المحرر موضوع: رسالة حوارية مفتوحة الى نيافة الاسقف لويس ساكو  (زيارة 9239 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Atranaya

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رسالة حوارية مفتوحة الى نيافة الاسقف الدكتور لويس ساكو الجزيل الاحترام
[/b]
تحية في الرب يسوع المسيح،

اطلعت بحكم التزامي السياسي القومي والوطني بوجود ومستقبل شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في العراق، وبحكم متابعتي لمختلف الرؤى والمواقف من هذا الوجود والمستقبل، على التصريحات التي اعلنها سيادتكم في مناسبات عديدة ومن منابر مختلفة عن موضوعة الحكم الذاتي، واخرها مقالكم على موقع (اسيا نيوز) تحت عنوان:
(Nineveh Plain: a ghetto for Iraqi Christians is an illusion)
(سهل نينوى: غيتو للمسيحيين العراقيين هو وهم)
والمنشور على الرابط: http://www.asianews.it/index.php?l=en&art=15025&geo=1&size=A

وفي الوقت الذي اشدد على حق كل ابناء شعبنا في الادلاء برايهم بحرية في شؤون شعبهم، فانه وبالضرورة، واعتمادا على سنة الحياة وطبيعتها، نتوقع اختلافا في هذه الرؤى. وهذا ليس امرا خاطئا او سلبيا، بل على العكس تماما، فهو عامل اغناء وتطوير اذا تم التعامل معه بروح المسؤولية ومعايير الحوار الموضوعي القائم على احترام الراي والراي الاخر.
وهذا هو مضمون وغاية رسالتي هذه الى سيادتكم.
يدفعني في ذلك يقيني بما لشخصكم الكريم من حكمة بليغة وحرص تام على العراق شعبا ووطنا بكل مكوناته القومية والدينية، وبصورة خاصة قلقكم وخوفكم الذي عكستموه في العديد من المناسبات من افراغ العراق من هذا المكون او ذاك.
كما يشجعني في هذا ثقتي بما لسيادتكم من خبرة وريادة في الحوار ومد الجسور بين الراي والراي الاخر، المعتقد والمعتقد الاخر، وهي تجربة والتزام نلتم عليه بجدارة واستحقاق شهادة وتكريم منابر ومؤسسات وطنية وعالمية.
انكم يا سيدي قدوتنا ومعلمنا في الحوار.
وبذلك فنحن نتوقع من سيادتكم قبول رسالتنا المفتوحة هذه وحوارها بصدر رحب يتسع ويغفر لنا ما يرد فيها من اختلافات معكم في الرؤية والمعلومات مما يتعلق بموضوعها، وهو مطلب الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري.

سيدي الجليل،
نظرا لاهمية الموضوع، ولاني اخاطب انسانا بموقعكم من حيث كونكم مسؤولا واكاديميا ومرجعية في مجال اختصاصه، الا وهو الكنيسة، ولضمان سلاسة الموضوع وانسيابيته فاني ساقسمه الى ثلاثة محاور، وان جاء مطولا فانه لايفاء الموضوع حقه في مختلف جوانبه وهي:
•   الحوار واطره بين الراي والراي الاخر
•   مبررات رفضكم للحكم الذاتي
•   مناقشة االبديل الذي تدعون اليه


اولا: الحوار واطره
يا سيدي، ان مطلب الحكم الذاتي هو موضوعة ومطلب سياسي خالص. ومبررات تبنيه مطلبا واليات ومنابر العمل لتحقيق هذا المطلب بمختلف جوانبه هي منابر واليات ومرجعيات سياسية خالصة.
وهذا بالضبط ما هو قائم بشان مطلب شعبنا الكلداني السرياني الاشوري بالحكم الذاتي في اطار دستور العراق الفدرالي.
فمؤسسات شعبنا السياسية، واؤكد على التوصيفة السياسية لهذه المؤسسات، تبنت واعتمادا على دراستها وفهمها ومعايشتها لواقع شعبنا، واعتمادا على رؤيتها لمستقبله في وطنه ودوره مع بقية ابناء العراق، مطلب الحكم الذاتي وباليات تتوافق مع العملية السياسية والدستورية المستمرة في العراق منذ عام 2003.
وبالتاكيد، فاننا في هذه المؤسسات السياسية اذ نمارس واجبنا ومسؤوليتنا لم ولن ندعي يوما بان رؤيتنا ومطلبنا هي رؤية ومطلب جميع ابناء شعبنا. فالاختلاف في الرؤى والمطالب امر وارد ومقبول ومنطقي.
وشخصيا افهم موقفكم من الحكم الذاتي بانه ضمن تعددية الرؤى هذه، وانكم كاحد ابناء هذا الشعب الكلداني السرياني الاشوري تمارسون حقا وواجبا لكم.
السؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا لا تبادرون بمحاورة ونقاش المؤسسات السياسية لشعبنا التي تتولى بحكم اختصاصها ومسؤوليتها ودورها المطالبة بالحكم الذاتي، وتطرحوا عليهم في جلسات حوار صريحة وشفافة هواجسكم ومخاوفكم وتستمعوا في المقابل الى رؤيتهم، وتتبادلوا المعلومات والهواجس والمخاوف والرؤى والمواقف باحترام ومسؤولية متبادلة؟
لا اظنكم سيدي تشكون في حرص ومسؤولية هذه المؤسسات على شعبها مثلما هي لا تشك في حرصكم ومسؤوليتكم.
اليس الافضل الحوار المباشر والصريح عوض التصريحات الاعلامية، خاصة وانها تاتي،  كما هو الاعلام عادة، بعناوين مختصرة ومثيرة لا تتضمن تفاصيل الرؤى ولا معلومات وافية، بل واحيانا تورد معلومات غير دقيقة وخاطئة؟
اني اتوجه الى سيادتكم بالاقتراح لعقد جلسة حوار مائدة مستديرة مع المطالبين بالحكم الذاتي من مؤسسات شعبنا السياسية لتبادل الاراء والهواجس والمعلومات. وفي حال موافقتكم على خطوة كهذه فاني اضع نفسي وما لي من علاقات ومسؤوليات سياسية ومؤسساتية تحت تصرفكم لتنظيم هكذا جلسة اليوم قبل الغد.

