المحرر موضوع: متحف التراث السرياني مرآتنا القومية والثقافية  (زيارة 976 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Saadi Al Malih

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 64
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
متحف التراث السرياني مرآتنا القومية والثقافية

د. سعدي المالح

سيادة المطران بشار وردة رئيس أساقفة أربيل للكنيسة الكلدانية.
سيادة المطران اسحق ساكا، النائب البطريركي للدراسات السريانية
السيد وزير الثقافة والشباب
السيد محافظ أربيل
السادة أعضاء البرلمانين الكوردستاني والعراقي
السادة رؤساء الدوائر والمؤسسات الحكومية   
السادة ممثلي الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني
السيدات والسادة
نرحب بكم جميعا ونشكركم على حضوركم ومشاركتكم إيانا بهذا الانجاز المتواضع بحجمه وإمكاناته لكنه الكبير بمعناه ومدلولهِ، لأن هذا المُتحف هو الوحيد والأول من نوعه، ليس في كوردستان والعراق فحسب، وإنما في العالم بالنسبة لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري، مُتحفٌ يُسهِم في صياغة شخصيتِنا، يَحفِظ تراثَنا وغِنانا الروحي، ويُبرِزُ قيَمَنا الإبداعية، الماديةَ والمعنوية، ويُعرِّفَ بنا العالم. ولم يكن هذا ليَتِمَّ لولا دعمُ حكومةِ إقليم كوردستان مُمثّلةً بوزارة الثقافة والشباب واهتمامِها بثقافتِنا القومية، واحترامها للتنوعِ الثقافي في الإقليم من جهة، وحرصُ أبناءِ شعبِنا على الحفاظ على تراثِهم من الضياع والفقدانِ وصونِهم خصوصيتِهم الثقافية من جهة ثانية.
إنّ حفاظَنا على تراثِنا الثقافي والفني، المادي من معمارٍ وزخرفةٍ، وأدواتٍ مختلفة، ومصنفاتٍ فنية، وملابسَ وأطعمة شعبية، وحرفٍ يدوية وغيرها، والمعنوي من نتاج إبداعي للآداب والفنون الشعبية والموسيقى والغناءِ والرقص والترتيلِ والأساطير والحكاياتِ والمعتقدات الدينية والتقاليد وغيرها هو حفاظٌ على خُلاصةِ تجارِبنا وخبراتِنا الشعبيةِ التراكمية، حفاظٌ على ذاكرتِنا الفردية والجَمعية، فالتراثُ هو تلك الذاكرةُ الحيةُ التي يتعرّف بها الناس على هويتِنا المتجذرةِ في أعماق التاريخ، تلك الهويةُ التي حاولت الحكوماتِ السابقة طمرَها من خلالِ التشويه والتهميش والإقصاءِ وسلب الحقوقِ القومية والثقافيةِ ولم تتمكن.     
هذا المُتحف الذي تمكنّا أن نجمعَ فيه بعضٌ مما تبقى من تراثنا إنقاذاً له من الاندثار والنسيان هو جزءٌ من هويتِنا، هو مرآتُنا القومية والثقافية التي تَعكِسُ خصوصيتَنا التي تميُّزُنا عن بقية مكوناتِ شعبنا الكوردستاني والعراقي وتوحِّدُنا معهم في آنٍ، باعتبار أن هذا التراث هو في الوقتِ نفسهِ اغناءٌ للثقافة الكوردستانية والعراقية والميراثِ الثقافي الإنساني المتنوع. لأن فقدانَ هذا التراث يعني فقدانٌ لجزءٍ كبير من الذاكرة القومية والوطنية الكوردستانية والعراقية. ولا سيما أن تراثَنا زاخرٌ بشتى أنواع العلوم والمعارفِ والآداب والشواهدِ والقيمِ التي أغنت الحضارةَ الإنسانيةَ.
