عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - خالد ديريك

صفحات: [1]
1


 جرح يتأنى في اليسار… اعتراه السراب!



خالد ديريك وجودي قصي أتاسي

ـــــــــــــــــــ
خالد:

كان جرحا يسير بالتأني يسارا… توبخه أريجا،

هبت …نكباء …

مزقت خرائط الرياحين من الحقول….

سقطت مدن العينين هلعا…

.

.

عاصفة على امتداد النبض!

تلحف الجسد أبيضا

جودي:
هل سرنا طويلا لليسار!؟                                           
فاعترانا السراب،
وارتدانا خوفنا حتى انكسرنا،
في غياب الورد، وانتحار الذكريات
أمارس قهري،
تحت نافذة الضياع
سوف أبكي
مثل طفل متعب ضل الطريق،
..
حرفك مؤامرة بفعل تربة، وضوء، وماء…




2
حسن خالد: أخوض في الكتابات التخصصية، لأن مجتمعًا ننتمي إليه أرض خصبة لظواهر غير سوية
خالد: الأدب الكُردي يحتوي على كنوز تحتاج لِمن يخرجها من ظلم التاريخ والجغرافيا


حوار أجراه: خالد ديريك


هو في نظر من حوله من "ذوي الاحتياجات الخاصة" لكن هذا لم يشكل عائقًا أمامه للوصول إلى طموحاته وأهدافه بل كان حافزًا ليكمل المسير في دروب العلم والثقافة، فقد أنهى تعليمه ودراسته الجامعية بجدارة ومحاولًا إكمال الدراسات العليا إلا أن ظروف ما حالت دون تحقيقها.
 مهتم بالقضايا الاجتماعية والفكرية، وله اهتمامات وتجارب شعرية، ويعمل في حقل الترجمة.
لديه ثلاث كتب إلكترونية " مجموعة قصصية مترجمة " ومنشورات عام من منشورات صفحة " شذرات مترجمة " في كتاب، وكتاب " نحو مجتمع أفضل "
متزوج لديه أسرة مكونة من ثلاثة أطفال ويقيم في مخيمات اللاجئين في إقليم كُردستان ـ العراق
حسن حسين خالد باحث اجتماعي من مواليد 1975/ قرية (الفداء/ كاني كركي، مدينة ديرك/ المالكية) محافظة الحسكة ـ سوريا
.......
نص الحوار ....

 حسن خالد الإنسان هو:
تولد قرية الفداء "المعربة" وكُرديا هي" كاني كرك " وتعني النبع الهادئ أو الينابيع الهادئة، التابعة لمدينة المالكية " ديرك " محافظة الحسكة ـ سوريا عام 1975 لأسرة فلاحية، لا تملك أرضًا زراعية إنما تدير أرضًا زراعية غالبيتها لا تصلح للزراعة التي تعتمد على الأمطار وتنتظر رحمة السماء وتقتات على ما يجود به الموسم الزراعي تركض وراء لقمة عيشها، كثيرة العدد، عانت الفقر والعوز كثيرًا، مما يجبر الأب ليعمل في مهن شاقة ليعيل أفراد أسرته.
حَول ما تسمى بالإعاقة إلى نقطة القوة ومنها انطلق إلى تحقيق طموحاته: 
أصابه القدر بسهم من سهامه " شلل أطفال " أي من " ذوي الاحتياجات الخاصة " في نظر من حوله، والذي كان دافعًا له ومحفزًا ليكمل تعليمه ودراسته الجامعية تخصص " علم الاجتماع " ومحاولة إكمال دراساته العليا ليخوض تجربتها ويحصل على " دبلوم دراسات عليا " وحالت الظروف " ذاتية وموضوعية " دون التسجيل في الماجستير واستكماله، موظف حكومي، عُين في مدارس ريف دمشق "مرشد اجتماعي " لأن "الموافقة الأمنية " لم تمنح له في موطنه ومحافظته رغم حصوله على ترتيب في تسلسل الناجحين في المسابقة!

تفسيره لكلمة الناشط:
درجت مصطلحات ومفاهيم كثيرة في الآونة الأخيرة وخلقت حالة من الفوضى في المفاهيم والمصطلحات، وهذا المصطلح مردّه إلى الشخص الذي ينشغل بالقضايا الاجتماعية في سلم عمله وأولوياته كناشط الحقوقي أو ناشط سياسي أو مدني أو ناشط في مجال حقوق المرأة ولست هنا في وارد الوقوف عند التسمية كمصطلح، إنما ما هي القضايا أو الجوانب التي يوليها " الناشط " الاهتمام في هذا المجال أو ذاك.
أما بالنسبة له شخصيًا: شخصياً تستهويني كلمة " باحث مهتم بالقضايا الاجتماعية – باحث اجتماعي " أكثر من مصطلح " ناشط اجتماعي" ولا ضير إن كانت الغاية هي التوافق في الاهتمام بالمضمون المشترك، ربما التخصص المهني هو الفاصل بين المصطلحين، فالباحث الاجتماعي من المفترض به أن تكون اهتماماته منهجية " أكاديمية " أكثر من " الناشط الاجتماعي " الذي قد يدفعه حبه وميوله للاشتغال بالقضايا التي يقدم وقته وجهده فيها.
 الدوافع التي جعلته يدخل إلى الحقل الاجتماعي:
بطبيعة الحال تلعب الميول دورًا كبيرًا في اختيار مهنة ما، أو ربما العمل في مجال ما يدفعك إلى حب هذه المهنة، وطبيعة علاقاتنا الاجتماعية في القرية أراها لعبت دورًا هامًا في ذلك التوجه وترسّخ أكثر بعد الدراسة الجامعية والتخصص في علم الاجتماع التي تهتم بالقضايا ذات الأبعاد الاجتماعية، ولا تكاد ترى ظاهرة " مجتمعية " إلا ولها مكان في سلم أولويات "علم الاجتماع" تحليلًا ودراسةً.

أهم الأعمال التي قام بها في المجال الاجتماعي:
داخل الوطن: اقتصرت نشاطاتي بكتابة مقالات فكرية "باسم مستعار" نظرًا لكوني موظف دولة، وللسطوة الأمنية الواضحة، وأيضًا على فعالياتي ونشاطاتي المهنية كمرشد اجتماعي في مدارس الحلقة الأولى كإدارة جلسات اجتماع أولياء الأمور في المدرسة والاحتكاك مع أهالي التلاميذ فيما يخص الإشكاليات التي تحدث ومعاناة التلاميذ.
خارج الوطن: تجربتي التي يمكن أن  اعتبرها " تجربة " خارج نطاق المهنية ، فقد بدأت في مرحلة اللجوء بعد ( هبة الشعوب العربية )  حيث توفر المنظمات وتاليًا توفر الفعاليات والنشاطات والتي من الممكن أن تحصل على فرصة لتظهر ما لديك من طاقة كامنة ، حتى في المجال المهني هي فرصة لتحاول تقديم ما لديك ، وكون العمل مع عدد من المنظمات (MSF- UNHCR  - مديرية صحة دُهوك / القسم النفسي بكردستان العراق) وغيرها تجربة  غنية ، ولأن العمل كان  ضمن المخيم ، فقد كانت النشاطات  فاعلة بعد الدوام الرسمي وبشكل تطوعي،  والحضور يكون إما بصفة  " محاضر أو بصفة  مدعو " أو منتدب.
ولهذه الأسباب تبلورت فكرة تشكيل مجموعة "فند" الثقافية:
وهنا كان القرار بضرورة تشكيل جسم جامع للطاقات ، فكانت مجموعة "فند" للأنشطة الثقافية بمثابة وعاء ناظم لمجموعة  من الشباب ليقدموا مادة " تطوعيًا " خارج أوقات الدوام ، لأن الغالبية كان يعمل في الصباح ، فكانت النشاطات في المساء وكانت الندوات الحوارية ، و ورشات العمل من  أساسيات النشاطات للمجموعة،  كما إن إذاعة كانت تبث على أثير موجات FM تختص بشؤون اللاجئين على تواصل مستمر مع أعضاء المجموعة وكان لي نصيب ، منها " إجراء لقاءات " تتمحور حول إشكاليات المراهقين وعالمهم الخاص وقضايا الأسرة ودورها في التربية والعملية التعليمية وظاهرة الطلاق، وإشكالية مفهوم " العمل التطوعي " وغيرها.
يسهب في الشرح عن فكرة إنشاء" فند" وماهية عملها بالقول:
بدأت الفكرة في خيمة  اللجوء في " مخيم دوميز " للاجئين الكُرد السوريين في إقليم كردستان – العراق ، منذ عام 2016 ووجدت ظروف ولادتها العملية بعد جهود وتوافقات مضنية في 3/12/2017 كبداية لنشاطها العملي الميداني بندوة حوارية للباحث الاجتماعي ( حسن خالد) بعنوان : " خصائص مجتمع الحرب " وفند للأنشطة الثقافية تشكلت من مجموعة  الشباب المهتم والمنشغل بـ " الهم الثقافي " و" القضايا الثقافية " ومن الجنسين  / ذ - إ / وجميعهم من مجتمع  اللجوء نفسه، لهم تحديات ومعاناة  اللاجئ نفسه، سعت ومنذ انطلاقتها لتقديم مادة للمجتمع المحلي في مخيم "دوميز" وما حولها لغاية  أساسية وهي " كسر الاحتكار الثقافي " لتكتلات ذو  توجه محدد، بالإضافة  إلى تجميع طاقات متناثرة في مجموعة يمكن أن تعي ذاتها وتقدم مادة  لمن حولها فتفيد وتستفيد في التلاقي الثقافي والفكري وتسعى  لتنظيم الحركة الثقافية غير الحزبية ، تعمل المجموعة على مسارين مكملين  لبعضهما البعض:
1-   مسار ميداني: وهي نشاطات ميدانية عبر إقامة " ندوات حوارية " و " ورش عمل " و" قراءة كتاب" وأنشطة فنية منوعة " تنظيم معارض فنية " وسهرات فنية، وتشجيع الخامات الجديدة وإفساح المجال لمن يرغب بتقديم محاضرة من خارج المجموعة كأولوية، وهي ضمن توجه المجموعة.
2-    مسار إلكتروني: وللتعامل مع محبي ومتابعي أنشطة المجموعة وأرشفة أنشطتها، ونشر ما تراها الإدارة مناسبة لجمهور ولمحبي الصفحة، مع جزئية أن إدارة الصفحة تتم بالتتابع الدوري لكسب الخبرة وإحداث الفرق الإداري إن وجد وهذا يلاحظ من خلال ردود المحبين والمتابعين، وتتم بتخطيط مسبق وليس خبط عشواء فلها أبواب وزوايا ثابتة كزاوية " كاتب وكتاب" و " حوارية فند الشهرية " و " قصة مثل "
وغيرها ليست هناك شروط للانضمام، فالباب مشرع وهناك تنو ع في التوجهات والتخصصات والمهنية وفي فترى جائحة كورونا بات التواصل مع محبي ومتابعي الصفحة عبر المسار الثاني أكثر فعالية.

 المعوقات التي واجهته في الحقل الاجتماعي:
لا يخلو أي جانب من جوانب الحياة والعمل، من معيقات وعقبات تواجهك، منها ما هو ذو منبع ذاتي، ومنها ما هو ذو منبع موضوعي، وأعتقد أن الخوض في القضايا الاجتماعية هو الميدان الأكثر وضوحًا في رؤية ومجابهة المعيقات التي تجابه المشتغل في هذا الحقل، لحساسية قضاياها ومواضيعها، التي ترتبط ارتباطاً مباشرًا بقضايا حساسة، كـ " العادات " و " التقاليد " و" الأعراف " و " الدين ".
يعتقد حسن خالد بالإمكان معالجة تلك المعوقات من خلال اللجوء إلى الأمور التالية:   
أعتقد أن من الطبيعي أن يكون المشتغل بحقل ما ، أو المهتم بناحية ما ، مزودا بآلية  البحث عن حلول إن وجدت ، ضمن إطار الخبرة التي اكتسبها أو يلجأ لحقل التنمية ومراجعة دورية في مواكبة ومعرفة طرق وأدوات حديثة تعين " المهتم  " ليبحث عن حلول للمشاكل والمعيقات التي تجابهه  ولا يضير أن يلجأ إلى ذوي الخبرة  في هذا المجال أو ذوي العقول الراجحة ،  كما إن الاجتماعات الدورية للفريق إن توفرت ، باب هام يمكن طرقه ، وفي التجارب الحديثة  يمكن إشراك " الوحدة " القابلة للبحث " كآلية  تعين وتخفف الأعباء من الباحث سواء كان " فردًا " أو " فريقًا ".

 رحلة الهجرة من مسقط الرأس إلى دمشق ثم اللجوء إلى خارج الحدود: 
- بالنسبة لشخص " كُردي " عاش غالبية مراحل حياته خارج مرابع صباه، ويعيش حالة ترحال مستمرة، حتى وهو في "وطنه" لاعتبارات الفقر والبحث عن لقمة العيش وإن كانت "سياسة أمنية خفية" غير ظاهرة -تلعب وتشجع على ذلك، لم تعد لمفردة "اللجوء" ذلك الأثر في نفسية شخص عاش غالبية حياته في النزوح الاقتصادي والترحال، وكما غيرنا عندما وصلت الأحوال لمرحلة لا تطاق في دمشق التي كنت أسكن فيها، كان الخيار الأنسب هو خوض تجربة جديدة فكان القرار الصعب باللجوء إلى إقليم كُردستان العراق.
 حياة اللجوء والمخيم بين التوفيق والتعويق، والكثير من الحنين:
 وفقت في المخيم بفرصة عمل جيدة كانت بالنسبة لي  ولأسرتي طوق النجاة من " لسعات اللجوء " ولأن المخيم يسكنه الكرد وغالبيته من مناطقنا / محافظة الحسكة / طبعًا وتجد من أهل كوباني وعفرين لكن الغالبية من مناطقنا ، يخفف ذلك من شعور اللجوء ، لكن تذّكر أهلنا ورفاقنا وممتلكاتنا ونمط حياتنا يجعلك تشعر بشعور اللاجئ فهناك / حدود وتقييد للحركة / هناك /وثيقة اللجوء من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين/ هناك رقم وهو الأقسى بالنسبة لي في تعامل منظمات وجهات معك من خلاله ، هناك / الجانب القانوني -  غير المنصف في أيّ احتكاك مع ابن البلد افتراضا / وحدثت حالات لم يكن القانون فيه منصفًا رغم وضوح التفاصيل في قضية هضم الحقوق ، هي ثغرات قانونية يتم  استغلالها من أفراد أو  جهات.
يرى حسن خالد أن تجربة اللجوء في المحصلة تركت بصمة إيجابية في حياته:
اللجوء بمثابة  تحدٍ للاجئ كي يثبت ذاته ويبعد عنه " تهمة " الفشل والاتكالية ، تلوح الفرص لمن يرغب ويستطيع أن  يترك بصمة  إيجابية في مجتمعه " المحلي "  وأعتقد بالمجل أن تجربة اللجوء تركت بصمة على شخصيتي وكانت فرصة  للاحتكاك مع منظمات المجتمع المدني " الدولية " و "المحلية " مع فارقة أن المجتمعين " المحلي " و "  الأجنبي - الغربي " لا يتناولون أو ينظرون للعمل التطوعي بمقاربة  متشابهة ، لأن العمل في المجال التطوعي " لدينا " كالعمل في حقل مزروع بالألغام ، ينبغي التعامل مع  جزئياته  بحذر شديد ، لوجود  معيقات فكرية  وتنظيمية وحساسية الجهات الرسمية مع هذا الحفل بالمجمل.

لا يرى في نفسه شاعرًا رغم بعض كتاباته الشعرية:
في البداية لستُ بشاعر، أو بصورة أخرى " لا أجد نفسي شاعرًا " وإن كانت لي تجارب شعرية أسميها خجولة، وجدت صداها لدى بعض الأصدقاء والمقربين، وبما أن الشعر هي حالة وجدانية -كما أراها وأعرفها، وهو ما يُفسّر لجوء الكم هائل من البشر إلى خوض تجربة الكتابة الشعرية، أرى اللجوء للشعر انعكاس لصورة الحدث " الموقف" في نفسية " الشاعر" منهم من يبدع شعرًا ويستمر، ومنهم من يفرغ شحنات عاطفية وجدانية في لحظة اللجوء للكتابة والقلم.

مرحلة تشكيل ذخيرته الثقافية والفكرية:
كان  معروفًا عني ومنذ الصغر بالقارئ النهم " يقرأ ما يقع تحت يده حتى وإن  وجد مشقة وجهدًا في قراءة وفهم الجريدة  أو المجلة أو الكتاب كبرتُ وكبرت معي هذه العادة، التي عرفت فيما بعد بأنها كانت " أكثر من جيدة " أثناء مراحل دراستي المختلفة ، كنت مولعًا بالكتابات الاجتماعية والفكرية ، وانتقالي إلى  المدينة بغرض التعليم، وفرت مادة المطالعة إلى حدّ كبير، والاحتكاك مع مجتمع  المدينة يختلف كليًا من ناحية البناء المعرفي – الثقافي ، وكان وجودي في منزل خالي والاحتكاك " وإن لم يكن مباشرًا " بوسط ثقافي / فقد كان أستاذًا ناجحًا ومتمكنًا في مهنته، واجتماعيًا بطبعه يرتاده الكثير من الأساتذة وأستمع إلى حواراتهم وجلساتهم ومضمون المواضيع التي تطرح وتناقش  وآلية  الحوار والنقاش وهذا الأسلوب كان بالنسبة لي زادًا لبناء الشخصية التي أحاول البناء عليها والخيارات تتسع كلما احتّك  الإنسان بوسط جديد.
 مرحلة صقل الموهبة والبناء الشخصية الفكرية:
كانت هجرة الأسرة من الريف إلى المدينة  فرصة لي شخصيًا لأحتك مباشرة بفكر وبمكتبة القدير "محمد قاسم حسين " أستاذ مادة الفلسفة في مدارس و ثانويات  مدينة المالكية  "ديرك " وانبهرت بمكتبته المنزلية المتنوعة ، فكانت منبعًا ثرًا لتكون لي باباً يمكن اللجوء إليه كلما سنحت الفرصة، وكانت تستهويني الكتب والأبحاث  الفلسفية الاجتماعية – ذات الطابع الفكري و ترسخت هذه الميول وكبرت معي ،  لكن المرحلة الجامعية و الفضاءات التي تُفتح أمامك ومنها "المنهاج الجامعي الغني" و"المكتبة الجامعية" في كلية الآداب والعلوم الإنسانية  وكانت لـ "مكتبة الأسد" بصمة مميزة فقد رسخت هذا التوجهً، وكنت طوال فترة مرحلتي الجامعية " مداومًا بشكل شبه مستمر في قاعات المطالعة في المكتبة العامة ،  واستخرجت بطاقة قارئ ليس بغرض إنجاز حلقات البحث فحسب إنما كان الغرض هو الاطلاع والقراءة في الجانب الذي أراه ضرورة لبناء شخصيتي المعرفية " الثقافية – الفكرية " .
ولا يمكن التغاضي عن ميزة " العالم الافتراضي " فهي حمالة الأوجه، وأعتقد بأني استطعتُ – ساعيًا ومحاولًا – الاستفادة منها في تقوية البناء السابق، فهو فضاء رحب لمن يعرف تناول وجوهه المشرقة؟
يتناول في مقالاته المواضيع والمشكلات الاجتماعية وبالتالي محاولًا معالجتها بطرق منهجية:
بالنسبة لي أخوض أكثر في الكتابات التخصصية، لأن مجتمعًا ننتمي إليه أرض خصبة لظواهر غير سوية تحتاج إلى تسليط الضوء عليها واقتراح الحلول المتاحة لتقوم جهات " ذات توجهات رسمية " بالاستفادة منها وإشراك المعنيين في الحلول الممكنة.
وتناول القضايا والمشكلات الاجتماعية ترتكز على منهجية محددة في تناولها " بحثًا وتقصيًا " فتحديد المشكلة " العنوان " وكذلك  المجتمع المبحوث يشكل حجر الزاوية في تناول ظاهرة اجتماعية ما،  وتاليًا ينبغي معرفة الأسباب ، وأهم الدراسات السابقة ، ومعرفة الآثار والنتائج ثم ينبغي البحث عن حلول وتوصيات لجهات فاعلة و مختصة ، وينبغي أن  تلعب مراكز الرصد والمتابعة للقضايا والمشكلات الاجتماعية من الطاقات والخبرات المتوفرة ، فالمشكلات الاجتماعية كثيرة ونحن نعيش ظروف الحرب وما يترتب عليها ، فـ " الاغتصاب "  و "الانتحار" و" مفهوم الدولة الوطنية " و"منظمات المجتمع المدني " و" قضية الانتماء والهوية " التي يعاني منها كل السوريين ، كلها قضايا اجتماعية – ذو  أبعاد فكرية ، وغيرها من الجوانب الاجتماعية ، وغالبية القضايا الاجتماعية تحتاج إلى دراسات واستمارة ميدانية لمعرفة  شدة وحدة الظاهرة في توزعها الجغرافي ضمن مناطقها المحددة ، واستخراج الجانب الكيفي من الجوانب النظرية " الكيفي " فالخوض فيها يحمل بعدًا ذاتيًا وموضوعيًا ، لأن الباحث جزء من المجتمع وتاليًا يتأثر ويؤثر في الدراسة  والبحث شاء أم أبى.

في أدناه، يشرح لنا الأستاذ حسن خالد، متى وكيف تعلم الأبجدية الكُردية:
كانت بدايات تعرفي واقترابي من اللغة الكردية "ذاتية" بطبيعة الحال، وكون اللغة الفرنسية التي تدخل في المنهاج في الصف السابع " على أيامنا " وجدت تقاربًا بين اللغتين الفرنسية  والكردية من حيث مخارج الحروف فأقدمت على ديوان " كيما أذ/ مَن أنا لـ " شاعر الحرية " جكر خوين " أنهيت الديوان ثلاث مرات تتابعًا  كي تتحسن وتقوى قراءتي وبالفعل اشتريت كتيباً "  تعلم اللغة  الكردية  في خمسة أيام " و كانت هذه السلسلة رائجة  تلك الأيام ( تعلم اللغة الكردية / التركية / الإنكليزية /الفرنسية / الألمانية – في خمسة أيام ) ولا يمكن نسيان جهود أخي الكبير الذي انضم في الشام لإحدى دورات تعليم اللغة الكردية سرًا ، وهي دورات  لم تكن منهجية  بل يمكن تسميتها بدورة محو الأمية ، والاستمرار فيها قراءة وكتابة جعلني أخوض تجربة الكتابة  فيها وإن كان الجانب " القواعدي " يشكل عقبة لي إلى الآن،  لكن كونها لغتي الأم فقد كانت معينة لي في تجاوز العقبات القواعدية التي تجابهني وهو السر وراء دعوة جهات ومنظمات  عالمية بضرورة أن يتعلم كل فرد بلغته الأم لأن التعليم باللغة الأم يعين المتعلم لفهم واستيعاب أكثر وتجدها حقًا من حقوق الإنسان . 
العوامل التي حفزته للولوج إلى عالم الكتابة والثقافة الكُردية:
أساسًا الكُردي السوري يعيش ثقافتين تتصارعان  حينًا وتتوافقان أحياناً ، بشكل من الأشكال ، حتى وإن لم يمارس ثقافته الأم " الذي خُلق ووجد نفسه منتميًا لها " علانية ، لأسباب سياسية وأمنية بالدرجة الأولى ، وهناك طبعاً أسباب تعود للشخصية الكردية التي يشترك فيها مع الشخصيات التي تجاورها كالشخصية  العربية " مهزومة من  الداخل " وتستمتع  بممارسة فن " جلد الذات " كنوع من  التمرد والرفض لواقع مفروض عليه، والغوص في هذه الجزئية ذو شجون ، وعندما يكبر الإنسان وينمو معه وعيه بالأشياء المحيطة به وخاصة التي تشكل قيمه وعاداته وربما هويته وانتمائه ، من  الطبيعي أن يعود  إليها ويوليها الاهتمام، ومن هنا جاء اهتمامي باللغة والتعليم، تعليمًا ذاتيًا ، أساسًا لم يكن التعليم باللغة الكُردية  مسموحًا في " الجمهورية  العربية السورية  " وجل الذين يتقنون اللغة الكردية قراءةً  وكتابةً ، إنما تعلموها بجهود إما ذاتية أو أن بعض الأحزاب الكردية  كانت تقوم بفتح دورات لمنتسبيها ولمن يرغب من خارجها ، ضمن سياق العلاقات  الاجتماعية لغير الحزبيين وبعض الشباب في المغتربات الداخلية " دمشق " " حلب " وغيرها ، وكلها ضمن  ستار السرية خوفًا من القبضة الأمنية التي لا ترحم .
هذا الأسباب وغيرها، أعتقد بأنها تشكل حافزًا ودافعًا وحتى ضغطًا لحدوث استدارة ذاتية نحو قليل من الاهتمام باللغة والأدب والثقافة الكُردية، وكما ذكرنا آنفًا فإن دخول " النت " إلى البلد، كان بمثابة الخرق في جدار " مملكة الصمت ".

محاولات أولية لترجمة شذرات وأقوال لمشاهير العالم إلى لغة الأم:
بحكم  نمط التعليم المفروض في مناهجنا التعليمية في سوريا ، يتمكن الطالب من إتقان اللغة العربية ويتعمق فيها بحسب استمراره في إكمال دراسته،  ولقراءة  القرآن " لمن رغب " دور في التمكين من اللغة العربية وإتقانها ، ولأن قراءة أي شيء يتم من خلال اللغة العربية  لأنها الوعاء الثقافي الجامع للمجتمع السوري ، وكوننا خُلقنا كُردا هناك ميل " غريزي " لنتعلم لغتنا إن توفرت الظروف ، وأعتقد أن  أسباب كثيرة للمنع قد انتفت، و باتت الكرة في ملعب الكرد في سوريا ليتعلموا  لغتهم ويعيدوا بعض الاعتبار لأدبهم ، والإنكليز  يقولون : " أن تعرف أكثر من لغة يعني أن تكون  منتميًا لأكثر من ثقافة "
يتابع: كلما كبرنا اكتشفنا نقاط  الضعف في اللغة والثقافة الكُردية - ليس لضعف فيها ، إنما لقصورنا عن تعاملنا معها فالأدب الكردي كغيره من  الآداب العالمية  يحتوي على كنوز تحتاج وتنتظر لمن يخرجها من ظلم التاريخ والجغرافيا، وقد  لاحظت أن الاقتباسات والأقوال لمشاهير الشخصيات والعلماء ربما تجدها مترجمة  إلى  العديد من اللغات ، فأثارت حفيظتي وفضولي بضرورة  "تكريد " تلك الشذرات ، وألح الأصدقاء المقربون لتخصيص هذه " الشذرات المترجمة " بصفحة متخصصة ، - لأقدم هنا شكري ومحبتي للأخ شيار عفريني الذي شجعني كثيرًا على ذلك وهو  صاحب المقترح في التسمية كوني كنت أنشر في مجموعة يديرها فأقترح علي ّ ذلك - وفعلًا منذ عامين أشتغل في هذا الجانب أي ترجمة ما ينسب لشخصيات تاريخية وثقافية وسياسية من اللغة العربية إلى اللغة الكردية  إلى صفحة  " شذرات مترجمة "  وتجد أحيانًا نصوص مترجمة  بثلاث لغات مضافًا إليها اللغة الإنكليزية.
 فيما يتعلق بوجود ترجمات كافية في المكتبة الكردية من عدمها، يرد باختصار:
أعتقد أن الأزمة مزدوجة كُرديًا هناك " أزمة كاتب " و " أزمة قارئ " ولو حاولنا فهم العلاقة بين شقي المعادلة السابقة، لجاءت الإجابة من تلقاء نفسها.

هل خدمتكم مواقع التواصل الاجتماعي كنشطاء وباحثين وكتاب أم كانت وبالاً عليكم؟
سؤال "حمّال للأوجه " ويُحيلني لأستذكر نصيحة أراد الجد أن يُقدمها لحفيده وقال له:
" بني هناك ذئبان يتعايشان معاً في داخلنا، ذئب أبيض يمثل الخير والآخر أسود ويمثل الشر!
 فسأله الحفيد: ومن الذي ينتصر يا جدّي؟
قال الجد: ينتصر الذي تطعمه وتغذيه أكثر "وهي مختصر القصة.
العالم الافتراضي أو كما أحب أن أسميها " القارة الزرقاء " هو سلاح ذو حدين وربما أكثر من حدين ، يتوقف ذلك على مدى وعيك و استثمارك له والاستفادة من الكم "  اللامتناهي " من  المعلومة والنظريات  والأبحاث الجديدة في كل المجالات ، الأهم أن تعرف كـ " متصفح " ماذا تريد ، وأن تحدد المادة أو المعلومة التي تبحث عنها ، ومصدر المعلومة ومعرفة الموقع التخصصي للاستفادة القصوى من المعلومة ، مع معرفة أننا نعيش في عصر الفوضى الرقمية  وفائض في المعلومة  المعروضة ، إذًا، العالم الافتراضي ليس شرًا مطلقًا كما يحلو  لبعض المتزمتين والغلاة  تسميته، إنما فتح آفاقًا وكسر الرقابة و احتكار المصدر الرسمي  " الحكومات " للمعلومة ، وساعد في التواصل والاتصال المباشر بين الكاتب والقارئ، بين الطبيب والمريض، بين المريض النفسي والمعالج، بين المواطن والرئيس!!

النتاج الإبداعي، والطموحات الفكرية والثقافية المستقبلية:
لا أعتقد أن أحدًا ليس لديه طموح لمستقبل أفضل ، لدي ثلاث كتب إلكترونية " مجموعة قصصية مترجمة " و ومنشورات عام من منشورات صفحة " شذرات مترجمة " في كتاب ، وكتاب " نحو مجتمع أفضل " ولدينا النية لطباعتها إلى كتاب ورقي، إن أسعفتنا الإمكانات والظروف، طبعًا تحتاج الكتب إلى  تعديلات لتناسب مشروع كتاب مطبوع فلا زلنا نعاني من " الناحية  المالية " نحاول بقدر الإمكان أن نلبي متطلبات الأولاد والأسرة وتاليًا فالحياة أولوية ، ولا زالت مجموعة "فند" مستمرة في أنشطتها وعلى المسارين ، وننشر في عديد الصحف والمجلات بنتاج "كردي – شعرًا وترجمةً " و"عربي- مقالات وأبحاث " 
ينهي الباحث الاجتماعي حسن حسين خالد الحوار بالقول:
كل الشكر لكم ولمنبركم في تشريفي بهذه الفرصة، ونداء للجميع كل من موقعه " البحث عن خامات " مهمشة، كردة فعل على تردي الميدان الثقافي والتشرذم السياسي، ومحاولة الاستفادة من طاقات كامنة لديها بعيدًا عن المصلحة الضيقة لصالح المصلحة العامة.


3
فاجعة كورونا... يقظة، بعد سبات عميق
خالد ديريك
ـــــــــــــــــــــــــــــ

في الأزمات تتجلى الحقائق ...
ربما لم تتوقع غالبية الناس إن بعض الدول الأكثر تطورًا وخاصة التي تعتبر ثرية جدًا من الناحية الصحية على أقل، والتي كانت الناس تتسابق للسفر إليها بهدف المعالجة هي أخرى أنظمة هشة في الكثير من جوانبها ولديها نقص حاد في أبسط المواد الطبية من المعقمات والأقنعة وأجهزة التنفس التي تحتاجها هذه الجائحة (كورونا) هذا ما عدا فيما تخص أمراض واختصاصات أخرى أيضًا، وعدم استيعاب مستشفياتها من بضع إلى عشرات آلاف من المصابين ناهيك عن نقص في الكوادر الطبية مما أدى بها إلى استعانة بأفراد من الجيش للقيام بأعمال اللوجستية لدعم الجهاز الطبي وليس بغرض فرض حظر التجول كما حصل في سويسرا (من أغنى النظم الصحية في العالم)،
وتخبطت دول أخرى وفقدت القدرة على تتبع الحالات المصابة كَإيطاليا التي دخلت مرحلة "طب الحُروب" مما أدت بها إلى التركيز على من هو في السن الشباب، وترك المسنين لأمرهم المحتوم قبل أن تأتيها المساعدات الخارجية، ألا يعد هذا انهيارًا في الجهاز الصحي لدولة تنتمي إلى مجموعة الدول الصناعية الثمانية الكبرى في العالم!  وهناك أمثلة وتصريحات مشابهة من عواصم أخرى...

الإهمال سبب الانتشار ...
لم يجاهد العالم ويعمل كفريق واحد لمواجهة هذا الـ فيروس، لأن أزمة عدم الثقة كبيرة حتى في جسم سياسي واحد كالاتحاد الأوربي مثلًا، ناهيك عن دول أخرى فقيرة، التي لا حول ولا قوة لها... إضافة إلى أساليب البيروقراطية المتبعة، وتحكم بعض الشركات الخاصة بالاقتصاد والمال والأعمال في بعض الدول، وأنانية المركزية ومزاجية السلطة الحاكمة التي تفتقد إلى مؤسسات مدنية وبحثية مستقلة أصلًا، مما تدفعها بإصدار قرارات ومراسيم على هواها بدون دراسة وبحث غالبًا وذلك في بعض دول شرقية خاصة! 
لذا، كان من الممكن لجم حماس وخفض انتشار جائحة كورونا لو اتخذت كل دولة على حداه أو مجتمعة (بتنسيق) بعض الإجراءات الوقائية السريعة كالاختبار والتعاون والتنسيق الطبي وغلق الحدود وعزل المدن والتباعد الاجتماعي بدلًا من الإهمال وعدم أخذ الأمر بجدية والتعامل مع انتشاره بتراخ!

لو .... التمني ...
لو صرفت الأموال على الأبحاث والصحة والتعليم بدلًا أو أكثر من هدرها في صنع نجوم/ نجوميات فارغة في بعض المجالات، ومعامل السلاح التي ألحقت الدمار بالإنسان والبيئة...!
لو لم تحتكر طبقة واحدة المال والإعلام وبعض جوانب السلطة ثم تسخير بقية الناس كَموظفين، كَعمال... كَعبيد بأجور زهيدة أو عاطلين عن العمل...
لو أن مع بداية كل مرض ومشكلة، استنفر العالم لأجلها وكافح بكل هذه الهمة والجدية كما حدث بعد إفلات كورونا من عِقاله لانتهينا من الكثير من الأمراض والأوبئة وبالتالي المزيد من الصحة وفرص العيش الكريم، ولحصل الآخرون على أبسط حقوقهم ورجحت كفة العدل والإنسانية بدلًا من التوحش والأنانية.

تغييرات ما بعد كورونا...
إذا استمر فيروس كورونا / كوفييد 19 لمدة عام وأكثر فإنه سيترك آثارًا جمة على النظام العالمي الحالي، ستظهر أزمات كبرى لا مثيل لها رويدا رويدا من اقتصادية إلى اجتماعية وسياسية وربما عسكرية أيضًا. إضافة إلى الأمنية/ الجرائم واللصوصية سواء على شكل الفردي أو العصابات ...
قد تتغير التحالفات القائمة وتنهض أسهم بعض الدول على حساب انحسار للآخرين، وتتجه دول أخرى نحو التقوقع والانغلاق والاعتماد على الذات بدلًا من سياسة العولمة التي جلبت لهم الخيبات وخاصة في هذه المحنة، بالتالي سيزداد الخطاب الشعبوي والدولتي على حساب الحدود واليد المفتوحة...
سواء انتهى هذا الرعب باكرًا أو متأخرًا، سواء أكان مفتعلًا أو وباءً، تبقى هناك بارقة أمل التي قد تنهض من بين الركام ومخلفات الخراب والهلع التي سببتها هذه الجائحة وما قبلها، وذلك من طرف الطبقات والمنظمات الخيرية المساعدة مع المتنورين وهم قلة! في محاولة إيجاد نظم اقتصادية، اجتماعية بعيدة عن الاستغلال والاحتكار حتى لو ضمن مدينة أو دولة واحدة في ظل سلطات منتخبة لغاية تحقيق نوع من العدالة...

خالد ديريك


4


فيروز حميد رشك: أبسط قصائدي هي أجملها عندي
تعتبر رشك قلمها بمثابة صدى لهموم الناس

حوارٌ أجراهُ: خالد ديريك
 

نشأت في بيت دافئ مهتم بالأدب والثقافة ومشجع لكل موهبة تبحث عن جمال في اللغة والشعر والأدب، وبعد أن هيأت روحها وفكرها ثقافيًا، أطلقت العنان لقلمها ووظفته في خدمة الناس، تتطرقت إلى واقعهم من آلام وأفراح، ولجراحات الأرض والوطن من الدمار والحرمان. ورغم أنها متمكنة في اللغة العربية وكتبت بعض قصائد عميقة إلا أنها غيرت مسار القلم وابتعدت عن الغموض الشعري وتتبع الأسلوب السهل الممتنع اعتقادًا منها أنه الأسلوب الأقرب إلى قلب القارئ، إنها تكتب ما تعيشه حالياً فما أكثر من مشاهد النزوح والتهجير والقتل ... على مساحة وطنها!
هي من قرية تسمى "توبو" وقد ترعرعت بين حقولها، تعرفها كل الدروب المؤدية إليها والخارجة منها، تعشق أشجارها وأطفالها وعجائزها وأبارها. درست في مدرستها الطينية، وتقول كان معلمها الأول فيها والدها ثم أستاذها الثاني الكاتب إبراهيم اليوسف اللذان تركا بصمتهما في تفاصيل شخصيتها لتكون شاعرتنا (...).
انتقلت إلى مدينه الحسكة في سن الثانية عشرة، درست مراحل دراستها فيها حتى حصلت على شهادة إعداد المدرسين قسم اللغة العربية عام 1993، ومنذ ذلك التاريخ تعمل كمدرسة اللغة العربية في مدارس الحسكة، وأم لِخمسة أولاد. ولا تزال متشبثة ببيتها وتراب مسقط رأسها رغم الظروف الحرب القاسية هناك.
كتبت ونشرت أشعارها منذ سن الثامنة عشر باللغتين في مجلات وجرائد كُردية وعربية، وتنشر الآن في مواقع عديدة منها: واحة الفكر Mêrga raman وولاتي مه... وصحف مثل كُردستان وبوير وقلم جديد...إلخ
مطبوعاتها: مجموعة شعرية عام 2014 بعنوان "اشتاقك في هديل احتراقي" ـ مشاركة في كتاب مشترك بعنوان "بارين أيقونة الزيتون". مخطوطاتها: ـ مجموعة شعرية بعنوان "عشر رسائل وغيمه" ـ مجموعة شعرية بعنوان "خذ بيد قلبي " ـ مجموعة قصصية بعنوان "حكاية آخر الربيع" ـ مجموعة شعرية بالكُردية.
فيروز حميد رشك شاعرة كُردية من مواليد 1973 قرية "توبو" بريف مدينة عامودا التابعة لمحافظة الحسكة ـ سوريا

نص الحوار ...

في بداية الحوار، تستذكر تاريخ فيروز الإنسانة بطريقتها وباقتضاب فتقول:
ـ وأنا أدق باب الحياة تألم قلب أمي المسكين كثيرًا حين نهرها جدي الكُردي لقدومي اللامرغوب فيه، وتألم أكثر حين خدعها أبي ولم يؤذن لي كباقي صغار القرية بل نبه قلبي لقصائد الريح والماء الكثير الذي تحتاجه أنثى لإخماد حرائقها.
الآن، أتألم أكثر من أمي فالقصائد كالبلاد الجميلة تبقى مغتصبه. ربما هذه الأسطر هي هوية كل فتاة كُردية تكتب، وهي فيروز ابنة تلك القرية القابعة في حضن عامودا المدينة المناضلة. أعشق هذه الأرض ولأنني كُرديه أعشق مثلها أبنائي الخمسة، أعتز بالخط البياني لحياتي.

ترعرعت في بيئة مناسبة للشعر والأدب ولذلك تجاوزت المعوقات التي صادفتها في بداية مسيرتها:
ـ عالم الشعر كان جزءً هامًا في بيتنا حيث، كان أبي مدرسًا للغة العربية وكان مهتمًا بالأدب الكُردي والعربي فأينما كنت تنتقل في زوايا بيتنا الدافئ ترى كتابًا شعريًا أو رواية عالمية، كان أبي يشجعنا على الكتابة والقراءة، وفي سن الثامنة عشرة بدأت القصيدة تنضج عندي وبدأ أبي وأستاذي إبراهيم يوسف بنشر قصائدي في مجلات وجرائد كُردية وعربية مثل مواسم والحوار وسعاد الصباح. وطبعا لكل بداية صعوبات عانيت منها لكنني وبفضل أبي تجاوزتها.

تنبهها هموم الناس للبدء بمشروع القصيدة:
ـ نوبة ملهمة قريبة من الواقع لا من الجنون هي التي توقظني وتنبهني إلى ضرورة كتابة الشعر فأنا واقعية في كتاباتي أكثر ما أكون مجنونة، ألمس الواقع واكتبه فالشجرة قصيدة والدمعة وابتسامة الطفل كل هذا يجعل قلمي مطيعًا.

أبسط قصائدي هي أجملها عندي....
رغم تمكنها في اللغة العربية لكنها تفضل أسلوب السهل الممتنع القريب من واقع القارئ كما تعتقد:
ـ أنا مُدرسة لغة عربية ومتمكنة من الكلمات الجزلة منها والقوية لكنني كثيرًا ما لا احتاج إليها ولا أحب اللغز في القصيدة أحب الصورة القريبة من واقع القارئ التي تشعره بأنني أقصده الآن أو ربما قبل عشرون سنه فالأسلوب السهل السلس هو الأقرب إلى القلب وليس تصفيف الكلمات رغم إنني كتبت قصائد فلسفية وعميقة لكن أبسط قصائدي هي أجملها عندي.

تعتبر رشك قلمها بمثابة صدى لهموم الناس:
ـ ربما هناك دور للخيال في موضوع بعض القصائد عندي ولكن أكثرها واقعية فأنا أتنفس القصيدة من الواقع ألمسها ثم أكتبها، وفي سنوات الحرب التي عشتها كأي أم كُردية عانت التهجير والخوف على أبناءها من الأخطار كتبت ما عشت ولا أزال حتى ظهر ذلك في صوري وبناء نصي.

تصف إحساسها عند ولادة القصيدة والديوان على الشكل التالي:
ـ الانتهاء من كتابة قصيدة هو حالة رائعة لأنه إنجاز. شعور جميل بولادة شيء ما من الأعماق، شيئًا دفينًا يشرحك أما ولادة ديوان شعري هو بالنسبة لي ولادة طفل وزيادة في عدد أبنائي الأعزاء.

قرأت وتقرأ لهؤلاء الأدباء:
ـ قرأت وأنا صغيرة لـ رياض صالح الحسين الشاعر السوري الذي ترك بصمته على روحي وكتاباتي كذلك قرأت لـ محمود درويش في سن مبكرة ولـ إبراهيم يوسف وكتاب عالميين، مؤخرًا قرأت روايات لـ باولو كويلو وكلما أعطتني الحياة فرصة أقرأ وأشعر بالسعادة حين أقرأ لذا لا أحرم نفسي من أي فرصة لتغذية روحي، وأنا قبل هذا الحوار معك كنت أقرأ رواية عتبة الألم لـ حسن سامي يوسف.

معاني عناوين دواوينها ومخطوطاتها:
ـ لدي مجموعة شعرية مطبوعة عام 2014 بعنوان "اشتاقك في هديل احتراقي" عنوانها مستلهم من حالة عشتها وهي هجرة ولدي البكر وأخي الصغير فكان عنوان المجموعة حالة أم تعاني بعد ولدها وأخاها بسبب ظروف الحرب وما تحدثه هذه الحالة من أشواق تبقى متقدة حتى اللقاء.
أما المخطوطان الشعريان فالأول بعنوان "عشر رسائل وغيمه" وهو مجموعة شعرية فيها قصائد على شكل رسائل وقصائد للحب والحرب. والمجموعة الثالثة بعنوان "خذ بيد قلبي "ربما يشرح هذا العنوان حاجة النفس الإنسانية إلى سند في زمن الحرب المر، ومجموعتي القصصية بعنوان "حكاية آخر الربيع" فيها قصص واقعية للمجتمع الكُردي وحياة الأنثى فيه ...
قريبًا، مجموعة شعرية باللغة الكُردية:
ـ أنا كُردية وأعتز بكرديتي ولغتي الأم ولكن بحكم الثقافة العربية التي كانت سائدة فقد درسنا بالعربية وثم كتبنا بها لكنني أعتز بلغتي ولي قصائد بالكُردية ستكون قريبًا في مجموعة وسأكون فخورة بولادتها جدًا.
..................................
على الصعيد الكُردي والشخصي...
تصف الحالة الثقافية في المناطق الكُردية وسوريا عمومًا بالطبيعية لما للحرب آثار سلبية جمة:
- المسألة برمتها لا يمكننا اعتبارها خيار وفقوس فالمشهد برمته ضبابي، بل مشوه في بعض جوانبه، وهنا لا يمكنني الجزم حول الحالة الثقافية في روج آفا كُردستان ـ شمال شرق سوريا وسوريا عموماً، وسط هذا الخراب والدمار، ناهيك عن المعاناة والقهر اليومي الذي يواجهه السوري، والحالة الثقافية والأدبية تتأثر بهذا المشهد بمختلف أشكاله ووجوهه.
برأيي مهما كانت نوعية المشاركات في أي نشاط أدبي وثقافي هابطاً أو متدنياً، أراها حالة ربما طبيعية، إذا قرأنا المشهد والحالة والعوامل التي أثرت عليهما. لعل أهمها هجرة الكثير من المبدعين، وكذلك امتناع البعض في الانخراط بالمشهد، هنا يبدأ المتسلقين بإبراز عضلاتهم الثقافية.
إذن، حين نقرأ الحالة علينا قراءتها من جوانبها كي يكون تشخيصنا منصفاً.

عن تعدد الاتحادات الأدبية في المشهد الكُردي السوري وما يمكن أن تقدمه للكاتب أو العكس، أجابت قائلةً:
-  بتأكيد ليست حالة صحية، حالة تشرذم والتشتت التي تعاني منه الوسط الأدبي والثقافي وبالأخص في مناطقنا/ روج آفا كُردستان ـ شمال شرق سوريا.
مع الأسف الانقسام السياسي في الشارع وفي الحركة السياسية الكُردية، انعكست على الحالة الثقافية وأطرها التنظيمية.
وطالما هذه الاتحادات والأطر تنقسم بين طرفي الانقسام السياسي، فلا يمكن أن تقدم للكاتب أو الأديب أي شيء ولا يمكن للأديب والكاتب تقديم مشروعه الإبداعي كما ينبغي، وتالياً يبقى المجهود الفردي هو الأكثر نجاحاً في إيصال رسالة الكاتب لقرائه.

تدافع عن دور المثقف الكُردي بشدة فيما يخص محنة الكورد الطويلة:
- أؤكد وأجزم أن المثقف الكُردي تطرق إلى الجرح الكُردي بكثافة. الكاتب والمثقف الكُردي يحمل موروث ثقافي متراكم منذ مئات السنين، هذا الموروث بإضاءاته التاريخية ووجعه وجرحه الذي لازمه منذ ولادة بواكير وعيه، وأصبح هذا الجرح أكثر وطأة في مائة السنة الأخيرة، حيث انفتاح الأفق أمام وعيه السياسي وأدراكه مدى الظلم الذي لُحق بالشعب الكُردي.
لذا أتمنى عدم حمل المسؤولية للكاتب والمثقف أكثر من طاقته، فهو عانى مثله مثل هذا الشعب، بل أن تضحيته لا تقل عن مَن قاتل في ساحات المعارك وخوض الحروب في صراع مستدام دفاعاً عن الذات والهوية.

الشاعرة فيروز رشك لا تزال في الداخل السوري متشبثة بالأرض والوطن، لديها أمل بغد أفضل رغم المخاطر وعمليات التهجير والنزوح:

- نعم، بقيت في الداخل متشبثة بأرضي وشعبي، وهذا نابع من قناعاتي، تجاوزنا ظروف ومعاناة قد نستغرب بـذات يوم كيف تحملنا كل ذلك؟ لكن أؤكد "ما زلنا نحتفظ بذواتنا وقادرين على الصمود حيث تأقلمنا"
مثلي مثل هذا الشعب الصامد، أتفاعل مع الحالة الشعبية، مع أم الشهيد وهي تزف فلذة كبدها إلى مثواه الأخير.
نعم زادت وتيرة تشبثنا بأرضنا وبتماسكنا الشعبي بعد الاحتلال التركي ومرتزقته لعفرين وسري كانيي/ رأس العين وكرى سبي/ تل أبيض، واندفاعنا لنجدة النازحين الذين هجروا من بيوتهم وتركوا ممتلكاتهم، بسبب أطماع السلطان التركي أردوغان واستبداده، لكن، يبقى الأمل قائماً بأننا سنعود يوماً ما كما كنا.

الوطن بالنسبة لها: الوطن ليس بطاقة شخصية ندسها في حقيبتنا الكتفية، هو الانتماء، الهوية، الذات والآخر. الحب بمعانيه السامية ودلالاته الإنسانية.
أحلامها: أحلامي قائمة طالما أحمل في ذاتي مشروعي الشعري، ودائماً القصيدة في حالة مخاض عندي. وحلمي هو أن تتوقف هذه المحرقة في وطني.

في الختام، أحب أن أشكر شخصك الكريم على هذه الفرصة الجميلة وأشكرك على كافة جهودك المبذولة في طريق الأدب، وأقول لك لأنك شاعر
 لذا سنقول معًا نحن نكتب فنحن لن نموت.
نهاية الحوار
 

5
لامار اركندي: زحفت جيوش جرارة إلى سوريا لامتلاكها تلال السيليكون ولتقسيم خرائط المنطقة

اركندي: التمثيل الدستوري سيبقى حبراً على ورق فيما يخص حقوق كورد سوريا



حوارٌ أجراهُ: خالد ديريك

 
ما تهم أمريكا في سوريا والمنطقة هي السيطرة على مواردها، وعلى عقدة الطرق الاستراتيجية وربطها بقواعدها العسكرية المنتشرة في الشرق الأوسط، كما أن التنظيمات المتطرفة هي بمثابة حصان طروادة للغرب لتنفيذ مخططاتها في الشرق.
أما تركيا هي أخرى تسعى للاستيلاء على الثروات السورية وخاصة في شرق الفرات وصولًا إلى الموصل وكُردستان العراق، كما حذرت اركندي بوجود مؤامرة تركية بحق تونس عبر دواعش التونسيين، فهل الربيع العربي الذي انطلق من تونس سينفجر إرهابا فيه؟
على الصعيد الكُردي السوري. تتوقع أن تسقط مُدن كُردية أخرى تحت سلطة الاحتلال التركي وفصائلها السورية، ولم تستبعد أن تشارك قسد في معركة إدلب بضغط روسي مقابل تحرير المدن الشمالية التي احتلتها تركيا، لكنها استدركت بالقول: حينها ما الذي سيتبقى من “قسد” ومن المليشيات المعارضة سوى المزيد من برك الدماء والدمار ومن ثم الانهيار.
فيما يخص لجنة الدستور السوري المنعقد في مدينة جنيف السويسرية، لا ثقة لها بالدساتير الدول التي تتواجد فيها الكورد، واستشهدت بمثال عن حقبة النظام عبد الكريم قاسم في العراق في الخمسينيات من القرن الماضي، كيف كان الدم والدمار طافيًا وقتذاك!
وغيرها من المحاور الهامة سنلقي عليها الضوء من خلال حوارنا مع لامار اركندي الكاتبة الصحفية والناشطة في مجال حقو ق الإنسان التي تعمل مع عدة دوريات عربية وأجنبية. لامار اركندي من قامشلو/ القامشلي ـ محافظة الحسكة ـ سوريا

نص الحوار ….

بداية، تحدثت الصحفية الكُردية لامار اركندي عن أهم الصعوبات التي واجهتها في عملتها، وقالت:

واجهتُ صعوبات جمة بداية ولوجي عالم الصحافة لا سيما مع الصحافة العربية التي غالبيتها كانت تبحث عن نشطاء وهواة أكثر من صحفي متخرج من كلية الإعلام، ومواد الفيديو خاصة الحربية منها كانت تستقطبها أكثر من الكلمة ونقل أحداث يومية تتعلق بهموم الناس ومشاكلهم وملامح حياتهم خلال الحرب التي كانت آخر اهتماماتها.

 لكن، الأمور تغيرت بسبب إطالة أمد الحرب، وبدأت الوسائل الإعلامية تهتم بمجالات أخرى غير جبهات الحرب، فقالت: 
مع الوقت وإطالة أمد الحرب التي وفرت بدورها بيئة غنية بقصص إنسانية وأخرى تتعلق بالفن والمرأة والصحة والطفل دفعتها للاهتمام بما يجري في الداخل أيضا بعيداً عن آلة الحرب في الجبهات، ونحن بدورنا نقلنا للعالم ما يحصل داخل المدن من مصاعب ومشاكل وقصص نجاح وما خلفتها الحرب من نتائج كارثية على الصحة والطفل والمرأة والفن...
على الصحفي أن يقوم بواجبه، خاصة أثناء الحروب:

حين تشتعل الحروب في أي بلد فهي تجبر كل صحفي /ة أن يحول عدسة كاميرته لتلتقط صور الجبهات وتتبع أخبار ضحايا العمليات العسكرية ويوثق بالصوت والصورة حقيقة ما يجري مجردة من التنميق والتزييف وتضخيم الانتصارات وتقليل الخسائر أو العكس إذا كان صحفياً مهنياً.

إضافة إلى العمل المهني، تؤكد اركندي أن صلة الوصل بين الوسائل الإعلامية والصحفيين تعتمد على نوعية المواضيع:

طريقة طرح المواضيع الجديدة والهامة ومعالجتها بمهنية هي مفتاح نجاح أي صحفي اليوم سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو ثقافية التي تهم شرائح واسعة من المتابعين والقراء وحينها تلتزم الوسيلة الإعلامية سواء العربية أو الكردية أو الأجنبية أيضًا الاحتفاظ بالصحفي ككاتب دائم لديها.

رغم إشارتها على بروز دور المراسل الحربي في مناطقهم، لكنها وصفت دوره بالمهمة الصعبة والخطرة لأسباب عديدة، منها: 

برز دور المراسل الحربي في مناطقنا شمال شرق سوريا / روجافا كردستان… بشكل لافت خلال الحرب ضد تنظيم داعش بعد أن دفعت قنوات فضائية مراسيلها لتغطية ما يجري على أرض الميدان، وهي مهمة صعبة وخطرة لا سيما أن المراسلين الحربيين من الشباب ربما تكون تجربتهم الأولى في هذه المهمة وغالباً لا يخضعون لدورات متخصّصة تدرّبهم على كيفية التدبّر عند التعرض للأزمات والحفاظ على سلامتهم الشخصيّة ورفع مستوى إدراكهم للأخطار المحيطة بهم.

وبسبب انعدام إجراءات السلامة العامة، يقع الصحفي /ة عرضة للتهديدات خلال تغطيته للصراعات المسلحة قد تفقده حياته.


الوضع السياسي في سوريا والمنطقة …

ترى اركندي أن ما تهم أمريكا هي السيطرة على عقدة الطرق الاستراتيجية لربطها بقواعدها العسكرية وبالتالي تأمين الموارد الطاقة لها في الشرق الأوسط:

ما يهم الوجود الأمريكي في سوريا هو السيطرة على المثلث الحدودي الاستراتيجي على الحدود التركية العراقية الذي يبدأ من شرق قامشلو/ القامشلي إلى حدود كُردستان العراق وصولاً إلى قاعدتها في “التنف” الواقعة على بعد 24 كم من الغرب من معبر التنف ( الوليد ) عند المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، في محافظة حمص وربطها بقواعدها في العراق وهي المناطق الأكثر غنى بالبترول إلى جانب مادة السليكون وبذلك تكون قد سيطرت على عقدة طرق استراتيجية تربطها  بقواعدها العسكرية من جهة وتربطها بعدة دول أيضًا، كما ستصبح الأقرب إلى قاعدتها العسكرية في المملكة العربية السعودية التي أعادت فتحها مجدداً بطلب من الرياض وقد تنتقل منها لبناء قواعد جديدة لها في السودان وليبيا لاسيما وأن داعش نقل نشاطه إلى إفريقيا وليبيا ويهدد بقضم بلدان جديدة في القارة الإفريقية كتونس والمغرب والجزائر وغيرها.
 

التنظيمات المتطرفة أصبحت بمثابة حصان طروادة بالنسبة للغرب، وفتحت لهم أبواب كنوز الشرق:

أينما تنقل داعش وكل التنظيمات الإرهابية المتشددة ستتواجد أمريكا بذريعة محاربتها للإرهاب، فداعش وجبهة النصرة وقبلهما القاعدة وغيرها من التنظيمات المتطرفة هي بمثابة حصان طروادة بالنسبة للغرب وعلى رأسها أمريكا فهي أي تلك التنظيمات فتحت لتلك الدول أبواب كنوز الشرق المتمثل بموارد الطاقة سواء في العراق وسوريا وليبيا واليمن وتتجه نحو بلاد ومناطق جديدة كالسودان ودول المغرب وإفريقيا وغيرها.


سر تكالب قوى دولية وإقليمية على سوريا هو لاحتواء أراضيها على المادة السليكون، هذا ما كشفت عنه لنا الصحفية لامار اركندي:

كشفت تقارير عديدة عن غنى سوريا بثروة هائلة من المادة السليكون النقي التي تصل نسبة نقاءها إلى حوالي 79% والداخلة في صناعة الحواسيب الذكية والصغيرة والتي من شأنها إحداث ثورة وانقلاب هائل في عالم التكنولوجيا الرقمية، وبطبيعة الحال أمريكا كانت منذ 2004 وكذلك الروس وإيران والصين وإسرائيل وغيرها على علم بامتلاك سوريا لتلال من السليكون، وزحف حكومات الشرق والغرب بجيوشها الجرارة إلى بلادنا وتهافتها للحصول على تلك الكنوز وتقسيم خرائط المنطقة فيما بينها وانتشار قواعدها فيها طبقاً لتوزع مناطق انتشار تلك المادة الهامة إضافة للبترول، وهذا كله على حساب قتل وتشريد وتدمير سوريا..
 

الأطماع التركية تتجاوز روجافا…/ شمال شرق سوريا، لتبيان هذه الأطماع أكثر، وضحت وجهة نظرها بالقول:

تحدثت في مقال لي نشر قبل شهور بعنوان ” تركيا…مشروع توسعي في سوريا؟ عن أن أنقرة تسعى للاستيلاء على النفط في شرق الفرات، وبحسب تقديرات بعض الخبراء فإن 75 في المئة من حقوق النفط السورية تقع في المناطق التي يسيطر عليها الكُرد وهي “منطقة حقول الحسكة (بما فيها رميلان والسويدية وكراتشوك)، ومنطقة الشدادي أو حقول الجبسة (بما فيها جبسة وغونة وكبيبة وتشرين)”. وهاتان المنطقتان تنتجان النفط الثقيل، بينما منطقة الفرات ـ حقول دير الزورـ تنتج النفط الخفيف. وهذه الحقائق النفطية تعرفها الحكومة التركية بطبيعة الحال، ولذلك فإنها تعتبر الوصول إلى تلك المنطقة والسيطرة عليها وسرقة نفطها مسألة حيوية بالنسبة للدولة التركية.
كما أن الرئيس التركي أرد وغان هدد أن طموحه التوسعي لن يتوقف على مناطق شمال شرق سوريا بل سيتسع ليحتل الرقة ودير الزور وسيتوجه للموصل وإقليم كردستان العراق.


تؤكد اركندي على توفر الدلائل لديهم كإعلاميين ونشطاء بوجود عناصر من داعش بين صفوف الجيش الوطني السوري المعارض:

بالتأكيد التقينا العديد من نازحي مدينة كري سبي/ تل أبيض، سري كانيه/ رأس العين في الشمال السوري ممن فر بعضهم بعد احتلال مدنهم من قبل تركيا بشهر، والعديد منهم عايشوا حقبة سيطرة التنظيمات الإرهابية على مدنهم بين 2012/2015 وكشفوا لنا أسماء أولئك الدواعش وبأنهم يعرفونهم منذ انضمامهم لتلك الفصائل المتشددة سابقًا وعادوا اليوم محتلين تحت اسم الجيش الوطني السوري…
كما أن العديد من المدنيين تعرفوا على أولئك العناصر من خلال مقاطع الفيديو والصور التي كانوا ينشرونها على منصات التواصل الاجتماعي وعلى صفحاتهم الخاصة فعوائل العديد منهم وعشائرهم معروفة لدى أهالي كري سبي/ تل أبيض والرقة ودير الزور والميادين.

تحذر اركندي بوجود مؤامرة تركية بحق تونس عبر دواعش التونسيين، فهل الربيع العربي الذي انطلق من تونس سينفجر إرهابا فيه؟

استثنت تركيا تسليم مسلحي تنظيم داعش من التونسيين لحكومة بلادها وتعمد لنقلهم من سورية إلى ليبيا لأن نسبة التونسيين بين مسلحي داعش في ليبيا مرتفعة جداً، وتنقلهم المطارات التركية عبر الطائرات المدنية إلى مناطق الجنوب الليبي الذي تحول لمملكة إرهاب خاصة مناطق جبل “الهاروج” الذي يضم معاقل التنظيم العسكرية الرئيسية لمسلحيه القادمين من سوريا والعراق لتمتد المؤامرة التركية المعادية للدول العربية من ليبيا المحاذية لتونس إلى العمق التونسي بشكل أكبر، عبر تحريكها ” حركة النهضة ” ذات التوجه الإخواني حليفتها في تونس.
وتضيف: كانت تقارير قد كشفت عن علاقة حركة النهضة بالعمليات الانتحارية التي شهدتها العاصمة التونسية في الفترة السابقة، وتسهيلها لمسلحي داعش من التونسيين الانتقال من ليبيا إلى تونس لإقامة دولة الخلافة فيها مع تزايد خطر انضمام آلاف التونسيين الشباب إليهم وانجرارهم لصفوف التنظيم بوتيرة أكبر مع ارتفاع نسبة البطالة والفقر فيها مما قد يفجر الوضع في تونس التي شهدت أول حراك ثوري لربيع عربي سمي بثورة الياسمين وقد ينفجر إرهابًا فالتنظيم مع تغيير اسمه يتوحش بشكل أكبر ويصبح أكثر فتكاً ودموية مع انتقاله للسيطرة على مناطق جديدة.


على الصعيد الكُردي

قالت الصحفية الكُردية ... أن مدن كُردية أخرى مرشحة للسقوط بيد الاحتلال التركي:

الروس وعبر اتفاق ثلاثي مع أنقرة وطهران دفعت ميلشيات المعارضة السورية وبإسناد جوي وبري مكثف بالتقدم واحتلال مدن شمال شرق سورية التي غالبيتها كُردية، البداية كانت مدينة عفرين تلتها المدن كري سبي/ تل أبيض وسري كانية/ رأس العين وعين عيسى وتل تمر مرشحتان للسقوط على طاولة المفاوضات الروسية التركية، ومنبج وتل رفعت وكوباني وقامشلو أيضًا.

الصراع الأجنبي في سوريا هو لتثبيت المناطق النفوذ بدماء قوات محلية:

من غير المستبعد أن تدفع روسيا قوات سوريا الديمقراطية لمشاركة قوات النظام السوري بتطهير إدلب وبقية المدن التي تسيطر عليها المعارضة السورية مقابل تحرير المدن المحتلة في الشمال السوري من قبل تركيا
وهكذا يتم التخلص من القوى العسكرية باستنزافها بمعارك الاحتلال والتطهير، حينها ما الذي سيتبقى من “قسد” ومن المليشيات المعارضة سوى المزيد من برك الدماء والدمار ومن ثم الانهيار.
زج القوى العسكرية التابعة في حلبات المصالح هو جزء من لعبة النفوذ وهي التي ستقسم سوريا بوجودها العسكري وفرض سلطتها على مناطق باتت تعرف باسمها كمناطق النظام ومناطق المعارضة والمناطق الكردية والقضاء عليها يعني عودة بعض مناطقهم أي مناطق” قسد” قوات سوريا الديمقراطية والمعارضة لحضن دمشق.

الشعب الكُردي هو الخاسر الأكبر من الاتفاقيات الأخيرة:

الكُرد كشعب هو الخاسر الأكبر مما يجري فهو سيخسر هويته القومية وأرضه التي يعيش عليها منذ آلاف السنين أمام مخططات أنقرة باحتلالها وإلحاقها فيما بعد بتركيا بعد تهجير الكُرد منها وتحويل ما تبقى من أرضهم لمخيمات نزوح، كما هجر الكُرد سابقاً في تركيا من قراهم ومدنهم.

علقت حول موضوع الدستور السوري الجديد والتمثيل الكُردي فيه، بالقول:
باعتقادي الدساتير لا تضمن حقوق الشعوب دائمًا لا سيما الشعب الكُردي أينما كان، فالدستور العراقي على سبيل المثال في العهد الجمهوري الأول خلال فترة عبد الكريم قاسم سنة 1958 كان متضمناً فقرة تتحدث فيها عن أن العرب والكًرد شركاء في الوطن ولم تتكفل ذلك بإبعاد شبح الحرب والقصف والإبادة على الشعب الكُردي، حيث قصف نظام عبد الكريم قاسم مدن وبلدات كُردستان جواً وبراً بالطائرات والمدافع من خانقين إلى زاخو، قتلوا مئات المدنيين الكُرد، ولم يوقف الدستور آلة الحرب على كُرد العراق.
الأمر نفسه بالنسبة لكُرد سوريا سواء أكان لهم تمثيل قوي أو ضعيف في الدستور فالتمثيل الدستوري سيبقى حبراً على ورق فيما يخص حقوق كُرد سوريا.

أهم قصة أثرت على الصحفية الكُردية لامار اركندي من خلال عملها في مجال الصحافة:

التقيت في جبال شنكال/ سنجار موطن الكورد الإيزيديين بمقاتلة تدعى ” خاتون ” كانت تقاتل مسلحي تنظيم داعش في عمليات تحرير قراها، روت لي تفاصيل حكايتها التي نزلت علي كالصاعقة حينها، كيف خطفت داعش هي ووالدتها بعد قتل والدها وأخوتها الذكور، وجاؤوا بها مع آلاف المختطفين الإيزديين من النساء والأطفال إلى الرقة السورية…
وروت لي أن ست عناصر من داعش اغتصبوها في وقت قام آخرون بقطع رأس أمها أمام عينيها وهي تغتصب في ذات اللحظة، وحدثتني كيف منع مسلحو داعش عنهم الطعام لأيام، ليأتي وقت تقديم وجبة لحم بعد تركهم أيامًا للجوع، أخبروها بعد إجبارها على تناوله بأنهم طهو لحم أمها وقدموها طعاما لها ولمن معها من المختطفين/ات، فتمكنت بعدها من الهرب والانتقام لأهلها وذويها، وقد استشهدت خاتون في إحدى المعارك التي خاضتها ضد داعش.

6
ترياق محمد: الشعر هبة من الخالق تنمو فينا دون أن نخطّط لها عن سابق نية
لم تتأثر محمد بالشعراء وإنما بالقصائد

حوار أجراه: خالد ديريك
كأي شاعر موهوب بالفطرة لا يعرف متى تفتتح له أبواب الإبداع على مصراعيها وتتدفق القصائد المرصعة بالأحاسيس والمشاعر الجياشة كالسيل في مجرى النهر على صفحات الأوراق البيضاء بحبر آلام وأفراح مدفونة في حنايا الروح والقلب، هكذا اقتحم الشعر عالمها أيضًا لتجمع فيما بعد الأشعار الوطنية والغزلية والاجتماعية في بضع دواوين وتسجل لنفسها بصمة واسما في عالم الشعر. تكتب غالبًا في بيئة هادئة، تترجم صدى وأنين القلب بالصدق والوجدان، بعيدة عن الضجيج ... وعن التصنع والتقليد، فهي تكتب لكل الفئات المجتمع بأسلوب السهل الممتنع.
تربت شاعرتنا في حضن أسرة بسيطة في قرية وادعة الجمال، كانت طفلة مدلله ومشبعة بحنان والدها إلى حين فارقها وهي في سن الرابعة عشر مما جعلها تشعر بالكآبة والقلق فقد فقدت روحاً صادقة كانت تستند إليها وصمام أمان كان يعطيها الدفء والطمأنينة. أكملت دراستها الثانوية في قريتها جيبول ثم انتقلت إلى الجامعة قسم اللغة الإنجليزية ولظروف وعناء الحياة لم تكمل دراستها الجامعية، دخلت فيما بعد إلى القفص الذهبي، وتقول: تزوجت منذ ثلاث سنوات، لست بأم إلى الآن وكم أطمح لأكون وهذا بحكم القدر.
نشرت في العديد من المجلات العربية كما نالت شهادات تكريم عديدة. لها مشاركات في ملتقيات ثقافية في مختلف المحافظات السورية وعدد من اللقاءات الصحفية والإذاعية. في جعبتها ثلاث دواوين شعرية وديوان مشترك واحد بالإضافة إلى عدة دواوين مشتركة الكترونية.
ترياق صالح محمد، شاعرة سورية من مدينة جبلة بمحافظة اللاذقية

نص الحوار ....
لم تطرق الشاعرة ترياق أبواب الشعر بته، فهو مَن بادر إلى اقتحام عالمها فكانت النتيجة إلى الآن، قصائد كثيرة في بضع دواوين:
لم أخُضْ تجربة الشعر عن سابق نية، الشعر هو من اقتحم مخيلتي، كنت بأمس الحاجة لأفرِّغ ما بداخلي من هموم وأحاسيس وعواطف، هنا كانت بداية رحلتي، والشعر حين بدأت بالنشر على مواقع التواصل وبدأت تلاقي قصائدي إعجاب من يتابعني فتشكل حافزاً ومشجعاً لي في بدايتي لذا استمريت وخضت التجربة أكثر فأكثر حتى جمعت قصائد عدّة في ثلاث دواوين تنوعت بين الوطني والعاطفي ومواضيع اجتماعية مختلفة تمس الواقع الذي نحياه بحلوه وشقائه.
أما الصعوبات التي واجهتها في بداياتها، تمثلت في إظهار خلجات الروح التي تسكنها، لكن الثقة بالنفس كانت تدفعها للكتابة لإخراجها إلى العلن. وتقول إنها تجاوزت هذه الصعوبات من خلال نصائح الشعراء/ الأصدقاء:
الأصدقاء الشعراء قدموا لي النصيحة ممن هم الأقدر على صياغة نص مكتمل الجمال بمعاييره الأدبية من حيث الصور الشعرية والإيحاء والتحليق بطريقة التعبير عن الموضوع والنص الذي يلامس شغاف القلب لنصوغه بأبهى قصيدة!

تنسج قصائدها بين جدران العزلة على نار القلب ما يكفي ليتلقاه القارئ بكل شفافية:
اليد ترتعش والقلب ينبض حين تختلي بروحك، ويكون صديقك الأوفى هو قلمك ريثما تنضج القصيدة على نار القلب والوجدان وتقدمها للقارئ على طبق من إحساس فيه من الصدق في التعبير ما يكفي ليتلقاه بكل شفافية بعيداً عن التصنع والتكلف.

تؤكد محمد بأن الشعر والإبداع يأتيان بدون مطالب وشروط، وبالصدق وحده تتجمل القصيدة:
الإبداع لا تصنعه حاله محددة، لكن عمق الإحساس والمشاعر الجياشة هي خلف نجاح القصيدة، الصدق في التعبير أوّلاً وأخيراً هو السر الغامض والكامن في عمق القصيدة وجماليتها.
كم رأينا من شعراء لا يمتلكون شهادات علمية، لكن، الشعر هبة من الخالق تنمو فينا دون أن نخطّط لها عن سابق نية! الشعر ينفرد بأنه يعكس ذاتك التي تتنفس من خلالها وتقول مالا تستطيع قوله من خلال البوح النابع من صميم القلب والروح.

ترى ترياق في الشاعر أنه الأكثر معايشة لهموم الواقع خلافاً عن باقي البشر، تارةً يكون مجنوناً وتارةً أعقل العقلاء حسب مزاجه المتقلِّب:
 الشاعر يملك رؤيةً مختلفة جدّاً حيث يبحر في أحلامٍ تجسد يوميات ووقائع ملموسة من حالات حرب وبؤس وتشرد وجوع. حالات أخرى نعيشها كأشخاص في الخصوص أو العموم من صدمات أو خيبات نمر بها كالخيانة أو حالات الفراق على شكليها البعد أو الموت الذي يسلبنا أعز أحبتنا حينها مع الدموع نسطِّر قصائد رثاء أو مناجاة أو حنين وذكريات تحيا بدواخلنا ولا تأبى أن ترحل كمن رحلوا.
الشاعر يحلق بخياله في حالات الحب السامي، ويرسم الأحلام والأمنيات كما تحلو له أن تكون، تارةً يكون مجنوناً وتارةً أعقل العقلاء حسب مزاجه المتقلِّب في كل حين فلا قانون يحكم الشاعر بأهوائه وانفعالاته المتقلِّبة التي يمر بها بين تارةً وأخرى.

تشير إلى أهمية الشعر على مر التاريخ في تدوين الأحداث والأمكنة في أرشيف الذاكرة:
الشعر يحيي الأمكنة في أرشيف الذاكرة فكم من قصيدة كتبت منذ زمن ليس بقريب ولم تفقد رونقها، تحتفظ بها في أرشيف ذاكرتك وحين تعود لها لاحقاً تعرف ما هي مناسبتها وزمنها ولمن كُتبتْ وما حالتك التي كنت بها حينها، لو كان الشعر حالات وقتية لما رأينا قصائد الشعراء خالدة منذ المئات السنين. الشعر وحده من يعمِّر طويلاً، يرحل جسد الشاعر ويفنى، ويبقى له محفوظاته من دواوين وأشعار تمجد رحلته الحياتية التي مرَّ بها وتخلد اسمه لأجيال متلاحقة ويبقى اسمه محفوراً في وجدان كل متذوق للشعر على مر العصور والأزمان.

لا تكتب ترياق محمد لفئة محددة بل لكافة الفئات المجتمعية:
نصوصي جميعها من السهل الممتنع قريبة لقلب القارئ بأبسط عبارات فأنا لا أكتب لفئة معينة بحد ذاتها، هناك بعض من يقول لكَ لا أحبُّ الشعر لأن لغته غير مفهومة وكلماته تحتاج ربما لقاموس لتدرك معناها، لذا علينا أن نراعي كافة المستويات والثقافات. أنا أكتب لكافة الشرائح المجتمعية وليس غايتي أن يقال بأني قادرة على كتابة نص يحتاج لفك اللغز والمقصد منه. الشعر كلما كان بسيطاً صادقاً سيصل بلا أدنى شك.

المعاني والدلالات لعناوين دواوينها:
الديوان الأول "نداء بلا صوت" عن مؤسسة سوريانا للإنتاج الإعلامي عام 2018 ـ سوريا. هو نداء صامت للأرواح المتعبة التي لا تجد من يسمع شكواها.
الديوان الثاني "في قلبي وطن" عن مؤسسة الكاظمي الإعلامية عام ٢٠١٨ـ العراق. دلالته تعني لا ملجأ ولا حضن ولا أمان ولا دفء بلا وطن، وحده من يسكن قلبي بصدق الانتماء بلدي الغالي سورية.
الديوان الثالث "من وحي قلبي" عن مؤسسة سورينا للإنتاج الإعلامي 2019ـ سوريا. استوحيت من شغاف قلبي كل ما كتبت عن ذاتي وآهاتي ومكنونات فؤادي الحالمِ بالسعادة فكان بمثابة مرآة حقيقية لنفسي قبل كل شيء.
الديوان الرابع هو ديوان مشترك بعنوان "خوابي الحروف" طبع في العراق تحت إشراف مجلة الفنون والآداب الورقية عام 2019 
كما شاركت أيضاً بعدة دواوين مشتركة الكترونيًا

لم تتأثر بالشعراء وإنما بالقصائد فهي لا ترغب أن تكون نسخة عن شاعر:
ليس هناك من شاعر محدد يشدني أو أميل لكتاباته أكثر من غيره، القصيدة هي من تشدني لا اسم الشاعر.
أيّاً كان هناك قصائد حين تقرأها، تشعر وكأنك أنت المقصود بها، كأن الشاعر يكتب حزنك وألمك وهمك أو سعادتك، فالقصيدة هي المغناطيس الذي يجذب القارئ لها بكل عذوبة وشغف 
أن أتأثر يعني أنا أقلِّد وأنا لا أرغب بأن أكون نسخة عن شاعر ما. كل ما أود إيصاله هو روحي في كلمات أنيقة تليق بمن يحب الشعر والإحساس والكلمة الطيبة والجميلة.

لا تؤمن بتصنيف الأدب إلى أدب المرأة وأدب الرجل:
الأدب ما كان حكراً على جنس معين سواء رجل أو امرأة، لكن طريقة التعبير تختلف، المرأة تحكمها عواطفها فهي كتلة من المشاعر المتَّقدة تبدو ضعيفةً تارةً في كتاباتها وأخرى تبرز أنها قوية قادرة على التعبير والمواجهة بينما الرجل قلَّما يُظهر ضعفه في مناجاته، وانكساراته. المرأة والرجل يكمِّلان بعضهما البعض فلِمَ نضع كل منهما في بوتقة خاصة بأحدهما.

نصيحتها للمرأة: على المرأة أن تثبت ذاتها وتظهر كل جوانب النجاح التي تكمن بشخصيتها أي هي طموحة ومثابرة وتسعى للأفضل
نصيحتها للمرأة الشاعرة: بالنسبة للمرأة الشاعرة، أقول هنيئاً للشعر بك، رغم كل صعوبة تواجهك لا تقفي مكتوفة الأيدي، دعي قلمك يصرخ ويثبت أنك أنثى مختلفة قادرة على التعبير مهما كان الظرف.

