المحرر موضوع: دروس من صلوات الشهداء في كنيستنا المشرقية ج1  (زيارة 2493 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مسعود هرمز النوفلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 240
    • مشاهدة الملف الشخصي
دروس من صلوات الشهداء في كنيستنا المشرقية ج1
مقدمة
هناك صلاة خاصة في طقس كنيسة المشرق بمختلف فروعها عصر كل يوم تُسمى صلاة الشهداء عدا عصر السبت فلا توجد هذه الصلاة. الصلاة  نقرأها عادة في كتاب قذام واثر باللغة الفصحى إن صح التعبير واللهجة الدارجة السورث في الكتاب المُترجم من قبل المرحوم الأب يوحنا جولاغ . سأتكلم باختصار شديد عن بعض ماجاء بكُتبنا عن ربط شُهداء العهدين القديم والجديد مع بعضها البعض لفائدة شعبنا والمهتمين في هذه المسألة.
الأبيات في كل صلاة
صلاة الشهداء ليوم الأحد عصراً ( رمش الأحد ) تحتوي على 44 بيتاً.
صلاة الشهداء ليوم الأثنين عصراً ( رمش الأثنين ) تحتوي على 32 بيتاً.
صلاة الشهداء ليوم الثلاثاء عصراً ( رمش الثلاثاء ) تحتوي على 25 بيتاً.
صلاة الشهداء ليوم الأربعاء عصراً ( رمش الأربعاء ) تحتوي على 20 بيتاً.
صلاة الشهداء ليوم الخميس عصراً ( رمش الخميس ) تحتوي على 22 بيتاً.
صلاة الشهداء ليوم الجمعة عصراً ( رمش الجمعة ) تحتوي على 23 بيتاً.
مجموع هذه الأبيات يصبح 166 بيتاً .
محتوى الأبيات
كل بيت يتحدث عن واقعة معينة ليعطي الكاتب القوة والشجاعة للمؤمنين الأحياء ويُذكِّرهم بشهداء العهد القديم رابطاً ذلك مع العهد الجديد وخاصة شهداء الأضطهاد الأربعيني المشهور الذي راح ضحيته الآلاف من إخوتنا المؤمنين رحمهم الرب ، أحياناً يذكر الكاتب أقوال الملوك الوثنيون وماذا كانوا يعملون بالمؤمنين وأحياناً أخرى يصف أجوبة المؤمنين للملوك و أحياناً أخرى يُذكِّرنا بعظام الشهداء وطلباتهم قبل الأستشهاد ولا يفوتنا أيضا تذكير الكاتب لنا ايضا كيف ان الأتكال على الله هو الذي يُنقذنا ويُسعفنا. الأبيات كُلها حِكم وعِبر ودروس لنا والى الأبد ، علينا دراستها والتأمل بها والتثقيف عليها لكي يعلم الشعب تاريخه المنسي.
ترجمة بعض الأبيات لنفهم الربط
لقد أعتمدت في هذه المقالة المختصرة كتاب قذام واثر المطبوع في بغداد سنة 1998.
1- صلاة رمش الأثنين وتُصلّى يوم الأحد عصراً . نلاحظ في الصفحة 348 من الكتاب ما يلي:
المؤمنة شموني تعطي القوة لقلوب أولادها المُباركين(الأحبة) ليذهبوا بسلام.
الدرس: الأم المؤمنة تقوم بحث أبنائها وتعطيهم المعنويات وتدفعهم للأستشهاد ، فكم كانت قوية تلك الأم القديسة؟ تُشاهد أولادها وهم واقفين في طابور الأعدام ، فكيف كان ايمانها الذي تحمله في كيانها وقلبها؟ حفلة اعدام اولادها بيد الوثنيين وعبادي الأصنام وهي تهلهل لهم!! هل لنا مثال واحد اليوم على غرار تلك الأم؟ هكذا يكون المؤمن الحقيقي بالفعل والقول وليس بالأسم فقط ، كان ايمان القديسة بالله يهوة الغير منظور الذي كان ينكره الملوك والأباطرة ، وفي النهاية ذابت القديسة وأعطت رقبتها للجلاّد بفرح وكل سرور للشهادة! أنها أم عظيمة.
2- من صلاة رمش الأربعاء الصفحة 357 والتي تُصلّى الثلاثاء عصراً أخترت الترتيلة:
عظام يوسف الصدّيق ، بركات (هدايا أو حسنات) للمصريين ، وعظامكُم أيها الشهداء القديسين بركات للخليقة كُلِّها.
