي بالرجوع الى الدستور ككل متكامل بما فيها الماده (140) ممّا يضمن وحدته كما جاء في ديباجة دستوره وإلاّ ستستمر دوّامة العنف وعدم الإستقرار وسنصبح امام مفترق طرق عاجلآ او آجل

صفحات: [1]