الختام...
في ختام هذا الحوار الشيق والأسئلة الشاملة لا يسعني سوى الشكر لك أستاذ خالد ديريك كانت أسئلة متنوعة شاملة تدل على ثقافتك وإلمامك الواسع حول كل شاعر تحاوره أرجو أن أكون وفِّقت في الإجابة.
.........
صحيفة صدى المستقبل
العدد 131


7
عصمت دوسكي : ستبقى المرأة هي القصيدة التي لم تكتب بعد !
وحينما اكتب عن الفرح يتسلل الحزن فيه .
لا يرد دوسكي على النقد السلبي، ويهمه العوالم الإيجابية :
حوار أجراه: خالد ديريك
بدأ بكتابة الشعر في الثامنة عشر من العمر، وفي نفس العام نشرت قصائده في الصحف والمجلات العراقية والعربية. يوصف بشاعر الحب، الفقراء، الإنسانية، فهو يستحق الألقاب الثلاثة فالمرأة بالنسبة له كائن مثير ولغز عجيب، وهي بمثابة الوطن! ولا يبخل بقلمه تجاه الفقراء والمقهورين الذين يعانون البؤس والحرمان سواء أكانوا في ظل الحروب أو حكم الطغاة أو الحكومات الفاسدة وما ينتج عنها من المآسي والمظالم، زد على ذلك، قلمه يتجاوز حدود الوطن ليلامس آلام الناس في مختلف بقاع العالم، فهو شاعر إنساني يود أن تصل رسالته للعالم أجمع رغم ذلك يشعر بالمرارة والتهميش فلم ينصفه أحد، فلا يمكنه اجتياز الحدود لتردي وضعه المعيشي، رغم هذا الانعزال غير الطوعي يكتب بغزارة للحب للفقراء للوطن للإنسانية، والحزن والوجع يجتاح كتاباته فهو مقتنع بأن بالكلمة وحدها يمكن أن ترقى بالأمم. أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مدينة الموصل، وحصل على شهادة المعهد التقني، قسم المحاسبة –الموصل وهو عضو في اتحاد الأدباء والكتاب العراق، ومستشار الأمين العام لشبكة الإخاء للسلام وحقوق الإنسان للشؤون الثقافية. شارك في مهرجانات شعرية وأدبية عديدة في العراق حصل على دروع وشهادات تقديرية للتميز والإبداع من مؤسسات أدبية مختلفة. وحصيلة جهده الأدبي المطبوع والمخطوط 18 ثمانية عشر كتابًا بين الشعر والنقد الأدبي. عصمت شاهين دوسكي من مواليد 1963 م من محلة شيخ محمد التي تقع وسط مدينة دُهُوك في إقليم كُردستان ـ العراق.
حول الإصدار الجديد " القلم وبناء فكر الإنسان " رؤية أدبية عن قصائد الشاعر عصمت شاهين دوسكي للأديب أحمد لفتة علي ومواضيع أخرى أجرينا هذا الحوار معه
 نص الحوار ....
* صدر مؤخرًا كتاب " القلم وبناء فكر الإنسان " رؤية أدبية عن قصائد الشاعر عصمت شاهين دوسكي للأديب أحمد لفتة علي، عن المراحل التي مر بها الكتاب وفكرة ولادته، وما يحمل بين دفتيه، صرح دوسكي قائلًا: * كتاب " القلم وبناء فكر الإنسان " مر بمراحل عديدة وزمن طويل أكثر من سنتين، وكان الأديب والإعلامي الكبير أحمد لفتة علي يكتب بفكر عميق عن قصائدي وفي نفس الوقت بعفوية وصدق ودقة متناهية وبفكر ورؤية إنسانية معاصرة. الكتاب يعتبر مصدر فكري وثقافي مهم وموجز، سلط الضوء على الأفكار والمضامين والمعاني الإنسانية في طرح رؤية بناء الإنسان فكريا وأخلاقيا وتربويا. ولادة الكتاب أتت بعد جهد ذاتي من الأديب الكبير أحمد لفتة علي، علمًا لم أراه شخصيًا، تعارفنا مازال عبر الفيس بوك، وقد تحمل كلفة طبع الكتاب ونفذ غلاف الكتاب الفنان التشكيلي السبعيني نزار البزاز وكتب المقدمة الكاتب أنيس ميرو ويضم الكتاب قسمين ، القسم الأول نقد فكري وأدبي لبعض قصائدي والقسم الثاني شهادات أدبية وفكرية من أدباء من دول عديدة ومنهم ( الأديبة المحامية نجاح هوفاك من " ألمانيا " والدكتورة عدالة جرادات من " فلسطين " والأستاذة الإعلامية هندة العكرمي من " تونس " والأديب الصديق الأيسري من " المغرب " والفنان التشكيلي سالم كورد من " السويد " ). في الإصدار الجديد " القلم وبناء فكر الإنسان " أشار المؤلف بأن دوسكي يستطيع توظيف الجمال والعشق لخدمة قلمه، فماذا تعني المرأة بالنسبة للشاعر، وبماذا وصفها؟ وهل استطاع أن يصل إلى أعماقها وبالتالي إخراج لآلئ من بحر عظمتها وأنوثتها وإنسانيتها: المرأة كائن جميل ومثير ولغز عجيب، فهي مصدر الرقة والجمال والرحمة والحنان والدفء والعطاء وفي نفس الوقت مصدر الجرأة والتمرد والجنون، ومصدر التحمل والصبر والعناد، فهي وطن! فما أجمل المرأة حينما تكون وطنًا تلجأ إليه دائمًا، كتبت عنها الكثير، وعلى لسان حالها، فلها إحساس لا يوصف وجمال أخاذ يجبرك على الوصف، وتحمل من الجواهر واللآلئ الكثير والنفيس وليس من السهل التعمق والتبحر في أعماقها ! فأنوثتها أسوار لا يجرأ من التقرب إليها إلا من كان جديرًا وجريئًا ومتحملًا، فهي لا ترفع الراية البيضاء إلا لمن تراه قويا بأفكارها وروحها وإحساسها وكينونتها، وحتى حينما ترفع الراية البيضاء ترفعها بعنفوان وإرادة وتجسد شخصيتها ووجودها وتأثيرها في كل الحالات، ولو كتبت عنها آلاف القصائد لا تنتهي ستبقى هي القصيدة التي لم تكتب بعد. وهذا مقطع من قصيدة" أحكم الدنيا بكلماتك ".
(( أذوب خجلا من تقف على أبوابي لا تقف،
أقسمت روحي لك
لولا إني امرأة لطلبت من كل سجان أن يسجنك
لولا التاج على رأسي
لقلت لكل النساء أنا أميرتك
أنت تملك قلبي، فرحي، جنوني
وكل سعادتي من سعادتك
نعم يا شاعري المغترب شهد أنوثتي
يتسلل بحنان لخليتك
وأظافري تترك دماءً على كل بقعة من جسدك
أنا ملكة على عرش قصائدك
أتحدى كل نساء العالم إن كن مثلي يحملن عشقك
أنا دكتاتورية في الحب
ولا أحب أن يشاركني أحد في حبك
ولا في خيالك ولا في أحلامك
فأنا ملكة أحكم الدنيا بكلماتك
وأنا متوجة منذ ألف عام على عرشك
ولا أتنازل لحظة عن حبك ...)).
* يقول مؤلف الكتاب : دوسكي بين نقاء الإنسانية ونبض الإبداع * واقع بين حروب وجوع ونزوح ... إذن، هل دوسكي يشعر بالفقراء والمظلومين ويكتب قصائد جريئة بحق الطغاة والمفسدين؟ جاء رده على الشكل التالي :
الشاعر بإحساسه وفكره وخبرته وتجاربه يمهد لكل جمال وتألق وإبداع شعري، إنساني، حضاري، يترجم أدق الحوادث والأزمات وينفذ إلى دقائق النفوس والآهات والأنات والحرمان والفقر والبؤس في واقع مليء بالتناقضات والإرهاصات والمكابدات والمعاناة خاصة في هذه البقعة التي امتلأت بالحروب والخراب والدمار والويلات والنزوح والهجرة والتشرد، وما عانته الإنسانية من الظلم والقتل والإرهاب والنفي والإقصاء والاغتصاب بل وحتى بيع أعضاء البشر وغيرها من صور الكوارث التي محت من الضمير والرحمة والإنسانية بإحراق الأراضي الدونمات من الحنطة والشعير وتهجير العقول وإدخال المواد السامة والفاسدة والتجارة فيها وتوزيع المخدرات والحشيش وزراعتها علنًا أمام أعين الناس بلا رقابة وبلا حساب كل هذا أدى إلى الفساد وبسط الجهل وترويج ثقافة راكدة، فثقافتنا الآن تحتاج إلى ثقافة أخرى رائدة لتصقلها وتطهرها من الشذوذ والشوائب الكثيرة. وهذا مقطع من قصيدة " ماذا تبيع يا ولدي ...؟ "
(( ماذا تبيع يا ولدي ...؟
الجبابرة باعوا كل شيء
حتى العشق باعوه بلا ماعون
ماذا تبيع يا ولدي في زاوية الدار ...؟
فالفقر يجري فينا كمس مجنون
ماذا تبيع يا ولدي في (صينية) الزاد ...؟
ألم يبقى طعام في البيت ليأكلون ...؟
ماذا تبيع يا ولدي
لم يبقى شيء في البلاد لم يباع
حتى الضمير المكنون ...؟ )).
* تناول مؤلف الكتاب قصائد عديدة للشاعر دوسكي منها قصيدة "عفرين" وأيضًا رواية " الإرهاب ودمار الحدباء" عن هذا الجانب أجاب :
قصيدة عفرين كلمة ورسالة للإنسانية فعفرين كباقي المدن المجروحة التي ظلمت وخربت ودمرت مثل مدينة نينوى وغيرها وحينما لم يكن بيدك سلاح فأفضل سلاح فتاك هو الكلمة فمسؤولية الأديب أن يكشف للعالم ماذا يجري هنا وهناك وقد كتبت ( رواية الإرهاب ودمار الحدباء ) التي تعتبر وثيقة تاريخية عن بعض أحداث نينوى ولو صدرت في الخارج لاعتمدوها كوثيقة أدبية تاريخية وربما تجسدت في فلم سينمائي ، ما زالت قصيدة عفرين تناقلها القلوب والعقول ويتصلون بي لأرسلها لهم والأستاذة السورية " أمينة عفرين " أعدت ونفذت وأخرجت فيديو للقصيدة وهي في قناتي الخاصة على اليوتيوب فالقلم والبندقية فوهة واحدة وربما يكون تأثيرها أقوى وأشد.
قصيدة عن عفرين
(( أصبح للكلاب حقوق... وللقطط بيوت من لبلاب...
وللحمير جواز مرور... وللقرود عرس وسرور بين لألئ وموز وأطياب وما زال الإنسان.... يدمر، يشرد، يغتصب... يهجر الروح فوق السحاب
ما زال الإنسان يسلخ جلده.... تابعا بلا جلد... ويشعل ترابا فوق التراب ... عفرين.... زيتك العفريني خلف خنادق وأسوار... غدروا، قطعوا، هجروا الشعاب
ما بال " نبي هوري " خالية... يبكي التراب على التراب ... ؟
"ما بال " عين دارة " ... أ حجار تواسي أحجار .... وتمسح غبار الأغراب  ؟
ما بال " سمعان " بلا عيون .... بلا بريق، بلا حبيب، بلا أحباب ؟
 يا ضحية النهى .... يا وجع الفؤاد.... يا سيدة الزيتون.... لست أرض على الأرض.... بل آية الله، يطويها الضباب
عفرين عودي إلي لا تحزني.... يوم الزيتون آت.... والحب والجمال آت... وستفتح كل الأبواب.... وستفتح كل الأبواب  ))
نبي هوري، عين دارة، سمعان: مناطق أثرية سياحية // عفرين مدينة كوردية في سوريا
*سلط المؤلف الضوء على روائع دوسكي الإنسانية، فالشاعر عصمت لا يكتب عن فئة معينة وإنما عن الإنسانية جمعاء، فهل تصل رسالته إلى العالم؟ وهل أنصفته جهات معنية، حيث قال :
لكل شاعر إنساني رسالة يحب أن يوصلها للعالم، للإنسانية بلا حدود وقيود، ولكن ضنك العيش وعدم وجود إمكانية للسفر وإقامة أمسيات ومحاضرات فكرية خارج كوردستان والعراق رغم أن الدعوات تأتيني من تونس ومصر والمغرب وغير الدول، ولكنني لا أملك ثمن تذكرة السفر للذهاب والإياب كوني أولًا بلا عمل منذ أكثر من خمسة سنوات بسبب أوضاع الموصل، وبعد لجوئي إلى دهوك استمر الحال رغم الوعود الكثيرة من المسؤولين والشخصيات لإيجاد عمل لي، وبعد مرور الزمن اكتشفت إنها مجرد وعود وكلمات. لم ينصفه أحد: لا أحد أنصفني حتى اتحاد أدباء دهوك يرفض إعطاء هوية الانتماء له لأني أكتب بالعربية، هذه أبسط الأمور رغم أنني منذ الثمانينات حاصل على هوية اتحاد الأدباء والكتاب العام في العراق. نحن ما بيننا لا نرحم بعضنا فكيف سيرحمنا الآخرون ...؟ نزح من مدينة الموصل إلى مدينة دهُوك بكردستان العراق، لكنه لم يظفر إلا بالقليل من الفرص الأدبية والثقافية هناك، ووضعه المعيشي لا يزال سيئًا، وترجع الذاكرة به إلى الخلف، فيقول: مدينة دهوك هي مهد أمي وأبي وما زلت أتذكر كيف كنا نحيا في أزقتها البسيطة النقية في الستينات وكنا نلعب في الحارة مع أطفال المسيحين واليزيدين وباقي الأطياف الأخرى ولم نكن نهتم هذا من أي طائفة بل كنا نحيا بنقاء وتعايش وأمان وسلام ،والنفوس والرحمة والكرم كانت في ذروة التواصل الإنساني رغم إني لم أفارقها أبدا حيث كنا نزور الأقارب والأهل والأصدقاء بين حين وآخر رغم وجودنا وانتقالنا لمدينة نينوى منذ نهاية الستينات وحتى حصولي على دبلوم محاسبة في مدارسها ولكن بعد دمار بيتي وسيارتي ومكتبتي وأرشيفي في حوادث الإرهاب رجعنا إلى دهوك وأقمنا فيها ولكن شتان بين أعوام الستينات والسبعينات وبين حاضرها الآن حيث تجلى بنيان العمارات والمظاهر العصرية وفي نفس الوقت تدنى البنيان الإنساني بصورة كبيرة حيث الكذب والحقد والغيرة والأنانية وأقرب الناس يغتصب ورثك وأرضك وأفكارك ولا أشمل الجميع فلو خُليت قُلبت، وأشكر الأستاذ المهندس المدني سربست ديوالي أغا الذي وقف في جانبي وكذلك الدكتور حميد بافي وبدل رفو واحمد لفتة علي وأنيس ميرو وعلي سنجاري وسالم كورد ونزار البزاز وغيرهم من الطيبين. من الناحية الثقافية نعم استفدت ولكن قليلًا ليس بمستوى الحلم الذي أريده، أما المعيشية ليس لي وارد مالي أعيل به عائلتي فما زلت بلا عمل رغم الوعود الكثيرة، لكنها وعود كلمات وليست وعود أفعال. مخطوطات مكدسة تحتاج إلى الطبع: أنا الوحيد ربما الذي كتب نقدًا أدبيًا لأكثر من (150) شخصية كوردية أدبية شعرية وفنية وقصصية وتشكيلية كلاسيكية ومعاصرة ومنهم موجودين في مدينة دهوك ولكن مع الأسف يطبقون المثل القائل (أنا والطوفان بعدي). لست نادمًا لكني أتألم لما وصلنا إليه. هناك كتب حاضرة للطبع عن الأدب الكلاسيكي الكُردي وعن المرأة الكُردية بين الأدب والفن التشكيلي حينما تعرضها على مؤسسة ثقافية من أجل الطبع يقولون " أزمة مالية " وهذا تناقض مؤلم حيث الطبع لا يكلف سوى 600 دولار أو أقل مقابل الحفلات والليالي الساهرة التي تكلف 5000 ألاف دولار أو أكثر، ما أعنيه إن التوجه للفكر والثقافة شبه ميت أو موت سريري روتيني إلا ما ندر.

تطفو نبرة الحزن على معظم كتاباته بسبب ما تعانيه المجتمعات من المظالم: الحزن صوت تسمع أنينه الملائكة، صوت الفقراء والأتقياء والعظماء والأنبياء، عشنا وما زلنا نعيش على أرض عليها الأوجاع والآلام والمعاناة والأزمات والحروب والخراب والتشريد والتهجير والنزوح والفقر والحرمان إضافة إلى الجهل والفساد والركود الثقافي والاقتصادي وغيرها من التناقضات الإنسانية فكيف لا يأخذ الحزن مساحة طافية في كتاباتي حتى حينما اكتب عن الفرح يتسلل الحزن فيه، وكما يقول المثل " كل إناء ينضح بما فيه ". فالوجع والحزن يجسد نفسه خلال كلمات فيها الإحساس والصدق مثلا قصيدة " أنا بلا عمل " التي تتحدث عن البطالة وهجرة الشباب للبحث عن عمل. أقول في مقطع منها.
(( أنا بلا عمل
في جعبتي الحب
والجمال والسلام في حروفي أجمل
في صدري ورودا وأزهارا
وفراشات تحمل رحيق العسل
في خاطري شلالات إبداع
ونساء وملكات حُلٍلْن بلا حُلَل
في وطني بسطاء بلا نفاق وشقاق ومنعزل
لا أركض وراء شهادة ورقية
أنا الشهادة، أنا الهوية، أنا الأجمل
فهل تبحث لي عن عمل
أم أحمل وطني وأرحل ...؟ )).
* لا يرد على النقد السلبي، ويهمه العوالم الإيجابية :
ما بين التراكمات الزمنية والعولمة التي غيرت النفوس والعقول تجد النقد " التسقيطي، التحطيمي " غايته أن يحطم الجمال والمحبة والإبداع، ومن شدة كرهه وحسده وغيرته يتخبط حتى في نقده ومثل هؤلاء لا أرد عليهم فسمومهم تقتلهم، وهذا أيضا يمدني بطاقة متجددة لأكتب أكثر، وأنظر إلى العوالم الإيجابية الجمالية والإبداعية المشرقة المفعمة بحب الناس وعنفوان الوطن أكثر.
* لحظات انطلاق القصيدة لديه :
القصيدة تولد من الإحساس بالأشياء ربما رؤية وردة جميلة وسنبلة منحنية أو دموع طفل وامرأة واهنة ووطن جريح، مرات عديدة يسألونني كيف تأتيك أفكار القصيدة فأقول لهم: الأفكار موجودة بيننا وحولنا، في محيطنا، بيئتنا وعالمنا ولكننا مشغولون عنها، فالأفكار لا تتبعك بل أنت من تتبع وتبتكر وتجدد الأفكار، والإحساس عندي أهم شيء في القصيدة وبلا إحساس تكون القصيدة بلا روح بلا طاقة بلا تأثير.
* الفيديوهات الشعرية بالنسبة له هي النافذة التي توصل من خلالها رسالة الإنسانية إلى العالم :
حينما أجد نافذة توصل من خلالها رسالتي الإنسانية إلى العالم ألجأ إليها وبصراحة خبرتي قليلة في إعداد وتنفيذ الفيديو في البداية كانت ابنتي هيلين ولكنها تفرغت للدراسة وهناك أصدقاء من المغرب مثلا الأستاذة الإعلامية وفاء المرابط والدكتورة حنان والأديب المغربي الصديق الأيسري والأستاذة وفاء أحمد والصديق الفلسطيني خالد الأغا والصديق السوري المقيم في السعودية الأستاذ أكرم عز الدين والصديقة السورية أمينة عفرين جزيل الشكر لهم جميعا هم من نفذوا وينفذوا أشرطة الفيديو وأنا انزلها في قناتي اليوتيوب كنافذة إعلامية أدبية شعرية ولا أنسى صحيفة " واحة الفكر Mêrga raman " الغراء تنزل في صفحاتها أشرطة الفيديو الشعرية الخاصة بقصائدي شاكرًا لهم هذا الجهد الإنساني الكريم.
* الإنترنت والصحف أيضًا صلة الوصل بينه وبين العالم :
صوتي يصل عبر الإنترنت والصحف الورقية المنتشرة في كندا وبلجيكا ودانمارك والسويد وغيرها إضافة إلى العربية والمحلية وبإمكانك أن تقول أنا معروف في الخارج أكثر من الداخل !
* أهمية الكلمة والكتاب لدى الأديب دوسكي :
ذات يوم سألني شخص قبل أن أبدأ أمسيتي الأدبية في دهوك قال : إن أي كتاب هو مجرد كلمات فلماذا تصدرون كتبكم. هي كلمات فقط ؟ فأجبته  بما قاله الحسين عليه السلام للوليد ممثل يزيد بن معاوية عن الكلمة وقيمة الكلمة، فقلت له: أتعرف ما معنى الكلمة ...؟ مفتاح الجنة في كلمة، ودخول النار على كلمة، وقضاء الله هو كلمة، الكلمة لو تعرف حرمة زاد مذكور، الكلمة نور وبعض الكلمات قبور، بعض الكلمات قلاع يعتصم بها النبل البشري، الكلمة فرقان ما بين نبي وبغي، بالكلمة تنكشف الغمة فالكلمة نور دليل تتبعه الأمة، عيسى ما كان سوى كلمة أضاء الدنيا بالكلمة، الكلمة زَلزَلت الظالم، الكلمة حصن الحرية إن الكلمة مسؤولية إن الرجل هو الكلمة، شرف الرجل هو الكلمة، شرف الله هو الكلمة.
سبل زرع حب الكتاب في النفوس :
نحتاج إلى القراءة كحاجتنا إلى الزاد والماء، فالطعام لبناء وديمومة الجسم أما القراءة لنمو وديمومة ووعي العقل والقلب، إرضاء جميع الأذواق صعب أما التشجيع على القراءة ليس صعبًا وهذا ما أوصي به دائما أولًا نفسي ثم الآخرين، أول كلمة نزلت على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "  أقرأ ." وهذه رسالة وتوجيه وإرشاد سماوي إلهي، وفي الكتاب المقدس الإنجيل " قرأوا في السفر " " وفسروا المعنى وافهموهم القراءة " سفر نحميا 8: 8 " كذلك " تظلون إذ لا تعرفون " إنجيل متي 22:29 فالقراءة والمعرفة والوعي مهم جدًا لكل فرد ومجتمع ، حينما فتح أول صالون أدبي مختص في دهوك " صالون قوبهان الأدبي " كنت أول ما كتب عنه ونشره في الصحف المختلفة وكتبت العديد من القصائد عن قيمة العلم والقراءة وقد ألقيت قصيدة " نعمة العلم " في حفل تخرج طالبات المعهد الصحي العالي – الموصل والمكان البديل – دهوك في قاعة شندوخا ، ومقطع منها أقول:
(( أنعم َعلمٌ إنعاماً حتى لمسَ فاها
تنطقُ الكلمةَ كالشهدِ، ما أحلاها 
ينزلُ الإلهامُ، يُطاوعُ النُهى
ليناً مع الفكرِ دون مداها
عليمةٌ من تأملت الحاضر أملاً
وارتوت من الأملِ شوقاً أحياها
لا تدري هي من عشقت علما
أم العلم عشق كل ما هواها ؟)) .
* أبدى رأيه بإسهاب عن أسباب قيام المظاهرات الأخيرة في العراق: العراق منذ أزمنة طويلة وهو من أزمة إلى أزمات من تراكم إلى تراكمات في الفكر والجهل والإدارة وكلما نهض قليلًا أتته أمواج صفراء هابه من الخارج طمعًا وحقدًا وحسدًا مرة باسم الدين ومرة باسم الحرية ومرة باسم الديمقراطية ومرة باسم الإنسانية تعددت المسميات والعناوين والهدف واحد تحطيم البنية التحتية العمرانية والإنسانية للسيطرة على ثرواته وأنهاره ومعادنه النفيسة ، فالمحتل يأخذ صور كثيرة ومنها أن يكون من أهل البلد محتلًا يبسط الفقر والجهل واللا مبالاة في فوضى الفكر والثقافة والاقتصاد والزراعة والصناعة والسياحة والتربية والعدل. وحينما نسأل عن سبب المظاهرات يظهر الحل حينما ترفع الأسباب التي أدت إلى قيام المظاهرات، ومنظمة هيومن رايتس ووتش " منظمة حقوق الإنسان " أجابت بصورة الأرقام عن سبب مظاهرات الشعب مفسرة حالة العراق خلال الأربعة عشر عامًا من الأعوام الماضية وهذه هي الإحصائية: ٣ ملايين و٤٠٠ ألف مهجر موزعين على ٦٤ دولة. ٤ ملايين 1٠0 ألف نازح داخل العراق. * ١ مليون و ٧٠٠ ألف يعيشون في مخيمات مختلفة. * ٥ ملايين و ٦٠٠ ألف يتيم (أعمارهم بين شهر - ١٧ عاماً). *(٢ مليون أرملة (أعمارهن بين ١٥- ٥٢ عاماً (. * ٦ ملايين عراقي لا يجيد القراءة والكتابة (البصرة وبغداد والنجف وواسط والأنبار في الصدارة (. * نسبة البطالة ٣١٪‏ (الأنبار والمثنى وديالى وبابل في الصدارة تليها بغداد وكربلاء ونينوى). * ٣٥٪‏ من العراقيين تحت خط الفقر (أقل من ٥ دولار (. * ٦٪‏ معدل تعاطي الحشيش والمواد المخدرة (بغداد في الصدارة تليها البصرة والنجف وديالى وبابل وواسط (. * ٩ ٪‏ نسبة عمالة الأطفال دون ١٥ عاماً. * انتشار ٣٩ مرض ووباء أبرزها الكوليرا وشلل الأطفال والكبد الفايروسي وارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية. * توقف ١٣ ألف و٣٢٨ معملاً ومصنعاً ومؤسسة إنتاجية. * تراجع مساحة الأراضي المزروعة من ٤٨ مليون دونم إلى مليون دونم. * استيراد ٧٥٪‏ من المواد الغذائية و٩١ ٪‏ من المواد الأخرى. * التعليم الأساسي في أسوأ حالاته (١٤ ألف و٦٥٨ مدرسة تسعة آلاف منها متضررة و٨٠٠ طينية والحاجة إلى ١١ ألف مدرسة جديدة (. * الديون العراقية ١٢٤مليار دولار من ٢٩ دولة. * مبيعات النفط (٢٠٠٣-٢٠١٦) ألف مليار دولار لم تسهم في حل أي مشكلة من مشاكل العراقيين! المصدر: ‏Human Rights Watches Organization منظمة حقوق الإنسان "هيومان رايتس وتش". هذه هي أسباب المظاهرات الشعبية الثائرة. ولو حلت لا تبقى مظاهرات.
* يختم الشاعر الأديب عصمت شاهين دوسكي حوارنا معه بالقول:
القول كثير ولكن أوجز القول : العدل والتسامح والتعايش السلمي والتربية الخلاقة وتقبل الآخر والتواضع من شيم وصفات الأنبياء والعظماء وعلينا التعلم الأثر ونبذ الحقد والأنانية والحسد والكره فكلنا أولاد آدم وحواء فحينما نسن فكرة جميلة وتصرف وأسلوب جميل فهذه السنن تتناقل بين أفراد حتى لو كانوا قلة من هذه القلة تنتشر وتأخذ دورها الريادي في فكر المجتمع، وعلى الدولة أن تهتم بعلمائها وأدباءها ومفكريها فهم يحملون نور الحضارة الإنسانية المعاصرة وتجديدها، فأي دولة لا تهتم بهم تعتبر واهنة ضعيفة الجوهر والوجود. شكرا جزيلا لجهودك الأدبية والإعلامية وتسليطك الضوء على المفكرين والأدباء والفنانين وغيرهم وهذا الجهد لا يقدر بثمن بكل المقاييس المادية فأنت تسجل تاريخًا مشرقًا للحاضر والمستقبل ولكل الأجيال.


8


الشاعر (زبوناته علي) ينخر على صخر التراجيديا ليفاجئنا بعناصر الدهشة ...
في ديوان "معاناة الورد والنزوح إلى ذاكرة المخيمات"

بقلم: خالد ديريك
 
للحرية أثمان، لا أحد يقدم الحقوق على طبق من الفضة، وغريزة التملك والاستحواذ ترافق الإنسان منذ الخليقة، وإن اختلفت درجتها ومعاييرها. ما نراه من القتل والدمار على وجه البسيطة هي من نتاج تلك الغريزة، ومن انعدام الثقة والضمير والعدالة، وسيطرة الجهل والأنانية والمادية بدلًا من العلم والأخلاق والعدالة والمساواة... إلخ.
وللعشق أيضًا صولات وجولات، مرتبطة ببعض الصفات أعلاه، وما نتج عبر تاريخ المجتمعات من العادات والتقاليد التي في بعض منها تكون صارمة، حازمة، أي منها قصص تنتهي باللقاءات والابتسامات وأخرى تصطدم بالواقع السيء تكون النتيجة مأساوية، أو القدر يصاحب الروح فيغيبها. وشاعرنا الثائر والعاشق سيترك الوطن، ينضم إلى قافلة النزوح، يعاني المسافات، وهول رحلة الاغتراب، سيموت عشقه جسدًا ويبقى روحًا معلقًة على بوابة الذاكرة، يعود بها ويحيي الأمل في مخيلة القادمين على طريق الزمن. هذه المختصرة عن فكرة الديوان، الذي أتحفنا الشاعر بلغته الشعرية الثرية، الممتعة.
فالشاعر في هذا الديوان، يوظف اللغة في خدمة الشعر بأروع ما يكون، ويترجم رحلة الهروب والاغتراب، المسافات والمعاناة، بحسه الشاعري ومخزونه الثقافي العميق إلى لوحات مزركشة، ينتقي المصطلحات المناسبة لتركيبها على متن قصائد في غاية الجمال، قصائد تجر حمولة الوجع والغياب والخيبات، يحول الحطام إلى الأمل، ويعلقه على جبين الذاكرة.
كما يستحضر في نصوصه أحداث وتواريخ وسير العشاق والمدن والمناضلين والمقاتلين الكورد باللغة الكردية بشكل مختصر، يستحضر التاريخ الكردي المرير، المليء بالثورات والبطولات والحسرات، مناديًا الجبال الشاهقات، ليرفع الأحرار شعلتهم على ذراها، وأن نوروزًا آخر آت لا ريب منه.
يفتتح الديوان أبوابًا من الوجع من البداية إلى النهاية، وقليل من الأمل، حيث معاناة الورد والحب والحلم إلى ذاكرة النزوح في المخيمات بتعبيراته وإيماءاته وإيحاءاته الوجدانية والرمزية والغزلية. يقرع كل أبواب الشعر لإتيان بـ لآلئ الكلمات من إبداعاته. شاعر رزين، يتفنن في هندسة اللغة لخدمة الشعر، ينبعث من بين أصابعه شلالات الدهشة. ونصوص مختلفة الدلالات وجريئة وبعض الآخر متمردة. وتحمل من قوة وحداثة وجزالة لغوية، إبداعية الكثير، ومحشوة بعواطف ولغة فلسفية أحيانًا أخرى، نصوص كألغاز، يعتمد على تكثيف الصور، رغم ما يحمله الديوان من الآلام.
إنه ينخر على صخر التراجيديا ليفاجئنا بعناصر الجمال والدهشة في كل سطر.

نوروز: عيد رأس السنة الكُردية/ العيد القومي الكُردي، ويحتفل به شعوب أخرى في المناطق المجاورة للكورد.
..................................


في أحد المقاطع يقول:
ويهمس الآخرون …ينادون آزادي آزادي
لأجلك عانينا ألم الورد في الصقيع
وهربنا من الحلم
كان جرحا ينزف في الظلام
أقصدك وقصدتك يا دوميز
نصبت أشرعة وخيام،
تأخذني هديلا على هديل.

المقطع أعلاه، يشير إلى محاولة للحلم في التحرر من المظالم (والحلم هنا ...الحرية) والتي من أجله ذبلت الورود كثيرة واختفى عطرها. ظنوا أن ما كانت كالحلم في يوم ما، بدأت تسلك مسار التحقيق، لكنهم لم يتوقعوا أن الحدث سيضيف ألمًا على الألم وجرحًا على الجرح، وسيتسبب بكوارث لم يتوقعها الكثيرون منهم، لتنزف الروح عويلًا على منصة الخيبات المتتالية. يتدحرج الحلم ويتحول إلى المأساة في محنة العابرين إلى رحلة الاغتراب. وفي مخيم دوميز، يبقى الحلم مرافقًا وملازمًا لروحه وقلبه وعقله مشبهًا كَهديل لحمام في كل حين تحوم مع سرب حول خيمته (خيمة الشاعر)، ومن خيمة اليأس هذه ستنطلق الحسرات الممتدة إلى عمق التاريخ والجغرافيا!

آزادي: تعني الحرية باللغة الكُردية
دوميز: هو مخيم للاجئين الكُرد والسوريين في كُردستان ـ العراق
............

على بعدٍ من شاريا إلى قامشلوك
أوقظ ُ اللحظات
وأنا عائدٌ من خارطة الشريدِ،
أرسمُ سرابا ًعلَّ يشبهكَ
فيخلعني المكان.
أسيرُ عاريا ً
يتساقط ُ مني البرد
وكثافة الحنين
الهائج بصمت الاغتراب.
أرتحلُ شتاتَ الورد
في وجهكِ الضبابي زحمَ النداء،
ويزرعنا العشبُ
شارة ً لكلِ طريق.

بفعل هواجس وهموم الاغتراب، من مخيم الصقيع والمعاناة، يجتاحه الحنين لمدينته، يعبر عن كمية دموع الوجع واختلاجات الفؤاد. الحنين إلى مدينته قامشلو/ قامشلي التي يصفها بـ قامشلوك تصغيرًا أي حبًا لها، فالشاعر يسرح في الخيال، وينسى بعض من هموهه وآلامه، ولا يصدق أنه ترك مدينته وأصبح مقيمًا في خيمة صغيرة تجتاحها الغبار، تتحول المخيم في نظره إلى قامشلو، لكن سرعان ما ينتبه إلى واقعه ويعود خالي الوفاض فالخيال لن يغير شيئًا، تدونهما (الحرية، والعشق) القلم والذكرى والمحنة عنوانًا لمعاناة العشب والورد.
.......

حين يتنصتك ســـرب الجهات

كدموعٍ مبللة بالمناديل

أشدﱡ بقامة الهروب

حتى عادت الأساطير توقظني

في محنة زورق الغياب

أكاد أشبهك جرحاً على جرح.

في خيمة اللجوء والنزوح يطل الشاعر من نافذته على الأفق، يتأمل جهات وطنه، يدون ما عاشه ويعيشه من ظلمات الواقع والقدر الملاحق له ولحبيبته ولشعبه، يترجم واقعه، شجونه، مصائبه إلى الواقع باللغة الشعرية الوجدانية الحسية.
محنة الغياب تؤرق كاهل المحب، العاشق، الإنسان، فالجهات تصبح واحدة، لعل وعسى تومض شارة قدوم حتى ولو على شكل الأسطورة، فالدموع بللت المحيا والمآقي يذرف باستمرار، والهروب من الواقع أشبه بالجنازة. الفقد والغياب صنوان لا يفترقان حتى ولو كان للأخير أكثر وقعًا وتراجيديا. لكن الجرح يبقى إلى أن يعود أو ينسينا الزمن.
..........

كاك زبوناته: لست َوحدك َ مَن يدرب الحمائم في أفق الكلمات،
كي تأتي إلينا برسائل النوروز.
لستَ وحدكَ مَن يزرع القمح في براري يأس العناوين،
حتى نحصدَ قصائد الحرية،
ولستَ وحدكَ مَن أسكنَ في خِيم النزوح و....
و....وهجرتَ كتاباتِكَ في قامشلوك.
هناك..................؟ هناك..................؟
هناك لجهة (الجبال المروية بالدم)
مَنْ أسكن َ الكهوف وعانى الصقيع،
كان جرحه ينزف في الظلام
وقد علق على كتفه الشمالي بندقيته
وبيده الأخرى لفافات تبغ ٍ وجعبة لبن،
كان يحتمي بأنفاسه المتعبة بالعشق
خلف ذهنية صخرة
يتأمل بـ (آله ره نگي) ترفرف يوما ً ما
في سماءِ قريته.

يقول الشاعر في نجواه، لست وحدك الذي يكتب عن هموم وحلم الوطن لتذكرنا بتاريخ الشعب الكُردي، ولست وحيدًا من يزرع بذور الأمل في النفوس المتعبة، ولست النازح والشريد الوحيد، وليس أنت وحدك فقط بالشاعر المهاجر من حريق الوطن، وكأنه يؤشر بإصبعه نحو الجبال الشاهقات، معاقل المقاتلين، بل والأصدقاء الوحيدين للشعب الكُردي في المحن، هذه الجبال احتضنت المقاتلين والشعب من الأعداء ومن شراسة الأمطار، كانوا في هذه الكهوف والجبال الوعرة يحملون البندقية على أكتافهم مع لفافة تبغ، وجعبة لبن، وكسرة خبز، والقضية ... كانت كل همهم ... فأين أنت منهم!؟

آله ره نگي: علم كُردستان
...................

الأغنيات القادمة من رائحة يديك،
ستظلُّ مبللة ً بلُهاثنا،
سيظل اليمام ينتشلُك لليمام
سيظل النهار مقتولا ً بعتمتي:
وهذه الأطراف مزدحمة بالذهاب
ستظلُ .... ستظلُ ....
وتركضين فيَّ حتى الحريق.

العشق الذي لا يضاهيه شيء آخر، أنه سرمدي في قلوب ونفوس العاشقين، إنه صدق المشاعر والأحاسيس إلى درجة قد يدفع العاشق إلى الانتحار إذا انعدم الضوء في دائرة مخيلته. تشبه الشاعر يدا حبيبته بالتغاريد والموسيقى التي تجتاح الأعماق، فرائحة يديها تزيده عشقا وسيظل القلب ينبض لها، وسيجري الحب في الوريد كالدم إلى آخر نفس.
....................

أرتكب نكهة َ رؤياك لحوار الألوان
في فسحة ٍ مبلّلة ٍ بالغموض
لبوابة يديك اخلعُ اسمي
أدخل إلى حجم ٍ تشكَّل من الهروب.

أصحو. وألملمُ أوراق حلمي، أبحثُ في ذاكرة السقوط وبقية ظلالكِ...؟
لا شيء سوى رماد الذكريات!!.

يظل تائهًا، ثملًا، هاربًا من ظلم الإنسان، يريد البقاء مع الخيال الماضي، القريب من النستولوجيا، لكنه، في كل صحوة يعود خائبًا، يلملم أشلاء حلمه الممزق، ويمضي للبحث عن جديد ودون فائدة تذكر فالجدار النسيان صلب لا يمكنه اختراقه!
...................

الساعات المعلقة في محطات العودة...هي قلبي؟،
والزمنُ أنتِ...، والنادل الذي يلهثُ في حانات التسكع لملل الانتظار-هي أصابعي-
كم أمارسُ الحلمَ وأبكي...
عناداً يرسمونني شريداً لجهة الصقيع!!؟،
حول المرأة

لا يزال يأمل في العودة إلى الوطن، حيث مدينته، ومسقط رأس حبيبته الغائبة أيضُا، ومرتع صباهما، ويشبه ساعات وشارات معلقة على بوابة العبور بالقلب، والأصابع التي ترتجف من الحنين بالنادل المعذب اللاهث خلف خدمة الحانات، لكنه يبقى شريدًا وعاشقًا للمرأة في نظر من حوله!

خالد ديريك
.........................................

الشاعر في السطور
حسن علي هو الشاعر والناقد والمخرج السينمائي الكُردي السوري من مدينة قامشلـــو/ قامشلي ـ محافظة الحسكة. درس اللغة العربية وآدابها في جامعة دمشق. عضو في الاتحاد العالمي للثقافة والآداب منذ 2015. اتخذ لنفسه لقباً أدبياً وفنياً بـــ ژبوناته بيجرماني (Jbonate Bêcirmanî)، ومعناه: من أجلك يا وطن …. يا حبيب …. يا صديق.
دواوينه الشعرية: ديوان "حكاية الينابيع الأربعة” دمشق مطبعة الجاحظ 1991. ديوان (لالش ئو هه لبه ستين بريندار Laleş û helbestên birîndar) – بيروت لبنان سنة 1993. ديوان “العشب الذي نما في قلقي” دمشق. دار الإيمان 1997. ديوان “معاناة الورد والنزوح إلى ذاكرة المخيمات” 2014.  له دراسات نقدية تحليلية في مجال الشعر والقصة.

9
أدب / يا راقدا خلف تلة الصمت
« في: 19:29 27/06/2019  »

يا راقدا خلف تلة الصمت


خالد ديريك


يا راقدا خلف تلة الصمت
ألا تسمع صهيل الشوق متوسلا؟

هنا، قلب اخترقته أوتاد اليأس
هشمته شظايا البعاد…!

ألا ترى الأنامل الناحلات…
كيف تحبو على خريطة الذكريات بلهفة وارتعاش … !؟

متى ستعيد أمجاد الأمس في مضارب القبيلة…؟
متى ستأتي على صهوة الحلم!؟
تجتاز الحدود … تقتل وحشة المسافات،
وتغزوني عشقا …
وأصبح غزالة معلقة في بيابي عينيك!

المدامع في جبيني تكثفت …
تنثر أحرفا بكل اللغات…

على بعد الأشبار …
قد أقع شهيدة …




10
أدب / موسم الفناء
« في: 15:32 23/06/2019  »
موسم الفناء

بقلم: خالد ديريك

ــــــــــــــــــــــــــــــ
نيران تغلى وتستعير في بطون الجوعى
تلتهم سنابل التعب نهما بلا رحمة!
تجتاح حتى ذاكرة الماء
ولا تترك أثرا
الدخان يطوف حول الحقول
ويلبسه السواد!
اختنق النضوج وذاب الحجر على التخوم...!
في ظلمة الفاجعة ...
عصفور ينحب صدى لجنين العوز انتظر رزقا!
فلاح متكئ على تجاعيد الحظ،
الدمع يجتاح المآقي...
أين البيادر الخضراء؟
القمح والشعير ... النبع والغدير...؟
مواطن الحساسين والشحارير ...
التغاريد والتهليل بقدوم أزهار الربيع؟
أين ......؟
الفقر يجدد العقد على حساب جسد جريح!
خالد ديريك


11


لمياء نويرة بوكيل: لو لم يكن الحرف والدواة وسيلتيّ للكتابة، لاختلقت شيئا آخر ربّما، للتعبير والتدوين!
 تقول الكاتبة التونسية لمياء بوكيل: الأدب هو الحافظ الوحيد للقيمة، والناجي الأوحد من العبث

  حوار أجراه: خالد ديريك
نشأت في بيئة محبة للفن والثقافة والمطالعة، فرافقتها الكتب مذ صغرها، ونسجت معها علاقة صداقة جميلة، ومفيدة، تنور دروب الطفولة والمراهقة أمامها، وترشدها إلى معرفة عوالم جديدة دونما مقابل، فتعود إلى عالمها الواقعي بكل سرور وابتسامة، كبرت، والتهت بالدراسة والعمل والعائلة، حتى شعرت في وقت متأخر نوعًا ما، بأن موهبتها بدأت تزهر، وتنتج أجمل النصوص والقصص...
كاتبة لا تشبه غيرها، نصوصها وقصصها مشوقة، تحاول الإتيان بمواضيع جديدة من أرض الواقع، وتغلفها بمتعة الحبكة، ودهشة السرد، تعبّ من مخيلة خصبة قادرة على الإبداع، ولها في ذلك أسلوبها الخاص، الذي يشدّ القارئ ويجذبه إلى عوالمها الخاصّة، التي تزخر بمشاهد حيّة، وتفاصيل دقيقة متفاوتة، تقتطعها من اليوميّ، من هموم الإنسان، وقضايا المجتمع، بتشعباتها، وأمراضها، أفراحها، أتراحها، وأمنياتها، وتنسج نصوصها وقصصها بلغة أدبية ماتعة، لها فيها بصمة خاصّة، سرعان ما يدركها القارئ، بعد متابعته لعدد من نصوصها.
لمياء نويرة حرم بوكيل، كاتبة تونسية تشتغل بسلك التعليم وتدرّس اللغة العربيّة بالمدارس الفرنسية في إطار الإلحاق الثقافي،
صدر لها كتاب "سفر في قبضة اليد" وهو مجموعة نصوص وقصص قصيرة، ولها قيد الإنجاز مجموعة ثانية في القصة القصيرة.

نص الحوار ....
في بداية حوارنا معها، زودتنا الكاتبة والقاصة لمياء نويرة بمعلومات التالية عن نشأتها:
كان ترتيبي الرابع من بين خمس أطفال، وكنت تقريبًا منسيّة، بعيدة نوعًا ما عن أضواء الترف والاهتمام، الذي يحظى به البكر الأكبر، والثاني، الذكر المنتظر، والصغير، آخر العنقود المدلّل، فيمكن أن أقول أنّي كبرت في غفلة من الجميع، وسط كلّ شيء، وعلى مسافة تأمّل ومتابعة لكلّ شيء، ومن ذلك تربّت لديّ ملكة الملاحظة والانجذاب إلى التفاصيل، و شكّلتُ بحسّي المرهف، منذ نعومة أظفاري، عوالمي الخاصّة والجميلة، بين أخوة نشطين، ذي طباع مميّزة، وميولات بعضها فنّيّة، وفي وسط عائلي حميم، له خصوصيّات معيّنة، أمّ  كأجمل وأثرى ما تكون الأنثى والنساء، وأب يشجّع على المطالعة، وحديقة شاسعة جدا كانت ملاذًا، ومخزن اكتشافات...

تعتقد أنّ لمياء الكاتبة هي ذاتها تلك الطفلة التي لم تتغير كثيرًا، رغم مرور السنين. 
يقول فرويد: الطفولة هي المفتاح السحري لكلّ فنّان"
أعتقد أنّ لمياء الكاتبة، هي ذاتها تلك الطفلة، التي بدأت تكتب نصوصها مبكّرا، نصوصًا نسجتها في خيالها، وملأت بها حياتها متعة وتفرّدًا.
الآن تلك الطفلة، بلغت من السنين عتيّا، صارت أمًّا ولها عائلة جميلة، تضعها في عيونها وقلبها، وتشرك أفرادها في الكثير من كتاباتها وخيالاتها، وتحلم معهم لتنتعش بذلك الحياة، وتزهر الأحلام.

 برعم الكتابة تفتح مبكرًا عندها:
كنت أقبل على الكتب، مرّات كثيرة لا أنهيها، ولكنّني أصادق كلّ شخصيّاتها، فأغلق الكتاب، وأواصل رحلات رائعة مع أبطالي، وبكلّ اليسر، أعود إلى عالمي العائلي أو المدرسي، أقبل عليه بذات الأنس والتقبّل.
ولهذا، أعتقد أنّ بذرة الكتابة تواجدت مبكّرا، وحاجتي للكتابة والتوثيق والتعبير، لم تفارقني يومًا، ولكنّ ذلك ظلّ ترفًا شخصيًّا، أو في دائرة ضيّقة، بعيدة عن فكرة الكتابة الأدبيّة، الكتابة كمشروع فنّيّ إنسانيّ متكامل، له آليّاته، ومقوّماته، ورؤيته، وصنعته، ومن شأنه أن يجعل للعمل أثرًا فنّيّا مؤثّرًا.

كتاباتها تأخرت نوعًا ما في الظهور العلني والموثق، وذلك لعدّة أسباب:
أنّي تأخّرت، هذا أمر ثابت، فلا جدال في ذلك، فقد كنت منشغلة بالولد والعائلة، أشغّل قدراتي ومواهبي الفكريّة فقط في دائرة عملي(التعليم)، أو في إثارة الاهتمام لدى أطفالي، والبحث المتواصل عن بذرات الإبداع المخفيّة في كلّ فرد منهم، ويمكنني أن أقول إني فعلت ما بوسعي، كأمّ شغوفة، متيقّظة، وتحبّ دهشة الاكتشاف، يومًا، يومًا، سيذكر لي أولادي ذلك، حين يعتمل بداخلهم كلّ ذلك المخزون، ويتشكّل بطريقة ما، سيكون وقتها الأمر في غاية الروعة.

فيما بعد، تستيقظ تلك البذرة الأدبية المبرعمة من سباتها، فتنمو وتثمر:
الأقدار كانت حليفتي، فتماما ساعة تحرّر أطفالي من عوالمي "الضيّقة"، وتطلّعوا إلى اكتشاف العالم الأرحب بطريقتهم، تحرّكت بداخلي تلك البذرة الخصبة المنسيّة، ونمت، وثبتت، وتفرّعت أغصانًا، وطرحت ثمارها، لقد كبرت في قبّة زرقاء بهيّة، يظلّ مولودي الأدبيّ الأوّل مدينًا لها.

توضح لنا القاصة لمياء بوكيل، كيف تجعل من قصصها مادة دسمة، يقبل عليها القارئ بكلّ نهم:
يسعدني أنّك تجد نصوصي مشوّقة، في الواقع، أنا حين أكتب أشبه كثيرًا نفسي، أنا إنسانة مرحة، أخاف الحزن، ولا أتحمّله كثيرًا، وأكره الملل جدًا، ولذلك أتوقّع أنّ القارئ يستحقّ أن يشعر بالمتعة والتشويق، فالحكمة، أو الصدمة، أو النكتة، أو المأساة، أو أيّ فكرة عظيمة تخدم الإنسانيّة، يمكن أن تمرّر في أسلوب مشوّق، قد نعجز على مفارقة صفحات كتاب طويل، ونحن في غاية المتعة، أو الدهشة، أو الخوف، أو البكاء والحزن، وسبب  كلّ هذا الانشداد، هو بكلّ بساطة روعة السرد، وذكاء نسج تلك الخيوط المنسابة، التي توقع بالقارئ كأجمل ما يكون الوقوع.
 أنا أكتب نصّي الذي يتلبس بي، وأحاول نصب شراكي، وأن أجعل سردي متماسكًا، مقنعًا، مفيدًا، ويا حبّذا ممتعًا.
وتستطرد بالقول: أنا أحبّ الحكي بالسليقة، ولو لم يكن الحرف والدواة وسيلتيّ للكتابة، لاختلقت شيئا آخر ربّما، للتعبير والتدوين.

نصوص كتابها "سفر في قبضة اليد" هي انعكاس لهموم الإنسان، ونشرت في يوم عطلتها الأسبوعية سمتها بـأحاديث الأربعاء ثم:
نصوصي الخمسة والأربعون، كلّها نشرتها بصفة أسبوعية مسترسلة على مدار السنة تقريبًا، في ذات الموعد، مساء الأربعاء والذي هو يوم عطلتي، وسمّيت نصوصي بأحاديث الأربعاء، وذلك طبعًا ليس تطاولًا على صاحب الأحاديث الأول الدكتور طه حسين، ولكن ثقة بأنّ الحديث ملك للجميع، ولكلّ خّصوصيّتة  فيه ...
وحديثي ذاك لحسن حظه، وجد اهتمامًا ومتابعة جيّدة، وخلق لي قاعدة جماهيريّة صغيرة حميمة، جعلت تتّسع شيئًا فشيئًا، وكلّما هي اتّسعت، ازداد عزمي واجتهادي، وخاصّة جدّيّتي، وما عاد الأمر ترفًا، ومجرّد متعة، وبحثًا عن نفَس جديد، بل صار التزامًا، ومسؤوليّة، وعملًا دؤوبًا.

تطرقت في نصوص كتابها إلى مختلف جوانب الحياة، وفي المحصلة، يعتبر الكتاب صدى للواقع ببصمة إبداعية مميزة:
نصوصي الخمسة والأربعين، تشكّلت كلّها من صلب حياتنا اليوميّة، ومشاغل الإنسان، وتطرقت إلى الإنسان الطفل، الشاب، الكهل، الشيخ، المرأة الكادحة، المرأة المسحوقة، المرأة الحالمة، الأسرة المفكّكة، الأبوان، المجتمع، مشاكل القوت، والبطالة، والإشاعة، والبيروقراطيّة، الحبّ والحلم والخيبات، الحنين والوفاء، الهويّة والانتماء، كما لم أنس الطفل في عالم الدراسة، بأن أضأت قليلًا على بعض الأطفال المختلفين... نصوصي حكاياتها، قطفتها من أرض الواقع، وأعدت تدويرها وتخييلها.
يقول ستاندال: الأدب مرآة للواقع"
ولكنّ العمل الأدبي يقول سعيد الكفراوي: يقوم على التخييل وليس الوقائع، وحين تكتب، يجب أن تكتب الخيال والحياة عند أطراف أصابعك"

أما تسمية العنوان فهو لأجمل نصّ إلى قلبها:
عنوان مجموعتي البكر "سفر في قبضة اليد"، هو عنوان أحد النصوص الحبيبة إلى قلبي، والذي كتبته بمشاعر إنسانيّة عظيمة، ولما للعنوان من دلالة تفتح على مذاهب شتى للتأويل لدى القارئ، ولأنّ السفر أيضًا، والخيال والكتابة، كلّها، عندي واحد.

الرسالة التي وددت القاصة بوكيل أن توصلها إلى القارئ من خلال هذا الكتاب، كانت:
رسالتي الوحيدة، كانت أنّني أجد الإنسان عظيمًا بكلّ متناقضاته، فليرى بشجاعة قبحه كما يعشق أن يرى جماله، وليتصالح مع نفسه، وليشتغل على مواجهتها وتطويرها، فهو لن يرى غيره، طالما لم ير جيّدًا بداخله، فلكم نحن مختلفون حدّ التشابه العظيم.
فقد قيل ولا أستحضر صاحب القول: في تناقض الإنسان عمق وجوده الإنساني، وخلاصة مأساته وخَلاصه"

لم تكن لها نية مسبقة بجمع نصوصها في كتاب، وكل همهما وهدفها تمثلت وقتذاك في: 
في بداية نشري للأحاديث، بدأت بقصص قصيرة، كانت ذاتية كثيرًا، ولكنّي أخرجتها بأسلوب مخاتل شديد التشويق، بعيدًا عن التفكير المسبق في أن يكون عميقًا أو يدعو إلى التفكير، وأن يصل إلى حدود أن يغيّر شيئًا عند القارئ، كان همّي الامتاع في أسلوب جميل ومحتوى يحمل أبعادًا قيميّة، هدفي كان يلائم قارئًا لجأ إلى عالم افتراضي، يبحث  له فيه عن جرعة من التسلية والإفادة الخفيفة، دونما ثقل، كنت أرى انتظاراته كما أرى ذلك في ذاتي، ذاتي التي تفتح النت لإيجاد توازن بين العالمين، فكرة لجعل الحياة متواصلة ربّما ، وممكنة.

حددت جنس كتابها القادم، وتحلم بإنتاج المزيد: 
نعم بالطبع لدي مشاريع أدبية أخرى، ومن فضل الله، كتابي الأوّل كان الصدفة الرائعة لاكتشاف الطريق، منجزي العزيز عليّ ذاك كان كأوّل طفل من لحم ودم وورق، طفل ظلّ نائمًا في رحمي طويلًا، وحين خرج للنور، اكتشفت معه حلاوة الأمومة، وأحسب أني امرأة خصبة، لن تفرّط في حقّها في الإنجاب، ويمكنني أن أبوح لك بأنّي أحلم بأن أنجب قبيلة، ذلك حلم، وربّما ممكن، وأنا قرّرت أن أسعى إليه طفلًا طفلًا، ومع كلّ مولود، أطوّر انتظاراتي ومهاراتي، وأشتغل على أن يكون ذا ملامح مقنعة، مهمّة، مختلفة، ابن شرعيّ لي، يحمل ملامحي الجينيّة.
قال سعيد الكفراوي: إنّ ما تكتب يشير نحوك، ويدلّ عليك"
طفلي الثاني مازال بعد جنينًا، ولكنّي قد حدّدت جنسه، هو مجموعة تتألّف من إثنتيْ عشر قصّة قصيرة، هو قيد النموّ، يكبر بشغف وهدوء، ومتعة متعبة، لذيذة قاتلة.

تعترف عن سبب اختيارها للقصة القصيرة دون غيرها من أجناس أدبية مثل القصة القصيرة جدًا، الشعر، الرواية:
ــ يقول محمّد بوزفّور الشديد الإخلاص للقصّة القصيرة: القصّة القصيرة بحيرة مستديرة، ليس لها مدخل أو مخرج، فقط سطح خارجيّ بارز، ولكنّه حيّ متحرّك، مترقرق، تحته أعماق بعيدة الغور، تسكنها حيتان، وجواهر وجنّيات"
ويقول ماركيز الرائع: " الجهد المبذول في كتابة قصّة قصيرة، لا يقلّ زخمًا عن الجهد المبذول للبدء في كتابة رواية"
سؤالك مهمّ ودقيق، أنا اخترت القصّة القصيرة لعدّة خيارات، أوّلا لأنّني أحبّ خفّتها، ورشاقتها، وعمقها، وقوّتها، وتستفزّني صعوبتها، ثانيًا لأنّها قلقة كروح العصر، تستبطن واقعه وتحوّلاته، ثالثًا، لأنّها مهملة نوعًا ما، وقد سرقت تقريبًا الرواية كلّ الاهتمام والأضواء والاعتراف، والحال أنّها الفنّ الصعب والجنس الأصعب، الممتلك لطافات تعبيريّة قصوى، وأخيرًا أعترف أنّي اخترتها تحدّيًا، وتدريبًا لنفسي يفتح لي فيما بعد، لتجارب أخرى ثريّة عميقة ومهمّة، كالرواية، وتجريب النقد.
أمّا القصّة القصيرة جدّا بكلّ صراحة، هي لا تتناسب أبدًا مع طبعي الذي يعشق الكلام والانسياب، إنّي أراها كالتدريب على القتال، أو كالحمية القاسية بالرغم من أنّها مفيدة، أنا لا قدرة لي على صرامتها، ولا شغف لتجريبها، أمّا الشعر، الذي أحبّه جدّا، وأراه من الأشياء الخارقة، كالوحي، ساحر مؤثر وعجيب، ولكنّي لست نبيّة للشعر للأسف، أنا أكتفي بتذوّقه.

تؤكد بإن اللغة خدمتها في كتاباتها كونها مدرّسة عربيّة:
اللغة متعة وقيمة وجمال وثراء ومخزون لا ينضب ولا يتوقّف عن التلوّن بألف لون وعبارة، أن أكون مدرّسة عربيّة، ميزة خدمتني كثيرًا، في الصنعة، في القواعد والبنية والتراكيب، وهي الوسيلة الرائعة التي طوّعت ملكة الكتابة لديّ وجعلت لخيالي حروفًا وكلمات ترتسم وتنمو سويّة على جسد السرد.
وتعتقد: أن ضعف التمكّن من قواعد الرسم والنحو والصرف، يظلّ حلقة تعرقل تطوّر الكاتب، وتلهيه عن الاهتمام بفكرته وفنّه، وأن يعمل الكاتب على تجاوز ذلك النقص بالخدمة والعودة إلى الدرس، أمر ممكن جدًا ومحبّذ، وليس فيه استنقاص لقيمة المبدع بتاتًا.

ترى في النقد الأدبي ضرورة لا بد منه:
أنا الكاتبة الجديدة في عالم الأدب، أعتقد أنّ عدد الكتاب يفوق بكثير عدد النقّاد، وهذا نقص، وأمر مخلّ محزن، فالنص والأثر، يحتاج بقوّة للقراءات النقديّة المتعدّدة والمختلفة، ليسمح له بأن يتطوّر ويوسّع من آفاقه، وتعدّد القراءات هو أيضًا ما ينصف المبدع، ويحفظه من شرور الغرور مثلًا، أو بؤس الخيبة، فكلا الشعورين مدمّر للمبدع.
الكاتب السعيد الحظّ، هو من يجد شريكًا أو شركاء، يؤمنون بقيمة الإبداع، وأهميّة الأثر الفنّي، ويعملون معًا، إيمانًا بأنّ الكتابة هي مشروع رائع، يستحقّ أفقًا رحبًا، ومستقبلًا زاهرًا، فالأدب هو الحافظ الوحيد للقيمة، والناجي الأوحد من العبث، وبرأيي أنّه لمن دواعي الحزن، أن يظلّ الأديب يكتب وحيدًا، بلا قارئ صديق ناصح، أو مرشد وناقد.

قرأت وتقرأ لهؤلاء الأدباء:
أنا أنوّع قراءاتي، فيما مضى وأنا مراهقة أدمنت القصص والروايات باللغة العربية والفرنسيّة، لأدباء يحذقون صنعة السرد، ويمتلكون بخور سحره، على غرار جرجي زيدان ونجيب محفوظ وعلي الدوعاجي، وتقريبًا كامل أعمال "قي ديكار" GUY Des Cars  الروائية،  وكامل قصص توفيق الحكيم في مسرحياته الذهنيّة، كما انغرمت بالقصص البوليسيّة، الألغاز حين كنت صغيرة، ثمّ سلسة  "جيمس هوليداي شايز، وأقاتا كريستي، ثمّ طوّرت قراءاتي إلى الأدب العالمي، بخصوصيات مواضيعه وقضاياه المختلفة، مكسيم قورقي، وهنري شاريير عن رائعته "فراشة" والتي بفضلها ألغي قانون الإعدام، وهو كتب ينضح بالجمال والروعة والصدق، وأذكر أنّه ظل يلازمني في كلّ مكان أذهب إليه، حتى أنّ ذات مرّة افتكته منّي أستاذة الفرنسيّة بعنوة، وصرخت: ألم تكمليه بعد؟ قلت: بلى، ولكنه يرافقني دوما لأنّي أحبّه"، ... قرأت أيضا لشكسبير وأسماء كثيرة، وآخر قراءاتي لرواد القصة القصيرة والأدب العالمي، ولبعض أصدقائي الكتاب الذين أعرفهم شخصيّا وأعتزّ جدًا بكتاباتهم.
المطالعة ضروريّة، وأنا اعترف أنّني ما أفعله دون طموحي بكثير، ولكنّي أفعل ما بوسعي ولا أكفّ، فالقراءة اليوم بالنسبة لي ليست تسلية وترفا ومجرد متعة، بل قراءة واعية جدًا وعملًا جادًا ضروريّا لتكويني ككاتبة، فالفكرة تخصّب الفكرة، وتزيد عليها.

امرأة شغوفة:
أنا امرأة شغوفة جدّا، وأحبّ "أن أموت شوقًا ولا أحيا مللًا"(على رأي جبران خليل جبران) والشغف، برأيي، هو فكرة وحالة شعوريّة خلّاقة، قابلة للاستمرار والازدهار والخلق والتجدّد، والشغف شجرة ولّادة، لكم هي طيّبة، إذ لا تطلب غير الإخلاص.
مواهبها:
أحبّ الفنون لأنّها تجعل الحياة ممكنة، وتستحقّ العيش، أنا أحبّ الرسم وأمارسه بما لديّ من إمكانيّات شخصيّة، لم أجد الوقت يومًا لتطويرها كما يجب، لتخرج الرسّامة الكامنة بداخلي، والجديرة برهافة الحسّ التي لديّ، ولكنّي بكلّ صدق أخيّر أن أترك الرسم ترفًا وحاجة، وأصرف كلّ جهدي وتطلّعي للكتابة،
كنت فيما مضى أحبّ الخياطة، وقد طوّرت مواهبي، وأبدعت بكلّ صدق، حتّى أبهرت من حولي، ولكنّي مللتها بعد سنوات، لأنّني كنت حتمًا أتطلّع إلى حياكة من نوع آخر، وها قد وجدت ضالتي.

أهمية الموسيقى:
أنا أيضا لا أحيا بلا موسيقى، وربّما لست أغالي إن قلت، إنّها سرّ كلّ إيقاع ونبض في الوجود، وهي أعتى الأدوات المروّضة للأنفس، وأمامها يستوي البشر، فلا شرّير ولا خامل، ولا صغير ولا كبير، ولا فقير أو غنيّ، لا أحد بمنجى من سحرها، ولطفها، وروعة جبروتها.

الأصدقاء الأوفياء:
أوّلا أنا أجتهد لأكون صديقة صدوقة لنفسي، فلا أكذبها أبدًا، ثمّ بكلّ الصدق أقرب الناس إليّ وصديقتيّ بلا شكّ أو ريبة أو شرط أو غبار، أختاي ريم ونرجس، ثمّ أنا محظوظة جدّا لأن لي خلافهما، أصدقاء رائعين، هم قيمة ثابتة وكنز في حياتي.

في الختام تتمنى ثلاثة الأشياء:
أودّ أن أقول ثلاثة أشياء، أوّلا أعتذر على كلّ هذه الإطالة والانسياب في الردود، وأرجو من الأستاذ خالد ألاّ يعمل مقصّ الحذف الصارم، فيكفيني أنّي أطبّق ذلك التكثيف في قصصي،
وثانيًا أحبّ أن أوجّه خطابي لقارئ للمحاورة، بأن اسأله بكل جدّ الدنيا: ما الذي تنتظره لتقرأ لي؟
وثالثًا وأخيرًا، ألف شكر أستاذ خالد ديريك على كلّ صبرك معي بانتظار أن تتمّ هذه المحاورة.

حوار أجراه: خالد ديريك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


12
أدب / ابقي عاشقة
« في: 17:31 30/03/2019  »
ابقي عاشقة

خالد ديريك
 
كي أحيد عن السير
في درب الأوعار
 وسبر عمق الأغوار ....


 كي أبقى تحت خيمة مع
وجه شبيه بالأقمار
وارتواء من لمعة عين
تحت ظلال الأحوار ...

 
ابقي ...
 شمعة 
تخترق عتمة المسافات بومضة ...

جوهرة 
تزين جيد الأيام بهمسة ...
 
أميرة 
تتحدى قوانين الأباطرة بخبرة ...

ابقي عاااشقة
تفرق أغبرة الحزن عن حواف الوتين
بنبضة ...

 تحصد أثمار اللقاء بأنامل
نضرة ...
 
 ترطب أطراف البشرة
بقبلة ...

تدون على جباه التاريخ
هنا ...
"حدثت معجزة"

خالد ديريك

13
أدب / خيول الخيبات
« في: 20:23 27/03/2019  »


خيول الخيبات


خالد ديريك


طائر يتقمص نبرة صوتي
ويغرد على أطلال مدن عينيك!
علمتني هذه المدن
بأن
الأشماس ليست دائما ساطعة
وإن
الأحلام غالبا
تأتي على شكل الريح،
الريح التي تقتحم فضاء العناق خلسة
فتسقط الدمعة من الخد الزهر مفزعة
تحدث أخدودا على تقاويم الحب
وتمضي إلى ...
جني رماد الهزائم
كأحلام اليائسين،
السائرين على عربات
تجرها خيول الخيبات ...!!


14
"شهقات ملونة" للشاعرة وعد جرجس... صرخات تفتت آثار الخيبات

بقلم: خالد ديريك
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
يصدر عن دار السكرية للنشر والتوزيع في القاهرة ـ مصر ديوان "شهقات ملونة" للشاعرة السورية وعد جرجس، وسيكون هذا الإصدار قريبًا في معرض القاهرة الدولي للكتاب وكبرى المكتبات العربية، ويعلن عن الديوان على قناة المصرية ... مصر الحياة
ديوان مكون من 200 صفحة خليط بين قصائد الحب والحرب ومحاربة الإرهاب والشوق للوطن، يختلف الأسلوب بين النثر وشعر التفعيلة.
قصائد الديوان هي جهد أيام وليال، من حرارة الحنين، واختلاج الوتين ... صرخات في وجه الحرب والدمار، القتل والإرهاب، ألام طويلة ممتدة على خاصرة الوطن والقلب، حزن ووجس ...
بعضها كالعتاب ... كالنداء للمستضعفين للانتفاض على الجور. تلمس واقعهم المعاش وصراعاتهم اليومية من أجل البقاء ضد الكم الهائل من الاستغلال والنفاق والإرهاب التي تقع بحقهم، إنها انعكاس للهول الذي أصاب البشر والبلد ...
تارة، تنساب دمعة الناي من بين حروفها كروح تائهة بين جهات الريح فتمتطي الشوق لتعبر عن المشاعر والأحاسيس الجياشة بأجمل الصور الشعرية التي تلمس شغاف القلب.
وتارة، ينقط حبر قلمها على الورق كعطر الزهر على الأنفاس فينعش الروح ويعانق الضمير والوجدان ويبعد الغم ويفتح أبواب الأمل ولو بعد حين، وبعد كل حزن ونزيف ...
تشد قصائدها القارئ دون دراية منه، حروف محشوة بحس إنساني عال، مناداة وصرخات وعتاب تتناغم موسيقاها مع أرواح تعرضت للخيبات والمظالم ...
ترسم الحروف بأدواتها الخاصة النابعة من الثقافة والمعرفة، تناغي الكلمات مثلما تناغي العصفور النافذة الليلية فيظهر هدوء وجمال الكون، إنها تزرع الأمل رغم الأسى.
وعد جرجس شاعرة واعدة، تشق طريقها الأدبي بكل ثقة ومصداقية، عميقة ومجدة، تنتقي كلماتها بعناية، تعرف القيمة والمسؤولية الأدبية، فالديوان "شهقات ملونة" هو نتاج 8/ ثمان سنوات من الجهد والرصانة، من عصارة القلب والوتين.
نبارك للشاعرة وعد جرجس هذا الديوان، ونحو المزيد من النجاحات والإنجازات.
أدناه، نص من ديوانها بعنوان " نايٌ صَفنْ"
نايٌ صَفنْ
برُقعةِ صدرٍ
يُناجِي الحياةَ
ببضعةِ أنفاسٍ
من بُكاءْ
تلوحُ الأماني
على صحنِ لبنٍ
مبرقعٍ بمصابيحِ العَفَنْ
هناك الدّموعُ
تواسي الرّزايا
ووقعُ التّنهّدِ
نغمُ الحكايا
يهدّي هياجَ
فقيرٍ انمحنْ
على دمعتينِ
وصفوةِ تَبغٍ
تفختها الرّياحُ
بوجهِ الزّمنْ
فغدَت شظايا
كفضّي قصديرٍ
مغربلةً سارياتَ
البدَنْ ...
***
عيونٌ   كلونِ
الخريفِ    تمدُّ
البعيدَ بظلِّ
الشّجنْ
وتطلقُ ناياً
سجيناً بهالةِ
الذكرى المسنّة
صَفَنْ!
بأعوادِ قصبٍ
أطعمتهُ سكَّراً
وحمت حقولَ
. . . شبابهِ ال
واليومَ بئست
وتملّحَ السّكر
وانكسرَ صوتُها
لنصفِ لحنْ
أسيرةُ ريحٍ
تصفعها بكلِّ
الجهاتِ
كأنَّ الرِّياحَ
نسيت
ناقوسَ هطولِ
الصّفاء
ومسكِ    المطرِ
حين يَرنْ!
***
وتسردُ في
أغلالِ الدمارِ
شهقاتُ بأسٍ
بعنفوانِ الزيزفون
. . . انعجنْ
وفي   التّرابِ
الأحمرِ   تصيحُ
العروقُ
هنا ستموتُ
دعساتُكم فينا
وينجَلي جبروتُكم
للعدمْ
فبينَ مسافاتنا
تسكنُ لعنةٌ
نحتناها من
صخورِ الحُزنِ
لعنةُ الظّلمِ
ألم تسمعوها؟
اِسمعوها
فلكُم كلُّ
حروفها تحنُّ
***
عيونٌ ترسمُ
بالنَّظراتِ
معارضَ زمنٍ
كانَ اخضراراً
كأرضِ عدن
وأصبحَ عندِ
احمرارِ السَّماءِ
بقايا أتربةٍ
. . . من مدنْ
تنهّد الشَّيخُ
الفقيرُ زفيراً
بطعم الدمِ
الهائجِ المحتَقن
ورفعَ العصاةَ
بوجهِ الزَّمن
وصاحَ
أأنهرُ فيكَ
الخيانةَ؟
أم أنهرُ
بائعيَّ اللّبنْ؟
كأنّا شموعٌ
تذوبُ صياماً
لمغفرة ذنبٍ
لم نقترفهُ
وآكليَّ العنبِ
المحرّمِ
منتشينَ بعرقِ
نورنا سدىً
أنُصلبُ كسوفاً
كاملاً على
بنادق اللَّيلِ
المريضِ
لنفدي رصاصاً
طائشاً تائهاً
أضاع النهارَ
بدمعِ الرّمادِ
فذابت مياسمُ
كانت وطنْ
***
ينابيعُ خيرٍ
أضحت سبايا
تنازع. . تقاوم
تبارك وتلعنْ
هباءً   تناقض
كطفلٍ تجرثمت
مقلتيهِ بالدُّخانِ
يناجي حضنَ
أمّهِ تارةً
وتارة يجنُّ
ويبكي ويلعن
بيأسٍ أنزلَ
العجوزُ عصاتهُ
ماسحاً دمعتيهِ
مودّعاً رفاتهُ
التي شيّعتها
بالأقدام ِوالزغاريدِ
جيوشُ الفِتَن

15
أدب / في العراء ...
« في: 21:17 28/02/2019  »
في العراء ...
ــــــــــــــــــــــــ
في العراء
يذود عن حياض العشق،
رغم تذبل براعم العش،
التي أرصفت يوما
بجرعات من العلقم ...
++++
في وحشة الليل
الهموم تزيد
كالدخان بين الأصابع يفيض ...

الفؤاد ينزف
كالدمع على منديل الفقد يسيل ...

.

يترنح .... !
يهمس ....
في نوافذ السماء
لعل، غيثا يسقط على حين غرة،
فيعيد للأرض بعض خمائلها
وللعش كامل زخارفه...

.

يا بلسم الفؤاد ...
اِسقي النخيل والزهر
ليهدأ سعير الوله والوجد

فالروح ظامئة لنغم يعيد
لذاكرة النور مهجتها

خالد ديريك

16
أدب / كتلة من الشجن أنا
« في: 22:34 14/02/2019  »


كتلة من الشجن أنا


 بقلم: خالد ديريك وغفران سليمان


كتلة من الشجن أنا
العتمة تحاصر كبريائي في زوايا حجرتي
الوتين يقاوم الكدر في شرايين ذاكرتي
شلالات من السراب لا تفارق بصري

في عزلتي هذه …
أنين من عشق
تعرض إلى خنجر الخيبات
كأغنية من لحن طائر
سجنه عبث الأقدار

فلم لا تزورينني في وحدتي
كقدر ملاحق
لـــ أسمعك تمتمات يدي الجافلة
أهديك بيادر ألمي …
أسقيك نزيف جرحي…
لعلك تشعلين فتيل النور في عتمتي
فاسترق النظر إلى ضوء المقلتين
وأتجرع من كأس العناق
قبل أن تفيض مهجتي إلى باريها

كتلة من الشجن أنا
خبأتك في قاع الروح
لتطل علي نورا …

حين بحثت عنك
تسيد الفراغ أمكنتي
سريري، عيوني …

توقف النبض في شراييني
أنهار من الشوق جرفتني
لم يحضنها صبري
ولم يتبناها رحم كلماتي!

في غيابك
آلمني حنيني
نزفت قصائد وجدي
سجنتني صورك في صحراء وحدتي
كطائر مكسور الجناح
وقع في بئر جافة!

لما لا تزورني في أحلامي
كبريق نجم … كعطر زهر

مَن أزال طيفك؟
لقد غادرني!

حتى السراب تاه مني
لم يوهمني بحضور الأمل
لأرتوي!

سأهديك إن عدت وسكنتني،
مواسم عشق لا تنتهي

سنشرب معا كؤوس فرح
بطعمات اللذة … وكل ما كنت تشتهي …

لعل الموت أخذك اشتهاء
أو رغبة منه بقهري!

لعلك كرهت العزلة في ذاكرتي

سأحضر إليك حتى لو كان
الطريق إليك محاطً بالأشواك

انتظرني … أنا قادمة!!

فمواسم حبنا على بيادر العذاب تراكمت
ولا بد أنها ستزهر في حقول الجنة!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خالد ديريك وغفران سليمان

17
نغم نصار: من لم تصفعه الحياة لا يتعلم البكاء شعرًا ... وأجمل كتاب بنظري هو الذي لم أكتبه بعد
تعتقد نصار لا إجحاف بحق الرجل في القصائد النسوية بل أصبحت تدلله أكثر فيها

حوار أجراه: خالد ديريك
تهطل القصائد عندها بغزارة على ضفاف الآلام، وتعد ذلك محاولة منها لمسح آثار أحزان اكتوت بها هي وبلدها في وقت من الأوقات، ومن جانب آخر هو إبداع قد خرج باكرًا من قلب المعاناة لتظهر لنا إحساس ومشاعر وخيال في لوحات قصائدية بالغة الجمال والمعنى، فهي مولعة بالكتابة إلى درجة تحاول اختلاق فكرة ما، فقط لتكتب! فالشعراء في اعتقادها هم أنبياء الحلم والمبشرون بالحب والسلام.
فقد رأت في الكتابة طوق النجاة من ألسنة لهب الحرب والخيبات، واجتازت قيود الاجتماعية فنجحت في تمردها. كانت تعشق القراءة في صغرها، وكثيرًا ما حرمت نفسها من مصروفها اليومي لتشتري كتاب ما، ومع أن النضج داهم أعماقها باكرًا، لكنها رفضت التخلي عن طفولتها بسهولة. وعن كينونتها تقول: من أصعب الأشياء أن تعرف نفسك، ما زلت أحاول أن أتعرف إلى قبائل النساء التي تسكنني وأحاول أن أعرف أي واحدة منهن أنا!  قد أكون جميعهن معًا (الناضجة والمراهقة والطفلة والبريئة والطيبة والشريرة)
طفولتها كانت موزعة بين سوريا ولبنان بسبب الظروف الأمنية والحرب الأهلية التي كانت دائرة وقتذاك في لبنان. بالرغم من ذلك عاشت طفولة جميلة مع ما فيها من شتات في أزقة الشام وصافيتا في سوريا، وجبل محسن في لبنان.
نغم نصار شاعرة من طرابلس ـ لبنان، ورئيسة منتدى "شهرياد طرابلس" لها ثلاثة كتب (أنثى يعد منتصف الحنين، للعطر فلسفة أخرى، ثلج على الأهداب) وحاليًا قيد الإنجاز ديوانها الرابع، نشرت العديد من المقالات والقصائد في المجلات العربية واللبنانية الورقية والإلكترونية وكانت لها العديد من المقابلات التلفزيونية والإذاعية في لبنان والخارج.
إلى النص الحوار ....
شقيقها الأكبر كان سببًا في دخولها إلى حقل القراءة والكتابة فوجدت فيهما طوق النجاة: كان أخي الكبير يحب القراءة جدًا ويقتني الكثير من الكتب ويكتب أيضًا فانتقلت لوثة القراءة والكتابة إلي، وحين كبرت حاولت النجاة من الحياة وما وجدت سوى الكتابة طوق النجاة فصنعت من خيباتي سلمًا صعدت به إلى السماء السابعة للحلم وكان القلم حنجرتي التي أصرخ بها ملأ خيبتي.
 تحدتها العادات والتقاليد الاجتماعية فتمردت عليها: لا أنكر أن العادات والتقاليد لجمتني قليلًا في البداية وما زالت تلجمني لكنني تحديت وما زال التحدي مستمرًا فمن الصعوبة بمكان أن تتمرد أنثى تعيش في مجتمع مغلق، الطيران فيه تهمة، وأن تعتلي المنابر لتلقي أشعارًا عن الحب والخيبة، وعن مواضيع محظورة أحيانًا وأن تفرد أجنحتها على وسع المدى وتعبر عن نفسها، وعن شلالات النساء التي تجري بدمائها دون أن توضع في قفص الاتهام خاصة إن كانت متزوجة مثلي.
تكتب الشاعرة نصار عندما تأتيها الفكرة وأحيانًا تخلقها: حالما يلتقط ذهني فكرة أكتبها سريعًا كي لا تخونني ذاكرتي فأنساها، وأحيانًا يصاب قلمي بعقم مؤقت ويمر بسكتة حبرية قد تدوم أيامًا فأشعر بالاختناق فعلًا، ولأن الكتابة حاجة روحية ملحة لدي، أحاول أن أختلق فكرة لأكتب عنها.
تكتب الشاعرة نغم نصار غالبًا في خيمة الليل تحت أجفان الظلام، في غرفة هادئة دون أي صوت على مذكرات الهاتف وتنقل قصائدها لاحقًا على الورق.
وكما أنها تكتب كل أنواع الشعر، وبرأيها العمودي أصعبهم: اكتب النثر والموزون والحر لكن في المحكية أخربش مجرد خربشات قليلة لأن ملعبي هو الفصحى. الشعر الموزون العامودي أصعب من الشعر الحر والنثر لأن عليه قيود أكثر.
 قصائدها مليئة بالحزن لأن في حياتها رصيد مرتفع من الحزن والألم، وتقول: وأؤمن أن الإنسان السعيد إضافة إلى أنه غير موجود فهو لا يستطيع أن يكون شاعرًا، لأن الشعر يولد من رحم المعاناة، ومن لم تصفعه الحياة لا يتعلم البكاء شعرًا.
أثرت بعدة الشعراء ومنهم: أكيد، في البداية أي شاعر يكون متأثرًا بشاعر آخر أو عدة شعراء حتى يتمكن ثم ينطلق بعدها لإيجاد هويته الخاصة وبصمته المميزة، فقد تأثرت بنزار قباني ومحمود درويش وغادة السمان.
وتقرأ لهؤلاء الشعراء: قائمة من أقرأ لهم طويلة جدًا ومنهم المتنبي، إبراهيم ناجي، غادة السمان، نزار قباني، محمود درويش والكثيرين من شعراء الحداثة والروائيين.  أما الشجرة الشعرية التي أنتمي إليها فلا أعرف سأترك أمر تحديد الانتماء للقارئ.
تعتقد نصار لا إجحاف بحق الرجل في القصائد النسوية بل أصبحت تدلله أكثر فيها: المرأة تتقن فن الغزل في الشعر أكثر من الرجل لأن في يدها مقود العلاقة كما تتقن فن هيجائه ومعاتبته لأن في يدها كبح جماح هذه العلاقة، ولا أعتقد أن هناك أي إجحاف بحق الرجل في القصائد النسوية بل العكس أصبحت المرأة أكثر وضوحًا بمشاعرها المنفتحة والمعلنة للرجل وأصبحت القصيدة النسوية تدلل الرجل أكثر من الماضي بكثير بسبب الجرأة التي اكتسبتها في هذا العصر.
تصف شعورها بعد الانتهاء من كتابة القصيدة أو طبع الديوان بالتالي: حين أنتهي من كتابة قصيدة أشعر بأنني ساهمت في خلق معجزة صغيرة فالشعراء هم أنبياء الحلم والمبشرون بالحب والسلام، لا تعلم كم هو صعب أن تشعر أنك سحابة ممتلئة بالمطر ولكنك لا تستطيع الهطول، وفجأة تحمل بالعطر والشعر بعد فترة من العقم، وتبدأ الهطول على صحارى الورق العطشى، هذا شعوري بالنسبة للقصيدة حين تولد.  وكل كتاب أنشره هو طفلي المدلل الذي وضعته على طريق الحياة، وأجمل كتاب بنظري هو الذي لم أكتبه بعد. 
لا تختار الشاعرة نصار عناوين القصيدة بل القصيدة هي من تختار عنوانها حين تزهر في مدارج الروح وتنضج بمعانيها ودلالاتها الوجودية أو العاطفية أو السياسية أو الفلسفية أحيانًا.
ولا تفرق بين قصيدة وأخرى، وكل جديد جميل عندها: كما لا يوجد شيء ثابت في الحياة والطبيعة فمشاعر الإنسان أيضًا هي غير ثابتة وقد تمر بأكثر من أربعة فصول وتتغير حسب الانفعالات النفسية ودرجة الوعي التي نكون بها لذلك أحب كل قصيدة حين أعيشها أو أتقمص دوري فيها حتى أنجب غيرها وتكبر، وكما يقال أحب الأطفال إلى قلبك هو الصغير حتى يكبر، وكلما كتبت قصيدة قلت لنفسي هذه أجمل من كل قصائدي فيفاجئني الوحي بعد فترة ويهديني أجمل منها.
عن منتدى "شهرياد" ودورها فيها، تحدثت قائلةً: شهرياد هي كلمة مدمجة لـ شهرزاد وشهريار أبطال حكاية ألف ليلة وليلة، ومنتدى "شهرياد طرابلس" هو شريان من جسد يمتد في كل لبنان، عراب الفكرة هو الشاعر نعيم تلحوق، وهو منتدى ثقافي هدفه أن يكون صلة وصل بين شعراء الوطن الواحد ومثقفيه وفنانيه، وتخطي الطائفية والمذهبية ورفع راية الكلمة عاليًا، وبما أننا مررنا بحرب طائفية حاولت مسح الغبار عن وجه طرابلس من خلال إدارتي للمنتدى فأنا رئيسة شهرياد وأنا من أقوم بدعوة الشعراء وتنظيم لياليه وأمسياته.
مشاعر خاصة:
 الغيرة: أغار على نفسي وعلى كرامتي لكن لا أغار من أحد ـ الموسيقى: الموسيقى الرحباني تأخذني إلى عوالم أخرى ـ اللون: لوني المفضل هو الأحمر ـ الحكمة: لا حكمة مفضلة لدي، لأن لكل قاعدة شواذها ولا شيء ثابت في الحياة، نحن نضع الحكم لكي لا نستمع لها ـ الأكل المفضل: أكلتي المفضلة "الورق العنب" وأنا ست بيت ماهرة في الطبخ ـ هواياتها: هواياتي القراءة، الرياضة، الموسيقى.
وفي نهاية حوارنا معها، وجهت الشاعرة نغم نصار نصيحة لكل أنثى، وهي: أولًا، أشكرك أستاذ خالد على دعوتي للجلوس معك على مائدة الحوار الشهي، وكلي أمل أنني كنت ضيفة خفيفة.
 وأقول لكل أنثى لا تتوقفي عن الحلم ولا تسمحي لأحد بقص أجنحتك.
 
