المحرر موضوع: الشخص المناسب في المكان المناسب ..!  (زيارة 1134 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Hadi Altkriti

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 145
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشخص المناسب في المكان المناسب ..!
هادي فريد التكريتي

بعد معاناة معمدة بدماء المئات من ضحايا العراقيين ، وبعد محنة عاشها العراق وشعبه ، كادت أن تودي بحرب أهلية ، ما كان لأحد ما أن يتكهن بنتائجها ، انفرجت أزمة انعقاد المجلس النيابي ، ليصار إلى اتفاق بين القوى الطائفية والعنصرية على تقسيم الغنائم ، وفق ما رسخه قانون إدارة الدولة من محاصصة ، رئاسة مجلس النواب للعرب السنة ، ورئاسة الدولة للكورد ، ورئاسة الحكومة للعرب الشيعة ، أما الأطياف الأخرى من العراقيين ، من قوميات ومذاهب ، وقوى سياسية وطنية وديموقراطية ، فلا وجود لها وفق عرف وفهم أقطاب الطوائف الذين تقاسموا العراق ، عادت " حليمة " لممارسة نهجها القديم ، ولا أحد يدري لم إذن كل هذه الضحايا المغدورة ، وشظف الحياة وقسوتها التي عاشها العراقيون .

الحمد للشعب الصابر على أفعال ونهج ساسته ، الذين لم يكن بينهم حكيم ، يستشرف حدود غضب الشعب ، حين يعصف بكل من في المجلس النيابي الجديد ، وبكل ما سيقدم عليه من خيارات قادمة ، وهي لن تكون بأفضل مما تمخض عنه أول اجتماع له باختيار الرئيس ، ف " ممثلي الشعب " من أرباب الطوائف والعشائر ، باتفاقهم على تسمية الدكتور محمود المشهداني رئيسا للمجلس ، ليس لم يكن موفقا ، بل وجه استهانة كبرى لوعي الشعب وقواه السياسية ، فالرئيس الجديد ومنذ النظرة الأولى عليه ، وهو يسبح بمسبحته ، لا بارك الله له فيها ، يدلل على أنه شيخ عشيرة فاشل ، ورث قيادتها وهو لم يستوعب بعد أعراف عشيرته ، ولم يمارس قبل الآن إصدار أوامره على أزلامه وخدمه ، وفق روح العصر الذي اختلت فيه المقاييس والقيم ، فخطابه الذي ألقاه بعد تسميته رئيسا لهذا المجلس المنكوب ، لم يستوعب ظروف المرحلة واستحقاقاتها ، وما يريده الشعب منه ، كما لم يبدر منه ما يدلل على أنه " ثقيل " في ! تصرفاته ، فكل ما بدر منه في هذه الجلسة ، يدلل على أنه في مقهى شعبي من مقاهي جسر الشهداء في الكرخ ، بين شلة تتبادل حديثا فجا وتعليقات هابطة وسط ضجيج الرواد . لا يمكن أن نلقي باللوم على كل الكتل الطائفية والعنصرية التي وافقت على ترشيحه ، إنما كل المسؤولية تتحملها الكتلة "السنية " التي رشحته وفق نصيبها من الحصة " التموينية " الإنتخابية .

السيد رئيس المجلس النيابي ، الدكتور محمود المشهداني ، محكوم بالاعدام سابقا ، وخفف الحكم برشوة مدفوعة لرئيس محكمة الثورة ـ وهذا يعني مستقبلا التعامل وفق هذا المبدأ ، ولا حاجة لهيئة النزاهة ـ هذا كل ما ُعرف عن الرئيس لهذا المجلس ، بغض النظر عن كونه طبيبا عسكريا ، لا ندري إن كان فاشلا أم ناجحا في مهنته .؟ السؤال المهم ، هل المبرر لتوليه مثل هذا المنصب فقط كونه محكوما بالإعدام من قبل النظام البعثي ؟ إن كان هذا السبب الذي دفع لترشيحه من قبل كتلته ، فهذا الأمر بائس ولا يستحق تسميته لمثل هذا المنصب المهم ، فكثيرون هم الأحياء الذين حكم عليهم بالإعدام نتيجة لاشتراكهم الفعلي في عمل لإسقاط النظام ، إلا إن هذا لا يبرر تسنمهم لمنصب قيادي في مؤسسة تشريعية ، أو حتى غيرها . من خلال بعض ما بدر منه ، والمخفي أعظم ، من تعليقات على أسئلة النواب أو النقد الموجه لخطابه ، أن " الرئيس " الج! ديد للمجلس ذو وزن " خفيف " لا يتمتع بالرصانة والحكمة ، التي تحتاجها قيادة لمثل هذه المؤسسة التشريعية ، فتعليقاته عندما كان طبيبا عسكريا ، التي أودت بحكم الإعدام عليه، هي على شاكلة تلك التي سمعنا نموذجا منها خلال جلسة التنصيب ، كأن تكون قد لامست ُهزأ وسخرية بشخصية سيده القائد ، وربما ادعاءاته كدعاوى " خلف بن أمين " ، نقلها الرفاق الوشاة ، فكانت السبب وراء الحكم عليه بالإعدام . منصب رئيس المجلس النيابي ، أو أي منصب رفيع في الدولة ، يتطلب في شاغله ، توفر مواصفات العلم والحكمة والمقدرة والصبر ، إلى جانب قوة الشخصية ومؤهلات القيادة الأخرى ، وهذه كلها ، ابتداء ، بقراءة شخصية السيد محمود المشهداني غير متوفرة فيه ، وستنعكس سلبا على المجلس النيابي القادم ، وجلساته التي ستكون عاصفة نتيجة ما هو مطروح أمامها من تشريع للقوانين التي تجسد نصوص الدستور .

سيعاني العراق وشعبه كثيرا من نهج المحاصصة اللاوطني ، وفق مبادئ طائفية ـ عنصرية ، فتغييب القوى الوطنية والديموقراطية واستبعادها عن مركز اتخاذ القرار ، ينفي عن الحكومة القادمة صفة " حكومة وحدة وطنية "، وهذا ما سيلقي بظلاله السلبية على مسيرة المجتمع اللاحقة ، فما يحتاجه العراق اليوم وغدا ودائما ، هو أن يحل الشخص المناسب في المكان المناسب ، بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية والجنس ، وهذا ما لم يتوفر حتى الآن في لوحة الدولة .[/b][/size][/font]