أكبر الخاسرون من يدعي انتصاره في الحرب
والعراق أكبر برهان على هذا الكلام فلقد طبلنا وزمرنا وأطلقنا العيارات النارية في احتفالات أب 1988 وفي نفس اللحظات التي أعلن فيها انتصارنا المزعوم كان لهيب النار المتقدة يقتل كل أمل في الحياة عند أمهات الشهداء وزوجاتهم وصيحات العتب ترتفع إلى السماء ليت هذا اليوم كان قبل أسبوع أو شهر أو سنوات لما قتل أبني .
ليس هذا ألا جانب بسيط من ذاكرة النصر والحقيقة المرة تسألنا دائما.
هل أنتصرنا بالفعل في حرب إيران . ألم نخسر أضعاف ما خسره خصومنا. لما لا نحصي غنائم الحرب وفوائدها على أصابع اليد وبالتحديد على يد معوق بترت يده في تلك الحرب لأنه فعلا لا مكاسب ملموسة من خوض الحروب وأن تخيلنا عكس ذلك.
لم نتعلم الدرس وبعد سنتان كررنا نفس الشعور في ما سمي بأم المعارك وعلى مدى عقد وأكثر لعبنا مع أمريكا وحلفائها لعبة القط والفأر. طائراتها الحربية كانت تطير على علو منخفض مثيرة الرعب في قلوب المدنيين وحصار اقتصادي خانق لف على عنقنا يقتلنا بصمت مليون تلو الأخر حكومتنا تقول أن أمريكا هي من فرض هذا الحصار والأخيرة ترد معتبرة الحكومة العراقية هي السبب وفي لعبة التحدي غير المتوازن بددنا الكثير من ثرواتنا بين الرشوة والفساد العالمي في عقود مالية ضخمة لم يصلنا منها ألا ما يسد رمق الحياة وتأجلت الرفاهية إلى أشعار أخر. ورغم كل ذلك كان ما يشاع بين العراقيين بأنهم على درب الصمود والتحدي لا يزالون فوق النجوم عصاة على أعدائهم يبيعون السكائر على أرصفة عمان ويتمنون تأشيرة دخول إلى دول كانت تحلم وتتمنى ليل نهار بأن تمتلك عشر ما يمتلكه العراق من ثروات.
ولا زلنا المنتصرون في الحرب حتى دخول القوات الأمريكية بغداد ولا زالت روح التكبر والاستعلاء الفارغ والصوت المتعالي من شدة الحماقة ترفض الانصياع إلى الحكمة وترفض قبول الحقيقة كما هي والتعامل مها بصواب . ما زالت أذانهم مسدودة لا تقبل صوت الألم عندما يتحد مع قسوة الزمن ليرقص العراق في بحور الدم كل سنة باسم مختلف عن الأخرى وفي كل عقد حرب داخلية أو خارجية أو كليهما معا.
والمصيبة في ساستنا المتفقون على عزلة كل واحد فيهم عن الأخر يقفون بكل ثبات أمام وسائل الأعلام ويقولون لقد أفشلنا محاولة الإرهابيين للصيد في الماء العكر وقطعنا يد كل من حاول تلويث صفوة التعايش ومثيري الفتن. وعلى بعد أمتار يهرول الاقتتال في مارثون العراق الدموي ويجتاز في كل يوم مدينة جديدة تحل ضيفة عزيزة على القنوات الإخبارية العالمية . وهكذا أصبحت مدن العراق أشهر مدن الأرض تردد أسمائها شعوب الاسكيمو0 في أقاصي القطب الشمالي والأطفال الخدج في جنوب إفريقيا لان ما يجري في تلك المدن يندى له جبين البشرية . لم نكن في يوم من الأيام منتصرون لان مفهوم الحرب المجرد نفسه يدل على خسارة ليس في مصير الأجيال التي تعيش الحرب بل على الأجيال القادمة ايظا فهل تتوقع عزيزي القارئ أن يعيش أبناء العراق في عام 2020 مستوى الحياة المعتاد عليه حاليا في الإمارات و هذا طبعا مستحيل لأن ألأساس لتلك الحياة هو ما يحدث ألان في العام 2005 والذي لا يحتاج إلى مزيد من الشرح . ماذا ننتظر لكي نقول خسرنا من الحرب ليس فقط ماديا واجتماعيا بل معنويا أيضا لأننا لم نعد ببراءة ألإنسانية وشفافيتها هل نملك المزيد لنبدده أم ننتظرُ أن تباد قرى ومدن بكاملها لكي نقول لقد بدأت الحروب ألأهلية وماذا نسمي الممارسات الدموية في أصغر شوارعنا هل هي لعنة التعاويذ ألأثرية والألاعيب السحرية أليست هي نفسها الحروب ألأهلية تبدأ
بمثل هذه الممارسات وترتقي لتشارك فيها أعلى ألمستويات ألسياسية ومن
ثم تتدخل دول الجوار والمجاورة للجوار. متى نتحد على عراقيتنا وعلى مرضنا وضعفنا وحاجتِنا إلى طبيب سلام غادر أرضنا منذو عقود ويرفض أن يعود إليها ثانية 0
السلام يقوينا ويوحدنا ويجمعنا واختلاف ألآراء يرشدنا إلى التجربة والأخيرة هي من سيوصلنا إلى الصواب 0 ليست ألفيدرالية أخطر من الشعور بالظلم والثروة لم تكن يوما من ألأيام المصدر الوحيد للسعادة والرفاه. ولو كانت كذلك لكنا اليوم أفضل حالاً من ثلثي دول العالم لأننا ألأغنى منها ومن يخشى على مستقبله لأن أرضه لا تجلس على حقل نفط
فليٌلقي نظرة بسيطة على جغرافية العالم ليعي بأن التجارة نفط والسياحة نفط والزراعة نفط وإذا لم تتوفر كل هذه ألألوان في أرضهِ فأحباناً ألاستقرار والسلام يجعل من بعض الدول والأقاليم أثرى بقاع العالم برفاهيتها وحضارتها وانتصارها على كل القيود البالية التي تُفرض على الإنسان الدخول في الحرب من أجل تحقيق الانتصار 0 عصام خبو بوزوة – تلكيف