حوار أجراه: خالد ديريك

18
التشكيلية مريم زعيتر: الريشة والقلم هما قطبان أساسيان في منظومة التفاعل الحسي والفني 
تحلم زعيتر أن تحقق ما تطمح إليه ضمن رؤيتها كَفنانة
حوار أجراه: خالد ديريك
مريم زعيتر مهندسة ديكور وفنانة تشكيلية من لبنان
قلبها قلب طفل، تعشق الألوان واللعب، وتصارع قوس قزح في السماء للوصول إلى أهدافها رغم مطبات ومسافة الطريق.
 يرونها منذ الصغر الفتاة القوية والعصبية والمنعزلة عن مجتمعها ولكن في داخلها حياة، تحب الضحك والمرح والسفر بعيدًا عن المشاكل وانتقادات الناس والمجتمع، وترى المرأة القوية هي حريتها والتعبير عن آرائها بعيدًا عن القيود.
ترسم منذ الصغر وتختار ألوان لوحاتها بعناية فائقة فتجذب النظر وتوصل الفكرة بإبداع، ويطغى موضوع المرأة على أغلب أعمالها فضلًا عن مواضيع أخرى، كما تمزج حبر الريشة مع حبر القلم لتظهر لنا أشعارا مرهفة لتجمعهم في محفظة المستقبل القريب
نص الحوار ...
أوضحت الفنانة التشكيلة مريم زعيتر بأن حبها الشديد للرسم منذ الصغر جعلها تتوجه إلى الهندسة الداخلية والفن التشكيلي: بدأت الرسم وأنا من العمر أقل من ثماني سنوات، درست الهندسة الداخلية التي هي من نفس أسرة الفن التشكيلي، لأن الاثنان معًا يعبران عن الذوق والإحساس والألوان المتناسقة، وحبي للرسم منذ صغري جعلني أتوجه إلى الهندسة الداخلية والفن التشكيلي معًا.
تختار الألوان حسب موضوع اللوحة: في الرسم لا يوجد لون محدد أفضله، لأن كل لوحة وكل موضوع يتميز بألوانه بعيدًا عن الآخر، مثلًا، إذا رسمت عن الحرب والعواصف استخدم ألوان تختلف عن ألوان لوحة أرسم بداخلها عن الحب والربيع فكل منها تتميز عن الأخرى.
لا تلتزم بطقوس معينة أثناء الرسم، بل قد تتعدد هذه الطقوس، وذلك دائمًا حسب مزاجها: أنا دائمًا في حالة مزاجية مختلفة أثناء الرسم. أعشق الهدوء في بعض الأوقات، وفي حين آخر، أرسم وأنا أتسمع إلى الموسيقى العالية، وأيضًا مع أصوات الأطفال لأنني من عائلة كبيرة قلما تجد الهدوء.
تعتقد زعيتر بأن الفنان الذي ينتمي إلى المدرسة السريالية يتوجب عليه اتخاذ عدة الخطوات لـيلفت عناية الناظر: كي تؤثر لوحة الفنان على الناظر يجب أن يدرس أبعاد اللوحة وتوصيل الفكرة والرسم بشكل صحيح واللعب مع الألوان وخاصة إذا يرسم من المدرسة السريالية.
تناول التشكيلية مريم زعيتر المرأة في لوحاتها بشكل كبير، لأن المرأة في مجتمعنا هي الحلقة الأضعف وأنا جزء منها، لذا أرسم عن معاناتي وحياتي ومعاناة كل امرأة لا صوت ولا حق لها، وأرسم أيضًا عن الحرب في فلسطين المحتلة والحروب العربية والفقر، ولكن الموضوع الأكبر في اللوحة هي المرأة.
تأمل في تحقيق حلمها المتمثل في الوصول إلى العالمية: الأحلام الواقعية بالتأكيد تتحقق، ولكن الفن يرسم أحلامًا جديدة نعيشها في خيالنا لأن الواقع ليس دائمًا جميلًا.
وحلمي أن أحقق ما أطمح إليه ضمن رؤيتي كَفنانة، لأنني لم أحقق من أحلامي إلا جزءً بسيطًا حتى الآن، والأجمل في ذاكرتي من الأحلام هو الوصول إلى العالمية والشهرة أكثر. وللمستقبل عنوان راشد، لأنه ينظر إلى الأمام ويحدق في الأفق البعيد، ويستكشف ما وراء الأكمة، ويسعى للبناء.
تصف مشاركتها الأولى في المعرض الفني كَحلم تحقق: مشاركتي الأولى في المعرض الفني الذي أقيم في الأردن اعتبرها كَحلم تحقق، وقد كان يومًا جميلًا في حياتي، وأيضًا إعجاب الناس بلوحاتي جعلني أحس بالطمأنينة الكبيرة.
وتوضح رأيها في النقد التشكيلي بالتالي: الفنان الحقيقي يضيف للفن الكثير، فيتعلم من خلال مرايا الناقد الصورة الجلية والثابتة مما يعطيه قدرة على مراقبة إبداعاته، لأن النقد يبين أخطاءه ويصححها.
وضع الرسم والتشكيل في لبنان جيد، ولكن: مستوى الرسم في لبنان جيد حاليًا، ولكن الأوضاع السياسة والاقتصادية تجعل كل شيء يذهب إلى الوراء رويدًا
بدأت حكايتها مع الشعر منذ الصغر: حصل التعارف بيني وبين الحرف والشعر منذ الصغر، لأن الإنسان يكون موهوبًا منذ طفولته، ولكن الاكتشاف والانتباه طورني أكثر عندما دخلت إلى عالم الفن.
وفي هذا السياق تنوي زعيتر: أنوي أن يكون لي كتابًا شعريًا باسمي، وأسجل هنا، لا يزال ينقصني الكثير ولست بشاعرة، على رغم من أنني اكتب الشعر
 الامتزاج بين حبر اللون والقلم يعني لها عالم من الجمال: الريشة والقلم هما قطبان أساسيان في منظومة التفاعل الحسي والفني بالنسبة إليّ. ومع اندماج الفنين التشكيلي والشعر، أرى أنني في عالم من الجمال، عالم اللحظات الساكنة الموجودة في أعماقي.
 وفي نهاية الحوار توصي الفنانة التشكيلية مريم زعيتر جميع على العلم والمعارف موسومة بالأخلاق الفاضلة: لا تبنى الأمم بغير العلم، وكل علم لا يحسن من أخلاقنا وتصرفاتنا فهو ليس من العلم المعرفي، فالمعرفة أن نعيش حياتنا بشكل علمي متجاوزين أي مشاكل تفسد ثقافتنا ومعرفتنا.
حوار أجراه: خالد ديريك

19


التشكيلية شريهان بكلرو: لا توجد قاعدة ثابتة لفهم اللوحة التشكيلية … ولا إبداع بلا فطرة
تفضل بكلرو العزلة أثناء الرسم

 
حوار أجراه: خالد ديريك
اتسمت في مرحلة الطفولة بطابع الخجل والميل للانعزال إلا أنها كانت مقبلة على الحياة بشغف وتفاؤل، وشكل حبها للرسم وولعها بالفن دافعًا لتلتحق بإحدى مراكز الفنون لصقل موهبتها أكاديميًا، ومع بروز نزير الحرب وما آل إليه الحال في سوريا، كان خيار النزوح إلى تركيا لا مفر منه لها ولأسرتها، وبعد مكوثهم بضع سنين هناك، تنتهي بهم المطاف بألمانيا، إنها الفنانة التشكيلية الكُردية شريهان بكلرو ابنة مدينة السلام والجمال والزيتون، مدينة عفرين بريف حلب ـ سوريا.
درست فن الرسم والنحت في مركز تشرين للفنون الجميلة إلى جانب دراستها الجامعية في قسم الفلسفة بكلية الآداب بحلب، وشاركت في العديد من المعارض الجماعية منها: – معارض جماعية مع الطلاب في صالة تشرين بحلب بتواريخ 2009-2010-2011 – معرض جماعي مع نخبة من الفنانين التشكيلين في مدينة فيليش بألمانيا 2017 – معرض جماعي في مدينة كريفلد بألمانيا 2017 – معرض مشترك مع الفنان سلام أحمد في المكتبة الرئيسية بمدينة كارلستاد في السويد 2018 ـ معرض فردي في Galleri 2 في مدينة سفلا في السويد، ب 27 أكتوبر 2018
وكان لنا هذا اللقاء معها ….
لا ترى التشكيلية شريهان بكلرو للموهبة أي بداية، وما سلكت درب الفن إلا لإرضاء الذات: لا توجد للموهبة بداية مطلقة أو نقطة الانطلاق فهي تولد في داخلنا بعامل فطري ثم تترجم رويدا رويدا إلى واقع ملموس من خلال مزيج عفوي رائع بين المشاعر والريشة لتكتمل اللوحة بأبهى صورة كما ترتضيها خلجات الروح، فمنذ نعومة أظافري كنت أقلد أخي الأكبر في رسمه وكان حافزي أن أكون الأفضل وعندما بدأ أهلي وأصدقائي يلتمسون تلك السحنة الفريدة في رسمي كانت نظرات أعجابهم كافية لأقدم المزيد وكل ما هو بوسعي وخاصة أنني كنت فتاة خجولة، فما كنت أتفرد به بيني وبين ذاتي كنت أوصله للآخرين بشكل غير مباشر. والذي استهواني حقًا في هذا الفن هو إرضاء ذاتي وجعل الآخرين يتذوقون معي انعكاس الواقع من خلال ريشة فنان وإحساس إنسان بسيط.
تؤكد على ضرورة توفر الشرطين لبلوغ الإبداع: الموهبة تولد بالفطرة ولا إبداع بلا فطرة ولكن عندما نمتلك الفطرة فنحن بحاجة للتوجيه تلك الفطرة وتنميتها وكسب خبرات تؤدي بنا إلى بلوغ مرحلة الإبداع فكلاهما الفطرة واكتساب الخبرة شرطا الإبداع.
تنوي الرسم عندما تريد أن تعبر عن أعماقها ومشاعرها: أنوي الرسم عندما تشعر ذاتي بالحاجة إلى التعبير عن انفعالاتها وأن أترك العنان لها لتتصور على شكل ألوان فتلك الألوان هي تعابير صادقة عنها وهي لسان حالها المرئي، فحين أشاهدها تجسدت على قطعة قماش أشعر براحة مميزة بين خلجات نفسي وقد تتغير حقًا وفقًا للحالة وتقلباتها بين اللحظة والأخرى.
أفكار لوحاتها هي من تجاربها، لذا تراها أصدق التعبير: التجربة الذاتية هي موضوعات لوحاتي ففي كل مرحلة من مراحل حياتي نصيب من رسمي وتوصيف الحال الذاتية هي خير تعبير وصادق عن الشعور فعلى سبيل المثال :(عندما كنت حامل بابنتي “إليانا” شعرت بإحساس الأمومة وتلك العواطف الجياشة التي كانت تنتابني حينها كأم فما كان مني إلا أن أتناول ريشتي وأن أجسد صورة المرأة الأم التي هي رمز العطاء وهي في حالة التأمل وما تعنيه من تجدد وبداية الوجود).
لا مدة محددة لإنهاء اللوحة لديها: بالنسبة للمدة فلا إطار زمني للوحة فكل لوحة أبدأها، أمنحها حقها من الانفعالات والعاطفة حتى تبلغ مرحلة الكمال بالنسبة لي.
ومن طقوسها أثناء الرسم: أفضل العزلة أثناء الرسم، وقليلًا من الموسيقى الهادئة حتى أتمكن من بلوغ مرحلة النشوة التي تزيح عني أعباء الحياة وتتركني لأصل إلى قمة التعبير عن الحالة المعنية.
لا ترى بوجود قاعدة ثابتة لفهم لوحة: إن تذوق الجمال يختلف من شخص لآخر وعندما أرسم لا أضع في حسابي المتلقي أو المشاهد للوحتي بقدر ما أشعر أنا بذاتي بالرضى عن عملي الفني، والعلاقة بين التعبير والتجريد علاقة طردية وقد يختلف الإحساس باللوحة الفنية من شخص لآخر بحسب الحالة النفسية للمشاهد، لذا برأيي لا توجد قاعدة ثابتة لفهم اللوحة التشكيلية، لذلك أصب جل اهتمامي بالألوان التي تعبر عن انفعالاتي والتي قد تكون أقرب إلى أحاسيسي وبالتالي لإحساس المشاهد للوحة بما أنها نابعة من عفوية وصدق المشاعر.
صقلت موهبتها أكاديميًا بعدة المراحل: كانت بدايتي مع قلم الرصاص في رسم الطبيعة الصامتة ثم توجهت بعد دخولي إلى المعهد للفحم والزيتي فكان لي تجارب متنوعة في رسم الحارات الشعبية وكذلك في تجربة النسخ من خلال تقليد لوحات فنانين عالميين أمثال الفرنسي (هنري لوتريك) وغيره، أي أني تعلمت الرسم حسب الأصول الأكاديمية إلى أن بلغت مرحلتي التشكيلية الحالية التي أعتبرها أنها تنتمي إلي كـ شريهان.
تأثرها بالفنانين له شكل خاص من خلال: بالنسبة لي كنت أعجب بأعمال الفنانين العالميين الذين كانت لهم بصمات فنية خالدة، وبالنسبة للتأثري فله نوع خاص والذي كان يأخذ على شكل تكريم لشخصيات فنية أو أدبية أو ما إلى ذلك فكنت ارسم تلك الشخصيات لأعبر عن امتناني لها وتقديري لعطائها وكان من بين أولئك الفنانين الراحل (عمر حمدي) الذي رسمته ببورتريه تخليدًا لذكراه وأعماله الفنية الرائعة.
ترى الأستاذة شريهان بأن العلاقة بين الفلسفة والفن علاقة جدلية: نعم العلاقة بينهما هي علاقة جدلية صعبة التحديد والخوض فيها، تحتاج إلى دراسات متمعنة حتى لا نأتي بأحكام ونتائج غير دقيقة وهي كانت محض اهتمام معظم الفلاسفة والدارسين أمثال أفلاطون الذي اعتبر الفن وهمًا وقدم الفلسفة عليها انطلاقًا لأحكام الفلسفة التي تنطلق من العقل بعكس الفن الذي ينطلق من المشاعر والأحاسيس.
درست الفلسفة لتأثرها بعمتها: اختياري للفلسفة بدأ مع مرحلة نضوجي العقلي في مرحلة الثانوية حيث أنني تأثرت بمعلمتي التي كانت عمتي (أيتان بكلرو) حيث أنها منحتني من الوقت لأعجب بهذا القسم لأتوجه إليه فيما بعد.
عن الغربة في ألمانيا، لخصت بالتالي: تعتبر اللغة وفهم ثقافة المجتمع من أهم أسس الاندماج في أي مجتمع وانطلاقًا من ذلك أعمل بجد في تعلم اللغة الألمانية، وعلى الصعيد الفني انضممت إلى مجموعة من رسامين ألمان ومن مختلف الجنسيات في مرسم (Art Togather) حيث كانت تجربة نوعية بالنسبة لي لأمثل بلدي بين أولئك الفنانين وأن أستفيد من خبراتهم أيضًا وربما كانت بوابتي نحو إثبات الذات في الغربة.
الفنانة التشكيلية شريهان بكلرو لا تريد أن ترسم عن مدينتها (عفرين) إلا عن جمالها لا كما أراد لها الأشرار: عفرين بالنسبة لي هي منبع الجمال والبساطة ولا يمكن أن أتخيلها غير ذلك، فما يطغو عليها اليوم من سواد وشحوبة ورائحة الدماء لا يمت لها بأي صلة فـ عفرين ولدت جميلة ولن أتخيلها إلا جميلة كما أشجارها وبساتينها وطيبة أهلها. لذا سأرسمها كما يليق بها وليس كما أراد لها الأشرار.
الجدير بالذكر … إن مدينة عفرين ترزخ حاليًا تحت الاحتلال التركي

 حوار أجراه: خالد ديريك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحوار منشور في العدد 77 عام 2018
 من صحيفة صدى المستقبل الليبية، التي تصدر عن منظمة صدى المستقبل الإعلامية
       

20
أدب / انتظر إحساسا
« في: 10:49 20/01/2019  »
انتظر إحساسا

بقلم: خالد ديريك
..............
مُتَّكِئ على وسادة الليل
أرى قمرا ....
قد اقتبس من صفاء وجهك جمالا
ليمنح جمهورية سوداء شعاعا ....
في دائرة الصمت هذا
انتظر من أناملك إحساسًا
يمزق خيوط اليأس في وحدتي
يحرك خلايا اليقظة في متاهتي،
يناغي خصلات الآمل في كآبتي ...
إحساسا ....
يقتل شوقا....
ينبت زهرا ....
يصنع جناحا
فأطير ...
خالد ديريك



21


عندما تخلط أمريكا الأوراق!
بقلم: خالد ديريك
ربما لم ينتبه أحد من المحللين والسياسيين، ومنذ اليوم الأول للحراك الشعبي وإلى أن وصل الوضع في سوريا إلى هذه الدرجة من التعقيد والتشابك في المصالح والتغيير في المواقف السياسية والمفاجآت في النتائج العسكرية، إنها معارك كسر الإرادات وفرض الحلول بالقوة النارية والتوسع والتوغل بأي طريقة كانت على حساب الدماء السورية.
أما حديث الساعة هو عن ترك أمريكا القوات السورية الديمقراطية (الكُرد والعرب والسريان) في سوريا ومن دون أية حماية من الحشود والتهديدات العسكرية التركية والسورية بعدما كانوا في نظر العالم جنود شجعان، ساهموا بشكل كبير في إبعاد شر تنظيم “داعش” عن العالم وأسقطوا عاصمة الخلافة المزعومة (الرقة)
هؤلاء الكُرد الذين كانوا ضحايا التقسيمات الاستعمارية في القرن المنصرم وجدوا أنفسهم في مواجهة أنظمة لا تؤمن إلا بلون واحد، وتقمعهم بشتى الوسائل لمجرد أنهم أكراد، إلى حين تسليط تنظيم “داعش” عليهم وعلى بقية المكونات في سوريا والعراق، ولا يزالون يبحثون عن الهوية الوطنية العادلة والحقوق القومية المستحقة …

أمريكا تنسحب!
بالرغم من النفوذ الأمريكي الجزئي في العراق حاليًا ووجود قواعد عسكرية لها هناك، لكن، مع انسحابها العسكري الكبير في نهاية 2011 أطلقت يد إيران أكثر في هذا البلد والمنطقة، فهل سيفعله دونالد ترامب في سوريا كما سلفه في العراق!؟
لا تترك أمريكا أي أرض دخلتها، بسهولة، ما لم تجد من يحفظ على الأقل مصالحها هناك أو تحاول العودة مرة أخرى من خلال الفوضى الخلاقة أو إذا كان البديل الممنوح لها أفضل، البدائل هنا ليست المال وحده فالدول الكبرى كأمريكا تبحث عن أراض بما فيها والقواعد العسكرية لتتحكم بمصائر الشعوب والسلطات وتضبط إيقاع السياسات، وخاصة في المناطق الساخنة كَــ سوريا التي تشكل جسرًا بين بغداد وبيروت حيث المحور الإيراني الذي يكن العداء لها، زد على ذلك، تعد خطوة الانسحاب الأمريكي من شرقي الفرات في سوريا تقوية لـ دور منافستها روسيا المتعطشة للمياه الدافئة في الشرق الأوسط، ومحطة لإنعاش داعش مرة أخرى …

محنة الكُرد، ودخول العرب!
وبعد تقوية دور دمشق بمساعدة حلفاءها على حساب وهن المعارضة وتشتتها، والتي وظفت أغلبها نفسها كـأداة لتحقيق الأهداف والمآرب الداعمين لها وخاصة تركيا التي سلمت مدن وأرياف للمحور الروسي في اتفاقيات مشبوهة، ولملمة تركيا فيما بعد لهؤلاء المعارضين العسكريين وحشدهم في بعض الجيوب من الشمال السوري كي تستخدمهم في حربها المعلنة منذ عقود ضد الكُرد ولإجهاض المكتسبات الكُردية السورية هذه المرة، لكن توجه مجلس سوريا الديمقراطية مؤخرًا صوب دمشق وموسكو جعلت تركيا تتباطأ في تنفيذ تهديداتها الأخيرة بإجتياح شرقي الفرات …

أما مسألة منح واستعادة حقوق الكٌرد من النظام في دمشق وفي الوقت الراهن وبدون إسناد وضغط إقليمي ودولي لن تتحقق، سيحاول النظام استعادة كامل المنطقة على طريقة ما تسمى بالمصالحات المحلية … وإذا عادت أمريكا هذه المرة بشكل مباشر أو غير مباشر لخلط الأوراق من جديد فإنها ستحاول دفع كُرد سوريا والأتراك إلى التصالح لمواجهة التمدد الإيراني …
ونستنتج مما سبق إن توجه بعض الدول العربية نحو دمشق مؤخرًا هو ليس إلا محاولة من هذه الدول وخاصة الخليجية ومصر لإبعاد سوريا عن خطر التوغل التركي والإيراني وإعادتها إلى عمقها العربي قدر المستطاع، تبقى هذه المهمة ليست سهلة، لأن حلف طهران مع دمشق ليس وليدة اليوم وقد تعاظم أضعاف المرات منذ 2011 والتوغل التركي أصبح واقعًا، وبرضى المعارضة التي تشكل نسبة كبيرة من الشعب السوري، وإذا ما أراد العرب أن يبعدوا الهاتين القوتين الإقليميتين عن سوريا فإنهم بحاجة إلى دعم الروس والغرب أيضًا، وهنا تتشابك المصالح وتكمن المعضلة فالانسحاب الأمريكي المزمع من شرقي الفرات هو في جزئها ترضية لتركيا لمساعدتها في مواجهة إيران، والروس بحاجة إلى إيران بشكل أو بآخر لمواجهة الغرب… فهل ستنجح الدول العربية!


خالد ديريك

22


"سيرة شوقي" قصيدة مشتركة بين خالد ديريك وغفران سليمان



خالد ديريك وغفران سليمان

سهام البعد جعلتني
أحبو على سجادة الوقت
في وسط زوابع تأبى أن
تتوارى خلف برزخ شاهق ...

كيف لي أن أتخطى أسوار اليأس؟
للوصول إلى قطف ثمار الآمال
قبل أن تنخرها أشواك الخيبات،
تلك الخيبات التي تعودت أن 
تحصد سنابل ابتساماتي
كلما اقترب شوقي من مبتغاه...

كلما اقترب شوقي من مبتغاه
عصفت به رياح الهجر والغدر
أغلقت في وجهه ابتسامات اللقاء،
حتى نوافذ الأمل أوصدت
اتشحت بالسواد
سأركب أحصنة اللهو
وأدجن براري وحشتي
لتنقل لي بؤسي إلى
أبعد مكان تصله
روح أو نفس
سيبتهج يومي ويبزغ حلمي
الممكن والمجهول.


 

 

23
الشاعرة نرجس عمران: الغموض ليس دليل الإبداع ولا الوضوح سمة التفوق
تكتب نرجس عمران غالبًا عندما يلتقط قلمها الإلهام والوحي
حوار أجراه: خالد ديريك
شاعرة تقطف من عمق القواميس أجمل الكلمات وتدونها على أوراق ملونة بحبر النرجس وعلى وقع عزف أجراسها تخرج القصيدة إلى الحياة.
 تكتب عن موضوعات الحياة المختلفة ومشاكلها: السلام -الإنسانية –التعصب، الحب، المرأة .... ونتيجة لامتلاكها الثقافة العامة استطاعت أن تنوع كلماتها فكتبت الواضح الممتع وفي نفس الوقت الغامض الجميل وصنعت نصوصًا باذخة، معتمدة على التكثيف والتصوير والمجاز والتسهيل تارة كلما همست الروح والإلهام لها. لذا فإن نصوصها توافق وتمتع مختلف الأذواق.
وهي كاتبة وناشرة ومحررة لدى العديد من الصحف والمجلات الأدبية، وتكتب أجناس أدبية مختلفة (قصة قصيرة، قصيرة قصيرة جدًا، قصة طويلة، خواطر، قصيدة النثر، اللهجة البدوية، المحكي السوري) وحصيلة جهدها الأدبي ثلاث دواوين خاصة ومجموعة قصصية، ومشاركة في أربع دواوين شعرية ومجموعة قصصية إضافة إلى العديد من الدواوين الإلكترونية. وقد ترجم الكثير من أشعارها إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والأمازيغية.
شاركت في العديد من الفعاليات والمهرجانات الثقافية بغرض نشر وترسيخ معاني ومفاهيم التواصل الأدبي والثقافي وتعزيز روح المحبة والسلام والتمسك بالقيم السامية. وظفرت بعشرات من التكريمات والدروع والجوائز من مختلف المؤسسات والمنظمات المحلية والعربية والدولية، منها: دكتوراه فخرية من منظمة الفن والإبداع الدولية والنوايا الحسنة، المغرب العربي - دكتوراه فخرية من المركز الثقافي الألماني الدولي في لبنان - راعية للسلام من قبل peaceKeeper في سورية - سفيرة أكاديمية السلام في سوريا ومقرها ألمانيا - سفيرة السلام من قبل منظمة حقوق الإنسان وقوة مكافحة الجريمة إيرلندا والهند وغيرها الكثير....
إنها الشاعرة نرجس عمران من مواليد دمشق ـ سوريا، خريجة وزارة الصحة ـ اختصاص الصيدلة.
حوار مع الشاعرة نرجس عمران/ خالد ديريك
الشرارة الأولى للدخول إلى الحقل الكتابة كانت في فترة مراهقتها عندما كتبت الأبيات التالية تتغزل من خلالها نفسها وصديقاتها:
نرجس يا زهرة علاها الندى
فزادها جمالا وحلا
شعرك أسود كالدجى
وعيناكِ أجمل من عيون المها.
حيث "ندى ومها وحلا" هن صديقات للشاعرة نرجس عمران.
لكن، التعلق الأكبر بالقلم بدأ عندما نبض قلبها للحبيب ولتستمر فيما بعد إلى الآن:
ثم لاحقًا، عندما بدأت أخط قصة حبي، تعلقت بالقلم لأكتب الرسائل العاشقة، وبعدها دخلت نوعًا ما في معترك الحياة العملية وعدت مجددًا للكتابة، لكن هذه المرة عبر بوابة الصفحات التواصل الاجتماعي من خلال كتابة الخواطر وبالتالي التشجيع والدعم من المحيطين والأصدقاء ثم المتابعة والاستمرارية.
ومن طقوسها في الكتابة: اكتب غالبًا عندما يلتقط قلمي الإلهام والوحي حينها أجد الكتابة تفرض نفسها بشكل سهل وسلس وجميل، وأحيانًا أمسك القلم لاستحضر نص حينها قد تكون الحالة غير غارقة في السهولة ولكن النتيجة جيدة.
ترتل قصائد غامضة وأحيانًا واضحة المعنى بحيث ترضي جميع الأذواق: اكتب الحالتين، والشعر الجميل والكلام العذب لا يتعلق بغموض أو وضوح وإنما يتعلق بقربه من الروح، أقصد أن الغموض ليس دليل الإبداع ولا الوضوح هو سمة التفوق. قد يكون النص غامضًا أو كما يوصف نص تحكيمي أو نقدي أو .... ويكون قمة في الجمال.
وأحيانًا يكون آية في البساطة وروعة في الشمولية لذلك أعتقد أن القرب من الروح هو ما يوصل النص إلى الفئات سواء التحكيمية أم غيرها. وأنا أحب أن أرضي جميع الأذواق لذلك تراني اكتب الغامض التحكيمي والبسيط السهل الموجه للعموم.
حفظ الأشعار من عدمه أمر عادي وليس له أي دلالات: أنا أحفظ بعض أشعاري وليس كلها وأغلب ما أحفظها هي من البدوي أو الغنائي وبعض من الفصحى أما أن أحفظ ما يعادل أربع إلى خمس دواوين فصحى فهذا صعب جدًا.
أقرأ ما أحفظ غيابيًا وما لا أحفظه أستعين بالورقة، بكل الأحوال هو أمر عادي ليس له أي دلالات ....
ثقافتها عامة هي التي تساعدها في كتابة القصص، وللقصص قواعدها: أعتقد ثقافتي العامة تساعدني على كتابة القصص بأنواعها القصيرة والطويلة والقصيرة جدًا، وما اكتبها، بعضها من الخيال وبعضها من الواقع.
وتستطرد قائلة: نظرًا لتعدد المسميات حتى صار هناك الشعر القصصي والقصة الومضة وغيرها فالشاعر عليه أن يواكب الثقافة المتجددة ليحافظ على تواجد غني، وفي ظل هذا التنوع يفي الأغراض الكتابية والقصصية اللازمة فهناك قواعد لابد من الحفاظ عليها في كتابة القصص حسب أنواعها.
وتتابع: تجذبني القصص الواقعية القصيرة ذات الحكمة والفائدة والعبرة. وأعتقد الرواية متربعة على عرش الأدب لا غيرها.
عندما تجد صعوبة في كتابة جنس أدبي ما، فتتريث ولا تكتبها، ويعجبها التنوع وتردف قائلًة:
اكتب مختلف الأجناس الأدبية (قصة قصيرة، قصيرة قصيرة جدًا، قصة طويلة، خواطر، قصيدة النثر، ولهجات البدوي والمحكي السوري) لأني لا أجد فيها صعوبة، لو كنت أجد صعوبة في إياها لما كتبتها، ولكن لا أقحم نفسي في الشعر العمودي لأني لم أتمكن منه بعد. 
وتضيف: يعجبني التنوع لذا اكتب عدة أنواع من الأجناس الأدبية، ومن يناسبه التنوع لا ضرر ومن يناسبه كذلك التخصص أيضًا لا بأس.
بالنسبة لي أحب التواجد حيث يدفعني الإلهام وأحبذ الاستمرارية، ليس بالضرورة أن أكون الأولى، لن نخلق هكذا أنما ننشر لنتعلم.
صدى كلماتها هو من أفكارها وخيالها غالبًا: كل ما اكتبه هو من بنات أفكاري سواء خواطر، شعر، قصة، ولكن ليس بالضرورة أن تكون حدثت على أرض الواقع فبعضها من الخيال وهنا يكمن الإبداع الأدبي في اختلاق الشخصيات أو العمق في معنى المفردات.
 وعن ترجمة النصوص والكتب، تقول الشاعرة نرجس عمران: تساهم الترجمة في إيصال الشاعر والكلمة إلى بيئات أخرى مختلفة.
لكن، لا أجدها (الترجمة) تحافظ تمامًا على النص الأساسي أنما تسبب بعض الاضطرابات اللغوية أو انحراف في المعاني والنحويات.
ترى التكريمات وشهادات الشكر والتقدير المختلفة التي حصلت عليها هي نتيجة الجهد المتواصل:
لكل مجتهد نصيب، ومن منا لا يحب أن يقال له كلمة شكرًا، ممنونة لكل من وجهها لي سواء شفهيًا أو كتابيًا أو إلكترونيًا أو ورقيًا. إنها نتيجة احترام ومحبة وتقدير وعلينا أن نردها بالمثل، نعم هي نتيجة جهد وتعب وكلنا نتعب لنجد النتيجة التي تدل على أن التعب يثمر.
إنتاجها الإبداعي: ـ ديوان "أجراس النرجس" مجموعة نثرية مختلفة المواضيع ـ ديوان "بصمات على أوراق النرجس" مجموعة نثرية مختلفة المواضيع ـ ديوان "النرجس إذا بكى" مضمونها رثاء ـ مجموعة قصصية "سفر الموت" ـ أما دواوين مشتركة: ديوان "ملوك الياسمين" ـ ديوان "همسات على أمواج البحر" ـ ديوان "رسائل حب من طرطوس" ـ ديوان "نداء الروح" ـ مجموعة قصصية مشتركة "أحلى القصص". إضافة إلى العديد من الدواوين الإلكترونية.
لا تفضل الشاعرة عمران أي كِتاب لها على آخر لأن لكل واحد منه مولد وظرف خاص، فهي تحب جميع مؤلفاتها لأنها نتاج تعبها وجهدها.
وترى في مواقع التواصل الاجتماعي نعمة، لكنها تحذر! علينا استغلالها إيجابًا وللمفيد لأن هي أو سواها تؤذي أن أسيء التعامل معها.
كما تؤكد بأن طرقها للوصول إلى الغاية، هي الاستمرارية ثم الاستمرارية في الكتابة مع المطالعة والحضور.

أجوبة خاصة:
في الغيرة: أغار عندما ينال غيري الفرصة التي استحقها أنا ولا يكون هو جديرًا بها، أغار على من أحب، أغار كأي امرأة.
الموسيقا: حسب المزاج، أحب الموسيقا الحزينة لأبكي حين الغضب، وموسيقا التي تبهج لأنسجم أكثر بجو الفرح
ألوان: يعجبني اللون الأصفر
 الهواية: الفن عمومًا، وأرى الطبخ أيضًا فن لذلك أنا إنسانة أحب الطعام بأنواعه المختلفة. وكما أهوي الكتابة والغناء.
وتختم الحوار: ممنونة لكم وكل الشكر على هذا الحوار، أشكركم دومًا لأنكم أهل الثقة وأسرة أدبية أفتخر بها دومًا.   

 
حوار أجراه: خالد ديريك
العدد 212 / الخميس 25 أكتوبر 2018 في ملحق "أقلام عربية" الصادر عن جريدة الكلمة المصرية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     


24
تورجين رشواني: لم أطبع الكثير من كُتبي لأسباب اقتصادية ... والمرأة هي العالم وهي الخليقة
الشاعر والكاتب تورجين رشواني: أنا متأثر بالشاعر الكُردي "ملاي جزيري" حتى الثمالة

حوار أجراه: خالد ديريك
ينتمي حسن عز الدين شيخموس الملقب بـ "تورجين رشواني" إلى عائلة كُردية كادحة وفقيرة من مواليد مدينة قامشلو ـ سوريا عام 1958
درس الابتدائية والإعدادية والثانوية في قامشلو ثم ألتحق كلية الآداب بجامعة دمشق ـ قسم الجغرافيا، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية لظروف خاصة.
بدأ بكتابة الشعر في الثمانينيات من القرن الماضي ثم دخل في ميدان كتابة القصة القصيرة والمسرح، ترأس فرقة "نوجين" الفلكلورية عام 1984
له من الكتب المطبوعة: ـ ديوان شعر كُردي بعنوان "ليلاز" ـ مجموعة قصصية كُردية بعنوان "ديمنك نو" ـ كتاب بحث ونقد وترجمة كُردي عربي بعنوان "جكرخوين إلى أين" ـ كتاب بحث بعنوان "اومريان تاريخ وجغرافيا "
الكتب غير المطبوعة: له أكثر من خمسة عشر ديوان شعر كُردي جاهز للطبع، والعديد من المقالات عن المرأة وأمير السينما الكُردية "يلماز كوني" وعدة مسرحيات وتمثيليات صورت في الثمانينيات مثل مسرحية "دينو"
 كما إن الكثير من قصائده تم تلحينها وغناءها من قبل الفنانين الكُرد. ولا يزال قلمه ينبض إلى هذه اللحظة.
حوار مع الشاعر والكاتب تورجين رشواني/ خالد ديريك
عن بداية نشأته وتكوينه الأدبي، يقول:  وضعت اللبنة الأولى لتكويني الأدبي عندما كان والدي يناولني مصروفي اليومي الذي لم يكن يتعدى (فرنك) سوري أي خمسة قروش وأنا كنت بدوري أضعها في جرة صغيرة، وكل فترة كنت أكسر الجرة وأذهب إلى المكتبات لأشتري بها كتبًا لكي أقرأها، وبعد اطلاعي على دواوين الشاعر الكُردي جكرخوين، صممت أن أدرس اللغة الكُردية إلى جانب العربية ولم يساعدني أحد أبدًا، وعند قراءتي للشعر الكُردي ولا سيما كنت شغوفًا ومحبًا للشعر والفن إلى حد بعيد وعليه بدأت بكتابة بعض الأبيات الشعرية فرأيت إنها جيدة، خصوصًا عندما كتبت قصيدة (سورتي دوستي من دي) وصارت أغنية مشهورة، أدركت حينها إني وضعت اللبنة الأولى لمشواري الأدبي.
برى الأستاذ رشواني أنه يجب أن يتوفر في الشاعر والكاتب عدة الشروط وهي: لا يولد شيء من الفراغ وأيضًا الشعر والكتابة يجب أن تتوفر فيهم عدة شروط بحيث تتوحد في بوتقة واحدة حتى تستطيع أن تكون شاعرًا وكاتبًا، أما شرط أو شرطين لا يمكنك منها فمثلًا الموهبة هي من شروط الشعر والكتابة، لكن الموهبة وحدها لا تجعلك تصل إلى ما تريد بالإضافة إلى الموهبة وصقلها يجب أن يكون لك خلفية ثقافية أيضًا، أكثر الأحيان تتفتق الموهبة من المعاناة فكل ما ذكرته يجب أن يتحد في شخص الشاعر والكاتب فالموهبة وحدها أو الخيال وحده أو الثقافة وحدها أو العلم وحده لا تسطيع أن تكون أو تصنع منك كاتبًا وشاعرًا فالكاتب والشاعر يجب أن يكون مثقفًا وملمًا وموهوبًا بالفطرة، أي أن  يتصف بواسع الخيال والإكثار من المطالعة العامة في كل شيء.
بنية الشعر الكُردي مميزة، وللشعر الكُردي خصوصية، ويشرح بالأمثلة: بنية الشعر الكُردي مميزة وتختلف عن بنية الشعر العربي والتركي والأوربي ويتجلى ذلك في ثلاثية ورباعية وخماسية وسداسية الأبيات، ويتجانس مع الشعر الكُردي فقط الشعر الفارسي، ونشاهد ذلك في رباعيات الخيام والجامي والشيرازي.
وللشعر الكُردي خصوصية مميزة حيث جميع أنواع الشعر الكُردي يصلح للغناء بينما في اللغات الأخرى لا يتحقق هذا الشرط، ثانيًا، ما يميز الشعر الكُردي عن بقية الأشعار هي القافية فالقافية الكُردية تأتي الكلمة كاملة قافية بينما الأخرى تأتي حرفًا فقط، مثال للشعر العربي
(وَأطْلَسَ عَسّالٍ، وَما كانَ صَاحباً،    دَعَوْتُ بِنَارِي مَوْهِناً فَأتَاني
فَلَمّا دَنَا قُلتُ: ادْنُ دونَكَ، إنّني    وَإيّاكَ في زَادِي لمُشْتَرِكَانِ)
نرى القافية فقط هو حرف النون والياء لتثنية بينما نرى في مثال للشعر الكُردي (صباح الخير خاني من                     شاهي شيرين زباني من) نلاحظ أن كلمة "خاني من" وكلمة "زباني من" كلها قافية وهذا ما لا يتجلى في أشعار الشعوب الأخرى.
يتابع: الشعر الكُردي عامة والغنائي خاصة لهما خصوصية جميلة فلننظر إلى غناء الملاحم (شر) نرى كلماتها لا تدخل في سياق الشعر لكنه غناء فالكلمة الواحدة في اللغة الكُردية هي حروف صوتية موسيقية صالحة للغناء.
أهم الفنانين الذين غنوا من أشعاره: الذين غنوا من أشعاري بالحقيقة هم كثر لدرجة لا أذكر أسماء الكثيرين منهم لكن أذكر منهم:
1-محمد أمين جميل 2-سيبان 3 ـ لقمان داري 4-عدنان سعيد 5-حمزة حاجان 6ـ روني جزراوي 7-سليمان نذير 8-حسن يوسف 9 -ريزان أوسي   10 ـ شيرين   11 ـ الفنانة دانة 12 -فريد زيدان 13 -رضوان حقي وغيرهم.
كتب بعض المسرحيات وتم تمثيلها وتوزيعها منذ الثمانينات: كتبت بعض المسرحيات والتمثيليات وقد مثلت وصورت ووزعت ضمن كاسيتات فيديو في عام 1985 مثل تمثيلية بعنوان (دينو) أي المجنون والتمثيلية هي باللغة الكردية.
يوضح الفروقات بين الكتابة المسرحية والقصصية على الشكل التالي: وما يميز المسرح عن القصة هناك فروقات واسعة وكتابة المسرحية أصعب من كتابة القصة لأن المسرحية هي قصة ويضاف إليها سيناريو وتوزيع أدوار وانتقاء المكان والزمان، ولغة المسرحية غير لغة القصة فلغة المسرحية حركية الجسد والروح بينما القصة أما أن تكون سردية أو محكية نثرية.
يعرف الأستاذ تورجين رشواني الشاعر الكُردي جكرخوين من خلال الكلمات التالية: جكرخوين هو لقب لشاعر كُردي سوري مشهور واسمه الحقيقي شيخموس حسن تأثر بالشاعرين الكُرديين أحمدي خاني وملاي جزيري، وله أكثر من عشرين عمل كتابي بين شعر وقاموس ودراسة التاريخ، وله الفضل الأكبر بتفتق الوعي القومي للشعب الكُردي في سوريا.
أما محتوى كتابه "جكرخوين إلى أين": محتوى كتابي فيه لمحة عن تاريخ حياته، وقد عالجت مواقف الشاعر جكرخوين في شتى المجالات مثلًا موقفه من المرأة ومن العمال والفلاحين، ونظرته إلى رجال الدين إضافة إلى جانبه القومي والوطني. أيضا تطرقت إلى أسلوبه الأدبي وعاطفته وموسيقاه الشعرية وهكذا طبعًا لكل موقف شواهد بيت أو بيتين من قصائده ذات الصلة ومكتوبة بالكردية ومن ثم قمت بترجمتها إلى العربية بالإضافة إلى القصة الشعرية والملحمة الشعرية وأشياء أخرى ....
يكتب الأستاذ تورجين رشواني عن المرأة لأنه يعتبرها سبب الوجود وبالتالي هي كل شيء: إذا كان لديك فيلا وقصر لكن غير مسكون ما نفعه، وإذا كان لديك تمثال وليس فيه روح فالمكان الذي لا توجد فيه امرأة اعتبره صحراء قاحلة فالمرأة هي العالم وهي الخليقة لولاها لما كان وجودنا.
وصدق من قال النساء رياحين وكلكم يشتهي شم الرياحين، ولا ننسى إنها المدرسة والمربية والولادة وهي كل شيء فهل هذا قليل لنكتب عنها.
تأثر الشاعر تورجين رشواني بعدد من الشعراء مثلما تأثر بعض به: أنا متأثر بالشاعر الكُردي "ملاي جزيري" حتى الثمالة لدرجة إحدى المرات ألقيت قصيدة من قصائدي وبعد انتهائي قال لي أحد الحضور: والله قصائد ملاي جزيري رائعة! لم يدر إنها قصيدتي. أما من غير الكورد، لقد تأثرت بالشاعر الفرنسي " بول إيلوار" وبالشاعر عمر الخيام. وأيضًا هناك كثيرون متأثرين بي ولا أود أن اذكر أسماءهم وبعضهم قد حفظوا قصائدي عن ظهر قلب.
له كتب باللغتين العربية والكُردية وأخرى مختلطة: بعض من مؤلفاتي هي باللغة الكُردية وبعضها بالعربية وأخرى مختلط كُردي عربي، أما جميع دواويني الشعرية هي باللغة الكُردية. ولم أطبع الكثير من كُتبي لأسباب اقتصادية بحتة لا لسبب آخر.
مضامين إبداعاته: مضمون إنتاجي الشعري متنوع وقد تطرقت فيه جميع الأبواب، لقد عالجت فيه الجانب القومي والاجتماعي والديني والفكري والمرأة والعلم .... إلخ.
لا يرى الأستاذ تورجين رشواني نفسه لغويًا، لكنه نظم دورات للغة الكُردية وألف قاموسًا: لا أستطيع أن اسمي نفسي لغويًا لكن أنا أفقه من الذين يتباهون بمعرفتهم باللغة الكُردية، وقد قمت بإعطاء دورات لطلاب جامعيين ومحامين وحقوقيين وتخرج الكثير من هذه الدورات، بالإضافة ألفت قاموسًا ببعض الأسماء الكُردية ومعانيها باللغة الكردية والعربية وقدمت بعض التنبيهات والنصائح على صفحات التواصل الاجتماعي.
يبدي تفاؤله عن وضع الأدب الكُردي قائلًا: وضع الأدب الكُردي أحسن من قبل وقد تعلم الكثيرون قراءة اللغة الكُردية، مقارنة بالفترة القديمة هي جيدة لكنها لم تصل إلى نصف المستوى المطلوب فأغلب الكتاب يقعون في أخطاء فادحة لذا نحن نسير على الخطا وأتمنى أن نصل إلى ما نريده في القريب العاجل وهناك بوادر إن شاء الله.
طموحاته: لم يصل أي إنسان إلى مبتغاه وأنا واحد منهم وطموحاتي كثيرة لكن اليد قصيرة.
يختم الشاعر والكاتب تورجين رشواني الحوار بالقول: أنا تورجين رشواني أتقدم بالشكر الجزيل على هذا الحوار الممتع متمنيًا لكم في مسيرتكم كل الرقي والتقدم. لكم فائق محبتي وتقديري.

 
حوار أجراه: خالد ديريك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صور تورجين رشواني
         

25
أدب / في كنف الصدفة
« في: 23:07 04/12/2018  »


في كنف الصدفة


بقلم: خالد ديريك

اجتاحني عبق الزهرة في كنف الصدفة
هطلت الابتسامات تباعا في الأفق
سال حبر الحروف على بتلات الشفاه
تبرعمت ثمار اللغة في المدى
اللغة التي لا تنفك رموزها
إلا بحبيبات من دم
وبه دوَّن معجمي
 يا لصعوبة …  اختراق أسوار النبض!
…….
ومن لآلئ العيون الندية
هوت مدامع المياه العصية
لتمزج بالهمسات المنسية
ترطب شرايين الشوق،
الواقف على حافة مشارط اليأس
يا لحبور … اللقاء الأبدي!
…..
غارت أسراب مزدحمة في الأعالي
من لحن مصفد بين
مرايا العين وحرارة الذراع

ألم تعلم. …..!
كيف تقلص الحلم على ناصية الرحيل!
كيف إفترس البُعد عزف النطق،
وسيج الظلال حول الجفون!
وكيف ساد البؤس دائرة الضوء
حتى انتحب الفؤاد على شاطئ التيه
ولطمه الموج المندلق
فتناثرت الزفرات في كل الآفاق!

أَلَم تعلم ……؟
بين ضجيج اللهفة ووعورة الاتجاهات
كدت أذوب شوقا!
كاد الحريق أن يلتهم ذاكرة الياسمين
ويرمد أصابع العناق الأخير

يا للعذاب …. !
كيف كنت أحرث حقول القهر
على وقع عزف الشعر والقوافي
من ثغر البلبل الحزين،
تلك القوافي التي صنعتها عين شهلاء
في مواسم القُبل واللمسات
حتى أنبت رضاب الفجيعة
أغراسا لتصبح مزارا

خالد ديريك

26
الفنانة التشكيلية لورين علي: تمردت على الواقع الريفي الرافض للفن وللفنانين
تعتقد لورين علي بإن الفنان الحقيقي، يخلق فناناً بطبعه وميوله
ـــــــــــــــــــــــــــــ

 
حوار أجراه: خالد ديريك

لورين علي فنانة تشكيلية من بلدة كركى لكى/ معبدة ـ الحسكة/ سوريا
 لديها معارض فردية وأخرى جماعية في سوريا ودول أوربية عدة، وبعض من المشاركات في الملتقيات الفنية ومن أهمها: مشاركة في الملتقى الفني الأول في فيينا ـ مشاركة في ملتقى فناني القصبة في فرنسا ـ مشاركة في مشروع قلعة الفن في عقرة بـإقليم كوردستان ـ العراق
ترعرعت لورين علي في كنف عائلة متوسطة الحال، ووالدها عازف العود، الذي أثر في مشوارها الفني، كما أنها تعتبر نفسها فنانة منذ صغرها وعلى طريقتها الخاصة فهي كانت ترسم على الجدران والطرقات وعلى الطين إلا أنها كانت تجهل عالم الفن، حيث أن المنطقة (محافظة الحسكة) كانت تقريباً شبه خالية من المهتمين بالفن والموهوبين. وبعد أن كبرت عشقت الموسيقا والشعر والطبيعة بما فيها. أما الآن فهي أم لملاك صغير أسمته شاد وهو اسم كُردي يعني الفرح والسعادة، علها تهديه القليل منها(السعادة)
لنتابع معاً حوارنا مع الفنانة التشكيلية لورين علي
لا بداية فنية لها بشكل دقيق، لكنها تتذكر تماماً، إنها رسمت قبل تعلمها الكتابة والقراءة، وقبل أن أملك حزمة الألوان أو أضع لوحة أمامي، كثيراً ما كنت أمسك بـ عصى، وأبدأ بالرسم على الجدران أو اأخذ من ألوان الورود والأعشاب لأحصل على ما أريد من الألوان.
أما بداياتي في عالم الفن والمعارض، فقد بدأت من محافظة الحسكة تلك المحافظة المنسية، وما أثار اهتمامي في البدايات هو رسم الطبيعة، ولم تشجعني أحد، بل أنا من تمردت على الواقع الريفي الرافض للفن وللفنانين إلى أن أثبت عكس نظريتهم عن الفن.
الذين علموني، فهم كثر وأولهم الطبيعة، ولدي مجموعة جميلة من الفنانين والمدرسين الذين أكن لهم الكثير من الحب والتقدير لجهودهم معي في بداياتي بالحسكة.
اللوحة التجريدية لدى التشكيلية لورين علي مزيج من الواقع مع الخيال، يحضر على هيئة إلهام جميل ويولد في حالة من الهدوء والموسيقى: غالباً عندما أرسم أكون في حالة الانعزال عن الواقع والناس وكل ما يمكن أن يشتت أفكاري أو يهدد مزاجيتي، فالمكان بالنسبة لي، يلعب دوراً كبيراً على مزاجيتي في الرسم لذلك أتقيد بالجلوس في المرسم مع الموسيقى والأجواء الهادئة ونافذة بجانبي تنير لي عتمة الغرفة والخيال.
وتضيف: أثناء الرسم ليس للناقد حضور في مرسمي، تبقى الألوان واللوحة هي أسياد الموقف فأكون بذلك في حالة انعزال عن العالم الخارجي ومنغمس بعالمي.
عن الحوافز التشجيعية للفنان قالت: الفنان بشكل عام عندما يرسم يكون هناك خيال وأفكار يحرص على إخراجها كما يريد، بعيداً عن عالم العرض والجمهور الفني والمكافئات وإلخ، بالنسبة لي أيضاً غالبا ما ارسم لنفسي قبل كل شيء، بعد كل هذا أكون قد انتهيت من اللوحة تماماً، ربما أفكر بعرضه بعد ذلك، لكن الحوافز التشجيعية من قبل المعنيين والجمهور يؤثر على نفسية الفنان أيضاً، هنا، لا أقول إنه (الفنان) منعزل عن العالم تماماً؟
الفن لا يحتاج إلى الاختصاص بل الموهبة والخبرة: جميع الفنانين دون الاستثناء كانوا موهوبين ولم يكن لهم اختصاص وقواعد أو اي أسس وركائز إلى أن تشبعوا فنياً وتهيئوا فيما بعد وأصبحوا فنانين ذات خبرات. لذلك فإن على الموهوب أن يستمر في فنه ويكتسب الخبرة إلى أن يحترف أو يتثقف فنياً. فالفنان الحقيقي يخلق فناناً بطبعه وميوله لذلك فهو يهيأ لنفسه كل ما يريحه ويدخله إلى جوه الفني، لا يمكنني أن أجزم بأن هناك قاعدة ثابتة للفن والرسم.
كما الفنان لا يخبئ عمله الفني سواء أكان فناناً محترفاً أو موهوباً، لأن الفنان بطبيعته بعد انتهائه من عمله الفني ينتظر ردود أفعال المحيط به حتى ولو لم يعرض عمله عليهم فإنه لا يخبئه أيضاً.
 ويتشجع الفنان عندما يلاقي إيجابية من المحيط برغم من أنه سلبيتهم أيضاً لا تكسر عزيمته لأن الفن الرسم مثل كتابة الشعر يأتيه شيء من الإلهام تدفعه إلى أن يخلق لوحة فنية.
تعتقد التشكيلية لورين على بإن الفن الكُردي والسوري نال في السنوات الأخيرة تقدماً ملحوظاً، لاسيما بعد هجرة أغلبية الفنانين إلى خارج الوطن، وتقول: لا توجد مدينة في أوربا إلا وقد عرض أكثر من معرض فني لفنانين الكُرد والسوريين، وهذا شجع أغلبية الفنانين إلى شيء من التنافس الجميل في تقديم فنهم.
لا طموحات ولا أهداف ثابتة: لم أحدد سقف لطموحاتي إلى الآن لكي أبقى في حالة مستمرة من الإبداع والرسم.
أما بالنسبة للأهداف، يكفيني أن أبقى بجانب لوحة وأكون على علم، كيف أجعل خيالي الخصب في حالة ولادة مستمرة، بذلك أكون في حالة مستمرة في تحقيق طموحاتي وأهدافي.
تؤكد بإن عالمها الفني خال من المنافسين: ليس في عالمي الفني منافس/ة، بالعكس تماماً، يسعدني جدًا عندما أشاهد عمل فني جميل وما يسعدني أكثر هو عندما أكون على علاقة مباشرة مع صاحب/ة العمل الفني. واعتبر الفنانين الكبار هم مدارس فنية حية، ينبغي أن نعتز بهم ونستفيد منهم.
مشاركاتها الفنية: أهم مشاركاتي الفنية تلك التي انتظر المشاركة فيها. رغم أنني أشارك سنوياً في عدة معارض فنية في مناطق تواجدي بالحضور شخصياً مع أعمالي، وكثيراً ما أشارك في معارض فنية بإرسال الأعمال فقط وذلك بسبب البعد أو أي شيء آخر يعيق حضوري.
شاركت في معارض فنية بـ سوريا، إقليم كُردستان ـ العراق، بريطانيا، نمسا، فرنسا، ألمانيا، وبعض من المشاركات في الملتقيات الفنية.
لا التغيير في شخصية لورين: لورين علي في بلدة كركي لكي/ معبدة ـ سوريا وفي إقليم كُردستان العراق والآن في ألمانيا وفي أي مكان آخر كان، ستبقى لورين علي كما هي كإنسانة وفنانة، والتغيير الوحيد هو أنني وبكل حب أصبحت زوجة وأم وهذا ما يجعلني أن ألاحظ بأن لورين علي في كركي لكي / معبدة أو في إقليم كوردستان كانت فنانة حرة طليقة، أما الآن بعيداً عن كل شيء، لدي ما أخطط له وأضعه في برنامجي تحسباً لراحته هو ملاك صغير أولاً وآخراً.
وعن العودة من عدمها، تلخص: إن لم أعود إلى بلادي في الحياة، فإنهم سيرجعونني حين الممات إلى حيث المسقط والموطن.
حوار أجراه: خالد ديريك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر الحوار في صحيفة “كوردستان” القسم العربي ….
العدد ( ٥٩٠ ) ١٥ / ٨/ ٢٠١٨ م
أدناه صور التشكيلية لورين علي

27
الأديب الشاعر/عصمت شاهين دوسكي

كيف أطبع مؤلفاتي وأنا أبحث عن رغيف خبز .. والأدب لا يأتي على طبق من الذهب
 
يرى دوسكي بأن الكتابة عن المرأة ضرورة عصرية لا بد منها
 
حوار أجراه: خالد ديريك
عصمت شاهين دوسكي من مواليد 1963 م من محلة شيخ محمد التي تقع وسط مدينة دُهُوك في إقليم كُردستان ـ العراق.
 
انتقل دوسكي مع عائلته في نهاية الستينات من القرن الماضي من دُهوك إلى مدينة الموصل بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، وفي الصف الخامس الابتدائي كان يسكن عصمت شاهين دوسكي الطفل في بيت قديم جدًا، آيل للسقوط في محلة اليهود المتلازمة مع حظيرة السادة وشارع فاروق بالموصل.
ومن ذاك البيت وضع اللبنة الأولى لتكوينه الأدبي، فقد نشأ وتكون إصرار داخلي لديه مفاده لا بد أن يتفوق في اللغة العربية بجانب اللغة الكُردية، ورأى بأن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو قراءة الكتب الأدبية، لذلك قرر أن يجمع مصروفه اليومي من والده الراحل على قدر المستطاع، ليذهب في نهاية الأسبوع إلى شارع النجفي بالموصل، حيث البسطات المفترشة بالكتب ومكاتب القرطاسية، وكان يقتني كتب لمختلف الأدباء والفلاسفة الكُرد والعرب والعالم ومع مرور الزمن أصبح لديه أعظم الأصدقاء من هؤلاء الأدباء.
أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مدينة الموصل، وحصل على شهادة المعهد التقني، قسم المحاسبة –الموصل وهو عضو في اتحاد الأدباء والكتاب العراق، ومستشار الأمين العام لشبكة الأخاء للسلام وحقوق الإنسان للشؤون الثقافية. بدأ بكتابة الشعر في الثامنة عشر من العمر، وفي نفس العام نشرت قصائده في الصحف والمجلات العراقية والعربية. شارك في مهرجانات شعرية وأدبية عديدة في العراق حصل على دروع وشهادات تقديرية للتميز والإبداع من مؤسسات أدبية مختلفة. وحصيلة جهده الأدبي المطبوع والمخطوط 18 ثمانية عشر كتابًا بين الشعر والنقد الأدبي.
حوار مع الأديب الشاعر عصمت شاهين دوسكي/ خالد ديريك
 لم يتلقى الأديب الشاعر عصمت شاهين دوسكي في بداياته أي تشجيع من أحد فيقول:
لم يشجعني وقتها أحد أنا شجعت نفسي بإصراري ومتابعتي المستمرة في قراءة الكتب الأدبية الشعرية والقصصية والنفسية والتاريخية والأساطير والملاحم القديمة.
ويوصف أجواء الأدب في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي بالنشطة:
الأجواء في ذلك وقت كانت فاعلة ونشطة خاصة في بغداد فالمهرجانات الأدبية والفكرية واللقاءات متواصلة محليًا وعربيًا وعالميًا، وكان العراق من الدول السباقة في إعداد وإقامة المهرجانات الأدبية العربية والعالمية، وكان يأتي إليها الأدباء من كل أنحاء العالم ليشاركوا فيها، وكان لي نصيب أن أشارك في بعض تلك المهرجانات في مقر الاتحاد العام للأدباء في بغداد وفي دار الثقافة والنشر الكُردية في مناسبات عديدة.
 
يؤكد بأن الأدب لا يأتي على طبق من الذهب بل هو تفاعل متبادل بين الأدب والإنسان:
إن لم تكن تعشق القراءة والكتابة لا يعشقك الحرف ولا التخيل ولا الإحساس ولا الفكر، هذا الإغراء بينك وبين الحرف والكلمات يجب ألا ينقطع أبدًا مهما كبرت وكيفما صرت فليس هناك حدود بين المطالعة والأديب، ليس هناك زمن ومكان محدد فالتفاعل مستمر بين كل ما هو جديد في عالم الأدب . الأدب إن لم تعطيه من جهدك ووقتك وفكرك وإحساسك لا يعطيك شيئًا فلا يأتي شيء من فراغ فلا يأتيك أدب على طبق من الذهب بل هو تفاعل متبادل بين الأدب والإنسان.
يرى دوسكي بأن الكتابة عن المرأة ضرورة عصرية لا بد منها:
لأن هناك نساء يمشين على حد الألم والجراحات والهموم والعذابات، وفي نفس الوقت يتظاهرن بالفرح والسرور، لهن قدرة عجيبة على مضغ الألم بهدوء وصمت، وإرادة أنثوية في إسدال الستائر على معاناتها اليومية.
يعتقد دوسكي لا معنى لكل هذا التطور والتقدم العصري الظاهري إن لم يستطع تجنب النساء من الوقوع في مقصلة الاغتصاب والبيع والسبي والقتل والتهجير والتشريد والاغتراب:
لا زالت صور الجاهلية موجودة ولكن بمظاهر جديدة، فالحروب والفساد والخراب والدمار والمآسي والاغتصاب والقمع …. إلخ. خلق معاناة نفسية وفكرية وحسية وليس مبالغة إن تحدثتُ عنهن بهذا الشكل فهذا من واقعهن، ورأيت ما تعاني خلال الإرهاب في سوريا والعراق وليبيا واليمن، ومناطق أخرى ربما لا يصلها الإعلام وخاصة في الموصل بزمن الإرهاب، وقد كتبت رواية (الإرهاب ودمار الحدباء) وهي تصور الواقع الموصلي خلال الإرهاب النفسي والفكري والمكاني كما أنها رسالة إنسانية للعالم.
وفي نفس السياق، عن مفهومه للمرأة والحرية يبين التالي:
كلما تقدم العصر وتجلت الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وبدون تفعيل هذه الحقوق، كلما ظهرت مآسي ومعاناة أكثر قيدًا وأكثر ظلمًا لأننا لا نعرف معاني الحرية، فالحرية ليس أن تفعل ما تشاء وكيفما تشاء لأنها ستخلق فوضى في التعبير والتصرف اللا إنساني، الحرية أن تبحث عن ذاتك، فكرك، إحساسك، ضميرك، وتعرف من أنت في هذا العالم، وماذا تقدم للإنسانية؟
 
يعشق دوسكي المرأة لأنها كَوطن: 
في قصائدي (المرأة والوطن) توأمان أحبهما كلاهما بل أعشق المرأة فهي تعني لي الكثير ولو كتبت عنها مجلدات لا أصل إلى حق وجودها الإنساني والتكويني والحسي فهي تكتبني وتحييني، هي طاقة إيجابية في حياتي.
ويتابع: 
لا أخفيك ثلاثة من كتبي تكفلت نساء بطبعهن ـ كتاب ” بحر الغربة ـ ديوان شعر عام 1999 م” امرأة مغربية ـ كتاب ” حياة في عيون مغتربة – ديوان شعر عام 2017 م ” امرأة تونسية ـ كتاب نقدي ” الرؤيا الإبراهيمية بين الموت والميلاد عام 2018 م ” امرأة عراقية مغتربة في أمريكا.
يوضح رؤيته، حول سؤالنا له عن جدوى الشعر والأدب في حالات الفوضى والحرب:
الشعر والكتابة تكون هي الأقوى في حالة الحكمة والتصرف السليم بعيدًا عن الفوضى السياسية والفساد، لا شك أن الآلات الحربية والتقنيات العصرية المدمرة أقوى من الكلمة ولكن يقول الرسول محمد صل الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.))  وشرحه واضح فالتغيير باليد واللسان أقوى شعب الإيمان وتغييره بالقلب أضعف الإيمان، نحن أمة أول ما نزل إليها (( اقرأ )) ولكن مع الأسف (( لا نقرأ )) وإن قرأنا لا نستوعب وإن استوعبنا وفهمنا لا نطبق على الواقع، وهكذا كأننا لا نقرأ.
وفي هذا الإطار، كتب إحسان عبد القدوس رواية “الرصاصة لا تزال في جيبي” وهي صور من معاناة الجندي وتبعات هزيمة يوليو ومعارك حرب الاستنزاف وبعد السادس من أكتوبر 1973 الحرب العربية ـ الإسرائيلية وفي نفس الوقت تظهر بطولة وشجاعة أبطال أكتوبر وملحمة العبور وتجسيد دور الطبقات الكادحة في نصر أكتوبر وبطولة أهل السويس تحت الحصار وتجسيد المشاركة الوطنية، ورواية الحرب والسلام لهمنغواي وغيرها كلها رسائل فكر وحكمة ومعالجة تؤدي دورها الإنساني والفكري في تحقيق الأمان والسلام
. لذلك يصر دوسكي بأنه سيبقى يكتب عن الوطن والعدل والإنسانية لأنها موقف ورسالة، يجب أن تصل للعالم، ويعتبر بأن روايته ” الإرهاب ودمار الحدباء” يصب في هذا التوجه.
أغلب قصائده مغناة، ولكن بحاجة إلى من يقيمها، ولا يتقاضى دوسكي أي مبلغ لقاء قصائده رغم حاجته الشديدة للمال فرسالته أن تؤدي قصائده دورها الفكري والإنساني فقط: 
من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومناقشة
 
وتداول فكري وتواصل استمر سنتين، غنت الفنانة المغربية ” سلوى الشودري ” عام 2016 م إحدى قصائدي ” أحلام حيارى ”  تجسد الصور الإنسانية والآلام والمعاناة  التي تمر على الشعب العراقي والسوري والليبي واليمني واللبناني ومن خلالها تعم على صور العالم وهو عمل مشترك عراقي مغربي أمريكي  في الإعداد والتصوير والترجمة والإخراج والإنتاج، فهي من ألحان وغناء سلوى الشودري ، توزيع موسيقى وماستورينغ محمد بن لعلاوي، تصوير سامح نصر ومحمد دردابي، مونتاج وغرافيك طارق سحنون، الترجمة للإنكليزية خالد علوي وهبة القري، منتج ومنفذ لحسن وعمر، إخراج مجيد القري، إنتاج يوميديا انترنشونال. وكان هناك مشروع غناء لقصيدتي ” لا تنساني ” ولكن لم يتحقق ربما بسبب الظروف المادية، أغلب قصائدي مغناة ولكن تحتاج أن تصل لمن يقيم القصيدة ويبحث عنها ليؤديها.
الشاعر دوسكي لا يكتب لفئة معينة بل للإنسانية في كل الزمكان: 
من خلال الشعر وجد وعرف عصمت شاهين دوسكي، أن أكتب عن عوالم الحقيقة الإنسانية والحب والحرية والتعايش والتسامح والمودة والألفة والأمان والسلام الروحي والفكري، لا اكتب لفئة معينة بل أكتب للإنسانية في كل زمان ومكان.
 طبع كتاب باسم (بدل رفو سندباد القصيدة الكردية في المهجر) لأنه يعتبره أديبًا عالميًا وذلك لاطلاعه الغني الواسع على الشعر والأدب الكُردي خاصة وعلى آداب وثقافات العالم عامة، ويسهب في شرح الأسباب قائلًا: 
فقد أسس الأديب الرحال بدل رفو إمبراطورية أدبية خاصة متميزة به تضمن الإنسانية والشاعرية والجمالية
والجرأة الواقعية حتى
 
الجنونية إضافة إلى رؤى من الغزل والبساطة والحب والحرية والغربة والوطن والسفر وعوالم من التشخيص والتجسيد والمضمون والمعنى الشعري، شعره يستمد من أقاصي بلاد بعيدة عبر عوامل الغربة الروحية والنفسية وغربة الوطن التي تتحدى كل الآلام والمعاناة والمكابرات لتصل إلى الرؤى العميقة بين تأثير المكان والزمان، ومهما اختلفت دلالاته تشكل مسارات قبس لمعالم صورية واقعية، تشكيلية تجريدية مرهونة بروح وإحساس الشاعر لتمتد من خلاله إلى العالم عبر تكوير الإنسان والأرض معاً، إذ نلاحظ  من مضامينه الشعرية تفاعل حي ومباشر بين المفردة وواقعها لتكون إطار شعري منتمي إلى العصر الحديث، سيبحر القارئ في عوالم هذا السفر الحالم بتجربة إنسانية راقية بأبعاد موضوعية غنية لا نستغني عنها في تجربة شاعر ومترجم عالمي كبير ” بدل رفو ” حيث تمكن كنورس أن يحلق فوق مدن العالم الثقافية وسندباد خاض بحور الثقافات المحلية والعالمية، الذي يساهم في تنوير اللذة الإبداعية التي يعتبرها أداة للتواصل في محيطه أينما كان، لذا يعتبر بدل رفو سندباد القصيدة الكُردية في المهجر، وهذه المقالات النقدية والتحليلية والتأويلية خصوصية لكل تجربة شعرية تنبض بالحياة العارمة وعصارة إبداع إنساني وإن اختلف الزمان والمكان.
صدر كتاب “ بدل رفو سندباد القصيدة الكردية في المهجر” في سوريا عن دار الزمان الدولية السورية للطباعة والنشر والتوزيع، وراجعه الدكتور هشام عبد الكريم، وصمم الغلاف الفنان عصام حجي طاهر
عن إصداره الجديد “ الرؤيا الإبراهيمية بين الموت والميلاد ” يقول:
طبع هذا الكتاب في أمريكا ” برس تك دسبلين الينوي، الولايات المتحدة الأمريكية ” وصمم الغلاف الفنان والمصمم نزار البزاز ويضم مقالات نقدية عن حياة وتجربة الشاعر إبراهيم يلدا من خلال ديوانه الشعري الموت والميلاد الذي ترجمه الأستاذ نزار حنا الديراني.
يعد الشاعر إبراهيم يلدا من الأوائل الذين كتبوا ونشروا قصيدة الشعر الحر الخاصة بالقصيدة السريانية تزامنًا مع الشاعر بدر شاكر السياب ونازك الملائكة مع اختلاف المستوى والمناخ الذي توفر للقصيدة العربية وتعد قصيدة “ الموت والميلاد ” التي نشرت للشاعر إبراهيم يلدا المغترب في أمريكا في مجلة المثقف الآثوري حزيران / 1973 م باكورة قصيدة الشعر الحر التي تتميز بالحداثة والاتجاه الإيقاعي التي وفرت له مساحة واسعة للتحرك والتميز والإبداع. يعد إبراهيم يلدا من أعمدة حركة ونشاط وفلسفة الأمة الآشورية من أجلها يناضل فكرًا وثقافة وشعرًا كأقرانه الذين ناضلوا من أجل الشعب والقضية أمثال الشاعر الكبير محمود درويش فلا يمكن أن نذكر محمود درويش دون ذكر القضية الفلسطينية ولا يمكن أن نذكر عبد الله كوران وأحمد خاني دون ذكر القضية الكُردية ولا الشاعر نزار القباني دون ذكر الحب والمرأة وهكذا حينما نذكر إبراهيم يلدا تبرز القضية الآشورية.
كتب دوسكي قصائد باللغة الكردية في مرحلة مبكرة من حياته وفيما بعد ألف كُتبًا عن الأدب الكُردي في محاولة ومساهمة منه لإظهار هذا الأدب إلى العالم: 
كتبت في مرحلة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي قصائد باللغة الكُردية في صحيفة “باشكو عراق ” ملحق العراق ” وصحيفة “هاوكارى” وغيرها من الصحف الكُردية وكنت أحتفظ بها لكن أحرقتها ودمرتها الصواريخ التي دمرت بيتي في الموصل.
 
وبعدها ركز دوسكي على الأدب الكُردي :
ركزت على الأدب الكُردي لأظهره للعالم، وقد بحثت طويلًا واخترت عدد من الأدباء شعرًا ومسرحًا وفنًا تشكيليًا فظهر كتابي الأول الذي أصدرته دار الثقافة الكُردية في بغداد ” عيون من الأدب الكُردي المعاصر عام 2000 م ” يضم عشرين أديبًا كورديًا منهم محمد البدري، عبد الله كوران، لطيف هلمت، بدرخان سندي، نافع عقراوي، صلاح شوان، صلاح زنكنة، كولاله نوري، كليزار أنور، آزاد دلزار، كاكه ى فلاح، صديق شرو، عبد الله عباس، محمد درويش علي، جمال برواري، حكمت الأتروشي، كريم ده شتى، أحمد تاقانه.
ومن ثم تبعه كتاب آخر للدوسكي وهو عن روائع الأدب الكوردي عنوانه ” نوارس الوفاء “ وهي مقالات نقدية أدبية يضم (23) أديبًا كُرديًا ومنهم جكر خوين، إحسان فؤاد، صلاح سعد الله، صبري بوتاني، محمد أمين بنجويني، خسرو الجاف، محسن قوجان، محمد سليم سوارى، فريد زامدار، عبد الرزاق بيمار، عباس عسكر، آزاد شوان، برهان البرزنجي، نجم رحمن وارانى، عمر عثمان، شعبان مزيري، بلقيس دوسكي، سالار إسماعيل دلشاد نايف.
ويضيف:
حاولت من خلالها أن يظهر الأدب والأدباء الكورد للعالم العربي وغيرهم، ولي كتب أخرى عن الأدب والأدباء الكورد ومنها كتاب الاقتراب والاغتراب، وكتاب فرحة السلام عن الشعر الكلاسيكي الكُردي، وكتاب المرأة الكُردية بين الأدب والفن التشكيلي، وكتب أخرى تحتاج لمن يهتم بها من الجهات المعنية الثقافية.
وينهي حديثه حول هذا الموضوع أعلاه قائلًا: 
كيف يعرف القارئ العربي بالأدب والأدباء والتراث والتاريخ والفكر والفن الكُردي إن لم نكتب باللغة العربية التي يتقنها ؟ وهذه مهمة إنسانية ليست سهلة أبدًا، كتبت عن أكثر (150) أديب وشاعر ومفكر ومسرحي وفنان تشكيلي كُردي وما زلت أكتب، ولكن السؤال هنا من يهتم بالأدب والأدباء الكورد؟!
 أصدر رواية “ الإرهاب ودمار الحدباء ” التي تعتبر إحدى وثائق تاريخية أدبية لما حدث للموصل في ظل الإرهاب فالرواية حقيقية وبطلها هو الأديب الشاعر عصمت دوسكي نفسه: 
جاءت الفكرة من خلال محادثاتنا الأدبية والفكرية مع الأديب والإعلامي الكبير أحمد لفتة علي التي مهدت بعد تشجيعه أن اكتب هذه الرواية، صمم الغلاف الفنان نزار البزاز وتكفلت شبكة الأخاء للسلام وحقوق الإنسان بأمينها العام الأستاذ الباحث في الشؤون الشرق الأوسطية سردار علي سنجاري بطبع الرواية في مطبعة دهوك.
 
تعد هذه الرواية من الروايات الواقعية تختزل الاحتلال الإرهابي الذي خلف الويلات والنكبات والمعاناة لأهل الموصل أولئك الناس الذين كانت أحلامهم بسيطة جدًا وهي العيش بأمان وسلام على أرضهم التاريخية العريقة، وقد رصدت فيها الأسباب التي كانت وراء احتلال الموصل تضم عشرة فصول ( قبل البداية – من وراء الحدود – دهوك المنطقة الآمنة – احتلال الموصل – منهج ورؤية – الانكسار – إعلان ساعة الصفر – دمار البيت – البحث عن مكان – رحلة بلا نهاية ) وكنت أنا السارد والشاهد الحقيقي في هذه الأحداث المؤلمة وهي توثق وتؤرخ مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ مدينة الموصل ومعاناتها التي ستتناقل صورها وأحداثها الأجيال.
يتأسف كثيرًا لأن روايته لم تأخذ حقها في النشر والإعلام، ويتمنى أن تترجم أو تجسد سينمائيًا
 : لم تأخذ روايتي حقها في النشر والإعلان والتوزيع عربيًا وعالميًا حيث كان التوزيع محصور في مدينة دهوك بكردستان ـ العراق فقط، قدمت عنها محاضرتين إحداها في دهوك والأخرى في الموصل، هي وثيقة تاريخية إنسانية، أعتقد لو صدرت ووزعت في الخارج لكانت أفضل حالًا. أرجو أن تترجم إلى لغات عالمية فهي رسالة عالمية وأرجو تُجسد الرواية سينمائيا وتأخذ دورها الحقيقي.
بعد كل هذا العطاء والإبداع الأدبي في سبيل الوطن والإنسانية لا يزال يشعر بالغبن والإهمال من قبل جهات ثقافية: 
لم تنصفني الجهات الثقافية بعد كل هذه الكتابات والمؤلفات يبدو إنها في عالم والأدباء في عالم آخر فقد كتبت كثيرًا، وكأنك تطرق في الهواء، حتى كتبت للرئيس مسعود البرزاني (الزعيم الكُردي ورئيس الحزب الديمقراطي الكُردستاني، ورئيس إقليم كُردستان العراق سابقًا) في قصيدة (دموع الأعماق) ويبدو إن ما أكتبه لا يصله.
ويقول بحسرة: 
لا أنتظر تكريم من أحد بل أنتظر من يهتم بأدبي وكتبي!  ما فائدة شهادات التكريم وأنا ما زلت بلا عمل ولا يدخل في بيتنا واردًا ليجنبنا من السؤال والإذلال، ولهذه الأسباب تأخرت في طبع مؤلفاتي لأن مؤلفاتي تحتاج إلى دعم مادي للطبع، وكيف أطبع مؤلفاتي وأنا أبحث عن رغيف خبز؟!
كما أنني لا زلت في دهوك ولم أتمكن من الرجوع إلى الموصل لدمار بيتي الذي أصبح ركامًا.
 
منزل الاستاذ عصمت دوسكي بعد القصف
 
يختم الأديب الشاعر عصمت شاهين دوسكي حوارنا معه بالقول:
جزيل الشكر والتقدير لكم لإتاحة الفرصة للكلام والحديث ذو شجون، كما أشكر كل الذين يساندوني معنويًا وشكر خاص للأستاذ المهندس المدني رئيس عشيرة الدوسكية ” سربست ديوالي أغا ” الذي تحمل إيجاد سكن لعائلتي منذ مجيئي لدهوك كما أشكر كل النساء اللواتي ساهمن وتكفلن بطبع كتبي الأستاذة وفاء المرابط من المغرب والأستاذة هندة العكرمي من تونس والأستاذة شميران عراقية مقيمة في أمريكا.
أرجو من المعنيين بالثقافة والأدب أن يهتموا بالأديب والمفكر والعالم في كل المجالات، فلا نهضة لأمة ما دون أدباء وعلماء.
 
حوار أجراه: خالد ديريك
*************************
نشر الحوار في صحيفة صدى المستقبل الليبية ، العدد 74 الأربعاء 31 / اكتوبر / 2018


28
أدب / الوردة الخالدة
« في: 13:42 29/09/2018  »


الوردة الخالدة


خالد ديريك

كَذرات رمل تحاول اختراق المحار!
لتصبح قطعة من لؤْلؤة...
أخبريني عن قانون الاستيطان
تحت مناخ الأبجدية!
الأبجدية التي تعزف نهاوندا
عند التحامها على أوتار السمع ...
مهلًا ....
وكيف يمكن التقاط هدير النظرات؟
الهدير الذي يلامس حافة اللهفة ...
صبح مساء!
للظفر بتلك الوردة الخالدة على خدك ...