ثانيا: مبررات رفض الحكم الذاتي
حيث توردون في تصريحاتكم مجموعة مبررات ساتناولها بشكل نقاط واحدة تلو الاخرى مبتدءا بعنوانها الرئيسي.

1- نرفض الحكم الذاتي للمسيحيين في العراق.
وانا ارفضه مثلكم تماما.
واتفق معكم بان الحكم الذاتي للمسيحيين هو دعوة طائفية.
بل واضيف اني ارفض الحكم الذاتي للمسيحيين لانه يشرعن للدولة الدينية  التي كنا ضحاياها عبر القرون، والتي يتوجب علينا جميعا، ومعنا كل القوى الوطنية العراقية رفضها لانها نقيض ما تدعون وندعو معكم اليه من دولة عصرية متمدنة.
واضيف اني ارفض الحكم الذاتي للمسيحيين لانه يشرعن التمييز والفصل الديني بين ابناء العراق، وهذا اخر ما نسعى اليه بعد كل ما عانيناه منه.
واضيف ايضا اني ارفضه لانه سيثير القوى الاسلامية الاصولية لتزيد من ارهابها ضد الاخر الذي تراه كافرا.
وارفضه لاني رجل علماني يريد عراقا لبراليا عصريا لا عراقا دينيا.
ولكن..
من طالب بالحكم الذاتي للمسيحيين؟ الجواب القاطع: لا احد.


سيدي نيافة الاسقف:
لا يوجد اي احد طالب بالحكم الذاتي للمسيحيين. ولا يوجد هكذا مصطلح في الخطاب السياسي او الاعلامي لمؤسساتنا السياسية. فجميعنا نحن المطالبين، نعم جميعنا، نطالب بالحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري وليس بالحكم الذاتي للمسيحيين.
بل وان مصطلح "شعبنا المسيحي"، ورغم اعتزازنا بمسيحيتنا وارثها وكنائسها، ورغم ان هناك من يتداوله في الكتابة والاعلام، الا انه ليس مصطلحا دقيقا ولا يمكن اعتماده في الحوارات والمطالبات والتشريعات الدستورية والقانونية ولا في العملية السياسية واطرها وهياكلها، ولا اظنكم بحاجة مني لشرح عدم علمية او موضوعية المصطلح.
الفرق شاسع جدا بين (الحكم الذاتي للمسيحيين) و(الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري)، ليس من حيث المعنيين او المشمولين بالمطلبين فحسب بل، والاهم من كل شيئ، في مفهوم المطلبين ومترتباتهما ودستوريتهما ومشروعيتهما.

أ- صحيح ان كل الكلدان السريان الاشوريين في العراق هم مسيحيون، ولكن ليس كل مسيحيي العراق هم من الكلدان السريان الاشوريين، فهناك الارمن وهناك من المسيحيين من هو عربي (وبغض النظر عن كيفية ومتى تعرب).

ب- ومن ناحية اخرى، ومن حيث مرجعيات المطالبة، فان المطالبين بالحكم الذاتي اساسا هم فصائل سياسية قومية وطنية علمانية لم ولن تدعي يوما الحديث بالنيابة عن مسيحيي العراق. فعندما يكون المطلب مسيحيا فعندها تتحدث وتقرر الامر المراجع الكنسية المسيحية، وليس من حقنا كمؤسسات سياسية ان نكون بديلا عنها، رغم ان من حقنا الطبيعي ابداء راينا في الامر من خلال الحوار مع المرجعيات المسيحية دون ان نكون بديلا عنها.
وكذا الامر عندما يكون قوميا سياسيا فان المؤسسات السياسية هي من تقرر الامر، مع حق المرجعيات الكنسية في ابداء الراي بالحوار مع هذه المؤسسات السياسية دون ان تكون بديلا عنها. ومطلب الحكم الذاتي هو قضية قومية سياسية، وليست دينية كنسية، وبذلك فهي  من صلب قرار وعمل هذه المؤسسات، ومن حقكم عليها ان تحاورونها.
اليس هذا، يا سيدي، احد مقومات وتطبيقات الدولة العصرية التي تدعو وندعو اليها جميعا.
الا يفترض ان نمارسها نحن مع بعضنا قبل ان نتوقع ممارستها على مستوى الوطن ومن الجميع.