أيها الحفل الكريم:
جمَعنا خلال سنتين من عمر مديرية التراث والفنون الشعبية السريانية أكثر من ثلاثة آلاف مادة تراثية من ملابسَ وأدواتٍ وصورٍ وكتبٍ ووثائقَ ومخطوطاتٍ وأغانٍ وتراتيلَ وحكاياتٍ وأجهزةٍ ومصنوعات ومنسوجاتٍ وغيرها أغلبُها قُدِّمت هدايا من قبل أبناء شعبنا مشكورين، وعرَضنا من هذا الكم  في متحفنا هذا نحو ألفين مادةٍ تراثية متنوعة قديمة يعود تاريخُها لأكثرَ من خمسينَ سنة وأقلَّ من مائتين وخمسينَ سنة. وجميع ُهذه المواد معرّفةٌ بتعريفاتٍ مختصرِةٍ بأربعِ لغاتٍ هي السريانيةُ والكورديةُ والعربيةُ والانكليزيةُ، وعرَضنا مع بعضِ هذه المواد ما توفَّر لدينا من صورٍ قديمةٍ تبيّن طريقةَ استعمالها.
ووفّرنا لزوارِنا الكرام أفراداً ومجموعاتٍ أجهزةَ تسجيلٍ للصّوتِ والصورة لسَماعِ ومشاهدةِ أغانٍ ومعزوفاتٍ وتراتيلَ قدماءِ الموسيقيينَ والمغنين والمرتلينَ الكلدان السريان الآشوريين فضلاً عن بعضِ الأفلامِ الوثائقية. 
ولا ندعي أن عمَلنا هذا متكاملٌ لا تعتريه النواقصُ ولا تشوّبُهُ الهَفَوات، لا بل نؤكد أن ما أنجزناه للآن لا يشكل إلا اللُبنةَ الأولى في مٍدماك هذا الصرح الحضاري، لا يشكل إلا الأساس لمُتحفٍ متكاملٍ يكون مقصدَ جميع السائحينَ والباحثين والطلابَ والزوار ومحبي الثقافة، مُتحفٌ يرى فيه جميعُ أبناءِ شعبنا الكلداني  السرياني الآشوري، بكافة تسمياتهم وكنائسهم وطوائفهم، بكافة قصباتِهم وبلداتِهم ومجموعاتِهم، يرى فيه أبناءُ الداخلِ مثلَما أبناءُ الشَّتاتِ، يرى فيه الجميعُ من دونَ استثناءٍ أو تمييزٍ أو تفرقةٍ وجهَهُم الحقيقي وصورتَهُم وهويتَهُم القومية. يرى فيه الكوردي والعربي والتركماني والصابئي واليزيدي وغيرُه وجهَهُ الثقافي الآخر المغاير والمتمم في آن ، يرى فيه توأمَهُ وشريكَهُ في الموروث الوطني.
وانطلاقا من هذا الإدراك لمفهوم التراث، والإيمان بدوره في تعزيزِ هويتُنا الوطنية ندعو حكومةَ إقليم كوردستان ووزارةَ الثقافةِ والشباب إلى تقديم المزيد من الدعم لهذا المشروع الحضاري لإكماله وتطويرهِ، وفي الوقت نفسِهِ ندعو كلَّ فردٍ من أبناء شعبنا ووطنِنا أنْ يساهمَ في إثراءِ محتوياتِه ليجدَ نفسَهٌ فيه كفردٍ أو كجماعة.
في الختام أشكرُ رئاسةَ بلدية عنكاوا على إنشاء هذا المبنى وتعاونها معنا في إحياء تراثنا، وجميع الذين تبرعوا بما لديهم من مواد ثراثية، أو قدموا مقترحاتهم وملاحظاتهم لتطوير المتحف أو شجعونا على المضي قُدُماً في إكماله. نشكر مديرية التراث والفنون الشعبية السريانية ولا سيما مديرها الأخ العزيز فاروق حنا وجميع العاملين معه على عملهم الدؤوب والمتفاني، أشكرُ جميعَ العاملين في المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية ومديرية أربيل على إسهامهم في تقديم العون والمساعدة المطلوبة لهذا المُنجَز.
وأشكركم جميعا مرة أخرى على حضوركم ومشاركتكم.

•   نص الكلمة التي أُلقيت في افتتاح متحف التراث السرياني صباح الأحد 10 نيسان 2011.