29
الكاتبة والأديبة ياسمين عامر: أنقذتني الكتابة في بعض الأوقات والمحن من الغرق في دوامات الحزن
تحلم ياسمين عامر بتأسيس مشروع غني بهدف تنمية القراءة والكتابة في المجتمع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولدت ياسمين عامر في قرية مقيبلة وهي قرية فلسطينية تقع في الطرف الجنوبي الشرقي من مرج ابن عامر، نشأت وترعرعت في جو أسري دافئ ذو طابع وخلفية ثقافية أدبية، كان والدها "غازي فياض بطاح" مربي ومدير وقائد مثقف، رجل علم وأدب وثقافة، وعمها هو الكاتب الفلسطيني "توفيق فياض". طفولتها، كانت سعيدة، مليئة بالشغف الأسطوري حول الأبجدية العربية، وكانت ذكية جداً بحيث تم ترفيعها ودمجها مع زملاء يكبرونها في السن، وكانت أصغرهم على مر السنين. فترة شبابها، كانت ثائرة بعض الشيء ومتمردة، فلم تكن الطرق التي سلكتها مفروش بالورود بل كانت شائكة. وأما الأمومة فكانت بدايتها صفعة مؤلمة ومع مرور الوقت اختفى وجع الصدمة وغرّدت قبلة لطيفة الملمس على خدها حتى سحقت أثر الصفعة، الأمومة علمت ياسمين عامر معنى الصبر والقوة ومنحتها طاقات وقدرات لم تتخيل من قبل أن تصل إليها.
  أما الآن، تكتب الكاتبة والأديبة ياسمين عامر، الخواطر، المقالات والنصوص المسرحية، إنما الأقرب لقلبها وما تجد نفسها به أكثر هي القصص القصيرة والروايات، وتقول في هذا الصدد: عندما نبحر في بحر الكتابة، نجد أنفسنا بين الأمواج، نكتب عدة أجناس، ونتوق لتجربة الجديد والخوض في مختلف دروب الأدب، بعضها نتقنها وبعضها لا.
حوار أجراه: خالد ديريك
بينت الكاتبة والأديبة ياسمين عامر بأن لقاءها الأول مع القلم كان في طفولتها وفي المرحلة الابتدائية إلا أنه لم يكن حلمي بل كان كالسحر، كالشغف، أسرتني دوماً قدرة القلم على التخفّي والنبض، لم يكن جماداً بنظري. وأما في الإعدادية والثانوية اكتشفت نفسي غارقة تماماً في ضباب الكلمة ولا أقوى على هجرانها. بينما حجر الأساس للمشاريع الكتابية لم تكن هيناً بالنسبة لها، بل كان الحجر ثقيلاً على كاهلي، لكن بالإصرار والتحدي وضعته وحملته وانطلقت لتنفيذ المشاريع الكتابية والأدبية.
ترى بأن صقل الموهبة يتم بالتعليم والإدراك والشعور بها: الصعوبات كلمة عميقة جداً لمن عايشها وأدرك فحواها، ليس كافياً أن تحمل هذا الحب للكتابة في قلبك وتسير، الحب هو احترام، وحب اللغة يعني أن نحترمها، نقدرها ونقدسها، لذلك علينا فعل كل ما ينبغي من أجل صقل هذه الموهبة، علينا تعلمها وإدراكها وقبل هذا علينا أن نشعر بها عميقاً بداخلنا.
والدها كان أول من أمسك بيدها وشجعها، وتضيف: وهو الذي اكتشف حكايتي في عشق لغتنا العربية ولاحظ إنها حكاية انتماء، وكان يطلب مني كتابة المزيد، ويحثني على القراءة لأتعلم أكثر وأغذي عقلي أكثر. كان يقول: إن الكنز يكمن في الكتب، وأنا أدركت ذلك الكنز.
كتبت أول نص وهي في سن الثامنة، وقرأت أول كتاب وهي في سن العاشرة: النص الأول الذي كتبته كان في سن الثامنة وكان عبارة عن نص مسرحي لحفلة في المدرسة، وأذكر أنه كان طريفاً جداً. بينما أول كتاب قرأته، كان في سن العاشرة تقريباً حين مللت من قصص الأطفال، فلم تعد تستهويني وذهبت إلى مكتبة والدي الضخمة التي كنت ألتقط منها أكبر الكتب وأحاول أن أقرأ بعض النصوص منها، لكن الكتاب الأول الذي قرأته هو كتاب "الأيام" لعميد الأدب العربي "طه حسين".
أصغت لنبض حروفها المتأججة بداخلها، فأطلقت لها ولنفسها العنان: كثيراً ما أسرني الخوف وكسر رصاص أقلامي وسكب بقسوة حبر ها، لكني سحقت هذا الهاجس وأصغيت لنبض حروفي المتأججة بداخلي، فأطلقت لها ولي العنان، فالكتابة حرية، نستطيع من خلالها ترجمة أفكارنا ومشاعرنا وسطرها على الورق دون قيود، وهذا عكس ما يحصل تماماً في واقع الحياة، فنحن بطبيعتنا نتردد ونصمت ولدينا مشكلة في التعبير عن ذواتنا بطرق سليمة، الكتابة كانت طريقتي وطريقي لكسر هذا الصمت.
وحول مفهومها للإبداع وضحت: الإبداع هو كون واسع مليء بالإثارة والتشويق والحياة ويملأ أيامنا بكل أنواع الطاقات الإيجابية، لكن هذا لا يعني بأنه لا يشاكسنا أحياناً، ويبدو مخادعاً مراوغاً في أحايين أخرى، لكن في النهاية هو انعكاس لما نحن عليه، هو مرآة شفافة نبصر بها دواخلنا.
تحدثت عن كتابها الأول "صرخة كيان" وصداه بإسهاب: كتابي "صرخة كيان" كتاب جمعت به عدة نصوص نثرية كتبتها منذ سنوات مضت، يحتوي على نثريات عاطفية ووطنية واجتماعية، هذا الكتاب لم ير النور بسهولة، أعوام طويلة وأنا أزرع العثرات والعقبات في دربي وأختلق الأسباب واخترع الموانع، فأنا مؤمنة بأن ليس كل من كتب بعض النصوص من حقه التطفل على اللغة وإصدار كتاب باهت يجلس على رفوف المكتبات ليلتهمه الغبار. دعم زوجي المستمر وثقته بي وإلحاح وتشجيع والدتي وإخوتي هو السبب الرئيسي لولادة كتابي وسأكون ممتنة لهم دوماً على إيمانهم بي. وأما عن صدى صرخته فقد كانت نابضة جداً، أصداء ممتازة، ولاقى الإعجاب والثناء من قبل كبار الأدباء.
كشفت لنا الكاتبة والأديبة ياسمين عامر عن بعض أسرارها الإبداعية: هي أسرار لم أفصح عنها من قبل، فأنا بطبيعتي متكتمة جداً، لكن حان الوقت ولأول مرة أن أعلن عن كتابي القادم وهو رواية بعنوان "جريمة حرف" وهي رواية انتهيت من كتابتها في العام الماضي لكن تمت عرقلتها بسبب المواضيع الجريئة التي تتحدث عنها والتي تشمل السياسة، الوطن، العنف، القتل، الحرب، المرض وعدة قضايا نعيش ونتعايش معها. لن أتنازل عنها ولن أحذف حرفاً منها، وسأنتظر لحظة صدورها بفارغ الصبر فأنا لست في سباق مع الزمن، وما يهمني هو أن تصدر الرواية بالطريقة التي ترضيني وترضي القراء. وأما عن السيناريو، فأنا بصدد كتابة قصة وسيناريو فيلم فلسطيني، كلامي عنه في الوقت الحالي ليس لصالحي ولا لصالح الأطراف الأخرى، ما زلنا نحتاج للكثير ليخرج هذا العمل إلى النور بالشكل اللائق.
أسست صحيفة "الكلمة العربية" بالاشتراك مع زوجها: في البداية كانت فكرة زوجي، وقمنا بتأسيس الصحيفة معاً، ومن ثم انطلقت في كتابة المقالات والتقارير والخواطر وغيرها، كانت صحيفة "الكلمة العربية" تصدر في منطقة المثلث في فلسطين، وهي صحيفة إخبارية أدبية تعمقت بالأدب والعلم والمعلومات العامة واحتوت على زوايا متنوعة مشوقة، وكانت لي زاوية خاصة بها بعنوان "الخيط الرفيع" قمت من خلالها بتسليط الضوء على مواضيع مثيرة للجدل، استمرت لعدة سنوات ناجحة وبعدها تم إغلاقها نتيجة مشاغل أخرى وظروف وأولويات خاصة.
الاستاذة ياسمين عامر مدمنة على القراءة وتعانق الكتب بشغف: نعم أنا مدمنة، أستنشق عبق الكتب والكتابة وأتناول جرعات مكثفة من عبيرها، وأحقن وريدي من شهدها، أحتضن الكتب ولا تكفيني منها نظرة أو قبلة خاطفة أو ذلك الوعد المرسوم بين الأهداب والمقلة، بل أطمع دوماً أن يغفو بين طياتها عمري، فلطالما كانت الكتب وما زالت منهاجاً لحياتي أدرس وأتعلم من خلالها، وترافقني الموسيقى دوماً هذا الإدمان، وتضيف: لا يمكنني التقليل منها. وأما وقت الأمور الحياتية الأخرى فهو محفوظ، لكن كلّ منا يعيش هذه التفاصيل على طريقته الخاصة للتوفيق ما بين الحياة الطبيعية العادية وبين العالم الخاص الذي نجد به أنفسنا.
الكتابة أنقذتها في بعض الأوقات والمحن من الغرق في دوامات الحزن عندما شعرت بأن هذا العالم الفسيح بدأ يتلاشى من حولها: عندما مَرض والدي بمرض عضال أثر عليّ وعلى تحصيلي العلمي، قلب حياتي رأساً على عقب، انهار العالم من حولي وابتعدت عن كل شيء، وكنت أمضي أيامي ما بين البيت والمدرسة والمستشفى، حتى وافته المنية وترك مكانه فارغاً في حياتي وأنا على عتبة المرحلة الإعدادية. لم أعد أجتهد وأهملت واجباتي المدرسية وتغيبت عن دروسي، لكني لم أتوقف عن القراءة والكتابة يوماً، بل أخرجت كل ما خالجني على الورق، وبدأت بكتابة الخواطر والقصص القصيرة ومن ثم تألقت في الكتابة الإبداعية وكنت من بين الطلاب المبدعين في مدرستي، شاركت وفزت بعدة مسابقات أدبية. اتخذت القراءة نمط يومي وأسلوب حياة، وتنقلت من كتاب لكتاب، حصدت الدرجات العالية ونلت احترام وتقدير المعلمين، وعادت حيويتي. كما وحصل هذا عندما أنجبت بكري والذي خضع لعمليات جراحية فور ولادته وعانى من وضع صحي صعب ومعقد، أمضيت معه فترات طويلة في المستشفى لا أعرف الليل من النهار. وأدركت في لحظة ولادته بأن حالته ليست مؤقتة بل حالة خاصة مصيرية كتبت علينا لمدى الحياة. نعم أنقذتني الكتابة في تلك الأوقات والمحن من الغرق في دوامات الحزن، وجعلتني أنتفض إلى ما فوق الجرح الغائر.
النشر الأدبي على متن مواقع التواصل الاجتماعي له عدة وجهات نظر وتشعبات: لا يوجد تحديد عام وبالمطلق ولا يمكننا الجزم بشكل قاطع، التعميم هنا سيظلم فئة الأقلية الرائعة ممن يستحقون هذه الثورة والقيمة، فهنالك إبداع وثقافة ونقاط تواصل جميلة حصلت، لكن بالمقابل لدينا موهبة الإبداع بالنسخ واللصق، تزوير أسماء، سرقة نصوص، اغتصاب ألقاب، تزييف شهادات، ونعم هذا يثير فوضى عارمة لا نهاية لها، بل وأيضاً يضعف من قيمة لغتنا العريقة ولا يضيف لها أبداً.
تعمل الكاتبة والأديبة ياسمين بصمت في مجال الأدب وخدمة الوطن وتقوم بالأعمال الإنسانية دون أن تثير ضجيجاً إعلامياً، من خلف الكواليس، تستمر بالأعمال التطوعية والإرشادات وتقديم المساعدة ودعم المواهب الإبداعية ليعبروا إلى بر الأمان بالطرق السليمة والصحيحة، إنها تعلم الجيل الجديد القادم عشق اللغة العربية, التمسك بالجذور, تقديس الوطن, الانتماء للأرض، تقدير الإنسانية، وفي هذا الشأن أفادت: لم أفكر يوماً بارتداء ثوب الشهرة, ولا أحب اعتلاء المنابر على حساب اللغة والأدب, ولا أهوى استغلال مثل هذه الأمور لكسب الاهتمام, ولو رغبت بعكس ذلك لفعلتها منذ أكثر من عقد من الزمن, لكني حتى الآن اتخذت طريقاً مغايراً مختلفاً وابتعدت عن الأضواء, بل وتنازلت بكل محبة ورضا عن عدة فرص وأبواب فتحت لي على مصراعيها, أما مستقبلاً فلا أحد يدري ما ينتظره.
المواجع والمضايقات التي عايشتها في فلسطين المحتلة: في فلسطين نولد لنستنشق الغصّة ونحتسي العلقم، منذ الساعات الأولى يعرف الرضيع أنه على أرض فلسطين التي محال أن تتصهين مهما فعلوا وبلغ بهم التسلط والعنصرية، نحن لا نحمل القضية على أكتافنا، نحن نحملها في قلوبنا وأرواحنا، نؤمن بها بعمق. منذ ولدت، عشت وتعايشت في هذا الوضع الراهن وبعض الأحداث عشتها عن بُعد، وبعضها مرت من خلالي. في أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية، انتفاضة الأقصى، كنت شابة صغيرة وكان السيل قد بلغ الزبى وغضبت وقررت أن أتمرد على الواقع وأن أضع حداً لصمتي، ودون علم والدتي وإخوتي سرت مشياً على الأقدام حتى الحاجز الأقرب لقريتي "مقيبلة"، هتفت ورفعت راية فلسطين، وبعد مشادات كلامية وصدام ما بيننا وبين جيش الاحتلال تمكنا من الإفلات منهم بأعجوبة أنا ومن معي وسلكنا طريق وعرة للعودة إلى القرية. عدت إلى المنزل ثائرة غاضبة، مسكت القلم وكتبت "هل من مزيد يا صهيوني؟!"، علقت المقالة على باب غرفتي وأرسلتها لإحدى الصحف، وبعد نشرها بدأ الشوك يعتلي الورود أكثر ويشق طريقي، وكان لهذا التأثير الكبير في كوني لا أستطيع حتى الآن التعايش والتعامل معهم. وأثر هذا على حياتي وكتاباتي، فالقلم سلاحي الذي لا أملك سواه.  ومثل هذه المواقف تجعلنا ندفع الثمن غالياً.
وفي معرض ردها على سؤال حول مدى إيمانها بالحب والصداقة الأبدية، أجابت: أنا مؤمنة حتى أبعد حدود بالحب الأبدي الذي يجمع بين الأرواح النقية، فالحب الحقيقي الأزلي هو الحب الذي يربط بين روحين. أما الصداقة الأبدية فهذا المفهوم لا يعني لي الكثير، فلدينا في حياتنا المعارف والزملاء والأقارب، يمكننا أن نمرح معاً، نضحك معاً، نتشارك بعض الأمور، نقضي الأوقات معاً، لكن في مرحلة معينة ينتهي هذا ويعود كل منا إلى مكانه وتسحبنا ظروف الحياة لكن علينا دوماً الحفاظ على العلاقة الإنسانية والمودة والاحترام بيننا حتى وإن لم تجمعنا الصداقة.
كما عرفتنا ياسمين الكاتبة والمثقفة على ياسمين السيدة المنزل من خلال هذه الجمل: مهما بلغت الأنثى من مناصب وثقافة، ستبقى سيدة المنزل داخل كل منا، وتلك فطرتها، فلديها قدرات خارقة للتوفيق ما بين عملها وبيتها، وأنا سيدة منزل من الطراز الأصيل، زوجة محبة وأم حكيمة، ومن الرائع أن تجمع السيدة عدة عناصر وصفات في شخصية واحدة، القسوة واللين، الجد والمرح، الاحتواء، الحنان، العطاء والتضحية، تقديس الحياة الزوجية والترابط الأسري، هذه أنا. وأما كوني مثقفة فأنا حقاً أطمح أن أكون واستمر، وهذا أمر لا يقف لدى الشارة الحمراء، بل علينا أن نثقف أنفسنا طالما نحن على قيد النبض.
مواهبها وألوانها المفضلة: بالإضافة إلى الكتابة، أحب الرسم، أعشق الموسيقى، كما إنني أتقن الفنون المختلفة، وأرغب أن أجعل التأمل موهبة، فأنا أتقن فنون التأمل والصمت وقضاء الوقت في العزلة، أعتبرها موهبة ملهمة.
لونها المفضل هو الأسود، لأنه يطلق العنان لخيالنا بتصور وتخيل باقي الألوان ونبصرها من خلال العمق الخيالي لهذه العتمة دون حدود، من خلال الأسود المظلم نبصر كل ما نريد دون قيود ونصنع الألوان بأنفسنا دون تطفل أي لون يحدّ من قدرة بصرنا. ولو أردت اختيار لون إضافي للأسود لاخترت الأزرق بجميع درجاته فهو لون مريح وملهم.
طموحاتها المستقبلية: طموحاتي المستقبلية والتي أجتهد لتحقيقها هي إصدار المزيد من الكتب الهادفة التي تحمل رسالة للمجتمع وتخوض بكل ما يغذي عقولنا وقلوبنا ويحرك مشاعرنا ويجعلنا نبحر بين السطور، كما أنني أحلم بتأسيس مشروع غني بهدف تنمية القراءة والكتابة في مجتمعنا، وزرع عشق اللغة العربية في قلوب أطفالنا ليكبروا على تقدير وتقديس اللغة كما يجب. هذا بالإضافة إلى ما ذكرته سابقاً حول روايتي "جريمة حرف" وحول الفيلم الفلسطيني الذي أتكتم عنه في الوقت الحالي. الطموحات حدودها السماء ولا يمكننا التحدث كثيراً عنها حتى تحقيقها.
وفي الختام وجهت الكاتبة والأديبة ياسمين عامر كلمة للقراء عامة قائلةً: أكن لهم كل احترام ومحبة، القراءة غذاء الروح والعقل، متعة مرهفة تتغلغل داخلنا وتأخذنا نحو البعيد القريب، تجعلنا أقوياء وتلهمنا الصبر وتملؤنا بالحكمة، تبني أمامنا أوسع الآفاق وتجعلنا نسافر عبر السطور. القراءة ليست مجرد قراءة فحسب، بل الغوص في عمق الحروف والانسياب مع عذوبة الكلمات.
وتذكروا أن بداخل كل إنسان منا صرخة لم تُصرخ بعد، صرخة صامتة لا تقوى على مفارقتنا، تتعدد أسبابها وفقاً للإنسان وميوله ورؤيته والرغبة المكبوتة داخله. إن كانت هذه الصرخة تسلك درب اليقين والإيمان، فهي صرخة لا بد أن تتعدّى حدود الكتمان.
أسعدني جداً تلبية الدعوة، شكرا جميلاً جزيلاً لكم، شرف كبير لي هذه الاستضافة الجميلة حيث البهاء والعراقة، أنتم منبر الأدب الراقي، ودمتم قيمة وقامة عالية.
حوار أجراه: خالد ديريك
نشر في العدد السادس من الملحق الأدبي #أقلام عربية" الصادر عن مؤسسة #الموجز العربي

30
الشاعر والناقد هاتف بشبوش: ليس بالضّرورة أن تكون ناقدًا وشاعرًا في نفس الوقت
ينصح هاتف بشبوش كلّ من لا يستطيع التخلّص من قصيدة العمود أن يكتب العمودية الجاهلية

حوار أجراه: خالد ديريك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وُلد المهندس الشاعر والناقد الأدبي والسينمائي هاتف بشبوش في محافظة المثنى (السماوة) ـ العراق.
هو شاعر شيوعي منذ السبعينيات من القرن الماضي، ولازالت الشيوعية تجري في دمائه حتّى بات هذا الفكر واضحاً في أعماله الشعرية والنقدية أيضاً، ومن أجلها (الشيوعية) تعرّض للاعتقال والاستجواب والتعذيب سنة 1977 في سجن السليمانية المركزي بكردستان العراق في بداية الضّربة الموجّهة للجبهة الوطنية من قبل حزب البعث العراقي وكان حينها طالباً في جامعة السليمانية، وفي الجيش، وأثناء الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات واجه العديد من المضايقات وكاد أن يعدم من جرائها لولا الحظ الذي حالفه ومساعدة صديقه الجندي الشريف أبو معتز من أهالي العمارة .
عاصر الحصار الاقتصادي والفكري في العراق في التسعينيات من القرن الماضي فاضطرّ أن يحزم أمتعته ويغادر إلى خارج الوطن. وها هو اليوم في منفاه الأخير وموطنه الثاني مملكة الدنمارك التي منحته الحرية والكرامة والعيش الرّغيد.
هاتف بشبوش عضو في اتّحاد الأدباء العراقيين، شارك في العديد من الندوات والمهرجانات الأدبية المحلية والدولية وأهمها: المشاركة في مهرجان الشعر الأول بـ إستكهولم في 2016 ـ المشاركة في مهرجان مؤسسة النور الثامن (دورة الشاعر يحيى السماوي) 2017.
يكتب الشّعر ومنه الشعر الأيروتيكي والنقد الثقافي الأدبي والسينمائي، وحصيلة جهده في الأدب والنقد هي ثمانية عشر كتاباً.
إلى نص الحوار ....
في بداية حوارنا معه، حدثنا عن عالمه الخاص (عالم الطفولة والصبا): سأسحب اعترافي بعالمٍ يسيء إلى الطفل ...بورخيس.
طفولته: طفولتي كانت بائسة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الاجتماعية والترفيهية والاقتصادية. طفولة بدأت بتعليمنا الأكاذيب والأساطير والتي زرعت في قلوبنا الخوف من الربّ بشكل دائمي وهذا ما أفقدنا الجرأة والشّجاعة والإبداع في شتّى مجالات الحياة. طفولة ظلّت تشكو من حسرتها حينما كبرت وتفرجت على الطفولة الكونيّة في بلدان التحضّر والمدنيّة فوجدت البون الشّاسع.
 صباه: أما الصّبا فكان فيه من النّزق الجميل لكنّه مشوبٌ بالكثير من الحزن والألم الذي ظلّ قابعاً في قرارة نفوسنا حتّى هذا اليوم نتيجة الفوارق الطبقية والحياة ومطحنتها التي تدور بنا فتهرسنا بكامل ما بها من قوّة ومن ثمّ ترمينا نفوساً محطّمة خالية من أي بهجة وحياة تُذكر.
 ويضيف: المراهقة والصّبا في بلداننا ميتة في كلّ شيء عدا الله ، هي أعظم معركة نفسية بين الشّخص نفسه وبين ما يتوجّب عليه كتمانه من حبّه لامرأة ، جارته أو ابنة زقاقه لكنّه لا يستطيع أن يمسك حتّى بأذيال عباءتها نتيجة ما تفرضه التقاليد العرفية والدينية التي تحرّم لقاء الرجل بالمرأة فخلقت لنا رجالاً ونساءً مشوهين حتّى اليوم وفي جميع بلدان الشّرق عدا بعض بلدان المغرب العربي التي تختلف نوعاً ما لأنّها أدخلت التّعليم المختلط في المدارس حيث نرى في المغرب على مرّ ذلك أكثر من سبعين عاماً وكذلك الحال في الجزائر وتونس، وهذا يخلق علاقة أكثر تحضّراً بين الرّجل والمرأة في كافّة ميادين الحياة ومتطلّباتها. ولذلك مهما كبرنا في جاهنا ومالنا وقلوبنا نبقى نتحسّس تلك الطّفولة كلّما دسسنا كفوفنا في جيوبنا، وكلّما استمعنا لوجيب القلب تحت الضلوع المكتسية أو العارية. ومهما يكن من أمر أنا أتشدّق بما قاله الروائي الشيوعي الشهير مكسيم غوركي (لا تبك...أنك لا تستطيع اختيار حياتك). 
زرع الشاعر هاتف بشبوش بذور الكتابة في حدائق الإبداع منذ الصغر بمساعدة خاله، لذلك يعتبر البذرة الأساسية للإبداع تكمن في الطفولة: في الصّغر كلّ منّا كان بمستطاعه أن يمارس الإبداع الطفولي في التّعليم المنهجي لأنّ الطفل هو الأكثر انبهاراً في الإبداع، على سبيل المثال قسمٌ منّا يمارس الغناء في حصّة النشيد أو يمارس الرّسم والبعض الآخر يمارس الشّعر وقراءته بطريقة مرتلة. ونتيجة ذلك تنشأ البدايات التي مُمكن لها أن تنمو مع الإصرار وحبّ التوجّه في الجانب الإبداعي الذي يسلكه المبتدأ، أضف إلى ذلك هناك بعض العوامل المساعدة التي تعطي الدّفق والشّجاعة في المضيّ مع الجانب الإبداعي، فأنا شخصيّا لديّ خالي كان شاعراً رحمه الله وهذا ما ساهم في سقي حدائقي وشتلات بوحي الأولى في الشّعر حتّى استطعتُ أن أجعلها أصيصًا من الورد الشّعري لكيْ يشتمّ عبيره الآخرون فيثنون على أريجه. ولذلك أنا أعتبر البذرة الأساسية للإبداع تكمن في الطفولة التي عشناها على اختلاف مشاربها ثمّ تنمو في الصّبا وتكبر حتّى تصبح كما الشّجرة الوارفة التي تعطي ثمارها للمتلقّي.
علاوة على ذلك، فقد نشأ بين الشيوعيين وأصبح الفكر الشيوعي جزءاً منه: أنا نشأتُ في زقاق صغير يدعى زقاق موسكو إشارة إلى الشيوعية التي دخلت أفكار جميع من في الزقاق حتّى نشأت وكبرت فوجدتُ نفسي يسارياً لا يمكنه أن ينسى القيم الجميلة لهذا الفكر الذي أصبح واضحاً جليّا في جميع أعمالي النقدية والشعرية.
القصيدة العمودية الأصلية هي القصيدة الجاهلية وقصيدة المعلقات، وهي بلا وزن وبلا بحور، ويقول في هذا الصدد: أن أكثر شعراء قصيدة العمود حين ينثر تراه ضعيفًا هزيلاً في اللّغة والتّعبير والمعنى. كما وأنّ قصيدة العمود أسهل بكثير من قصيدة النّثر. ومن قال لكم: من أنّك إذا أردت أن تكتب العمود يشترط أن يكون موزوناً فراهيديًا.
ويؤكد: القصيدة العمودية الأصلية هي القصيدة الجاهلية وقصيدة المعلقات. فكلّها كانت بلا وزن وبلا بحور ولذلك هي أجمل من قصيدة الفراهيدي التي اكتشفت في العصر العباسي وأجمل من جميع ما كتبه شعراء العمود على مرّ التاريخ ولغاية اليوم ولذلك ظلّت خالدة نحفظها عن ظهر قلب لأنّها كانت تمتلك المساحة الأفضل دون قيد الوزن وقوالبه كما يقول محمود درويش (أجمل الأشعار ما يحفظه عن ظهر قلب كلّ قارئ فإذا لم يشرب النّاسُ أناشيدكَ شرب.... فقلْ... أنا وحديَ خاطئ).
ولذلك ينصح كل مَن لا يستطيع التخلص من قصيدة العمود أن يكتب العمودية الجاهلية، لأنّها أجمل وأبسط وأكثر بلاغة من قصيدة الفراهيدي وتعطي الشّاعر الأريحية الهائلة والتي من خلالها لا يجد أيّ عقبة غير الكلمات المقفاة وهذه بحدّ ذاتها تخلق أيضاً البوح الكاذب لدى الشّاعر في كلا القصيدتين الجاهلية والفراهيدية، لأنّه ملزم أن يأتي بكلمات ذات رويّ واحد كما يفعلها الكثيرون بتسطير الكلمات المقفاة أوّلاً ثمّ كتابة النصّ لاحقًا، فتصوّرْ أيّ قصيدة هذه التي تبدأ ببوحٍ كلمات كاذبة لمجرد أن تأتي بكلمات مقفّاة في آخر العجز وينتهي كلّ شيء.
مَن يكتبون القصيدة الفراهيدية لا يعرفون الوزن، والقصيدة العمودية أصبحت متحفية: أغلب من يكتبون القصيدة الفراهيدية كذّابون ولا يعرفون الوزن عدا بعض الشّعراء الكبار الذين قِسمًا منهم أصدقائي اليوم وأنا كتبت عنهم العديد من المقالات النقدية وأثنيت عليهم كثيراً. فهل تستطيع أن تقول لي من يدقّق أوزان هذا الكمّ الهائل من شعراء القصيدة الفراهيدية؟
ويستشهد بحادثة جرت مع الشاعر محمود درويش: محمود درويش اتّهموه ذات يوم من أنّ شعره العمودي يفتقر إلى الوزن، وظهر على التّلفزيون وتحدّاهم، فتصوّر محمود بعظمته اتُّهِمَ بفقدان قصائده للوزن فما بالك اليوم كلّ من هبّ ودبّ ادعّى أنّه شاعر فراهيدي. لكنّ محمود درويش لم يستمرّ بها فركلها بعيدًا وكتب التفعيلة والحرّة والنّثر وكذلك الحال مع أدونيس وسعدي يوسف ومظفر النواب والرّاحل محمد الماغوط الذين هم أعمدة الشّعر العربي ، كلّهم قبل أكثر من خمسين عام تركوا القصيدة العمودية واعتبروها جامدة تافهة لا تأتي بالجديد وإذا أردتَ أن تتأكد تستطيع أن تسأل سعدي يوسف أو أدونيس أو النّاقد والشّاعر والعالم الكيميائي العراقي عدنان الظاهر عن القصيدة العمودية وسترى ما يؤكّد قولي هذا ، لأنّ القصيدة العمودية أصبحتْ متحفية ومن أطلال الماضي فكلّ من ينظر إلى الماضي يبقى متخلّفًا وهذه نظرية تنطبق على مجريات الحياة كافّة وليس الأدب والشّعر فقط . وأنا لي مقال طويل بهذا الخصوص ستقرأه بعد أيّام على صفحات التّواصل والصّحف الإلكترونية.
تعريف وأهمية أدب الجسد (الإيروتيكي) من عدمه لدى الشاعر هاتف بشبوش:
التعريف: الإيروس Eros في الميثولوجيا اليونانية هو إله الحبّ ويعتبر أصل الخلق أحيانًا ولدى سيغموند فرويد هو غريزة الحياة مقابل غريزة الموت. وهي كلمة تتضمّن الحنان والرّغبة العارفة. وهناك ثمّة تشابه لم يأتِ اعتباطًاً فتأتي كلمة أيروس مع كلمة (أير) بالعربية أو قضيب الرّجل وكما جاء في لسان العرب (الأيرُ معروف) وجمعه أُيرٌ أو آيار. كما نادى سيبويه الجرير وقال (يا أضبُعا أكلتْ آيارَ أحمرةٍ). أو كما وصف هادي العلوي الكاتب اليساري الشّهير الأيروس بالعروس أو العرسية.
الأهمية: الأيروس أجمل من كتبه هو ريتسوس اليوناني 1909 -1990 وقد تُرجمت أشعاره من قبل الشاعر الكبير سعدي يوسف بكتاب جميل. ومنذ ذلك الوقت ونحن نعرف ما أهميّة أن نتعرّف على الحياة الجنسانية ولو بجزء بسيط منها كما وصفها بشكل مثير الفرنسي ميشيل فوكو. كما وأنّني مقيمٌ في الدنمارك وهناك فيها أعظم ممّا يقوله الشعراء عن الأيروس، هناك تمثالين شاهقين في منتصف مدينة أودنسا يمثلان عضوي الرّجل والمرأة. ويمرّ من خلالهما كلّ من الجالية المسلمة والأوربية. فهل هناك أكثر من أهمية هذا العمل الذي يجسد الأيروس؟.
تناول شعر الأيروس لا تجلب الشهرة: وأمّا من يقول من أنّ الشّهرة تأتي من خلال تناول شعر الأيروس والجنس فهذه لدى العرب فقط ونفوس البعض الضّعيفة في تفكيرها الضّئيل والمنحطّ الذي يُعبّر عن سوء مداركها وانحسارها في أسفل الجسم حيث توجد أعضاء خلقنا العظيم والإتيان بنا للحياة التي نعيشها. ولكنّ الفرد العربي مزدوج الشخصية لا تستطيع أن تأخذ منه الصّحيح من الخطأ.
وحول الازدواجية، يستشهد بشخصيتين أدبيتين: قبل أشهر ظهرت من على الشّاشة التلفزيونية الصحفية والروائية المعروفة سلوى جراح وقالت أنا لا أطلب الشّهرة عن طريق كتابة الجنس بينما هي تعيش في بلدان الغرب الذي أصبح الجنس فيه كما الشّراب والطّعام، كما وأنّها كتبت مقالاً نقديًا تمدح فيه أكثر روائي عربي تناول موضوع الجنس والآيروتيك بشكله الفاضح وغير الوقور وهو برهان شاوي فكيف لنا أن نجد صحيحها من خطئها في هذا المجال؟ وأنا لا ألومها لأنّها امرأة قادمة من الشّرق مهما اعتلت الرّقيّ وادّعت التمدّن ترضى لنفسها أن تكون هكذا. ومثلها الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي التي ضجّت الأسواق بكتبها عن الجسد والعاطفة والحبّ والجنس لكنّها في نهاية المطاف رأيناها بوجهها الآخر الدّيني حيث حجّت مكة وأصبحت الحاجة أحلام. فأيّ زيفٍ هذا وأيّ ازدواجية مقيتة هذه؟
أهمّ الشعراء أثّروا فيه: أنا كشيوعي أوّل ما وقعت سريرتي على شعراء هذا اللّون ممّن ناضلوا بحياتهم ووضعوها على كفوف الرّاحة وألقوا بها في مهاوي الرّدى دون خوف من البوليس السرّي ولا السّجون ولا الموت. ومن شعراء هذا الدّرب الخطير مظفر النواب وبلند الحيدري والشّاعر الشعبي عريان السيد خلف ومن ثمّ شعراء المقاومة الفلسطينية محمود درويش والراحل محمود عبد الرحيم وسميح القاسم. ومن الشّعراء العالميين ... لوركا، بابلو نيرودا، لويس أراغون، ناظم حكمت، إضافة إلى السّكير الشّهير أدغار ألن بو... واليوم يعجبني ما يكتبه المفكر والشاعر أدونيس من أشعار واضحة بعد إن مللنا من أشعاره الغامضة التي لم تنفع بلده وقرّاءه حسب ما يقوله هو من أن سوريا لم تستشهد بأيٍّ من أشعاره في إحدى كتب التّعليم المنهجي في سوريا. أحببتُ من الشعراء الكورد عبد الله كوران وشيركو بيركس وأحببتُ الأغاني الكُردية الخفيفة لحسن زيرك ومنها (ماما جياني ماما).
أما الروائيين: كثيراً ما يشدّني الروائي ماريو بارغاس يوسا الذي أبدع في روايته (حفلة التيس) التي تناول فيها جمهورية الدومنيكان ورئيسها الأرعن وأمريكا وما فعلته هناك من جرائم، ومن ثمّ الرواية الرّائعة للغاية (شيطنات الطفلة الخبيثة). إنّه الروائي الذي تناول الضّمير وعقاب الضّمير بأسلوب مغاير لم يأت به أحدٌ قبله.
يؤكّد أن جمال النصّ هو الذي يلفت نظر النّاقد لإقامة مشروع الدراسة النقدية: أكيد النصّ أولاً وقبل كلّ شيء وإلاّ فيتحوّل النّقد إلى المحاباة والمعرفة والصّداقات التي تجعل النّقد في مراتب الملق الرّخيص. أستطيع القول من أنّ النقد هو العلاقة المجهولة والحميمة في نفس الوقت بين الكاتب والناقد ومن خلالهما يتعرّف القارئ على المعرفة النقدية والبعد النصّي وبنيته والميتا سرد من خلال هذه الآصرة التي تجمع الإثنين والتي تصل إلى القارئ جاهزة خالية من أيّ غموض عدا ما يتطلّبه النّقد من نواحي فنية أو النواحي المراد منها الاقتراب من الثورية والرمزية لغايةٍ في بوح الناقد في ظلّ ظروف قاهرة سياسيّاً أو اجتماعيّاً.
يشرح الفرق بين النقدين الثقافي والتنظيري بإسهاب: أنا شخصيًاً لو خيّر لي أن أختار النقد التنظيري، تراني أكتب مئات المقالات، بل كلّ يوم أستطيع أن أكتب مقالاً. لكنّني أرى النقد التنظيري ضحكًا على ذقون الأدب وقلّة المعرفة لدى الناقد وضحالة ثقافته فتراه يلجأ إلى النقد التنظيري المشبّع بمصطلحات ما أنزل بها الأدب من حاكمية. النقد التنظيري يعقد المعقد، أعني من أنّ القارئ يريد أن يعرف ما يكتبه الشّاعر فيأتي الناقد التنظيري ليعطي القارئ شفرات ومصطلحات تجعله يلعن الشّاعر أو الروائي ومن ثمّ الناقد نفسه. بينما الناقد الثقافي والذي لديه مجال موسوعي ثقافي يستطيع أن يجعل القارئ وكأنّه يدخل صالة سينما فيرى ويفهم على وجه السّرعة ما يدور من أحداث للقصيدة أو للرّواية ولن يحتاج إلى فكّ شفرة كاتب القصيدة لأنّه دخلها مرتاحًاً ومنشرحًاً عن طريق الناقد الذي حلحل رموز كاتب القصيدة أو الرواية. لو أعطيك مثالاً على ما قاله أحد النقاد التنظيريين حول أحد الأدباء والذي يُصنف كناقد له وزن كبير، وأدرج أدناه جزءًا ممّا قاله:
(أنّ جوهر توصيف الميتاسرد يتحدّد بقصدية القراءة المنهجية لهذه التقنية، إذ أنّه المستوى المنهجي المسؤول عن تأشير معطى تأصيل هذا المفهوم، وعن تحديد طبيعة اشتغالاته في المستويات البنائية في القصّة والرواية وغيرها أو على مستوى توظيفه المنهجي في مقاربة مستويات القراءة وإجراءاتها في التحليل والمعالجة، وفي الكشف التناصي لعلائقها الداخلية وكسر بنية السرد التقليدي في سياق تركيب هذه العلائق.... انتهى).
فهل تستطيع يا خالد أنت الشاعر والكاتب أن تشرح لي ما الذي فهمته من هذا الذي يدعي النقد بل أتحدّى أي ناقد أو ضليع في الأدب بدءًا من الناقد الكبير فاضل ثامر أن يقول لي ما أدركه عقله من هذا الناقد التنظيري وما أكثرهم أمثاله الذين أفسدوا الذائقة العراقية والعربية في مستوى انحطاط كتاباتهم النقدية.
ليس بالضرورة أن تكون ناقداً وشاعرًا في نفس الوقت، هذا ما قاله الأستاذ هاتف بشبوش: الناقد يُعتبر بالدرجة الأساس كما الحَكم الذي يترصّد أخطاء اللاعبين في كرة القدم على سبيل المثال أو لعبة الملاكمة، فهو هنا المعيار الأساسي في إبراز أفضل لاعب أمام الجمهور الغفير فيرفع يدي الملاكم معلنًاً انتصاره على خصمه ومنافسيه.
إذن، مهمّة الناقد إبراز الأديب وتقديمه للقارئ بما يليق، كما وأنّ مقولة نزار قباني " الناقد شاعر فاشل" مقبولة نوعًاً ما مثلما نقبل حقيقة سيبويه اللغوي الأوّل لكنّه لا يفهم في الشّعر شيء. ليس بالضّرورة أن تكون شاعرًا ولغويّا رصينًا في نفس الوقت فالشّعر لا يُقاس باللّغة بل بالمخيال الشّعري ورسم صور البوح ، كما ليس بالضّرورة أن تكون ناقدًا وشاعرًا في نفس الوقت ، ولكن إذا كنت في الحالتين حتمًا هناك أرجحية في التّفضيل بين كونك ناقدًا وشاعرًا. هذه هي قراءتي لما قاله الكبير نزار قباني وأنا أحبّه كثيرًا فهو شاعر المرأة بالدرجة الأساس والذي استطاع أن يظهر مفاتن النساء على طبقٍ من الجمال ، أضفْ إلى ذلك من أنّ نزار أطلق هذه الكلمات لأنّه كان غير محبوبٍ آنذاك من قبل النقاد باعتباره شاعر الجنس والإثارة بينما الوطن العربي كان يعجّ بالثورية والنّضال ضدّ الطّغاة والمتجبّرين وإسرائيل. ومهما يكن من أمر لابدّ من وجود النقاد في كلّ فترة زمنيّة وإلاّ أصبح الأدب فيه نوع من الفلتان لغياب الحساب والمتابعة والمديح والثناء والهجاء التي هي من مهامّ الناقد. ويختم شرحه هذا بمقولة "أكتافيو باث" شاعر وأديب وسياسي مكسيكي: النقد إبداع والإبداع نقد.
لا يكتفي بالنقد الأدبي المختلف عن بعض من أقرانه، بل بالنقد السينمائي مختلف أيضاً، لنقرأ أسلوب وإضافات الناقد السينمائي هاتف بشبوش في هذا المجال: أنا أكتب النقد السينمائي على غرار ممن احترفوا هذا النّوع من النّقد في السبعينيات والذي ظهر لنا في الكتابين المصريين (سينما الزمن الصعب) وكتاب (سينما الحب) لكنّني أضفت له أبعادًا فنية كثيرة لم تتوفّر في هذين الكتابين أنا ابتعدتُ عن التهجين الذي يتناوله النقاد السينمائيين وأضفت العمق في المعاني المرتجية  من الفيلم وما يريده الروائي و السيناريست والمخرج.  واستطعت أن أشرح للقارئ أمزجة الممثل العديدة منها المزاج الصفراوي واللمفاوي والعصبي والدموي ، فالصفراوي يتمثل بالقسوة والغيرة والغضب وحبّ السيطرة أمّا اللمفاوي يتّسم بالخمول والكسل والقابلية للتأثّر بآراء الغير أمّا العصبي يتمثل بقوّة الخيال وهكذا لبقية الأمزجة فيستطيع القارئ من خلالها معرفة طبيعة الدور المناط لكلّ ممثل .كما وأنّني من خلال هذا النقد أقدّم للقارئ ما هو الجميل والأفضل ممّا أنتجته السينما العربية والعالمية من آلاف الأفلام الهابطة والتي لا تستحقّ النظر والجلوس إليها يعتبر مضيعة للوقت وما أكثرها اليوم في هوليود التي اختلفت كثيراً عن ذلك الزمن الجنائني الخلاّب وما كُنّا نراه على سبيل المثال لمارلون بران دوا وفيلم (زباتا) أو العدالة المفقودة في السينما الإيطالية للممثل القدير (فرانكو نيرو) أو السينما الفرنسية وفيلم الغجري (ألان ديلون) أو جميع أفلام فريدريكو فلليني المخرج الإيطالي الشهير.
في أدناه، مثال لكتاباته النقدية السينمائية: استطعتُ من خلال هذا النقد أن أدخل عامليْ الواقعية والميتافيزيقية في شرح ما ورائيات أحداث الفيلم بشكل تفصيلي غير محدّد وغير مملّ. يعني على سبيل المثال تناولت فيلم ( لعبة الجوع The Hunger Games) للكاتبة سوزان كولنز، فيلم خيال علمي من إنتاج عام 2012 وإخراج جاري روس، وبطولة جينيفر لورنس، هذا الفيلم يتناول فكرة السيطرة بالريموت كنترول على فريقين يتنازعان حتّى الموت كما في حلبة الرومان ، إمّا قاتل أو مقتول وما من خيار لك حتّى لو كنت تقتل أخاك أو حبيبتك وهذا ما حصل بالفعل حين التقى كلّ من الحبيب وحبيبته ويتوجّب النّزاع بينهما حتّى يموت أحدهما،إنّه لموقفٌ عصيب لأنّ الريموت كنترول يتحكّم بهما ويستطيع أن يقتلهما معًا فعليهما أن يختارا هذا المصير الأوحد وما من أثنين يبقيان في الحلبة، وهنا يأتي دوري في الميتافزيق والفنتازيا وما يتطلّبه الناقد في التعمّق في الأبعاد الأخرى التي يبتدعها هو وما يراه من خلال أبعاد الفيلم. فرُحتُ أصوّر هذين الفريقين المتنازعين في الفيلم عبارة عن الأطراف الإسلامية اليوم التي تتنازع بينها من خلال سياسة فرّق تسدْ التي زرعها فينا الغرب والأمريكان والريموت كنترول بيدهم وعلينا أن نقتل بعضنا بعضًا دون رحمة كما في الحرب الدائرة بين السنة والشيعة في اليمن أو الحرب التي تشنّها تركيا ضدّ الكورد خصوصاً في عفرين ـ سوريا، ومربط الفرس بيد الأمريكان وهكذا استطعتُ أن أتغلغل أكثر مع إضافة التشويق لكي يظهر الموضوع برّاقًا ومعنويًا أكثر في نفس الوقت. 
إضافة إلى ذلك، فقد تناول الناقد هاتف بشبوش هذا النوع من النقد السينمائي في تحويل الفيلم الروائي إلى قصّة قصيرة صغيرة بصورة مبسطة غير معقّدة، والتي بإمكانها أن تخلق الإبداع، لأنّ الثّقافة التي تأتي عن القراءة تخلق وعيًا كبيرًا بينما الثقافة التي تأتي عن طريق السّمع والصّورة تخلق تقليدًا جامدًا وهنا فرق شاسع بين الإثنين.
أهمّ مؤلّفاته ومضامينها باختصار: لديّ خمسة دواوين شعرية مطبوعة تضمّنتْ البُعد السياسي للعراق ونضال الحركة اليسارية بالدّرجة الأساس لأنّني شيوعي منذ أربعين عامًا ولا زلتُ أنهلُ من هذا الفكر الذي علّمني معنى الحياة وكيف يكون الحبّ ولا معنى أن تتماهى في حبّ الأوطان. ولديّ ديوان مطبوع بعنوان نساء يتحدّث عن الأيروتيك لكنّني مازجته مع حبّ الوطن والمجتمعات وكيف ننظر إلى ميثولوجيا المجتمعات والشّعوب من خلال المرأة والأيروتيك الذي يربطها مع الرّجل وماذا تعني العلاقة بين رجل وامرأة، هل هي للتّناسل فقط والبقاء في الحياة أم لإرضاء الغريزة الجامحة بلا حدود أم هناك ترابط خفيّ بين الذكورة والأنوثة منذ الأزل وسوف تستمر إلى أجلٍ غير معروف؟ لديّ كتابان نقديان مطبوعان تجاوزا أكثر من ستمئة صفحة من القطع الكبير، تناولا العديد من الشّعراء والروائيين العراقيين وغير العراقيين، وأسفي من أنّني لم أتناول لحدّ الآن الشّعراء الكورد وأملي أن أجد غايتي المنشودة في هذا المجال لكي أحقّق حلمي السّابق أثناء نضالي في السبعينيات من القرن الماضي بين إخوتي الكُورد الذين أحبّوني وأحببتهم. لديّ أيضاً كتاب سينمائي قيد الطبع وكتاب مقالات اجتماعية متنوعة وأربعة دواوين شعرية أخرى تحت الطبع. يعني بالمُجمل لديّ ثمانية عشر كتابًا حصيلة جهد الأيّام وسهر اللّيالي وطلب العلا في هذا المجال. موجع الذي لا ينتمي إلى عالم الطرافة ونعومة الحياة.
أما عن مشاركاته في الندوات والمهرجانات، أجاب قائلاً: اشتركت منذ السبعينيات وأنا في جامعة السليمانية بكردستان العراق في أوّل مهرجان لي بحضور الشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة بنصّ ما زلت أتذكّره جيداً (وقفة على رصيف العاطفة) والنصّ من عنوانه يدلّ على العمر المراهقي حيث كنت أنذاك في عمر الثامنة عشر فأهدتني لميعة كتابًا وقالت لي بعد مصافحتها من أنّ هذا الكتاب لأصغرِ شاعرٍ عرفَتْهُ.
شاركتُ في المهرجانات العديدة للحزب الشيوعي أنذاك وكنت أكتب في طريق الشعب الجريدة الرسمية للحزب الشيوعي العراقي. واليوم شاركت وسوف أشارك في الكثير من المهرجانات المحلية والدولية في بلدان المنافي. في السويد والدنمارك والعراق. كما وأنّني كناقد قدّمت الشاعر الكبير يحيى السماوي في مهرجان أقامته ممثلية التيار الديمقراطي في الدنمارك وسوف أقدّم في سبتمبر القادم الشاعر الكبير خلدون جاويد بعد اعتكافه فترة طويلة من الزّمن بسبب المرض.
يصف انطباعه عن الاغتراب كـ انفصال الخيط الرّفيع الممتدّ بين ذاكرة الطّفولة والكبر، ولذلك المنفى يعني ابتعاد المرء عن أرض الصّبا والمنشأ الذي تربّى وترعرع فيه والتصقت أقدامه وشربت من ترابه. فالاغتراب يضيف ألمًا آخرا مضاعفًا للشّخص المنفي وخصوصًا المنافي القسرية التي يلجأ لها الشّاعر أو الكاتب نتيجة الابتعاد عن الطّغاة والحكّام الجائرين. وهذا بحدّ ذاته يضيف تجربة أخرى للإبداع نراها تنفجر في كلّ لحظة يصطاد بها النّسيان سمكة الذاكرة فتظهر بشكل لواعج حزينة وثورية في نفس الوقت أو أحيانا تطغى الرومانسية في البوح الباكي على أطلال الوطن وما تركه هناك الشّاعر من مدن وأزقة وأمكنة و أحبّة ظلّت تضرب في الخيال السّارح للكاتب. ويضيف: أنا شخصيّا كتبت الكثير عن المستقبل الذي كنتُ أنشده قبل اغترابي وحين وصلت بلدان المنافي حيث وجع الاغتراب قلت: ضيعتُ حقيبة أيامي وراءَ هذا الذي يُكنى مستقبلا وإذا بهِ .... سراب.
 ويأتي به بالمثل: الغربة والاغتراب كثيراً ما عانى منها اليوناني الشّهير كافافيس والذي أصبح مضربًا لأحزان الذين ابتعدوا عن أوطانهم وأمكنة صباهم فراح يقول: قلتُ: "سأذهب إلى بلاد أخرى، سأذهب إلى ضفّة أخرى، سأجد مدينة أفضل من هذه المدينة. كلّ جهودي محتومة بالفشل وقلبي متمدّد ومدفون كما لو كان ميتًا. لن تجد بلادًا جديدة، لن تجد ضفة ثانية، هذه المدينة ستطاردك. سوف تمشي في الشّوارع نفسها، ستشيخ في الأحياء نفسها.
أهمّ المخاطر والمضايقات التي تعرّض لها في حياته: منذ أن عرفتْ مداركي معنى الحرية والحبّ وهذه بدأت معي وأنا في عمر الخامسة عشر فأصبحت أشعر بالمضايقات من وطن كلّ شيء فيه يحطّم النّفس المريضة بالدّرجة الأساس في مجتمع لا يليق بالذي يمتلك أحاسيس الحبّ بشطريه للوطن والحبيبة أو العقيدة في السبعينيات، ولذلك أنا أحسد الرّجل الأمّي الذي لا يقرأ ولا يكتب لأنّه يعيش الحياة على سليقتها دون التّفكير في العمق القاتل منها. أمّا أهمّ المخاطر فهي بالتّأكيد تلك التي سُجنت بها في السليمانية في سجنها المركزي في السبعينيات حيث كنت طالبًا في الجامعة. ومن ثمّ في الجيش حيث اعتبرت سلطة البعث أنّ خطر الشيوعية هو الأكبر عليها فأعدمت الجندي لاعب كرة القدم الشهير (بشار رشيد). فهذه بحق كانت سنين الرعب والموت في جمهورية الرّعب البعثية التي عشتها ولم أصدّق أنّني نجوت منها وما زلت على قيد الكتابة والشّعر والإبداع وممارسة الحبّ.
مواقف الحزب الشيوعي العراقي من القضية الكُردية: في عام 1935 طرح الحزب الشيوعي العراقي في صحيفته «كفاح الشعب» شعار استقلال كردستان. وأكّد في وثائقه البرامجية على حق تقرير المصير للشعب الكُردي، وحق الأمة الكردية في كافة أجزاء كردستان في تأسيس دولتها الوطنية الموحدة. واستنكر حملات الإبادة والإعدامات التي اقترفتها الحكومة العراقية منذ الثلاثينات القرن الماضي ضد الشعب الكردي. ولم تقتصر مواقف الحزب على الشعارات السياسية فحسب وإنما في النضال الدؤوب ولذلك في 1943 استنكر الهجوم الذي شنته الحكومة العراقية على منطقة بارزان، وكان شعاره المرفوع في الستينات «الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان» شعاراً للحركة التحررية القومية الكردية. وفي السبعينات تحول إلى الحكم الذاتي الحقيقي. كما دعم الحزب الشيوعي أيضاً جمهورية مهاباد الكُردية التي أنشئت في كردستان إيران عام 1946.
أما مواقفه وعلاقاته مع الكُرد على الصعيدين الأدبي والشخصي:
على الصعيد الأدبي: كتبتُ نصاً عن الكُرد بعنوان (نوروز يتكلّم) منذ سنين عديدة وكتبت نصاً عن فتاة كردية انتحرت في هولير (إربيل) عاصمة كُردستان العراق بسبب الضائقة المالية قبل سنتين، ومواضيع عديدة تناولتها في أطروحاتي النقدية المتعددة.
 على الصعيد الشخصي : كانت تربطني مع الكُرد علاقة وطيدة جداً كطالب في جامعة السليمانية 1976-1980 ومن ثمّ هناك رابط مشترك كان يجمعنا هو كرهنا لحزب البعث العراقي المجرم وتصدّينا لرجاله المجرمين في كلّ نضالنا وحركتنا الوطنية أنذاك حتّى انتهت فترة الجامعة وبقيتْ علاقاتنا حتّى اليوم حيث هناك فرصة واسعة عن طريق التّواصل الاجتماعي في الفيسبوك والتلفون، وما أجمل صديقي الكوردي الذي بقي على العهد معي        ( محمد أمين صابر) الذي أنجز لي عملاً قبل أيّام في كردستان و لي معه عهدًا من أنّني سأزور السليمانية في قادمات الأيام حيث هناك جميع أصدقائي الكرد  وحتّى هذه اللحظة هناك علاقات ورسائل بيننا مستمرّة . هناك العلمانية في السليمانية التي طالما كنت أنشدها مع زملائي الكرد الشيوعيين وغير الشيوعيين.
الحبّ والنّساء في حياة الشّاعر والناقد هاتف بشبوش: ابتسامة المرأة الجميلة شعاع من أشعّة الشمس .... فولتير. الحبّ في توصيفه على العراقي معناه الخبل أو الجنون في تلك الأيام السبعينية التي عايشتها، أو الشّرود إلى قاع اللّجاجة حين تحبّ فتاة قريبة منك وفي زقاقك وتراها كلّ يوم تمرق من أمامك في شارعٍ ما أو أمام منزلها لثوانٍ و ما من راحة و شفاء غير وصالها، و هذا لن يحصل للعقبات التي تمنع الزواج في وقت مبكر فيدخل المحبّ في تلك الدوامة القاتلة (وأمرّ ما يلقى المحب من الهوى...قرب الحبيب وما إليه وصالُ كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ...والماء فوق ظهورها محمولُ). أمّا الحبّ اليوم من طرف الرّجال فأنا وصفته في فلقةٍ بسيطة وقلت: الفرقُ بيني وبينكِ كبيرٌ يا لطيفتي فأنتِ تبحثينَ عن ذريعةٍ للحبّ وأنا أبحثُ عن غرفةٍ وسرير. 
علاقاته الخاصة: أنا شخصيّا مررت بالعديد من محطّات الحبّ فكنت عاشقًا وأنا في عمر الرابعة عشر ولم أعرف وقتها ماذا يعني الحبّ والجنس ولكنّني كنتُ كلما لامستُ أناملَ جارتي التي كانت  تجايلني بالسنّ أشعرُ وكأنّ خدرًا خفيّا يدخل أعماقي. وأمّا أوّل قبلةٍ في مراهقتي فكانت وقوفًا فضربتني صاعقة أجلستني على الفور، وإلى هذا اليوم مررت بالعديد من محطّات الحب، لكنّ القدر في كلّ لحظة لم يحالفني في المضي سوية لإكمال مشوار الحياة. وفي هذا اليوم الذي أكتب فيه حوارنا معك أيّها الصّديق أنا في حبٍّ عارمٍ مع إحداهنّ وأشعر أيضًا من أن الحظّ مرّة أخرى يقف أمامي حائلاً دون المضيّ قدمًا في إكمال الحبّ والحياة معًا نحو الأبديّة الهادرة كما البحار.
 وينهي الشاعر والناقد هاتف بشبوش حوارنا معه بالقول: في النّهاية أقول ما من شيء يقلّل عزاءنا وآلامنا غير مملكة الشّعر والإبداع، ومن خلالهما لابدّ لنا أن نسعى لخلق عالمٍ بدون سيطرةٍ وإكراه، عالمٍ بدون حواجز أو حدود، لابدّ لنا أن نخلّف وراءنا شيئاً يُذكر حتّى وإن كنّا من أولئك الذين قُدّر لهم أن يموتوا بين الكتب. أطنان مودّة وهكتار حبّ لصديقي الشّاعر والكاتب المبدع خالد ديريك.

 
حوار أجراه: خالد ديريك

31
الشاعرة الأديبة نارين عمر: اللغة الكُردية هي ذاتي وماهيتي، والحداثة ثورة على الشعر التقليدي
 نارين عمر: قطعت أشواطاً كبيرة في مشواريّ الأدبيّ، وأنصفتني الجهات الأدبية والثقافية إلى حدّ كبير
ــــــــــــــــــــــــــــ

ولدت نارين عمر في مدينة ديريك (المالكية) بــ روجآفاي كوردستان/ أقصى شمال شرق سوريا من أسرةٍ وطنيّة مثقفة، عاشت في كنفها في ودّ ووئام. والدها عمر سيف الدّين كان أحد أخيار رجال ديريك وطنيّة وشهامة وكرماً. أنهت مراحل تعليمها الثّلاثة في مدينتها، وبعدها توجّهت إلى دمشق العاصمة، وحصلت على إجازة في الآداب من جامعة دمشق كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة قسم الّلغة العربيّة، درّست وعلّمت في مراحل التّعليم الثّلاثة، وفيما بعد كانت أمينة للمكتبة والوسائل. وهي أم لـ “داستان وسازين وشيرين”.
كانت أسرتها هي مرجعيّتها الأولى لولوجها إلى عالم الأدب والكتابة، وتقول في هذا الصدد: لا أستطيع أن أحدّد اللحظات التي بدأت فيها رحلتي إلى هذا العالم لأنّني وعيت عليهما وفقاً للجوّ العام لأسرتي الذي كان أدبيّاً وثقافيّاً وسياسيّاً.
أخاه عادل شاعر مجيد يكتب بالكرديّة والعربيّة وأبناء عمتها وخالها وعمها كان بينهم المهتمّ بهذه المجالات وكانوا حينها يدرسون في الجامعة بالإضافة إلى المعارف والأصدقاء. كانوا يجتمعون في بيتهم باستمرار، وكانت تصغي إليهم وتستمتع بأحاديثهم ونقاشاتهم وحواراتهم.
أوّل مَن تنبّهت إلى موهبتها كانت أختها بريخان، شجّعتها، وهيّأت لها كلّ السّبل والدّروب التي توصلها إلى مبتغاها، بالإضافة إلى الكتّاب والأدباء والمفكّرين الذين كانتُ نارين عمر تقرأ لهم، وشكّلوا المرجعيّة الهامّة والأساسيّة لها.
رياض الأدب والكتابة تناغماً وتآلفاً مع رياض القلب والفكر منحوها هبات لا تعدّ ولا تحصى بها تتنقّل كفراشةٍ من زهرة إلى أخرى من بستان إلى آخر بكلّ أريحيّة وبهجة. تكتب القصيدة الموزونة والحديثة والقصّة القصيرة والرّواية والمقالة بأنواعها المختلفة بالإضافة إلى شعر وقصص الأطفال والصّغار والدّراسات التّربويّة والاجتماعيّة وما يتعلّق بالمرأة والأسرة عموماً.
حوار مع الشاعرة الأديبة نارين عمر/ خالد ديريك
عن نارين الإنسانة تقول "أنا فردٌ أنتمي إلى المنظومةِ البشريّةِ التي تعومُ في بركاتِ المنظومةِ الإنسانيّةِ الأمّ، أحاولُ ومنذ مرحلة وعيي الأوّل أن أؤسّسَ مع إخوتي البشر للعالم الذي نسعى معاً لتحقيقه والذي ما زال يغفو في ملكوتِ أحلامنا، ينتظرُ نور الخلق والولادة، حتى تحوّل وهو في لحظاتِ غفوته القبس الذي نهدهدُ على ضوئه كلّ آمالنا وآلامنا الآنية والمستقبليّة".
أسباب ازدواجية الاسم لديها: هويّتي الشّخصيّة ما تزال تحتفظ بهذا الاسم "حليمة" وكذلك أدوّنه على كتبي المطبوعة والمنشورة، ولكنّه ليس اسمي الحقيقيّ، بل "نارين" هو اسمي الأوّل، وهو الاسم الذي راق لوالديّ أن يسمّوني به ولكن وفي فترة السّتينيّات من القرن العشرين مُنِع على الكُرد في سوريا تسميّة أولادهم بأسماء كُرديّة  وأصرّ والدي على أن يسمّيني "نارين" مع إصرار موظّف النّفوس وقتها بأن يسمّيني "حليمة" وحين أتت الموافقة على تسميّتي كان الموظّف قد تصرّف من عنده وأسماني حليمة، وظلّت أسرتي تناديني نارين وما تزال، لهذا السّبب ووفاء لوالديّ أبقيتُ على اسم نارين في عالم الأدب والكتابة.
إذاً، اسمي هو نارين في البيت والشّارع والحارة وبين الأهل، وحليمة هو اسمي بالهويّة والمدرسة، مع العلم أنّني أعتزّ بالاسمين معاً لأنّ اسم نارين بالكرديّة يعني العفّة والطّهارة، ويُطلق على العروس أيضاً لدى الكُرد، واسم حليمة يعني الصّبر والحلم والسّتر.

القلم هو صديقها الصّدوق، ولا وقت محدد للكتابة في قاموسها:
بدأت أواصر مودّةٍ ووئامٍ تنشأ بيني وبين الكلمة بروحها وجسدها بواسطة القلم الذي أعتبره دائماً وأبداً صديقي الصّدوقُ وهو بمثابة الوتين الذي يعدّ العصب الفاصل بين حياتنا وموتنا".
ولأنّ القلم هو صديقي الصّدوق والوفيّ فإنّه لا يخذلني حينما يقرأ أفكاري، ويتناغم مع عواطفي بمشاعرها وأحاسيسها، ويسارع إلى ترجمة كلّ ذلك إلى قصيدة شعر أو أيّ نصّ آخر.
الومضة الشّعريّة حينما تأتي تنساب مكتملة، مترجمة للحسّ والفكر، وما أقوم به فيما بعد أنّني أوافق بين الكلمات ومعانيها من خلال إضافة رونق الشّكل إلى المضمون.

لا وقت محدد للكتابة لديّها، أكتب كلّما تحفزّني ومضات فكريّة أو حسيّة لذلك، ولكنّني أستطيع التّأكيد على أنّ الورقة والقلم يرافقانني أينما ذهبت وتوجّهت في المنزل وخارجه، بل وأضعهما تحت مخدتي قبل النّوم لأنّني في بعض الأحيان أستيقظ على فكرة أو لحظة وجدانيّة أدوّنها لئلا أنساها فيما بعد، وحالياً أستعين بتلفون اليد.
تطلق العنان لمياه حرفها حتى عن الثّلاثيّ (السياسة، الجنس، الدين):  عندما أجد نفسي مطواعة لنداء فكري وعاطفتي المسّيرين لبوح الكتابة أطلق العنان لشلّالات الحروف كي تنساب بكلّ حريّة وعفويّة وعن مختلف موضوعات الأدب والكتابة سواء أكانت عن الثّلاثيّ (السياسة، الجنس، الدين) وأضمّنها في كتابتي بشكل واضح وصريح ولكنّني أحرص دوماً على انتقاء الكلمات والمعاني التي تكون أكثر عمقاً وتأثيراً في نفس وفكر المتلقّي ولا أركّز كثيراً على الشّكل لأنّنا نستطيع إيصال ما نريد إلى المتلقي وخاصة المعنيّ بنصّنا بأسلوب أكثر عمقاً وتأثيراً دون اللجوء إلى تسمية الأشياء بمسميّاتها بشكل مباشر.
الشعر في نظرها لا يموت ولا تصيبها التصحر
وإحدى أروع العبارات التي كتبتها عن الشّعر وتعتزّ بها أنّ:
"الشّعر غذاء الرّوح، ومتنفس اليائس، وخليل الواجد، ونغمُ النفّس والقلب". وأيضاً:
"الشّعر لا يموت، ولا يتأثّر بتعاقب الفصول والأزمان لأنّه يعتبر المكوّن المماثل للماء والهواء والنّار للكائنات وخاصة البشر، وإن مات الشّعر ماتت الموسيقا والألحان، لولا الشّعر لما وُجدت الموسيقا".
نعم، لا يستطيع أيّ شخص منّا العيش بدون الموسيقا والغناء، وحتّى الكائنات الأخرى الحيّة أيضاً تتأثّر بالغناء والّلحن، وتكسوها النّضارة والبهاء، وبرأيي لا يمكن أن يتقرّب الجفاف أو التّصحّر إليه.
وترى بأن الشّاعر الحقيقيّ لا يتظاهر بالجنون أو النرجسية، وتؤكّد على كلمة الحقيقيّ لأنّه ليس كلّ مَنْ أمسك القلم أو التّلفون ودوّن به عدّة كلمات وعبارات هو شاعر أو هي شاعرة. الشّعر يأتي بالفطرة مع الإنسان ومن ثمّ تتحوّل إلى موهبة يجب أن تلقى منه اهتماماً ورعاية متميّزين ليتمكّن من الإبداع المولود من انبثاق خياله المعانق لهمسات روحه ووجدانه. هذا الشّاعر يعيش مع المحيطين به في بيئته ومجتمعه بكلّ واقعيّة وحقيقة. الفرق بين الإنسان الشّاعر وغيره أنّه يمتلك قدرة على التّعبير عن مكنونات النّفس والفكر والوجدان أكثر من غيره.
أمّا مَنْ نراهم يتظاهرون بالجنون أو يحاولون إظهار نفسهم في أبراج وقلاع فهم برأيي متطفّلون على الشّعر وباقي أنواع الأدب والكتابة، لأنّ ميّزة الكاتب أن يكون متواضعاً، ويعيش مع مجتمعه وبيئته، ويحاول أن يسمو بهما نحو الأسمى والأفضل.
وفي القصة فإن معظم أنواع القصّة تعجبها وخاصة تلك التي تلامس الواقع وتجليّاته والمجتمع بشرائحه المختلفة، وتدغدغ الوجدان.
وتقول إن أبرز معايير كتابة القصّة هي المفردات المناسبة والمعاني المتعمّقة والمعبّرة عن مضمون الموضوع المقترح، بالإضافة إلى المدخل الذي يعدّ عنصر التّشويق فيها مع الرّبط الموفّق بين عناصرها:
المقدّمة، العرض، الخاتمة والتّركيز على الشّخصيّات وكيفيّة طرحها بما يخدم الموضوع.
 وعن مفهوم التجريب تضيف: أنواع القصّة تجذب مَنْ يودّ الولوج إلى عالم القصّة، وفيما بعد تبدأ عمليّة الفرز أو الاختيار لهذا الكاتب أو ذاك، ومفهوم التّجريب حديث العهد بالنّسبة إلى الأنواع الأخرى، ويستهوي عدداً من كتّاب القصّة في الشّرق والغرب، كما تستهوي القرّاء كذلك، ولكن يظلّ لأسلوب السّرد سريع الفهم تفوّقه وتميّزه بالنّسبة إلى الكاتب والقارئ معاً.
سألناها عن تجربتها الروائية، ورأيها بالرواية عموماً، ردت قائلة: تجربتي الرّوائيّة ليست حديثة العهد، فروايتي "عناق القلم لفصول الرّوح" كتبتها منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وبعدها بدأت بكتابة الرّوايات الأخرى، وما أزال أواصل على كتابتها وسوف أستمرّ.
أصدرتُ روايتين بالعربيّة "موسم النّزوح إلى الغرب" و"عناق القلم لفصول الرّوح" بالإضافة إلى رواية أخرى ستطبع لاحقاً، ورواية بالكرديّة تحت الطبّع والأخرى أتابع كتابتها.
في الوقت الحالي تحتلّ الرّواية مكان الصّدارة في عالم الأدب والكتابة ولكنّها لا تستطيع إضعاف تأثير الأجناس الأدبية الأخرى كالشّعر والمسرحيّة والقصّة القصيرة وغيرها.
تعلمت الأبجدية الكُردية منذ الصغر: اللغة الكرديّة بمثابة أنفاس الحياة والدّيمومة بالنّسبة إليّ، تعلّمتها من أسرتي التي كانت تهتمّ بها اهتماماّ لا يوصف، فقد تعلّمها أفراد عائلتي تعليماً ذاتيّاً، لأنّها كانت ممنوعة كتابة ونطقاً في سوريّا، وكان لأختي پريخان دوراً كبيراً في ذلك لأنّها أوّل وأصدق مَنْ شجّعني على التّعلّم والتّعليم وحبّ الأدب والكتابة، وعلّمتني الأبجديّة الكرديّة بالحروف اللاتينيّة.
أهلي علّموني أبجديّتي ولغتي منذ صغري، وكذلك علّموني الأبجديّة العربيّة التي أعتبرها اللغة الثّانية لي والتي يجب أن أهتمّ بها، وأقرأ وأكتب بها في المدرسة، فعشقتُ الاثنتين، ولهذا السّبب اخترت دراسة العربية كاختصاص جامعيّ، ولكن تظلّ الكرديّة هي ذاتي ووجودي وماهيّتي التي أحسّ حينما أكتب بها بخصوصيّتي كفرد ضمن المنظومة البشريّة على الرّغم من أنّي أتمنّى أن أتقن كلّ لغات العالم لأكتب بها، ومن خلالها أعرّف العالم بأمتي وشعبي ووجودنا.
وهي تكتب بلغتها الكرديّة منذ ولوجها إلى عالم الأدب والكتابة: أنشر في مختلف الصّحف والمجلات والمواقع الكرديّة أو التي تهتمّ بالأدب الكرديّ، وقد أصدرتُ مجموعتي الشّعريّة بالكرديّة إلى جانب المكتوبة بالعربيّة في عام واحد ومؤخّراً أصدرت مجموعة شعريّة للأطفال والصّغار بالكرديّة.
أهم المميزات والخصائص الشعر الغنائي: الشّعر الغنائيّ يسمّى بالشّعر الوجدانيّ لأنّه يعبّر عن العواطف وما يتبعها من فرح وحزن وحبّ وبغض من بهجة وألم، ويعتبر معبّراً صادقاً لذات الشّاعر ومكنوناته النّفسيّة والوجدانيّة، وقد سمّوه غنائيّاً لأنّه ارتبط بالموسيقا والغناء.
من أهمّ ما يميّزه من غيره من أنواع الشّعر أنّه لا يقتصر على الجانب الماديّ فحسب بل يركّز على الجوانب العاطفيّة والوجدانيّة أيضاً، ويركّز على المشاعر الإنسانيّة بكلّ تقلّباتها ومتغيّراتها، وبه يعبّر الشّاعر عن أفكاره وأحاسيسه بشكل مباشر أي أنّ كلامه ينطلق من النّفس إلى النّفس.
بدأت تجربتها مع الشّعر الغنائيّ منذ منتصف الثّمانينيّات من القرن العشرين: عندما طلب منّي بعض الشّبان والشّابات في الفرق الكرديّة الفنية أشعاراً لمناسبة عيد نوروز والأعياد القوميّة الأخرى، وبذلك بدأت أولى تجاربي معهم، ولكنّ أوّل أغنية لي مغناة بشكل فردي كانت في عام 1995م للفنّان بربند سمي.
وتضيف: إذاً منذ أن شدّني عالم الكتابة إليه استهواني الشّعر الغنائيّ، لحبّي الشّديد للموسيقا والغناء الذي أورثته من عائلتي المحبّة لهما حبّاً كبيراً، ومن عائلتي الكرديّة الكبيرة والكردستانيّة المعروفة عالميّاً بحبّها للغناء والدّبكة والموسيقا.
أما الفنّانون والمغنون الذين كتبت لهم الشاعرة نارين عمر هم معظم فنّاني ومطربي مدينتها ديريك بالإضافة إلى فنّانين كُرد آخرين:
جمال سعدون، آزاد فقه، روني جزراوي، جوان صبري، رضوان جزيري، كمال عبد الكريم، فوزي علي، مروان شرو، بهزاد قمر، شاهين شان، وليد يوسف ورياض شرو بالإضافة إلى الفنّانين دلو دوغان، هيفي مراد، هڤال قامشلوكي، باڤي دلبرين، وكان هناك تعاون بيني وبين الفنّان الرّاحل عادل حزني ولكن الموت حال دون ذلك.
مفهوم الحداثة في الشعر بالنسبة لها: الحداثة في الشّعر تعني الانقلاب أو الثّورة على الشّعر في هيكليّته الموسيقيّة والتعبيريّة ومضمونه العام لاعتقادهم أنّ هذا الشّعر الكلاسيكيّ قد استنفذ طاقاته ولم يعد قادراً على مواكبة العصر بتقلّباته وتطوّراته، ودعوا إلى الانعتاق من أوزان الشّعر وبحورها التي عدّوها قيوداً تحدّ من قدرة الشّاعر على التّعبير عن مكنونات النّفس والخاطر والوجدان بحريّة وأريحيّة، كما دعوا إلى تطوير لغة الشّعر وتطويعها لتتواءم مع رتم البحور ولتخدم المشاعر والأحاسيس بشكل سليم ومريح، أي أنّها مفهوم تدعو إلى الخروج عن النّمطيّة والإتيان بكلمات ومعان تعبّر عن العصر بموجوداته وواقعه.
هي تحب وتكتب كل فنون الشعر وأنواعه: أكتب الشّعر الحديث إلى جانب الشّعر الموزون، الكلاسيكيّ والذي أعتبره فنّاً شعريّاً راقياً لا يمكن التّخلّي عنه أو إزالته من قاموس الشّعر وتاريخه.
ترى في الشاعر مبدعاً إذا استوفى فيه الشرطين الاثنين: أعتقدُ أنّ نجاحَ أيّةِ قطعةٍ شعريةٍ، منظومةٍ كانت أم منثورة يعتمدُ بالدّرجةِ الأولى على عاملي الكلمة الصّادقة والملائمة للنّصّ الشّعريّ وعلى المعنى المؤثّر الذي يهزّ المشاعر والأحاسيس من الأعماق، وينعشها بالنّشوةِ والأمل، وإذا استوفي الشّاعر هذين الشّرطين نستطيعُ أن نقول عنه إنّه أبدعَ، وقصيدة النّثر صارت اليومَ أمراً واقعاً، وحقيقة لا يمكن لنا تجاهلها، لأنّها وكما أشرتُ في مناسبةٍ سابقة بأنّها أضحتْ أحد متطلّباتِ العصر، وتجذبُ إليها العشّاق والمهتمين من كلّ حدبٍ وصوب.
أمّا عن بنية الشّعر الكرديّ فتقول: ما تزال الآراء متباينة ومتفاوتة بشأنها على الرّغم من أنّ معظم الآراء تؤكّد على أنّ أصول الشّعر الكرديّ ترجع إلى الشّاعر "بابا روخ همداني" الذي وافته المنيّة في عام 841م، وعلى أنّه هو أوّل من نظّم شعراً بالكرديّة، أمّا الشّاعر "بابا طاهر همداني" الذي ولد في عام 1010م فيعدّونه الأب الرّوحيّ للشّعر الكرديّ لأنّه أوّل شاعر كرديّ ينظّم قصائد في نمط الرّباعيّات
أمّا الشّاعر "علي حريري" المولود في عام 1009م فيعدّ مؤسّس الشّعر الكرديّ.
فيما بعد ظهرت أسماء أخرى لامعة تركت أثرها العميق في نبض الشّعر الكرديّ وما تزال إلى أن وصلنا إلى العصر الحديث وفيه بدأ الشّاعر الكرديّ يواكب العصر بمفاهيم الشّعر الحديثة وتحوّلاته العديدة والطّارئة.
تؤكد على خصوصية الشعر الكُردي، وإن ما يلزم هو وجوب الاهتمام بالشّعر وبالشّعراء: تنبع خصوصيّة الشّعر الكرديّ أنّه ما يزال يحافظ على ديمومته ومواكبته للظّروف التي يمرّ بها الشّعب الكرديّ منذ أن ظهر الوجود المتكامل لهذا الشّعر على الرّغم من الاضطهاد والظّلم الذي يتعرّض له الكُرد عبر العصور وتعرّض وجودهم ولغتهم وكيانهم وتراثهم وحضارتهم لمختلف محاولات الزّوال والإبادة، ويحاول الشّاعر الكُرديّ المتمكّن من أدوات الشّعر وملكاته أن يحوّل شعره إلى نبضات في أنفاس الكُرد عاطفيّاً ووجدانيّاً وفكريّاً.
الشّعر الكُرديّ المتميّز موجود، ولدينا شعراء مميّزين أثبتوا جدارتهم ولهم تأثير كبير على شعبنا وحضوره بين الأوساط الأدبيّة والثّقافية، ولكن ما يلزم هو وجوب الاهتمام بهذا الشّعر وبالشّعراء الكرد من قبل الجهات الرّسميّة وغير الرّسميّة.
وتضيف: الأدب الكُرديّ والشّعر تحديداً موجودان ضمن خارطة الشّعر والأدب العالميّ من خلال أدباء وكتّاب أثبتوا جدارتهم، واستطاعوا تمهيد السّبل أمام الأدب الكرديّ لكي يرتقي إلى العالميّة.
لا ترى ضيراً من الكتابة بلغة أخرى بجانب اللغة الأمّ: دوماً أقول، وأردّد: "
ليتني أتقنُ كلّ لغاتِ العالم، لأكتب بها كلّها ومن خلالها أستطيعُ أن أوصلَ رسالة شعبي المسالم إلى كلّ الشّعوب الأخرى، وأوصل دفقاتِ أحاسيس ومشاعر كلّ كاتبٍ كرديّ وكاتبةٍ إليهم والتي تنبضُ بالحقّ والحبّ والخير لعموم البشر".
"ولا أظنّ أنّ كتابة الكاتب بعدّةِ لغاتِ تضرّ بانتمائه القوميّ أو الإنسانيّ بل تساهمُ في سعةِ اطلاعه وتقبّله للآخر أيّاً كان هذا الآخر، وهذه الّلغات برأيي قادرة على بناءِ صرح من المحبّة والتآلفِ والتّفاهم بين مختلفِ البشر، وأن أنقلَ ما أريد إلى الآخر وبلغته التي يفهمها أصدقُ تعبيراً وأسهل ممّا قد ينقله المترجم، ولكن هذا لا يعني أن يتجنّبَ الكاتب تعلّم لغته الأمّ لأنّه بذلك يعدّ مقصّراّ بحقّ ذاته وقلمه ووجدانه. أتمنّى من كلّ كتّابنا الكُرد الذين يكتبون بلغات أخرى أن يمنحوا لغتهم الاهتمام الذي يمنحونه لتلك الّلغات لأنّهم بذلك سيحققون التّوازن المفروض على كلّ كاتب أو أديب تحقيقه.
إنتاجها الأدبي والإبداعي:
الأعمال والكتب التي طبعتْ ونشرت لي والتي هي قيد الطبع:
-مجموعة شعرية باللغة الكردية بعنوان "پريخانا من، Perîxana min" عام 2008 عن دار الزمان بدمشق
-مجموعة شعريّة بالعربيّة بعنوان "حيث الصّمت يحتضر" عام 2008 عن دار الزّمان بدمشق
-رواية " موسم النّزوح إلى الغرب" عام 2018 عن دار الخليج للنّشر والطّباعة
-رواية "عناق القلم لفصول الرّوح" عن دار السّكرية للنشر والطّباعة بجمهورية مصر.
-مجموعة قصصية بعنوان "العروس الشّمس" عن دار الخليج للطّباعة والنّشر
مجموعة شعرية للأطفال بعنوان " ضحكة شانيا، "Kenê Şanya" عن اتحاد كتّاب كردستان سوريّا
تحت الطبع:
-رواية بالكرديّة بعنوان "Koçberiya bê henas"
-رواية بالعربيّة بعنوان "بوح الذاكرة في رئة الواقع"
بالإضافة إلى عدد كبير من المؤلّفات المخطوطة والجاهزة للطّبع والنّشر منها:
-أكثر من ست مجموعات شعريّة "شعر نثري وموزون "
-أربع مجموعات قصصيّة باللغتين الكرديّة والعربيّة
- دراسة حول ظاهرة العنوسة
-دراسة عن جرائم الشّرف
-دراسة عن تاريخ المرأة الكرديّة ماضياً وحاضراً.
-مجموعتان شعريتّان للأطفال والصّغار
-مجموعتان قصصيّتان للأطفال والصّغار بالكرديّة والعربيّة أيضاّ، وقد نشرت بعضاً منها في مجلات وجرائد ومواقع مختلفة كرديّة وعربية
-كتاب عن الفنّانات الكرديّات منذ القرن الثّامن عشر وحتى وقتنا الحالي، القسم الأوّل باللغتين الكرديّة والعربيّة
-كتاب عن الفنّانين الكرد الرّجال.
-كتاب عن الأغاني الخاصة بالعروسين في الفلكلور الكرديّ.
أهم الصعوبات التي واجهتها أثناء الطبع والنشر: في الوطن كنّا نلاقي صعوبات كبيرة لعدّة أسباب ماديّة ومكانيّة لبعد المسافة بين مدينتنا والعاصمة دمشق أو المدن الكبيرة الأخرى التي تتواجد فيها المطابع ودور النّشر، لذلك لم أتمكّن وخلال سنوات طويلة من الكتابة سوى من طبع اثنتين منها، مجموعة شعريّة بالكرديّة من مطبوعات مؤسّسة سما للثّقافة والأدب ومجموعة شعريّة من حسابي الخاص، وحينما وصلت إلى ألمانيا وجدت المجال ممهّداً أمامي لإصدار روايتين ومجموعة شعريّة للأطفال والصّغار هي من مطبوعات اتحاد كتّاب كردستان سوريّا بالإضافة إلى مؤلّفات أخرى تحت الطّبع والتي ستطبع لاحقاً.
منذ صغرها كانت حريصة وبتشجيع من أختها پريخان على الحضور والمشاركة في النّدوات والمحاضرات التي كانت تُعقد ليلة نوروز ويوم المرأة العالميّ وغيرها من المناسبات، ويذكر أنّ أوّل قطعة شعريّة كتبتها، وقرأها مَنْ حولها كانت عن رحيل أمّها في عام 1980م.
هذه هي الجمعيّات والمجموعات الأدبيّة والثّقافيّة والاجتماعيّة التي أسّستها والتي ساهمت في تأسيسها:
كنت أسعى إلى تشكيل كروپات ثقافيّة، اجتماعية وأدبيّة كوني بدأت نشاطاتي منذ صغري وقد تحقق لي ذلك:
-في عام 1983م أول گروب ثقافيّ، اجتماعيّ مع بعض زميلاي وصديقاتي وكنّا حينها طالبات في المدرسة.
-في عام 1989م دعوت أكثر من عشرين فتاة للاجتماع ببيتنا، ونتج عن ذلك تشكيل گروب ثقافيّ واجتماعي.
 - بين عامي 1990-1993 گروب خاص باللغة الكرديّة وقضايا المرأة.
-في عام 1995م تشكّل كروپ ديرك الثّقافيّ وكنت من أعضائه.
-في عام 2005 گروب خاص بالمرأة، ثقافيّ، اجتماعيّ، أدبيّ باسم: بستان نساء ديركا حكمو واستمر إلى عام 2012.
"Baxê jinên Dêrika Hemko"، .
-في عام 2004م أسّست مع آخرين جمعيّة ثقافيّة، فكريّة، أدبيّة، بعنوان:
Tevna çand û hunera kurdî
-في عام 2006 گروب خاص بمدرّسي ومدرّسات اللغة العربية.
-في عام 2012 كان لي الشّرف بأن أكون صاحبة الفكرة والمبادرة إلى تأسيس الاتحاد النسائيّ الكرديّ في سوريّا، وقد أسّسته مع مجموعة من النّساء وأعلنا عنه في 13 شباط 2012.
-رابطة كتّاب ديرك
-اتحاد معلّمي الكرد في ديرك
-ما أزال عضو إداريّ في الاتحاد العام للكتّاب والصّحفيين الكرد في سوريّا، وكنت مسؤولة الاتحاد عن قسم ديرك حين كنت أعيش في الوطن.
-ساهمت في تأسيس عدّة اتحادات وجمعيات أخرى مع نساء قامشلو وسري كانيه/ رأس العين وعامودا وغيرها.
-كنت أوّل امرأة من ديرك تدخل المجلس الوطنيّ الكرديّ في سوريا، محليّة ديرك ممثلّة عن الاتحاد النسائيّ الكرديّ في سوريّا.
النّشاطات التي قامت بها داخل الوطن وخارجه: شاركت في ندوات ثقافيّة واجتماعيّة وسياسيّة وفكريّة وأدبيّة، وألقيت محاضرات سواء ضمن المجموعات والجمعيّات والاتحادات الأدبيّة والاجتماعيّة التي أسّستها وساهمت في تأسيسها، أو بصفتي الشّخصيّة. كنت حريصة على حضور المهرجانات والفعاليات التي تقوم بها المنظّمات والفعاليّات الأدبيّة والمدنيّة والحزبيّة في جميع مناطقنا الكرديّة (ديرك ونواحيها وقراها، كركي لكي، تربسبيه، قامشلو، عامودا، درباسية، سري كانيه، الحسكة) بالإضافة إلى ندوات في دمشق وحلب وغيرها. وكنت حريصة على حضور معظم الفعاليّات:
-شاركت مرّتين في مهرجانات كردستان الجنوبيّة/ إقليم كُردستان العراق:
- في عام 2012 في ملتقى إعلاميّي باشور وروژآڤا
-في عام 2014 من خلال الاحتفال بتأبين الشّاعر الكبير عمر لعلي من قبل وزارة الثّقافة في إقليم كردستان ـ العراق
-مهرجان شعريّ في دهوك ـ كُردستان العراق في عام 2014
-حفل تأبين الشّاعر الكردي الرّاحل فرهاد عجمو في باريس عاصمة فرنسا بدعوة من الجمعيّة الكرديّة هناك
-كنت مدعوّة لحضور مهرجان شعريّ في مدينة السّليمانية وفي هولير ولكن ممانعة أمن المعبرين منعونا من المشاركة،
ووجّهت إليّ الدّعوة لحضور مهرجان “سيداي جگرخوين” في عام 2008 لكنّي لم أتمكّن من الحضور لأسباب أمنيّة، وكذلك لم أتمكّن من حضور مؤتمرات ومهرجانات أخرى في كردستان الجنوبيّة والشّماليّة وتركيا ومصر والأردن وغيرها لأسباب مختلفة.
أكتب وأنشر في مختلف المجلات والصّحف والمواقع الكرديّة والعربيّة وفي جرائد ومجلات معظم الأحزاب الكرديّة بشكل حرفيّ منذ بداية تسعينيّات القرن العشرين، وتتواصل معي مختلف القنوات الفضائيّة ووسائل الإعلام على الدّوام.
الجوائز وشهادات التّقدير التي حصلت الشاعرة الأديبة نارين عمر عليها:
-جائزة الشّاعر الكرديّ تيريژ للإبداع
Seydayê Tîrêj.
-جائزة من الحزب الدّيمقراطي الكردي في سوريا/ الپارتي للإبداع والتميّز وهو الحزب الدّيمقراطيّ الكردستانيّ الآن.
-جائزة منظّمة المرأة في حزب الوحدة الدّيمقراطيّ الكرديّ في سوريّا
-جائزة العلّامة والشّاعر ملا أحمد پالو من قبل رابطة الكتّاب والصّحفيين الكرد في سوريّا في عام 2012 م
-جائزة اتحاد نساء كردستان سوريا 2013
-شهادة تقدير من فرقة ديرك الموسيقيّة بقيادة الفنّان جوان صبري
-وسام أفضل كاتبة لعام 2009 من موقع دلجان الالكتروني
-الجائزة الثّالثة للقصّة القصيرة من دار الأدباء الثّقافية بإدارة الشّيخة خلدية آل خليفة في عام 2008
-مجسّم للشّاعر جكرخوين من منظمة المرأة بالحسكة في حزب الوحدة الكرديّ.
_ كنت من بين أفضل الكتّاب على مستوى العالم من قبل لجنة تحكيم شعبة الكتّاب والأدباء في منتدى الصّحافة العالميّة لعام 2009م.
-جائزة مهرجان الشّعر الكرديّ التّاسع عشر المقام في قامشلو في عام 2014 م
-وسام الشّاعر الكبير جكرخوين من اللجنة الثّقافية في الحزب التّقدمي الكرديّ ي سوريّا "فرع ألمانيا" في عام 2017 م
- فوز قصّتي " العروس الشّمس" وقصّتي مفكّرة أمّي حين تنطق" بالمراتب المتقدّمة في مسابقة الأديبة رولا حسينات لعامين متتاليين عام 2017 وعام 2018م وقد اختيرت القصّة الثّانية ضمن كتاب بعنوان " حواتيت حواء "
كما وتمّ التنويه إلى العديد من أعمالي الأدبيّة المشاركة في مسابقات وجوائز أخرى.
وعن شعورها حين استلمت الجائزة لأوّل مرة قالت: هو كشعور الأمّ حين تتناغم مع النّغمة الأولى لصرخة وليدها الأوّل.
الجوائز والأوسمة تعدّ من الحوافز الهامّة والضّروريّة في حياة الأديب أو الكاتب لأنّه إذا استلمها في حياته، لامسها بيديه وأنامله، وأبهج عينيّ القلب والفكر بها تكون خير هبات تحفّزه إلى الكتابة والتّأليف بكلّ اندفاع ومحبّة.
 الشاعرة والأديبة نارين عمر راضية عن مشوارها الأدبي، وعن إنصافها من قِبل الجهات الأدبية والثقافية: قطعت أشواطاً كبيرة في مشواريّ الأدبيّ وما أزال أتتبّع الخطا في متابعة مسيرتي لآخر لحظة من عمري، وقد أنصفتني الجهات الأدبية والثقافية إلى حدّ كبير من خلال الجوائز والأوسمة وشهادات التّقدير التي تسلّمتها والمهرجانات والملتقيات التي دعيتُ لحضورها، ومن خلال الحبّ والاهتمام الذي أتلقاه من القرّاء والقارئات الأحبّاء الذين يقرؤون لي ويتابعون منتوجيّ الأدبيّ والذين يتواصلون معي ويبدون محبّتهم وتشجيعهم لي على الدّوام.
بدء رحلة الاغتراب: لاقيت صعوبات في التّأقلم والاندماج في الأشهر الأولى من وصولي إلى بلاد الاغتراب (ألمانيا) لأنّني لم أكن أتخيّل يوماّ أنّني سأضطر إلى ترك وطني ومدينتي وأهلها على الرّغم من الفرص الكثيرة التي أتتني قبل هذا التّاريخ للتوجّه إلى بلاد الغربة، وفيما بعد أدركت بوجوب القبول بالواقع على الرّغم من مرارته للحفاظ على توازننا المعيشيّ والنّفسيّ هنا.
ولا ترى في الاغتراب سبباً للتفكك الأسري، بل لاختفاء أثر بعض العادات والتقاليد أمام القوانين الاوربية: لا أعتقد أنّ الاغتراب هو سبب ضياع الأطفال أو التّفكّك الأسريّ هنا لأنّ الأسرة المتماسكة والواعية يظلّ أفرادها متماسكون، متحابون أينما توجّهوا وعاشوا. ما نراه من حالات الخلاف أو اضطراب العلاقات الزّوجيّة في بلاد الاغتراب كنّا نراها في الوطن أيضاً ولكنّ الفارق أنّ الطّرفين الزّوج والزّوجة وخاصة المرأة كانا يتحمّلان بعضهما البعض ويعيشان ضمن الأسرة الواحدة شكليّاً، وهما عمليّاً كانا مطلّقين نفسيّاً ووجدانيّاً بسبب العادات والتّقاليد والعائلة وغيرها من الأسباب وخوفاً على مستقبل الأولاد ماديّاً، هنا في بلاد الاغتراب هذه المسائل تحلّ بسهولة ولم تعدّ للعادات والأعراف ذلك التّأثير المعهود وكذلك لا يكون هناك خوف على مستقبل الأولاد من النّاحية الماديّة حيث تتكفّلهم هذه الدّول إلى سنّ الشّباب مع تحفّظي الشّديد على هذه العبارة لأنّ كلّ أموال العالم لا تعوّض الأولاد عن لمسة حنان من أبويهما في كنف أسرة متحابة، متماسكة.
وتقول للمغترب آمال وتأملات في العودة إلى الوطن للبناء وممارسة طقوس الأحلام: عندما تطحن الحروب والنّكبات الوطن والأرض يضطرّ أصحابها إلى تركها والتّوجه نحو بلاد الاغتراب لأنّهم يجدون فيها الأمان والأمن المفقودين في بلادهم، وهم يضطّرون للقبول بها كبلاد بديلة لبلادهم أو يهدهدون نفسهم بهذا التّخيّل لكي يتمكّنوا من الاستمرار في الحياة إلى أن تهدأ الأمور في بلادهم ويعودوا إلى ربوعها بمودّة ودفء.
يظلّ للمغترب واللاجئ أمل وتأمّل في العودة إلى الوطن مهما طال به الأمد والمقام في ديار الغربة، وإن تمكّن من العودة إلى الوطن يوماً سيمارس طقوس أحلامه وأخيلته ببناء نفسه ووطنه من جديد مهما لاقى من صعوبات وموانع لأنّ الغربة تعوّد الشّخص على قوّة التّحمّل والتّأني في الرّضوخ للظّروف مهما كانت صعبة وقاسية.
وفي الختام، تؤكد بأنها عائدة إلى مدينتها (ديريك) وإن عادت جسداً فقط: ديريك هي طفلة أحلامي التي لم ولن تكبر أبداً لتظلّ معمّدة بينابيع الغنج والدّلال المتدفّقة من فيض دجلة، لأنهل من براءتها وعشقها طقوس جنوني وتعقّلي على شواطئ عمر يتجدّد حبّاً ورغبة بالحياة طبقاً لتجدّد وعمر ديرك كلّما عانقت ربيع "سويديك" وجبال "قره جوخ" وطبيعة "عين ديوار" وشموخ "برا بافت" وأشجار "جم شرف".
ديرك معي وأنا معها على الدّوام لأنّنا تعاهدنا على عشقٍ لا ينضب، أقضي كلّ ليلة في ربوعها، أتنفّس هواءها، أسهر مع أهلها وحين تتأهب الشّمس للطّلوع أعود إلى عالمي الثّاني المفروض عليّ وعلى الآلاف مثلي.
بكلّ تأكيد سأعود إليها وإن عدت جسداً فقط لأنّ روحي منسابة في أنسامها وإلى الأبد.
ولكم زهور الشّكر وأزاهير الامتنان على حواركم الشّيق، ودمتم منبعاً دفّاقاً للأدب والثّقافة والفكر وواحة تمارس فيها النّفس مع الفكر طقوس الرّاحة والهدوء والسّلام.
سررت بأسئلتكم القيّمة والمتنوّعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الحوار منشور في العدد 588 من صحيفة «كوردستان» يوم 15-7-2018 القسم العربي…

