المحرر موضوع: كيف يجب أن يكون القادة والمسؤولين في المفهوم المسيحي؟  (زيارة 3217 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Al Berwary

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 94
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كيف يجب أن يكون القادة والمسؤولين في المفهوم المسيحي؟
الجزء الثاني
بقلم:المهندس نافع شابو البرواري

ان الله منح الجنس البشري سلطانا هائلا,ليكون مسؤولا عن كل الأرض (الحيوانات النباتات  البيئة  المياه  الطبيعة) ولكن السلطان العظيم تلازمه المسؤولية  العظيمة .
نعم  قد تكون لنا أشياء نمتلكها ولنا السلطان أن نعمل بها ما نشاء ولكن  علينا مسؤولية رعايتها والعناية بها فم بالك بالأنسان  الذي من المفروض ان نعتني به في الصحة والمرض وان نتعامل معه بالحكمة والرحمة لأن الله خلقنا مكللين بالمجد والكرامة
ركزنا في مقالتنا الاولى على ثلاثة مبادئ يجب على القائد والمسؤول الحكيم ان يلتزم بها وهي باختصار
الرب يسوع المسيح يجب ان يكون قدوة لقادتنا ومسؤولينا
الكتاب المقدس لكي يكون دستورلهم
والروح القدس يكون مرشدهم
وسوف نتطرق في مقالتنا اليوم الى مميزات وسمات القادة والمسؤولين الناجحين.
لو نرجع الى الكتاب المقدس لقرأنا عن قادة روحيين وقادة مدنيين وانبياء غيروا حياة شعوبهم وكانوا قدوة حسنة ومخلصين وامناء على رسالتهم ومراكزهم  واتخذوا قرارات لازلنا ونحن في القرن الواحد والعشرين نستلهم منهم العبر والدروس الغنية روحيا وانسانيا وحتى سياسيا .ومن امثال هؤلاء القادة الذين يجب ان نقتدي بهم
ابونا ابراهيم ويوسف وموسى و يشوع وداود وسليمان الحكيم و عزرا  ونحميا ومردخاي وأستير  و راحاب ودبورة و جدعون في العهد القديم  والرسولان
بولس وبطرس في العهد الجديد
اما القائد الاعظم وبدون منازع هو الرب يسوع المسيح ملك الملوك ورب الأرباب


وكل هؤلاء القادة العظام كان لهم نقاط القوّة وأيضا كان لهم نقاط الضعف وسقطوا في اخطاء كثيرة الا الرب يسوع المسيح الذي  لم يستطع حتى أعدائه ان  يلزموا فيه اي عيب او خطيئة وقال لرؤساء اليهود (الكتبة والفريسيين )(فمن منكم يقدر أن يثبت عني خطية)(يوحنا 8:46
من خلال دراسة شخصيات العهد القديم نستطيع ان نلخص بعض الحقائق الجوهرية لصفات   القادة  في الامور الروحية والطبيعية
1-القائد الحكيم يطلب أرشاد من الله ليقوده الى تحقيق رؤيته وأهدافه وأن يطيع الله لا الآخرين عندما يكون هناك حسم لموضوع  يدعو الى التنازل عن المبادئ السماوية والأنسانية والأخلاقية.فالأنسان  الذي يرى الأخطاء فعليه  أن لايسمح لنفسه بأن يتزحزح  عن موقفه في الدفاع عن الحق والتمسك بالصواب مهما كان الثمن.
2-من أعظم التحديّات للقادة  هي تدريب اخرين ليكونوا قادة.والأمثلة كثيرة فيها يخبرنا الكتاب المقدس عن قادة عظام لكنهم فشلوا في تهيئة وتدريب قادة ليستلموا القيادة من بعدهم فلم تتحقق الرؤية ولم يتحقق حلم ذاك القائد(راجع صموئيل الأول كيف فشل في أن يكون قدوة لأبنيه يوئيل وأبّيا فلم يسلكا في طريقه)(صموئيل الأول 8:3).
بينما يخبرنا الكتاب المقدس كيف  أن موسى اختار مساعدين ومستشارين وأمناء ومتفانين في الواجبات والمسئوليات امثال يشوع بن نون الذي اصبح قائدا عضيما من بعده واستطاع أن يدخل بالشعب الى ارض الموعد)
اما في العهد الجديد فنرى الرسول بولس يهيئ تلميذه تيموثاوس ليحمل الأمانة من بعده اي رسالة البشارة وان يكون قدوة للأخرين (راجع الرسالتين الأولى والثانية الى تيموثاوس)
ولا ننسى أن الرب يسوع المسيح  حمّل التلاميذ مسؤولية حمل رسالة الفرح الى العالم كله(                )  وقال للرسول بطرس  أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي (              )

