المحرر موضوع: المسيحية في بخديدا والمنطقة ومار يوحنا الديلمي بقلم الاستاذ خالد داؤد يوسف  (زيارة 3945 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. بهنام عطااالله

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1509
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                               المسيحية في بخديدا والمنطقة ومار يوحنا الديلمي  

                                              خالد داؤد يوسف / المانيا
                                             موقع بغديدي لكل غديداي

قبل فترة كتب الاخ الدكتور بهنام عطااللـه قصيدة بعنوان تداعيات الصخب الحجري وتتحدث هذه القصيدة عن دخول المسيحية الى بخديدا التي كانت تعبد الاصنام ومنهم الصنم ياي ويؤرخ ذلك في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي وعلى يد الراهب مار يوحنا الديلمي ولكن ذلك فرض سؤالا وهو:
كيف تم ذلك والمنطقة منذ القرن الرابع الميلادي تعرفت على الشيخ القديس متى الراهب في جبل الفاف " مقلوب" وقد عمذ الشهيد مار بهنام واخته سارة والاربعين شهيد شفيع بغديدا والمنطقة وقد سجلت تعليقا في نهاية القصيدة ارجو توضيح هذه المعلومة لنا وللقراء الكرام.
لقد جاء رد الاخ الدكتور بهنام عططالله مشكوراً سريعا ونقتطع منه:
حول سؤالك عن دخول المسيحية المنطقة وخاصة بغديدا فجاء في كتاب (قره قوش في كفة التاريخ لمؤلفة عبد المسيح بهنام المدرس) ص98 ما يلي : " ان تنصير قره قوش جاء في اواخر القرن السابع" . الا اننا لانستطيع الركون الى هذا التاريخ لوجود حلقات مفقودة في تاريخ بغديدا وتنصيرها.كما جاء في ص 94 عن تنصير قره قوش على يد مار يوحنا الديلمي ما يلي : " ان قره قوش لم تترك عبادة الشيطان (ياي) والاشجار المقدسة إلا في نهاية القرن السابع ، مع ان برطلة كانت قد عبرت قبل ذلك من النسطورية الى اليعقوبية . ونعرف من مصادر اخرى ان قره قوش شرعت منذ بداية القرن السابع بالعبور من النسطورية الى اليعقوبية " مع ذلك انني لست مقتنعا في هذا الجواب واتمنى ان احصل على جواب مقنع معتمدا على حقائق تاريخية مثبتة ومن مصادر موثوقة مستقبلا منه او من غيره وذلك بعد قراءة الاسباب التي جعلتني غير مقتنع بالجواب  وشكرا جزيلا مسبقا لكل من يوضح لنا ما هو مبهم على القارئ.قبل كل شئ يجب ان نضع امامنا الصراع بين الامبراطوريتين البيزنطية والفارسية واثرهما على الانقسام الكنسي والصراع الذي جرى بينهما بحيث كل فئة كنسية تعتبر نفسها هي الصحيحة وايمانها قويم ولما كان العراق تحت سيطرة الدولة الفارسية  كان اكثر المسيحيين فيه يتبعون النسطورية وان الحيرة كانت عاصمة المناذرة وان يوحنا الديلمي هو من الحيرة . "وسمح للراهب يوحنا الديلمي بالتبشير العلني، وبناء الأديرة والكنائس، وأن صاحبه الحجاج بن قيس الحيري (زود يوحنا بكتاب توصية إلى ولاة البلاد بمساعدته، وإسعاف طلبه، ولم يعارضه أحد حتى بلغ قرية باخديدا شرقي نينوى).وفي الصراع بين المذهبين، النسطوري واليعقوبي، (تبنت الحيرة المذهب الشرقي أسوة بكنيسة فارس كلها، إلا أن المنوفيزيين (اليعاقبة) حاولوا الانتشار فيها، وقد قام سمعان الارشمي بجهود كبيرة في هذا الشأن، واكتسب عدداً من الموالين للمنوفيزية، حتى صار لهم أسقف هناك باستمرار بين سنة 551م و650م، إلا أن المنوفيزيين ظلوا في الحيرة الأقلية إزاء الأغلبية النسطورية الساحقة). ومع أن العلاقة بين مملكتي المناذرة النسطورية في العراق والغساسنة اليعقوبية في الشام كانت ظلاً لما يدور بين الإمبراطوريتين، الرومية والساسانية، إلا أن لاختلاف المذهب بين المملكتين دوره المؤثر أيضاً. " عن د. رشيد الخيون الاديان والمذاهب في العراق .