 
حوار أجراه: خالد ديريك

       


32
الفنان التشكيلي حسين كري بري: في ملامح ووجوه شخصياتي آثار للحروب وأخطاء للأقدار
حسين كري بري: أحاول أن تصل لوحاتي إلى النقاد سواء أكان مدحاً أو رمياً بسهام الوعظ والإرشاد
حوار أجراه: خالد ديريك
أخذ حسين أحمد من اسم قريته لقباً فنياً له لمحبته الزائدة لها ولأهلها، وهي بقعة صغيرة، جميلة تدعى " كري بري حاجو"، تعد غضن من أغصان مدينة قامشلو في Rojavaـ شمال سوريا
منذ الطفولة وحسين كري بري منعزل عن وجوه ملونة بالسواد والرماد، يرى نفسه طفلاً وفي مخيلته مشاهد، يتوق لها وإليها، منها خبز التنور وجلسات الأصابع المفترقة وشقاوته وقرة عينه، وفي هذا الصدد يقول: أنا ما زلتُ وسأظل طفلاً، وهذه المرحلة تبدأ من الولادة إلى حين يسقط العمر بسماع ما لا أريد سماعه.
أما شبابه، يندرج في خانة المتاهة، فقد ضاع فيها الكثير من العمر والروح وحتى الجسد بسبب الظروف الصعبة، فلم ترى النفس الكامنة مع صاحبها النور ولا التمتع بملذات الحياة.
لطالما الأحلام عند حسين كري بري صعبة التحقيق، فقد ترك ما يتمناه في زاوية سوداء، ويعمل على تحقيق أشياء أخرى فيقول عنها هذا هو حلمي، فهو يؤمن بالحظوظ والأقدار أكثر.
وحب الشريكة، الحبيبة بالنسبة له هو خرق لجميع المعادلات الحياتية ونظريات التي تكسر الحب وتفقده قيمته، فكلما زاد رقم عن الأول زاد الإخفاقات، ويصف: المرأة لها حق في حب واحد وكذلك الرجل وأما غير ذلك لهو مرض. ويحلم أن يتجاوز مرحلة العزوبية ويصبح أباً.
حوار مع التشكيلي والشاعر حسين كري بري / خالد ديريك
لقاءات ومشاهد الأولى مع الرسم والتشكيل: هنا لا أتذكر متى كان لقاءنا، ففي كل صفحة من كتبي المدرسية وخاصة المرحلة الابتدائية، كنت أزينها بخربشاتي إلى حين تم طباعة المشهد في ذاكرتي، مشهد معلمتي التي تدعى " سهام" معلمة الرسم، عندما رأتني كيف أرسم الخرائط بجماليتها فشجعتني، وهنا أيضاً تكمن الزبدة فبعد المجاملة، أصبحت الصفحات المدرسية مثل تشريح الجسد.
وعندما رسمت والداي في طفولتي ببورتريه قريب الملامح، زاد خوف والدي علي، من الخروج عن دراستي وأقنعني في الابتعاد عن الرسم والمضي قدماً في الدراسة للحصول على وظيفة "كلنا نعرف أن الفن في سوريا ومعظم البلدان لا تكسب رغيف خبز"
 وفي عام ٢٠١٣ أثناء وجودي في تركيا في رحلة المرور واللجوء، وبعد عشر سنوات من الإهمال، عدت إلى الرسم، وأيضاً مع احتجازي في السجن ببلغاريا فيما بعد، قمت برسم شخصيات موجودة معي على جدرانه لقضاء الوقت والملل.
بدأت مرحلة التحول إلى اللون والفرشاة بعد لقائي بالفنان التشكيلي جلال دادا في ألمانيا.
 أوقات ولحظات الإشراق والإبداع لديه: أولاً، لا أسمي نفسي فناناً لأنني طالب للفن، وأضع نفسي في مرحلة الموهبة نحو الاحتراف إن سمح لي القدر.
فلكل فنان طقوسه وزمنه في طباعة أفكاره على تلك المساحة البيضاء. لا تأتيني الأفكار إلا حينما أكون في مجال عملي لقوت يومي أو حينما أكون بعيداً عن أدوات الرسم، وهنا بنات أفكاري تتركني وتمشي في شوارع النسيان أو الملل.
لكن، في عصر التكنولوجيا أصبح بمقدورنا رسم سكيتشات على برامج الشاشة الرقمية إلى حين نقلها إلى أفكار ملونة ملموسة. وعند انتهاء اللوحة أشعر بأنها لم تكتمل وإنها تحتاج إلى شيء ربما ستكون عظيمة النتيجة وربما عكسها، وكلتا الحالتين، المشاهد هي التي تحدد النتيجة أي عين الناقد والناظر والفنان الآخر أكثر من الفنان نفسه.
اللوحة التي ينهيها الفنان حسين كري بري في دفعة واحدة، يشعر بأنها مكتملة، ويبين في شرحه: اللوحة لا تملك ساعة رملية لنحدد زمنها. القماش يختلف عن الورق والكرتون وكذلك الأمر مع الخامات، ففي رسم البورتريه بالرصاص أحتاج لساعات طويلة فوق عشر ساعات مع استراحة ربما يوم، وربما ساعة بالرصاص والفحم، وإذا تركتها أيام سأستمر في تناسيها لقلة رغبتي في الرجوع إليها ولهذا أنهيها خلال أسبوع، والرسم كل يوم في أوقات متفاوتة.
أما خامة أكريلك، هناك أعمال ننهيها في أشهر، وأيضاً في أسابيع وربما في ساعة، حسب الفكرة والمساحة، وحسب الشغف.
مضمون وخطابات معظم لوحاته تكون عن الحروب: الجسد ساحة المعركة، تغزونا السياسة وما تخلفها من الدمار وضرائب الحرب والجميع يدفعها هذا ما لا نستطيع الهروب منه. ففي ملامح ووجوه شخصياتي آثار للحروب وأخطاء للأقدار.
وفي أعماله، الفكرة تغلب على اللون لشد انتباه المتلقي، ملامح الشخصيات مكتظة بالأفكار، وعندما يرغب المتلقي في معرفة ما ينظر إليه، الشخصية أو اللون أو الحالة التي تكون واقعة على القماش حينها يملكه الفضول في المعرفة، وهنا يأتي دور الفنان في صياغة الأفكار التي يستطيع طرحها، فمعظم الفنانين يرسمون من دون تحديد الموضوع، وعند الانتهاء تكتمل الفكرة.
رأيه في الناقد والمتلقي: أرسم لنفسي، والناقد له دور في تنمية مهارات الفنان والإصرار على الاستمرار في النجاح أو بلوغه. لم أكن أهتم بالنقد فيما مضى، أما الآن أحاول أن تصل لوحاتي إلى النقاد سواء أكان مدحاً أو رمياً بسهام الوعظ والإرشاد.  أما المتلقي تكفيني نظرة الإعجاب منه.
أجمل وأسوء لوحة له: هناك رسمة اسميتها الرجل الكُردي بقلم رصاص، كان إنجاز جميل وأيضاً لها معزة كبيرة على قلبي ولا أستطيع التخلي عنها بالرغم من إصرار بعض المشترين في اقتنائها، أما بالنسبة ل " حواء والتفاحة " اللوحة التي خالجتني وعشت معها فكرة وحباً، فقد اقتناها شاب ألماني، يرأس مركز ثقافي في هامبورغ.
أما السيئة فهي لوحة بعنوان " أقنعة " وتم وضعها في زاوية النسيان.
عن شعوره في أول معرض له، يصف قائلاً: أول معرض لي كان مع الفنان السوري عاصم رحيمه في ألمانيا – هامبورغ Thalia Theatre بتاريخ 09.12.2015
كان شعوراً لا يوصف كأول درج أصعده إلى الوسط الفني، كان المعرض في "مسرح تاليا" ضم العديد من الجماهير مع فرقة موسيقية سورية ووسط صحافة وإخوة ورفاق الفن. كانت أعمالي عبارة عن بورتريهات بخامة الرصاص متقنة الملامح، وهذا ما سارع دخولي إلى صالات المعارض الأخرى فيما بعد، وتسجيل كطالب تحضيري في جامعة هامبورغ، وزدت إصراراً في متابعة ما أنا عليه. وكما تعرفت على فنانين سوريين، وألمان وأساليب فنهم الحديث التي تسبقنا بعقود زمنية.
يرى الفنان حسين بإن الفن التشكيلي الكُردي غني منذ زمن بالرغم من أنه لم يأخذ حقه في الأضواء إلا فنانون يمكن عدّهم على عدد أصابع اليد. وبعد الثورة والحرب 2011 في سوريا، ازدادت نشاطات الفنانين الكورد سواء في Rojava ـ شمال سوريا أو في أوروبا، وكل يوم نسمع عنهم وعن أسماء جدد ظهروا بتقنياتهم القوية بالرغم من ممارساتهم للفن منذ زمن بعيد إلا أن الفرص لم تأتيهم إلا في أوروبا أو بعد ثورة وحرب 2011.
ويردف قائلاً: لا نستطيع المقارنة بين الفن الكُردي والعربي الآن فكلا الطرفين يحاولان اللحاق بالغرب، نستطيع المقارنة بالغرب لأنهم كما قلت يسبقنا بعقود كثيرة.
هناك أسماء كُردية وصلوا إلى العالمية أمثال الفنان الكُردي العالمي المرحوم عمر حمدي (مالفا) والفنان الراحل محمد عارف وغيرهم ممن سيفتح لهم باب العالمية في الغد.
ارهاصات الأولى في مجال الأدب: كانت بداياتي الأدبية عبارة كما يقولون عن خربشات وخواطر ناقصة إلى أن تعرفت على الشاعر المتقن محمد مجيد حسين، بعد ذلك كانت هناك محاولات في الشعر، ونشرت في مواقع الكترونية كثيرة، تناولت فيها الغربة والمرأة مع محاولات في كتابة القصة القصيرة إلا أن الشعر أخذ الوقت الكثير مني.
وكتبتُ الشعر في مجلة بينوسا نو، السلام، مركز النور، صوت العروبة، الحوار المتمدن، دنيا الرأي، رابطة أدباء الشام، جريدة العراق اليوم، شبكة صوت الكُرد، وغيرها من المواقع.
التوافق بين الحرف واللون هو قمة في الجمال: كلاهما (الحرف واللون) شعور وفكرة، إلا أنه من وجهة نظري لا يلتقيان في الوقت نفسه فكلاهما له وقته وجوّه على حساب الآخر، ومن يستطيع التوافق بينهما بالطبع سيكون قمة في الجمال.
يسهب في الشرح عن ديوان مشترك بعنوان Fluchtpunkt Hamburg باللغتين الألمانية والأم قائلاً:
أثناء معرضي المشترك في المركز الثقافي في هامبورغ، ألتقيتُ بأحد أعضاء اتحاد كتاب هامبورغ وقدمت لي عرضاً للمشاركة في كتاب بعنوان Fluchtpunt Hamburg مع بعض كتاب وشعراء من مختلف البلدان واللغات، وقتذاك لم أفهم عليها جيداً بسبب ضعفي في اللغة ليتم ترجمتها إلى الألمانية، وبعد شهور تم طباعتها بتنسيق ومواد جيدة، وقد علمت فيما بعد من البريد الذي أرسله الاتحاد قبل الطباعة، المشاركة بعدد كبير من كتاباتي. الديوان حينما أخبرني الاتحاد عن المشاركة، اعتقدت بأنها للقصص القصيرة التي حدثت معنا بسبب الحروب في بلادنا إلا حينما تم الطباعة ورأيتها كانت عبارة عن الشعر والقصة.
 ويتم حالياً إرسال الدعوات لي من نفس الجهة للمشاركات القادمة إلا أنني بحكم انشغالي وظروفي أعتذر.
للتنويه: المادة التي شاركتها كانت بالعربية لعدم إتقاني الكتابة بالكردية.
ويضيف: هناك مخطوطة لي بعنوان " مشاوير وجنازة " تغلبها الغربة في القصائد وبإحساس جميل وموسيقا نثرية، أتمنى القدرة على إخراجها إلى النور في أقرب وقت.
ويختم التشكيلي والشاعر حسين كري بري حوارنا معه بالقول: الحوارات والنقد والدراسات تعد من الطرق التي تؤدي إلى النجاح، وأتمنى أن تتيح الفرصة من قبل القدر للذي يستحق القمة.
كل الشكر لكم أستاذ خالد ديريك على فتح المجال لي من خلال هذا الحوار الجميل، وأتمنى لكم دوام النجاح والنور، وعسى أكون قد أجبت بشكل يرضي القارئ ويرضي حضرتكم.

 
حوار أجراه: خالد ديريك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التشكيلي حسين كري بري

 
     
 

33
أدب / خلف القمة
« في: 23:20 11/06/2018  »

خلف القمة

 خالد ديريك


لما اخترق القدر بأشعته
 جدار صدره،
حَملته فوضى الإحساس
على بساط العجب
إلى مجرات الحلم ....
ليطوف كل ليلة حول معبد الحب،
ويتبتل في محراب العينين ....
....  ....       
وفي تنهيدة مفاجئة....
تجتر الأسئلة الحائرة، من أمام النافذة المطلة على حلم بعيد،
والعين تراقب القمر، ذاك القمر الواقع خلف الغيم،
وهو يودع النجوم المتباهية باللمعان،
المقتبسة النقاء من وجهها ....
يغيب الدمع والخيال، تخيط الأنامل من عتمة الليل آمالاً
ليوم اللقاء ....
فتنطلق الروح في الصباح نحو القمة، المغلفة بالضباب
لترسم أيقونة المجد على جبين القدر ذاك
قبل انتهاء شروق آخر
من العمر ....

34
الكاتبة سهير مصطفى: أكتب لأطفالي وأطفال بلادي الحزانى المقهورين
 تجد الكاتبة سهير مصطفى نفسها في القصة القصيرة جداً، لأنها الأقرب إلى قلبها، وكانت بداية كتاباتها بها
ـــــــــــــــــــــــــــ

سهير مصطفى من محافظة طرطوس ـ سوريا من منطقة جبلية تدعى نهر الخوابي. درست معهد متوسط للصناعات الغذائية بدمشق، وهي حالياً موظفة، محللة مخبرية بمطحنة الحبوب السلمية. متزوجة، لديها ثلاثة أولاد (بنتان وولد)، وتسكن في مدينة السلمية بريف حماة.
تكتب القصة القصيرة والقصيرة جداً، وبعض النثريات والخواطر. حديثاً، كتبت بعض قصص الأطفال، وتحب الرسم كثيراً
 حصلت على الكثير من التكريمات من روابط كثيرة بالعالم الافتراضي، فازت من خلالها على مراكز متقدمة، بالإضافة إلى مشاركات كثيرة بمدينتها
 لديها مجموعة قصصية مطبوعة بعنوان "بعد الغروب"
لا تعتبر سهير مصطفى دخولها في مجال الكتابة تورطاً أو من قبيل ذلك، إنما متنفسها لتكتب ما يجول بخاطرها من أفكار تترجمها قصصاً قصيرة.
حوار مع الكاتبة سهير مصطفى/ خالد ديريك
قالت الكاتبة سهير مصطفى: عندما اجتاحت رياح التغيير بلدي سورية، آلمني جداً ما وصلنا إليه، زكمت أنفي رائحة الدماء، وخصوصاً عندما فقدت بعض من أصدقائي في هذه الحرب المجنونة، فالتجأت إلى الكتابة لأعبر بها عن مدى حزني وألمي
تستقي قصصها من الواقع، أحياناً كلمة أو حدث ما يوحي لي بقصة. ومن طقوسي، أحب الكتابة ليلاً. والكتابة القصصية تتنوع وتتعدد، وكل ذهب بمذهبه فمنهم من دعا إلى تلغيزها حتى باتت كالأحجيات. أنا لا أحبذ هكذا الكتابات، إنما أحب أن أكتب بلغة بسيطة قريبة من الجميع حتى يستطيع فهمها أي شخص يقرأها.
أهم الفروقات بين أنواع القصة: القصة القصيرة جداً، مكثفة جداً، تحتاج إلى عنوان موحٍ غير فاضح لما تحتويه القصة وسرد جميل، وتحتاج أيضاً إلى قفلة مباغتة وقوية، لا تتجاوز عدد أحرفها الخمسين حرفاً.
نعم، القصة القصيرة جداً جنس أدبي حديث العهد أتوقع أنه أحدث تماشياً مع عصر السرعة الذي نحن فيه، حيث بكلمات قليلة تستطيع التعبير عما تريد قوله بعيداً عن الإطالة في زمن الأغلب لا يحب قراءة القصص القصيرة أو الطويلة وخصوصاً على الشاشة الزرقاء.
أما القصة القصيرة والطويلة تختلف عنها كثيراً إذ تستطيع أن تعبر بالكلام أكثر، ليست مقيدة بعدد أحرف ولا تحتاج إلى القفلة المباغتة.
وأجد نفسي بالقصة القصيرة جداً لأنها الأقرب إلى قلبي وكانت بداية كتاباتي بها
ترى بإن القصة ليس فناً هامشياً، بل حازت على الكثير من الاهتمام من قبل الجميع، وأراها في الأيام القادمة ستتفوق على فنون كثيرة من الأدب. هي السهل الممتنع الممتع فلا كل من أراد كتابتها استطاع.
عن مجموعتها القصصية قالت: "بعد الغروب" أي بعد فوات الأوان هي عنوان قصة قصيرة بمجموعتي وعنوان قصة قصيرة جداً، لذلك اخترته عنوان لكتابي.
تنوعت القصص في مجموعتي، وليس لها موضوع محدد، هناك قصص تحكي عن واقع الحرب وأخرى اجتماعية، لكن الأغلب تدور حول الأوضاع الراهنة
أدب الطفل: أدب الطفل مستوحى من الواقع، حتى القصص التي نكتبها بشكل لاشعوري، نكتبها من وحي الواقع. إذ لا نستطيع الابتعاد عن واقعنا المؤلم وحتى لو حاولنا نعود مباشرة لننغمس بأحداثه إلا إذا كان الأديب حالماً وأغمض عينيه وكتب من وحي خياله.
 تضيف: في قلبي طفل لم يكبر بعد ولا يريد أن يكبر. أحب أن أكتب له. أكتب لأطفالي وأطفال بلادي الحزانى المقهورين، مع أنها مازالت مجرد محاولات إلا أنني سعيدة جداً بها وإن شاء الله أستطيع المضي فيها.
لكن، للأسف نحن مقلون بالكتابة للطفل فمن الصعب جداً الكتابة له مع أنه بأمس الحاجة وخصوصاً في هذه الظروف العصيبة. أتمنى أن يلقى أدب الطفل الاهتمام أكثر في القادم من الأيام.
تستوقفها القصص الجميلة بغض النظر عن كاتبها، هناك العديد من الكتاب الذين تأثرت بهم سواء على المستوى السوري أو العربي. أقرأ لهم وأستفيد من ملاحظاتهم.
الجوائز والأمسيات: أضافت لي الجوائز والتكريمات الكثير، كانت حافزاً منذ البداية للمضي بالكتابة، فلو لم ألق الدعم والتشجيع لما استمريت بالكتابة.
أما عن الأمسيات الأدبية فهي شيء مختلف تماماً، فقد أضافت لي الكثير أيضاً، منها، قوة الشخصية وعدم الخوف من الإلقاء المباشر، وأضافت لي أن ألتقي بأناس حقيقيين بعيداً عن الاختباء خلف الشاشة.
وتؤكد بإن المرأة العربية تعيش حالة من البؤس والشقاء والحزن: أهم قضاياها الآن هي فقدان أبناءها في الحرب، فالكثير من نساء بلدي فقدن أولادهن، وأحياناً أكثر من ولد
المرأة تعاني أيضاً من صعوبات العمل، والتنسيق بين العمل داخل البيت وخارجه فهي تتعب كثيراً في تعليم أبناءها، في الوقت الذي أصبحت فيها أكثر ثقافة فأصبحت أكثر عناية بتعليم أبنائها. بالإضافة إلى ما تعانيه من فقر. طبعا أنا لا أملك حلاً، الحل بأيدي الكبار.
نماذج من قصص، القاصة الكاتبة سهير مصطفى:
وراثة
تعلقت بطرف ثوبي، كأنها تراني لأول مرة، تمتمت بكلمات لا أفهمها، حاولت الطبطبة عليها ومداعبتها؛ هكذا كانت تفعل ونحن صغارا.

كواليس
عائد من الموت ألتحف كفني، وجدتهم يعتمرون طاولة مدورة، يحتسون النخب، يرقصون على الجرح، تناثرت جثتي ذرات تلعن الحرب والساسة.

وفاء
مترددة عدت أجر غربتي بخيبتي، تنكروا لي، وحده كان ينتظرني، مبتسما يتزين بالشريط الأسود.

تحدي
كانت الشمس قد قاربت على المغيب، ولم يعد باستطاعتها أن تتحمل الشوق ، وسط تنبيهات أمها لعدم مغادرتها البيت إلا بإذنها، ارتدت ثيابها بسرعة، وبغفلة خرجت خلسة دون أن يدري بها أحد ، كان الجو ماطرا وهذا لم يمنعها من السير بسرعة تحت زخات المطر، والأفكار تدور برأسها، تتذكر أول لقاء وسريته، وكيف تبلل رأسيهما بالماء، و تلك الكذبة التي تذرعتها لتقولها لأمها لتجد حجة تغادر بسببها ،تبتسم!، ثم تذكرت كيف غافلها بأول قبلة من خدها و احمرت خجلا ، تجد في السير وذاكرتها مليئة بالذكريات، وكيف خلعت حذاءها وأمسكت بيده وبدأا يركضان تحت المطر، تنهمر الدموع من عينيها عندما تذكرت لقاءهما الأخير...
كانت قد قاربت على الوصول، ها هي تدخل إليه، جلست. وضعت رأسها على الشاهدة قبلتها، رفعت يديها إلى السماء، قرأت على روحه الفاتحة، ثم عادت سالكة نفس الطريق كما جاءت خلسة.

أحقاب
قتلني بصمت، وضع جثتي بغرفة صدئة، أغلق الباب بمفتاح غدره، عشرون عاما وأنا أنتظره خلف نافذتي، وأرسم على صقيعها ثمرة إثمه.

غيم
عشقته من وراء حجاب، أصرّ أن يلقاها بأبهى حلّة؛ تقدمت بخطواتها الرشيقة، فتنت بجماله، وجسده البضّ، نظارته السوداء لم تستطع إخفاء آثار الحرب.

 
حوار أجراه: خالد ديريك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   
الكاتبة سهير مصطفى

35
الشاعر والأديب صالح أحمد (كناعنة): الشعر لا يمنح بريقه لكل مريد، بل هو رفيق الموهبة الصادقة
يرى الشاعر صالح أحمد أن الشعر الحداثي لم يعد يحفل بالموضوعات، بل أصبح يزخر بالوجدانيات
ــــــــــــــــــــــــ

صالح يوسف أحمد من عائلة كناعنة، يقطن في مدينة عرابة البطوف – قضاء عكا، في فلسطين المحتلة عام 1948. وعى على الدنيا ليجد نفسه فرداً من أسرة عريقة، بدأ مجدها يخبو شيئاً فشيئاً في ظل المتغيرات السياسية والاجتماعية، وليجد والده الراحل، يتحدى واقعه ليكون أول رجل يخرج للعمل في أسرتهم التي كانت يوماً ما ذات أمجاد، ليعيل أسرته ذات العشرة نفوس.
وصالح أحمد هو الثاني بين أبنائه العشرة، سبعة أخوة وثلاث أخوات، إذ لم تعد الأرض تفي باحتياجات الجميع في ظل المضايقات والتضييقيات على الإنتاج الزراعي الذي حرصت دولة إسرائيل على إبقائه في دائرة زراعة البعل (بدون ري) ما أضعف المحصول وقلل من جودته، وفقد وزنه مقارنة مع النتاج الزراعي الحديث.
قضى صالح أحمد طفولته في عرابة القرية الزراعية التي باتت تنمو بسرعة، لتتحول إلى مدينة بعد سنوات، وللحق يقول: أنها لم تمتلك مقومات المدينة الحقيقية حتى الآن فالبنى التحتية فيها ما زالت لصيقة بمعالم القرية أكثر.
تعلم المرحلة الابتدائية في مدارسها (عرابة القرية)، ثم انتقل إلى مدينة عكا ليدرس الثانوية ومنها إلى مدينة حيفا حيث تخرج من كلية إعداد المعلمين في موضوع التربية الخاصة، وبعد ذلك بسنوات، بدأ يشعر بشوق شديد لدراسة اللغة العربية، فالتحق بجامعة تل أبيب، فنال اللقب الأول في اللغة العربية، ودرس للقب الثاني، ولكنه لم يكمل بسبب ظروف خاصة وقاسية.
في عكا تفتح وعيه على معنى المدينة، فعكا مدينة التاريخ والعراقة، إلى جانب الانفتاح على الحياة بكل زخمها وتطوراتها، عكا العربية الزاخرة بالأمجاد والحضارات، الراقية بأهلها، الذين تمسكوا بها وبمعالمها وما زالوا، وما زالت عكا بفضل صمودهم تحافظ على وجهها التاريخي والحضاري إلى يومنا هذا، رغم إقامة عكا اليهودية الحديثة بعماراتها وأبنيتها وشوارعها الحديثة، والتي جعلت منها مدينة تنبض بالحياة، خاصة وأن أهل عكا العرب استطاعوا أن يمتلكوا قسماً كبيراً من أبنيتها الحديثة فأصبحوا جزءاً من نبضها الراقي المتفتح على الحياة.
كما تفتح وعيه على معنى العصامية، حيث سكن في غرفة من غرف المسجد الكبير (مسجد أحمد باشا الجزار) وبدأ يعمل كل يوم أحد (يوم العطلة الأسبوعية في مدرسته “تيرسنطة” التبشيرية) في أعمال البناء ليساعد في مصروفه، ويخفف بعض الحمل عن والده.
 كما بدأ يتفتح وعيه على القراءة، فكان يدخر من مصروفه القليل ليشتري كتاباً كل أسبوع للقراءة، إضافة إلى ما كان يستعير من مكتبة المدرسة، وقد كان تعطشه للقراءة يدفعه ليقرأ أي كتاب تصل إليه يده، ولكن شغفه بقراءة القصص والروايات والشعر الكلاسيكي كان الأقوى. وهكذا بدأ يتفتح وعيه على الثقافة والحضارة، ومعها وعيه وفهمه للحياة، فكان شبابه، شباباً هادئاً، موزعاً بين الدراسة والعمل، فلم يكن يقبل أن يمر عليه يوم عطلة بلا عمل.
حرص صالح أحمد أن يكون الزوج الطيب الحنون، وأن يدفع زوجته لتكمل دراستها، ولتصبح مربية في روضة الأطفال. كما حرص على توجيه أبناءه وبناته للعلم والثقافة، فحرص أن تكون مكتبته البيتية، شاملة، وزاخرة بقصص الأطفال، والناشئة الملائمة لكل الأجيال.
حوار مع الشاعر والأديب صالح أحمد (كناعنة)/ خالد ديريك
وضع اللبنة الأولى لتكوينه الأدبي في وقت مبكر: منذ طفولتي المبكرة كنت مولعاً بالقراءة والكتابة، فقد كنت أمشي وأنا أرفع إصبعي الشاهد وأكتب على الهواء كل كلمة تعلمتها في المدرسة، وأنا أتهجاها حرفاً، حرفاً بصوت مسموع، وأحياناً أنغّمها بصفير من شفتي. كان الناس يضحكون وهم يرونني، وأسمع بعضهم يهمس، هذا ولد فيه مس من الجنون! وكان أبي يسمع هذا منهم فيعلق على كلامهم بالقول: بل ولدي عبقري وسترون. رحم الله والدي، لقد آمن بذكائي منذ صغري، ولكنه لم يرد لي أن أكون كاتباً، كان يحلم أن يراني محامياً.
في المرحلة الابتدائية بدأت أكتب خربشاتي، وكان معلم اللغة العربية يقول لي: ستكون كاتبًاً وشاعرًاً يوماً ما يا ولد، فدفاتري الأولى كانت ملأى بالخربشات التي كنت أسميها شعراً، ولم تكن سوى خيالات وصور حسية من واقع حياتي البريئة. فقد كنت أعود من المدرسة لأرعى بضع شياه (لم يزد عددها عن العشرة يوماً) تعيننا على العيش، وكنت أدوِّن انطباعاتي عن الطبيعة وتفتحها أمامي يوماً بعد يوم، كما كنت أدون ما أسمعه من أبي وأمي وجدي عن وضع الأسرة الذي انقلب رأساً على عقب من أسرة عريقة ثرية، وجدت لها سطوتها وهيبتها ونفوذها إلى أسرة مكافحة في سبيل لقمة العيش.
في المرحلة الثانوية (التوجيهي) بدأت أكتب شعراً حقيقياً، وكان مدرس اللغة العربية ينقح لي كتاباتي ويشجعني، وبدأت أنشر بواكير قصائدي في الصحف اليومية.
لا يؤمن بما يسمى بالوحي الشعري، ومن تجربته خاصة يقول: إن الشاعر وهبه الله حسًاً مرهفًاً، ووعيًاً محلقًاً، وروحاً شفافة، فهو يختزن ما يدركه حسًا ووعيًا، ويذوته فيعيشه روحًا، ليتولد عنه طاقة فكرية تتفجر إبداعًا ً تعبيريًاً لا يقدر عليه سواه ممن لم يهبهم الله ما وهبه من طاقات الحس والوعي، والقدرة على تذويت التجارب الحسية والحياتية، والتمازج معها وبها وجدانيًا لتتولد فكرًاً منغمًاً ومموسقًاً بحسب نبض حسه ورؤى وعيه وخياله معاً. لذا لا إبداع بلا تأمل، واختزان تجريبي، واستنطاق لمكامن الشعور، الأمر الذي يتنافى تماماً مع ما يسمى (الوحي الشعري)
وأرقى حالات التعبير عنده هي حالات الصفاء الوجداني، حيث تمتلك الشاعر حالة من التجلي الشعوري والوجداني، فيجد الكلمات تنسكب من وعيه بكل عفوية وارتياح، وكأنما هي تكتبه أكثر مما يكتبها!
أو حالات التجلّي الشعوري والحسي وسيطرتها على وعي الشاعر بالكامل؛ في حالات الانفعال القوي والشديد تحت تأثير حدث وتجربة مؤلمة أو سعيدة –على حد سواء- … فتجعله يبوح بمكنون شعوره مقروناً بإرهاصات تجربته، وقوة تأثير الهبَّة الشعورية المصاحبة للحدث، فتدفعه دفعاً للتعبير عنها، وسكب انفعالاته ومشاعره خلالها، هذا في حالات الانفعال الشديد، فكثيراً ما يحملنا حدث ما على التعبير عن انفعالنا معه وبه بقوة، لا شأن لها بالوحي ولا بالخيال، بل هو الوعي والانفعال والتأثر، مقروناً بالثقافة والمخزون التجريبي واللغوي.
يرى الشاعر صالح أحمد أن الشعر الحداثي لم يعد يحفل بالموضوعات، بل أصبح يزخر بالوجدانيات، التي تعني بحقيقة أمرها الكلّيات الحياتية، التي يعبر عنها كل من زاوية حسه ووعيه وتفاعله بها ومعها، بمعنى أوضح: حين أكتب عن القدس مثلاً، لا أشعر أن القدس موضوع للتعبير (أعبر عنه) بل أشعر أنها حالة أعيشها بوجداني وشعوري فأجليها تعبيرًاً، وهذا ما يفسر حالة النفور من المباشرة في التعبير التقريري، والابتعاد عنه إلى عالم التعبير الوجداني والشعوري المشبع بالوعي فكرًاً وحسًاً، لم تعد المرأة مثلاً؛ موضوعاً للتعبير وللشعر كما كانت عند نزار قباني مثلاً، بل أصبحت قيمة وجودية حياتية حسية يتماهى في عوالمها الحس والوعي لتصبح أفقًاً وجودياً يدخله الشاعر بوعيه ليعبر عن ناموس الحياة المتماهي معه.
لذا، لا أقول إنني اكتب في موضوعات محددة، بل أفتح من خلال كتاباتي آفاقاً فكرية ووجدانية وحسية، على أمل أن يلجها القارئ بوعيه وحسه ليجد نفسه في مكان ما فيها، أو خلالها. لذلك، لم يعد شعر الحداثة أحادي الصوت، بمعنى: لم يعد يتذوقه ويفهمه الجميع بنفس الماهية أو المقدار، بل يهضمه ويتذوقه ويعيشه ويفهمه، كل بحسب ما يثير في نفسه من حس ووعي.
أما بالنسبة له كشاعر وككاتب، فقد قال: يشغلني الهم العربي، هذا الهم الذي يعمق بي الجرح كفلسطيني، ويعمق بي الألم كإنسان، ويثير بي الحلم المنشود كباحث عن الحق، وكناشد للحرية، وكعاشق للحياة في هذه الدائرة الحسية والوجدانية أدور بشعري ووعي وأدبي.
كما إنه يرى لا انفصال ولا تنافس بين قصيدة النثر والموزونة بقالبيها الكلاسيكي والتفعيلي، فهذا سؤال ذكي شائك، يلخص النقاش الدائر اليوم في المدارس الأدبية والنقدية الحداثية، والذي يتمحور حول مفهوم الشّعر–Poetry-والشّاعري، أو الشّعري-Poetik.
وأنا أرى أن لا انفصال بينهما إذا سلّمنا بأنّ الشّاعر بالمفهوم المعاصر؛ وكما ذكرت في مقدمة ديواني “اليوم قمحٌ…. غدًا اغنية” هو مَن تولد الألفاظ في وعيه مبلورة إلى أفاق فكرية ومعان تحمل مراقِيَ تعبيريّة تسمو باللّغة المألوفة إلى أفقٍ من الفنتازيا الفكرية المتَصَوَّرَة؛ تستثير خيال وفكر ووعي القارئ، ولا يكون الشّاعر شاعرًاً إذا لم تولد المفردات والتّعابير والمعاني في وعيه مموسقة، الأمر الذي يجعلني أجزم بأنّه الوميض الحسّي والتّصوّري والفكري الذي يميّز الشّعر عن أي جنسٍ أدبي آخر، وهو ما يكسب المفردة والتّعبير صفة الشّاعريّة، ليرقى بها إلى مرتبة الشّعر،
ويصف الوزن في الشعر بقوله: وما الوزن إلا أداة ووسيلة من شأنها أن تصقل، تضبط، وتحدد ملامح هذا الوميض وإشراقاته النّغميّة الموسيقية لا أكثر، ولكنّها أبَدًا لا تشكّل شرطًاً للمزاوجة بين الشّعريّة والشّعر، أو بجعل الشّعريّة تنصهر في بوتقة الشّعر لتولد القصيدة، مع التّأكيد على أن لا فصل بين الشّعرية والشّعر من حيث البعد التّلازمي للمصطلحين، فلا شعر بلا شعريّة، ولا يمكن للتّعبير أن يرقى إلى أفق الشّعر إن لم يُتوّج بروح الشّعرية.
وله أيضاً دواوين نثرية، أنا شخصياً، كتبت قصيدة النثر، ولي ديوانان كاملان يعتمدان قصيدة النثر الخالية من الوزن، كما إنني اكتب القصيدة العمودية (الكلاسيكية) وقصيدة التفعيلة الموزونة، ولا أجد أن الأمر متناقض، بل أجد أن روح النص وروح الحدث وروح الفكرة تفرض القالب الشعري والتعبيري بوعي منا أحياناً وبلا وعي أحياناً أخرى، بمعنى: أنني حين أمسك القلم لأكتب، لا أقرر مسبقاً كيف، ولا بأي قالب سأصوغ فكرتي، بل هي تأتي هكذا بتلقائيتها.
لذا لست مع القائلين بأن قصيدة النثر تنافس الموزونة بقالبيها الكلاسيكي أو التفعيلي، بل أرى أنها – قصيدة النثر- أضافت أفقاً جديداً للانطلاق التعبيري.
والخطر الحقيقي في قصيدة النثر برأيه، أنها حين تمارس بلا وعي شعري وثقافة أدبية، تجنح بكاتبها إلى الإغراق بالنثرية على حساب الشاعرية، فكثيرًا ما أقرأ نصوصاً تخلو من الألق النغمي، والحس الموسيقي الذي يفقدها الروح الشاعرية، كما أنه ينقص من قيمتها الشعرية.
يؤكد بأن لا جمود في الشعر، وإنما منهجية التطور والانفتاح فقط : قالوا: كل قديم كان حديث في أوانه (عصره)، وعليه؛ فكل حديث سيبدو قديماً بعد حين، فالقديم والحديث جدلية عبثية، والدليل أننا ما زلنا نتذوق الشعر القديم، ونطرب له، بل نحن إليه بأرواحنا، وحسنا التائق إلى الأصالة وإلى التذوق النغمي الموسيقي الراقي فيه، فيجعلنا ذلك ندرك أن القصيدة مهما شاخت، ستتجدد بوعينا وحسنا كأنما تولد من جديد.
التطور التعبيري والأسلوبي، يفتح أبواباً وآفاق جديدة، ويخلق أنماط تعبيرية وأسلوبية جديدة نعم، ولكنه لا يلغي ما سبقه أبداً.
ومن هنا نخلص إلى نتيجة حتمية، لا ثبات في عالم التعبير، لأن الثبات يعني الجمود، وبالتالي عدم التطور والتجديد، الذي يتنافى والحتمية التطورية والمنهجية نوع من الجمود. لذا، فإن الشعر يقبل منهجية واحدة هي منهجية التطور والانفتاح على الأفق التعبيري لضم كل جديد ومتجدد، ليواكب ركب التطور من ناحية، وليلائم الذائقة التي لا يمكن فصلها عن الواقع الحياتي المتطور.
 الشعر لا يمنح بريقه لكل مريد بل هو رفيق الموهبة: الشّاعر بالمفهوم المعاصر؛ هو مَن تولد الألفاظ في وعيه مبلورة إلى أفاق فكرية ومعان تحمل مراقِيَ تعبيريّة تسمو باللّغة المألوفة إلى أفقٍ من الفنتازيا الفكرية المتَصَوَّرَة؛ تستثير خيال وفكر ووعي القارئ، ولا يكون الشّاعر شاعرًا إذا لم تولد المفردات والتّعابير والمعاني في وعيه مموسقة.
ما يعني أنه ليس بإمكان كل إنسان أن يكون شاعراً، كما ليس من الحق بأن نقرّ بشاعرية كل كلام وسم من قبل كاتبه بأنه شعر، إذ كثيرًاً ما نقرأ كلاماً ظن كاتبه أنه شعر، وهو أبعد ما يكون عن الشعر بالمفهوم العلمي والأدبي والذوقي للشعر.
الشعر أكثر الجانرات الأدبية حساسية ورهافة، فهو وليد الحس الراقي المموسق والفكر المفارق للواقع الملموس إلى الواقع المستشعر المتذَوَّق. لذا، يصحُّ قولنا إنه لا يمنح بريقه لكل مريد أو راغب به، وإن اجتهد، بل هو رفيق الموهبة الصادقة المصقولة بوعي وحس وثقافة.
ويضيف: من المستحسن بل والأفضل، أن يكون الكاتب ملماً بأصول اللغة، ولكن لا ضير في عرض نصوصه على من يراجعها وينقحها له إن وجد في نفسه وثقافته ضعفاً في هذا الجانب، لأنه لا يؤثر على الإبداع والفكر، وما أكثر الشعراء والأدباء (ومنهم الكبار المبدعون) من يعرض نصوصه على غيره للمراجعة والتدقيق.
ينأى بنفسه عن المجاراة الشعرية ولا يحبذها، أنا شخصيًا لا أحب المجاراة في الشعر، لم أجربها أبداً، أنأى بنفسي عن كل السجالات الشعرية التي تدار هنا وهناك، أحب أن أعبِّر عن نفسي وإحساسي وفكري ومنطقي بأسلوبي، وأرى أن السجالات تنأى بالشاعر عن الإبداع الحقيقي إلى الغرور التنافسي الذي لا يثري فكره وإبداعه، كما يظن البعض خطأ، بل ينتهي تأثير سحره مع انتهاء السجال.
ومن محاسن الشعر الحداثي أنه قلل من هذه الـ “المجاراة” والسجالات، لأنه كما أسلفت وليد الوعي والحس الواعي التفاعلي، الذي لا يستقيم مع السجالات ولا يصلح للمجاراة.
كما أنه حاصر المنطق الانتمائي لغير الذات الواعية، أو هكذا يراد له، وكل مجاراة باتت لا تغذي إلا النعرات الذاتية المتمحورة على الأنا المنتفخة زهوًاً لا أكثر.
وعن وجود حالات من المحسوبية في الحقل الأدبي قال: لا يخلو الأمر من هذا وذاك، بمعنى: أن المحسوبية موجودة، وبشكل كبير؛ ويكاد يكون مسيطرًاً، والعلاقات الشخصية تفرض نفسها في معظم اللقاءات الأدبية وأمسيات القراءات الشعرية، ما يجعلها حقلاً للمجاملات والمحسوبيات التي تضر بالمستوى الأدبي والثقافي، وتصيبه بشبه شللية.
ويتابع حديثه: لو أردنا الحقيقة، فهناك ندوات ولقاءات أدبية على مستوى راقٍ، تهدف إلى تقديم الأدب الراقي، ويقوم عليها أناس يمتلكون الحس الأدبي الراقي، ويهتمون بالمستوى الثقافي الأدبي الرفيع، وهي وإن قلت، تبشر بالخير.
رأيه في الحركة النقدية بعالم العربي:  الحركة النقدية في العالم العربي عامة تعاني من تعثر وتقصير، مقابل زخم كبير من النصوص والتعبير، وخاصة في مجال الشعر، وهذا أحد أسباب هذا الزخم غير المنضبط للشعر، بمعنى: أن غياب النقد المنضبط، والمسؤول والموضوعي، ترك الساحة مفتوحة على الغث قبل السمين، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن النقد بدأ ينحو نحو المحسوبية، وتحكمه العلاقات الشخصية والمزاجية وليس المنهجية والموضوعية، ما يجعل النقد وخاصة في مجال الشعر، لا يثري المشهد الثقافي، بل يساهم في حالة الهلهلة السائدة – إن صح التعبير- والنقد الجاد – إن وجد- نجده يتبع المنهج الأكاديمي، التحليلي الرمزي، الذي لا يلائم الذوق العام للقارئ العادي.
ثم يردف قائلاً : الساحة الأدبية اليوم بحاجة للنقد التعبيري، والنقد التوجيهي، والنقد التحليلي بمفهومه التبسيطي، بمعنى: النقد القادر على تحليل النص وتبسيطه لوعي القارئ، وتوجيه الكاتب إلى مكامن الضعف والقوة في نصه، وتوجيهه إلى الأفضل.
وأسمح لنفسي بهذا المقام أن أقول: أننا بحاجة إلى مارون عبود جديد، ورشاد رشدي، وجلال العشري، وعلي الراعي، ونازك الملائكة من جديد.
نحن بحاجة إلى جيل من النقاد يضبط الحركة التعبيرية ويوجهها الوجهة الصحيحة البناءة، ويثري الوعي الأدبي بمفاتيح الفهم والتحليل للنصوص الأدبية المستحقة.
وعن الكتابة المسرحية وخصوصيتها، يسترسل في حديثه، للكتابة المسرحية صعوباتها المرتبطة بخصوصيتها، وتفردها عن كل جانر أدبي آخر، فعلى الرغم من التشابه بين الجانر المسرحي والجانر الروائي تحديدًا في مجال الحبكة والحوار وتنوع الشخوص، والتطور الحدثي، إلا أن الكتابة المسرحية تبقى ذات خصوصية مميزة، تحددها ضرورة المباشرة والتكثيف، والتركيز على الفكرة المركزية، والتقليل قدر الإمكان من الهوامش والقضايا الجانبية التي من شأنها أن تشتت تركيز القارئ والمشاهد، وعليه: فإن صعوبة الكتابة المسرحية ترتبط عضوياً وفنياً بالحد من التمركز حول الذات، وتحجيم التدخل الذاتي للكاتب في إدارة السلوكيات العامة للأشخاص، وتمركزه حول الفكرة التي تتكفل بحركة الأحداث وتوجيهها، مما لا يترك مجالاً للتحليل والشرح والوصف وغيرها من المحسنات التعبيرية التي ترحب بها الجانرات الأخرى وخاصة الرواية.
لذلك فكل الأحداث يجب أن تنمو وتتوالد بصورة طبيعية تدفع بالعمل نحو الذروة إما مباشرة أو من خلال ذروات محدودة كلها تؤكد على التصاعد الدرامي، بعيداً عن الأحداث الثانوية والتفرعات أو ما يطلق عليه “السرد المستعرض للأحداث” مما يصرف ذهن الجمهور عن موضوع الصراع الأصلي ومضمون العمل.
إنتاجه الأدبي والإبداعي:
أعمالي تتنوع بين الشعر والمسرح والدراسة الأدبية. كتبت الكثير من القصص القصيرة، ونشرتها في الصحف والمجلات والمواقع، ولكنني أعترف بتقصيري في هذا المجال، إذ لم أصدر حتى الآن مجموعة قصصية، ولكنني أحضر لمجموعتي القصصية الأولى بإذن الله.
صدر لي حتى الآن:
1 ـ أحلى نداء – شعر- 1985
2 ـ الصرخة – مسرحية – 1987
3 ـ سبع عجاف – شعر – 1991
4 ـ رموز فجر المرحلة – 1998
5 ـ مدارات الروح – شعر – 2001
6 ـ الخماسين – شعر- 2003
7 ـ مدن المواجع: خواطر شعرية 2010
8 ـ العمق الفكري والفلسفي في أدب معين حاطوم… دراسة، ط1- 2011- ط2- 2014
9 ـ مرثاة لتضاريس السّلالة؛ شعر، 2014
10 ـ فلسفة معين حاطوم الحسّيّة في السمفُسرديّة _دراسة نقدية تحليلية- آذار-2015
 11 ـ اليوم قمحٌ.. غذًا أغنية، شعر..كانون ثاني – 2016
12 ـ ما جئت إلا كي أغني، شعر... 2017
13 ـ مغامرات النحلة سالي، قصة للأطفال، 2018
وهناك مخطوطات تنتظر الطبع:
1 ـ يا قدس – شعر
2 ـ ربيع الحكمة اللزجة... حكم وخواطر
 3ـ المذهبية في الأدب العربي من الجاهلية حتى أواخر العصر العباسي – دراسة
 
أحب أعماله إلى قلبه، أما عن أحب أعمالي إليّ فهذا من أصعب الأمور التي يمكن للكاتب أن يأخذ قرارًا محايدًا فيه، فكل أعمالي حبيبة إلي، لأنني أشعر بها كجزء من فكري وشعوري، ولكنني أشعر أن بعض الأعمال، لها خصوصية مميزة، مثل ديواني “اليوم قمح… غدًا أغنية” لأنه جاء بصفة مميزة وأسلوب مميز، حيث تضمن 156 ومضة شعرية، كل ومضة منها تحمل خصوصيتها التعبيرية والفكرية، يربط بينها أفق شعوري وتيار وعي فكري متجانس ومتوافق بينها.
كما أن ديوان (مدن المواجع) يحمل سمات خاصة، وهو أكثر ديوان لي حظي بتفاعل من قبل جمهور القارئين، وهو تجربتي الأولى في مجال قصيدة النثر.
وقضية الرضا عنده في مشواره الأدبي هي قضية نسبية، بشكل عام أنا راضٍ عن نفسي كشاعر، ولكن بتحفظ، لأن الرضا التام عن النفس يعني بلوغ القمة أو الكمال الذي لا أدعيه، ولا أومن أنني سأبلغه مطلقاً، من ناحية أخرى، أنا راضٍ عن نفسي في مجال الدراسات، فكتابي “العمق الفكري والفلسفي” نال تقديرًا جيدًا، وصدرت طبعته الثانية بعد مرور سنتين على طبعته الأولى، ويكفيني فخرًا أن الفيلسوف معين حاطوم،  قال أنني وصلت إلى 75% من الأفكار الفلسفية المركزية التي عالجها في ديوانه موضوع البحث، إضافة إلى أنني أحضر لمجموعة دراسات في الأدب الفلسطيني ، إضافة إلى مجموعة أشعار للأطفال، ستصدر خلال العام الحالي بإذن الله.
مقارنة أحوال (عرب-1948) مع بقية الفلسطينيين: الشعب الفلسطيني شعب المواجع، شعب الصبر على المواجهات والمضايقات اليومية، حيثما حل، ونحن البقية الباقية على أرض فلسطين التاريخية (عرب-48) نعاني أشد المواجع والمضايقات، فنحن نعيش في مواجهة يومية مع مخططات الصهيونية السرطانية، حيث تتم عملية استيلاء تدريجية ممنهجة وبطيئة للأرض، وتحويل الانسان الفلسطيني إلى مواطن يعيش القلق اليومي.
من أبسط مواجعنا، أننا نعاني من حالة الانشطار النفسي، فنحن محسوبون كمواطنين إسرائيليين، نحمل الهوية والجواز الإسرائيلي المفروض علينا، في حين أننا نفسياً وروحياً ومنطقياً ننتمي للشعب الفلسطيني، نتأثر لمعاناة كل فلسطيني على وجه الأرض، نتأثر للأحداث الدائرة على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة، لأننا نؤمن بعمق أننا جزء منهم، وأنهم أخوان لنا، ولكننا لا نملك لهم إلا الدعم المعنوي، والتأييد النفسي والشعوري والتضامن الوجداني المطلق، والفعلي المحدود والمحصور بالتفاعل والانتفاض في وجه العنجهية والبلطجية الصهيونية.
من ناحية أخرى، فنحن نشعر بشيء من الاستقرار الاقتصادي، حيث مجالات العمل المتوفرة لنا في الداخل، مقابل معاناة إخواننا في الضفة والقطاع حيث تشح أبواب وإمكانات العمل.
أما من الناحية الثقافية، يعانون من حصار ثقافي، حيث نجبر على تعليم الأبناء وفق منهاج تضعه دولة إسرائيل، والذي لا يتوافق في مجمله من الثوابت الاجتماعية والحضارية والانتمائية لنا، كذلك فنحن نشعر بعزلة عن عالمنا العربي فمن الصعوبة بمكان التواصل الثقافي مع إخواننا العرب ومشاركتهم المشهد الأدبي والثقافي، الأمر المتاح بشكل أفضل لإخواننا في الضفة والقطاع والشتات.
بالمحصلة، نحن شعب المعاناة، كل فريق منا له معاناته، وقد ينال حظًا ًفي مجال معين، مقابل حرمان في مجال آخر، ويبقى الأمر نسبياً.
من أشد الذكريات تأثيراً على نفسيته ومسيرة حياته، أنني أصبحت مدرّساً (معلماً) على الرغم من أنني لم أفكر ولم أحلم يوماً أن أمتهن مهنة التدريس، كنت دائماً أفكر أنني سأكون صحافيًا……كاتبًا …. شاعرًا…. ..
حدث أن مرض والدي رحمه الله، ولم يعد قادرًا على العمل، وأنا ما زلت طالباً في المرحلة الثانوية (توجيهي) وكان أخي الأكبر، قد تخرج، وتسجل للدراسة الهندسة المدنية.
أبي الحكيم، تنبه إلى وضعي، إذ ليس بالإمكان أن أدرس بالجامعة إلى جانب أخي، والموارد المادية آخذة بالنضوب، ونحن: أنا وأخي أكبر الأبناء العشرة، كنت في عطلة الربيع أعمل في مجال البناء مع أبناء عمومتي، لأساهم في مصروفات العائلة، فلم أكن أسمح لنفسي بأن يمر عليّ يوم عطلة بلا عمل، هكذا عودت نفسي.
عرض عليَّ دكتور شريف كناعنة ابن عم أبي، ورئيس جامعة النجاح في نابلس في حينه، أن يساعدني للدراسة عندهم فرفضت، لأنني لا أريد أن أجد نفسي عالة عليه، فميزانية الوالد لا تسمح، ومجالات العمل هناك في نابلس شبه معدومة.
عدت من العمل يومًا لأجد والدي قد أحضر طلب التحاق بدار المعلمين (كلية إعداد المعلمين) في حيفا، وجهزها، ويطلب مني التوقيع، بالطبع كان الأمر مفاجئا لي، فأنا لم أعتد على رفض طلب لأبي أياً كان، ولكن الأمر يتعلق بمستقبلي، أدرك والدي صعوبة الأمر بالنسبة لي، فقال: أنت ذكي ومجتهد، ولكنك خيالي، تعتقد أن الكتابة ستوفر لك معيشة كريمة، هذا حلم بعيد، بل وهم مؤكد، اخترت لك هذا المجال، لأنك تستطيع أن تدرس وأن تعمل في نفس الوقت، ففي حيقا مجالات عمل كثيرة في ساعات المساء، كما أن مهنة المعلم ستترك لك وقتاً كبيراً للمطالعة والكتابة.
وهذا ما حدث، التحقت بكلية إعداد المعلمين، وكانت المفاجأة الثانية، إذ رأت اللجنة الفاحصة بي ملائماً لقسم التربية الخاصة، وليس قسم اللغة العربية الذي رغبت به، وهكذا وجدت نفسي معلماً رغم أنفي، وصدق والدي رحمه الله، فقد قربتني هذه المهنة من الحياة، ومن واقع المجتمع التربوي والفكري، ومنحتني مساحات من الوقت لأمارس الكتابة، وفعلاً كنت أعمل مدرساً، ومحررًا أدبياً في صحيفة صوت الحق والحرية، منذ 1993- حتى 2016. حيث قامت دولة إسرائيل بإغلاق الصحيفة.
يتمنى الشاعر والأديب صالح أحمد (كناعنة) من النخبة المثقفة العربية ورواد الأدب خاصة أن يتذكروا أن لهم أخوة في فلسطين (48) لديهم حركة أدبية راقية، تحتاج إلى دعمهم وتعاونهم ومشاركتهم.
وأشكركم جزيل الشكر أخي الأستاذ خالد ديريك، وأثمن غالياً تشريفكم لي بهذا اللقاء الراقي، والحوار الجاد الهادف والممتع.
حوار أجراه: خالد ديريك
ـــــــــــــــــــــــــــ
 
 
حوار أجراه: خالد ديريك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 
صالح أحمد (كناعنة)
 

36
أدب / ثرثرة قلب محتضر
« في: 13:14 21/04/2018  »
ثرثرة قلب محتضر

 خالد ديريك

خلف برزخ الأمل
يقبع رافعا عنانه للسماء،
يطارده طيف مكثف من هدوء الانزواء
يتنصت على نبضات الأزهار
دون أن يسمع عزفاً،
يعصر ساعات الأيام
دون أن يتقلص حبل المسافات،
وتعتم بقعة الضوء الممزقة
فتنفجر عيون محتجزة
من بين طيات القهر
لتنهمر مدرارا ....

يركع من لهفة اللقاء
لتغييب نوتات الاتزان
ومن غزارة مياه الاشتياق
يسبح في دائرة الهوان....

بجوفه نزيف مدرار
كريح شرسة عندما تغار
بصراخ تنفخ في النار....

مهلا. ...
يا قلب ستغذى من هديل عينيها
وترتوي من حرائق البعاد....

تحت سلطة هذا اليباس ....
نمت المآسي....
وجفت المآقي ....
وبين كنف الشرود
تتسكع بقايا أوراق باهتة
من مداد قلب
تكسر
من قتامة الهجر....

فيا قابعة في قيد الكبرياء ....
أما آن لنسمات الشوق الغائبة
أن تتحرك ردافى
لترهم رضاب اللقاء؟
بلسما على فؤاد محتضر.




37
أدب / أيتها السماء
« في: 09:44 11/04/2018  »
أيتها السماء

خارطة عشقهم، ممزقة
اخترقتها سهام سوداء
منذ مواسم وعقود،
لامست مياه جفونهم
كل تضاريس العذاب
ومنذ الصرخة الأولى
.....
 أيتها السماء …
ارحمي هؤلاء البؤساء،
 المتشبثون
بحبات التراب
على تلك الخارطة المرعبة،
 المتشتتون
على أرصفة الاضطهاد
تحت سوط الأحقاد،
 المنتظرون
سحبا....
 تهطل رِهمة على صحرائهم
نبضا ...
يزهر أملا على محياهم
....
أيتها السماء ...
ازرعي بذرة النصر والوئام
فضياء الفرح قابع خلف
ذاك السحاب الكثيف.




بقلم: خالد ديريك

38

الشاعرة السورية ربى وقاف لن تبتعد عن الشعر إلا إذا توقف قلبها عن الخفقان

ربى وقاف تؤكد أنها لا تأبه للمنافسة ولا تجد للغيرة دوراً في الشعر
ــــــــــــــــــــــ
عندما تعود ربى وقاف بذاكرتها للأيام الأولى، تتصور أمامها تلك الطفلة التي خلقت من عالمها الخاص، إمبراطورية تعتلي عرشها، ومن دماها أشخاص يعرفون عنها ما أخفته من أحلام يقظتها حتى عن أقرب الناس لها، عالم مثالي على مقاس غرفتها فسريرها حدائق البنفسج وجدرانها حدود الأرق التي لم تفارقها يوماً، رتبت في ركن من أركانها قصصها الملونة التي أهداها إياها والدها قلماً ودفتراً فكان أول اختبار لها في عالم الكلمات.
ما زالت تذكر إنها كانت تكتب في جمل قصيرة بسيطة حد الابتسام تترافق بألوان تشتت وتقل ألقاً مع تقدم السنوات، وحلت محل القصص الملونة، روايات اميلي برونتي ومارغريت ميتشل في “ذهب مع الريح” التي عنونت بداية جديدة في اختياراتها فتتابعت لتقودها إلى الأدب المترجم في “وداعاً للسلاح” لـ ارنست همنغواي و “غدا يوماً آخر” لتصل بعدها إلى ماركيز في “مئة عام من العزلة”، و”الحب في زمن الكوليرا” والأدب العربي كـ “مدن الملح” لعبدالرحمن منيف وروايات حيدر حيدر وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ لتشكل كل قصة لبنة تقف عليها في عالمها القادم بواقعه وأحلامه وصوره التي شكلت شخصيتها في مراهقتها وأول صباها.

حوار مع الشاعرة ربى وقاف/ خالد ديريك

أهم الحوافز لسلك الطريق الأدب
تقول الشاعرة ربى وقاف: أهم الحوافز لسلك الطريق الأدب، كان في تعلقي باللغة العربية وحب القراءة التي كان لوالدي الفضل الأكبر فيه وفي حبي للشعر ولتلك المُدرسة الرائعة ماري عربش في المرحلة الثانوية عندما كتبتُ موضوعاً كان الأطول بحسب كلامها عن المتنبي وحياته وشعره بأسلوب وصفته بالمشوق الممتع. وقالت: بأنها لن تستغرب أن تجد اسمي يوماً تحت نص في جريدة ما.
وأردفت “لم أنس هذا ولم تكن تلك تجربتي الأولى لكنها كانت الدفعة الأقوى”.
بعد ذلك كان دراستي للأدب الانكليزي بشعره ونثره فرفع من إحساسي بقيمة الكلمة وما تستطيع أن تفعله.

الحياة المصدر الأهم للصور والأفكار والقراءة.
إن الحياة الرافد الأعظم لها في تحويل الأفكار إلى صور جمالية. وهناك أيضاً الحساسية العالية للأشياء فجميع الناس لديها حساسية للجمال أو الألم لكن الكاتب أو لنقل الشاعر قد يكون الأقدر على وصف ونقل الإحساس والتعبير عنه في كلمات.

لا تأبه للمنافسة، والكتابة هواية لديها.
“كثيراً ما أبدأ الكتابة وفي ذهني فكرة لأجدني أنتهي وقد تبدلت الفكرة تماماً. اكتب دائماً ما أشعر به وغالباً ما لا أقرأ حتى أنشر ولا أصحح، والخوف الوحيد الذي يمكن أن أشعر به هو أن أكره نصاً ما أو أن أشعر أنه ليس أنا ولا يشبهني”.
أنا لا تثيرني ولا تأسرني حالة الجنون ولا آبه كثيراً للمنافسة ولا أجد للغيرة دوراً في الشعر وغيره، بل وحده الحب بكل حالاته له الدور الأكبر فحب الوطن والأم والعشق حالات متدرجة للهذيان.
وترى إن كتابة الشعر هواية لم ترق يوماً لمستوى المهنة أو التسمية كشاعرة، فعندما بدأت الكتابة لم أفكر حتى بالنشر فلم تكن الكتابة عندي سوى متنفس للروح وطريقة للغضب أو الحب أو الأمل. ولن أبعد عن الشعر إلا إذا توقف قلبي عن الخفقان.

تأثرت ببعض الكتاب وتقرأ للآخرين الآن، طبعاً هناك الكثير من الكتاب الذين كان لهم تأثير على شخصيتي وليس فقط على ما اكتب مثلاً هناك رواية اسمها “مذكرات معلمة” لا أعرف كاتبها لأنها كانت من دون الغلاف وتقريبا مهترئة في مكتبة والدي كانت لها الأثر الأكبر في تعلقي بمهنة التدريس وبعض الروايات العالمية التي شدتني للقراءة وشكلت مخزوني اللغوي، وهناك شعراء مثل نزار قباني وادونيس ورياض الصالح الحسين وأمل دنقل وشاعر آخر لم تتح له الحياة أن ينشر سوى ديوان واحد اسمه “كورتاج” فرحل مبكراً جداً اسمه إياد شاهين وهناك بعض الشعراء الرائعين الذين أتابعهم بشغف كالشاعر منذر حسن وأحمد م أحمد وأسعد الجبوري.

تشرح معنى بعض المفردات في حياتها: الحب: نسغ الحياة. الوطن: الأب والأم. الغربة: الدروس الأقسى. الحرب: أسوأ ما أنتجته البشرية. الحبر: نبض الكلمة. الأزهار: عودة الأمل. الذكريات: جرار العمر بحلوها ومرها.
هذه المفردات أصبحت العناوين الأبرز في نصوصنا إن وافقنا أو رفضنا نحن الأشخاص التي سرقت منا الحروب أجمل الأحلام واستبدلتها بكوابيس الألم والقهر.

إصدار جاهز:
قالت الشاعرة السورية إن هناك مجموعة شعرية جاهزة للطباعة لكن لم تكتب لها أن ترى النور بسبب ظروف الحرب. وكان لدي الشرف بالمشاركة في مجموعتين تضمنتا شاعرات من الوطن العربي بالإضافة لنصوص منشورة بشكل متفرق في مجلات ومواقع الكترونية
وعن عائلتها قالت: الأم، هذه المرحلة المختلفة جذرياً عن سابقاتها والتي اختصرت كل ما جمعته في طفلين كانا أجمل ما كوفئت به وزوج كان السند والصديق في غربة نهشت بعض من راحة القلب والفكر.
ولطالما تمنيت أن أعزف على آلة موسيقية لكن والحمد لله عوضتها في ولديَ، فابني نور يعزف على البيانو ومجد على الغيتار.

سفرها إلى بريطانيا: لم يكن السفر هاجسي أبداً فأنا لم أصدق أن عدت إلى بلدي بعد سنوات قضيتها في الغربة لأجبر على التفكير بالسفر ولولا ظروف الحرب في سوريا لما فكرت أبداً أن أغادرها مرة أخرى وما زلت أعتبر بريطانيا محطة مؤقته للعودة للغالية سوريا مرة أخرى.
وأضافت “من حسن حظي أن دراستي للأدب الانكليزي وإتقاني للغة قلل من إحساسي بالعبء الكبير لما تشكله البدايات الجديدة وحقيقة مفهوم الغربة تغير مع تحول العالم كله إلى قرية صغيرة”
مع ذلك لا أستطيع أن أنكر حالة الوجد الكبيرة والحنين التي أعيشها فتراها تنتقل لتصبح واضحة في النصوص عاكسة المأساة التي يعيشها كل سوري على أرض الوطن أو في خارجه.

وتختم الحوار: أريد سوريا المستقبل، سوريا يجمعها الحب بكل أطيافها، سوريا الجميلة كما يعرفها العالم ونعرفها.
 

حوار أجراه: خالد ديريك
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 الشاعرة ربى وقاف
 

39
أدب / نسج الأوتار
« في: 18:33 21/03/2018  »
نسج الأوتار

قلبي مضرج بتراتيل التائبين
ينسج أوتارا من صدى نطقك….
على نسمات الليل العليل
على غمام النهار السقيم،

ينزف أحرفا من مياه الهيام
تلتقطها أجنحة العصافير،
تنثرها مع ألحانها
على أبواب الآمال
لعل الضباب يتوارى ....
وتمرَ المُزْنُ….
فتستعيد شجرة العناق
اخضرارها ...
ـــــــــــــــــــــــــ
بقلم: خالد ديريك

40
الشاعر والفنان عبد الرحمن أحمد: غنيت كثيراً للفقراء والمظلومين ولم أتلق دعماً من أي جهة
الشاعر والفنان عبد الرحمن أحمد ينصح الفنانين الاهتمام بالأغنية الفلكلورية

حوار مع الشاعر والفنان عبد الرحمن أحمد/ خالد ديريك

 ولد عبد الرحمن أحمد عام 1947 من عائلة فلاحية فقيرة في قرية "كوران" بناحية جندريس التابعة لمدينة عفرين ـ بسوريا.
بدأ تعليمه الابتدائي في قرية "كفر صفرا" المجاورة، لانعدام المدرسة في قريته وقتذاك، وبعد مضي خمس سنوات، انتقل إلى قرية "ميركان" التابعة لناحية معبطلي بريف عفرين، وعندما حصل على شهادة المرحلة الابتدائية، انتقل مرة أخرى، ولكن، إلى ناحية ترمانين بريف عفرين ليكمل تعليمه، ولتوفر بيوت آجار رخيصة فيها، وبعد ثلاث سنوات، نال الشهادة المرحلة الإعدادية.
توقف مساره التعليمي فيما بعد نظراً لظروفه المادية السيئة، فوجد نفسه بين أحضان الطبيعة لمساعدة والده في الحقل الزراعي.
تزوج عبد الرحمن أحمد باكراً في سن لا يتجاوز ثمانية عشر عاماً، ليقضي فيما بعد ثلاث سنوات ونصف في الخدمة العسكرية الإلزامية.

رحلة البحث عن لقمة العيش
يقول: "عندما أصبحت أباً لستة أولاد، صعبت الحياة بالنسبة لي، لأن واردات أملاك والدي لا يكفي لمصروفنا جميعاً". ولذلك شد العزم وبدأ بالرحيل إلى مدينة الكبرى (حلب) على أمل الحصول على وظيفة ما لسد لقمة العيش أولاده.
بعد البحث بفترة وجيزة، حالفه الحظ، وتعين موظفاً في مؤسسة البريد والهاتف (كانت مديرية البريد والهاتف واحدة وقتذاك)، وخدم في هذه المؤسسة لمدة عشرين عاماً. تحسنت أحواله المادية لتصبح بمستوى الدخل المتوسط، لكنه كره هذه الوظيفة بعد هذه المدة الطويلة لأسباب تتعلق بطبيعة المستجدة للعمل، فانتقل مرة أخرى إلى قريته!
في هذه الأثناء، أبناءه أصبحوا شباباً، وسافروا إلى أوربا واحداً تلو آخر في فترات متقاربة، سيضطر هو الآخر في نهاية المطاف بترك منزله الذي عمره بعرق جبينه، والذي ظن يوماً بأنه سيرتاح فيه إلى الأبد، ولم يكن في حسبانه بأنه بعد عمر تجاوز ستين عاماً سيركب الموج ويلتحق أولاده في منفاهم الأوروبي، وذلك تجنباً من الاعتقالات وهرباً من حرب اجتاحت بلده.
يعيش الآن الشاعر والفنان الكبير عبد الرحمن أحمد في مدينة زيوريخ السويسرية مع عائلته.

مسيرته الفنية
يقول عن مسيرته الفنية: كنت شاباً في ريعان من العمر، لم أتجاوز اثني عشر عاماً بعد، عندما كان الفنانون يترددون دائماً إلى قريتنا ويسهرون عند أحد ساكني القرية (مَن تكون أحواله جيدة ومنزله كبير) والناس تتجمع عنده، وفي هذا العمر، كنت أحضر معهم وأتسمع إلى الراوي في المجلس، أتذكر اثنين منهم (رشيد معم جيجان، أبرامه تركو) كانوا يروون للحاضرين الملاحم والبطولات الكُردية، لقد تأثرت بهذين الشخصين كثيراً، كنت أتسمع إليهم وأتأثر بهم وأنا طفل صغير، تمنيت أن أصبح فناناً وأروي الملاحم والبطولات الكُردية لأجل أن أثقف مجتمعي وناسي بهذه الأعمال، وسرت على هذا الدرب دون أن أتلقى التشجيع من أحد.
كان صانع آلات البزق من قريتنا "كوران" فصنع لي بزقاً (آلة موسيقية) بمبلغ خمس وثلاثين ليرة سورية. كنت كلما أنظر إلى هذه الآلة، أفرح كثيراً وكأنني عشقتها. وعندما علم أقربائي وأهل القرية بالموضوع، أصبحوا يلومونني ويقولون: أنت إنسان لك كيانك وعشيرتك، وعائلتك سمعتها طيبة، وأنت سلكت درباً خاطئاً بعملك هذا، أرميها بعيداً عنك، أي آلة الموسيقية (البزق).
ويستحضر حادثة جرت معه حول هذه الآلة فيقول: أتذكر ... ولن أنسى بأن خالي جاءنا إلى البيت يوماً، وبعدما رأى آلة البزق، وهي معلقة على الحائط، رفعها وألقاها بقوة أرضاً، لتصبح آلتي خمسين قطعة أمام نظري والدمع الناشف يتجمع في حلقي دون أن أتجرأ على النطق.
بعد تجاوزي سن سبعة عشر عاماً، أصبحت لا أهتم كثيراً بملام الناس وسلكت طريق الفن وأحببت الملاحم التاريخية أكثر من غيري لأني أرى التاريخ والجغرافيا الكُردية مرتبطاً بالفلكلور الكُردي. واستمريت إلى يومنا هذا، ولست من الخاسرين، بل أتباهى بعملي وفني.
وقد تعلمت على يد أستاذي حسن عبود عازف العود المشهور وصديقي في العمل فأخذت أكثر فني وتعليمي من هذا الإنسان الراقي، وكما درست صولفج الغناء عند أستاذ أديب الدايخ.