ج- ان الباس الحكم الذاتي لبوسا دينيا هو التاسيس للدولة الدينية وهو شرعنة دستورية للتمييز الديني، وهذا ما لا تدعو اليه احزابنا السياسية التي هي قاطبة احزاب علمانية، بل وتعارضه وترفضه ويشاركها في ذلك القوى الوطنية العراقية.
بل، ولذات السبب فان بين احزابنا التي تطالب بالحكم الذاتي لشعبنا من رفض الكوتا لانها جاءت بتوصيفة دينية. ما يلي اقتباس من تصريح حزبنا الوطني الاشوري بتاريخ 4 ت2 2008 برفض الكوتا الدينية: (كما ان تشويه وجودنا وحصر خصوصيتنا والتعامل مع شعبنا على اساس ديني هي محاولة لترسيخ الطائفية في العراق ومؤسساته السياسية.) انتهى الاقتباس.

د- وبعكس ذلك فان الحكم الذاتي للشعب الكلداني السرياني الاشوري هو مطلب سياسي يتوافق مع المبادئ التي وردت في الدستور العراقي سواء من حيث اعتراف الدستور واعتماده في العديد من بنوده ومواده لتعابير ومفاهيم (الحقوق القومية والسياسية) او من حيث اعتماد الدستور مبدأ (اللامركزية) في هيكلة الدولة ومؤسساتها وصلاحياتها.

هـ- ان احزابنا السياسية اذ تطالب بالحكم الذاتي لشعبنا بخصوصيته وهويته القومية فان ذلك لا يعني البتة ان مطلب الحكم الذاتي هو مطلب محصور او مختص بشعبنا فقط، بل هو مطلب يمكن اقراره لجميع الاقليات القومية العراقية.
ونشير هنا ان مسودة دستور اقليم كردستان والتي هي في طريقها للاقرار في برلمانه تتحدث عن ضمان حقوق الاقليات القومية في الاقليم من الكلدان السريان الاشوريين والتركمان والعرب السياسية والادارية والثقافية وبضمنها الحكم الذاتي.

و- ان مطلب الحكم الذاتي للاقليات القومية ليس سابقة في العراق او في الدول الاخرى التي تتميز بالتعددية القومية.
في اذار 1970 تم اقرار الحكم الذاتي للشعب الكردي في العراق.
وتداول مطلب الحكم الذاتي لشعبنا ليس جديدا بل يعود الى عقود سابقة، ويكفي ان نشير هنا الى الوثيقة التي قدمتها رموز شعبنا في 1973 بان يكون الحكم الذاتي الممنوح للشعب الكردي حكما ذاتيا لشعبنا ايضا.
ونعتقد سيدي ان تجارب الدول والشعوب في مجال اقرار وتطبيق الحكم الذاتي لاقلياتها القومية هي تجارب اثبتت جدواها لمصلحة الشعوب والاوطان التي اعتمدتها. ونحن لسنا سابقة لنخشى من الامر.

الا تلاحظون سيدي البون الشاسع من حيث الاطار والمفهوم والمترتبات بين توصيف الحكم الذاتي بانه ديني مسيحي وبين حقيقة المطالبة به بانه قومي.
واخيرا في سياق هذه النقطة دعوني اكون صريحا معكم، صراحة الاخ مع اخيه:
انكم اذ تلبسون مطلب الحكم الذاتي لبوسا دينيا مسيحيا بخلاف ما نطالب به فانكم توجهون الامور بما لا تريدونها ان تتوجه، واقصد بذلك استنهاض القوى الارهابية الاصولية ووضع شعبنا في دائرة استهدافاتها.
اتمنى ان تنتبهوا الى هذا الامر سيدي، حرصا على تسمية المسميات باسماءها اولا، ومنعا وتلافيا لما نخشاه جميعا.