3- القائد الحكيم يجب أن يكون له مستشارين حكماء,فعندما يكونوا مستشاري القائد على دراية وحكمة ومعرفة وفهم وخبرة وأهم من ذلك الأيمان بقضيتهم ونكران الذات والتضحية والصدق والأمانة والأندفاع للعمل وعدم المحاباة عندها يكون المجتمع الذي يحكمه هذا القائد بخير .

4-قد يكون للقائد أو الملك مواهب عديدة وعليه أن يستغلها للبناء وليس للهدم وكثيرين من القادة لهم ذكاء وفطنة وفهم ومعرفة وقد يكون القائد ناجحا في القيادة وحكيما في المعرفة والفهم لكنه قد يسقط ويفشل في الأمور التي تسعد وتخدم شعبه وسليمان الحكيم خير مثال على ذلك 
الله منح الحكمة لسليمان  ومنح امكانيات عظيمة كملك لشعب الله  ولكن ارتبط بتحالفات ومسؤوليات المرفوضة من الله كزواجه بالوثنيات واثقل كاهل شعبه بالضرائب وأعمال التسخير  ,فنجح في الأولى وفشل في الثانية.وعندنا عبر التاريخ الكثيرين امثال النبي سليمان
ان شهادة الحياة للقائد هي التي تؤثر على الأخرين سلبا أو ايجابا  فليس المهم نجاحات القائد بل الأهم هي اطاعة الله وخدمة الأخرين.
ان  العطش والنهم للسلطة أو العجرفة والكبرياء تدّمر القائد وبدوره يدّمر المجتمع  او الدولة التي يحكمها.فتصرفات القائد الشخصية واخلاقه  قد تقود الناس الى الخير  أوتكون هذه التصرفات سببا لتدمير كل ما بناه .ان تباهي القئد بقوته وسلطانه يحمل في داخلهابذرة السقوط والفناء ,فالغرور والكبرياء مرضان قد تؤدي بصاحبه الى الجنون (جنون العظمة)وخير مثال على ذلك في العهد القديم (نبوخذنصر)(راجع سفر دانيال 4:37) فبالرغم من ايمان نبوخذنصر باله دانيال ورفاقه  لكنه عاد وسقط في فخ الشيطان(الكبرياء) لما سمح لمستشاريه السيئين ان يقنعوه بالأنتقام من دانيال ورفاقه
ووصل غروره وداء العظمة فيه الى حد الجنون لمدة سبعة سنوات
وهكذا التاريخ يخبرنا عن نيرون قيصر روما مضطهد المسييحيين عندما قال قوله المشهور(طالما انا اقوم بكل هذه الأفعال الشنيعة ولا احد يحاسبني اذن انا هو الله)
 والتريخ يخبرنا انه وصل الى حالة الجنون

 