وهذا الصراع واضح في كلام الاخ د. بهنام عطالله عندما يقول العبور من النسطورية الى اليعقوبية"اي الارثودكسية" .في كتاب حياة الاميرين الشقيقين مار بهنام وسارة الشهيدين للاب المرحوم الخوري افرام عبدال رئيس دير مار بهنام الشهيد ص9 جاء ما يأتي :
كان يومئذ في آثور ملك مجوسي اسمه سنحاريب خاضع لشابور الثاني 300م ـ 379م . وكان له ولد نجيب ذو هيبة وجمال واعتدال اسمه بهنام وتاويله "الجميل الاسم". وفي ص 36 يرسم لنا الكتاب صورة ايمان الملك سنحاريب وامرأته وعماذه وجما من اهل مدينته آثور والفرح الذي حدث في المدينة والقصة باكملها معروفة للجميع.  ومدى القرب بين بغديدا ومكان الاحداث التي وقعت فيها هذه القصة في كتاب الجذور التاريخية لبغديدا وسكانها لمنقب الاثار عبد السلام سمعان الخديدي ص16"ان اهالي بغديدا تركوا الديانة الاشورية الوثنية واعتنقوا المسيحية منذ دخولها المنطقة اواخر القرن الاول الميلادي ولايزال سكان بغديدا اؤلئك المؤمنين والمتمسكين بمسيحيتهم وارضهم الاصلية"كما اننا شاهدنا مقطع من فلم لزيارة الكاردينال مار موسى داود "البطريرك" لدير مار يوحنا الديلمي "موقرتايا"  والاخ عبد السلام سمعان - ان لم يخدعني البصر - يشرح عن الدير ويذكر انه رمز لدخول المسيحية في المنطقة وان يوحنا الديلمي وطئت اقدامه في القرن السادس الميلادي وان الدير من القرن  السابع الميلادي،وهكذا نرى خبرين غير متتطابقين لدخول المسيحية في المنطقة وهذا يخلق تشوشا للمعلومات.
اما كتاب (بغديدا) للاب الدكتور بهنام سوني يتكلم عن الدير وآثاره ومخطوطاته وينقل اربع قصص لمار يوحنا الديلمي، مخطوطة ديرمار بهنام، ومخطوطة برطلة، ومخطوطة دير مار متى، وقصة حسب توما المرجي    455  ـ 559
 القصة الاولى التي يعتبرها اغلب الباحثين القصة الاصلية هي ذات نزعة نسطورية، تجري حوادث حياة  وانجازات مار يوحنا الديلمي في ايران لانجد فيها اي ذكر ليوحنا الديلمي ـ العراقي ولا لمواقع في العراق سواء في بغديدا حسب النسخ اليعقوبي، او في منطقة مركا حسب توما المرجي النسطوري.
أما القصة الثانية فهي التي تبدل كل معطيات القصة الاولى وتجعل احداثها تدور في منطقة الموصل وآثور ونينوى وفي هذه القصة تقحم بغديدا في النص تحت اسم "باخوديدات " وهي قريبة من التسمية الواردة على لسان يشوعسبران النسطوري. ومن الجدير بالذكر ان احداث هذه القصة تدور كلها في القرن السابع الميلادي يوم كانت المونوفيسية تنتشر في هذه المنطقة.وحسب المولف اليعقوبي " الارثودكسي" ظلت بغديدا وثنية تعبد الصنم "ياي" حتى القرن السابع اعتنقت اليعقوبية على يد شابور الباغديدي وهو احد اتباع ساويرا.  ص 508
كما ننقل حاشية من ص509 ايضا .المصادر الباغديدية القديمة تذكر ان دير موقرتايا او ناقرتايا مشيد على اسم مار يوحنا الديلمي فقط دون اعطاء تفاصيل اخرى عن نسطوريته او يعقوبيته على هذا هذه المصادر يستند عبدال والمدرس والخوري بهنام دنحا وغيرهم ويعتبرون القصة اليعقوبية التي شوشت قصة يوحنا الديلمي النسطوري مهمة جدا ويصدقون كل ما جاء فيها بحذافيره. الاب فيي وكثيرون من المؤلفين المعاصرين ونحن من ضمنهم نشك في ما ورد فيها من خرافات ومغالطات تاريخية ، وعن جهل المؤلف للجغرافية وللتاريخ.
في العراق نسختان الاولى مخطوطة في دير مار بهنام وهي من مخطوطات القرن السابع عشر كتبت في قرية قالوق في جوار ماردين ام النسخة الثانية "البرطلاوية منقولة عن النسخة الاولى الانفة الذكر بشكل مختصرمخطوطة دير مار بهنام هي الاقدم بين كل مخطوطات هذه القصة حسب التقليد اليعقوبي.لانعرف مؤلفها او مؤلفيها ولا محل نسخها ومصدرها ولا كيف وصلت الى بغديدا او الى دير مار بهنام هذه التساؤلات تحملنا على الشك فيها على الاقل بشكلها الحالي كما فعل قبلنا الاب فيي وغيره غير ان الخوري عبدال والمدرس يستندان الى معطيات القصة كانها صحيحة. المدرس يهاجم الاب فيي بحدة لانه بنسفه لكل معطيات القصة لا يحترم تقليد بغديدا.  كما نلاحظ الجدل الذي حصل بين الاب المرحوم بهنام دنحا والمرحوم ابراهيم عيسو حول قصة يوحنا الديلمي ص 510.هذا ما اختصرنا ذكره من كتاب بغديدا للاب بهنام سوني .