2- الحكم الذاتي هو عزل للمسيحيين عن الشعب والوطن العراقي
في عموم تصريحاتكم سيدي، وردت مصطلحات مختلفة لتوصيف الحكم الذاتي ومنطقته مثل: "عزل" و"توطين" و"غيتو" وغيرها، وهو امر ترفضونه وان المسيحيين عاشوا ويعيشون في جميع العراق وانهم ملح وخميرة للمجتمع العراقي.
اقول: بداية، اكرر هنا ايضا ان الحكم الذاتي ليس للمسيحيين بل للكلدان السريان الاشوريين.
واضيف باني هنا ايضا اتفق معكم برفض الغيتو والتوطين والعزل.
ولكن من نادى ودعا الى هذه؟
فنحن جميعنا المطالبين بالحكم الذاتي ندرك ونفهم جيدا ان العراق وطن واحد من الجميع والى الجميع.
وانه وطن مفتوح لكل ابناءه للعيش حيث يرغبون العيش.
وان ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ورغم ان معظم وجودهم في بغداد والبصرة كان نتاج تهجير قسري ولكنهم تكاملوا مع محيطهم الجديد. ومطالبي الحكم الذاتي لم يدعوا الى جعل الحكم الذاتي علبة او قفص او غيتو لابناء شعبنا.
ان المطالبة هي في منح الوجود الديموغرافي القائم لشعبنا في سهل نينوى واقليم كردستان العراق صلاحيات تشريعية ومؤسساتية لممارسة ذاته وحياته وتطوير هويته واغناءها والقيام بدوره في بناء العراق الفدرالي الديمقراطي التعددي.
وهذه الصلاحيات وهيكلتها هي ما يتضمنه تعبير الحكم الذاتي.
الحكم الذاتي لشعبنا لا يدعو الى اجلاء الالاقشة او العينكاويين او البرواريين وغيرهم من بغداد والبصرة واعادتهم قسرا الى القوش وعنكاوة وبراوري بالا وغيرها.
اما اذا كان الحكم الذاتي وانماطه الاقتصادية واجواءه الثقافية ومؤسساته التشريعية والادارية والتربوية والتعليمية ستجذب هؤلاء للعودة والاستقرار طوعا تحت مظلة الحكم الذاتي وبما يتماشى مع القوانين وبما لا يسلب حقوق الاخرين فاين الخطا في ذلك؟ واذا كان الحكم الذاتي سيجذب استثمارات ابناء المهجر وخبراتهم فمرحى لذلك. الن يكون ذلك اغناء للعراق جميعه؟ والن يزيل ذلك مخاوفك سيدنا ومخاوفنا جميعا من اندثار وجودنا في الوطن؟

ثم اذا كان الحكم الذاتي المشرع والمضمون دستوريا ضمن العراق الفدرالي يعني خطر الانعزال والغيتو فما بال الفدرالية اذا؟ فرغم فدرالية اقليم كردستان والبون السياسي والاقتصادي والامني الشاسع بينها وبين بقية محافظات العراق فما زال هناك اكثر من مليون كردي عراقي خارج الاقليم وخارج المناطق المتاخمة له. فلماذا نحكم على الحكم الذاتي بانه عزل لشعبنا عن بقية العراق والعراقيين؟
اننا كنا وسنبقى ننتمي الى كل العراق لانه عراقنا ولاننا حريصون عليه.
واحد التزامات انتماءنا اليه ان نحصنه ونحصن وحدته. وتاريخ العراق وجميع الدول المتعددة الاقوام يثبت ان لا حصانة لهذه الوحدة دون احترام كرامة وهوية وخصوصية هذه الاقوام والاقرار بحقوقها. وانظمة الحكم اللامركزية من فدراليات وحكم ذاتي وغيرها من الاطر الادارية اثبتت انها حصانة وضمانة لوحدة الدول وعامل استقرار ورفاهية لشعوبها. وهذا ما نريده لشعبنا ووطننا العراقي.
وبذلك فان الحكم الذاتي هو ترسيخ لانتماءنا وضمان لوحدة العراق وطنا وشعبا على اساس احترام حقوق المواطنين وخصوصياتهم الفردية والجماعية.
الحكم الذاتي يحقق لنا تكامل مواطنتنا من حيث انها لن تكون مجرد مواطنة واجبات بل مواطنة حقوق ايضا.

3- لا توجد مطالبات بالاقاليم في الجنوب فكيف نطالب نحن بالحكم الذاتي
في تصريحكم الاخير وضمن مبررات رفضكم للحكم الذاتي قلتم انه لا يوجد حاليا من يطالب باقاليم في الجنوب العراقي.
وهنا ايضا اتفق معكم بعدم وجود هكذا مطالبات، رغم حقيقة انه كان هناك طلبا باقامة اقليم البصرة وتبنت اجراءات اقامته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبحسب ما يفوضها الدستور وكانت نتيجة الاجراءات ان المطالبة فشلت في كسب نسبة الاصوات الكافية لاقرار المطلب بحسب ما اقره الدستور العراقي.
على اية حال فان الفارق جوهري وكبير بين اقامة اقاليم الجنوب وبين مطلب الحكم الذاتي لشعبنا.
فمبدا وحق تشكيل الاقاليم تم اقراره وضمانه في الدستور العراقي، اما تنفيذه في هذه المحافظة\المحافظات او تلك، اليوم او غدا، فهي مسالة تخضع لارادة ابناء المحافظات العراقية وتوجهاتها السياسية.
اما بالنسبة لمطلب الحكم الذاتي فهو ليس مقرا وليس مضمونا في الدستور العراقي الحالي، ولذلك فاننا نسعى لادراجه كحق من حيث المبدا في الدستور، اما تنفيذه وتوقيته وتفاصيله فهي مرحلة لاحقة.
يا سيدي، ان البون شاسع جدا، فلا مجال للمقارنة بين حق موجود ومضمون دستوريا ومتروك امر تنفيذه للمواطنين حينما شاءوا او اتفقوا، وبين مطلب نريد ادخاله واعتماده في الدستور.
خاصة اذا ما ادركنا ان عملية مراجعة وتعديل الدستور ليست بالعملية الهينة والمتاحة وقتما نشاء.
وحاليا هناك عملية مراجعة للدستور ضمن العملية السياسية القائمة في العراق وتشارك فيها كل المكونات العراقية من خلال قواها السياسية. ومن حق شعبنا علينا، كقوى سياسية له، ان نشارك في هذه العملية ونسعى لتعديلات دستورية تضمن حقوق شعبنا من حيث المبدا، واحدها حقه في الحكم الذاتي ضمن العراق الفدرالي الموحد.