أنواع أغانيه وكتبه: لي أغان ثورية، وقومية وفلكلورية كردية، وماركسية. في بداياتي كانت ثورية، كوني كنت ماركسياً وقتذاك. وقد غنيت كثيراً للفقراء والمظلومين، وبعدها غنيت أغانيَ قومية مع ثورية وأولها كانت أغنية كُردية بعنوان (Werên îro Newroz e).
وبعد خمسة عشر عاماً، بدأت اكتب قصصاً وروايات بطولية حتى عام 2004 زد على ذلك غنيت أغانيَ فلكلورية التي أعشقها.
توجد لدي أكثر من خمس وعشرون أغنية كردية خاصة، وكتبتُ أيضاً لكثير من فناني كُرد روجافا ـ سوريا.
وأول قصيدة كتبتها كانت باللغة الكُردية بعنوان (Keça kê yê ez nizanim )
ومن مؤلفاتي: سيرة حياة الفنان، الصدفة والقدر، العبق والترياق (رواية).

ويقول عن أولاده الأربعة أنهم سلكوا درب الفن، وأصبحوا فنانين:
ـ حمودة عازف آلة درام، عزف في الإذاعات ومع الكثير من الفنانين ومنهم الفنان الكُردي العالمي الشهير (شفان برور). أحمد، هو عازف آلة البزق. عمار، اختصاصه تسجيل الأغاني للفنانين، دليل عازف آلة درام وموجود في سويسرا ويعمل مع فرقة رامان الكُردية.

ويوضح الشاعر والفنان عبد الرحمن أحمد أن على المثقف الكُردي الابتعاد عن البحث والترويج لقلمه في سبيل غايات ومصالح شخصية، في وقت أغانينا وألحاننا الكُردية الفلكلورية تتعرض للسرقة ويستفيد منها غير الشعب الكُردي، والتي هي ملاحم بطولية كُردية فلماذا لا نلجأ إلى تاريخنا وماضينا ونكتب بما هو كان قبل المئات وآلاف السنين.
ويقول: أرجو من جميع زملائي الفنانين أن يهتموا بالأغنية الفلكلورية بجد وإخلاص لأن الفلكلور يذكرنا بماضينا وبملاحمنا مثل (كولك سليمان، تاير بك، كوه رش، صاد أحمد) ومثلهم المئات ليعلم الجميع أن فلكلورنا هو ماضينا وماضينا هو مستقبلنا ومستقبلنا هو حاضرنا. فعندما تضيع الأغنية الكردية، يصبح الفن الكردي، فناً مقتبساً. والآن الفن بلا ذخيرة بمعنى خبز ليس من طعم طحين الحنطة.
ويضيف: لم أتلق دعماً من أي جهة كُردية (أحزاب ومنظمات وشخصيات)، فالإعلام الكُردي، إعلام مزيف ويتصف بالمحسوبية والمعرفة الشخصية، الإعلام الكُردي أصبح صماً، بكماً، عمياً، لأنني أرى وأسمع إن بعض الإعلاميين والمثقفين الكُرد لا يعملون بشكل جدي ومهني، أي بمبدأ "كل إنسان يأخذ ذي حقه".

وعن الغربة قال: في الغربة، اعتبر نفسي في سجن مفتوح لأنني ابن البار لعفرين الكُردية، ترعرعت فيها وبين غاباتها الجميلة. عفرين هي أغلى من حياتي، فيها كل ذكرياتي منذ الطفولة، عندما كنت في القرية كانت بسمتي تتعالى والبهجة دائماً تغمر داخلي، صدقوني لا أشعر بالبسمة الآن في غربتي.
عفرين أرض زيتون، أرض السلام والمحبة، البركة والخيرات. عفرين هي نبضة قلب كُردستان.
أرجو من الله أن يفرش خيمة السلام على عفرين وأهلها، وأتمنى أن تهدأ الأجواء في بلدي وأعود إلى عالمي ومجتمعي وقريتي وأرضي لكي ترجع بسمتي وفرح قلبي.
وأختتم حوارنا معه قائلاً: كوني فناناً منذ خمسة وثلاثين عاماً، أسمع أصوات غير لائقة ولبقة من الذين يدعون الاهتمام بالفن ويتلقون القصائد من الكثير من الشعراء لا يعلمون هل هي قصيدة ارتجالية أم للأغنية، وبالتالي تصبح الأغنية لا معنى لها، أتمنى من جميع الفنانين أن يلجأوا إلى الكلمة القوية واللحن غير المسروق.


 
حوار أجراه: خالد ديريك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     
الشاعر والفنان عبد الرحمن أحمد


41
الشاعرة التونسية منى بعزاوي: الأدب هو أيقونة الجمال والعشق والمثل الأعلى للتواصل والانفتاح على الآخر
منى بعزاوي (موناليزا العرب): أعيش داخل القصيدة بكل مشاعري وأحاسيسي

منى بعزاوي هي باحثة وشاعرة وأديبة من مدينة القيروان التونسية، تلقت تعليمها الابتدائي والثانوي بالمعهد الثانوي بمعتمدية الشراردة، متحصلة على الأستاذية في اللّغة والآداب العربية وعن الماجستير في علم الاجتماع وباحثة في الدكتوراه اختصاص تصوف وعرفان إسلاميّ. فضلاً عن كونها طالبة في اللّغة الفارسية.
بدأت مشوارها الأدبيّ منذ سن المراهقة بحيث نطقت في بداياتها بالحرية والتحرر الفكري والفلسفي من خلال مناجاة الأفق المنشود من وراء قضبان المبيت الثانوي الذي كانت تسكنه في فترة الدراسة الثانوية.
انطلقت في عالمها الأدبي من خلال تدوين أشعار منطوقة بصدق ونقد وتأمل وفلسفة معرفية سابحة في رؤى أفلاطون ونيتشه وغيرهما واللذان كانا ملهما الشاعرة في فترة الثانوية. من هذه العوالم راوحت الشاعرة في بداياتها بين الرؤية الواقعيّة الوجدانيّة والرؤية الفلسفيّة ذات الأبعاد التأسيسيّة والتكميليّة للوجود وللكمال الذاتي والإنسانيّ.

سبب اتخاذها لقب "موناليزا العرب": موناليزا العرب هو لقب أدبي ناتج عن ثقافة الفن والإبداع من خلال لوحة الفنان الشهير " ليوناردو دي فينشي" الإيطالي صاحب لوحة "الجوكندا أو الموناليزا " وقد استلهمت هذا اللقب لمدى تأثري بتلك اللوحة الفنية العميقة التي خلدت في تاريخ الفنون في العالم، تلك اللوحة هي النموذج الأمثل لماهية الكينونة الإنسانيّة والفنيّة وقد راقصت قصة الموناليزا وجداني وواقعي الأدبي والثقافي وألهمت مشاعري بواقعية وتفنن. إذ من خلالها تعلمت معاني الوجود الإنساني وآليات التحدي وصنع التاريخ والثقة بالنفس.
فقد تكون الموناليزا ملكة ذات رؤى وصفات مثالية بارزة مجسدة في لوحة ولكنني أراها ملكة في أفق العصور لا محدودة الزمان والمكان لأنها تعبير عن وجدان فلسفي واجتماعي مثير للجدل. تلك الجدليّة هي التي كانت سبباً في اختيار اسمها وجعله همزة وصل لآفاق كتاباتي وآفاق البحث عن اللامتناهي في الوجود.

الحزن والوحدة قادتها إلى حرائق القصيد والكتابة: إنّ الحزن والوحدة لهما وحدهما كل الفضل في تبلور حرائق الكتابة وفي الحقيقة تعد حرقة الشعور بالعزلة العاطفية والاجتماعية أولى الأشياء لاعتبارهما متنفسان من الشعور الباطني الكامن في داخلي. لذا لا يمكن تحديد الفترة الزمنية بشكل محدد لتملك إحساسي بالشعرية التامة أو لنقل إنّني شاعرة أولد مع كل قصيدة وأعيش معها في لحظاتها ثم أطوي الصفحة وأمر لعالم أدبي آخر.
إذ بالنسبة لي الإحساس هو أثر متجدد مع تجدد الزمان والمكان ومع تجدد ذاتي داخلهما.
القصيدة هي وليدة أحاسيس متعددة ومتنوعة باختلاف البيئة والمحيط وباختلاف المشاعر لذلك يحاول الشاعر أن يراوح بين الخير والشر وبين المكيدة والفضيلة وصولاً إلى الحكمة في تحقيق نتيجة الشعر ولا مفر من ذلك لا سيّما وأن الشعر لا بد أن ينطلق بحقيقة الأشياء وأن يصحح مسار كل شيء وفقاً للتجربة الذاتية ثم الاجتماعية.

شخصياً، أعيش داخل القصيدة بكل مشاعري وأحاسيسي، فالقصيدة ليست مستقلة بذاتها وليست متقوقعة بنفسها، بل إنها وليدة كم هائل من الوجدان وغالبا ما أكتب في لحظات الحزن القصوى وأبدع لأصل إلى النشوة الأدبيّة والسعادة الأبديّة بعد كتابتها وكأنّ الشعر هو متنفسي الوحيد في هذا الوجود والذي أثمر إصدار أربعة دواوين شعريّة حملت معاني العشق وحتميات الحياة والقدر، فضلاً عن مناجاة الآخر في كل مكان حتى لو سكن عالم البرزخ والمنتهى.
تضيف: الشاعر يعيش في الواقع وفي الخيال وهو مجنون في عالم الواقع وعاقل في عالم الخيال تلك هي فلسفة الشاعر الفنان الذي يمزج كل شيء من أجل تحصيل لوحة فسيفسائية ويرسم عالمه الخاص.
 
تنتقد ذاتها دون تردد: طبعا أنا أقبل النقد البناء وأتعلم منه من أجل تقديم رؤية أدبية أفضل، فالكتابة نقد أو لا تكون حتى إنّ عالم الكتابة والنقد هما عالمي الذاتي الذي أعيش به ومعه في آن واحد ولا يتوقف النقد عند الآخر بل أحاسب نفسي وأنقد ذاتي دون تردد في الموضوع.
 
لا الجدوى في المنافسة بين قصيدة النثر والتفعيلة والعمودية: لأن عالم الشعر متحرر بذاته ولا يمكن لأي شيء أن يجعله متقوقعاً وفقاً لشروط ما، لذلك لا أرى لهذه المنافسة جدوى، فلكل أسلوب معانيه ودلالاته ويعتبر الشاعر هو المتحكم والحكم في تأصيل الهويّة الحقيقيّة لعالم الشعر من منطلق مبادئ وجدانية ومواهب ربانيّة.

حول إنتاجها الأدبي والصعوبات التي واجهتها تقول: أنتجت أربعة دواوين شعرية وأصدرت كتاباً في علم الاجتماع حمل عنوان " المرأة والشرف في الثقافة العربيّة المعاصرة". مختلف كتاباتي الشعرية حملت عناوين العشق والجنون والعشق والجزاء والعشق المراقص للقدر لاعتبار أن العشق هو السم القاتل الذي يقتل صاحبه رويدا رويدا فتساهم الكتابة من خلاله في إحياء نبضات قلبه بالقرب والبعد وبالألم والأمل.
ضمن تجربتي تعايشت مع العديد من الصعوبات ولم أجد الدعم المادي ولا المعنوي من أي جهة تذكر حتى إنّني تحديت الجميع وأصدرت كتبي بمفردي حسب امكانياتي المحدودة وأنا فخورة بكسب التحدي في عالم الكتابة ونيل مراتب مشرفة في تونس وخارجها ولا أعتقد أن كسب التحدي يكون بسهولة وربما لولا الصعوبات لما واصلت دربي فهي أحياناً تكون الداعم الأساسي لاستمرارية المرء.

دواوينها لم تعد ملك لها ولا تفرق بينهم: الدواوين التي أصدرتها باختلاف معانيها ودلالاتها ما عادت ملكي الشخصي بل أصبحت ملك الآخر بما في ذلك الذوات والقراء وليس من حقي مراجعتها أو تعديلها فقد خرجت عن مسار وجداني في هذه اللحظات وأنا أعيش تجارب أخرى في الكتابة من أجل أن أتعايش بألوان مختلفة وبهويات متعددة في هذا العالم المعرفي.
في الحقيقة لا يوجد عندي ديواناً أكثر دلالا من غيره لأنّ جل دواويني عبارة عن ديوان واحد يعيش بالعشق من أجل استمرار العشق في الوجود، ولا أعترف في عالمي إلاّ بالعشق في أوج حالاته الجنونيّة والمعرفيّة واللا معرفية.

تسهب عن كتابها "رحلة بألف رحلة" الذي هو بصدد النشر قائلةً: كتاب رحلة بألف رحلة هو كتاب في أدب الرحلات، دونته على إثر رحلتي إلى إيران منذ صيف 2016 وهي أولى التجارب في عالم كتابة هذا الجنس الأدبي، حيث إنه نتاج أولى رحلاتي خارج تونس.
هذه الرحلة مكنتني من معرفة حقيقة الشعب الإيراني الشقيق ومعرفة الحقيقة بالعين المجردة دون الخضوع لثقافة السماع. فقد عرفت شعباً مناضلاً متحدياً لكل الصعوبات، ساهم في بناء مجتمعه وفي تأصيل ثقافة النصر وتحقيق العلم والتطور من منطلق وعيه التام بثقافة العمل وتحقيق المنشود. إن السفر يمكّن صاحبه من تحقيق تجربة مثلى في الكشف عن هوية الآخر وثقافاته وحضاراته المتعددة ولعّل التجربة الإيرانية في العالم قد أضفت سبل تحقيق كل ما هو مستحيل.
هذا الكتاب هو نموذج ثقافي لمعرفة ثقافة إيران وشعبها ومراحل تقدمها على جميع المستويات حيث كانت تجربة فريدة من نوعها أسهمت في نقلتي الأدبية والفكرية وأضافت على شخصيتي هوية المعرفة الحقيقية من منطق التجربة الذاتية.  وأرجو أن تكون رحلتي الأدبية نموذجاً نحو تغيير الرؤى وتحقيق ثقافة استشرافية ملؤها الانفتاح والتواصل والاستمرار مع الآخر رغم الاختلاف اللغوي والاجتماعي.
 

إسهاماتها ومقالاتها العلمية والثقافية: قدمت ضمن تجربتي الشخصية العديد من المقالات العلميّة والأدبيّة والتي تراوحت بين عالم الكتابة وعالم المعرفة والأدب. فضلاً عن البحث العلمي، إذ تناولت بالبحث عديد القضايا الشائكة في علم الاجتماع و علم التصوف و العرفان الإسلامي، حيث أوجدت رؤى استشرافية  جديدة تعنى بالهويّة العرفانية للوجود العرفاني من خلال تأصيل معان مثالية عميقة في أدبيات التصوف و العرفان الإسلامي و الجهاد في سبيل الله بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كما أوجدت مقاربات نقدية لعالم الترجمة لا سيّما داخل عالم الشعر لاعتبار أنّ ترجمة الشعر تتميز بالنسبية و المحدودية في المبنى و المعنى فالشعر نستطيع ترجمة أساليبه و آليات بناءه لكننا لا نستطيع ترجمة مشاعر و أحاسيس الشاعر بمصداقية تامة و بصورة متكاملة.
هذا وتناولت بالبحث قضايا المرأة وقضايا الأمّة الإسلاميّة التي تعاني من تفكك مميت إلى اليوم، ودوماً يسعى الشاعر نحو تأصيل الوعي والمسؤولية بالذات والمجتمع والدين الإسلامي، فضلاً عن الدفاع عن حرمة الشعوب المسلمة من ذلك فلسطين والعراق وسوريا وغيرها من الدول لا سيما بعد تفاقم ظاهرة ما يسمى بالربيع العربي. فالإنسان اليوم مطالب بالتصدي لكل آفات الصراعات والتناحر المذهبي والفكري والاجتماعي والسياسي من أجل الظفر بمجتمع إسلامي متماسك ومتحد.

المواضيع التي تطرقت إليها في هذا الصدد: لقد تناولت بالطرح العديد من الأطروحات ولا يمكن حصرها في بعض الجمل إلاّ أنني أستطيع القول إنّ مجملها تتمحور حول دراسة القضايا الراهنة، فالمرء صار اليوم مكبلاً بين واقعه وأفقه المنشود كما صار متقوقعاً على ذاته، الأمر الذي أفقده أساليب التواصل مع الآخر والانفتاح عليه وهذا ما جعله يعيش الكبت الداخلي والخارجي. لذلك أحاول في كل مرة أن أتطرق لموضوع شائك داخل مجتمعنا الإسلامي في مجالي الأدب والبحث العلمي كي تتكون الهوية الحقيقية للذات الإنسانية ويصل إلى نتيجة تخرجه من حدود المحدودية والمستحيل إلى رحاب الإنتاجية والممكن.

اللغة الفارسية لغة ثرية، والشعب الكُردي يعرف بالصمود والكفاح منذ القدم: لازلت أخطو خطواتي الأولى في تعلم اللّغة الفارسيّة، وبدأت اكتب بعض القصائد الشعرية في عالم العشق والمحبة بهذه اللغة السامية، وأطمح لتعلمها لاعتبارها لغة ثرية سابحة في المعاني والدلالات المعرفية والأدبية والعرفانية فهي لغة العشق والتحابب والتواصل والانتشاء الروحي والوجداني، ومنها ظهرت كتابات الخيام ومولانا جلال الدين الرومي والفردوسي والرودكي وسعدي الشيرازي وغيرهم.
إنّ عالم اللغة الفارسية هو عالم الاتحاد والإيمان والثقة بالذات فهو عالم مليء بكل معاني الوجود التكاملي الذي يصنع استمرارية وديمونة للذات الإنسانية داخل عالمها وخارجه لذلك سأسعى إلى الإلمام بتعلم هذه اللغة الجميلة والسلسلة ذات الأبعاد الوجودية والوجدانية العميقة من أجل الوصول إلى عالم الترجمة والكتابة بين اللغتين العربيّة والفارسيّة.
إن اللغة الفارسية هي التي مكنتني من التعرّف على اللّغة الكُردية من خلال بعض النصوص التي درستها، فالشعب الإيراني أسهم في تأصيل هوية التعايش والانفتاح على القوميات الأخرى على غرار الأكراد أو الكُرد وكان من أبرز ما يميزهم ثقافتهم وتراثهم الشعبي النابع من حضارات متعاقبة وهي لغة هندو أوروبية مثل اللغة الفارسية تكتب بحروف عربية في إيران رغم تعدد اللهجات، يعتنقون أغلبهم الدين الإسلامي فضلاً عن كون الشعب الكُردي يعرف بالصمود والنضال والكفاح منذ القديم إلى اليوم.

تجربتها الإعلامية في الإذاعة: الأديب مكلف بنشر آداب السلم والتواصل مع الآخر ومكلّف بتحمّل مسؤولية عصره وقضاياه الشائكة وكانت هذه التجربة نافذة للوقوف على أبرز القضايا الراهنة على غرار القضايا الأدبية والتي نراها اليوم منكبة على أدب التعريف بقضايا الإرهاب ومواكبة عصر الثورات.
هذه التجارب قد تعكس ثقافة الخوف من المستقبل و التردد في نيل خطوات التقدم و استشراف المستقبل و الشاعر و الأديب لهما الدور الكبير في توعية الشباب "جيل المستقبل" و تقديم الرؤى الثقافية و الاجتماعية من أجل تأطيره كما هو الشأن مع القضية الفلسطينية الراهنة و التي مورس عليها كل أشكال العنف و الحروب و التسلط الصهيوني لذلك فتح لنا راديو فلسطين الدولي نوافذ التعبير عن قضية الأمّة الإسلاميّة و محاولة تسليط الضوء على ممارسات الكيان الصهيوني على أطفال فلسطين المحتلة و نأمل أن نقدم الإضافة في خدمة الديمقراطية و السلم الاجتماعي في العالم و من مسؤولياتنا كل من موقعه أن نحمل شعار الأمل و العشق و السلام في ظل مستجدات العصر الراهن و مقتضيات الواقع.

في الختام: نأمل أن يتواصل درب الكتابة الاستشرافيّة ذات الأبعاد الإنسانيّة خدمة للفرد والمجتمع، فالأدب هو أيقونة الجمال والعشق والمثل الأعلى للتواصل والانفتاح على الآخر بمختلف الرؤى والتجليات الفكرية والمعرفية.
وأشكركم جزيل الشكر على هذه الفرصة وعلى انفتاحكم الثقافي والمعرفي على شخصيات أدبية مختلفة.



 
حوار أجراه: خالد ديريك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 
الشاعرة منى بعزاوي
   
 
 
 
 
 

42

لأجل تلك الوردة الجورية

يشيد سوراً من الوفاء حول الشمسين
كي لا تخرق سهام المعتدين
مجال النورين،

يبعد غشاوة عن مسافة العبق
كي لا تذبل البتلات،
المتوهجة النبضات،

يزين الرموش والضفائر
بقصائد ودواوين
كي لا يغرق العش
في مياه الإهمال
الذي هندس بنشيج
وأنين السنين

يسقي حبات التراب
المتشبثة حول حلقة الوئام
بابتسامات مفعمة بالغزل والكلمات
كي لا تتغير الألوان
ولا تجف المسامات
ولا توهن العروق
وتستمرَ خصوبة حقل الهيام

….

يمضي في الاهتمام
إلى حيث
لبس الخاتم وعناق تلك
الوردة الجورية
فتنثر أفواه العصافير
عبير السعادة
في الطرقات
بيوم الحفل والزفاف

بقلم: خالد ديريك

43
أدب / أيها الناي الحزين
« في: 14:43 18/02/2018  »
أيها الناي الحزين


خالد ديريك


أيها الناي الحزين ….
أما ترى قلبي يهطل أنينا،
 كالمطر على حطام الذكريات
.....
أما ترى الحروف تتلعثم
تحت وطأة الشوق
وتظمأ العيون
بفعل جفاف الانتظار
 ...
أيتها الكمنجات ….
وجعي يتراقص
لفقدانها …
وجسدي يحترق
تغذيه الريح …
 ...
والفراق يمد فأسه
على شرايين المسافات
لقطع الوتين
وإنهاء تمرد السنين.

 


44
الشاعرة نبيهة علاية: أعيش مع النص لدرجة الانحلال، وقصائدي الأجمل لن تأتي أبداً
الشاعرة التونسية تريد أن تكون حرة في كتاباتها وفي تنقلاتها وفي مواقفها

حوار مع الشاعرة التونسية نبيهة علاية/ خالد ديريك
كلّ نص كتبته نبيهة علاية، تلتمس فيه الطفلة المتشبثة بهويتها وبمدينتها التي كبرت فيها، وحين تغوص في أعماقها، تجد مدينة المهدية بعمق تراثها وآثارها وتاريخها وبحرها الساحر، تجد مسرح الجم الذي اختلجت فيه الموسيقى السيمفونية وكل موسيقا العالم، تجد الطفلة الحالمة التي تعشعش في صدرها وتلهمها انعتاقاً كتونس وهي تحمل رائحة وطنها في دواخلها وتفاصيل طفولتها ومدينتها التي علمتها كيف تقف "حين تخونها ركبتاها، تسند نهدها إلى البحر"

تتجذر في تراب تونس وتقول لها بعمق الحب "محلا سر" فتهمس لها: أيها الإنسان الحر بعثر كل ما ترتدي من العطر حتى تصدح الروح بالورد حتماً، ستشعر حينها كم أنت حر كما الصدى، هكذا كما تتفتق السنبلة في البحر تتجلى فيّها الإنسانة.
نبيهة علاية شابة، ما زالت كطفلة ترعبها المنامات الضالة وتشكل أحلامها على ثديي أمها بمجرد تخبل أصابعها بين شعرها، ما زالت سيدة الصباح (والدتها) تنبعث منها رائحة البن، تكتب قصائدها وتدثر فيها الصباح.
وهي شابة ما زالت على قيد الانسكاب، تنتفض، تثور على نفسها، على ذواتها، لوطن جعلوه سيء السمعة أشبه بحانة تعج بالعطور على جسد رخيص كما تقول.
هي الشابة المتمردة التي تكسر السائد، النابذة بالذكورية والعنصرية، تغوص في كل التابوات، ولا تلتهم سوى لهفة تحترق بها، تنتصر بالعشق الكافر وتنتصر للخطيئة بحواسها السبع كالذي تربيه العاهرة في الظلام، تسد فراغات الضوء، ما زالت تنادي أفكار السوء وتربي الوحدة، وتلين شهوة الماء، والحبر في جسدها كما وما زال الشرقي يقذف من كل قصيدة تكتبها نبيهة علاية


مرجعياتها الشعرية والأدبية:
بدأت الكتابة منذ المرحلة الإعدادية فكانت انطلاقة الشرارة الدفينة وقتها وبداية الشغف مع جبران خليل جبران، وجدت العالم الذي أبحث عنه أو ربّما الذي يعبّر عنّي في تلك الفترة، حيث أحسست بحرية المشاركة الوجدانية بلا صدام.
ثمة الفكرة التي تنتج فكرة أخرى، ثمة توليد وتفتّق للخيال، ثمة صقل للفضول، هذه البداية المتقدة جعلتني في ذلك الوقت أصدق إني حبيبة نبيّ وإني مشروع أدبي إنساني، في شكل ضوء يلمع في ابتسامتي وعيوني، لا أتحدث عنه وإنما أتوق الى تفجره من خلال الممارسة الحياتية، بقيت بيننا إلى اليوم تلك الحميميّة الروحية، وإن أصبحت شيئاً دفيناً، لكن ألجأ إليه كلما تعثرتُ في خندق الساحة الأدبية التي تحاول الزجّ بي في الحضيض.
الشعور بأنني مميزة باعتباري حبيبة نبي، جعلني أحلق بالفكرة وباللغة، زاد ولعي باكتشاف هذا العالم الساحر فصرتُ ألتهم الكتب وأعيش متعة الانصهار في دواخلها وأنا أعبث بها وأشكّلها في خيالي كما أشتهي فكانت لا تعنيني الأسماء كثيراً بقدر ما يعنيني الأثر الأدبي والمشادّة اللغوية والوجدانية التي تصير بيننا، وأعتقد هذا له تأثير على شخصيتي بأنني لا أحتفظ بالأسماء بقدر ما ترجّني الفكرة والصورة التي تنحت في ذاكرتي.

تريد حالة شعرية خاصة تشبهها:
ثمة مدارس شعرية معتبرة في التجديد قرأت لها، أسماء كثيرة مررت بها في عالمنا العربي أغلبها تكتب الرواية مثل المسعدي، حنا مينة .... وغيرهما، فعالم الرواية يغيرني أكثر. درويش أعتقد أنه كفكرة، كصورة له تجربة مميزة، ألجأ إليه الآن حين أتعب من صفتي، كذلك هناك تجارب تونسية الآن تمثل منعرجاً جديداً في المدونة العربية والعالمية.

تيارات فكرية مختلفة انفتحت عليها، من الفلاسفة وما زلت أقف عندها رغم تصوري في فترة ما بأنني أفلاطونية، لكن الفلسفة تحتاج كل هذه التيارات التي تكمل بعضها البعض من فلسفة ديكارت وصولاً إلى لينين وهيجل فنحن نتعايش معها في كل مرحلة في حياتنا وأعتقد إن الفلسفة لعبت دوراً بخلق تغيير في أفكاري ورؤيتي لما هو حولي، كذلك الانفتاح على تجارب الغرب في قصيدة النثر خاصة والأسس التي تنبني عليها.

طبعاً كل هذا له تأثير على نضج شخصيتي وكتاباتي في كل مرحلة، لكن لا يكفي أن ننفتح على كل هذه العوالم دون أن ننحت في اللغة، ذاكرة جديدة، وأن نخلق أفقا أدبياً جديداً وتشكّلاً متفرّداً حتى نكون مشروعاً أدبياً جديداً ونضيف للمدونة الأدبية. مهم جدّا أن نبني ونبتكر أشكالاً جديدة ومادة فنية مختلفة عمن سبقنا من أسماء أو تجارب سابقة.
أريد أن أنتمي لمدرسة نبيهة علاّية، لا أريد أن أشبه إلا هذه الحالة التي أعيش معها وأتعايش معها بأساليب مختلفة وحالات متعددة، متناقضة، مسالمة، منتفضة، أريد أن أنحت هذه المشادة الكونية الروحية وهذا التخاطر كحالة خاصة بي، حتى لا أقول مدرسة، أريد أن أخلق حالة تشبهني فقط.


كل شيء يستفزها ويدفعها إلى الكتابة:
كل شيء يستفزني وأستفزه حتى أناي فتتكاثف فيّ الحالة وتتفتق إلى عِبَر، تخلق أسلوبها الخاص بها وإن اختلف من نص لآخر ومن شعور لآخر أو من حالة لأخرى والذي ككل مرة ينحت نفس نبيهة علاّية في الكتابة.
التفاصيل تشدني وتحيك هذا الكم من الحالات والتناقضات والتعدد بداخلي الذي يجعلني في حالة بحث دائمة، حالة من القلق، حالة من الدهشة، متعة الاكتشاف بين ما في دواخلي وما هو حولي.

النص يتشكل أحياناً ويفاجئني وهو يأتي مسترسلاً كأنه الوحي، وهناك نصوص تمتص كل هذا وتكتب نفسها وأنا أعيشها في آن واحد كأننا نعبث، نكتب بالكثير من الجنون والضحك أحياناً أو المتعة. ثمة نصوص تعيشني في متاهة وتمزقني، مخاضها يشتتني، يعكر مزاجي ويقلبني رأساً على عقب، أصبح لا أطاق، وهذه النصوص التي تغير حياتي تجعلني اكتشف نفسي، وتواقة لأدرك من أنا، ماذا أريد، أين وصلت؟ كأنها تنحتني فأخلق من جديد لحظة تشكلها أو ولادتها.


تعيش مع النص لدرجة الانحلال، وأجمل قصائدها لن تر النور:
 أحاول دائما أن تكون عناوين قصائدي مستفزة تشبهني، من المهم جدّا أن أربك أو أثير القارئ أو السامع لينتبه إلي، أحياناً يكون هناك العنوان وأنا أتخمر مع نص ينبثق فيقول: أنا الذي يليق بهذا النص، وثمة نصوص أتركها بلا عنوان، وأبقى أعيش معها وأرددها فيما بيني وينفلت مني العنوان لأني لا أخرج بسهولة من أي نص أكتبه، أعيش مع النص لآخر نقطة فيه لدرجة الانحلال، والعنوان يكون حسب رؤيتي للمشهد الذي أخرج أو الذي يتراءى لي في خيالي.

قصائدي الأجمل لن تأتي أبداً، سأتجمل بكل ما أتى وسيأتي وأعيش اللحظة، أتمدد وأتقلص في هذه الكثافة الحسية والشعرية المستمرة، دائماً الأفضل هو نهاية والأجمل هو فلسفة عميقة كالموت، وأنا اللاّ نهاية التي ستقف عند الأجمل وطموحها أن تكون هذا العمق الفلسفي الذي يختزل في فلسفة الموت.

اختصار القصيدة في التأنيث هو نوع من الإفلاس:
أنا أرى أنه نوع من الإفلاس لدى الرجل أن يختصر كل تجربته الشعرية في تأنيث قصائدهم وكذلك بالنسبة للمرأة التي تخص كل تجربتها الشعرية في ''تأنيث ''قصائدها أيضاً وهي تكتب عن حبيبها.
التجربة الإبداعية أو الأدبية لا يمكن أن تختزل هنا، بل هي أعمق من ذلك، هناك قضايا تخلق من تفاصيل نعيشها نتحسسها أو حتى نتعايش معها في خيالنا، نحن في حاجة أن نستنزف ذواتنا لنحقق تجربة إبداعية أشبه بمحرقة جماعية تخرجنا منا وتسلخ عنا أجسادنا.

الوسط الثقافي فيه السلبيون أيضاً، لكنها لا تسقط في هذا الوحل:
الوسط الثقافي أو الأدبي فيه من الجيد والسيء والأسوأ، من خلال تجربتي، رأيت من هذا وذاك، ثمة كل ما ذكرته، ثمة أبشع بكثير، ثمة محسوبيات، ثمة دعارة فكرية وثقافية للأسف.

هذا الوسط غير ثقافي، موجود فيه الأحقاد والتقزيم والكره والتشويه، ومحاربة نجاح الآخر كل ذلك موجود، ولكن أنا متعالية، مزدحمة بذواتي، لا أسقط في هذا الوحل وإن صارت ''محاولات'' فإنني أرتقي بنفسي وعالمي. أحياناً اكتب موقفي أو أنقد هذا الوضع المتردي والمخزي لأنه من المفروض أن نرتقي بالمشهد الثقافي والأدبي وأن نوقف هذا البؤس.

 عالمي كبير وعميق وممتع ويستحق مني أن أستغله وألا أفوت فرصة التوغل فيه لأكتب، وأعتقد هذا هو أجمل رد الاعتبار لنفسي، لأسقط كل هذه المحاولات أو تصرفات بعض الأنفس الصغيرة.
أحاول أن أكون مع الجميع ،وأشتغل على نفسي، و تكويني أفضل من كل هذه الترهات و الصراعات الفارغة التي لا تضيف لي شيئاً جيداً، وأعتقد بحكم التجربة والنضج صرت أكثر وعياً بما يدور حولي ويبقى الحب هو السلاح الأقوى بعد النص الجيد لأفرض وجودي و أحقق ما أريده، كذلك لا أنكر أنني في هذه الساحة كسبت صداقات أشخاص ذات فكر و ثقافة وهذا من الأشياء الجميلة و اللقاءات الإنسانية و الثقافية التي تخلق إضافة لي إنسانياً و كذلك أدبياً،  أما الباقي نقيق الأنفس المتصدعة، بعيدة عن الأدب والثقافة تريد أن تفرض نفسها بهذه الأساليب لا لشيء، فقط لأنها تفتقد للمادة الأدبية والحب.


النشر على مواقع التواصل الاجتماعي نقطة مضيئة
إذا عرفنا كيف نستغل مواقع التواصل الاجتماعي ستكون نقطة مضيئة من خلال التواصل الثقافي والأدبي عربياً وعالمياً من حيث القرب والتوسع المعرفي والثقافي، أيضاً فرصة لتجمع المبدعين وتقوية الروابط لإحداث فرص بلقاءات في الواقع هنا وهناك، وكذلك قرب المبدعين الذين لهم تجارب كبيرة مع المبتدئين والمبدعين في بداية طريقهم لتأطيرهم والأخذ منهم وأيضاً فتح لهم المجال للتعريف بهم.
طبعاً كل شيء له إيجابيات وسلبيات، وهنا من الطبيعي وجود الطفيليات في الحقل الثقافي والأدبي يكبر صيتهم باللايكات والعلاقات وبصور البروفايل وغيرهم، تبقى مجرد ظاهرة ستندثر عاجلاً أم آجلاً ولا يصح إلا الصحيح.


لا بد من أخذ التجارب الجديدة بجدية من حيث النقد والتحليل:
أعتقد أن ما يميز الأدب المغاربي والتونسي خاصة هو الاختلاف في المضامين أو المحتوى والتفاصيل التي تحيك القضايا المتطرق لها.
كلما وضعت الثقافة في المؤسسات الرسمية، اختنقت وأصيبت بشلل لأن الإبداع يرفض كل قيد وخاصة حين نتحدث عن قصيدة النثر التي مازالت رغم التجديد وتميز التجارب تواجه المتاعب، فمثل هذه المؤسسات ورغم تغير المشهد السياسي إلا أنها لا تزال تجترّ في أساليب باهتة وتسيطر عليها أصوات صدئة رافضة التغيير والبديل، لم تخرج من الاستعراض الفلكلوري ومنطق القطيع والصوت الواحد بناءً على منظومة فاسدة دكتاتورية لم تنتج سوى أصنام تتحدث باسمها وتقدم صورة رديئة للثقافة والمثقف.
ما زالت تنقصنا الجرأة في التغيير في المادة الشعرية من حيث المضمون والشكل، وأخذ التجارب الجديدة بجدية من حيث النقد والتحليل، فقط بقينا متشبثين بأشكال قديمة في الشعر ونهتم بتصنيف التجارب الأدبية وأفرغنا المادة الأدبية من قيمتها ورسالتها مما خلق صراعات ومعارك وهمية ساهمت في خلق ركود فكري وثقافي جعلتنا نجتر في هذا المشهد البائس.
نحتاج فعلياً إلى التجارب النقدية في قصيدة النثر والنوعيات الجديدة، لماذا كل هذه القطيعة مع هذه النصوص والتشكلات الأدبية الجديدة فحتى اليوم مازال النقاد يهتمون بالتصنيف والشكل الشعري الجامد ومازال البعض الآخر بين رافض وقابل لهذا التشكل الجديد للقصيدة وأيضاً لنصوص أخرى وبقينا نلغي هذا ونعترف بذاك ونطلق أسماء من هنا وهناك. فلا يمكن أن نتحدث عن مشهد أدبي متكامل دون النقد والنقاد متجددين يحرّرون الفكرة ويحفرون بالأبجدية ذاكرة ناطقة متقدة تطلق العنان للخيال وتصنع ثقافة حياة.


تجربتها مع إذاعة المهدية:
إذاعة المهدية كانت فرصة (وكل التجارب فرصاً بالنسبة لي)، وأنا طالبة، وبعد حادث قاتل.  شعرت إنها تحدي لنفسي لأقف من جديد وأثبّت نفسي. ربما كان لا بد أن أمر بها، وكذلك التخلي عنها في نظري وقتها لا بد منه. ربما أكرر التجربة الإذاعية إذا استجدت ظروف ملائمة، كل شيء متوقع مني.
تبقى الكتابة في الصحافة هي المفضلة دائماً لعشقي للقلم وهي الأكثر حرية ومتفردة. وطبعاً تجربتي الشعرية جعلتني أكثر نضجاً بأن اكتب وأعبر بأسلوبي الخاص والذي يعتمد على رؤيتي للأمور وتحليلي لها. أكيد هذه مسؤولية كبيرة رغم إنها متفردة، تبقى خاضعة لرقابة ما، حسب الجريدة وأهدافها لكن ما أقوله أنا دائماً، الجريدة تتحمل مسؤوليتها، أنها هي من دعت نبيهة علاية لتكتب في صفحاتها وهي أدرى بهذا الاختيار وبهذا القلم الحر.

لا فائدة مرجوة من الاتحادات الأدبية:
لا أنتمي لأي اتحاد ولست عضواً في أيّ من الروابط الأدبية، لا أرى في الاتحادات الأدبية بأنها ستضيف لي شيئاً، وكذلك لم تقدم شيئاً للكاتب التونسي كقيمة، مازالت هذه الاتحادات بعيدة عن دورها الحقيقي الذي يقدم بالكاتب فمثل هذه الروابط قائمة على التزكية والعلاقات والنفاق والتملق البعيد عن النقد الأدبي. أريد أن أكون حرة في كتاباتي وفي تنقلاتي وفي مواقفي، لا تابعة.
أرى نفسي قريبة من الجميع باختلاف انتماءاتهم لمن يريد القرب، والأهم أن يكون نصي جيداً هذا الذي سيضيف لي بدرجة أولى وللساحة مهما كانت طبيعة الروابط والاتحادات.

أعتقد عضويتي في جامعة الأمم العربية خطوة مهمة وجيدة لأنني أبحث عن الروابط الاجتماعية والإنسانية، أراها نقطة مهمة وأعمل على أن أضيف وأحقق هذه الأهداف التي تقوم على تقوية الروابط الإنسانية والفكرية والثقافية.
جريدة المؤيد الجديد المصرية خطوة معتبرة في مسيرتي، وأكيد كل تجربة ستفتح أبواباً أخرى وتجارب جديدة.

 

حوار أجراه: خالد ديريك


 
 
 
 

45
التشكيلية جاناريتا عرموطي: أفضل الرسم في الليل والفجر وفي أجواء هادئة
جاناريتا عرموطي: الفن التشكيلي موجود بشكل قوي وجميل في الأردن والبلدان العربية كافة


جاناريتا عرموطي فنانة تشكيلية أردنية، من العاصمة عمَّان، تصعد سلم الإبداع والنجاح بخطوات ثابتة وعزيمة قوية، وقد مرت بجميع المراحل والألوان والمدارس الفنية، وهي تفضل حالياً الرسوم الزيتية.
شاركت في العديد من المعارض المحلية والعربية وحصلت على عدة جوائز، كما تم تكريمها في قصة نجاح بملتقى الشباب الرابع للتغيير كأصغر فنانة تشكيلية عالمية، وهي متخرّجة من التوجيهي ببطريارك ثيودورس بمعدل 90.4%. وحصلت على بكالوريوس في جامعة البتراِء لغات فرنسي وانجليزي وآدابهما وأساسيات الاسباني، والفنون التشكيلية والأكاديمية في مركز مهني الدرة وزارة الثقافة (سنتين)، وشاركت أيضاً بعدّة دورات ومؤتمرات منها: Usaid   و youth for peace .
لنقرأ معاً إجاباتها النابعة من شغفها بالفن التشكيلي

مرت بجميع المدارس والألوان، وتفضل الرسم الزيتي
تقول التشكيلية جاناريتا عرموطي: مررتُ بجميع المراحل والألوان والمدارس الفنية، لكن بالنهاية أفضل الرسم الزيتي، ومن المؤكد وجود فروقات كبيرة باستخدام كل نوع فالمائي مثلاً يوجد اكريليك واكواريل الاكواريل، وهذا يحتاج إلى الورق الارش وألوان المائية اكواريل وريش بأحجام مختلفة وكوب الماء ويبدأ اللون من الفاتح للغامق مع الحفاظ على شفافية الورقة وهو يحتاج لتركيز عال لأن أي خطأ لا يمكن تعديله.
إما الزيتي فيمتاز بإمكانية التعديل وإضافة الطبقات وتغير اللون، وكل اللوحة منها تُرسم على القماش الكانفاس وزيت لينسيد والتربنتين، وتختلف الريشة عن المائي. الاكريليك قريب من استخدام ألوان الزيت، لكن يتميز بسرعة النشفان لذلك يفضل استخدامه في الورشات الفنية الخارجية ولا يحتاج لمواد النفطية كما في الزيت.
يوجد أيضاً السوفت باستيل بأقلام خشب أو طباشير على الكرتون الكانسون ويستخدم به الأصابع للدمج وتوزيع اللون وهناك أنواع كثيرة للرسم منها السبريه الرش والحبر والجواش وهناك من يستخدم القهوة ومواد لا تنتهي من التعداد.
أما من أين أستوحي أفكاري لرسم لوحة ما، فكل لوحة تختلف عن الأخرى؛ منها تأتي مستوحاة من فيلم، مسرحية، قصيدة أو قصة واقعية ومنها تكون لها هدف أو رسالة محددة، وهناك اختلافات كثيرة تعتمد على الحالة الفكرية والمزاجية أثناء رسم اللوحة.
وأنا أفضل الرسم في الليل والفجر وفي أجواء هادئة أثناء أيام العطل، لكن مع الدوام والانشغال اختار أوقات أخرى.
تؤكد وجود الفرق بين الرسم والفن التشكيلي وتسهب قائلة:
الرسم يمكن تعليمه بخطوات أكاديمية يتبعها الشخص وتختلف المهارة من شخص لآخر، لكن الفن التشكيلي لا يُعلم، لذلك تختلف أعمال الشخص الموهوب عن الشخص الذي يتقن القواعد فقط.
وهي بذلك تؤكد أن هناك فرقا كبيرا بينهما، وترى أن الاثنين (الرسام والفنان) لهما نفس القيمة.
لقد تعددت أنواع الفنون وفروعها وتقسيماتها بناء على الدراسات الإنسانية من مختلف جوانبها الفلسفية والنظرية والتطبيقية، واتفقت معظم هذه الدراسات على تقسيم الفنون إلى أربعة أقسام رئيسية هي: (الفنون البصرية، المسرح، الموسيقى، العمارة)، فنحن نتكلم الآن عن الفن التشكيلي
مفهوم الرسم:
يقوم الرسام بنقل الواقع كما هو موجود دون إدخال أي إضافات إليه ويستخدم لونا واحدا فقط، ولا يهم اللون أو مدلوله سواء أكان أحمرَ أو أزرقَ أو أخضرَ .... إلخ... وهذا ما يسمى الرسم.
ومن لوحات الرسم لبيكاسو ما سميت بالمرحلة الزرقاء في حياة بيكاسو، والتي استمرت ست سنوات، رسم العديد من اللوحات، وهنا أطلق اسم الرسم لاستخدام بيكاسو لون واحد الأزرق ومشتقاته، والمقصود بمشتقات اللون الواحد هنا أو أي لون آخر (الغامق والفاتح ودرجات اللون).
مفهوم الفن التشكيلي:
يعتبر من الفنون الجميلة وهو كل شيء يأخذ من أرض الواقع وصياغتهِ بشكل جديد، مستوحاة من فكرة جديدة والتي تعتبر من التشكيل أو التجسيد لشيء معيّن. الفنان التشكيلي هو الذي يحترف هذا الفن والمبدع فيه، ويقوم بأخذ التفاصيل المستوحاة من الواقع الذي يعيشهُ والمحيط الذي يمر بهِ وينقلها بصورة وبطريقة رؤيتهِ للأمر والمنهجيّة التي يتبعها ويصيغها بفكرة جميلة يجعلها مميزة عن غيرها ولا يعقل تطوير القديم قبل اتقانه، فالفنان اعتقد من المهم أن يتقن في بداية حياته الفنية الرسم أولاً بشكل جيد ويغير ويضيف بعدها كما يشاء، فأنا أؤمن بمقولة بيكاسو "اتقن الرسم كمحترف حتى تكسره كفنان".

إنجازاتها أغلها بجهود ذاتية والفن التشكيلي العربي بخير:
إنجازاتي أغلبها يتم بجهود شخصية فالدعم ليس بحد المطلوب أو الواجب... لكن لاقيت التشجيع والاهتمام من جهات مختلفة منها: اهتمام من وزارة الثقافة بالموهوبين وقد استفدت كثيراً من مديرية تدريب الفنون معهد الدرة وبجامعتي البترا، لكن نطالب من بلدنا أن يستمر ويقدم دعماً أكبر للموهوبين والفنانين.
تتابع: الفن التشكيلي موجود بشكل قوي وجميل في الأردن والبلدان العربية كافة، وهناك أنشطة مستمرة للفنانين، تؤكد على الثقافة العربية البصرية والفنية وتطمئن بوجود جيل شاب واع ومثقف يحافظ على هذا الفن وينميه من الذكور والإناث ولا توجد فروقات بينهما.

استفادت من مشاركاتها في المعارض المختلفة وحصلت على عدة ألقاب:
استفدت كثيرًا من مشاركاتي بمعارض عديدة، بطبع كل تغيير جديد بحياة الإنسان لا بد أن يزيده وعياً وثقافة وحتى المهارة الفنية تزداد، والأفكار بإنشاء اللوحات تتعمق أكتر، إضافة إلى الشهرة والتعرف على الفنانين والمتذوقين.
وتضيف: لا أسمي جميع لوحاتي ولا اعتقد التسمية ضرورية، لكن أحياناً أشرحها عندما أريد إيصال فكرة معينة أو عندما تتعلق اللوحة بأمر تاريخي أو قصة، مسرحية .... إلخ. مع أنني عادة أفضل أن أتركها للمتلقي حتى يأخذ الحرية بالتفكير.
وبالنسبة للبيع ليس مبالغة لكن لا أستغني عن لوحاتي بأي سعر كان.
وقد حصلت الفنانة التشكيلية جاناريتا عرموطي على عدة ألقاب وحازت جوائز فنية فأخدت لقب أصغر فنانة تشكيلية عالمية بملتقى الشباب الرابع للتغيير وحفل تكريم وجائزة أجمل لوحة لعام 2017 بمسابقة جاليري أرب ا ت وجائزة الإبداع الرقمي بالنمسا في women's art word برئاسة الفنانة حياة السعيدي وجائزة الإبداع وجائزة الحرية بمسابقات الرابين وفوز بمسابقة جولدن برش.
 

أجرى الحوار: خالد ديريك

     

46
تحت غبار زيتون عفرين تحدد المصائر

لم يكن التدخل التركي منذ بداية الحراك الشعبي في سوريا من أجل مناصرة المطالب العادلة للشعب السوري، بل كان يهدف إلى تنصيب جماعات إسلامية سورية مرتبطة بحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم عقائدياً على حساب أولئك المنتفضين، ولكي تلعب تركيا دور الوصي مثلما تلعب منافستها الطائفية إيران نفس الدور في بعض الدول المنطقة عبر مجموعاتها المذهبية.
كانت تركيا أولى الداعمين للمعارضين بمختلف توجهاتهم، وهي التي جعلت من أراضيها ممراً آمناً للمسلحين الذين أتوا من أصقاع العالم إلى سوريا، وهي التي تعايشت عدة سنوات كجارة هادئة مع دولة داعش المزعومة وإمارة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على طول حدودها الجنوبية، دون أن تبدي أي توجس وغضب، وهي التي أدارت تلك المعارضات بأموال وأسلحة بعض الدول الغربية والعربية منذ أن بدأت الحرب السورية.
بعد تشكيل حلف دولي لدعم القوات سوريا الديمقراطية في محاربة داعش، تمددت هذه القوات في شمال وشرق البلاد على حساب داعش ودخلت روسيا أيضاً على الخط المساند لدمشق لسحق بقية الفصائل المعارضة التابعة لتركيا، وجدت الأخيرة نفسها خارج اللعبة، فقد خسرت أغلب أوراقها في سوريا وحصلت عكس أهدافها وخططها بعدما كانت أولى اللاعبين في الساحة السورية.
ولمواجهة هاجسها الدائم (الكُردي)، تفاهمت تركيا مع الروس، وعكفت إلى دفع حلفاءها من المعارضة العسكرية المختلفة إلى توقيع صك الاستسلام أو ما يمكن تسميتها بالمقايضات الديمغرافية أيضاً في الكثير من المدن والمناطق الداخلية والجنوبية وتم تسفيرهم بالباصات الخضراء الشهيرة إلى مناطق إدلب حيث جبهة النصرة، ومنهم فيما بعد إلى مناطق جرابلس حيث فصائل درع الفرات.
وبدأت تلملم تلك المجاميع المنهزمة في الآونة الأخيرة كي تستخدمهم كجنود تحت الطلب في حربها الطويل مع الكُرد وليس مع النظام عدوهم المفترض لتبعث الروح في أهدافها وطموحاتها التي قاربت على التلاشي، وكانت أولى ثمار تلك التفاهمات هو حلب مقابل منطقة جرابلس بحجة محاربة داعش ويبدو الآن، بإن إدلب مقابل عفرين هو التفاهم الثاني.

أهم أهداف تركيا من غزو عفرين
ـ إظهار المقاتلين والكُرد السوريين عامة بأنهم جزء من العمال الكردستاني عدوها التاريخي، الذي يكافح من أجل الحقوق الكردية في تركيا منذ نحو أربع عقود والمصنف على اللائحة الإرهاب لدى أميركا وأوربا وبذلك وجبت عليها ملاحقتهم وضربهم، والحقيقة هو ضرب أي مكسب أو حق كردي أينما وجد.
ـ إذكاء الفتنة العرقية بين الكُرد والعرب المتعايشين سوياً منذ زمن طويل في سوريا بواسطة العشرات الآلاف من المسلحين السوريين المعارضين وجعلهم وقوداً لحروبها مع الكُرد لإيصالها إلى مبتغاها.
ـ تشتيت الجغرافية الكردية في غربي الفرات بشكل أولي، وتوسيع رقعة سيطرتها ثانياً ووضع الموالين لها في إدارات محلية للحصول على المنفعة السياسية ومنها الاقتصادية في أي حل سوري قادم من أجل الاستثمارات والشركات.
بقدر ما ترى تركيا بإن قطع الطريق أمام الكرد لمنع ربط مناطقهم ونسف أي ممر يوصلهم الى البحر هدف استراتيجي لها، بقدر ما ترى شرقي الفرات ذا أهمية مماثلة، حيث هناك توجد أغلب منابع النفط والغاز، إضافة إلى الأراضي الزراعية الشاسعة والتي تحتوي على المدن والبلدات تكاد تكون البنى التحتية شبه معدومة فيها، فهي بيئة خصبة للاستثمارات في مختلف المجالات، لذلك إذا تسنى لتركيا باحتلال كامل شمال سوريا فلن تتردد، لكن معضلتها هناك تكمن بإن أميركا لا تريد ترك هذه المنطقة الغنية لا لتركيا ولا لغيرها، إضافة إنها ترى(أمريكا) بإمكانها من هناك عرقلة التواصل الجغرافي الإيراني بين طهران، بغداد، دمشق، بيروت، البحر المتوسط.
رغم العجز الأميركي النسبي حالياً في مواجهة هذا الحلف الثلاثي الروسي التركي الإيراني في سوريا، فإنها من صعب أن تواجه تركيا عسكرياً من أجل الكُرد، وإن حدثت مناوشات بينهما ستكون من أجل مناطق النفوذ وكما إنها من صعب أن تترك سوريا لذلك الحلف، لذا ستحاول أميركا إيجاد حل ولو مؤقت بين تركيا والكُرد، ولا تهمها من يحكم فعلياً روجافا ـ شمال وشرق سوريا بقدر ما تهمها حلفاء موثوقين تحافظ على مصالحها، وهي التي تتقن فنون إدارة الفوضى.
تلتقي أهداف إيران وحلفاءها مع أهداف تركيا في المسألة الكردية إذ أن جميع يتمنون التخلص من الدور الكردي المتصاعد وبالتالي ضرب النفوذ الأميركي في شمال وشرق سوريا.
وفي نفس الوقت، إذا نجحت تركيا في كسر شوكة الكرد في سوريا، فإن الحلفاء اليوم ستتشابك مصالحهم وأهدافهم غداً لأن ما بين تركيا وإيران هو صراع طائفي بارد والاثنتين تتنافسان على زعامة العالم الإسلامي، زد على ذلك، لا يمكن أن تتحول تركيا إلى حليفة موثوقة للروس بين ليلة وضحاها.
معركة عفرين ستكون مفصلية، لا تقل عن معركة كوباني (عين العرب) أهمية.
على ضوء نتائج هذه المعركة سترتب وتحدد الكثير من الأمور سلباً وإيجاباً لمختلف الأطراف المعنية.

بقلم: خالد ديريك


47


الشاعرة سوسن شتيان: أنا لا اكتب الشعر عن ترف في الحروف، أنا فقط أرتق قلبي
الشاعرة السورية تريد من الشعر ألا يغادرها أبداً، فهي تعيش لأجله وبه

 

حوار مع الشاعرة سوسن شتيان/ خالد ديريك

لـ سوسن شتيان في مدينة السلمية، حيث مسقط رأسها، دفق حب ووحي وذوبان من عيون مائها الناشفة إلى ضفاف قلبها العطشان، نهر شعر أورق عشباً في شوارعها وغباراً. فرط الياسمين بياضه أربعين عطراً وسراباً. السوسن زهر كانون الثاني، دلف بتلاته في هسيس البرد، والثلج يغطي سيقان الشجر، يعلو بياضاً غير متناه وبرداً وناراً ودخاناً.

في بيت عربي من غرفتين وفسحة للشمس والمطر وتنور عتيق وشجرة جوز وبرتقالتين كانت سوسن شتيان تزرع خطواتها وألعاباً كثيرة لا تتكلم ولا تتحرك فتكسرها. سوسن الكثيرة الحركة والكلام كما دونت معلمتها في سجل ملاحظاتها في نتيجة العام الأول من دخولها إلى المدرسة بعد أن كتبت (ذكية -مهذبة -سريعة البديهة -تعتمد على نفسها، لكنها ….)

والدتها الطفلة، ترتجف وتقرأ لأحلام مستغانم فتكره الرجال، ولغادة السمان فتحب الحياة.

والدتها التي ما أكملت لعبتها السابعة عشرة، اشترتها من الله كي تلعب معها وتكون دميتها الشقراء بشرائط وأساور وضفائر وتنورات صوفية من غزل سنارتها وقوس قزح. دمية تلعب معاً، تنكش حويقات الجوري بشفتيها ومساكب النعناع في صدرها وتفرط كل سنابل الحنطة العائمة على شعرها وقلبها.

والدها المعلم الرصين الهاذئ بفقر الدنيا وغناها، الممعن زهداً وتعباً، له في دواوين المتنبي ومحمد مهدي الجواهري شغف وعشق قديم، يحلم بذكر، يحمل معه حطب الحياة وأشواكها ويغرس اسم العائلة بنطاف ذكية في أرحام جديدة كي لا يندثر نسل الفقراء الطيبين.

جدها كان طفلاً كبيراً يتسلى بالخشب والخضار والثياب، وفي كل نهار يعود من السوق بخرجية (مصروف) تقرقع في أجيابه، يتسطح على ظهره، ويجلسها على عرش صدره لتعد له ما جمع من الليرات (النقود السورية)، وتدلق على جلابيته كأس المتة المنقوعة بالسكر الكثير. هو يبني لها بيوتاً من العتابا والأغنيات فتسكنها وتنام. كان يصغر جدتها بأربع أعوام ويكبرها شعراً ومواويلاً.

جدتها صورة عن الآلهة القديمة جالبة الخير والبركة لا تغادر بلاط الدار، ترعى فراخ الحمام والدجاج وتجفف الكثير من العنب والتين على سطح بيتها، وتعدها بأن تورث كل ثروتها من الهديل والزبيب والقمح والنبيذ والدمع.

هكذا بقيت سوسن دمية العائلة المدللة لمدة خمس سنوات إلى أن اشترت والدتها دمية جديدة (أسمتها “مها” قلبي يحبها، شقراء لعبتي، تفهم همستي، عيونها خضراء وحظها شقاء)
ثم جاء الفرج ومعه شقيقها “كريم” بطلها العظيم، خجول يتعثر بحروفه وقلبها به كم تعثر!
ثم جاء الأخ الأصفر “وسيم” ذو العينين المحتالتين والقلب المشاغب والطير المهاجر، وفي النهاية وقبل أن يلتحق والدها ببعثة تعليمية إلى اليمن السعيد، جاءهم الهدهد بآخر حبات العنب “يمنة” بياض الثلج، شعرها شلال ذهب غجري، صوتها خلاخيل ونرجس تبوح.

كان السرير يتسع لخمس كرات من اللحم الطري وزندا سوسن مخدتان، عليها تتزاحم أربعة رؤوس صغيرة، تصغي بشغف لحكاياتها الخيالية قبل أن يتسرب لعيونها النعاس فتغط الفراشات في شرنقة نومها على قلب سوسن.
كانت سوسن شتيان أماً صغيرة لأربعة إخوة أو أبناء، شغفت بالعلم والكتب وتفوقت في دراستها وعلمت إخوتها أن الطريق يعبد بالمعرفة والأقلام، وأن الأوراق تبني البيوت لا الحجارة.
درست اللغة الفرنسية بعد أن نالت الشهادة الثانوية بفرعها العلمي مع أن اختصاصات كثيرة كانت مفتوحة أمامها، لكن والدها يريدها أن تختصر الطريق وتسلك درب التعليم فتصبح فيما بعد مُدرسة اللغة الفرنسية التي اختارتها بإرادتها عندما غيرها جُبر على دراستها حين سحبوا أوراقاً من سلة الفرز بين الفرنسي والانجليزي.
والدها الذي اختصر الطريق، غافلته سيارة الطحين ونقله الموت بسرعة الضوء إلى السماء. تركهم خمسة فراخ وقرقة يتخبطون بقش الحياة ودودها، والقمح صعب المنال فالحقول مسورة ولا أجنحة لهم.
ليعيشوا، عليهم أن يحفروا الأرض ويزرعوا السماء بالدعوات فاستجابت والتقت سوسن برجل يشبه والدها، أحبته من اللهفة الأولى وصارت له زوجةً وأماً وأختاً وأباً. أنجبت منه عصفوران وفراشة، وبنيا معاً عشاً صغيراً، شرنقة من حرير وعناء.
عملت سوسن في اختصاصها كَمُدرسة لغة فرنسية، وهي الآن معاونة مديرة في مدرسة ابتدائية، توزع قمح قلبها بالمجان لكل الفراشات والعصافير.

تقول الشاعرة سوسن شتيان: عباءة الشعر واسعة جداً، ويحق لها الاعتراض على من يرتديها فخيوطها الحريرية هي من تختار الأجنحة التي تحلق بها.
ومنذ أن كنت طالبة في المرحلة الإعدادية، كان مدرسو اللغة العربية يعجبون بما اكتب فكنت أبدع بالتعبير الأدبي وأصوغ تعابيراً مميزة وبطريقة شاعرية، لم أكن حينها أعرف أن الشعر قد اختارني لأرتدي عباءته، لكن وبعد زواجي ومتابعة بعض صديقاتي لما اكتبه وإعجابهن به، شجعوني على مواصلة الكتابة،

كما كان لانتشار وسائل التواصل دوراً باكتشافي، حيث بدأت أنشر على صفحتي على موقع الفيس بوك ما اكتبه، ومن خلال متابعة بعض الأدباء والشعراء لكتاباتي، أطلقوا علي صفة الشاعرة، التي لم أطلقها أنا على نفسي حتى الآن، وبالنسبة لي ما أزال أتعثر بطرف هذه العباءة الطويلة، وكل من يرتديها لابد أن يتعثر حتى تطول قامته لتناسب مع سموها وارتقاءها.

 هواية مفضلة
الشعر لديها هواية، ويأتي بلا موعد، وفي جعبتها الكثير، وتسهب في الشرح قائلةً:
لدي هواية مفضلة كأي شاعر آخر يحب الكتابة وهي المطالعة والقراءة فالكتابة لا تأتي من فراغ، ولتبدع أكثر، عليك أن تقرأ كثيراً، وتغني ثقافتك وحصيلتك الفكرية واللغوية، كما أهوى الاستماع للموسيقى والغناء الأصيل.
والشعر لا وقت يحدد له أو موعد مسبق يمكن أن تتقيد به، هو أشبه بوحي أو نبوءة وحالة روحية تلقي قميصها على كيان الشاعر، فأحياناً التقيه ليلاً وأحياناً نهاراً وربما يغيب لفترة، لكنه لا يطيل الغياب، وحينما يهبط أتلقاه واتبعه وأفرش له الورق والروح، يمسكني القلم بيدي ويسحبني من قلبي وعقلي لأغيب عن الواقع في حالة تشبه التصوف وقد تصل للهذيان فاطرح كل هواجسي وأفرغ ما في وجداني وفكري من عواطف وانفعالات وأسئلة.
كل قصيدة اكتبها، هي من قلبي لذلك لا ابتعد عنها وتكون مقربة ومفضلة لدي، وكل قصيدة متقنة وأشعر إنها تلامس روحي، أحبها وإن لم تكن من كتابتي.
كل شاعر يحمل رسالة ويصوغ عاطفته بشكل مقرب من القلب، اعتبره قدوة لي، ولا أريد أن أذكر أسماء فالشعراء كلهم أحبتي وليس من يدعون الشعر وقد اكتظت بهم الساحات والمنابر.
ما يزال في جعبتي ووجداني الكثير من الشعر مما لم ير النور بعد، والأجمل حرفاً وصياغة ما لم اكتبه حتى الآن فالشعر عالم عميق وبحر لا قرار له، واللؤلؤة الأجمل مازالت تختبئ في محارتها وتحتاج للغوص أكثر في أعماق هذا البحر لاستخراجها.

تريد من الشعر ألا يغادرها أبداً:
الشعر، لا أريده أن يغادرني أبداً، فأنا أعيش لأجله وبه، وهو من يهديني الفضاء لأحلق بأجنحتي وهو الأنيس الذي يواسني ويسمعني ويكلمني حين أخلو بنفسي بعيداً عن الواقع وأسرح بأيائلي وخيولي في مراعيه لأنوش قطوفه الدانية والقاصية.
وتتابع: بعد ان انتهي من طقوس الكتابة وأكمل رصف حروفي في نص جديد، أشعر وكأني بنيت بيتاً جديداً فأدخله بزهو المنتصر وفرح المكافح، هو شعور رائع جداً وأحياناً أضحك وابتهج وكأنني وجدت شيئاً ضائعاً مني وعزيزاً علي.


ترى في قصيدة النثر عالماً مفتوحاً، والإبداع وليد المعاناة:
قصيدة النثر عالم مفتوح، وفي وقتنا المعاصر تتناسب مع معطيات الزمن ومتغيراته، كما إنها لا تحد ولا تقيد الشاعر فمن خلالها يمكن أن يعبر عن رؤاه بطريقة جذابة ومغرية ومدهشة وبحرية واسعة دون أن يلتزم ببحر أو وزن أو قافية.
قصيدة النثر هي الشكل الفني الشعري العربي والعالمي أيضاً الذي يوائم الذائقة الشعرية للإنسانية الحاملة مجموعة التجارب الإنسانية الثقافية الذهنية والفلسفية برؤية متطورة ومبدعة بعيداً عن الشعر التقليدي الذي استهلك كل أغراضه وأدواته ولم يعد قادراً على تقديم الجديد.
وتضيف: من وجهة نظري وحسب تجربتي لا يصدر الإبداع من سعة العيش أو فراغ القلب، فهو وليد المعاناة، والحاجة أم الاختراع، والمترفون ليسوا بحاجة لشيء لذلك أغلب من يبدع هو من يمر بمشاكل وصعوبات يسعى لحلها، فهو يعمل بعقله وبصيرته ليتوصل إلى الحلول مما يخفف من معاناته …. (أنا لا اكتب الشعر عن ترف في الحروف، أنا فقط أرتق قلبي).

يتم وترمل:
كتبت عن اليتم والترمل لأن الموت خطف والدي، وهو بنظري صفوة الرجال ومَن يهبني الدهشات الصغيرة بيديه المحشوتين بالنجوم والأشواك والحبر والفاكهة.
تركنا سقف البيت وعموده لتنهار علينا الحياة ببردها، رياحها، جوعها، حرمانها وكل ما فيها من الركام، أنا وأمي وأربعة إخوة قاصرين فكتبت عن مشكلة اليتم والترمل وما تقاسيه مثل هذه العائلات من مشاكل.
كتبت عن الحب أيضاً لكن بشكل رومنسي وعاطفي ووجداني. بنظري الحب هو علاقة روحية يمكن أن تقوم بين الشاعر وكل من حوله ولا تقتصر فقط على الحبيب.

مساهماتها الأدبية:
أولى مشاركاتي الشعرية كانت في مهرجان سلمية الشعري الخامس والعشرين عام 2015 قدمت فيه قصيدة تفعيلة بعنوان (تنام الأرض) ونصان نثريان.
وفي مهرجان سلمية الشعري السادس والعشرين عام 2017 قدمت فيه نص نثري وقصيدة بعنوان (هذي سلمية) وقصيدة موزونة بعنوان (جلنار القلب)
شاركت أيضاً في الملتقى الإبداعي الثقافي في جمعية الهلال الأحمر السوري بمدينة سلمية ـ محافظة حماه.
قمت بتدريب بعض الشباب الموهوبين على فنون الكتابة وأجناسها من خلال برنامج “لنبدع معاً” في جمعية العاديات بمدينتي.

 
حوار أجراه: خالد ديريك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر
الحوار منشور في
جريدة الزمان الدولية الورقية – السنة العشرون/ العدد 5944/ الأربعاء 6 من جمادى الأولى 1439 هـ/ 24 من كانون الثاني (يناير) 2018م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


   

48
الشاعر والكاتب والناقد جوتيار تمر: للكتابة قوانينها ومناهجها، والكاتب يمكن أن يصبح رمزاً، لكن الصفة لا تأتي بمجرد الكتابة
جوتيار تمر: القصة قصيرة جداً أراها قفزة نوعية كما قصيدة النثر الحداثية

حوار مع الشاعر والكاتب والناقد جوتيار تمر/ خالد ديريك
يحتفظ جوتيار في مخيلته ببعض الصور عن طفولته، لا سيما تلك التي تخص دراسته وحض والديه له على القراءة المستمرة وتحديد أوقات اللعب (اللعب بالكرة مع الأصدقاء)، وكيف كانت العقوبة تنتظره إذا ما تجاوز الأوقات المحددة للعب، أو التأخير عن العودة إلى البيت.
كما يحمل بعض الصور الأخرى التي تخص الكتب والمجلات التي كان والده يتداولها، فتركت في نفسه رغبة في معرفة ما تحتويها تلك الكتب، على الرغم من كونها أغلبها باللغة العربية أي ليست بلغته الأم، إلا أن دراسته منذ البداية كانت باللغة العربية.
أما الصور التي يحملها في مخيلته في مرحلة الشباب، فتختلف قليلاً لكونه انتقل من إحدى الأقضية التابعة لمحافظة دهوك إلى المدينة نفسها، حيث أصدقاء جدد ومعطيات أخرى تفرضها المرحلة العمرية من جهة، والدراسة من جهة أخرى، ولكن أهم ما في تلك الصور هي التي اختزلتها الذاكرة والمخيلة معاً حول الصراع الذي كان قائماً بين البشمركة (القوات الكُردية) وحكومة نظام البعث العراقي وصوت قذائف الهاون والرصاص ومن ثم الانتفاضة وبداية مجيء البشمركة حيث تركت هذه الصور أثراً كبيراً في مخيلته، ناهيك عن الهجرة المليونية فيما بعد، في عام 1991 التي عمقت الصور بشكل آخر، وجعلته كما بقية أقرانه يخوض تجربة مؤلمة جداً حتى أصبح بعدها يقارن ما حصل في مدينة حلبجة وحملة الأنفال سيئة الصيت بها(الهجرة المليونية).
جوتيار تمر الأب، فهو طفل صغير، تلعب معه أيقونته الفريدة "تالا" بشكل ربما قد يستغرب منه من يجد جديته في التعامل مع الأمور بصورة عامة، وهذا ما خلق في الأساس شخصية جوتيار الإنسان، الذي ينظر إلى الأشياء بعين أخرى غير الظاهرة، ويحاول دائماً أن يقارنها بالممكن الوجودي الإنساني كي لا تتعارض مع إيمانه بكون الإنسان يجب أن يرسم مساره بنفسه دون فرضيات مسبقة، ودون إجحاف بوجوده، ولكن جوتيار الإنسان دائماً يجد نفسه مصدوماً من كون الإنسان نفسه يحترف صناعة وخلق ما يبيده ويدمره ويدمر أقرانه.

رحلة النشأة والتكوين الأدبي:
هو جوتيار تمر صديق، من مواليد 1972 محافظة دُهوك ـ إقليم كُردستان ـ العراق. بدأت رحلته منذ أن كان في مرحلة المتوسطة "الدراسة" حيث محاولته في قراءة الكتب وكذلك بعض الجرائد، ولدت رغبة لديه للكتابة أو لنقول التعبير عن بعض المشاعر التي تنتابه وكذلك تدوين بعض الأفكار التي غالباً ما كانت تؤرق ذهنه.
يقول: بدأت وقتذاك أقلد بعض الكتابات في تلك الجرائد، ومن ثم حاولت فرض أسلوبي والذي طغى عليه الوجداني في البداية وشيئاً فشيئاً بدأت الأفكار الغريبة عن المجتمع تخرج إلى الأفق، وبلا شك البيئة الخاصة بي خلقت مساحة واسعة للعمل الأدبي، حيث كانت الظروف المحيطة بنا تفرض علينا انطباعات خاصة حول المسارات التي نتخذها في الكتابة مع الصور الملتصقة حينذاك في المخيلة، إلا أن الطابع الوجداني كان الغالب، فالوالدة بالذات كانت ولا تزال مدرسة مليئة بالمشاعر الجياشة التي جعلتنا نتأثر بها كثيراً.
حال الأدب والثقافة في أجزاء كُردستان:
تحاول الرؤية الثقافية والأدبية في إقليم كُردستان ـ العراق مواكبة التحديثات الجارية على الساحة الكُردية العامة من جهة والعالمية من جهة أخرى، لا أنكر بأن المسارات أحياناً تتداخل وتتشابك في دائرة التقليد أو التكرار إلا أن الأمر يستحق الحديث عنه، لكونه (الإقليم) خرج من بيئة مضطهدة كما يعلم الجميع، ومر بالعديد من الكوارث والمآسي الإنسانية، ومع ذلك فإن الرؤية الثقافية والأدبية أراها تنتقل من مرحلة إلى أخرى وبشكل تتناسب مع الواقع العياني للإقليم.
أما عن إمكانية وجود اختلافات بين تلك الرؤية مع باقي أجزاء كُردستان، أراها أمراً وارداً في نواح كثيرة على الرغم من وجود النواحي المشتركة، باعتقادي أن الفكر السائد في كل جزء لاسيما الفكر السياسي هو الذي يتحكم بمفهوم الثقافة والأدب، مع وجود المشتركات كالمسائل المتعلقة بالديكتاتوريات التي تحكم تلك الأجزاء والسياسات التعسفية تجاه الكُرد فيها، والحلم الكُردي، هذه الأمور مشتركة، ولكن الاختلافات الحاصلة تكمن في البنية الفكرية والسياسية لكل جزء وكيفية النضال والتعامل مع الأجزاء الأخرى، وهذه الأمور تشكل اللبنة الأساسية في الاختلاف.
وفيما يخص التواصل والنشاطات معهم (مثقفو وأدباء بقية أجزاء كردستان) هي في الحقيقة على أرض الواقع قليلة ولا تتعدى كتابة تقديم لديوان شعري لأحد الشعراء أو الشاعرات أو قراءة حول نص أدبي، أو مشاركة في حوار سياسي، ولكنها على الشبكة العنكبوتية موجودة ومستمرة.

حول مفهومه للحداثة في الشعر وعن بنية الشعر الكُردي يقول:
الحداثة الشعرية حسبما أرى هي إخراج الكلمة الشعرية من قالبها المتحجر المقيد وفسح المجال أمامها كي تؤثث عوالمها الخاصة لتكون وسيلة استبطان واكتشاف، ولتثير وتحرك وتزلزل وتهز من الداخل وما تختلج في الأعماق وتفتح ممرات الاستباق لها.
إما بنية الشعر الكُردي فإنها بين ماضيها الغارق في المؤثرات الدلالية الخارجية، وبين حاضرها الساعية لخلق مساحات من رؤى منوعة ومستحدثة بقوالب تنفي المزج اللغوي القديم وتبيح للواقع العياني وللمخيلة الخصبة أن تنتج أواصر الربط بين ماضيها وحاضرها لتفتح الآفاق أمام مستقبلها، أجدها يمر بمرحلة استباق واكتشاف، على الرغم من كونها لا تزال تتمحور ضمن دوائر الرصد الوجدانية العاطفية والملحمية "الوطنية" وقلما نجد خروجاً عن تلك الدوائر إلا إنها على العموم تعطي انطباعاً تجديدياً يمنحنا الثقة بها، ويعطيها في الوقت نفسه تميزاً لكونها تنمو ذاتياً على الغالب وتخلق مساحاتها الصورية والمشهدية والسردية وحتى البلاغية الدلالية ضمن الموجودات الحسية والعاطفية التي تُلم بها.

ومشواره مع القصة بدأت بما يسمى في النقد الحديث بالرواية القصيرة، والتي هي في بنيتها تشبه الرواية ولكنها ضمن هيكلها الحداثي لا تخرج عن دائرة القصة القصيرة.
والموضوعات التي بنيت القصص عليها، فإنها بدأت بالمخالجات والرؤى الذاتية بكل تصنيفاتها من وجدانية، نفسية، عاطفية، وكذلك من الوخزات الذهنية الفكرية المتقدة التي تبيح التجول في المعيقات الخارجة عن السائد كالخوض في المسائل الاجتماعية واللاهوتية والسياسية معاً ضمن دوائر مغايرة للسائد.
والقصة القصيرة جداً فهي الوخزة المكثفة التي يمكنها أن تعطي صاحبها مفتاح الولوج في العوالم الأدبية بقوة، لكنها تعتمد على اللغة القوية والرؤية الثاقبة والتكثيف الممنهج، لذا أراها قفزة نوعية كما قصيدة النثر الحداثية.

يسهب جوتيار تمر في شرحه عن الاختلافات بين الكتابتين المسرحية والقصصية قائلاً: قد تكون كتابة بعض الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية مثلاً من حيث المبدأ أصعب من كتابة النص المسرحي، ولكن في الحقيقة أن الأخيرة أيضاً لها صعوبات كثيرة ومن طليعة تلك الصعوبات هي ازدواجية اللغة، وكذلك صعوبة التوفيق بين النص المسرحي المكتوب وبين اختيار الممثل الذي يمكنه أن يؤدي المكتوب بأداء يشبه التقمص المرن والمتميز، ناهيك عن كون النص المسرحي في طوره الإبداعي يخلق لدى الكاتب العديد من المشاكل، فالكاتب عليه أن يكون حاضراً ذهنياً في جميع مراحل الكتابة ويقوم في الوقت نفسه بالمقارنات اللازمة بين ما يكتبه " الممكن " وبين الواقع الذي يعيش فيه " اللا ممكن " فمثلاً من إحدى الصعوبات التي يواجهها المسرح في الكثير من الأماكن هي ما تتعلق بالحالة الاجتماعية لاسيما فيما يخص مشاركة المرأة وغير ذلك، لذا نجد بأن الكاتب دائماً ما يواجه تحديات ذاتية وأخرى خارجية قد تقيد حركته أثناء الكتابة.
  والاختلاف بين القصة والمسرحية، فالقصة كما هو معلوم، نص أدبي يسرد فيه الكاتب أحداثاً معينة، تجري بين شخصين أو عدد من الأشخاص، يستند في قصِّها على الوصف والتصوير، مع التشويق، حتى يصل بالملتقي إلى نقطة تتأزَم فيها الأحداث وتسمى "العُقدة"، فيتطلع المتلقي معها إلى الحل الذي يأتي في النهاية، ويُشترط في القصة من الناحية الفنية أن تحتويَ على ثلاثة عناصر: تمهيد للأحداث، ثم عقدة تتأزَّم عندها الأحداث، ثم خاتمة يكون فيها الحل.
إما المسرحية: فهي نص قصصي حواري، يصاحبه مناظر ومؤثرات فنية مختلفة. ويراعى في المسرحية جانبان: جانب النص المكتوب، وجانب التمثيل الذي ينقل النص إلى المشاهدين حيًّا، وتتفق المسرحية مع القصة في بعض الجوانب وتختلف عنها في جوانب أخرى، فالعناصر المشتركة بين المسرحية والقصة: الحدث، والشخوص، والفكرة، والزمان والمكان.
والعناصر المميزة للمسرحية: البناء، والحوار، والصراع، ومع ذلك لا يمكن حصر جميع العوامل المتشابهة والمختلفة ضمن هذه الدائرة فحسب.

يؤكد بإن للكتابة قوانينها ومناهجها: لا تسير الفضاءات الكونية ضمن دوائر العبثية الفوضوية، فحتى العبثية نفسها وحسب ما ذهب إليه كامو(ألبير كامو كاتب ومسرحي وروائي فرنسي ـ جزائري) تستند على فكر ناضج، لذا فالكتابة يمكن أن تأتي من إحدى الفسحات التي ذكرتها، وقد تأتي من اجتماع أكثر من واحدة وقد تأتي بأسلوب جمعي شمولي، وهذا يعني بإن للكتابة أغراضها وأهدافها ووسائلها ومناهجها وقوانينها أيضاً، على الرغم من التيارات الداعية إلى رفع جميع القيود عن الكتابة، فإنها نفسها لا تستطيع أن تتجاوز أهدافها في رفع القيود وذلك مما يعني مهما حاول الإنسان " الكاتب " تجاوز المنطق الساعي لخلق هدف للكتابة فإنه يقع في دائرة الهدف نفسها الذي يحاول أن يتجاوز بها الأهداف القيدية الأخرى.