نقرا عبر المنتديات هكذا كتابات: ان بخديدا كانت وثنية كما كتب الاخ ابو يونان في (منتديات السريان) موضوعا يتكلم فيه على المطران غريغوريوس بولس بهنام ثم ذيله بموجز عن بغديدا ويتكلم عن يوحنا الديلمي بانه ادخل المسيحية الى بغديدا التي كانت وثنية في القرن السادس الميلادي.كذلك تسمع لمتكلم باللغة السريانية" اللهجة المحلية" لقسم حفظ اللغات واللهجات المنشور على صفحة جامعة هيدل بيرك والمتكلم باسم الشماس خالد ن. ن. الساكن في لندن يقول ان يوحنا الدليمي "لم يقل الديلمي" ادخل الكاثوليكية الى بغديدا . وان هذا ليس بجديد حيث ان كل من مستنسخي قصة يوحنا الديلمي ينسبه الى ما هو يعتقد  "طائفته"
وهكذا لايسعنا ان نذكر اكثر ولكن المهم هو ان نسعى لمعرفة الحقيقة وان لا يتلطخ اسم بغديدا  والمنطقة بشئ قد يكون غير صحيح ويبقى بعد ذلك ثابت في تاريخها  واننا لا نقصد الانتقاص من اي شخص او فئة بل نحترم الجميع ونعمل نحو الافضل لاهلنا وارضنا.
ان الكنيسة لاتريد لشعبها ان يبني ايمانه على قصص وكتابات لقصة او حادثة لا تتطابق مع بعضها او مع الحقيقة او محشوة باساطير واوهام من صنع الكاتب ومن نسيج خياله لان ذلك يضعف الايمان ويجرف الانسان المؤمن الى متاهات غير صحيحة ولذلك من الافضل ان تعمل الكنيسة وابنائها دراسة جديدة وواقعية لشخصية مار يوحنا الديلمي ولهذه القصة دراسة علمية ومنهجية مع ربطها بالتاريخ والحقبة الزمنية التي تنسب اليها ثم اعطاء راي بذلك وتوضيح صورة لها ولدخول المسيحية الى بغديدا والمنطقة خير من ان كل واحد منا ينسج قصصا ويعظم اشياء قد تكون هي بالاصل وليدة افكار واخبار منقولة لواقعة حدثت ولكنها لم تكن بهذه الصورة او حدثت في مكان اخر فكل ناقل كتب وغير حسب خياله ومزاجه ثم نعود نحن نضع ذلك امامنا وكأنه الحقيقة " وهذا معروف لكل منا عندما نسأل عدة اشخاص شاهدوا حادثة او واقعة ترى الاختلاف في النقل للحادثة وتفاصيل ذلك"\وننقل فقرة منبهة لذلك كتبها الاب الفاضل بهنام سوني في كتاب بغديدا:
كل هذه المحاولات اليائسة التي قام بها مؤلفو هذه القصص تدل على جهلهم الارادي او غير الارادي لتاريخ انتشار المسيحية في هذه المنطقة . فهم يحاولون بنظريات خاطئة ان يشرحوا كيف انتشرت المسيحية في هذه المنطقة وكيف تغير وتعاقب المذهبان النسطوري اولا واليعقوبي ثانيا وكيف اهتزت هذه المنطقة في العصور الغابرة نتيجة لهذه التغيرات ، لكنهم مع الاسف لم يتوصلوا الى تفاسير وحلول سليمة ومعقولة. ص446
اننا متفقون مع الاخ بهنام عطاللـه حول فقدان حلقات من تاريخ بغديدا وذلك لتعرضها لسرق وحرق الكتب  التي كانت بغديدا غنية بها وتتفاخر بذلك وهذا مثبت في اكثر المخطوطات القديمة.عذرا لتكرار كلمة اليعقوبية وكان من الافضل ذكر كلمة الارثودكسية ولكن نحن ننقل ما كتب بدون تغير وعذرا ايضا لكلمة تنصير بل الاصح هو المسيحية والنسطورية هي الكنيسة الشرقية "شرق الفرات اي تحت الحكم الفارسي".نرجو تصحيح ما اخطأنا به لكي نتوصل الى الافضل وليكن سلام الرب مع الجميع .

* نشر المقال في جريدة (صوت بخديدا) العدد69 ك1 2009.