4- الدعوات للحكم الذاتي هي من الخارج الامين ونحن في الداخل المرعب نرفضه
في تصريحكم قلتم: ان الحكم الذاتي هو مطلب نادى به مؤخرا بعض السياسيين والمثقفين ورجال الدين من خارج العراق ممن يعيشون اوضاع امنية مريحة.
اسمحوا لي ان اختلف معكم سيدي في هذه النقطة.
مطلب الحكم الذاتي وكما نحن متفقون جميعا هو مطلب سياسي. والمؤسسات والشخصيات السياسية التي تبنته وتطالب به هي تنظيمات وشخصيات سياسية كلدانية سريانية اشورية عراقية ووطنية وبامتياز، وليس ايا منها مؤسسة مهجرية.
فحزب بيت نهرين الديمقراطي، المجلس القومي الكلداني، اتحاد بيث نهرين الوطني، المنبر الديمقراطي الكلداني، المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري، مختصة كلدواشور للحزب الشيوعي العراقي، تجمع السريان المستقل وحزبنا الوطني الاشوري جميعها احزاب عراقية شاركت وتشارك في العملية السياسية العراقية، وجميعها احزاب وطنية لا غبار على ولاءها والتزامها الوطني العراقي. والسيد سركيس اغاجان وكاتب الرسالة وزراء في حكومة اقليم كردستان العراق التي هي جزء من الهيكل السياسي والدستوري للعراق.
فاين هو الخارج الذي يطالب بالحكم الذاتي خارج ارادة شعبنا ومؤسساته في الوطن؟
صحيح هناك احزاب ومؤسسات لشعبنا في المهجر طالبت بالحكم الذاتي ايضا، ولكن مطالباتها جاءت بصيغة دعم لمطالب قوانا السياسية الوطنية، وليس بصيغة انها قررت في المهجر بالحكم الذاتي وتريد فرضه على شعبنا ومؤسساتنا في الوطن.

فاذا كان المقصود بالخارج هم نيافة الاساقفة الكلدان على ابرشيات اميركا (حيث ورد في هامش مقالكم الاشارة الى ضغوط كبيرة تمارس من المهجر المسيحي في اميركا على البطريركية الكلدانية في بغداد)، فهم لم يكونوا من قرر او بادر بالمطلب، بل دعموا، مشكورين، مطلبا طالبت به مؤسساتنا السياسية القومية في الداخل، ونحن نقدر لهم ذلك.
واذا كان المقصود قداسة سيدنا البطريرك مار دنخا الرابع، فان انتماء وارتباط مرجعية بطريركية مهمة من بطاركة وكنائس شعبنا، مثل كنيسة المشرق الاشورية، لا تحدده البقعة الجغرافية لمكتب البطريركية. فالبطريركية تمثل الكنيسة، كل الكنيسة، بمختلف مواطن تواجدها ومعيشة ابناءها. كما ان قداسته، هو الاخر، لم يكن من قرر او بادر بمطلب الحكم الذاتي بل دعم مشكورا ما طالبت به مؤسساتنا السياسية في الوطن، ونثمن له ذلك عاليا.
يضاف الى ذلك ان سنهادوس كنيسة المشرق والذي عقد في دهوك في تشرين 2008 ضم في التصريح الصادر منه دعما لمطلب الحكم الذاتي، ومرة اخرى ليس كمن يقرر او يبادر بالمطلب بل كالداعم لمطلب المطالبين به من مؤسسات سياسية. ونتمنى على جميع كنائسنا ومرجعياتها الدينية ان لا تكون بديلا للمؤسسات السياسية بل داعمة لها ومحاورة معها في حال اختلاف الرؤى او وجود هواجس ومخاوف.
اما اذا كان المقصود بالخارج هو السادة الكتاب. فانهم ليسوا بصناع القرار، وليسوا من قرر وتبنى المطالبة بالحكم الذاتي بل قدموا الدعم، ومن موقعهم وامكاناتهم، لمطلب مؤسساتنا السياسية في العراق. كما ان معظمهم ورغم اضطرارهم للاغتراب في المهاجر ليسوا مقطوعين عن شعبنا مؤسساته في الوطن، فمعظمهم مرتبط بهذا الحزب او ذاك من احزابنا العاملة في الوطن.
وجميع المطالين اعلاه طالبوا بحكم ذاتي لشعبنا بهويته القومية وليس حكما ذاتيا للمسيحيين.

