المحرر موضوع: في ذكرى يوم الشهيد الاحياء اولى بالرثاء  (زيارة 632 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوهر يوحنان عوديش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 460
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ونحن في خضم هذه المعمعة والمعركة الدائمية ( معركة الاسامي والاستحواذ على الجزء الاكبر من الكعكة ) التي لن تنتهي قريباً على ما يبدو، لا يسعنا الا ان نقدم شكرنا وتقديرنا وجزيل احترامنا لزعمائنا السياسيين ورجال ديننا الموقرين على حد سواء الذين لم يبخلوا باي جهد كي ينزلوا من مكانتنا وكرامتنا ويقللوا من شأننا في سبيل منصب كارتوني او حفنة من المال الذي من المفترض ان يكون  وسيلة لمساعدة من يفتقده او هو بامس الحاجة اليه لا ان يكون هدفاً ونقمة على الشعب كله، فحتى الذين يفترض بهم ان يكونوا قدوة لغيرهم في التزهد والترحم ومد يد المساعدة للغريب قبل القريب كما يقول سيدنا المسيح، اصبحوا اليوم يطالبون بكل جرأة حصة من اموال الفقراء ليتنعموا بها او يوزعوها على اقربائهم المقربين دون وازع ضمير او خجل ضاربين بعرض الحائط كل مبادئهم وقيمهم وتعاليمهم.
ليعذرني القراء الكرام اذا كان عنوان المقال غير محدد او مبهم بعض الشيء لانني بصراحة لم اعرف ماذا ادعو شهداء شعبنا!، فاذا دعوتهم بالاشوريين ستقام القيامة ضدي من قبل الكلدانيين ويقولون عني ناكر لاصله!، واذا دعوتهم بالكلدانيين سينفجر المتعصبون من الاشوريين غضباً ويبدؤون بهذيانهم ويلصقون بي شتى الصفات والالقاب البذيئة لان الكلدان بنظرهم ليسوا سوى مذهب كنسي ناكرين لقوميتهم الاشورية، واذا دعوتهم بالسريان قالوا عني غبي ومجنون لان السريانية لغة وليست قومية! ( هذا ما حرره قلم احد الاخوة الكرام الذين يتظاهرون بالثقافة والمعرفة ويؤمنون بمبدأ كل يوم، يوم اشوري ويوم كلداني ويوم كلداني سرياني اشوري، حسب ما تقتضيه الضرورة، لانه هو نفسه ادعى الاشورية يوماً ما ورجع الى اصله الكلداني بعد ذلك وروج للتسمية الثلاثية – كلداني سرياني اشوري – وآمن بها حين شعر بالمنصب يدنو منه قليلاً )، واذا دعوتهم ب ( كلداني سرياني اشوري ) قالوا عني موحد مرتشي يحاول خلط الزيت بالماء والصاق الارض بالسماء!، لذلك ارتأيت ان الانسب والافضل والارحم بشهداء شعبنا ان ندعوهم بشهداء دون ذكر القومية لان موضوع التسمية لم يحسم بعد! ( بالله عليكم تفتخرون بتاريخ عمره الاف السنين ولا زلتم تناقشون وتحاورون وتجتمعون وتتقاتلون على تسمية شعبكم! فهل هناك مهزلة اكبر من هذه المهزلة؟ ).