الدرس: عظام يوسف مدفونة في مصر ، يعتبرها واضع النشيد هدايا وبركات سماوية لأنه من أبناء الوعد وهكذا وبنفس المعنى فان عظام شُهدائنا في الأضطهاد الأربعيني يعتبرها بركات إلهية مُقّدسة لنا ولوطننا ، هل نُقدّس عظام شُهدائنا كما يُقدِّسها الكاتب؟ أين نحن الآن وعظام شهيدنا القريب المثلث الرحمة المطران فرج رحو والأخت سيسيليا والأب رغيد وغيره الكثيرين من أخوتنا وأخواتنا؟
3- في صلاة رمش الخميس الصفحة 361 نجد الترتيلة التالية:
قال الملك(يقصد نبوخذنصر) ، ثلاثة شُبان (فتيان أو أولاد) وضعنا في النار، والرابع بينهم كان يرشَّهُم بالماء ، وكُلّما كانت النار مُتّقدة أكثر( تعطي شُعاعاً أكبر) ، كانت وجوههم تشع أكثر ، مُبارك الله الذي رفع القديسين .
الدرس: قصة رمي الفتيان شدرخ وميشخ وعبدنغو في النار مشهورة في سفر دانيال ، بعد أن رماهُم في النار الملك الوثني نبوخذنصر وهو يُراقب عملية احراقهم أحياء ، شاهَدَ وجود شخص رابع في النار مع الفتيان يقوم برشِّهم بالماء ، هكذا هي الترتيلة في كُتبنا ، تم اعطاء الملك اعجوبة حتى يصحى من السُبات الذي فيه ، الشخص الرابع كان الملاك وهو يقوم بالعمل حتى يُشاهده الملك ومن أجل أن لا يُصاب الأولاد في النار ، الشق الآخر من الأعجوبة حتى يرى الحاضرون كم هي قوّة الله (يهوة) الذي كان يعتبره الفتيان إلههُم ، هذه الترتيلة وُضعت وكُتبت بعد المسيح بقرون لكي تعطي القوة للأحياء حتى يستفادون منها وأن لا نُفرّق نحن بين شُهداء العهدين القديم والجديد وشُهدائنا اليوم كما قال الأب حبيب هرمز في مقالته المنشورة ، المعنى والغاية هي الشهادة من أجل الأيمان الحق والله هو الحق. وهناك نشيد أخر في نفس الصفحة يقول: قال الشهداء لا نكفُر بابن الله ، نحن من زرع ابراهيم وأبناء الوارث اسحاق ، بسبب إله آبائنا نموت الموت الوقتي( الزمني) ونرث الحياة الأبدية ( السماوية) .
الدرس: لقد صرخ هؤلاء الشهداء لا لا لا نكفر بالرب وأعطوا رِقابهم بفرح لنيل الشهادة في ذلك الوقت ليصبحوا قدوة لنا وأمثلة حقيقية عن معنى الشهادة.
4- يوم الجمعة عصراً وفي صلاة الرمش نقرأ في الصفحة 367 مانصّهُ:
آذم وكل الناس الصدّوقين ، وموسى وكل الأنبياء ، وبطرس وجميع الرُسل ، أستيفانوس وكل الشُهداء ، وأفرام ومجموع المعلمين ، وأنطونيوس والرهبان ، يتضرعون (يطلبون) اليك يا رب لكي ترحم العالم.
الدرس: يبدأ الكاتب بأول انسان آذم ويتدرج الى كل الأنبياء من موسى وبعده ومن ثم يذكر الرسول بطرس عمدة الكنيسة مع الرسل الأطهار جميعاً ، ويسترسل باسم الشهيد الأول في المسيحية أستيفانوس ومنه الى كل من أصبح (أو أصبحت) شهيد (أو شهيدة) للأيمان وبعدهم معلمنا العظيم الأول مار أفرام ملفان الكنيسة المشرقية ولم يكتفي بذلك بل ذكر أبي الرهبان مار أنطونيوس ورفاقه الرهبان. لكل هؤلاء يترجى الكاتب أن يطلبوا من الله أن يرحم العالم ، العالم الذي قتلهم وسفك دمهم ، لنتصور كيف ولماذا يطلبون الرحمة ، السبب هو الأقتداء بمُعلّمهم المسيح الذي غفر الى صالبيه وهو على خشبة الصليب ، هب نستفاد ونتّعظ؟
الخلاصة:
أبيات قصيرة أخترتها من 166 بيتاً وهناك الكثير غير هذه في كُتبنا المباركة ليس في صلوات الشهداء فقط بل في صلوات الصباح وترتيلات أخرى كثيرة قبل قراءة المزامير وبعدها ، هناك الكثير الكثير لا يُمكن سردها في مقالة قصيرة . أتمنى من آباء الكنيسة المشرقية العزيزة والمؤمنين الذين لديهم الألمام والأطلاع باللغة دراستها والتمعن بها من أجل الوصول الى ما يجمعنا ويوحّدنا الى الأبد. الرب يُبارك بالجميع مع الشكر.
مسعود هرمز النوفلي
14/8/2010