5- المطلب هو لعبة سياسية خطيرة. حيث جاء في تصريح سيادتكم:
(In today’s Iraqi context the demand for a Christian enclave is a dangerous political game.)
 (في عراق اليوم فان المطالبة بجيب مسيحي هو لعبة سياسية خطيرة) انتهى الاقتباس.
ان يتم توصيف المطلب بانه سياسي فذلك حقيقة لا غبار عليها.
اما ان يتم توصيفه وفي تصريح اعلامي بانه (لعبة خطيرة) ومن دون تقديم معطيات عن هذه اللعبة ومن وراءها وما هي غاياتها ووسائلها والى غيره من الامور فهو ما نرجو ان تسمحوا لنا بالاختلاف معكم فيه.
بداية نقول، اذا كان لسيادتكم هواجس او معلومات او معطيات لوجود هكذا لعبة خطيرة على شعبنا، الا يفترض ان تبادرون بعرضها ومناقشتها معنا كقوى سياسية لشعبنا في اجتماع مغلق عوض نشرها بهذه الصيغة المثيرة في وسائل الاعلام.
شخصيا ارى ان مصطلحات مثل (لعبة سياسية خطيرة) و(جيب مسيحي) لها وقع خطير في الذهنية والذاكرة السياسية الجمعية للعراقيين وشعوب الدول العربية في الشرق الاوسط. وكنت اتمنى على سيادتكم تفادي ايرادها في تصريحكم، خاصة وان المطلب هو حكم ذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري وفي حال سهل نينوى يضم الايزيدية والشبك والكرد المسلمين والعرب وليس (جيب مسيحي)، وهو مطلب يعتمد العملية الدستورية وبوسائل سلمية من الحوار السياسي.
هنا ايضا فان توصيفكم للمطلب بهذه الصيغة وتوصيفه باللعبة السياسية الخطيرة يضع شعبنا، بخلاف ما تريدون وبخلاف ما نريد، في دائرة الاستهداف، في حين ان مطلب شعبنا بحقيقته وحقيقة تسميته ليس كذلك.
ان مختصر ما يريده المطالبين بالحكم الذاتي لشعبنا هو ان يتضمن دستور العراق والاقليم نصا مثل هذا:
(يضمن هذا الدستور الحقوق السياسية والادارية والثقافية للاقليات القومية العراقية من التركمان والكلدان السريان الاشوريين بما فيها الحكم الذاتي ضمن وحدة العراق الفدرالي، وينظم ذلك بقانون)
او ربما دون ذكر التسميات: (يضمن هذا الدستور الحقوق السياسية والادارية والثقافية للاقليات القومية العراقية بما فيها الحكم الذاتي ضمن وحدة العراق الفدرالي، وينظم ذلك بقانون).
فاين مصدر الخطورة والتهويل من نص دستوري كهذا.


طبعا في مقابل اعتماد توصيف مطلب الحكم الذاتي بانه (لعبة سياسية خطيرة)، فانه يمكن ان يكون هناك تصريح وتوصيف مغاير تماما كالقول: ان رفض الحكم الذاتي لعبة سياسية خطيرة تستهدف اغلاق فرص مستقبل شعبنا وتهجيره واجتثاثه من الوطن.
نعتقد ان ما هكذا تناقش الامور.

كما نقلت وكالة (اصوات العراق) عن سيادتكم من بروكسل ان: (الاعلام المفرط في إقامة إقليم للمسيحيين كان السبب وراء ما جرى للمسيحيين في الموصل ومناطق أخرى).
اسمحوا لي هنا ايضا ان اختلف معكم.
فاكرر اولا ان لا مطالب هناك باقامة اقليم للمسيحيين بل هناك مطلب للحكم الذاتي للكلدان السريان الاشوريين.
واضيف ان الارهاب الاصولي لم يكن بسبب مطالب سياسية رفعها من يتم استهدافهم بل بسبب رفض التنظيمات الارهابية لوجود الاخر، مجرد وجوده وبغض النظر عن اية مطالب سياسية له.
ما هي المطالب السياسية للصابئة المندائيين الذين تم استهدافهم واجتثاثهم؟
فالصابئة المندائيين لم يطلبوا اي مطلب سياسي او حتى ثقافي، فهم تم تعريبهم منذ قرون، واسماءهم ولغتهم وثقافتهم اليومية باتت عربية، ولكن الارهاب الاصولي استهدفهم لالغاءهم واجتثاثهم.
كما ان استهداف شعبنا في البصرة والدورة والموصل وكركوك كان بسبب نفر يحمل عقيدة اصولية تلغي الاخر المسيحي لمجرد هويته المسيحية. ليس من العدل ان نغطي حقائق الامور والاحداث.
وفي هذه المسالة تحديدا فان ربط الارهاب الاصولي بمطلب الحكم الذاتي يقدم الذرائع والتبريرات للارهاب.

يا سيدي، ان مطلب الحكم الذاتي هو مطلب سياسي سلمي في وسيلته ومضمونه ونتائجه.
فهو سلمي في وسيلته من حيث انه مطلب سياسي على طاولة العملية السياسية والدستورية الجارية الان في العراق، وهو مطلب من مجموع مطاليب عديدة من مختلف الاطراف والقوى على طاولة العملية السياسية.
وهو سلمي في وسيلته اليوم وغدا من حيث ان المطالبين به لا يمتلكوا القوة الديموغرافية والقدرة السياسية والعسكرية لاعتماد العنف وسيلة له، حتى لو قرروا في لحظة تهور ذلك. 
وهو سلمي في مضمونه لانه يتوافق مع المبادئ السياسية التي اعتمدها الدستور العراقي من فدرالية ولامركزية ادارية.
وهو سلمي في نتائجه لانه يعزز كرامة مكون قومي اصيل من مكونات العراق القومية، ويعزز فيه الانتماء الى الوطن والشراكة فيه على قدم العدالة والمساواة.
فضمانة السلم الاهلي في اي وطن هي ان يشعر ابناءه بانهم غير مهددون في وجودهم ومستقبلهم.
والحكم الذاتي سيمنح هذا الشعور لشعبنا بعد تراكم هائل من ممارسات الالغاء والتمييز والاضطهاد بكل اشكاله.