لا ابالغ اذا قلت ان تاريخ شعبنا والمسيحيين في الشرق الاوسط عموماً مكتوب بالدم، وان التضحيات التي قدمها شعبنا في سبيل دينهم هائلة وكثيرة كثرة ذرات التراب الذي يعيشون عليه، وان الهجمات والمذابح التي طالتهم وحصدت ارواح الملايين منهم كثيرة، لذلك وكأمر حتمي فمن الطبيعي ان يكون لهم يوم مخصص لاستذكار شهدائهم الذين قتلوا غدراً وظلماً ( ربما لا تكفي ايام السنة كلها لاستذكار ما حل بهم من ظلم وغدر وتعذيب ونهب منظم لممتلاكاتهم بسبب معتقداتهم وارائهم الدينية )، وهذا يعتبر من ابسط المكارم التي يستطيع الاحياء تقديمها للشهداء الذين ضحوا بانفسهم في سبيل بقائنا ووجودنا، فلولا تضحياتهم لما كنا ننعم بالذي نحن عليه الان، لكن كي لا نبقى اسير الماضي ونراوح مكاننا مثل عجلة مثبتة على مسندين تدور وتدور دون ان تتحرك، علينا جعل الماضي اساساً صلباً لبناء مستقبل افضل لانفسنا وللاجيال القادمة من بعدنا لان العيش في وهم الماضي يدمر مستقبلنا ويزيدنا تخلفاً وتعصباً ونخراً للذات.
نعم لا يمكن لاي كان ان ينكر المذابح والمجازر التي تعرض لها شعبنا على مر العصور، والاحتفاء بيوم الشهيد هو حق مشروع لكل ابناء شعبنا بكافة طوائفه الدينية وفصائله السياسية سواء عن طريق المراسيم التي تقيم بهذه المناسبة او عن طريق القداديس التي تقيم على ارواح شهدائنا الذين سقطوا دفاعاً عن وجودهم، لكن الغريب في الامر هو ان بعض الفصائل السياسية ومعهم قادتهم العباقرة قد افرغوا المناسبة من محتواها واعطوا للموضوع اهمية اكبر مما يستحق وكأنهم بذلك يثبتون انتمائهم ويؤكدون وفائهم للقيم والمبادئ التي استشهد عليها الاقدمون ( لكي لا يؤول كلامي ويفسر بشكل معكوس اوضح بأنني لا اقصد بان الموضوع غير مهم او ان شهدائنا لا يستحقون هذا التقدير بل بالعكس من ذلك تماماً، كان على ابناء شعبنا بدون استثناء ان يشاركوا في الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة متفقين متوحدين بغض النظر عن معتقداتهم وانتماءاتهم السياسية، لكن ان تحول هذه المناسبة الى دعاية حزبية وانجاز شخصي فهذا غير مقبول وغير مشروع ايضاً )، فالذين قاموا بزيارة قبور لا يعرفونها كان الاحرى بهم ان يزوروا بيوت المهجرين والفقراء والمرضى من ابناء شعبنا الذين بالكاد يملئون بطونهم، والاباء الذين اقاموا القداديس على ارواح شهدائنا الابرار بهذه المناسبة كان عليهم قبل اقامة هذه القداديس ان يحثوا المصلين على مساعدة من هو بحاجة اليها وعدم الاكتفاء بالتفرج والمتاجرة بمأساة اخواننا الذين ضاق بهم الوطن، بذلك فقط يكون ساستنا قد احترموا وكرموا شهدائنا ويكون ابائنا الكهنة قد قدموا لاجلهم اكبر صلاة.
شهداءنا اليوم ليسوا بحاجة الى شموع او مراسيم بينما اخوانهم يقتلون ويهجرون من ارض اجدادهم كرهاً، شهدائنا ليسوا بحاجة الى صلاة جماعية بينما اخوانهم في دول الجوار محتقرين يكافحون في سبيل لقمة خبز جافة، شهدائنا ليسوا بحاجة الى زيارات وورود بينما اخوانهم يتعرضون للابادة....... شهدائنا ايها السادة المتملقون والماكرون والمتاجرون بحاجة الى من يحمل مبادئهم وينشرها كي لا تموت، شهدائنا بحاجة الى من ينكر نفسه ويكمل الدرب الذي بدؤه، شهدائنا بحاجة الى زعماء وقادة مخلصين يحملون معاناة الشعب ويسهرون على سلامته ويضحون لاجل مصلحته القومية.... عندئذ فقط سيشعر شهدائنا بالراحة وينامون بسلام نوما ابديا.
كوهر يوحنان عوديش
gawher75@yahoo.com