المحرر موضوع: نعم للاغلبية لا لتقاسم الكعكة:  (زيارة 1273 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عامـر ملوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 205
    • مشاهدة الملف الشخصي
نعم للاغلبية لا لتقاسم الكعكة:


لقد جرت الانتخابات البرلمانية الثانية في العراق الجديد والتي جاءت في ضروف افضل من الانتخابات السابقة واقل مايقال عنها انها تقترب من كونها انتخابات ناجحة و مقبولة من النواحي العديدة وخاصة المتعلقة بتوفر الاجواء الصحية والصحيحة التي تتيح للمواطن الادلاء بصوته بكامل ارادته مبتعدا ولو بشكل مقبول عن المؤثرات الدينية والمذهبية وخاصة ان الناخب العراقي ناخب واعي ويميل الى قول كلمته بعد ان يضع ضميره وتاريخه كمقياس ومؤشر لقول كلمة الحق والممثلة باشارة الصح على ورقة الانتخاب . ان نتائج الانتخابات الحالية سوف لن تسفرعن اغلبية كبيرة لاية أئتلاف تؤهله لتشكيل حكومة  بمفرده وذلك لعدة اسباب كون التجربة الديمقراطية لازالت في مراحل نضجها والسبب الاخر تنوع تركيبة المكون العراقي يضاف الى ذلك عدم امتلاك الكتل والاحزاب المشاركة للتاريخ السياسي الخاص ونفس الشئ ينطبق على الشخصيات الممثلة لهذه الكيانات المشاركة  في الحياة السياسية العراقية نتيجة لحداثة التجربة الديمقراطية في العراق الجديد.  وعلى الرغم من ذلك فان تجرب الاربعة سنوات الماضبة افرزت تكتلا قويا وشخصا منافسا قويا في الانتخابات غير معروف كثيرا قبل الانتخابات الاولى ولم يكن يجلس في المقعد الامامي للدبابة الامريكية وهذه الشخصية ممثلة بالسيد نوري المالكي وقد استطاع المالكي ان يكسب الكثير من الاصوات وذلك للاداء الجيد في بعض النواحي وخاصة المتعلق بالنواحي الامنية وابتعاده عن الطروحات الطائفية الضيقة واتجاهه نحو تثبيت معالم سيادة دولة القانون وترسيخ الاسس والمبادئ التي تؤسس للدولة الحديثة (على الرغم من كون اسم الحزب الذي يتنمي اليه المالكي (حزب الدعوة) لايشير الى مثل تلك التحولات) ,قد اعطته جواز مرور الى قلوب وعقول الكثير من العراقيين اذا هذه هي اللعبة الديمقراطية كلما تعطي اكثر كلما تنال ثقة الناخب وهكذا تزداد حدة المنافسة من اجل تقديم الافضل والبقاء دائما ليس للاقوى كما في شريعة الغاب (الانظمة الدكتاتورية) بل للاصلح والافضل.
ان اهم ما يميز هذه الانتخابات تقدم لافت للكتل والائتلافات العلمانية وذات الطروحات والصبغة الغير دينية ككتلة القائمة العراقية  وتكتل ائتلاف دولة القانون الذي حاول جاهدا طرح نفسه كائتلاف لدولة القانون وسيادته وهذه واحدة من اهم معالم واهداف التوجهات العلمانية وخاصة ان جميع الكتل والائتلافات الدينية حاولت طرح نفسها بشكل مغاير جدا للصورة والشكل الديني المتزمت وخاصة بعد ان ان لقيت االاستجابة الفاترة من الناخب العراقي في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة.
الائتلافات الدينية المشاركة في هذه الانتخابات كانت ممثلة باالائتلاف العراقي الموحد (رغم محاولته الابتعاد قدر الامكان عن هذه الصبغة  وتغير اسمه السابق ومحاولا ضم كتل واحزاب علمانية وسنية ومستقلة له) وكتلة التوافق السنية  وبعض الاحزاب الاسلامية الكردية.
ان ماحصلت عليه هذه الكتل سوف لن يكون له التاثير الكبير على تشكيل الحكومة القادمة. هذا ما سوف يجعل هذه التكتلات تراجع اجنداتها وتغير من طروحاتها كي تبقى تعمل على الساحة العراقية وان المستقبل في الساحة العراقبة هي للاحزاب والتكتلات والقوى العلمانية.
ان الساحة العراقية سوف لن تكون مهيئة للاحزاب الدينية والتي وان ظهرت في فترات الحكم الدكتاتوري حيث ان هذه الاحزاب اخذت شرعية عملها السياسي نتيجة القمع والكبت السياسي الذي كانت تواجهه والتي اخذت شرعيتها وديمومة استمرارها بناءا على هذا المفهوم اما في البيئة الديمقراطية وبعد سقوط الصنم ومع تقادم العملية الديمقراطية فانها سوف تفقد الكثير من تلك المشروعية وتستنفذ اسباب ديمومتها.
