الباحث عبد الحسين شعبان:الساسة العراقيون يتصرفون وكأنهم لا يزالون في المعارضة
07/05/2011 18:47
القاهرة7أيار/مايو(آكانيوز)- (آكانيوز)-يتوقع الباحث العراقي عبد الحسين شعبان أن يحصل انفجار في الشارع العراقي بعد انقضاء مهلة الـ100 يوم التي وعد بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشعب للإصلاح ، ويرى شعبان في متن المقابلة التي أجرتها معه مراسلة وكالة كردستان للإنباء (آكانيوز) على هامش مشاركته في مؤتمر لحقوق الإنسان بالقاهرة أن موقف الحكومة ومجلس النواب العراقي تجاه البحرين ينم عن قصور نظر وقلة خبرة وعدم معرفة بالعلاقات الدبلوماسية،مشيراً الى ان الساسة العراقيين يتصرفون وكأنهم لا يزالون في المعارضة، وليسوا قادة في بلد مثل العراق ، كما عرج شعبان على مصير القمة العربية والجامعة وجدوى وجودها وأهمية عقدها أم إلغائها .
*هل تجد ثمة ضرورة ملحة لعقد القمة العربية ؟
- إن الظرف غير مناسب لعقد اجتماع للقمة العربية في ظل تغيرات وتبدلات حصلت بالمنطقة وارتباك في عموم الأمة العربية فضلا عن ذلك توجد اختلافات حادة بين العديد من البلدان بسبب انحيازات مسبقة بين هذا الموقف أو ذاك وما هو موقف القمة من الحركة الشعبية الشبابية الصاعدة في العديد من البلدان العربية،لذلك ارى ان انعقاد القمة سيجعلها عرضة للتجاذبات والاستقطابات والتناحرات كما أنه لا توجد تحضيرات كافية للقمة ، أي لا وجود لبرنامج عمل كافٍ كانت قد درسته البلدان العربية لذلك إذا انعقدت في الوقت الحاضر سوف لا يكتب لها النجاح ،وستكون بحكم الفاشلة وتؤدي إلى الكثير من التباعد بين البلدان العربية ،ويفضل ان تؤجل لفترة أخرى والاتفاق على برنامج عمل وخطة بعد مجيء أمين عام جديد يهيئ للقمة ويمكن أن تصدر القرارات و الاتفاقات في الجوانب الاجتماعية والإنمائية إضافة إلى بعض الجوانب السياسية .
*هل هناك جدوى من بقاء الجامعة العربية بعد الانفجارات الثورية في العالم العربي ؟
- اعتقد أن مؤسسة القمة العربية مهددة وربما ستكون قمة بغداد هي آخر قمة عربية تعقد ،ولتبقى الجامعة العربية للرجوع إليها لبحث الإشكالات وسبل التعاون والتنسيق وإزالة بعض الحواجز والاتفاقيات على نوع من أنواع التوحيد في بعض الجوانب الصحية والتربوية حيث انه منذ أول قمة انعقدت في العالم العربي وهي قمة انشاص عام 1946 ثم 1964 ومن هذا العام إلى الآن انعقدت العديد من القمم لكن في كل قمة مشكلة كبيرة حتى القضية الرئيسية فلسطين لم يتم الاتفاق عليها وفي كل قمة كانت هناك مشكلة كبيرة فلماذ تعقد؟ وعلى ماذا؟ لذلك لابد من تحسين أداء الجامعة وإعادة هيكلتها ودمقرطتها وإعادة علاقتها بمؤسسات المجتمع المدني بشكل جيد وقد حاول عمر موسى في هذا الاتجاه منذ عام 2000 وبدأ بخطوات جيدة لكن يده كانت مغلولة ولا وجود إلى إمكانات مادية لديه والوضع العربي لم يسمح له أن يخطو بالجامعة العربية خطوات بعيدة ومتقدمة فالسقف الذي يشتغل تحته واطئ وهو يحتاج إلى فضاء واسع وكبير حتى تعمل الجامعة العربية ،من هنا اقترح إن يكون هناك رئيس للجامعة العربية وأمين عام ويمكن إن تكون السلطات متوازية وهناك نواب للرئيس ونواب للامين العام ويتم تفعيل المؤسسة لتعمل بكامل صلاحيات الرئيس والأمين العام ومساعديهم وتتحول الجامعة العربية إلى مؤسسة ديناميكية وليست شكلية تشهد الخطب فحسب، فهي ألان ليست أكثر من منتدى فيه الكثير من الخلافات والمشاكل رغم انه حاول إن ينجز بعض الشيء في اطر مختلفة لكن ظلت محدودة وقاصرة.