ويرى جوتيار تمر بإن الكاتب يمكن أن يصبح رمزاً، لكن الصفة لا تأتي بمجرد الكتابة، ويقول: تعج الساحة الأدبية بالعديد من الكتاب على جميع الأصعدة، فمن الهاويين ومن المثابرين الساعيين لخلق مكانة لهم، ومن البارزين الذي خلقوا مساحات واسعة لوجودهم الفعال ضمن الأجناس والهياكل الأدبية، ولكن كوجهة نظر خاصة، إطلاق صفة الكاتب أو الشاعر لا تأتي بمجرد الكتابة أو نشر نص ما، لكونها (الصفة) تحتاج إلى معايير وتلازميات ترافق العملية الكتابية والإبداعية معاً، فعدم اتباع نهج ضمن منظومة أدبية وكذلك عدم الإلمام بالأساسيات المعرفية للكتابة والأجناس الأدبية قد يخلق هوة سحيقة بين مفهوم الكتابة وصفة الكاتب أو الشاعر.
والكاتب الرمز، بلا شك باستطاعته أن يكون أو يصبح رمزاً، فحين يوظف ويكرس إمكانياته وحياته لقضية ويصمد أمام جميع المعيقات والقيود فإنه في وقتها يفتح أمام قضيته أبواب الخلود ويتحول هو إلى رمز لتلك القضية.
وعن كيفية اختيار النصوص النقدية قال: هنا علينا ألا نتجاوز بعض الخطوط ذات العلاقة بموضوع الاختيارات النقدية قبل أن أخوض في موضوع من يلفت النظر، ربما تجد الشاعرات أكثر حضوراً وأنا سأتحدث عن تجربتي ولن أعمم، لكونهن أكثر جرأة في الطلب والسعي لإبراز أعمالهن، فالشاعر (الذكر) على الغالب يرى نصه وشعره أرفع من أن يكتب عنه مثلاً أي ناقد، لذا يبقى ضمن دائرته الفوقية تلك ولا يبحث عمن يقرأ ويكتب عن تجربته إلا ضمن حدود الفوقية نفسها، أي إلا إذا استطاع من إقناع ناقد له شهرته ومكانته وإلى غير ذلك.
إما الشاعرات فهن يدركن بإن المسيرة يجب أن تبدأ بكسر الحواجز والمعيقات الأساسية التي تواجهها كعنصر أدبي، فتبحث عمن يكتب عن نصوصها لتدخل دائرة الرصد الأدبي عبر النقد نفسه، وهذا ما يجعلهن بنظري أكثر حضوراً، ناهيك عن أمر آخر فأنهن يؤمنن بأن النقاد ليسوا كلهم نقاد أدب، بل ومن خلال تجاربهن أصبحن يؤمنن بإن الكثير ممن يدعون النقد لا يقدم لهن شيئا دون مقابل، وهذا أيضاً يفسر بحثهن عمن يحترم وجودهن ويثقن به.
والشيء الملفت لنظر الناقد، بالتأكيد نظرياً يجب أن يكون النص هو الأساس للتفاعل النقدي والاختياري، ولكن هذا لا يمنع أبداً أن يختار الناقد، نصاً على الأساس الطلب أو المعرفة الشخصية على أن يلتزم الناقد بالأساسيات الممنهجة في دراسته، وشخصياً أرى أن النقد الذي يحاول أن يقتل الكاتب في نصه، بعيد كل البعد عن الرؤية الحداثية للنص الأدبي، لأنه لا يوجد نص كامل، فتجد دائماً هناك ما يشوب النص، ولكن على النقاد التعامل مع ذلك بعين لا تحط من قيمة الكاتب فالنقد الحقيقي بنظري لا يبنى على محاولة عرض العضلات أثناء كتابة الدراسة النقدية أو القراءة النقدية، لكون النقد الحقيقي بنظري هو ما يمجد الفعل الإنساني الأدبي، ومحاولة في إبراز مكنوناته الذاتية عبر تلك الدلالات التي قد تأتي ضمن دوائر النقد بصورة إيجابية أو قد يشوبها بعض الخلل.
معاينة النصوص النقدية لديه: أقرأ النص في أول الأمر، ثم اكتب أهم الانطباعات التي تراودني أثناء القراءة وبذلك يتشكل عندي المسار الذي قد اتخذه في القراءة،  ولذلك أعود للنص لاختار وأحسم المسلك أو المنهج الذي قد اعتمده في الدراسة والقراءة ومن خلال ذلك، اختار العينات اللازمة لإبراز تلك المعالم النصية التي احتاج إلى ذكرها سواء الإيجابية منها أو السلبية، ومن خلال المعاينة والدراسة والمتابعة والتفاعل مع الحراك النصي أضع النقاط على الحروف، فأشير إلى المبهر والمدهش والمثير والجدي والجميل والمعيق والسلس والخارج عن السرب والضعيف والمغاير والزائد والناقص ضمن منظومة تفاعلية تعطي لصاحب النص والمتلقي القدرة على الاستيعاب والفهم دون الاعتماد على الاصطلاحات التي قد تعيق الإدراك الصحيح للرؤية النقدية، وغالباً ما أحب المزج بين المدرسة البنيوية والنفسية في القراءات.

مفهومه لمصطلحي الناقد والمبدع: الشمولية تعطي الناقد القدرة على خلق الكثير من الممرات الإبداعية ضمن الدوائر والأجناس الأدبية التي يعمل عليها فيستطيع أن يعطي لكل منها خصوصيتها النقدية، ولكن هذا لا يعني أن درجة الإبداع لا تأتي إلا بعد بلوغ أعلى الدرجات لكون المعايير التي تعتمد لاختيار أعلى الدرجات هي نفسها مثار نقد ونقاش بين الأوساط الأدبية، لذا اعتقد بإن المعيار يعتمد على نوعية العطاء الذي يقدمه الناقد وليس كمية العطاء، فالنوعية هنا يمكنها أن تعطي للناقد تلك الصفة الإبداعية العامة.
وما يثير من مقولة "الناقد شاعر فاشل" هنا سأقف. لأني لا أعلم بعد إذا كنت شاعراً فاشلاً أم لا...؟ مع إني لا أحب أن يصفني أحد بالشاعر، لكوني كَتخصص انجذب إلى التاريخ الفلسفي والخوض في الجدليات التاريخية أكثر من العمل الأدبي الذي غالباً ما أخوض في طياته للضرورة.

وعن سر اهتمامه بالتاريخ يوضح: كما قلت أنجذب وأحب التاريخ وسر اهتمامي به، هو كوني أراه يقربني للبشرية بصورة أعمق وأكثر، ويجعلني أقف على المساحات الترافقية للسعي البشري لخلق مسار غير مسبق لوجوديته، ففي التاريخ وحده يتعرف الإنسان على بداياته وعلى الوسائل التي ابتعها لخلق اسطورته الحالية والتي أصبحت تتحدى كينونته المسبقة.
كما أن التاريخ أيضاً يجعلني أقف على تلك المسارات التي أخرجت الإنسان عن إنسانيته في الكثير من المراحل التاريخية، وبذلك يمكنني أن أجمع سعيه لخلق وجوديته، وبين المعيقات التي أخرجته عن طوعه ليتحول إلى مدمر لنفسه، فكما أقول دائماً: الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يصنع ما يدمره وينشر الخراب على خرابه الأرضي.

الحيادية في كتابة التاريخ: لا أنكر بإن الحيادية في كتابة التاريخ أصبحت أمراً مستعصياً، فقلما نجد من يتجرد ليكتب تاريخاً دقيقاً بعيداً عن الانحياز والتعصب لاسيما القومي والديني والمذهبي والطائفي، ولكن هذا لا يمنع أن التاريخ كعلم ومن خلال منهج البحث العلمي التاريخي استطاع من تنقية الكثير من الأحداث التاريخية وفق رؤية عملية محايدة، وبذلك انتصر التاريخ على كتابه، وهذا ما يجعل من التاريخ نفسه ذا حراك ديناميكي تقويمي يساعد على الفهم المتعدد للحدث الواحد، وعلى التأويل التعددي للحدث الواحد، ومن ثم البحث في المعطيات اللازمة لتحديد الفهم الأرجح للحدث ومن خلاله تجاوز عقبة القومية أو الانتصار لبني جنسه على حساب الحياد والتجرد.

إيصال رسالة الكُرد إلى الشعوب الأخرى وفق منظومة مدروسة:
لقد انتبهت إلى هذه الحالة منذ سنوات طويلة، ولطالما انتقدني أبناء قوميتي بأني اكتب باللغة العربية أكثر ما اكتب باللغة الكُردية، فكنت ومازالت أقول بإن الكُردي من المفترض إنه يعلم عن بني قومه ويسمع عن بني قومه أكثر من الآخرين، لذا علينا من يجيد اللغات الأخرى العمل وفق منظومة مدروسة بعيدة عن التعصب القومي لمحاولة إدراج العمل التاريخي للكُرد ضمن الاستدراكات العلمية والأدبية" الإنسانيات"  التي ينتهجها كي يستطيع إيصال الرسالة الكُردية لجميع القوميات الأخرى التي تنظر إلى الكُرد بشكل مغاير عن ما هم عليه، وتاريخياً يوجد في كتب المستشرقين و" الكوردناس " ونقصد بهم مع المستشرقين كل من كتب عن الكُرد من غير الكُرد، العديد من المعلومات الخاطئة عن الشعب الكُردي، لا سيما من حيث الدلالات القومية والانتمائية والجغرافية وحتى الدينية لا يمكن الخروج من تأثيراتها على الشعوب الأخرى إلا من خلال اتباع منهج أكاديمي لطرح الرؤية الصحيحة التي تقنع الآخرين وتجعلهم على اطلاع كامل بالتاريخ الكُردي.
 واعتقد بأنني من خلال بعض الدراسات، قدمت أكثر من موضوع تاريخي أكاديمي يساهم في خلق فهم صحيح لتاريخ الكُرد "التطور التدويني لظهور تسمية كُردستان في المصادر التاريخية، آراء ومقولات حول الأصل الكُردي، مفهوم مصطلح الكوردناسي، تقسيم كوردستان ...." وبعض المقالات الأخرى التي تعطي انطباعاً خاصاً عن الشخصية الكُردية سواء السلبيات أو الإيجابيات منها. مع عدم الإنكار بأنني في بعض المقالات اندفعتُ بصورة جعلتني أتجاوز عن الحياد أحياناً ولذلك لضخامة الضغوطات الأخيرة والتي أثرت على نفسيتنا.

أهم ما جاء في كتابان له "أمراء في الدولة الأيوبية" وكتاب " الكُرد القيمرية":
في البداية أشكر دار تموز لمساهمتها في نشر مثل هذه الدراسات والكتب التاريخية التي تساهم في الوقوف على بعض ملامح التاريخ الكردي.
سأبدأ بالكُرد القيمرية باعتبار هذا الكتاب طبع أولاً:
القيمرية كانت إحدى القبائل الكُردية المقيمة بإقليم الجزيرة – حسب التقسيمات الإدارية في العصر الإسلامي -  وهاجرت على ثلاث مراحل، واندمجت بسرعة مع الأحداث على الصعيدين الداخلي والخارجي التي عصفت بالعالم الإسلامي، ففي خضم هذه المرحلة الانتقالية ظهر القيمريون وبرزوا من خلال مواقفهم وتنامي دورهم حيث شاركوا في الأحداث بشكل مؤثر وفعال أثناء العهد الأيوبي، وبعد سقوط الدولة الأيوبية برزوا في محاربة الاعتداءات الخارجية على ديار الإسلام ويظهر ذلك من خلال مشاركتهم في معركة عين جالوت ضد المغول، وكذلك مشاركتهم في صد الصليبيين.
 ومن جهة أخرى، فإن المنشآت العمرانية التي شيدوها شاهدة على سمو مكانتهم وعلوها، وهي إجمالاً تفرض على الباحثين تقصيها، وتخصيص دراسات عنها.
إما كتاب "أمراء في الدولة الأيوبية": فقد حاولت أن أركز على نظرة الدولة الأيوبية العميقة والمعاصرة للأحداث، فقد أدرك الملوك من البيت الأيوبي أن الاعتماد على الكُرد فقط سيشكل عائقاً أمام امتدادهم نحو المناطق الأخرى، وكذلك ستكون تحركات القبائل غير الكردية من العرب والتركمان خطراً ملموساً على أمن وسيادة الدولة، لذا فإنه كان من الضروري إسناد بعض المهام الخطرة والحساسة إلى أمراء غير الكُرد، حيث ساهموا بشكل أو آخر في توسيع المدارك السياسية للدولة من جهة، وأعطوا زخماً عسكرياً وقوة من جهة أخرى ، أمثال الأمير "جهاركس الصلاحي" و"جمال الدين بن يغمور" و"شمس الدين لؤلؤ" الذين شكلوا علامات فارقة في تاريخ الدولة الأيوبية من الناحية العسكرية والقوة التي تميزوا بها، وكذلك من الناحية الإدارية، حيث استطاعوا من خلال سير الأحداث إلى كسب ثقة السلطات الأيوبية، بحنكتهم السياسية، ونفاذ بصيرتهم، وقوة حضورهم في الأحداث، وفي الوقت نفسه كان هناك أمراء آخرين أمثال "زين الدين الحافظي" كانوا وباءً على الملوك والدولة حتى أن أمثالهم أثاروا تساؤلات كثيرة حول المعايير والمقاييس التي يتبناها بعض الملوك والأمراء المسلمين  بصورة عامة وقتها في اختيار وزرائهم وأمرائهم.

أسباب تأليف الكتب المشتركة مع كُتاب آخرين: لدي في الأساس تسع أعمال خاصة التي طبعت ورقياً والكترونياً.
إما الأعمال الأخرى فهي تأتي في الغالب وفق رؤية خاصة نتبناها فيما يتعلق بمزج الحضارات، ومحاولة التقارب بين الحضارات والقوميات، واعتبرها مدخلاً مهماً لتعريف الآخرين بنا ككُرد، لذا ولحد اللحظة لم أجد أبداً ما يشوب تلك الثنائيات ولا التشاركيات بالعكس تماماً وجدتها خلقت نموذجاً جميلاً للشخصية الكُردية بعين الآخرين لاسيما المحيط العربي.

أهم إنتاج الإبداعي للشاعر والكاتب والناقد جوتيار تمر:

تاريخياً: كتاب "الكُرد القيمرية" ـ كتاب "أمراء في الدولة الأيوبية، فضلاً عن الأعمال الفكرية والفلسفية مثل: كتاب "بشر يمتهنون صناعة الآلهة". كتاب "قراءات حول الإرهاب" ـ كتاب "البركان الذي لا يخمد" قراءات في أوضاع الشرق الاوسط والقضية الكُردية؟

أدبياً: ديوان شعري " سيثل – sepal" ـ كتاب نقدي "قراءات نقدية حول نصوص كردية مترجمة من الشعر الكردي المعاصر" ترجمة ونقد ـ مجموعة قصصية ومسرحية "موت أكبر من موت" ـ كتاب "قراءة في دوافع هلكورد قهار الشعرية وتنوع مصادره".

فضلاً عن بحوث تاريخية منشورة في مجلات أكاديمية والعديد من الدراسات والمقالات المنشورة في الكثير من المواقع الالكترونية والمجلات المحلية.

في الختام: الشكر موصول لكم على فتح هذه النافذة لي كي أستطيع من خلالها التقرب إلى الكتاب والأدباء والقُراء معاً، وبحق مثل هذه المساحات تعد ذات أهمية قصوى لنا ككُرد (بعيداً عن التعصب) ولكن كي نستطيع أن نوصل للمتلقي غير الكُردي رسالتنا وفكرنا وإنسانيتنا وتاريخنا.
.

حوار أجراه: خالد ديريك
 
         

49

حوار مع الشاعرة الإعلامية والأكاديمية سهام محمد

الشاعرة الإعلامية والأكاديمية سهام محمد: رحيل والدي أعادني بكل الوجع المطبق على الأرض والسماء إلى الورقة والقلم، وأنا على يقين بأن الشعر يجمل الروح
سهام محمد: الشعر يحتاج إلى الإعلام نزيه ومحايد ليصل إلى المتلقي


وكم يتمنى المرء لو يخلق من جديد، كلما أعادته الذاكرة إلى زمن الولادة والطفولة.
سهام محمد بوزيد تونسية الجنسية، عربية الهوية، تحمل في قلبها حبيبة اسمها تونس.
ولدت في مدينة طبرقة الجميلة فشواطئها كَعروس ترقد بين الجبل والبحر، وهَبتها الطبيعة كل الجمال، حين ينطق الصخر فيها يتدفق الماء رقراقا ليعزف نغما من عبق التاريخ الشاهد على حضارتها الخالدة.
سهام الطفلة هي الابنة البكر لأبويها فكانت الأكثر دلالا بين إخوتها. عاشت طفولة متزنة داخل عائلة متماسكة، من أم حريصة على توفير المناخ المناسب لتربية أبنائها، وأب مثقف متفان في عمله، حنون في بيته، لم يدخر جهداً لتوفير سبل الراحة ورغد العيش لأبنائه.
سهام الشابة هي ذاتها سهام الأم بحكم زواجها المبكر والتي تنازلت عن إتمام دراستها والكثير من رغباتها لتوفير الاستقرار لزوجها وابنتها.
كان توجهها أدبياً في مرحلة الدراسة الثانوية حيث كانت متفوقة في المواد الأدبية وخاصة منها اللغة الفرنسية ثم تغير توجهها إلى دراسة فن التجميل والعناية بالبشرة بعد الزواج.
سهام الأم هي ككل أم حريصة على توفير الاستقرار لعائلتها حتى ولو كان على حساب طموحها في سبيل راحة أبنائها.
وكان مشروع حياة سهام محمد الأهم والمهم هي ابنتها الوحيدة والتي وضعت فيها كل طموحاتها، وحاولت جاهدة أن تراها تسير على الدرب الصحيح، وبتوفيق من الله وبرعاية الوالدين فإن زهرة عمرها (ابنتها) تشق طريق النجاح بثبات لتحقيق طموحها وطموح والدتها.

حوار مع الشاعرة الإعلامية والأكاديمية سهام محمد/ خالد ديريك

عن سبب اختيارها لفن التجميل وبداياتها الشعرية تقول:
اختياري لمجال التجميل والعناية بالبشرة كان لشغفي بهذا المجال والذي لم يكن بالبعيد عن شغفي بمجال الشعر الذي أعشقه منذ السنوات الأولى في دراستي الثانوية حيث شدني الشعر الجاهلي ومن بعده الشعر الأموي فالعباسي، ولأني على يقين بأن الشعر يجمل الروح، كنت أؤمن أيضاً بأن الجمال الخارجي ضروري بالنسبة للمرأة لذلك توجهت نحو هذا المجال واتخذته كَمهنة بعد تخرجي من الأكاديمية العالمية الخاصة لفن التجميل والعناية بالبشرة.
وتتابع: تعتبر البداية الفعلية لي في المجال الأدبي متأخرة رغم ولعي بالشعر وذلك بسبب انشغالي بحياتي الخاصة والتي أبعدتني عن الكتابة إلى أن جاء رحيل والدي ليعيدني بكل الوجع المطبق على الأرض والسماء إلى الورقة والقلم، فمن رحم الحزن تولد الحروف.

وأول نشر لي في المجموعات، كان بمجموعة حديث الياسمين، طبعاً بعد ما كنت أنشر على صفحتي تحت اسمي المستعار "عاشقة الحرف" الذي أطلقه علي الأستاذ سمعان مخول (صديق من لبنان).

عبورها إلى عالم الميديا والإعلام:
عبرت إلى عالم الميديا والإعلام بالصدفة، ولأن الإنسان يكتشف نفسه مع مرور الأيام والسنين، فقد اكتشف موهبتي الإعلامية واهتمامي كذلك بالجانب النفسي بالصدفة والذي نبهتني إليه ابنتي وبعض الصديقات حتى إنها اقترحت علي ذات مرة أن أدرس هذا الاختصاص.
كما قلت مع الوقت نكتشف مواهبنا وقد كان ذلك منذ ثلاث سنوات عندما بدأ نشاطي في مجلة "فلسفة قلم" وأخذت الجانب الثقافي فيها ومسؤولية إجراء الحوارات مع عدد من الأدباء والشعراء.

عملها في راديو أجيال وعبير:
بالنسبة لراديو أجيال هو راديو واب يعنى بكل ما هو أدبي وثقافي له قاعدة جماهيرية عريضة وصاحب الراديو الأستاذ عبد الوهاب طالب إنسان راق ومهتم بالمجال الأدبي.
لم أترك راديو أجيال وإنما سوء النت هو الذي حال بيني وبين مواصلة برنامجي "تأملات ثقافية وأدبية" على أثير راديو أجيال لأن الاتصال بالضيوف يكون عبر السكايب والواتساب، لذلك وجدنا الكثير من الصعوبات في تأمين الاتصالات بيني وبين ضيوفي.
وإذا ما تحسن وضع النت قد تجدوني من جديد على موجات راديو أجيال لأن علاقتي بالقائمين عليه علاقة صداقة وأخوه قبل أن تكون علاقة عمل.
إما برنامجي الحالي "حوار ومسيرة" على أثير راديو عبير هو برنامج أدبي أتمنى أن أحقق من خلاله ما أصبو إليه ألا وهو ترسيخ فكرة الحوار الجاد الذي يستفيد منه الإعلامي كما المستمع من خلال استضافة أصحاب رسائل أدبية وثقافية عنوانهم الإنسانية أولاً وأخيراً.
الراديو فضاء إعلامي حر، شعاره أهلا بالجميع بعيداً عن الإيديولوجيات وتطرف الديني والفكري. الراديو عبير هو للشاعر التونسي المغترب فتحي أحمد لطرش صاحب رسالة إنسانية وفكر منفتح على كل الثقافات لا علاقة له لا بالسياسة ولا بالمنظمات.

بالنسبة إلى ضيوفي هم أصدقاء قبل أن يكونوا ضيوفاً ورغم تاريخهم الأدبي ومسيرتهم الحافلة بالإنجازات إلا أنهم يملكون من التواضع والرقي ما يجعلني أنحني احتراماً وتقديرا لفكرهم وثقافتهم وعلاقتي بهم علاقة إنسانية وهذا ما يحدد اختياري للضيوف في برنامج.
من ناحية الاستمرارية في أي مجال فهو رهين التعاون والاحترام، فإذا ما وجدا هذين الأمرين بالتأكيد فإن كل الصعوبات ستتلاشى. بالنسبة لراديو عبير أنا أعتبره بيتي ومادام هناك ما أقدمه فأنا أضمن استمراريتي وكما أنني متطوعة أي أن التمويل لا يحدد استمراري من عدمه.

ترى الحوار على موجات الإذاعة أفضل، وحب العمل هو مقياس الأول للنجاح، ولكل طريقة حوارية نكهتها إن كان من خلال الصحف الإلكترونية أو عبر الأثير رغم تعب الكتابة إلا أني أجد متعة كبيرة في محاورة ضيوفي كما أن مشاركة الأعضاء يزيد الحوار متعة.
ويبقى الحوار على موجات الإذاعة له الأفضلية لأني أقرأ وأسمع صوت الشاعر وأستمتع بما يقدمه من مخزون شعري وهذا التواصل السمعي يخلق جواً من الأريحية في البرنامج.
ولتصبح إعلامية، إعلامية ناجحة "من وجهة نظري أي نجاح في أي مجال يحتاج إلى شروط. أولها حبك للعمل الذي تقدمه، ثم من بعدها تأتي عوامل أخرى كالثقافة والثقة بالنفس ورخامة الصوت، ربما في الإعلام البصري نحتاج إلى الملابس والجمال لكن بالنسبة للإعلام السمعي لا أعتقد.

وحول علاقة الشعر بالإعلام والتوفيق بين المهام المتعددة توضح: الشعر من عمق الشعور تتدفق الأبيات وتصطف القوافي صفاً يسمو بالكلمة ويرتقي بها في وزن يطرب الآذان ويداعب الإحساس، وكما قيل تكبر الأقمار في جيب القصيدة. ويحتاج الشعر إلى الإعلام النزيه والمحايد ليصل إلى المتلقي. الأمر هنا ليس أمر أفضلية بقدر ما هو ارتباط وثيق بالحرف.
وللتوفيق بين مهامي الثقافية المتعددة، أحاول قدر الإمكان أن أنظم وأرتب وقتي رغم أنه من الصعوبة أن يحدث توفيق تام. والأمر بالنسبة لي معنوي أكثر منه مادي فمن خلال المنتديات تعرفت على أصدقاء وأدباء، وتعلمت منهم ولا زلت أتعلم من رقيهم وأدبهم الكثير وهذا في حد ذاته اعتبره مكسباً.

الجوائز والتكريمات الحاصلة عليها:
شاركت في مسابقة "فرسان العنقاء" وكنت السيدة الوحيدة الفائزة ضمن مجموعة من الشعراء من الوطن العربي حيث تم تكريمي بشهادة تقدير من قبل مؤسسة مجلة العنقاء السومرية المتمثلة بـ الاستاذة زينب الجبوري عن نصي "ثرثرة على شواطئ الذكريات" كما تم تكريمي من قبل اتحاد المثقف العام بوسام وشهادة تقدير سنة 2016.
وتم اختيار نصي "في حضرة بابل" المشارك في مسابقة اتحاد المثقف العام ليكون ضمن ثلاثين نصا في ديوان مشترك، وكان لي أيضاً شهادة تقدير من مجلة "فلسفة قلم" مع مجموعة من الأصدقاء لجهودنا المبذولة من أجل الارتقاء بالثقافة والأدب. وشهادة تقدير من مؤسسة الجيل الجديد على إثر الحوار الذي أجراه معي رعد كامل تحت إشراف رواء العلي.
إضافة إلى ذلك، حصلت على وسام الإشراف الذهبي من مجلة "وركي" المنبثقة من مؤسسة الشريف أسامة المفتي.

المبادئ التي تؤمن بها:
 أؤمن بأن لا أحد أحسن من الآخر إلا بما يحمل في داخله من إنسانية وبأن لكل مجتهد نصيبا، وبأنه لا سبيل للنجاح إلا الوعي والمثابرة والإيمان بقدراتنا، وبأن الأمم أخلاق فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
لا مبدأ بعيداً عن الصدق والوفاء في التعامل وحسن الظن بالآخر حتى يثبت عكس ذلك.



حوار أجراه: خالد ديريك
   

50
الشاعر والكاتب والمخرج السينمائي حسن علي: لم أتلق الدعم من أحد منذ دخولي إلى عالم الفن والسينما، وإبداعية القصة ليست في النوع أنما في المستويات التقنية والإبداعية والسردية التحليلية
حسن علي: الفن السينمائي فن واسع ولا يمكن لأحد اختراقه دون الكفاءة المميزة والقدرة الخيالية والثقافية الواسعة

حسن علي هو ذلك الطفل الذي كان يبحث عن المجهول، ويميل إلى اللذة فوقع ضريح الخيال الذي لا ينتهي. وهو ذلك الشاب المقلق جداً لإشكاليات الحياة كَمعادلة مستحيلة الحل. والأب الذي أرهقته الظروف الاجتماعية الصعبة والصحية التي أطاحت بأسرته لتفقده شريكة حياته في وقت مبكر.
تألم حسن علي مبكراً فغنى كطفولة غامضة متعثراً بالألم ثم انتهى به الأمر إلى الكتابة في مرحلة بداية المراهقة كتعبير عن الذات في المعاناة الروحية ويقول: وأول كتابة لي هي تلك التي لم أنتهِ منها بعد!
حسن علي اليوم هو الشاعر والكاتب والمخرج السينمائي وعضو في الاتحاد العالمي للثقافة والأدب منذ سنة 2015 إلى جانب بعض الدكاترة والمستشرقين من جامعات مصر.
واتخذ لنفسه لقباً أدبياً وفنياً ب ژبوناته بيجرماني (Jbonate Bêcirmanî)، ومعناه: من أجلك يا وطن .... يا حبيب .... يا صديق.
والأثر الأكبر في حياته هو الحب.

حوار مع الشاعر والكاتب والمخرج السينمائي حسن علي/ خالد ديريك

مؤلفاته الشعرية:
بعد دخولي الحياة الجامعية في دمشق والاحتكاك مع الشريحة الواسعة من المثقفين ،قمت بنشر وطباعة أول ديوان لي "حكاية الينابيع الأربعة" دمشق مطبعة الجاحظ 1991- وقتها، أحسست بأنني لم أعبر بشكل أدق عن سيكولوجيتي ومعاناتي فلا بد من التعمق في ثقافة لغة الأم(الكُردية) والعالم الأدبي والشعري كمسار أصح للرسالة الإنسانية والقومية وكانت النتيجة ديوان (لالش ئو هه لبه ستين بريندار Laleş û helbestên birîndar) – بيروت لبنان سنة 1993- وحققت من خلاله نجاحاً باهراً في صياغة الصور الشعرية والمجاز ،وأصر الناقد والأديب إبراهيم اليوسف بكتابة مقدمة له، نظراً لإعجابه الشديد وتقييمه ورفعه إلى مستوى أشعار عبدالله كوران وبيشو وشيركوبيكه س. وأنا متأكد إن هذه الأشعار سوف تدرّس في المناهج الجامعية للأدب الكُردي يوماً ما.
ثم ديوان "العشب الذي نما في قلقي" دمشق. دار الإيمان 1997، وبعده ديوان "معاناة الورد والنزوح إلى ذاكرة المخيمات"، طبعت في الموصل عن طريق الصديق الأديب والإعلامي المبدع صلاح البابان، ونظراً لإعجابه الشديد بكثافة الصور والمجاز غير مألوف، كلف صديقه الدكتور أحمد جارالله ياسين بكتابة مقدمة نقدية تحليلية له وقد أبدع الدكتور جار الله في ذلك وأبهرني جداً، ولهما أرفع أسمى آيات المحبة والشكر.
وعن معاني عناوين دواوين:
ـ حكاية ديوان "الينابيع الأربعة" هي تلك الينابيع التي تتدفق في الجغرافية الأربعة لجمهورية كُردستان.
ـ ديوان "لالش ؤ هه لبه ستين بريندار Laleş û helbestên birîndar " هو كترميز إلى الديانة الزرادشتية ومقوماتها وخصائصها من خلال سيمياء المفردة في النص النثري.
ـ ديوان "العشب الذي نما في قلقي" المقصود بالعنوان هو المدى المجازي والبلاغي للمعاني والتعابير التي تشكلت وأرست في بنية النصوص.
ـ ديوان "معاناة الورد والنزوح الى ذاكرة المخيمات" هي معاناة الشعب الكُردي في الأزمة السورية منذ 2011وكيف انعكست سلباً أو إيجاباً على حياته بشكل عام.
ونتاجاتي هي جميعها تلك الروح التي تعيش في أعماقي كلاً واحداً وأتألم لإشكالية المتخيل النثري على وجع البياض!


وبالنسبة للقصة يرى الكاتب حسن علي أن إبداعية القصة ليست في النوع أنما في المستويات التقنية والإبداعية والسردية التحليلية بخلاف السرد الخطابي الذي يبعدني عن التأقلم معه، وأرى القصة في منحى آخر لأنها تغذي الدراما والسينما كمادة كتابية للسيناريوهات.
ويتابع في حديثه: لدي بعض التجارب في الدراسات النقدية وآخرها كلفني دكتور أحمد مليجي بدراسة نقدية تحليلية لقصيدة نثر عند أحد الشعراء المصريين، وفي النتيجة أوضح لي بميزة حديثة ورؤى مختلفة بعكس ما هو متداول ومألوف ومكرر، ومن ثم اقترح علي الانضمام إلى لجنة النقد والدراسات النقدية في مجموعة الاتحاد العالمي للثقافة والآداب، إلا أن ظروفي الاجتماعية القاهرة جعلتني ابتعد عن هذه الميزة أو المهمة.
ويقول: الكُتاب والشعراء الكُرد الذين لا يكتبون بلغتهم الأم هم بعيدون عن الهوية والانتماء، والأجدر أن ننتبه إلى لغتنا الأم والأدب الكُردي الذي كان لحركات السياسية الكُردية في روجافا (غربي كُردستان ـ شمال سوريا) دوراً في ضموره، لبعُدهم عن الكاتب والمؤلف المستقل واهتموا بالمتحزبين فقط، ناهيك عن مستواهم!
وعن عضويته في الاتحاد العالمي للثقافة والآداب يوضح: هو إطار مؤلف من مجموعة من الأكاديميين والدكاترة والمستشرقين بالإضافة إلى الرواد من نخبة المؤلفين والشعراء، وله شروط تخص الاتحاد وبرنامجه الداخلي.
ولي عضوية في الكثير من الاتحادات والروابط الثقافية على رغم نشاطي المحدود ومنها على سبيل الذكر: أنا عضو المسؤول في مجموعة المركز الدولي لدعم استقلال كُردستان.

رحلة الانتقال إلى عالم الفن والسينما:
الفن السينمائي فن واسع وشامل ولا يمكن لأحد اختراقه دون الكفاءة المميزة والقدرة الخيالية والثقافية الواسعة والمتنوعة جداً، لذا وجدتُ فيها ميراثي الوحيد كي أخفف عن نفسي الآلام والمعاناة وأشرحها للآخرين بأدق التفاصيل. ولم أتلق الدعم من أحد الى هذه اللحظة، رغم إنني نفذت مشروع فيلم سينمائي بأدوات سينمائية لقناة تلفزيونية وعلى نفقتنا الخاصة على أساس سوف يعوضوننا فيما بعد، ولكن حدث دون ذلك، مما عكس سلباً على متابعة نتاجات أخرى مماثلة لها.
أهم أفلامه السينمائية:
فيلم "مريم خان" يتحدث عن أولى مغنية كردية رائدة غنت في إذاعات بغداد ويريفان (عاصمة إرمينيا) سنة 1937، وبما أن الفيلم كان بأدوات سينمائية بسيطة تعاهدنا أنا والصديق المخرج العالمي جعفر مراد وهو من الكُرد لندن المهاجرين منذ القِدم كما صرح لي، بأن نقوم بإخراج هذا العمل السينمائي الرائد بعد اطلاعه على بعض مقاطع الفيلم والرسائل الإنسانية والفنية في النص المرئي وذلك إذا قامت إحدى الجهات أو الشركات بتمويل الفيلم. إنها فرصة لا تتعوض أمام السينما والدراما الكردية كفنان ومخرج حاصل على أكثر من سبع جوائز دولية وعالمية، وله كل الثقة بنتاجي وإبداعي، وأكد لي إنه سيعمل معنا كمصور ومونيتر بالإضافة إلى الإشراف العام، ومنحني مهمة الإخراج نظراً لدرجة ثقته بي، ومن منبركم المشرف أرفع له أسمى آيات الشكر والتقدير.
كما لي فيلمان (كلو ؤ جلو) و (سمؤ مؤختارى كامبىء يه) كَكوميديا اجتماعية.

 كما توجد موافقة لتصوير فيلم سينمائي بعنوان (بايي ئه فينىء) ننتظر جهة تمويلية كي ننطلق في تصويرها وإخراجها.
والنجاح دائما يأتي درجة، درجة وليست هناك قفزة واحدة. حالياً بين يدي كما قلت سيناريو فيلم (بايي ئه فينىء)، وقد أعجبت به بشكل رائع لجان المراقبة والدراسات – أعني المختصين – ومنحوني الموافقة على تصوير الفيلم كي أشارك من خلاله المهرجانات المحلية والدولية.

وعن فرقته السينمائية (كوما روجافا السينمائي) الذي أسسها:
الدخول إلى فرقة (كوما روجافا السنمائي) ليس له شروط محددة وتضم أصحاب المواهب، فالفنان المبدع ليس أمامه أي حاجز عندما يريد أن يمارس مواهبه. وأبطال أفلامي هم الأناس البسطاء غير العاديين الذين فهموا بأن المعاناة هي الموقد لكل انطلاقة إبداعية. أما من ناحية سيناريو أفلامي إلى الآن أخوض تجربتي وإذا توفر بين يدي نص جميل ويحتوي بمضامينه قصة راقية أكيد لا نتردد في إخراجه والتعامل مع مؤلفه بالشكل المطلوب.

ويختم الشاعر والكاتب والمخرج السينمائي حسن علي (ژبوناته بيجرماني ـ Jbonati Bêcirmanî) الحوار بالقول:
مثلي الأعلى فنياً وسينمائياً وأدبياً هم الأبطال الذين يدهشونك ويشاركونك القصة أو المعاناة، وتحس أنك جزء لا يتجزأ من النص.
والأثر الأكبر في حياتي هو الحب لأنه عالم يشمل كل الطقوس والأبجديات بشرط أن يتجدد دون توقف.
وتعلمتُ أن الإنسان دون وطن كارثة قاتلة للحياة، إنه الموت الحقيقي للإنسان.

حوار أجراه: خالد ديريك

 


الشاعر والكاتب والمخرج السينمائي حسن علي

 
 

51
الشاعرة ميساء سيفو: لن أهجر الشعر يوماً لأني أجد ذاتي فيه، ووالدتي كانت الداعمة الأولى لموهبتي وعالمي اللامحدود
ميساء سيفو: لا تحبذ التأثر بشاعر معين وترى أن كل مبدع يجب أن تكون له بصمة مميزة ومنفردة.


ميساء علي سيفو من مواليد مدينة سلمية بمحافظة حماة ـ سوريا والتي تسمى ب (أم القاهرة). سلمية مدينة مليئة بقصص العجائز الحنونات وأسرار العاشقين والعاشقات.
وهي(السلمية) ملهمة الشعراء والفنانين، فما انفك شاعر زارها إلا وكان لها نصيب في قصائده لأنها تستحق فعلاً، وكذلك ستجد في كل بيت فيها تقريباً إما شاعر أو أديب أو فنان مبدع.
هي مدينة الأصالة والتراث والفكر بلا منازع، وأرض الخير والمحبة والطيبة بلا منافس. ومناخها الصحراوي لم يزد أهلها إلا صلابةً وحباً للحياة.
أيلول(سبتمبر) بالنسبة للشاعرة ميساء سيفو هو شهر التناقضات بقدر ما تحبه، بقدر ما تتمنى أن يحذف من أشهر السنة.
فيه ولدت ميساء سيفو فكانت فرحة لوالديها، وهو الشهر نفسه، الذي توفي فيه والدها فأصبحت يتيمة وهي لم تتجاوز بعد سنة واحدة من عمرها. ستقضي والدتها، الشابة الخلوقة وهي مدرسة مادة الرياضيات بقية عمرها في تربية طفليها (ولد وبنت) والسهر على راحتهما لتعوضهما عن اليتم الذي أصابهما باكراً.  فهي لا تعرف ولا تتذكر شيئاً عن والدها إلا من خلال الصور وأحاديث أُمها.
تعلقت ميساء سيفو في طفولتها بوالدتها تعلقاً كبيراً، يزيد على تعلق قريناتها بأمهاتهم، وكلما كبرت ميساء، كلما ازداد هذا التعلق، فهي (والدتها) كل عالمها، ولا حدود لعطائها وحنانها، وكانت ولا تزال مثلها الأعلى.  وميساء سيفو الآن زوجة وأم لطفلين، وهي تقلد والدتها، وفي أوقات كثيرة تتقمصها.

حوار مع الشاعرة ميساء سيفو/ خالد ديريك

انطلاقتها الشعرية:
أفتخر أني من مدينة السلمية التي أنجبت محمد الماغوط وغيره من الشعراء والأدباء. وقد نشأت في أجواء ثقافية كان لها الأثر الأكبر في نفسي وجعلني أحب الشعر وكتابته.
أحببت الشعر منذ الصغر، وبدأت أكتبه بكل ما أملك من شغف وتعلق بالمفردات، على الرغم من صغر سني. قرأت للكثير من الشعراء، ووجدت في خالي الشاعر ناصحاً وموجهاً، فقد كان يختار لي القصائد العمودية للمتنبي ولبعض الشعراء الجاهلية لأحفظها. وألقيها أمام الأصدقاء والاقرباء، فالمتنبي هو الشاعر الذي نشأت على محبة أشعاره. ووالدتي كانت الداعمة الأولى لموهبتي وعالمي اللامحدود والذي يحيط بي من كل الجهات فقد كتبت عنها ولها.
وكذلك في صغري تأثرت أيضاً بما يحيط بي وبما أعيشه فكتبت عن القضية الفلسطينية وعن انتفاضة الحجارة وعن تعلق الإنسان بالأرض.

وإلى الآن، لم أتأثر بشاعر بعينه، فقد حاولت أن أقرأ لشعراء كبار ولشعراء شباب وشابات. وبذلك أغني تجربتي. أنا لا أحبذ التأثر بشاعر معين بل أنحو في أسلوبي إلى الابتعاد عن التأثر وأخذ خط خاص يميزني فلكل مبدع يجب أن يكون له بصمة مميزة ومنفردة
وتقول: إن بذرة الأدب عامة والشعر خاصة لا تنمو في بيئة معينة وليس لها صلة بالحياة الاجتماعية، لكنها تحتاج للموهبة بالدرجة الأولى، ولأحاسيس جياشة وخيال خصب. فالمبدع يشعر أنه يمتلك فكرة أو عاطفة أو رسالة يجب أن يؤديها عند ذلك تنطلق القصيدة أو القصة أو حتى لوحة الرسم أو القطعة الموسيقية.... إلخ، طبعاً حسب ميل الشخص وموهبته. على أن الموهبة وحدها لا تكفي فلا بد من صقلها وإنمائها بالتجربة والقراءة والمشاهدة.

لا طقوس ولا ظروف معينة للكتابة:
ليس لي طقوس خاصة في الكتابة ولا أتقيد بظرف معين فيمكن أن أكتب في أي مكان أو زمان، أو عندما أشاهد موقفاً لينطلق القصيد الذي ربما أكتبه دفعة واحدة أو على مراحل وممكن أن أتركه وأعود إليه بعد زمن إلى أن يستوي ويستقيم لأنقحه وأعدل فيه إن كان يحتاج لذلك. ويحفزنا أشياء كثيرة للكتابة في أيامنا هذه، فيكفي أن أرى مشهداً أو موقفاً محزناً كان أم مفرحاً أو أن أسمع قصة لينطلق القصيد.
 وأنا لا أصافح القلم لكتابة القصيد إلا بعد التأثر بمشهد أو قصة أو حالة ما، وعندما تضيء فكرة في ذهني يداهمني إحساس جميل لا أعرف كيف أصفه فأنشد حينها العزلة والهدوء وأترك الوقت للأفكار أن تتخمر جيداً، ثم أدع لها بعد ذلك حرية الانسياب وتوارد الكلمات على الورق.
وتقول عن الحب: إن الحب يحكي الإنسان بكل فصوله وقيمه، والحياة بكل تناقضاتها.
أنا لا أنشد أو أصف الحب العادي بمفهومه الضيق بل الحب بصفة عامة، بكل تجلياته وسموه، كحب الوطن والأرض والسلم للإنسانية جمعاء. بالحب تسمو أرواحنا وتتقد. وكلما تألقنا بالحب تألقنا بالحياة. الحياة بلا حب لا معنى لها.
وترى الفن بصفة عامة والشعر بصفة خاصة لا يصور الحقيقة أو الواقع مجرداً كما هو بل يستند إليه ويعيد بنائه. ولا يمكن أن نعتمد على الخيال بشكل مطلق لأن عندئذ سيكون جافاً وخالياً من الأحاسيس. القصيد هو مزيج من الواقع والخيال، هو خلق للجمال.

وعن تأثير الشعر والكتابة على المجتمعات تقول الشاعرة ميساء سيفو:
الفن والشعر والكتابة مرآة للمجتمع وضميرها الحي. وكانت القبائل العربية قديماً تقيم الحفلات والأفراح بمناسبة ميلاد شاعر فهو سيكون محل فخر وعز للقبيلة.
وتضيف: بالشعر ممكن أن نغير العقليات والمجتمعات. ودور الشعر في الحروب والمقاومة معروف.
عن مشاركاتها الثقافية والجدوى منها تجيب:
سلمية مدينة ثقافية بامتياز، والشعر خاصة يستقطب جمهوراً كبيراً. ولقد كانت لي مشاركات عديدة في سلمية وفي دمشق العاصمة.
أما عن المهرجان الشعري السادس والعشرين والذي أقيم مؤخراً في المركز الثقافي بمدينة السلمية في محافظة حماة، فهو مهرجان سنوي يقام في ثقافي سلمية، وله جمهور واسع ينتظره ويضم شريحة واسعة من الوسط الثقافي وغير الثقافي من المهتمين بالشعر ومن الفئات العمرية كافة. وأنا أعترف أني استفدت كثيراً من كافة مشاركاتي. فقد عرفت شعراء عديدين وتجارب شعرية متنوعة. وهذه المشاركات تعتبر فرصة لنشر قصائدي وإنشادها ورؤية مدى تأثر الحاضرين بها.

عن النشر الكتروني والورقي توضح الشاعرة:
لقد نشرت لي جرائد ورقية في سورية وفي تونس، وكذلك نشرت لي جرائد ومجالات الكترونية عديدة. وأرى أن النشر الالكتروني مهم جداً، له قراؤه الذين يتكاثرون يوماً بعد يوم، وهو يهدد النشر الورقي. ولكن يبقى للنشر الورقي نكهة خاصة.
لن أهجر الشعر:
إن المواقف والقضايا، هي التي تحدد الجنس الأدبي. أنا لن أهجر الشعر يوماً لأني أجد ذاتي فيه، ولكن ربما أطرق يوماً باب القصة أو الرواية فلا حدود ولا قيود للإبداع، والطموح فضاء لا محدود.
وأنا من عائلة محبة للفن، شعراً ورسماً ونحتاً، ولا بد أن يتأثر أفراد العائلة بهذه الأجواء ويتجهوا لمحبة الفن وممارسته. ابنتي موهوبة وتعشق الرسم. أنا ووالدها نشجعها وننمي موهبتها. والإنسان يجد ذاته عندما يكتشف مكامن الموهبة لديه ويطورها.
ورغم أن طريق الإبداع صعب وشاق إلا أنه في نفس الوقت ممتع وشيق وخصوصاً إن تَكلل بالنجاح مستقبلاً.
أمنيات ومشاعر الخاصة:
تبكي ميساء سيفو عندما ترى منظراً مؤلماً أو تقرأ قصة حزينة. ويكفي أن ترى طفلاً صغيراً تلمع الفرحة في عينيه حتى تبتسم. الطفولة هي سعادة حقيقية بالنسبة لها.
 وحكمتها المفضلة: " الشذى يبقى دائماً في اليد التي تقدم الوردة "
بشرى للقراء، ستزف بشرى نشر مجموعتها الشعرية قريباً.
أمنيتها الأولى أن يعم الأمان والسلام في بلدها سوريا والعالم أجمع. وثانياً تتمنى أن ينال الفنان والمبدع حقه ويحصل على مكانة لائقة تليق به وبجهوده.

حوار أجراه: خالد ديريك

 

52
الأديب المصري صابر حجازي: أحلم أن يصبح المجتمع العربي مجتمعاً متطوراً، واكتب من أجل التغيير والتجديد والتطوير.

   
 

الكاتب والشاعر والقاص المصري صابر حجازي: لم أعمل يوماً بهدف الفوز بجائزة مُعيّنة، فما كانت كتاباتي يوماً أداة للوصول إلى الشُهرة.

 

حوار مع الكاتب والشاعر والقاص المصري صابر حجازي/ خالد ديريك

في بداية حوارنا، وكما جرت العادة، طلبنا من الكاتب والشاعر والقاص المصري صابر حجازي أن يقدم نفسه للقراء، فكان جوابه على الشكل التالي: إنه من الصعب أن يقدم الكاتب نفسه اليوم إلى قارئٍ أصبح يتميز برؤية نقدية وبقراءة متميزة لكل ما يكتب وينتج عربياً، لقد أصبح القارئ العربي، قادراً على تمييز الجيد من الرديء، والغث من السمين، والراقي من المتخلف.

وصابر حجازي هو حامل قلم يحاول أن يوصل من خلاله أفكاره ورؤاه ومواقفه من العديد من القضايا الوطنية والعربية والإقليمية والدولية، وهو كاتب، يهدف من وراء حمله لقلمه أن يكون الأدب هو ذلك النبراس الذي يضيء أيام ودروب الناس.

وهو من مواليد مدينة فاقوس بمحافظة الشرقية (مصر)، وفي هذه المدينة الجميلة التي أعطت وأنجبت العديد من المبدعين والمفكرين، صقل صابر حجازي هو آخر معارفه ومواهبه بين أحضانها، وكانت تعتبر البدايات الأولى في مجال الأدب سواء من حيث قراءته أو كتابته.

وحصل على التكوين الأدبي من مكتبة بيت الثقافة أثناء دراسته الابتدائية والإعدادية، الذي تحول فيما بعد إلى قصر للثقافة ونادي الأدبي. عندما كان في الثانوية، ومن خلال النمو الأدبي مع الحركة الشبابية في أواخر السبعينيات، كانت نقطة البدء مع قراءة كتابات صلاح عبد الصبور وعبد الوهاب البياتي ويوسف إدريس وأمل دنقل وغيرهم، وكسبَ المزيد من الخبرة وصقلَ الموهبة من خلال المشاركة في الأمسيات والسفر إلى المدن مثل القاهرة وطنطا والإسكندرية والإسماعيلية.
وأما عن إنتاجه الأدبي، فقد نشر له منذ عام 1983 م في العديد من الجرائد والمجلاّت والمواقع العربيّة، وأهم الإصدارات والمخطوطات كالتالي:
-الإصدارات:
1-نبضات قلبين..................مجموعة شعرية 1983
2-قصائد الرحيل السبعة........مجموعة شعرية 1984
3-ولكني ما زلت احبك ..........مجموعة شعرية 1986
    ط1 الكترونية 2016
4-قصص ممنوعة..............مجموعة قصصية 1987
5-الزمن ووجه العاشق القديم. مجموعة شعرية 1988
     ط1 الكترونية 2017
6-مدخل الي الابداع الشعرى .... مقالات نقدية 1994
7-الحب في زمن الفراق.........مجموعة شعرية2017
ط1 الكترونية   

المخطوطات:
1-ما تعسر من الحب....................شعر
2-العودة إلى الله ...........كتابات إسلامية
3-إعدام محامي .............قصص قصيرة
ـ أجري حجازي أكثر من خمسين لقاء أدبي تحت عنوان "صابر حجازي يحاور أدباء وشعراء من الوطن العربي" ونشرت كلها على المواقع الالكترونية المحلية والعالمية.
- يشغل رئيس تحرير موقع فنار الإبداع
 - من ضمن "الموسوعة الكبرى للشعراء العرب"، الصادرة مؤخراً 2016، والتي أعدتها الشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة
 - الجائزة الأولى في المسابقة الأدبية، الاتّحاد العالميّ للشّعراء والمبدعين العرب، القاهرة، مصر،2014
- ترجمت بعض قصائده إلى الانجليزية والفرنسية.
وتطرق حجازي في كتبه ودواوينه إلى الموضوعات المختلفة، فيقول "أنا كاتب يحلم أن يصبح المجتمع العربي مجتمعاً متطوراً وقد أنقذ نفسه من براثن الجهل والخرافة والشعوذة والحقد والصراعات الأخوية دينياً وطائفياً وعرقياً وسياسياً، يعرف قيمة الحب والخير والجمال في الوطن والمرأة، وأن يكون الأدب هو ذلك النبراس الذي يضيء أيام الناس".

وعن مدى غزارة كتاباته الآن "أجد أن المرض وقف في طريق الاستمرار بنفس العطاء ولكن نحمد الله على عطاءه لنا في الكثير من نواحي الحياة".

وفي كيفية هندسة قصيدة جميلة "لا أظن أن هناك شاعر/ة ينتظر من أحد نصائح في هندسة القصيدة فاليوم نعيش ثورة شبابية بامتياز سواء على الصعيد الثقافي أو السياسي أو الاجتماعي. وإذا ما دققنا أكثر سنجد أن الشباب العربي الذي يريد أن ينطلق من جديد راسماً لنفسه مساره الحياتي دون تدخل، خاصة وأننا نعرف أن كل الوسائل أصبحت اليوم متاحة له ليخرج على المرسوم له والمفروض عليه، وهذا يكاد ينطبق على كل الشباب في رسم المسارات الفكرية والدينية، ولذلك فإن الشباب العربي يرسم بحرية رؤيته للحياة وطريقة عيشها والتعبير عن كل ذلك في الكتابة الأدبية بفروعها".

وأما العناوين: "باختصار، أقول العنوان جزء من النص".
ويرى حجازي بإن القصيدة "ينبغي أن تعالج قضايا العصر حتى تلقى الاهتمام لأن الكاتب الذي يكتب لنفسه فإنه سيضع نفسه في خانة تسقطه من علياء عند القارئ فيعتبره أنانياً لا يعير اهتماماً للمتلقي والقارئ. وإذا ما أجاب أنه لا يضع نفسه بين القراء عندما يكتب بل هو يبدع ويكتب من أجل عيون القراء الذين يقرؤونه ويعجبون به فإننا سنقول عنه بأنه ليس حقيقي".
ويتابع في السرد "أما عني فأكتب لأنني وجدت نفسي اكتب، فلو كانت هناك طريقة أخرى لتمرير أفكاري وآرائي لاتخذتها وسيلة للبوح، ثم إنني أحاول أن أكتب عن واقع نعيشه وإذا ما بحثت في كتاباتي وإنتاجاتي ستجد فيها أنها كتابات تبتعد عن الذاتية والشخصانية، وهذا لعمري كاف لأقول إنني أكتب من أجل التغيير والتجديد والتطوير".
يسهب في حديثه عن دور القصة وأهميتها "إن القصة القصيرة هي مكاني فهي توصيف اختزالي لنص حكائي محدد ولا يستطيع أحد فيما أظن الإقرار بحداثته لأنه موجود في شكله ومحتواه الراقيين ومتوافر في كم كبير من التراث الأدبي القديم ناهيك عن المعاصر، وبرغم أن القصة القصيرة قد ظهرت أولاً في الغرب قبل أن تجد لها مساحة وكُتاباً في العالم العربي، لكنها وجدت طريقها إلى الانتشار والاهتمام على أيدي كتاب عرب كبار استطاعوا أن يجددوا فيها ويقدموها بطريقة وبأسلوب جميل جذاب، ساهمت فيها الشعرية والتقنيات الفنية من أجل إبداع نصوص راقية وتدخل إلى العالمية. ومن الطبيعي أن يتصدى لهذا الأمر الكثير من الأدباء أو من السابحين في فلك الأدب".

والقصة القصيرة بالنسبة له "فإن القصة القصيرة كانت مفراً من ضغط البحث في التفاصيل أكثر من خلال كتابة قصة طويلة، لأنها تتطلب تركيزاً قوياً وطويلاً من أجل الإبداع، ولذلك كان وقعها على نفسي وقعاً جميلاً ورائعاً".
ويعتقد بإن القصة والرواية استلمتا عرش الأدب "المتتبع يجد أن الإنتاج السردي أصبح المجال المفضل للمتابعة حالياً على المسرح الأدبي. ولذلك نجد النظرية الأدبية الجديدة متطورة في حقل السرد أكثر منها في مجال الشعر. لأن أغلب النقاد يبحثون في السرد ويطورون أدوات اشتغالهم في هذا المجال أكثر مما هو حاصل في الشعر. وهناك مؤشرات عديدة تثبت أن القصة والرواية استطاعت أن تشق لنفسها مساراً خاصا ًعلى أرض الإبداع العربي مما أكسبها فرادتها النوعية وخصوصيتها التعبيرية يشهد على ذلك أنها استطاعت أن تخلق لها جمهوراً حقيقياً يظهر بشكل واضح في متابعات القراء ودراسات النقاد".

ويوضح رأيه بين اتباع أسلوب التعقيد وأسلوب السردي سهل الفهم في البناء القصصي قائلاً: من البديهي، أنه من حق المبدعين أن يبتكروا أدوات تعبيرية جديدة تلائم عصرهم وتستجيب لتحولات الذوق الأدبي، لكن ذلك ليس متاحاً للجميع. الكاتب المبدع الأصيل وحده يستطيع التجاوز والتخطي على نحو جديد ومبتكر. غير أننا إذا كنا نعجب بالصوت فإننا حتماً لن نقبل بالصدى. كثير من الأدباء ممن استهوتهم الحداثة والتجريب، وقعوا في تقليد التجارب الغربية واستنساخها. ففي مجال الشعر مثلاُ، أصبحنا نشهد ميلاً إلى الغموض الذي يتحول في الكثير من الأحيان إلى "إبهام" و" تعمية" تحت مبررات الحداثة والرغبة في التجريب وتقويض الجاهز من أجل مجاوزته وتخطيه. وقد نجم عن ذلك أفول المعنى والقطيعة مع القارئ الذي بدأ ينصرف عن الشعر ويعزف عن قراءته، كذلك ترى بإن التعقيد وتعدد التقنيات الفنية (التجريب) في البناء القصصي تجعل من الكتابة القصصية أنها غير مفهومة كاللغز، ومن الأفضل اتباع الأسلوب السردي سهل الفهم".

وعما إذا تحتاج القصة الناجحة إلى معايير وخصائص محددة "فن القصة يحتاج في كتابته إلى أسباب وافرة منها ما يتعلق بطبيعة هذا الفن، والوظائف التي اضطلع بها؛ نظراً لخصوصيته السردية ومقدرته على رصد المتغيرات والتقلّبات التي تحدث، وتجسيد الهموم الحياتية للإنسان المعاصر الذي يعاني كثيراً، والقصة القصيرة في أحد تعريفاتها فنّ اللحظة المأزومة. وقد استجابت طبيعة القصة القصيرة لإحداث حركة في المجتمع العربي، فواكبت مجمل التغييرات الوطنية والاجتماعية والذاتية وعايشت سيرورة حياته ولا سيّما أن مرحلة نضوجها وازدهارها تواشجت مع أحداث كثيرة ومتنوعة جرت، كانت خلالها القصة خير سفير للتعبير عما يحدث"

وفي قراءاته النقدية يوضح بإن، مسألة الحضور داخل الأدب ترجع إلى الرؤى النقدية التي تعالج النص الأدبي من خلال قراءة متأنية من طرف الناقد الذي يطبق نهج نقد الأدب من منطلق الشفافية، وإذا ما تحدثنا من خلال الحضور الذاتي فإننا قد نقول بأن هذا الحضور مشوب بالعديد من الأمور التي تدخل في باب الإيمان بالوجود الذاتي عند الكاتب والمبدع.
"الحديث في موضوع النقد طويل ومتشعب، وشخصياً أنا أعمل على إظهار جمالية النص وما يحمله من المغزى".
وبخصوص الحركة النقدية في الساحة الأدبية العربية حالياً "إن النقد حالياً يرتكز على الشللية والعلاقات الشخصية وهي دائرة ضيقة يدور حولها أي كاتب وخاصة في الفترة الحالية، ويقوم على المجاملات وهناك بعض الأدباء يعانون من ظلم التجاهل من قبل النقاد والمهتمين بالأدب عموما ً".
ولكن لا ننكر أن هناك بعض النقاد يهتمون بالعمل بغض النظر عن جغرافية صاحبة ويقيّمونه طبقاً لأدوات نقدية حقيقية دون مجاملة ولا يعتمدون على اسم صاحبه الأدبي سواء أكان مغموراً أو مشهوراً وهو ما يفرز المنتج الأفضل بكل تأكيد، وللأسف هؤلاء النقاد قلة قليلة جداً".

وفيما إذا كان للأدب المصري سمات تميزه عن غيره "قد نتفق حول بعض القضايا التي تعتبر من أولويات المجتمعات العربية، ومطالب فئات واسعة من هذه المجتمعات التي ترى على أن الديمقراطية وحرية التعبير وتطوير الحياة العصرية التي لا تنافي القيم المتعارف عليها والدفاع عن الأرض والعرض واللغة والدين.... كلها قضايا أصبحت من الأولوية بمكان لدى كل فئات المجتمع العربي من المحيط إلى الخليج على صعيد كل الأجيال، يبقى الاختلاف بينها فقط في تسبيق قضية على أخرى".

ويضع تطوير حالة الأدب والثقافة على عاتق الشعب قائلاً: إن قضايا أي أمة يجب أن تكون نابعة من شعبها لا من أعلى الهرم السياسي، لأن هذا الأخير يرى قضايا أمته حسب أهوائه الشخصية ومصالحه الذاتية ومدى بقائه في السلطة.

حول تاريخه الأدبي والفائدة التي جناها من مشاركاته الثقافية الكثيرة "لم أعمل يوماً بهدف الفوز بجائزة مُعيّنة فما كانت كتاباتي يوماً أداة للوصول إلى الشُهرة بل كانت أداة طيّعة لخدمة المجتمع والعمل على خدمة الإنسانية من خلال كتابة مقال أو قصة أو قصيدة، أنا أُحب عملي وأبذل مجهودًا كبيرًا لإتقانه".

ويؤكد صابر حجازي بإن الترجمة بشكل عام هي اللحمة التي تربط بين خيوط السداة في نسيج الحضارة البشرية، ربما، لولاها، لظلت الأقوام والشعوب متباينة، متباعدة لا يربط بينها رابط، والترجمة هي الأداة التي يمكننا بها مواكبة الحركة الفكرية والثقافية في العالم.
ويوسع في شرحه: "لعل كتاب ألف ليلة وليلة، الذي لا يعرف أحد من كتبه أو تاريخ كتابته، من أشهر الكتب في الآداب العالمية جمعاء وأكثرها حظوة في الترجمة والتداول والانتشار".
"ومع تنامي حركة الترجمة وتقديم هذه الحركة للأعمال الروائية الكبرى من الآداب العالمية كالبؤساء، الحرب والسلم، قصة مدينتين، آنا كرنينا، بدأ التأثير يؤتي أكله وبدأت حركة التأليف تظهر روايات عربية أثبتت موجوديتها في مصر أولاً ثم العراق فسورية فلبنان فسودان ثم المغرب العربي".
"إن نظرة واحدة نلقيها اليوم على المكتبة العربية لكافية لأن تبين لنا مدى التقدم الذي حققه هذا الفن".

ويصف النشر الأدبي على متن مواقع تواصل الاجتماعي بالثورة والتطور وبالتالي بـ "ديوان العرب شعرياً ونقطة التواصل أدبياً وثقافياً التي جمعت المبدعين والمبتدئين من مختلف المشارب والدول، ولا يمكن أن نبخس هذه الفئة من الكتابة حقها في الاعتراف لها بقدرتها على المساهمة في تجديد الأدب العربي جميعه، ولذلك فقيمة كتابات وإسهامات المبدعين والشباب العربي في تطوير الأساليب الأدبية في كل الأجناس، وتغيير الرؤية النقدية لهذا الأدب. وللبحث عن الأسباب والدوافع التي دفعت شبابنا إلى التعاطي للكتابة والتدوين في عصر الإنترنيت التي ساهمت في إخراج العديد من الشباب والمبدعين الكبار إبداعياً من وكر الخوف والتردد، نجد أن هذه الفئة من المجتمع استطاعت أن تنتفض ضد واقعها المفروض عليها، وضد مسلمات وطابو هات رسمتها جهات كانت تريد أن تتحكم في مصيرها وتجعلها طيعة لها وتربيها كيفما أرادت وعلى الطريقة التي أرادت".

ويقول بإن والدته رحمها الله، هي صاحبة الفضل عليه من بعد الله سبحانه وتعالى "فلقد كانت تشتري لي مجلات الأطفال (ميكي وسمير وتاتان .... وغيرها) مما أكسبتني خيال خصب ومحبة للقراءة ومن بعد ذلك الكتابة".

وعن مدى رضاه على ما حققه في مشواره الأدبي الطويل: "نحمد الله، وإن كنت أتمنى كتابة مسرح شعري".

وأكبر (الندم، الفرح، الحزن، الحب...) في حياة الكاتب والشاعر والقاص صابر حجازي هو "الندم.... منبعه تقصيري في عباده الله حق عبادته

الفرح.... قليل ولم أشبع منه

الحزن.... يذوب مع الأيام

الحب، أمي، زوجتي، ابنتي...."

ونصيحته إلى الشعراء والكُتاب وخاصة المبتدئين منهم "ذنبهم على رأسهم، هم اختاروا الطريق الصعب الشائك وعليهم بالصبر وتحمل وخزات الأشواك. ونصيحة أخيرة أوجهها لهم: أقرئوا كثيراً واكتبوا قليلاً، ومع الأيام سيقوى عودكم أو قلمكم في الكتابة".

وينهي الحوار "أحلي أيامي كانت حينما تقرئني. والمحبة والتقدير للجميع".

 
حوار أجراه: خالد ديريك
.........................................................................

نبذة عن حياة وأعمال الأديب المصري صابر حجازي

 

ـ عضو بعدّة نوادي ثقافيّة وأشرف على الصفحات الأدبية

بالعديد من الجرائد والمجلات المصرية لسنوات طويلة.

-شارك بالعديد من الندوات والمهرجانات الأدبية

كما شارك في العشرات من الأمسيّات الشعريّة والقصصيّة.

– نظم الكثير من الأمسيّات الأدبيّة

ـ أذيعت قصائده ولقاءاته في شبكة الإذاعة المصرية

ـ نشرت أعماله في معظم الدوريات الأدبية في العالم العربي

– رئيس تحرير موقع فنار الإبداع

-من ضمن “الموسوعة الكبرى للشعراء العرب”، الصادرة مؤخرًا2016 والتي أعدتها الشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة

– الجائزة الأولى في المسابقة الأدبية، الاتّحاد العالميّ للشّعراء والمبدعين العرب، القاهرة، مصر،2014

ـ ترجمت بعض قصائده إلى الانجليزية والفرنسية

ـ حوارات ولقاءات صحفية حول مسيرة الأديب صابر حجازي الثقافية:

لقاء صحفي مع الأديبة الإعلامية المصرية ميمي قدري 2013 خاص لجريدة أصوات الشمال الجزائرية ونشر على المواقع الالكترونية

– لقاء صحفي مع الإعلامية العراقية ابتسام حياصات2014 خاص مؤسسة عرار للشعر والثقافة والأدب العربية وتكرر نشره على العديد من المواقع والجرائد والمجلات

– لقاء مع الإعلامي المصري أحمد الباشا 2016 حول أعمال الأديب صابر حجازي خاص لجريدة شباب مصر (مصر)

– لقاء صحفي مع جريدة جولدن نيوز اليمنية 2017وتم نشرة عبر أكثر من موقع الكتروني عربي…. وغيرها

 

– كتبُ العديد من المقالات النقدية حول مؤلفاته وتم نشرها عبر مواقع الكترونية محلية وعربية بأقلام الكثير من المبدعين العرب منهم:

-الشاعرة سميرة البتلوني (لبنان)

– الصحفية إيمان أبو الليل (مصر)

-الكاتب سامر المعاني (الأردن)

-الشاعر المقدسي موسي عودة

-الشاعر السوري منذر قدسي

-الاعلامي المصري محمد الشيخ

-الكاتب جوتيار تمر (كردستان العراق)

-الشاعر والناقد المصري محرم فؤاد

-الشاعر السوري محمد أحمد الأعرج

-الكاتب المحامي المصري أشرف إسماعيل

-سالم الحميد قاص وناقد عراقي …. وغيرهم.

كذلك لقاء مع الإذاعي اللامع ‏محمد الناصر‏ في البرنامج الإذاعي ” عرب فيسبوك عرب تويتر ” في صوت العرب، 2016

 

ـ حصل على العديد من الجوائز والأوسمة في الشعر والكتابة الادبية

‏-قام بعمل أكثر من (50) لقاء أدبي تحت عنوان (صابر حجازي يحاور أدباء وشعراء من الوطن العربي) نشرت كلها على المواقع الالكترونية المحلية والعالمية.

 

– كاتب للعشرات من الشهادات الإبداعية في الشعر والقصة والنثر لعديد من كتاب مصر والدول العربية

– تتناقل المواقع الأدبية أعماله فور نشرها

 

– له في انتظار النّشر:

(مخطوطات):

1-ما تعسر من الحب………………. شعر

2-العودة الي الله …………. كتابات اسلامية

3-اعدام محامي ……………قصص قصيرة

 

https://www.facebook.com/hegazy.s

الأديب المصري صابر حجازي

https://www.facebook.com/hegazy.s



53
الأديب الكُردي عصمت دوسكي: لم تنصفني أي جهة ثقافية، وليس عندي أي وارد مالي لأحمي به عائلتي.

 
عصمت شاهين دوسكي: الشعر يحتاج إلى شعراء يعرفون قيمة الشعر، والأدب يحتاج إلى مَن يحمل مسؤولية الأدب. وأنا غني في كتاباتي وفقير في حياتي.

حوار مع الأديب الشاعر عصمت شاهين دو سكي/ خالد ديريك

عصمت شاهين دوسكي من مواليد 1963 م من محلة شيخ محمد التي تقع وسط مدينة دُهُوك في إقليم كُردستان ـ العراق.
عاش طفولته الأولى بين الطبيعة والبساتين والهواء النقي وزقزقة العصافير وبياض الثلج ودفء المطر وسقوط أوراق الشتاء الصفراء وخضرة الربيع وشروق الشمس من بين جبال، مسلطة أشعتها على ألوان الورود والزهور وتمايل الفراشات الملونة بين الأغصان، وبين صورة تعب الفلاح ومساندة المرأة للرجل في الحقل والبيت، وهذه الطبيعة الجميلة لا تزال تحيا في داخله رغم تقلبات البشر، فقد مده الجبل بالقوة الروحية والطبيعة الجميلة بالإحساس والعفوية والبهاء، والينابيع بالصفاء والشفاء النفسي، والنهر بالاستمرار والحياة، والمرأة بالصبر والتضحية والجمال والحب والعطاء.
كان يلعب مع أقرانه بين أزقة دُهُوك البسيطة، ولم يخطر في بالهم، مع مَن يلعبون مسلماً كان أو مسيحياً أو إيزيدياً أو من أي ديانة أخرى، كان الجميع يعيش بالفطرة والعفوية والنية صافية، الغني يعطي للفقير والفقير يكتفي بالقليل.

سيضطر هذا الطفل وعائلته في نهاية الستينات للانتقال من دُهُوك إلى مدينة الموصل بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، وسينتقل من شارع الفروق إلى الجامع الكبير ثم حظيرة السادة ومحلة اليهود، ويحدث كل هذه التنقلات في فترات متقاربة.

وحين أراد التسجيل في مدرسة الوثبة التي تقع في منطقة الساعة القريبة من السرجخانة، قال مدير المدرسة: هذا الطفل لا يعرف شيئاً عن اللغة العربية ومن الصعب أن يتعلم، فيتدخل أحد أقربائه الذي كان برفقته ويتوسل بالمدير حتى يقبل تسجيله، ولا يزال يتذكر، إنه كان في مادة الإنشاء العربي يحصل على أعلى الدرجات.

كان والده الراحل، يعطيه مصروفه اليومي، وهو بدوره كان يحتفظ ويجمع هذا المصروف على قدر المستطاع، ويذهب في نهاية الأسبوع إلى شارع النجفي، حيث البسطات المفترشة للكتب، وكان يختار كتاباً أو قصةً أو مجموعة شعرية أو كتاباً مسرحياً، ومع مرور السنوات يصبح لديه أعظم الأصدقاء (البحتري، المتنبي، أبو نواس، بدر شاكر السياب، نازك الملائكة، فدوى طوقان، إحسان عبد القدوس، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، تولستوري، دستوفسكي، أرسطو، سقراط، أحمد خاني، عبد الله كوران…. وغيرهم).

تعالوا لنقرأ معاً هذا الحوار الشيق مع الشاعر والكاتب والناقد والروائي الكُردي عصمت شاهين دوسكي

يقول عن الأدب والثقافة في إقليم كُردستان ـ العراق: الشعر والأدب الكُردي أنهما بخير ولكن نحن لسنا بخير، فالشعر يحتاج إلى شعراء يعرفون قيمة الشعر، والأدب يحتاج إلى مَن يحمل مسؤولية الأدب، وليس هناك اختلاف أدبي أو ثقافي بين أجزاء كُردستان إلا اليسير من حيث الفكر والتوجه والرؤية، فقد كتبتُ عن أكثر من ثمانية عشر أديباً كلاسيكياً كُردياَ من مختلف المناطق برؤية أدبية عصرية كالشاعر علي حريري وفقيه طيران وأحمد الجزيري وشمس الدين أخلاطي وخالد الزيباري وأحمد خاني ومنصور الكركاشي وحسين باته يى وبرتو هكارى وغيرهم ووضعته في كتاب “فرحة السلام” وهو معد للطبع، لكن يحتاج إلى جهة ثقافية تتبنى طباعته فهو مصدر أدبي كلاسيكي عصري مهم. وأيضاً لي تواصل مع بعض الأدباء الكُرد خارج كُردستان ـ العراق ومنهم الأديب والشاعر غمكين كوردستاني.

ويرى بإن الشعر والأدب الكُردي بعد ظهور قنوات التواصل الحديثة وصل إلى مساحات واسعة من العالم من خلال أدباء مثل الأديب والروائي الكبير محمد سليم سوارى والأديب الرحال بدل رفو والشاعر الأزرق جلال جاف وغمكين كوردستاني وغيرهم من الأدباء الذين يحملون على عاتقهم هَم الوطن والإنسان والأدب.

وعن حال المثقف الكُردي الذي لا يكتب بالكُردية: عندما نريد أن يكون أدبنا عالمياً، علينا أن نكون عالميين في الفكر والتصرف والتوجه والإبداع ، فليس من المعقول أن تكون ثقافتنا تحتاج إلى ثقافة ثم نقول ثقافتنا عالمية ، وضع الثقافة في عنق زجاجة لا يوصل الثقافة إلى العالمية، قوقعة الفكر والتسلط الفكري يدمر الثقافة، لا يمكن تقييد الثقافة بشروط قسرية ، عندما تضع الشروط  غير المعقولة على المثقف كأنك تنفيه أو تقصيه وتقتل إبداعه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، عندما تقيد الثقافة فقد قرأت عليها نص الإعدام ، الكُتاب الذين يكتبون بالعربية دورهم أهم في نقل تراث وطموحات وأفكار وأهداف الشعب الكُردي إلى العالم،  وعندما تقيد المثقف الكُردي أن يكتب بلغة واحدة  وتلغي اللغات الأخرى كأنك تسجنه بلا سجن وتعدم أدبه بلا حبل ، فكيف الأديب الكُردي الذي يبدع مثلاً باللغة العربية وينقل هموم شعبه وطموحاته ووطنه إلى العالم العربي والعالمي لا يعترف به لأنه يكتب بالعربية ولا يحصل على هوية اتحاد الأدباء الكُرد لمجرد إنه يبدع وينقل هموم شعبه للعالم باللغة العربية ، لهذا أحياناً الثقافة تحتاج لثقافة جديدة عالمية لكي تنقل الهموم والطموحات إلى العالم .

وهناك حالة مؤلمة عندما تحيا بين الأقرباء والأصدقاء والأحباب، وفي وطن هو وطنك وتحس بالغربة والوحدة، فهذا لا يوصف بكلمات بل يحتاج إلى مجلدات، ربما هذا من أثر الحروب والدمار والخراب والفوضى التي مرت بنا وما زالت، حيث غيرت الكثير من الأخلاق والأفكار والمناهج الإنسانية الراقية.

وقد حدث لي موقف صدمني كثيراً في هذا الأمر، عندما أتيت بعد غياب فترة زمنية، لم يسمح أن يقام لي أمسية شعرية، لأني مبدع باللغة العربية ولم أمنح هوية اتحاد أدباء الكُرد ـ فرع دهوك إلا أن يكون صادر لي كتابان باللغة الكُردية!، هكذا يقاس الأدب، علماً أن هناك دعوات تصدر لأدباء من الأقطار العربية مع احترامي لكل الأدباء، يأتون وتقام لهم أمسيات شعرية وأشياء كثيرة، يبدو مطرب الحي لا يطرب كما يقول المثل. هذا الخلل الثقافي يجعل الثقافة محصورة في مكان معين بلا تطور ولا تغيير ولا إبداع.
وفي هذا الصدد، صدر لي كتابان عن الأدباء والشعراء الكُرد “عيون من الأدب الكُردي المعاصر” وكتاب “نوارس الوفاء عن روائع الأدب الكُردي” وهناك كتب أخرى في هذا المجال الأدبي والنقدي والتحليلي، ولكن ليس هناك جهة ثقافية كُردية تتحمل طبع هذه الدراسات عن الأدب والشعراء الكُرد بما فيها كتابي عن المرأة الكُردية بين الأدب والفن التشكيلي.

وعن نظرته إلى الحداثة في الشعر قال: تأخذ الحداثة من جيل إلى جيل شكلاُ وتوجهاً معيناً من خلال الحرية الفكرية والأدبية والمنهجية، وعرفت الحداثة على أنها شكل أدبي يقوم بالتمرد على الواقع والمنهج والأسلوب والأفكار والقوانين المؤلمة وتغيير القديم الموروث بكل أشكاله. تجديد التقاليد المتوارثة، انتشار الوعي الفردي المستقل مع ظهور الفردية. بدأ مذهب الحداثة منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي تقريباً في باريس على يد الكثير من الأدباء السرياليين والرمزيين والماركسيين والفوضويين والعبثيين، ولقي استجابة لدى الأدباء في الشرق والغرب حتى وصل إلى شرقنا الإسلامي، وهذا لا يعني أن تكون الحداثة سبيلاً لتكتب كيفما تشاء فالشعر هو الكلام الذي يختلف ويتميز عن باقي الألوان الأدبية بأن له وزناً وقافيةً وحاملاً للمعاني العميقة والجميلة في الوقت نفسه، ويتكون من عدة أبيات، ويعتبر الشعر أحد التيارات الإبداعية التي مارسها الإنسان منذ القديم وحتى وقتنا الحاضر، مستخدماً إياه كوسيلةٍ للتعبير عن أحاسيسه وأحلامه وطموحاته والمواقف المحيطة والمؤثرة، فيه والتي يؤثر فيها بدوره على المتلقي ، لست مع الحداثة التي تدمر الشعر والإحساس والفكر.

وأما الشعر الكُردي فَرؤاه مبنية على الفكرة التي يريد الشاعر إرسالها للمتلقي بما يضمنها من استهلال وجوهر المعنى والنهاية المفاجئة بأسلوب راق وممتع بما يختص فيه الشعر الكُردي من جمال الطبيعة الكُردية الجبلية وإحساس النقي بنسيم الحياة المنعش للروح والفكر والقلب والمشاعر ووصف ورموز تحمل معاني ومضامين كثيرة، كان الشعر الكلاسيكي الكُردي لا يفقد القافية والموسيقى الشعرية والعبارات المعنية بالفكرة أما الآن فقد تجزأت لتواكب الحداثة الشعرية كباقي آداب العالم.

ويقول: الموهبة وحدها لا تكفي لتكتب شعراً، بل الإلمام بعالم الشعر بكل جوانبه اللغوية والفكرية والحسية والبنيوية ومتابعة التغير الشعري على مر الزمن يصقل الموهبة وينضجها بالتالي يتمكن منها ، اختيار المفردات المناسبة والتعبير عن الفكرة الصورة الشعرية من الأمور المهمة، وعندي أهم من الأهم هو الإحساس بما تكتب فالشعر بلا إحساس لا يعتبر شعراً، كاللوحة التي فيها أشكال وألوان لكن بلا معنى فتنفر منها ، هكذا الشعر تقرأه لكن لا تجد إنه لمس شغاف قلبك وإحساسك وحرك فكرك ومشاعرك فالشعر ثورة وعشق وحمامة سلام وامرأة جميلة على منبر الملكات والأميرات والثائرات ورسالة إنسانية عالمية ، فإن لم تكن بقدر الشعر فالابتعاد عنه أفضل ، يمكن بدلاً عن الشعر تكتب خاطرة تبوح فيها ما تود البوح فيه.

يكمن الإبداع  وأهميّة الإبداع كما يقول هارول أندرسون: في كونه عمليّة إنتاج تشهد كلّ لحظة من لحظاتها ولادة جوهرة ذات قيمة آنية ، ليس ذلك فحسب بل تكمن الأهميّة في كون الإبداع ضرورة من ضرورات الحياة، ويعد الإبداع تفاعلاً لعدة عوامل فكرية وبيئية واجتماعية و سياسية وشخصية، وينتج هذا التفاعل بحلول جديدة يتم ابتكارها للمواقف العملية أو النظرية في أيٍ من المجالات العلمية أو الحياتية ، وما يميز هذه المجالات هو التمكن من استخدام ومعرفة الحداثة والأصالة والقيمة الاجتماعيّة المؤثّرة، فهي إحدى العمليات التي تساعد الإنسان على الإحساس وإدراك المشكلة والمواقف، مواقع الضّعف والقوة ، والبحث عن الحلول واختبار صحتها، وإجراء تعديل على نتائجها ، كما أنها تهدف إلى ابتكار أفكار جديدة مفيدة ومقبولة اجتماعياً عند تطبيقها، كما تمكن صاحبها من التوصل إلى أفكار جديدة واستعمالات غير مألوفة، وأن يمتلك صفات تضم الطلاقة والمرونة والإسهاب والمتعة الشعرية والحساسية للمشكلات، وإعادة تعريف المشكلة وإيضاحها شعراً.

ويسهب في حديثه، بإن الإبداع لا يكون إبداعاً في أي عمل أدبي إلا عندما يكون حراً دون الشعور بالخوف والقلق والترقب أثناء الكتابة، فدوافع الإبداع عديدة ومنها ذاتية داخلية نفسية، بيئية خارجية مادية ومعنوية، ودوافع خاصّة بالعمل الإبداعي، أنا أكتب ما أحس فيه من الإحساس الجميل يرتقي بالجمال الروحي، والمشاعر الراقية في الإنسان تسمو بالفكر الجمالي والخيال الواسع يكون أكثر خلقاً للتعبير والوصف بتناغم الروح والمشاعر، والفكر والخيال ترسم لوحة إنسانية تستحق التأمل والتأويل، والأفكار التي تراودني تتجسد شعراً فتجدني دائماً أحمل ورقةً وقلماً، فالأفكار ربما تأتيك في لحظة فإن لم تدونها تهرب منك ولا تتذكرها.

ورقيبي الوحيد في الشعر هو ضميري الإنساني الذي يبحث عن الأمان والسلام والحب والجمال في أي مكان وزمان.

ويؤكد بإن القصيدة يمكنها تشخيص كل القضايا ومعالجتها، فهي تحمل رسالة إنسانية وإن دمج فيها (الخيال، التاريخ، الغزل، الهجاء، الرثاء….  وغيرها من ضروب الشعر فهي تعكس الواقع إن كان مؤلماً أو طبيعياً أو تمرداً أو عشقاً، كل قصيدة تحمل عقدة، مشكلة ذاتية، اجتماعية، بيئية، سياسية، وطرحها على الناس يعني تحتاج حلاً، ويمكن أن يكون الحل فيها، في مضامين القصيدة ومعانيها وصورها الشعرية، لا يمكن أن أضع قصائدي في خانة أو زاوية معينة لكن يمكن القول: بإن قصائدي إنسانية كونية، تشمل الطبيعة، البحار، السماء، الجبال، الأحجار، الورود والأزهار، البشر و الحب ،الجمال والمرأة والعشق، الإحساس والمشاعر ، الأفكار بكل تجلياتها، والمرأة في شعري رمز قوي بين الرموز فهي تمدني بالشعر والحب والنشاط والتمرد والعشق والجنون والحياة وهي رسائل للعالم كله بلا حدود ولا قيود.

وحول مسألة النقد الأدبي وأدباء الكُرد يقول: النقد الأدبي له خصوصية في دراسته وتحليله وتأويله وأخذ جوانب الضعف والقوة في العمل الأدبي ولكي أعرف العالم عن الأدباء الكُرد والأدب الكُردي، كتبت منذ الثمانينات ولحد الآن تقريباً (200) مقال أدبي لشعراء وأدباء ومفكرين والفنانين التشكيلين الكُرد الكلاسيكيين والمعاصرين، منهم صدر فيهم كتابان “عيون من الأدب الكُردي المعاصر” عام 2000 م بغداد، وكتاب “نوارس الوفاء عن روائع الأدب الكُردي المعاصر” عام 2002 م بغداد، كلاهما صدرا عن دار الثقافة والنشر الكُردية.