6- هناك اسئلة كثيرة عن تفاصيل الحكم الذاتي.
نقلت وكالة (اصوات العراق) ضمن المقابلة مع سيادتكم في بروكسل: (ان “المطالبات بأقامة منطقة حكم ذاتي للمسيحيين في سهل نينوى (شمال الموصل) وهم وفخ وتضييع للوقت ويجلب عدة مشاكل على المسيحيين.”) وتضيف ان نيافتكم تابعتم متسائلين: (ثم ماهي الضوابط لاقامة هذه المنطقة؟ وماهي الضمانات؟ وهل سيقبل من يشترك بالعيش معنا هناك أن يكون لنا هذا الامتياز دون أن يكون لهم ذلك).
وهذه جميعها اسئلة منطقية ومشروعة. بل ويمكنني اضافة قائمة طويلة اخرى من الاسئلة.
ولكن هذه امور تفصيلية يتم اثارتها ونقاشها واجابتها وايجاد المخارج والحلول لها بعد اقرار مبدا الحكم الذاتي وعند الشروع بممارسته بعد فترة قد تطول او تقصر بحسب الواقع السياسي والامني والاقتصادي للعراق.
عشرات المبادئ والاقرارات الدستورية موجودة في الدستور العراقي ممن يقول عنها الدستور (وينظم ذلك بقانون).
وقانون وتفاصيل الحكم الذاتي سيكون واحدا اخر يضاف الى هذه المبادئ والمواد الدستورية.
فاضافة الى ما ندركه جميعا عن المادة 140 من اسئلة واشكالات ومحاولات ايجاد المخارج الدستورية لها هناك في الدستور العراقي مواد كثيرة جدا تضمنت مبادئ وحقوق يتوجب تنظيمها بقانون، فالمواد: 7، 18، 22، 23، 24، 26، 28، 30، 31، 32، 39، 41، 43، 45، 93، 112، 113، 114، 122، 123، 125 تضمنت عبارة (وينظم ذلك بقانون).
هل المطلوب ان نتيه في تفاصيل الحكم الذاتي حتى قبل اقراره دستوريا؟
ومن تجربة العراق، وفي موضوع الحكم الذاتي تحديدا، نستشهد بسابقة معروفة. فرغم ان الحكم الذاتي للشعب الكردي تم اقراره في 11 اذار 1970 الا انه والى اخر مفاوضات سياسية في التسعينيات بين القيادات الكردية والنظام البائد كان هناك تفاصيل وامور خلافية للحل.

ثالثا: االبديل الذي يطرحه نيافتكم
كبديل لمطلب الحكم الذاتي تتضمن تصريحات نيافتكم طرحا للدولة العصرية التي يكون الاساس فيها المواطنة وحقوق المواطن دون تمييز او تمايز لاي سبب، وغيرها. فمثلا ورد في تصريحكم (مقالكم) الاخير المنشور على اسيا نيوز:
(ان ما هو جيد للمجتمع المسيحي في هذا البلد هو تشجيع الوحدة الوطنية، الديمقراطية، التعايش السلمي، التعددية الثقافية، الاعتراف المتبادل كبشر لهم كرامة، اضافة الى التعاون مع الجميع لبناء مجتمع افضل يقوم على احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية كما يضمنها دستور الدولة والقانون الدولي) انتهى.
كلام جميل ورائع ونتفق معكم فيه كاملا.
ويمكن لنا كتابة المقالات والتصريحات بهذا المضمون وهذه العبارات.
ولكن يا سيدي، نحن الان في وسط عملية سياسية لبناء العراق ومؤسساته الدستورية والسياسية وهيكلته الادارية وتحديد علاقاتها وصلاحياتها وغير ذلك من الاستحقاقات التي تتطلب صياغات وتعابير محددة سواء في المبادئ والحقوق او في المؤسسات والهيكليات.
ان من متطلبات تجسيد هذه التوصيفة الرائعة لعراق المستقبل ان يقوم العراقيون بالغاء ما يتضمنه الدستور من تاسيس للتمايز بين ابناءه بمختلف الاشكال.
فدولة عراق عصرية ومثالية بما تتمناه تصريحات نيافتكم وبما تطمحون له ونطمح اليه معكم يعني، على سبيل المثال، الغاء تعريف العراق بهوية عربية واسلامية، والاكتفاء بهوية عراقية، وتتضمن الغاء لدور الديانة والشريعة الاسلامية في الدستور والتشريعات والحياة اليومية بمختلف تفاصيلها، واعتماد قانون مدني علماني في المحاكم، وضمان حق تبديل الديانة والمعتقد، وما الى ذلك.
هذا من ناحية المبادئ الاساسية. ومن ناحية الهيكلية الادارية فان كان بديل نيافتكم للحكم الذاتي هو دولة عصرية لا مبرر فيها للحكم الذاتي، الا يستوجب ايضا ان لا مبرر ومكان فيها للفدرالية؟
اما اذا كان نيافتكم يعتقد بحق الاكثرية العربية والاسلامية في العراق بان يترتب على كونهم اكثرية استحقاقات وتعابير ومبادئ دستورية وتشريعية وقانونية، فلماذا اذن لا يترتب على خصوصيتنا القومية استحقاقات متناسبة مع حجمنا ومتناغمة مع مبادئ الدستور؟
واذا كنتم تتفقون معنا بحق الشعب الكردي في اقامة فدرالية اقليم كردستان، فلماذا اذن ترفضون حق الكلدان السريان الاشوريين في حكم ذاتي متواضع بتواضعهم ولكنه كاف لحماية وجودهم وكرامتهم؟