وان مناداة بعض التكتلات وخاصة الخاسرة منها الى تطبيق مبدا التوافقية في الحكومة الجديدة ماهو الا ادخال العراق في حلقة اخرى من العبث السياسي وتاخير عملية بناء دولة القانون وفق النماذج للدول ذات التاريخ الطويل في ممارسة الديمقراطية وصيانة حقوق وحريات الانسان وان كان التوافق كاحد الحلول التي طبقت اظطرارا وفي ظروف امنية وسياسية معقدة فان اليوم غير الامس وتفضيل مبدا اقتسام الكعكة(التوافق) بين الجميع على حساب الشعب والمواطن العراقي غير مقبول وان تشكيل الحكومة ليس بالضرورة ان يكون من الكتلة او الكتل المكلفة بتشكيل الحكومة فقد يتم تكليف شخصيات مستقلة ومن كتل اخرى اذا كانت هذه الشخصيات مؤهلة فعلا لشغل المنصب على ان يتحمل رئيس الوزراء المسؤلية الكاملة عن الاداء الغير جيد لاية مسؤؤل في الحكومة وان الحكومة سوف تكون الجهة التنفيذية للبرلمان الذي يمثل الجهة التشريعية والمكون من الكتل والائتلافات الحائزة على المقاعد الانتخابية.وفي حالة تطبيق مبدا التوافق في توزيع المناصب والكعكة على الجميع (شيلني واشيلك) وتوزيع المسؤلية بين اكبر عدد من الكتل وكل مسوؤل يرمي اللوم على المسؤؤل الاخر او الحزب او التكتل الاخروكل ذلك سوف يتم على حساب المواطن العراقي و مجمل عملية بناء العراق الجديد.
نعم للاغلبية ونعم لتحمل المسؤؤلية كاملة ونعم للاغلبية السياسية وليس للاغلبية المذهبية او القومية  فاذا كنا فعلا ننشد الديمقراطية الليبراية والتي تفهم على انها احترام الحقوق والحريات فعلينا ان نحترم صوت الاغلبية  وهنا نقصد الاغلبية السياسية وان مفهوم الاغلبية هنا لايتعدى كونه اسلوبا من اساليب الحكم ولايمكن ان تتحول حكم الاغلبية الى دكتاتورية الاغلبية وخاصة اذا كان هناك دستورا يؤمن الحقوق والحريات لكل مكونات المجتمع. وان حكومة الاغلبية (السلطة التنفيذية)التي سوف تشكلها الاغلبية سوف تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بالبرلمان(السلطة التشريعية) المشكل من جميع الكتل الفائزة وليس بالضروة ان تكون جميع اعضائها من الاغلبية الفائزة بل قد تاتي بوزراء من المستقلين اوالكفوئين من خارج تكتلاتهم (في حالة عدم وجود الاكفاء في تكتلاتهم) لان هذه الحكومة سوف تكون تحت المجهر وتحت المراقبة الصارمة من قبل معارضة قوية وتقف بالمرصاد لكل زلة او خطا او اختلاس او فساد مالي او اداري وفي الدول المتقدمة تعتبر الخكومة دائرة من دوائر البرلمان. اما ان نشرك الجميع في تقاسم الغنائم فاين سيكون دور المعارضة ولماذا تعارض اذا كان الجميع مستفادين على حساب الوطن والمواطن العراقي.قد تظهر هنالك بعض المخاوف من قبل بعض التكتلات والاحزاب الممثلة لقومية او اقلية كتكتل التحالف الكردستاني,  فبعد ان كانت هذه القائمة تمثل حجر الزاوية في الانتخابات السابقة ففي هذه الانتخابات قد لاتحصل في احسن الاحوال على اقل من خمس المقاعد وان هذه النتائج قد تثير قلق الاخوة الاكراد من التهميش اللذي قد يلحق بهم وخاصة هناك احتمالات لتشكيل الحكومة من غير التحالف الكردستاني وهذه هي الديمقراطية طريق طويل وتجارب ودروس فعلى الاخوة الاكراد ان يدخلوا الانتخابات القادمة كمكون ممثل لكل العراقيين وليس للمكون الكردي فقط وحينها سوف ينتخبهم الناخب العربي قبل الكردي ونفس الشئ بالنسبة للتكتلات العربية تقدم نفسها كممثل لكل المكونات العراقية فسوف ينتخبكم الناخب الكردي قبل العربي فتكون الديمقراطية حينها قد بلغت درجات عالية من النضوج والمثالية (تشير النتائج عدم حصول اية كتلة عربية على اية مقعد في المحافظات الكردية وبتعبير ادق على اية صوت). وان ظهور احزاب المعارضة بقوة في اقليم كردستان فهي ظاهرة ايجابية ومتقدمة لما سوف يكون لهذه المعارضة من دور كبير ومؤثر في مراقبة اداء وعمل الحكومة في اقليم كردستان وهذا ماسوف نلمس نتائجه في السنوات القادمة.اضافة الى ذلك ان ظهور المعارضة القوية يجعل الطرف الاخر تحت ضغط الاداء الجيد والملتزم محاولا اقناع المواطن باداءه استعدادا للانتخابات القادمةاضافة الى ان وجود المعارضة والتي تعمل على الحد من كل التوجهات الدكتاتورية ورواسبها التي لاتزال اثارها عالقة في شخصية الفرد العراقي ويبقى الدستور العراقي هو الضمانة الوحيدة  والحقيقية لكل مكونات الشعب العراقي  .
نعم للاغلبية السياسية وليس للتوافق والشراكة على حساب الوطن المواطن العراقي
نعم للاغلبية السياسية وليس للاغلبية الدينية والمذهبية والقومية
نعم لوجود حكومة ظل تشكلها معارضة قوية تراقب وتحاسب عمل الحكومة
نعم لتحمل المسؤؤليات كاملة ولا للعبثية وتقاسم المسؤلية
د.عامر ملوكا
استاذ جامعي
استراليا \ملبورن