المحرر موضوع: برلماننا والتقدم الى الخلف  (زيارة 1457 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عامـر ملوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 205
    • مشاهدة الملف الشخصي
برلماننا والتقدم الى الخلف

ان المراقب للتجربة الديقراطية في العراق يستطيع ان يحكم عليها بانها لازالت تجربة حديثة
 العهد ليس من خلال عمرها القصير لا بل من خلال اعتبارها ديمقراطية مستعادة بعد سنين طويلة من التسلط الدكتاتوري وانها لازالت متاثرة بالكثير من النهج القديم ولذلك تحتاج الكثير من الجهد والوقت لتخطي هذه الصورة السلبية وهذا الاداء المتعثر في الكثير من الاحيان.
وجميعنا يعرف التجاذبات والتنافرات التي تحصل بين الكتل الكبيرة داخل البرلمان والتي تجعل من بيئة البرلمان بيئة مشحونة ومنشغلة بمصالحها الخاصة والضيقة متناسية الدور الوطني والمسوؤلية التاريخية لهذا الدور. وبالتالي محاولة التوافق بشان المصالح الضيقة و التغاضي او التناسي بقصد او بغير قصد عن حقوق الاقليات والمراة والمعارضة بشكل عام.وان الكثير من الدول وبضمنها دول عربية قد طبقت نظام الكوتا لضمان وتامين المشاركة الفاعلة للمراة والاقليات القومية والدينية وذلك لاظهار التمثيل العادل لكل اطياف المجتمع المهمشة او المستبعدة.وان مثل هذه القرارات الغير مسؤولة والغير حكيمة  المتمثلة بالغاء المادة 50 من قانون الانتخابات لمجالس المحافظات سوف يكون لها تاثيرها البالغ على شرائح مهمة من المجتمع وبالتالي سوف ينعكس ذلك على مجمل العملية الديمقراطية في العراق ومستقبلها المنظور. وان مثل هذه التجارب قد تم تطبيقها في الكثير من دول العالم وايضا الدول العربية وفي بلد عربي مثل الاردن يتم تطبيق نظام الكوتا منذ اكثر من نصف قرن وتوجد هناك كوتا للبدو وللمسيحيين وللشركس اي هناك كوتا اجتماعية ودينية واخرى اثنية .وليس خافيا على احد بان الحريات والحقوق السياسية والاقتصادية  للاقليات و المراة  هي من اكثرالشرائح المغيبة والمستبعدة قسريا  عن دائرة الاحداث.ومايترتب عن ذلك من معاناة انسانية واضرار تنموية كبيرة. فعلى احزابنا الوطنية ان تبتعد عن الازدواجية الصارخة التي تعيشها من خلال الطروحات والكلام المنمق والتطبيق وذلك فيما يخص حقوق الاقليات والمراة. وان الازمات التي يعيشها برلماننا  ومن ظمنها أزمة الهوية ، وأزمة التوزيع ، وأزمة التدخل ، وأزمة التكامل  وان اية ازمة من هذه الازمات سوف تلقي بظلالها على الاقليات والمراة بشكل اكبر وعلى هامش الحريات كالقرارت الاخيرة الصادرة بحق عضو البرلمان مثال الالوسي وبحق جريدة الاسبوعية وبالرغم من ايماننا العميق بان تجربتنا الديمقراطية تجربة حديثة ولكن لايمكن استغلال هذه النقطة عندما يتعلق الامر بالتجاوز على حقوق الاقليات بشكل عام وشعبنا الكلداني السرياني الاشوري بشكل خاص. وان اسلوب التنشئة السياسية والموروث الثقيل اضافةالى هشاشة وغياب المؤسسات التنظيمية الفاعلة  كل هذه الامور قد القت بظلالها على اداء العديد من اعضاء برلماننا الموقر. واننا اذ نطالب باعتماد نظام الكوتا للاقليات ليس كمادة فقط ضمن قانون الانتخابات بل ادخاله كنص دستوري ايظا يضمن حقوق شعبنا بشكل عادل ومتوازن وهذا ماهو معمول به في الكثير من الدساتير الدولية..
  وهناك عدة اساليب لتطبيق نظام الكوتا وذلك من خلال
-       النصوص الدستورية التي تمنح للاقليات تخصيص نسبة للتمثيل في المجالس واللجان في البرلمان والحكومة والاحزاب.
-        القوانين الانتخابية التي تمنح نسبة محددة تمكن الاقليات من اخذ حقها المشروع. واخيرا وهذه مسوؤلية تتحملها
-        الاحزاب السياسية الوطنية وذلك من خلال تبنيها اجندات وانظمة تتضمن تخصيص مقاعد للاقليات . . وهناك الكثير من الدول التي ادخلت الكوتا في نصوص دساتيرها وذلك فيمايخص المشاركة النسوية وتمثيل الاقليات ومن هذه الدول
فرنسا عام 1999 عن طريق تعديل دستوري . الأرجنتين عام 1991 , وجنوب أفريقيا. وهنا ياتي دور قيادات التكتلات الرئيسية والمهيمنة على البرلمان في التوجيه لممثليهم بدعم مثل هذه القرارات التي تدعم التوجه الديمقراطي السليم وتعطي لكل مكونات الشعب حقهم في التمثيل والمشاركة الفاعلة في بناء الوطن والمستقبل ولعل في تجربة البيرو خير مثال لقادة الاحزاب والقادة السياسين في بلدنا العراق.
في عام 1989 م  قدم مشروع الكوتا النسائية  الى البرلمان  البيروي  يتضمن ضرورة تخصيص 25%  من القائمة الترشيحية  للنساء . وان هذا المشروع شهد الكثير من الجدال والنقاس وفشل في الحصول على التصويت حتى من قبل العنصر النسوي للحزب الحاكم ( حزب فوجو موري ).
وتم رفع المشروع ثانية الى البرلمان وهذه المرة دخل عامل جديد الا وهوالإرادة السياسية  للحزب الحاكم  حيث استدعي الرئيس فوجوموري  أعضاء حزبه في البرلمان ودعا فيها اعضاء حزبه الذي يمثل الاغلبية في البرلمان لدعم وتاءييد هذا المشروع منطلقا من رؤوية واستراتيجية واضحة لدعم وتقوية ركائز العمل الحزبي اولا وركائز الديمقراطية والمساواة ثانيا. وهذه دعوة صريحة لقادة التكتلات الحزبية الكبيرة في البرلمان العراقي لدعم ورعاية القوانين التي ترسخ مبادئ الديمقراطية وتقويها وذلك من خلال التوجيه والتوصية لممثليهم بدعم مثل هذه القرارات كي تكون ديمقراطيتنا قوية وراسخة ومستندة الى قاعدة قوية ورصينة .
د.عامر ملوكا
استاذ جامعي
ملبورن/استراليا