وهناك كتب تخص الأدب الكُردي معدة للطبع مثل كتاب “فرحة السلام” عن الشعراء الكلاسيكيين الكُرد وكتاب “المرأة الكُردية بين الأدب والفن التشكيلي”، ولكن لا أحد ولا أي مؤسسة ثقافية تهتم وأنا لست متمكناً مادياً لتحمل تكلفة الطبع.

وأما أسماء الأدباء فهم كُثر ومنهم كتبت مقالات عن تجاربهم مثلاً الدكتور إحسان فؤاد وخسرو الجاف ولطيف هلمت ومحمد سليم سواري وبدل رفو وسالم كورد ونزار البزاز وجمال برواري وغمكين كوردستاني وأروى الجاف وكوليزار أنور وكولاله نوري جيهان محمد علي وثائرة شمعون الباز وجانيت المرادي وبلقيس الدوسكي وغيرهم، الساحة الأدبية الكُردية ناضجة بالنقد والتحليل والكتب كثيرة، لكن المترجمة منها قليلة عالمياً.

وأما مسألة النقد في الساحة الأدبية العربية: ما شاء الله فيها ما يرجوه المتلقي، أما عن المضامين النقدية فهي رؤية أدبية خاصة ودراسة وتحليل أولاً، ثم نقل هذه الرؤية إلى العالم العربي والعالمي ثانياً. وأسماء الأدباء والفنانين التشكيليين من المغرب الذين كتبت عنهم في كتابي “إيقاعات وألوان” الفنان التشكيلي الكبير بن كيران التطواني، الشاعر عمر البقالي، جمال الموساوي، الفنانة التشكيلية والشاعرة جميلة التطوانية، الشاعر محمد المرضي، الفنانة سلوى الشودري التي لحنت وغنت إحدى قصائدي ” أحلام حيارى ” سجلت فيديو كليب عالمياً، والشاعرة جليلة مفتوح والفنانة التشكيلية نسرين الشودري والشاعر محمد السرغيني وخالد الضاوي ونور الدين الوادي وسعيدة أملال وغيرهم.

وفي الأدب النمساوي لي كتابان معدان للطبع وتحتاج إلى من يهتم بطبعهم من المؤسسات الثقافية المعنية “جزيرة العشق وجمال الرؤيا” واخترت عدداً من شعراء النمسا منهم الشاعر ادوارد ف اورتنز، الشاعر ارنست يا ندل، أريك فريد، الفريد كوليريش، الويس هير كويت وغيرهم.

الجدوى والفائدة من الدراسات النقدية حول تجربته الأدبية، يقول عنها: كل دراسة أدبية عن شعري وكتاباتي الأدبية اهتم فيها واستفيد منها فهي تضعك في صورة ربما أنت لا تراها كما يراها الناقد، توضح بعض المعالم التي استفيد منها في شعري وكتاباتي. وقد كتب عني الكثير ومنهم الدكتور أمين برواري والصحفي والشاعر عدنان الريكاني والأديب والمذيع جمال البرواري والمفكر فرهاد عمر والأديب أحمد لفتة علي والأستاذة المغربية وفاء المرابط والأستاذة التونسية هندة العكرمي والأديبة السورية نجاح هوفك والدكتورة المصرية نوى حسن والأستاذة المغربية وفاء الحيس وغيرهم وقد استفدت من أفكارهم وتحليلهم ورؤيتهم.

ويقول بإن روايته “الإرهاب ودمار الحدباء ” الصادرة حديثاً واقعية : الإرهاب ودمار الحدباء أحداث واقعية، حدثت على أرض الواقع وهي رواية توثيق أدبي تاريخي مهم لمرحلة مأساوية مرت علينا شخصياً وعلى مدينة الموصل وأهل الموصل، والموصل نموذج مكرر تحت الإرهاب فهناك مدن كثيرة مثل الموصل في سوريا وفلسطين واليمن وليبيا، والفكرة أتت من خلال التواصل عبر الفيسبوك مع صديقي الأديب أحمد لفتة علي وبعد مناقشات مكثفة كتبت الرواية، تتضمن الرواية عشرة فصول، كل فصل له خصوصيته وفي نفس الوقت مرونته لما بعده (قبل البداية – من وراء الحدود – دهُوك المنطقة الآمنة – احتلال الموصل – منهج ورؤية – الانكسار – إعلان ساعة الصفر – دمار البيت – البحث عن مكان – رحلة بلا نهاية ) وأعتقد لو طبعت  هذه الرواية في الخارج لأخذت انتشاراً وإقبالاً واسعاً لأن الفكرة عالمية والتوثيق بشكل سردي أدبي دقيق يعطي دافعاً قوياً في التأثير والاستفادة من مضامينها الجوهرية، والرواية رسالة إنسانية عالمية . علماً تكلف الناشط في مجال حقوق الإنسان ورئيس منظمة الآخاء العربي والكُردي سردار سنجاري بتكلفة طبع الرواية والاهتمام فيها لحين توزيعها على المكتبات في دهُوك، وقام بتصميم الغلاف صديقي الفنان التشكيلي والمصمم نزار البزاز.

وحول مشاركاته الأدبية في المهرجانات والأمسيات قال : المشاركات الأدبية الفعلية تواصل فكري يمتد عبر العطاء والأخذ لا أن تكون ساكناً مجرداً تملأ فراغ، وهنا مشاركاتي قليلة لأني اكتب باللغة العربية وليس هناك مساحة إبداعية للغة العربية هنا، لأن التكوين اللغوي هنا فقط باللغة الكُردية فالأمسيات والندوات الثقافية إن وضعت لا تقبل الأدب العربي وإن كان هذا الأدب العربي يخدم الأدب الكُردي، وقد شاركت في حفل تكريمي عالمي للسلام العالمي وحقوق الإنسان دعوت إليه من قبل منظميه في إربيل وألقيت قصيدة “سيدة السلام ” وكرمت بدروع السلام من كافة المنظمات المحلية والعالمية وشهادة تقدير، ومثل هذه المناسبات الفكرية والثقافية قليلة جداً.

أما أول جائزة استلمتها مادية كانت في بداية الثمانينات عندما استلمت مبلغاً عن قصيدة نشرت في صحيفة “الحدباء” وبدلاً أن أفرح بكيت. وقد نلت المرتبة الثانية في الشعر الفصحى للمسابقة الشعرية الأدبية الدولية التي أقيمت في مصر، مؤسسة القلم الحر باشتراك أكثر من 5445 مشاركاً لمهرجان القلم الحر للإبداع العربي.

ويصف حالته بعد كل هذا العطاء الكبير للأدبين الكُردي والعربي قائلاً: طموحي الأدبي والشعري كبير وما زال عندي أمل رغم كل المعاناة، مع الأسف لم تنصفني أي جهة ثقافية في كُردستان خاصة بعد المعاناة في الموصل وقصف منزلي وتدميره بالكامل وخروجنا منه بأعجوبة إلهية ولجوئي لدهوك، لا اتحاد أدباء دهُوك ولا أي جهة رسمية ثقافية أنصفتني حتى ولو باليسير. تصور ما زلت بلا عمل، يقيني من السؤال والبحث عن لقمة العيش الكريمة وليس عندي وارد مالي أحمي به عائلتي ولولا وجود الاستاذ سربست ديوالي آغا الذي عرف بوضعنا من خلال صديقي الأديب بدل رفو لكنا في شوارع دهوك نستجدي اللقمة والمكان، فهو أجر لنا شقة لمدة سنة وتحمل مصاريف ضريبة الكهرباء والماء والخدمات.

ويتابع: في كُردستان الثقافة مرهونة بالمكتب والمنصب وربطة سوداء. أما الدول العربية من خلال أصدقائي وتواصلي معهم، أصدرت الأستاذة المغربية وفاء المرابط ديواني الشعري “بحر الغربة” وكذلك أصدرت الأستاذة التونسية هندة العكرمي مجموعتي الشعرية “حياة في عيون مغتربة” وهناك دول عربية أرادتني أن أنتقل إليها واستقر فيها ولكني رفضت أن أترك أهلي وأصدقائي ومهد ومكان ولادتي رغم إنهم بعيدون عني لأني فقير، فالمادة هنا طغت والإنسانية ضعفت، قلتها سابقاً أنا غني في كتاباتي وفقير في حياتي.

وعن مدى قدرة المثقف الكُردي في تقريب وجهات النظر بين أطراف السياسية الكُردية المختلفة فيجيب: نعم بإمكان المثقف الكُردي أن يكون فاعلاً في تقارب وجهات النظر السياسية، لكن السؤال هنا من يسمح له أن يطرح رأيه، ومن سيسمعه؟ السياسيون مكورون على أنفسهم ، والمثقف آخر من يسمع له، هذا إن سمعوا له ، أما التأثير على المثقفين في دول أخرى يكون من خلال الإعلام والإبداع في طرح أحقية القضية الكُردية، سابقاً في الستينات والسنوات بعدها، الكل كان ينادي بالوطن، الوطن، الوطن، لكن عندما جاء الوطن بين اليدين، نسوا الوطن واهتموا بأشيائهم الشخصية فقط ( أنا والطوفان بعدي ) وهذا ترك آثاراً سلبية على المجتمع والوطن، أي دولة لا تهتم بالإنسان والأرض، دولة آيلة للضعف والانكسار، أي دولة لا تهتم بالمثقفين والمفكرين والعلماء والأدباء دولة جاهلة مصيرها التراجع والانهيار، أي دولة لا تهتم بالتربية الصحيحة والعدل للجميع، دولة فوضوية وإن استمرت بقدرة الله ،كنا نقرأ سابقاً في مناهجنا الدراسية ” الشخص المناسب في المكان المناسب ” يطبق هذا المثل ولكن بالعكس تماماً، حيث يبقى الحال كما هو عليه، المكاسب التاريخية لا تأتي بسهولة ولهذا عليها أن لا تذهب بسهولة، ولكن رغم كل هذه المعاناة الأمل بالشباب الواعد الذي هو عماد الدول الراقية.

أما عن إنتاجه الأدبي: هناك أعمال أدبية شعرية معدة للطبع وانتظر يوماً تطبع في حياتي وأراها أمام عيني. كتاب عن الشعر الكلاسيكي الكُردي وكتاب عن أدب المرأة الكُردية وكتاب نقدي عن الأديب الرحال بدل رفو وكتاب عن شاعر الرؤيا الإبراهيمية إبراهيم يلدا وكتاب عن الأدب المغربي وكتابان عن الأدب النمساوي وثلاث كتب شعرية وغيرها، أعمل على تنسيقها وإعدادها.
ويختم بقوله: شكراً جزيلاً لشخصك الكريم وعلى تحملك وصبرك الجميل. ما أود قوله، كل الأمم تنهض بمثقفيها وعلمائها ومفكريها وأدباءها، وعلينا أن نتعظ ونهتم بهم لنرتقي إلى مستوى الحضارات المتقدمة، المنصب والكرسي زائل لكن الثقافة والعدل والتربية تبقى قائمة إن كانت في منهج صحيح. شكراً جزيلاً.

 حوار أجراه: خالد ديريك

................................................................................

نبذة عن حياة وأعمال الأديب الشاعر عصمت شاهين دو سكي
----------------------------------------------
-مواليد 3 / 2 / 1963 دهوك كردستان العراق
-بدأ بكتابة الشعر في الثامنة عشر من العمر، وفي نفس العام نشرت قصائده في الصحف والمجلات العراقية والعربية.
-عمل في جريدة العراق، في القسم الثقافي الكردي نشر خلال هذه الفترة قصائد باللغة الكردية في صحيفة هاو كارى، وملحق جريدة العراق وغيرها.
-أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مدينة الموصل
-حاصل على شهادة المعهد التقني، قسم المحاسبة -الموصل
-شارك في مهرجانات شعرية عديدة في العراق
-حصل على عدة شهادات تقديرية للتميز والإبداع من مؤسسات أدبية ومنها شهادة تقدير وإبداع من صحيفة الفكر للثقافة والإعلام، وشهادة إبداع من مصر في المسابقة الدولية لمؤسسة القلم الحر التي اشترك فيها (5445) لفوزه بالمرتبة الثانية في شعر الفصحى، وصحيفة جنة الإبداع، ومن مهرجان اليوم العالمي للمرأة المقام في فلسطين " أيتها السمراء " وغيرها.
-حصلت قصيدته (الظمأ الكبير) على المرتبة الأولى في المسابقة السنوية التي أقامتها إدارة المعهد التقني بإشراف أساتذة كبار في الشأن الأدبي.
-فاز بالمرتبة الثانية لشعر الفصحى في المهرجان الدولي " القلم الحر – المسابقة الخامسة " المقامة في مصر ".
-حصل على درع السلام من منظمة أثر للحقوق الإنسانية، للجهود الإنسانية من أجل السلام وحقوق الإنسان. في أربيل 2017 م
-حصل على شهادة تقديرية من سفير السلام وحقوق الإنسان الدكتور عيسى الجراح للمواقف النبيلة والسعي لترسيخ مبادئ المجتمع المدني في مجال السلام وحقوق الإنسان أربيل 2017 م
-حصل على درع السلام من اللجنة الدولية للعلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان للجهود الإنسانية من أجل السلام وحقوق الإنسان. أربيل 2017 م
-تنشر مقالاته وقصائده في الصحف والمجلات المحلية والعربية والعالمية.
-غنت المطربة الأكاديمية المغربية الأصيلة " سلوى الشودري " إحدى قصائده " أحلام حيارى ". وصور فيديو كليب باشتراك فني عراقي ومغربي وأمريكي، وعرض على عدة قنوات مرئية وسمعية وصحفية.
-كتب مقالات عديدة عن شعراء وأدباء الأدب الكردي
-كتب مقالات عديدة عن شعراء وأدباء المغرب
-كتب مقالات عديدة عن شعراء نمسا، ((تنتظر من يتبنى هذا الأثر الأدبي الكردي والمغربي والنمساوي للطبع.)) .
-كتب الكثير من الأدباء والنقاد حول تجربته الشعرية ومنهم الدكتور أمين موسى، الأستاذ محمد بدري، الأديب والصحفي والمذيع جمال برواري الأديب شعبان مزيري الأستاذة المغربية وفاء المرابط الأستاذة التونسية هندة العكرمي والأستاذة المغربية وفاء الحيس وغيرهم.
-عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق.
-مستشار الأمين العام لشبكة الأخاء للسلام وحقوق الإنسان للشؤون الثقافية.
-صدر للشاعر
•مجموعة شعرية بعنوان (وستبقى العيون تسافر) عام 1989 بغداد.
•ديوان شعر بعنوان (بحر الغربة) بإشراف من الأستاذة المغربية وفاء المرابط عام 1999 في القطر المغربي، طنجة، مطبعة سيليكي أخوان.
•كتاب (عيون من الأدب الكردي المعاصر)، مجموعة مقالات أدبية نقدية، عن دار الثقافة والنشر الكردية عام 2000 بغداد.
•كتاب (نوارس الوفاء) مجموعة مقالات أدبية نقدية عن روائع الأدب الكردي المعاصر – دار الثقافة والنشر الكردية عام 2002 م.
•ديوان شعر بعنوان (حياة في عيون مغتربة) بإشراف خاص من الأستاذة التونسية هندة العكرمي – مطبعة المتن – الإيداع 782 لسنة 2017 م بغداد.
•رواية " الإرهاب ودمار الحدباء " مطبعة محافظة دهوك، الإيداع العام في مكتبة البدرخانيين العام 2184 لسنة 2017 م.
•كتب أدبية نقدية معدة للطبع:
•اغتراب واقتراب – عن الأدب الكردي المعاصر.
•فرحة السلام – عن الشعر الكلاسيكي الكردي.
•سندباد القصيدة الكورية في المهجر، بدل رفو
•إيقاعات وألوان – عن الأدب والفن المغربي.
•جزيرة العشق – عن الشعر النمساوي.
•جمال الرؤيا – عن الشعر النمساوي.
•الرؤيا الإبراهيمية – شاعر القضية الآشورية إبراهيم يلدا.
•كتب شعرية معدة للطبع:
•ديوان شعر – أجمل النساء
•ديوان شعر -حورية البحر
•ديوان شعر – أحلام حيارى
•وكتب أخرى تحتاج إلى المؤسسات الثقافية المعنية ومن يهتم بالأدب والشعر لترى هذه الكتب النور في حياتي.

 
الاديب الشاعر عصمت شاهين دوسكي
 
 
 

54
أدب / على منصة الوداع
« في: 15:37 02/12/2017  »
على منصة الوداع

 
على منصة الوداع
تفرق سرب الوئام
نزف الفؤاد في جلباب الهوان
فنكست هامة مفتخرة
بأنسام الوفاء....
ارتعدت نبضات الهيام
هطلت دموع الخيبات
فذبلت بتلة مروية
بندى الأيام....
انثالت الأفكار على العقل
لرتق القبل وبقية اللمسات
من حافة الذكريات
ببقايا الرضاب
فاصطدمت بجمود عقارب الزمن
على أبواب جبروت القدر
وغاصت في بحر الدجى
حيث المأساة....
حيث....
ضجيج النطق يحصد فصول العزم
حتى من عكازة الاستمرار
وخجيج الريح يلتهم الزهر
حتى من شقوق الآثار
والشمس تتوارى خلف كتل الغيم
دون أن تمزق بأشعتها
خيمة الأحزان.


بقلم: خالد ديريك

55


حوار مع الشاعرة والفنانة مها بلان

خالد ديريك

 


مها بلان تؤكد بإن المنافسة جارية على قدم وساق في الأوساط الأدبية والفنية
الشاعرة والفنانة السورية: اللوحة بحد ذاتها قصيدة. والريشة والقلم توأمان. هما حس إبداعي ووعي جمالي.
 
 
مها بلان من جبل العرب في محافظة السويداء بسوريا. إنسانة لها طموح كبير يحدوها الأمل لتحقيقه. ولدت في عائلة لها ميول فنية وأدبية، ولم يسعفها الحظ لإنهاء دراستها إذ كان الارتباط والزواج هو الفاصل في المرحلة الثانوية. أم لثلاثة شبان، طبيب ومهندس وأصغرهم يعمل في التجارة، دعتهم الظروف للسفر إلى خارج حدود الوطن.
وعن موهبتها الشعرية تقول: بدايتي لم تكن بالبعيدة جداً، رغم إن المؤهلات كانت تسمح لي ببداية مبكرة، لكن الظروف لم تسمح لي بسبب السفر وتربية الأطفال ومسؤوليات أخرى بدأت بكتابة الخواطر التي كانت بالنسبة لي انطلاقة وهادفة، رغم التوقف لفترات لم أحظ فيها على الوقت في الكتابة إلا أن هاجس الكتابة لم يفارقني.

وتصف الشعر بأنه حالة وجدانية وتجلي للفكر بنقاء، خيال خصب، فرح، حب... هكذا تراه كمتذوقه للشعر.

وعن نفسها تقول: لا أصنف نفسي بشاعرة. أنا فقط اكتب الحالة التي تلامس ذاتي وما أراه في عالمي وحولي. صفة الشاعر لا يملكها كل من خط على الورق، بالنهاية تبقى الكلمة النابعة من الإحساس هي المسيطرة، كذلك الأمر بالنسبة للرسم.

وتؤكد بإن الشعر والرسم توأمان. خيال يحلق نحو الأفق. رابطة قوية تجمع بينهما، هما حس إبداعي ووجداني ووعي جمالي.

فالرسم أيضاً حالة وجدانية. خيال يحلق في ماهية الأشياء حد السماء. الرسم ممتع للروح كما هو الشعر متنفس الشاعر. اللوحة بحد ذاتها قصيدة. والريشة والقلم توأمان. هما حس إبداعي ووعي جمالي.

وترى أن الكتابة بحد ذاتها وليدة الصدفة. الخيال لا يكفي للكتابة. بالنسبة لي هناك أمور عدة تخلق عندي حالة كتابة وأجد نفسي مهيأة لهكذا الأمر. ولكن الأقرب إلى نفسي في الكتابة هي حالة الحزن مع أنني لست من رواد الحزن لكنه يلامس إنسانيتنا ويعبر بشكل أعمق عن لواعج النفس والروح.

لتظهر القصيدة بأبهى الصور فالشاعر إنسان مرهف الأحاسيس وجدًا، يتأثر بما يدور حوله والقصيدة هي مجمل تعبيري عنه من انفعال وتفاعل. وهذا يجب أن يفتح أمامه حافزاً وآفاقاً يتسلل إلى عاطفته وموهبته وخيال يحرضه كي يصل إلى مرحلة التجلي الأدبي السامي كي تصل القصيدة بأبهى صورها وتلامس وجدان القارئ.

بالنسبة لعناوين القصائد لكل واحد وجهة نظر في ذلك ولكنني أعتقد بأن العنوان مهم لا بد من ذلك العنوان يتمم المعنى من وجهة نظري.

عن مسيرتها مع الرسم: أرى كل ما هو قريب مني وأغلب لوحاتي تحاكي الطبيعة، لم أستمر بالرسم كثيراً إذ وجدت هواية النحت هي الأقرب لي للتعبير أو بالأحرى عن موهبتي. شرعت أنجز تكوينات ومجسمات مستخدمة فيها خامات تقليدية كالشمع والكرتون والصلصال هو فن ثلاثي الأبعاد ويعتمد على الدقة وذلك بسبب ليونة المواد المستخدمة فيه وأظن إني أميل للمدرسة الكلاسيكية.

وحول مشاركتها في معارض الرسم قالت: أقيم أكثر من معرض في محافظتي (السويداء) وكان لي شرف المشاركة، وقد حالفني الحظ بأن أكون من المميزات الأوائل لأكثر من لوحة. عرضت علي فكرة تدريس المادة في أحد المراكز الثقافية ولكن ظروف الحرب كانت السبب الأكبر في إيقاف أي نشاط أدبي أو فني أنداك.

أما الصعوبات والمعاناة التي تواجه المرأة فإنها تختلف من منطقة لأخرى بسبب التقدم الحضاري، نجد نساء أخذن كامل حقوقهن بموازاة الرجل، ولكن أغلب النساء في مجتمعاتنا الشرقية مقموعات بسبب الجهل ولم تجدن الفرص المواتية لإظهار مواهبهن بسبب تحكم الرجل المسيطر، ناهيك عن مجتمع متقوقع على نفسه ويحد من إمكانيات المرأة وإثبات جدارتها.

أما بالنسبة لي لم تصادفني أي عقبة بالعكس جميع أفراد عائلتي كانوا من المشجعين لي في أي عمل أردت إنجازه.

ولتبدع المرأة تحتاج إلى جو فيه كل معالم الحرية وهذا الأمر لم يتحقق عند الجميع للأسف.

وتتحدث عن شقيق والدها (عمها) الفنان السوري الراحل فهد بلان فتقول: الفنان فهد بلان كان يعني لي عالما بحد ذاته وليس لي فقط بل لعائلتنا جميعاً. فهد بلان كان صفحة بيضاء نقية يراها الجميع. لا توجد أسرار في حياته وفي محيطه إلا ما كان يحتفظ فيه لنفسه. إنسان عفوي وصريح حد الغموض، مرح الطباع، كريم النفس ونبيل الخلق. حمل راية الوطن حول العالم وتجذر حبه في وجدانه. قدم الكثير من الأغاني التي تلامس وجدان الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج. تفانى في خدمة الجميع وكان له بصمة في حياة جميع أفراد عائلتنا. ترك لنا ميراثاً نفتخر به بما حمل من الفن والأثر الطيب. فهد بلان هرم وشامخ كان في حياته وحتى بعد وفاته.

ترى بإن عائلتها جميعها لهم صاحب الفضل عليها في مجال الشعر والرسم وتضيف: والفضل الأكبر لزوجي ورفيق روحي، الذي رافقني منذ بداياتي وفي كل خطوة وحرف وصورة وصقل موهبتي، هو أستاذي الأول وله أهدي أي نجاح.

حول رأيها عن المواقع التواصل الاجتماعي ترى بأنها سيف ذو حدين وتحمل النعمة والنقمة بنفس الوقت. هي نافذة ووسيلة للحصول على الأخبار الثقافية والفنية واللف حول العالم بكبسة زر واحدة. أتاحت الفرصة أمام الكتاب والشعراء وذوي الاختصاصات في كافة المجالات لنشر أعمالهم وبسرعة ودون اللجوء إلى الوسائل القديمة. ونقمه بنفس الوقت إذ أن هناك من يضيع الوقت ويهمل الكثير من الأعمال التي ينتفع بها. ناهيك عن ألعاب التسلية التي لا نفع منها سوى أنها أثرت سلباً على شبابنا بجمود فكري وعاطفي بحت.

وتؤكد بإن المنافسة جارية على قدم وساق في الأوساط الأدبية والفنية وهذا شيء جميل حين تحمل المنافسة الروح الرياضية لا الغيرة فيها. وأما إذا كانت من أجل تحقيق ظهور الأنا من خلال المنافسة فهي بعيدة كل البعد عن السمو والارتقاء لكل ما هو هادف وجميل واعتبره يقلل من احترام الشخص لذاته قبل الأخرين. بالنسبة لي، لم اتعرض إلى هكذا الأمر ولست ممن يحبون الخوض في هكذا المضمار بعيد كل البعد عني.

الحب بالنسبة لها هو كل ما تحمله هذه الكلمة من المعنى والسمو. الحب ديمومة الحياة، وقلبها النابض. لا نستطيع اجتياز درب الحياة إذا لم يكن الحب زادنا.

وتقول بإن الواقع الثقافي في سوريا حالياً، بدأ يستقر تدريجياً بعد انهيار وشتات لنحو سبع سنوات. المراكز والمنتديات الثقافية والفنية عاودت نشاطها. افتتحت عدة معارض بالنسبة للفن التشكيلي. والقادم أراه جميلاً وهناك بارقة أمل بعودة الأمور إلى نصابها وإن شاء الله لنا ولأجيال بالخير وهدأة الأحوال. وإن غداً لناظره قريب.

أما عن جديدها أدبياً وفنياً، هناك أكثر من قصيدة أنهيت كتابتها. وبالعادة أنا لا أنشر كل جديد لي على مواقع التواصل الاجتماعي. وحالياً هناك ديوان في قيد الإنشاء، ربما يتم إصداره في العام المقبل إن شاء الله. أما بالنسبة للرسم لا شيء جديد يذكر.
وفي الختام لا يسعني سوى الشكر الكبير على استضافتكم الكريمة وعلى كل مجهود تبذلونه لإيصال كل ما هو جميل وهادف في عالم الأدب الرصين. تقديري وكل التحايا استاذ خالد ديريك.


حوار أجراه: خالد ديريك

56
أدب / إكسِير الحَياة
« في: 19:34 13/11/2017  »
إكسِير الحَياة

خالد ديريك

أيها المتأرجح بين رقعة
الصمود والانكسار
لا تكن من الخادعين لميراث العشق،
المهزومين في معركة النيات
لا تسارع الموج الهائج
الذي يقضم الشراع
ولا تضع الكتاب النبض
على رفوف النسيان
فأشعاري لا تزال
تعزف الروائع بنقاء
في وجه التضليل والضباب
تُزين واحات خضراء
في عقر الصحراء
تبدد المنحنيات والظنون
ترصف تضاريس الوصول
تصد المصائب المتتالية
تحت عزم أمل اللقاء
أيها المتذبذب كغيم الربيع
لا تتشبث بالعناد
فتحت وطأة قسوته اندثرت
قصص على أجنحة الهفوات
لا تواكب جحافل اليائسين
كَصبر ذاب على صقيع الانتظار
لا تترجل من صهوة الوفاء
ولا تشد الرحال
قلبي لهيب من الهوى
لوعه الشوق....
أرهقه المدى....
وفي احتضانك
يكمن أسطورة
إكسِير الحَياة.


57
حوار مع الشاعرة والفنانة وحيدة مسعود


خالد ديريك

 

ـ يأتي الفرح بمثابة هدنة ما بين الحرف والفكر.
ـ الشاعر رهين الإلهام حين يحضر يكون كالمخاض الفعلي الذي لا خيار للأم فيه.
ـ أول من أضعه في حسباني هو القارئ الذي أحرص كل الحرص على تقديم ما هو جميل له ويليق بذائقته.
ـ أما الكتابة والموسيقا فهما خبز يومي لا أستطيع الاستغناء عنهما.
ـ كلاهما (الشعر والموسيقا) أنا وأنا مجبولة بهما.
ـ الفنون بكافة أشكالها سمعية كانت أم بصرية هي وسيلة راقية لتنوير وتعليم الإنسان.
ـ حكمتي المفضلة (ما تخجل على فعله أمام الناس لا تفعله بينك وبين نفسك).

 

الشاعرة والفنانة وحيدة مسعود/ سوريا
 
حوار مع الشاعرة والفنانة وحيدة مسعود
 
خالد ديريك: من هي وحيدة مسعود الطفلة، الأم، الشاعرة؟
وحيدة مسعود: هي الطفلة التي غادرت ضفائرها قسراً
وسارت بركب الزمن لتصبح أماً، تتلو على أطفالها كل ليلة حكاية من نسج حروفها.
 
خالد ديريك: هل كتاباتك ثابتة ذات لون وطابع واحد أم تتناولين مختلف جوانب الحياة؟
وحيدة مسعود: الشاعر خاضع للإلهام والحدث، الحرف يأتي بإيعاز،
ويلتقون في النهاية ليصنعوا القصيدة، ولابد من تنوع ليكتمل الكائن الشعري.
 
خالد ديريك: كيف يمكن للشاعر أن يزخرف حروفه ويدخل الدهشة بين ثناياها؟
وحيدة مسعود: من خلال التلاعب اللفظي والعناية الفائقة بانتقاء المفردات.
هناك ما يسمى لعبة الكتابة وهذا ميدان إبداعي واسع يحول الصور إلى كلمات من طراز فني رفيع يبقي على جمالية الصورة المرسومة من خلال الحرف ويخيل إليك أنك تراها فعلاً بعين خيالك.
 
 
 
خالد ديريك: هل لكل مبدع تاريخ من العذاب والأنين أم ليس بالضرورة؟
وحيدة مسعود: لا شك في ذلك نحن شعب مفطور على الحزن، لذلك نبدع بألمنا أكثر.
يأتي الفرح بمثابة هدنة ما بين الحرف والفكر.
 
 خالد ديريك: ماذا تلهم الشاعرة وحيدة مسعود أكثر. الطبيعة، الوحدة، الموسيقا، المدن، الفرح، الحزن، الليل، الفصول، الصخب، الهدوء … إلـخ؟
وحيدة مسعود: قد يكون كل ما ذكر.
الشاعر رهين الإلهام حين يحضر يكون كالمخاض الفعلي الذي لا خيار للأم فيه.
 
خالد ديريك: عندما تكتب الشاعرة وحيدة مسعود القصيدة، هل تتعارك وتتشابك الأفكار فيما بينها أم إنها تأتي بطريقة سلسة، وهل تضع في الحسبان التالية أسماءهم (القارئ، الناقد، المدقق اللغوي)؟
وحيدة مسعود: غالباً الكتابة الأولى تأتي هطلاً غزيراً، تشكل العجينة الأولى للقصيدة
وتأتي الكتابة الثانية والثالثة وربما العاشرة لتصقلها وتعطيها ملامحها وهويتها،
وأترك نصوصي أحياناً على سجيتها فأنقلها من الكيبورد مباشرة
إلى ذاك الفضاء الفيس بوكي السريع الانتشار.
أول من أضعه في حسباني هو القارئ الذي أحرص كل الحرص على تقديم ما هو جميل له ويليق بذائقته.
 
 
 
 خالد ديريك: كم من وقت في يوم أو أسبوع واحد تقضينه في القراءة والكتابة والعزف أم ليس لك أوقات محددة؟
وحيدة مسعود: بالنسبة للقراءة أنا شبه منقطعة في هذه الفترة بسبب انشغالي
أما الكتابة والموسيقى فهما خبز يومي لا أستطيع الاستغناء عنهما.
 
خالد ديريك: هل كل ما تكتبينه من القصائد تنشر أو ستطبع أم من الممكن أن تذهب بعض منها إلى سلة المهملات أو إعادة الضبط (التعديل والتنقيح)؟
وحيدة مسعود: لا، ليس كل ما أكتبه ينشر ما بقي طي الأدراج أكثر بكثير مما نشر
وقد أعود يوماً إليهم وأجد أن ما أغفل، أفضل مما نشر.
 
خالد ديريك: باعتبارك شاعرة وفنانة، أين تجدين ذاتك أكثر، وهل يربط بينهما (الشعر والموسيقا) علاقة روحية متينة من حيث التأثير في منح الطاقة والإبداع؟
وحيدة مسعود: كلاهما (الشعر والموسيقا) أنا وأنا مجبولة بهما.
فيهما أجد سكينتي وعلى أعتابهما أخلع معطف الضيق وأنطلق بجناحين من هدوء.
 

خالد ديريك: كيف يمكن للشعر والأدب، الموسيقا والفن أن يخدموا الناس والمجتمع ويشكلوا معاً صدى لأصواتهم في ظل الغبن والحرب وبالتالي منحهم الأمل والأمان؟
وحيدة مسعود: الموسيقى والكلمة عملية مخاطبة وجدانية لها بالغ الأثر في التوجيه السلوكي وغرس مبادئ وقيم سامية في الحياة.
الفنون بكافة أشكالها سمعية كانت أم بصرية هي وسيلة راقية لتنوير وتعليم الإنسان.
كُثر من تركوا بصمة فكرية في حياتنا من خلال موسيقاهم وأشعارهم.
 
خالد ديريك: هل مرت أو تمر على الشاعرة والفنانة وحيدة مسعود لحظات تكره فيها الشعر والعزف وتنوي تركهما؟
وحيدة مسعود: لا تترك الروح الجسد إلا بأمر إلهي.
هذا شيء أشبه بالمستحيل إن لم يتدخل القدر بإقصائي.
 
 
 
خالد ديريك: ما هو لونك المفضل وحكمتك المحببة ولماذا؟
وحيدة مسعود: أدرك مدى أهمية السؤال، إن كنت من دارسي علوم الطاقة والألوان، هما لونان أحبهما كثيراً
الأبيض والأزرق السماوي.
حكمتي التي أفضلها وأرددها هي
(ما تخجل على فعله أمام الناس لا تفعله بينك وبين نفسك).
أحبها لأنها مازالت ترد لمسامعي بنبرة صوت والدي رحمه الله وتقول لي الصح والخطأ مكشوفان أمامك.
 
خالد ديريك: سجل مشاركاتك في المسابقات والملتقيات والأمسيات الشعرية والثقافية، الموسيقية الفنية؟
وحيدة مسعود: في بدايتي نشرت في جريدة السفير اللبنانية، مجلة صباح الخير لبنانية
مجلة نادين لبنانية، مجلة الثقافة سورية، الأسبوع الأدبي سورية. الآن منشوراتي في مجلات الكترونية كثيرة
أذكر منها: شطرنج، كلمات ليست كالكلمات، محبي الشعر العربي في الدانمارك، العربي اليوم، آرارات، واحة الفكر.
 
 
 
خالد ديريك: هل ستزف الشاعرة وحيدة مسعود للقراء وربما قريباً بشرى عن مولود شعري؟
وحيدة مسعود: نعم هناك بإذن الله مجموعة قيد الإنجاز بعنوان (متمردة. ولكن (سترى النور إن شاء الله خلال فترة قريبة.
 
خالد ديريك: الشاعرة والفنانة وحيدة مسعود، شكراً لك من القلب على هذا الحوار الممتع، ولك كلمة أخيرة….
وحيدة مسعود: أود أن أثني على جهودك المبذولة وبحثك الدؤوب عن الكلمة الجميلة والمفردة المميزة للنهوض بها وتحقيق الانتشار لها.
شكراً من القلب الاستاذ الشاعر والكاتب خالد ديريك، صنيعك الجميل بصمة عطاء تحسب لك.
 
 

حوار أجراه: خالد ديريك
 

58
حوار مع الشاعر نهاد كرعو

خالد ديريك

ـ أنا من وطن يحرقون فيه أجنحة الفراشات ويصنعون من رمادها مراسيماً وأكذب العبارات
ـ توجهت إلى بيروت لأحقق حلم طفولتي بأن أصبح شاعراً وصوتاً لوطني الضائع
ـ قصائدي متنوعة كالألم الذي يحاصر أزقة وطني.
ـ الفشل الذي كان يعارض طريقي هو المجتمع الفاشل الذي كبرت بينه
ـ كتابة الشعر تشبه ابتسامة أمي
ـ نزار قباني هو قدوتي فأنا لا اعتبره مجرد شاعر بل نبياً للشعر.
ـ تعرفتُ على “كلاارا” من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووصل حبي لها إلى درجة الجنون
ـ حلمي بأن تعود أمي للحياة لأعود لأجلها إلى روج آفا.
 
 
الشاعر نهاد كرعو
 
حوار مع الشاعر نهاد كرعو
خالد ديريك: من هو نهاد كرعو في بضعة أسطر؟
نهاد كرعو: أنا من وطن يحرقون فيه أجنحة الفراشات ويصنعون من رمادها مراسيماً وأكذب العبارات
أنا من روج آفا (منطقة شمالي سوريا) التي صمدت بوجههم رغم طعنات
أنا من كوباني مدينة الركام
أنا من عفرين مدينة السلام
أنا من قامشلو مدينة الغرام.
أنا رجل من ضباب، كُردي سوري من مدينة الركام (كوباني) والآن أقيم ببيروت شبه إقامة جبرية.

خالد ديريك: متى تركت مدينة كوباني (عين العرب)، ولماذا اخترت بيروت مكاناً للإقامة؟
نهاد كرعو: لم أرى وجه كوباني الملائكي منذ أربعة أعوام، لكنني لم أترك كوباني بل هي التي تركتني. السياسة الفاشلة والحصار الخانق جعلني أخرج من كوباني وبجيبي دفتر صغير فيه قصائد، متوجهاً إلى بيروت لأحقق حلم طفولتي بأن أصبح شاعراً وصوتاً لوطني الضائع.
واخترت بيروت لعشقي لها ولأنها مدينة الشعراء وصوت المنفيين.
رغم النفي ستبقى كوباني قبلتي التي سأصلي لها.
 

خالد ديريك: مساحة كبيرة من خارطة سوريا تحولت إلى الأنقاض ومنها مدينتك كوباني بفعل الحرب شبه العالمية الدائرة هناك، هل أثرت عليك هذا الوضع في الغربة وبالتالي على أشعارك أم تكتب عن الحب والغزل فقط؟
نهاد كرعو: الحرب على كوباني كانت البداية الأولى لولادتي والخروج من صمتي الذي لازمني لسبعة أعوام، حيث تم أسر أبي وثلاثة من إخوتي يوم الهجوم على كوباني، يومها تغير كل شيء، كبرت ألف عام. قصائدي متنوعة كالألم الذي يحاصر أزقة وطني.

خالد ديريك: منذ متى ارتديت عباءة الشعر، وهل خضت تجارب الكتابية الفاشلة في البدايات؟
نهاد كرعو: بدأت بكتابة الشعر منذ أن كنت في عمر الثانية عشر لكن الفشل الذي كان يعارض طريقي هو المجتمع الفاشل الذي كبرت بينه لأن الناجح لا مكان له بين مجتمعنا والفشل الأكبر كانت الثقافة البعثية (حزب البعث الحاكم) المسيطرة على مدينتي. قمت في عام 2007 بتقديم بضع قصائد للمركز الثقافي بكوباني لإقامة أول أمسية شعرية لي لكن تم رفضها كَوني لست بعثياً ولِكون إخوتي كانوا معارضين وقياديين في حزب الوحدة (يكيتي) وفي عام 2009 كانت الصدمة الأكبر تم منعي من الدخول إلى المركز الثقافي بقرار من مدير المركز.

خالد ديريك: متى تحدد موعد اللقاء مع القصيدة الجديدة، وماذا يدور بينكم من الأفكار والخيالات والنقاشات وحتى حالات الخصام والوفاق وغير ذلك؟
نهاد كرعو: كتابة الشعر تشبه ابتسامة أمي كلما أبدأ بكتابة قصيدة أشعر بأنني أرسم صورة لوطني فوق رمال الصحراء.
وعندما أشعر بالألم وأبدأ باسترجاع ذاكرتي للماضي الجميل الذي كنت أعيشه مع عائلتي وكلانا يحاصر الأخر بزاوية معتمة والألم يكون سيد البطولة فتولد القصيدة معاقة كحكام هذا العصر.
 


خالد ديريك: هل كل قصائدك مجرد خيال أم جميعها حالات حقيقية وواقعية؟
نهاد كرعو: كل حرف في قصيدة كتبتها واقع عشته.

خالد ديريك: هل لديك قصيدة مفضلة أو مقربة لقلبك سواء أكانت لك أو لغيرك، وهل ترى في أحد ما قدوتك المثلى في الشعر؟
نهاد كرعو: هناك قصيدة لي بعنوان “ظلال البنفسج” وهي عبارة عن صراع بين الماضي والحاضر وبين الواقع والخيال اعتبرها طفلتي المفضلة.
ونزار قباني هو قدوتي فأنا لا اعتبره مجرد شاعر بل نبياً للشعر.

خالد ديريك: مَن يصنع الإبداع، الأمل والابتسامة، الألم والدموع، المادة، الشهادات العليا؟
نهاد كرعو: يولد الإبداع من قلب الألم كما تولد الزهرة من بين الركام لتغطي وجهها التعيس، والشهادات العليا دائما تقودنا إلى الغرور والفشل.

خالد ديريك: ما رأيك بالعلاقات العاطفية على مواقع التواصل الاجتماعي، هل من الجدوى والمصداقية؟
نهاد كرعو: العلاقات العاطفية ضرورية في حياتنا وإذا توفر لها المناخ الصحيح ستكون ناجحة.
مواقع التواصل لها أثر كبير علينا، كوني عشت قصة حب رائعة على مواقع التواصل الاجتماعي وكان لها أثر كبير في حياتي وإلى الآن ما زلت أعيش تلك اللحظات.

خالد ديريك: طبعت ديوان بعنوان “كلارا”، ينتابنا الفضول عن معنى وسبب هذه التسمية، وماذا يحتوي مضمونه؟
نهادا كرعو: كلارا فتاة كُردية، تعرفت عليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وصل حبي لها إلى درجة الجنون فأهديتها أول كتاب قمت بطباعته والذي هو عبارة عن قصائد ممزوجة بالألم والحنين والحب والسياسة.
وكلارا تعني الشروق.
 

خالد ديريك: هل لديك دواوين أخرى أو قيد الطبع والإنجاز، وما هي أحلامك سواء أكانت الشخصية أو على الصعيد الكتابة؟
نهاد كرعو: ديوان الثاني قيد الطباعة واسمه (قرص الباندول). حلمي بأن تعود أمي للحياة لأعود لأجلها إلى روج آفا.

خالد ديريك: ماذا يود الشاعر نهاد كرعو أن يقول في مسك الختام؟
نهاد كرعو: أتمنى أن يحيا السلام في العالم وتسقط العنصرية، والحرية للشعوب المضطهدة ومغتصبة الحقوق.
 
 
أجرى الحوار: خالد ديريك

59
أدب / آثار الرحيل
« في: 14:58 14/10/2017  »
آثار الرحيل


متلهف لأخرج من
غياهب البُعد
وأعزف لحن اللقاء
وأنثر قطرات الحنين
عبر حروف العينين
بعد غياب السنين

ففؤادي الذي....
شق الصخور وزار القبور
بروافد ومسارات متسكعة
توقف عند نبضات البُعد
وعانى الويلات المتلاحقة
للوصول إلى سيمفونية عينيك
ولم يبالغ يوماً في السرد والإسهاب
عن عذوبة نبرتك
ولم يخمن حتى في ليالي العتاب
أن تفارق يديك بشرة الوفاء

رحيلك يا سيدتي يعني....
تغيير هندسة النسمات
وتغييب رونق الغابات
فهل استحق المغادرة والمباغتة...؟
...........
بعد عقد وألف صفعة
على جبين الخيبات
وبعد تحويل مجرى الزمن
من نعيم وافر
إلى عسر غير مرتقب
خرجتُ من متاهة الحسرات
مذهولا
ومن جزر الانتكاسات
هزيلا
فقد باتت النوارس ....
ترثي الذكريات المبتورة
وتعد لها المأتم وتدثر لها الأبيض
.....
وأما الآن وقبل أن
ألقي حتفي على يد الرحيل ....
لفي عروقي بذرات من الدموع
زخرفي اسمي ببقع من الضوء
بين حدود العقل والجنون،

فعقيدتي هي....
السير على المنحنيات
والقفز فوق النتوءات
من السُحب والمنخفضات
للظفر بتلك الأنامل التي
ولدت مع أول خفقان لفؤادي
أو إقدام على فنائي
فارحلي إن شئت رحيلا....

بقلم: خالد ديريك

60

حوار مع الشاعرة زينة حسن

ـ انا أحب الهندسة وأحب الشعر فالشعر هندسة كلمات أيضاً.
ـ لابد من التأثر ببعض الشعراء ولكن ليس التأثر هو من ينجب الشعراء.
ـ تأثرت بـ سليم بركات ذاك الكُردي المنجم للغة العربية.
ـ لا أجد في نفسي ذلك الارتقاء لألقب بالشاعرة. أنا اكتب... اكتب فحسب.
ـ لا أحمل منجلاً ومعولاً كي أبدأ بتنجير الكلمات أقولها لأني أشعرها فقط.
ـ عفرين، قَبل الله الأرض ذات مساء فكانت عفرين.
ـ أنا امرأة تصنع طقوسها بنفسها، فنجان قهوة وموسيقا هادئة وبعض كلمات.
ـ طموحاتي أن ترى دولة كُردستان النور وأن تتوقف الحرب السورية واكتب القصيدة الكُردية مستقبلاً.

Mêrga ramanخالد ديريك: نرحب بحضرتك في صحيفة واحة الفكر
. كيف يمكن أن تقدم زينة حسن نفسها للقراء؟
زينه حسن: أهلا بكم صحيفة واحة الفكرMêrga raman
سأقدم نفسي الابنة الشرعية لجبال كورداغ (مدينة عفرين بمحافظة حلب) تلك الجبال الممتدة في روج آفا ـ شمال سوريا. أحمل في قلبي أشجار الزيتون زاد وطن.


خالد ديريك: متى راودت الأستاذة زينة فكرة كتابة الشعر، وهل تولدت أولى قصائدكِ بالصدفة أم نتيجة مأساة أو فرح ما أو غير ذلك؟
زينه حسن: أنا والكتابة لنا قصة غريبة. يقال إن الموهبة تظهر في سن مبكر وإن لم تلق العناية فتهمل، فتعود للظهور مرة أخرى في سن متأخر نوعاً ما، وهذا ما جرى معي.
في طفولتي المبكرة كنت أتكلم الكُردية "اللهجة الكورمانجية "ولا أعلم كلمة واحدة باللغة العربية، ولدى دراستي في المرحلة الابتدائية لاحظت ميل جارف في نفسي لكتابة موضوعات التعبير في ذلك الوقت، حتى إني كنت رائدة على مستوى أحياء حلب في التعبير الأدبي ،وفي المرحلة الإعدادية والثانوية كذلك الأمر، حتى إنه كان من المقرر إرسالي من قبل إدارة المدرسة إلى دمشق للخوض في مسابقة على مستوى القطر، ولكن ظروفي منعتني من الذهاب ،ومن ثم توجهت للجامعة، كنت اكتب خواطر صغيره بين الحين والآخر ولكن في قرارة نفسي كنت أشعر إنني ابتعد وابتعد عن عالم الأدب، العالم الذي كان شغفي.
فيما بعد توجهت إلى العمل وأخذتني الحياة إلى أن جاءت الأزمة السورية. لا أعرف هل كنت أهرب من العالم البائس حينذاك أو أن عطش روحي كان قد طفح ولابد من التهدئة وبعض الارتواء.  قرأت خلال سنتين الكثير من الأعمال التي كنت مراراً أجلتها، فوجدت نفسي أمسك القلم واكتب من جديد.


خالد ديريك: ماذا تعني لحضرتك الشعر والكتابة؟
الكتابة، الشعر، الموسيقا.... هي عوالم روح،
هي تلك السماء التي تسمو والأرض التي تفوح الحياة والأشجار التي ترقص.


خالد ديريك: ما الذي أجبر مهندسة زينة حسن أو جعلها تكتب الشعر، الذي هو بعيد عن مجالها العلمي، وماذا عن زينة المهندسة؟

في الحقيقة، أنا أسأل نفسي دائماً هذا السؤال. الإنشاءات والحسابات الدقيقة ومشاريع المياه التي قمت بدراستها وحتى العمل كَرئيسة لوحدة مياه لمنطقة في مدينة عفرين، حيث كان كل الموجودين في هذا المجال هم رجال لأنه بالفعل يستعصي على المرأة حين يتطلب الوجود في أوقات خارج العمل وما إلى ذلك، ولكن آمل أن أكون تركت الأثر الجيد.
انا أحب الهندسة وأحب الشعر فالشعر هندسة كلمات أيضاً.
لدى الكتاب السوريين مثلاً كان هناك السيد "فيصل خرتش" خريج كلية الآداب قسم اللغة العربية، والسيد" نهاد سيريس "كان مهندس على ما اعتقد، كلاهما كتبا للدراما السورية وكان النجاح حليف سيريس أكثر من فيصل.



خالد ديريك: هل تأثرت الشاعرة زينة حسن بأحد الشعراء، وهل هذا التأثير ضروري حتى يصبح الإنسان شاعراً؟
زينة حسن: لابد من التأثر ببعض الشعراء ولكن ليس التأثر هو من ينجب الشعراء.
الحقيقة وبعيداً عن الخوض في الأمور الدين الآن ولكنني تأثرت جداً بالقرآن الكريم الذي فيه تشعر وكأن اللغة العربية هي هنا وهكذا بما فيه من الإعجاز والبيان.
تأثرت بشعر محمود درويش وفي طريقة إلقاءه للقصيدة
تأثرت بسليم بركات ذاك الكُردي المنجم للغة العربية
وكذلك ببعض الكتاب الغرب.
وهنا أريد بالفعل التنويه إلى أنني لا أجد في نفسي ذلك الارتقاء لألقب بالشاعرة. أنا اكتب.... اكتب فحسب.
لكن ربما أستطيع أن أنقل إحساسي بشكل شفيف وبدون تكليف.
أميل للبساطة فيما اكتب ولا أحمل منجلاً ومعولاً كي أبدأ بتنجير الكلمات
أقولها لأني أشعرها فقط.


خالد ديريك: هل للشعر دور في النهوض بالمجتمعات حالياً؟
زينة حسن: لا شك إنه كان وسيبقى للشعر ذلك الدور ولاسيما لأننا كَشعب شرقي عاطفي إلى حد كبير.
والكلمة تفعل مفعولها السحري لدينا.


خالد ديريك: كيف كانت الحالة الثقافية في مدينة عفرين، برأي حضرتك ما هو الوصف الأنسب الذي يليق بها؟
زينة حسن: عفرين، قَبل الله الأرض ذات مساء فكانت عفرين.
لا يمكنني أن أمر بعفرين بدون أن أداعب زيتونها.
الوضع في عفرين وفي وسط نزوح الغالبية إلى أوروبا ودول الجوار مازالت تزدهر بالباقيين الصامدين فيها.
اتحاد مثقفي عفرين يقوم بنشاطات جيدة ففي هذا الشهر سيقام "مهرجان القصيدة الكُردية" وهناك الكثير من الأقلام في عفرين تكتب باللغة الأم وهذه الحقيقة لهو جميل ومبعث فرح. اتمنى السلام لمدينة السلام عفرين.


خالد ديريك: كيف هي رحلة الغربة واللجوء مع الاستاذة زينة حسن على مختلف الصعد؟
زينة حسن: كانت ولازالت رحلة شاقة
ولكنني امرأة تصنع طقوسها بنفسها، فنجان قهوة وموسيقا هادئة وبعض كلمات فلا أشعر بالوحدة وأشجار الزيتون في قلبي تؤنس مساءاتي.


 
خالد ديريك: ماذا عن طموحات الشاعرة زينة حسن الآن وهي في بلاد اللجوء؟
لعل الكتابة ستنضج أكثر وسط انتقالي إلى وعاء كبير.... وكبير جداً وهو الاغتراب. طموحاتي أن ترى دولة كُردستان النور وأن تتوقف الحرب السورية وكل الحروب في العالم، وأن اكتب القصيدة الكُردية مستقبلاً.


 

61
أدب / جنازة بلا نشيج
« في: 19:24 21/09/2017  »
جنازة بلا نشيج

خالد ديريك

أترنح في فلاة بُعدك ظامئا
أحبو إليك على زمهرير الانفراد مرتعشا

يتسلل صدى صوتك كالبرق إلى مداري لاهثا
يزاول فنون اللهفة على نافذة الفراغ متبرجا

تفرق أنامل كفيفة ....
هواجس كثيفة....
عن خلايا العقل،
تستطلع دروب آمنة
لاختراق هالة القمر ومعانقة هامة الضوء
واستعادة نعمة البصر

وقبل قطع وثاق القهر
تشتبك الأقدام بخيوط الدُّجنة المنسدلة
تفرط عقد الحلم في هوس الريح
تذوب قشعريرة اللقاء في دوامة العلقم
تتقلم أجنحة الأمل في كوخ الذعر
تفقد الروح مفاتيح العزم
يتعثر القلب بشظايا الجوى
فيرتديني العقم....
يأسرني اليأس....
يطاردني الطيف....
كآخر حشرجة للموت
كآخر سنبلة في حقل محترق
كآخر زقزقة لعصفور مَهيض الجناح،
احتضر تحت وطأة التيه والإخفاق
أتحول إلى جنازة بلا نشيج
كَقائد مصاب ....
لم يجني سوى الهزيمة
في معركة المصير

وقبل أن يعبر....
أكوام الجثث وسيول الدماء
جرده صهيل خيل
الوجهة والمسير
والتهمته زوبعة الحوافر
سحقا

كَحبة القمح بين دفتي الرحى
طحنت زهرة أيامي.



62
حوار مع الشاعر زنار عزم


خالد ديريك

الشاعر زنار عزم


ـ لم أكن شقياً أو بليداً أو غبياً أو كسولاً بل كثير الحركة.
ـ أنا عصبي المزاج أثور لأتفه الأسباب.
ـ تزوجت مبكراً ولا أدري ما هو الحب لكنني نفذت رغبة والدي.
ـ تأخرت في إصدار المجموعات النثرية والقصصية لأسباب المادية والجهاز الأمني الذي كان يتابعني ويلاحقني كالظل.
ـ بات الكثير من أصدقائي في الجامعة وبعدها يسمونني بشاعر الأحزان.
ـ بكيت بعفوية لأنني شعرت وأنا أنشد القصيدة عن قامشلو وعن كوباني أعيش الحدث والمأساة.
ـ ابتسم حينما يتوقف الموت في وطني ويتوحد الكُرد قبل فوات الأوان.

حاوره: خالد ديريك




خالد ديريك: من هو زنار عزم، حبذا لو تحدثنا مختصراً عن زنار عزم، الطفل، الشاب، الأب.
زنار عزم: طفولتي مشوشة، محطة حياتي ذكريات صاخبة، أيامي قيثارة أوجاع يغلف صداها كبرياء معطر بالشموخ يثرثر فيها قطار الزمن المصلوب. ابحث عن الماضي، عن سنون توالت، تجاوزت فيها أبواب الطفولة. لم أكن شقياً أو بليداً أو غبياً أو كسولاً بل كثير الحركة، كثير اللعب كثير التساؤل. أحببت النظافة والسباحة والربيع والأزاهير والشجر والبلابل والطيور والخراف والقرية والبيادر وكرهت البكاء والعويل وصراخ النسوة والشتائم والكذب والأحلام المرعبة وقرقعة الرعد. عصبي المزاج أثور لأتفه الأسباب. في المراحل الإعدادية والثانوية كنت متفوقاً، اكتب وأقرأ كثيراً وكتبت أفكاراً غامضة، متمرد وجريء. وبدايات كتاباتي كانت خربشات متميزة أثارت اهتمام الكثيرين حيث كتبت أول أقصوصة قصيرة ونشرتها في صحيفة لبنانية بعنوان "الأحلام المحطمة" وأقصوصة "الأبطال لا يموتون" وكنت أحد أولئك الجرحى حيث تدور أحداث القصة أثناء حرب الاستنزاف مع الكيان الصهيوني في فترة الثمانينات ونالت الأقصوصة جائزة أفضل قصة ولم أتوقع ذلك الإنجاز وكانت باكورة كتاباتي ونقطة التحول في حياتي المبكرة إن صح التعبير. تزوجت مبكراً ولا أدري ما هو الحب لكنني نفذت رغبة والدي.
خالد ديريك: هل للبيئة التي ترعرعت فيها لها أثر على تكوين شاعريتك أي جعلتك شاعراً؟
زنار عزم: عندما نفكر بالألم لا نرى في الوجود إلا الدمعة والعذاب والهموم ونتناسى أن الألم قد يفجر بركاناً أو يصنع نهاراً أو يغير تاريخا ً. بداياتي كانت مثقلة بالمتاعب وجدت باب الحياة وجدت براكين الحنان قد جفت، تحطمت الحياة أمامي عند عتبة كلية الآداب ولم أجد يومها في جيبي أجرة الطريق للجامعة ذهابا وإيابا. وسرى في دمي عويل البؤساء وحشرجات الفقراء وبكيت عبر دموع التائهين، اقتات معهم الخبز الأصفر، وكانت القصة القصيرة هي التعبير الأدبي عن الحياة وكتبت الشعر، تأخرت في إصدار المجموعات النثرية والقصصية لأسباب المادية والجهاز الأمني الذي كان يتابعني ويلاحقني كالظل عبر كل حروفي وتغريدا تي البسيطة المتواضعة وهو حال ذلك الغول الحاكم الذي يرقد فوق صدر البلاد والعباد.
خالد ديريك: لماذا هذا الكم الكبير من الحزن في أشعارك؟
زنار عزم: لقد تجذر عشق الوطن في شراييني وكان ولايزال الهاجس الذي لا يفارقني لحظة وما يعانيه شعبنا الكُردي من القمع والتشريد والظلم والاضطهاد كان سبباً في التعبير عن الأوجاع. أدركت أن القدر الكُردي حكاية أوجاع وأحلام، واختياري الشعر جاء من خلال القراءات الكثيرة لمشاهير الأدباء والشعراء حتى بات الكثير من أصدقائي في الجامعة وبعدها يسمونني بشاعر الأحزان، وربما مأساة شيرين كانت الأهم في كتاباتي عن الأحزان والتعبير عن عمق المرارة والدموع، وقصيدتي "أميرة البحر" و "ليلة بكى فيها القمر" هما أروع لوحات هذه الأحزان.
خالد ديريك: ماذا تعني للشاعر هذه الكلمات؟
الحب، الطبيعة، الثورة، الأم، الوطن، الغربة؟
زنار عزم: الحب: هي لغة القلوب وأبجدية الآهات في كوكب العشق.
الطبيعة: هي الألق والأزاهير والحياة والنور.
 الثورة: هي تغريدة البحث عن الحرية والحياة والكرامة والكبرياء.
الأم: هي لمسة الحب في مملكة الحياة وعطاء عبر الوشوشات الليل ولوحة خالدة في غابة الأيام، نشيدة في رحم الليل، حمامة بيضاء في صخب الأيام وهي جزء من الجنة. الوطن: هو كل الطيور لها أعشاش تأوي إليها عدا طيور وطني تعيش في العراء بلا الأعشاش.وأنا كُردي بلا وطن بلا عنوان.
الغربة: هي نشيد الشتات وسراب في عتمة الليل وتمتمات في هضاب المجهول وجرح وحنين وآهات خرساء.
خالد ديريك: لك ديوان بعنوان "من أنت يا شيرين"، يا ترى من هي شيرين؟
زنار عزم: الحديث عن شيرين مأساة العصر حديث له شجون لا أعرف من أين أبدأ، من أنت يا شيرين أسأل نفسي كل يوم عبر المجموعات والقصائد اكتبها وترجمت معظم القصائد إلى عدة لغات. في بعض هذه اللوحات أتمتم باكياً، عشقت وطناً وعشقت شيرين لأنها الوطن، غرق المركب وغرقت شيرين في ليلة بكى فيها القمر رحلت نحو السماءء وماتت ومات الوطن، واحترق الليل والحب واحترق المساء، أكاد احترق ألماً يا أحبابي أرسم للشمس أوهامي. هذه هي شيرين وهل هناك أعظم من قديسة رحلت نحو السماء.
خالد ديريك: لماذا لا تكتب بالكُردية أيضاً، لغتك الأم؟
 زنار عزم: حاولت مراراً الكتابة باللغة الكُردية ولكن القدر الكُردي منذ ألف عام يمارس ساسة العهر والأنظمة الشوفينية من الاعتقال والتهم الجاهزة والقهر والاضطهاد والمرارة وحالة البؤس والعتمة كلها أسباب أبعدتني عن الكتابة والإبداع باللغة الأم والكتابة والتعبير ليس أمراً سهلاً أنما يأتي بعد الدراسة والمتابعة وقراءات كثيرة.
خالد ديريك: في مهرجانات عدة للشعر في إقليم كُردستان ـ العراق وبريطانيا حصلت على جائزة التقدير على القصائد التي ألقيتها عن المدن الكُردية مثل قامشلو وكوباني، ماذا كان شعورك وأنت تستلم الجائزة؟
زنار عزم: حملت الجائزة بين أضلاعي, بكيت, لم أتمالك نفسي, بكيت بعفوية لأنني شعرت وأنا أنشد القصيدة عن قامشلو وعن كوباني أعيش الحدث والمأساة عبر أوجاع ودموع وعويل الأمهات وأنين الذهول والموت في ليلة الغدر، أرشف شهقة الألم لحظة سالت الدموع من عيني بغزارة بصمت وشعرت بطفولتي وأسوار أوجاعي وعتمة الغربة بلا عنوان وصرخت بعفوية في قصيدتي عن قامشلو وجزيرة الخير للعلياء زاهية للعطاءات، للمجد، للتاريخ ،للغد ـ يا زهرة الأوطان ماذا أقول في غربتي يا رمزاً للتآخي والوفاء والخير والإيمان ، منذ ألف عام وقف الكون ضدي ورعاة البغي والشر والعدوان ،منذ ألف عام منعوا عني الماء والهواء والخبز والثياب وأزاهير الأقحوان. أنا شاعر الأحزان يا سيدي لحناً وقصيدة وتراتيل البيان. كوباني يا عطر الوجود هذا قدري أروي للأحفاد حكايات الأماني، اشتاق أن أرى وطني قمراً ناصعاً أبيضاً بلا دموع بلا أكفان، أريدك يا وطن ريحاً نرجسياً بلا أوغاد بلا إجرام بلا الحيتان هكذا شاء القدر والساسة الأقوياء والعهر والعجم وبقية الجرذان، هي كُردستان منذ ألف عام حلماً حان موعده عطراً يفوح في الأكوان.
خالد ديريك: متى يبكي الشاعر زنار عزم ومتى يبتسم؟
زنار عزم: بكيت مرتين، في المرة الأولى حينما ماتت أمي ولم أرى النعش بسبب الاعتقال والمرة الثانية حينما حملت حقيبة السفر ابحث عن وطن بلا عنوان. ابتسم حينما يتوقف الموت في وطني ويتوحد الكُرد قبل فوات الأوان وأعود للوطن، أرشف من ثغر الصباح آيات المجد والكبرياء.
خالد ديريك: أين تقع مدينتك تربسبية التي تكتب عنها دوماً وماذا تعني لك؟
زنار عزم: تربسبية مدينة الشمس ترقد بين أحضان الكبرياء شرق مدينة قامشلو حيث السهول والأزاهير والبيادر وعشق الوطن، تربسبية يا عبير الدفء يا بلد الجراح والدموع لن أنساك ولن ينسى شاعرك والنار يا بلد الأصالة والمجد والتاريخ والحب والأحزان، تربسبية تعني لي حكاية الطفولة والبراءة والذكريات والحب والأوجاع وشيرين. لك انحني تربسبية يا مدينة التاريخ والأزاهير والسنابل.
خالد ديريك: ما هي أحلام الشاعر نزار عزم؟
زنار عزم: أن يتوقف الموت في وطني وأن يتوحد الكُرد ويتحقق الحلم الكُردي في وطن حر مثل بقية الشعوب ونعود للوطن نغرد وننشد ألحان الانتصار.
 أخيراً، أشكر الاستاذ خالد ديريك وأشكر رابطة آرارات راية الثقافة والمحبة والمشرفين على الموقع.
مع احترامي وتقديري.
.
.

في نهاية هذا الحوار لا يسعنا إلا أن نشكر الشاعر زنار عزم الذي جاوبنا بكل جرأة ممزوجة بالأحزان، له مننا أطيب التمنيات بالتوفيق والنجاح.




 
أجرى الحوار خالد ديريك
 05/12/2016

63
أدب / منذ آخر مزنة لربيع النبض
« في: 14:29 09/09/2017  »
منذ آخر مزنة لربيع النبض


منذ آخر مزنة لربيع النبض
كَقدر يساق....
أشد أحزمة عطشي مسرعا
أحبو على رؤوس الأصابع
إلى أحضانك
لأرتوي من نداوة شفتيك
فيلفني هدير يديكِ ثم أترنح
قبل أن....
امتشق وردة حمراء من غمد الأشواق
وأنثر عبيرها في الأجواء
لتبلسم جروحي وتنهي حيرتي
........
منذ آخر مزنة لربيع النبض
أجوب الحدائق وزوايا المعتمة
على أطراف اللهفة والخوف
التي احتضنت ابتسامات العشق
لألملم بقايا بتلات القُبّل التي
سقطت من ثغرة النطق
على مسامات الجلد
كي أداوي نزيف الذكريات
التي احتجزتها أشواك القهر
..............
في هذه اللحظات....
أتصفح أوراق الأنين
المصاحبة بهول الحريق،
الحريق الذي....
افترس ذاكرة الياسمين
وذاك القمر المضوي الكون.


بقلم: خالد ديريك


64

حوار مع الشاعر والكاتب لازكين ديروني



خالد ديريك



لازكين ديروني

ـ كتبت الكثير من المقالات باللغتين العربية والكُردية، ولا ادعي بأنني أديب.
ـ أنا من المؤسسين لاتحاد الكُتاب الكُرد ـ سوريا
ـ أنا من الكُرد المحرومين من الجنسية السورية
ـ أغلب المنظمات الثقافية الكُردية تعاني من الخلافات الحزبية وتتأثر بها
ـ المثقفون الكُرد متشتتون، لا حول ولا قوة لهم
ـ لم أستطع طبع إنتاجي الأدبي بسبب الظروف السياسية والأمنية إضافة إلى المادية الصعبة
ـ مشروعي دوماً هو لخدمة وطني وشعبي ولغتي.
 

حاوره: خالد ديريك
  خالد ديريك: نرحب بك ونشكرك على تلبيتك دعوتنا لإجراء هذا الحوار، حبذا لو تقدم نفسك للقراء، من هو لا زكين ديروني؟
لا زكين ديروني: وأنا أيضاً أُرحب بكم وأشكركم على هذا الحوار وأتمنى لكم دوام النجاح والتوفيق والاستمرارية في عملكم.
انا اسمي لا زكين محمد سليمان الملقب بـ Lazgîn dêrûnî نسبة إلى قريتي التي ولدت وكبرت فيها Dêrûna qulinga المعربة من قبل نظام البعث السوري إلى (دير أيوب) التابعة لمنطقة ديريك في كوردستان سوريا، أحمل شهادة جامعية اختصاص في الرياضيات من جامعة دمشق وأنا مقيم حالياً في سويسرا منذ سنة.
خالد ديريك: كيف ومتى ولدت أولى قصائدك، عن ماذا تكتب أكثر (الوطن، الحب، الأمكنة...إلخ)؟
لا زكين ديروني: لقد تعلمت اللغة الكُردية عندما كنت في الخامسة عشر من عمري وكتبت أول قصيدة باللغة الكردية عن القائد مصطفى البرزاني وكتبت عن الوطن والمرأة والحرية والحب وغيرها.
خالد ديريك: نعلم بأنك تكتب باللغتين الكُردية والعربية، لكن لماذا اخترت الشعر بالكُردية والمقالات بالعربية حصراً؟
لا زكين ديروني: اكتب الشعر باللغة الكردية فقط لسببين هما:
السبب الأول: بما أن الشعر إحساس وشعور مرهف فمن الصعب على الإنسان أن يعبر عن ذلك الإحساس والشعور بشكل دقيق إلا بلغته الأم، لذلك معظم الشعراء في العالم لا يكتبون الشعر إلا بلغتهم الأم مع إنهم يتقنون لغات أخرى كذلك بالنسبة للغناء معظم الفنانين الكُرد لا يغنون إلا باللغة الكُردية لأنهم يغنون لشعبهم وليس للشعوب الأخرى.
السبب الثاني: أرى من واجب كل شاعر كُردي أن يتعلم لغته الأم وأن يكتب شعره بالكُردي لإغناء المكتبة الكُردية لأن المكتبة العربية والتركية والفارسية بغنى عننا ولها ما يكفي من شعرائها مع احترامي للذين يكتبون بغير لغته الأم، أما بالنسبة لمقالاتي فاكتب باللغتين العربية والكُردية وكتبت الكثير من المقالات باللغة الكُردية في المواقع الكُردية لكنني لا ادعي بأنني أديب فهناك فرق بين الكاتب والأديب ولم اكتب المقالات الأدبية إلا قليلاً فأغلب مقالاتي سياسية وصحفية.
خالد ديريك: أنت عضو في أكثر من اتحاد أو رابطة أدبية ثقافية، ما هو انطباعك عن هذه الاتحادات والروابط، وكيف تنظر إلى الساحة الثقافية الكُردية عامة والشعر خاصة؟
لا زكين ديروني:نعم أنا عضو ومن المؤسسين في اتحاد الكتاب الكُرد - سوريا وعضو في نقابة صحفيي كوردستان- سوريا وعضو في رابطة آرارات الثقافية, لكن أغلب المنظمات الثقافية الكردية تعاني من الخلافات الحزبية وتتأثر بها لأن الكثير من المثقفين والكتاب الكرد من خريجو تلك الأحزاب ويحملون في عقولهم تلك الخلافات والثقافة وهذا ما حصل في اتحاد كتاب الكرد - سوريا وأدى ذلك الى انشقاق الاتحاد الى اتحادين بعد سنة فقط من تأسيسه، أما بالنسبة للساحة الثقافية الكُردية فقد نشطت بشكل ملحوظ في بداية انطلاقة الثورة في سوريا فلم تلحق المواقع الالكترونية رغم كثرتها على نشر المقالات السياسية والأدبية والشعر والبيانات والنداءات والتي تدعوا كلها إلى الوحدة والتكاتف واستغلال الفرصة الذهبية لكن لم تلقى لها آذاناً صاغية من قبل الأحزاب والأطراف الكُردية وخابت آمالهم مع الأسف وشيئا فشيئا تم إغلاق أغلب تلك المواقع وغاب الكثير من أولئك المثقفين عن الساحة ونأو بأنفسهم عن تلك الخلافات ,أما بالنسبة للمثقفين الكرد فهم مشتتين لا حول ولا قوة لهم مع أسف لأنه لا يوجد من يدعمهم ويجمع شملهم ويقف إلى جانبهم وأصبحت المسألة عبارة عن جهود فردية وهنا لابد أن أشكر أولئك المثقفين الكُرد الذين كانوا ومازالوا لا يبخلون بكتاباتهم من أجل قضية شعبهم و وطنهم، وبالنسبة للشعر والشعراء الكُرد فاعتقد أنه في مستوى لا بأس به  رغم الظروف الصعبة التي مروا بها وهناك نوع من الإبداع الشعري لدى الكثير من الشعراء الكرد .
خالد ديريك: ماذا عن إنتاجك الأدبي، ما هي الصعوبات التي واجهتك أو تواجهك في الطبع والنشر؟
لا زكين ديروني: بسبب الظروف السياسية والأمنية التي كانت سائدة بالإضافة إلى الظرف المادي الصعب الذي مررت به لكوني من المحرومين من الجنسية السورية ومنع العمل في مجال اختصاصي لم أستطع طبع أشعاري ولذلك فقد اتلفت وضاعت مني أغلب القصائد التي كتبتها في البدايات لكن حالياً لدي كراس أو أكثر قابل للطبع وأحاول أن أطبعه قريبا.
خالد ديريك: ما رأيك بالملتقيات الثقافية سواء في الوطن أو المهجر؟
لا زكين ديروني: أنا من مشجعي الملتقيات الثقافية كالندوات والأمسيات والمهرجانات الشعرية سواء في الوطن أو في المهجر ولا بد من الملتقيات بين المثقفين للتعرف على نتاجات بعضهم وتبادل الخبرات والاستفادة وخاصة جيل الشباب للتعرف على ثقافته وتاريخه ولغته والارتباط بقضيته لكن بعيداً عن التحزب والخلافات الفكرية.
خالد ديريك: ماذا عن طموحك ومشاريعك المستقبلية؟
لا زكين ديروني: طموحي هو أن أرى الحركة الكردية موحدة في وجه أعداء الشعب الكردي وأن أرى وطني حرا مستقلا أسوة ببقية شعوب العالم وأن أرى اتحاد عام للكتاب الكرد على مستوى كوردستان ويستطيع أن يضم ويلم شمل جميع الكُتاب والشعراء الكرد ومشروعي دوما هو لخدمة وطني وشعبي ولغتي الكُردية من خلال كتاباتي وأشعاري المتواضعة.
خالد ديريك: هل كان لأحد الشعراء أثر عليك؟
لا زكين ديروني: نعم تأثرت بالشاعر الكُردي الكبير "جكرخوين" من خلال قراءتي لمعظم دواوينه وكذلك الشاعر المبدع "ملايي جزيري" وأيضاً قرأت الكثير من أشعاره وأيضاً لأمير شعراء الكُرد "أحمدي خاني" من خلال قراءتي لقصة "ممو زين " الذي كتبها شعراً ولذلك تعلمت منهم كتابة الشعر الكلاسيكي والقافية.
خالد ديريك: أنت كعضو حضرت المؤتمر التأسيسي لرابطة آرارات الثقافية كيف تجدها اليوم بعد أكثر من ثلاث أشهر من ولادتها؟
لا زكين ديروني: رابطة آرارات الثقافية مولود جديد وتحتاج الرابطة إلى وقت ونشاط والجهد اللازم والالتزام من قبل جميع أعضائها لكي تتطور وتستمر وكذلك تحتاج الى الثقة بالنفس والثقة بين أعضاءها وتشكيل لقاءات وعلاقات مع المنظمات الثقافية سواء أكانت السويسرية أو الكردية أو العربية أو غيرها لتبادل الآراء والثقافات.
خالد ديريك: الكلمة الأخيرة مع مقطع شعري؟
لا زكين ديروني: أتمنى لرابطة آرارات الثقافية النجاح والتطور والاستمرارية لتحقيق الأهداف المنشودة خدمة للإنسانية والسلام والحرية والثقافة ولشعبنا الكردي وجميع الشعوب العالم وأشكركم مرة أخرى على هذا الحوار وأتمنى أن أكون قد وفقت في الإجابة على أسئلتكم. وإليكم مقطعاً من إحدى قصائدي باللغة الكُردية:

     Kevokê
Ey kevoka xweş kedî
Qet neke şerm û fedî
Jiyan xweş û şêrîn e
Xweşya jînê evîn e
Perda reş ser xwe rake
Dil û canê xwe şake
Bi serbest û azadî
Dilê xwe bike şadî
Evînî qet ne şerme
Bûye gunih li ser me
Guneh ewe bê evîn
Keç û xort bibin hevjîn





رابطة آرارات الثقافية
نوفمبر/ 5/ 2016



65
حوار مع الشاعرة مها عفاني



خالد ديريك
 
ـ ما تزال ملامحي وصور طفولتي مرسومة على جدران روضتي في مدينة نابلس.
ـ في وقت الذي كانت بنات جيلي تلعب وتلهو، كنت أجلس تحت شجرة الليمون في ذاك البيت القديم.
ـ حرمت من بلدي فلسطين سنوات وسنوات، ولم أقم بزيارته إلا قبل أسبوع عن طريق جولة سياحية.
ـ كتبت أولى قصائدي وأنا في الصف السابع وكانت عن المعلم.
ـ أحب أن اكتب في ساعات الصباح الباكر وأنا أحاور قهوتي على أنغام فيروزية.
ـ الآن، كسرت تلك القيود وبدأت أنشر في المجلات الكترونية.

 
حاورها: خالد ديريك


خالد ديريك: نرحب بكِ في هذه الجلسة الأدبية ونشكرك على تلبيتكِ لدعوتنا.
من هي مها عفاني. الطفلة، الأم، الشاعرة؟
مها عفاني: يسعدني ويشرفني أن انتمي إلى رابطة آرارات وأكون فرداً في أسرتكم الرائعة
وأقدم ما يسركم ويفيد:
أنا مها عفاني فلسطينية الأصل والجذور، الأردنية الجنسية والمنشأ وأفتخر بانتمائي الفلسطيني ـ الأردني
كأي طفلة فلسطينية غادرت بلدي قسراً، وما تزال ملامحي وصور طفولتي مرسومة على جدران روضتي في مدينة نابلس، محفورة في ذاكرتي.
وكأي أم ثابرت وكافحت واجتهدت حتى أربي أولادي بما يتوافق مع القيم الفلسطينية والعربية وغرست فيهم روح الانتماء للغتهم وعروبتهم ووطن يستحق أن ننتمي له، بأن يفخر بأولادنا.
منذ طفولتي أحب المطالعة، في وقت الذي كانت بنات جيلي تلعب وتلهو، كنت أجلس تحت شجرة الليمون في ذاك البيت القديم وأقرأ وأشارك في مسابقات المطالعة وأحرص على الفوز، كبرت وزاد شغفي بكلماتي والعزف على حروف أبجديتي تارةً حب وغزل وتارةً اكتب لوطني الحبيب فلسطين.

خالد ديريك: متى كانت أولى وآخر الزيارة لكِ إلى فلسطين؟
 مها عفاني: بلدي فلسطين حُرمت منه سنوات وسنوات، ولم أقم بزيارته إلا قبل أسبوع عن طريق جولة سياحية، ردت لي روحي، واسترجعت طفولتي، وعدت بجمال روح، مشغوفة، تتدفق حباً وجمالاً وتذرف الدموع على الحال المؤلم هناك، حبي لفلسطين وروحي التي تسكن بيارتها وأشجار الزيتون والزيزفون وعشقي للياسمين الذي تسلق جسدي جعلني اكتب وأحلم بالعودة لذاك الوطن الدافئ واتمنى لو أعود!

خالد ديريك: كيف تولدت أولى قصائدك؟
مها عفاني: كتبت أولى قصائدي وأنا في الصف السابع وكانت عن المعلم في إحدى الاحتفالات.
أعجبت بها معلمة اللغة العربية وعندما قرأت كتاباتي المتواضعة آنذاك شجعتني وقبلتني، وكأنها قدمت لي نجمة من السماء أضاءت دربي.

خالد ديريك: هل لديك طقوس خاصة أثناء الكتابة؟
مها عفاني: أحب أن اكتب في ساعات الصباح الباكر وأنا أحاور قهوتي على أنغام فيروزية، مع خيوط الشمس الأولى قبل أن تعج الشوارع بالمارة.
استمد كلماتي من قطرات الندى الأولى، ومن نسائم الفجر الأولى المحملة بعبق الياسمين ووشوشة الكنار.

خالد ديريك: هل أنت كأنثى، لجمتك العادات والتقاليد الاجتماعية عن الإبداع؟
مها عفاني: طبعاً كأي انثى في المجتمعات الشرقية واجهت استنكار من حولي والطلب بالتوقف عن الكتابة، الأمر الذي اضطرني أن أجمع قصائدي في كتيب باسم مستعار أثناء دراستي في الكلية وطبعاً تمت سرقته وذهبت كتاباتي أدراج رياح الخريف وأخفيت ما اكتب من حب وغزل حتى عن نفسي!

خالد ديريك: كيف هي أجواء الثقافة والأدب في الأردن؟
مها عفاني: للأسف المدارس في الأردن لا تتابع المواهب والإبداعات إلا في وقت احتفال ما، ثم تتركها على الرفوف أو تحتاج واسطة كَيد تمد المساعدة وهذا ما افتقدته ولم أسعى إليه.

خالد ديريك: إذا كنتِ ترين نفسك منتمية إلى إحدى المدارس الشعرية، فما هي تلك المدرسة؟
مها عفاني: أنتمي للشعر الرومانسي
وكتابات الواقعية تحلق في عالم الخيال

خالد ديريك: هل تكتبين في الدوريات والصحف الورقية والكترونية؟
  مها عفاني: للأسف، لأن كتاباتي رومانسية، القيود الشرقية منعتني من نشر ما اكتب في المجلات والجرائد، إلا أنني الآن كسرت تلك القيود وبدأت انشر في المجلات الكترونية.

خالد ديريك: ما هي طموحات وأحلام الشاعرة مها عفاني؟
مها عفاني: كأي شاعر/ة اطمح أن أطبع أشعاري وكتاباتي في كتاب خاص بِـ مها عفاني وأن يعلو صوت حروفي، يهز المشاعر والوجدان دون خوف أو الاعتبارات الباليه التي سرقت من عمري الكثير.

في النهاية، كل الشكر للشاعرة مها عفاني على هذا الحوار الجميل ونتمنى لها كل التوفيق والنجاح.


حاورها: خالد ديريك
رابطة آرارات الثقافية
نوفمبر 22, 2016


الشاعرة مها عفاني

صفحات: [1]