5-ان التسلسل الألهي للسلطة يرتكز  على الأيمان وليس على المنصب (1صموئيل 3:8,9)(تكلم يارب فأن عبدك يسمع).
الله لا ينظر الى قدرة الأنسان ولا على عمره ولا على شكله الخارجي ولا على مهنته او حتى خبرته والكتاب المقدس يخبرنا عن ناس بسطاء مثل الرعاة والصيادين والفقراء  لكنهم اصبحوا قادة وملوك ومبشرين وقديسين , فرسالة الله للقيادة تتوقف على ايمان الشخص بالله وبرسالته وليس السلطة والقدرة  فالله يبحث عن أمناء صادقين ومكرسين حياتهم من أجل خدمة الله والناس(راجع شخصيات العهد القديم والعهد الجديد أمثال داود الملك  حيث كان راعيا والكثيرين من الأنبياء كانوا رعاة وحرفيين
اما في العهد الجديد خير مثال كان التلاميذ اغلبهم حرفيين وصيادي سمك ويسوع الرب كان نجارا)
الرب يسوع المسيح كان له سلطة على كل الأرض والسماء لأنه هو نفسه مصدر السلطة الواهبة للأخرين ومع ذلك تواضع وأخلى عن سلطته لحين  باطاعة أبيه السماوي
6-القائد الحقيقي يتحدى الصعوبات ويجتاز المحن بحكمة وفطنة ,ويواجه الأحداث باسلوب يتفق مع ارادة الله وطاعته  خاصة عند الضغوطات  التي يواجهها القائد في المواقف الصعبة فلا يتنازل عن المبادئ السامية ولايساوم أويخضع لشروط الآخرين بل عليه أن يخضع لعمل الله ومخطته ويتبع معايير الله الأدبية وليس معايير البشر  وان يستخدم قدراته الشخصية للخير العام ويستثمر هذه القدرات لمقاصد الله على الدوام .كان النبي موسى خير مثال ونموذج لهكذا قادة  في العهد القديم(اقرا قصة موسى كيف حرر شعبه من العبودية والقهر في مصر باتباعه ارشادات الله .أما في العهد الجديد فان الرسولين بولس وبطرس  خير مثالين على قيادة الكنيسة بالحكمة وتحت الكم الهائل من الضغوطات والأضطهادات)
7-على القائد أن يتعلم من خبرة الحياة ولا يكرر الأخطاء .
فا لقائد الحقيقي قد يخطأ ولكن المهم أن يرجع ويتوب ويعتذر ويتعلم  عبر ودروس من هذه الأخطاء وهكذا فعل داود النبي أعظم ملوك اسرائيل فقد كان مستعدا للأعتراف بأمانة بأخطائه فيعالجها  بعد أن يرجع الى الله ويتكل عليه (راجع مزمور 51
فاهم مميزات القائد هي الصراحة والحسم والعمل والسيطرة وقد تستخدم هذه المهارات للخير العام او للشر العظيم .
8-عدم التعامل مع الناس بالأنحياز والتمييز أو المحابات (يعقوب 2:1) فيسوع المسيح لم يأتي للأغنياء فقط أو الوجهاء أوذوي السلطة بل جاء للجميع الفقراى والمهمشين والمرضى أيضا .فلا انبهار بالمركز والجاه أو الملك او الشهرة .
ان التمييز والتحيّز خطيئة ,لأن الله يعتبر كل الناس سواء(لانكن مخاصمين بل لطفاء يعاملون الجميع بوداعة تامة)(تيطس3:2).
9-على القادة ان يعيشوا في النقاوة والوقار والكلموة الصحيحة التي لا تلام  جاعلين من أنفسهم قدوة للآخرين ولا يكون عملهم واجب أو وظيفة  بل تربية ورعاية حتى يرى الآخرون أعمالهم الحسنة ويقتدوا بها ,فشهادة الحياة هي اقوى من الكلمات الرنانة التي ينطق بها القائد ولكن لايعيشها.
وعلى القائد أن يقبل النقد البنّاء ليعرف نقاط الضعف عنده ويحاول تجاوزها ولا يصر على اقناع الآخرين  بمجادلات ومماحكات لا طائلة لها وغير نافعة(تيطس 3:9) وللأسف الكثيرين من القادة (وخاصة الشرقيين ) يعتبرون النقد البناء انتقاصا لشخصيتهم او تجريحا لهم)