ومن ناحية اخرى، وبمتابعة ورؤية الواقع السياسي القائم، فانه يعز علينا ان يطلب منا نحن الاقل حجما ديموغرافيا وتاثيرا سياسيا انه، باسم الوطنية، نفرط بحقوقنا ونرفض تحصين وجودنا وهويتنا المهددين بالاندثار، في وقت يحاول فيه جميع الكبار والاقوياء وغير المهددين لضمان كل المبادئ والمواد الدستورية لتعزيز هويتهم القومية والدينية، بل والمذهبية. قبل ايام صرح السياسي العراقي البارز الشيخ خلف العليان ان رئيس العراق يجب ان يكون عربيا!!
يعز علينا ان يطلب منا بمثالية مفرطة ان نكون قربانا وحيدا لرؤية جمهورية العراق الفاضلة. ولو كانت تضحيتنا بذاتنا وتراجعنا عن المطالبة بحقوقنا سيعين في ذلك، لربما كان الامر سيهون، ولكن في واقع العراق القائم فان تراجعنا عن مطلب الحكم الذاتي لن يغير اي شيئ في السعي المشروع للجميع لضمانات دستورية لحقوقهم في العراق الفدرالي.

ونضيف القول متسائلين اعتمادا على ما نثق فيه من حكمتكم ودرايتكم اللتان هما موضع اعتزازنا وتقديرنا:
هل ان الحكم الذاتي اساسا هو مخالف ومتقاطع مع الدولة العصرية ومبادئها الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وكرامته؟ ام العكس تماما، الحكم الذاتي، كاحد الهيكليات الادارية السياسية، هو الضمانة لهذه المبادئ؟
وهل ان الدول الاوربية التي، ورغم دساتيرها العلمانية التي لا تؤسس لتمييز وتمايز قومي او ديني او ثقافي او جنسي، الا انها اقرت واعتمدت الحكم الذاتي لاقلياتها المهددة هي دول غير عصرية وغير ديمقراطية؟
ام انها على العكس من ذلك تماما؟

يعز علينا ونحن نرى وجودنا وهويتنا القومية بكل عناصرها ومقوماتها تتعرض للاجتثاث في الوطن والذوبان في المهجر بكل ما يعنيه ذلك من خسارة للعراق اولا وللبشرية عامة، يعز علينا اتهام مطلبنا الهادف الى معالجة هذا التهديد وتعزيز وجودنا وبناء مستقبلنا مع اخوتنا وشركاءنا في الوطن بانه مطلب طائفي (ونحن ضحايا العنصرية والطائفية) وبانه يهدد وحدة العراق (ونحن اضعف مكونات العراق) وبانه لاوطني (ونحن الذي نمثل اصل الوطن الذي بات بسبب التمييز ضدنا وطنا باتجاه واحد هو التضحية دون اي مقابل).
اننا، وبعكس ذلك، نتمنى ونتوقع ان يسعى الجميع، وكل من موقعه، الى دعم مطلب شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وبقية القوميات العراقية الصغيرة بالحكم الذاتي ضمن هيكل الدولة العراقية الفدرالية العصرية.
فالحكم الذاتي هو اولا واخيرا ضمانة لاستمرار وجود شعبنا في وطنه، وهو جود مهدد.
وانه من المعيب على العراق، وطنا وشعبا وقوى وقادة، ان يفقد العراق من كان اول من عاش على ارضه التي تنطق كل احجارها وكل ذرة تراب فيها، كل جباله وسهوله، كل انهاره ويابسته بانتماء الكلدان السريان الاشوريين اليه منذ فجر التاريخ.

وختاما، سيدي نيافة الاسقف الجليل لويس ساكو، فاني اذ اطلب المعذرة على اطالة رسالتي فانني اتوسم فيكم الصدر الرحب والذهن المتقد والانسان الحكيم والاخ العزيز الذي يتقبل حوار اخيه.
مع تمنياتي لكم بالصحة والرفاه، وليكن سلام الرب معكم.

نمرود بيتو
الامين العام للحزب الوطني الاشوري
وزير السياحة في اقليم كردستان العراق
اربيل 23 نيسان 2009
[/font]

تم النشر عن طريق الحزب الوطني الاشوري:
app_main73@yahoo.com