* ما رأيك بميثاق الجامعة العربية ؟
ـ ميثاق الجامعة العربية أصبح من مخلفات الماضي وقاصر وعاجز ولا يمكن الرجوع إليه في العالم المعاصر فلنقارن بينه وبين ميثاق الأمم المتحدة الذي يماشي العصر،اما ميثاق الجامعة العربية فهو بقايا قواعد القانون الدولي التقليدي وهو مقيد وينص على عدم التدخل بشؤون أي دولة من دول الأعضاء،واليوم حصل تطور كبير في الفقه القانوني الدولي لم تواكبه الجامعة وظلت قاصرة مثلا مبدأ التدخل لإغراض إنسانية والذي استخدم من جانب الأمم المتحدة باعتباره مبدأ جديداً في العلاقات الدولية فلا يمكن إن يترك الحاكم ينفرد بشعبه ويبطش به ويعرضه للإبادة بحجة عدم التدخل لابد من تدخل وهذا ما لم يعالجه الميثاق،لذلك يجب إن يعاد النظر به ويتم تعديله وربطه بالقانون الدولي علما إن أكثر من وثيقة دولية تشكل إلى جانب الشرعة الدولية المعايير الدولية بعيد عن إطارات عمل الجامعة وتحديث وعصرنه الميثاق بما ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة خاصة إن كل الحكومات العربية موقعة على ميثاق الأمم المتحدة وموافقة عليه.
*هل تتوفر الإرادة السياسية لاصلاح حال الجامعة العربية ؟
ـ إذا لم تتوفر الإرادة السياسية لماذا نعقد قمة عربية؟ دعونا نفعل الإرادة السياسة ونضع اطراً لها هيكلات ونعمقها ونمقرطها بحيث تأتي تعبيرا عن واقع شيء موازٍ للجامعة العربية مفوضية مثل منظمات المجتمع المدني التي ظلت محدودة التفكير وغير قادرة على انجاز الأفكار المطروحة إمامها بسبب شحة الإمكانات الأمر الذي يحتاج إلى تفاعل حقيقي كممثلة للحكومات وبين مؤسسات متقدمة للمجتمع المدني يجري دعمها من الجامعة والحكومات لتكون موازية وتشكل قوة اقتراح وشراكة ورقابة ليست فقط بالتنفيذ وإنما بالقرار أيضا
*كيف تصف موقف العراق من الثورات وخاصة في البحرين ؟
- امتازت الحكومة العراقية في موقفها مع البحرين بقصور نظر وقلة خبرة وعدم معرفة بالعلاقات الدبلوماسية فهم يتصرفون وكأنهم لا يزالون في المعارضة ولا يعرفون الآن كلامهم مسؤولاً، عندما كانوا بالمعارضة حسابهم محدود لذلك عليهم أن يتصرفوا بواقع المسؤولية ومن منطلق أنهم حكام ،والحاكم مسؤول أمام شعبه و الأخر، وبالتالي لا ينبغي إن يتركوا للعواطف السياسية ولبعض الانحيازات المذهبية لكي تتغلب عليهم ،وهذا ما يدعوهم أن يتصرفوا ببعد نظر إذا كانوا هم دعاة للديمقراطية، كما عليهم إن يدعموا أي تغير للديمقراطية ،وشعارهم أنهم يريدون إجراء عملية تغير ويدعمون أي عملية تغير، وعليهم إن لا يقفوا ضد التغيير الداخلي التغير الذي يريد عبور الطائفية والمناطقية والعشائرية ويريد بناء دولة مدنية على أساس المساواة والابتعاد عن المحاصصة هذا الأمر بحاجة إلى تغير ليس بالضرورة إن يتم إسقاط النظام هنا وهناك بل ينبغي إن تتغير الأنظمة من داخلها وأن يجري إصلاحات حقيقة على احترام مطالب الناس .
*وهل التظاهرات والاعتصام تفعل شيئاً في العراق ؟
- ستحدث نوعاً من التراكم يصطحبها تغيرات نوعية بدأت من يوم 25 فبراير وهي عامل ضغط على الحكومة العراقية لتوفير مطالب مشروعة للعراقيين الذين صبروا طويلا تحت ظروف انعدام الخدمات وتفشي البطالة، وتجاوزخط الفقر 33 % من المجتمع العراقي وتدني في مستوى الخدمات الصحية والتعليمة والفساد والرشا واستمرار ظاهرة العنف فلا حركة بدون نتائج لاحقا وليس بالضرورة الآن كما إن وعود الحكومة بـ100 غير منطقية وهي محاولة لامتصاص غضب الشارع ولكن لا يمكن إن يتحقق أي شيء على صعيد الواقع .
*ما رأيك بالثورات التي تحصل في المنطقة ؟
- ان الحركة التي بدأت في تونس ومصر هي ثورات نظيفة لحد الآن فكل الثورات التي حصلت في العالم سالت بها دماء كثيرة وهي حتى أكلت صناعها وسوف يكون لهاتين الثورتين تأثير كوني في أسيا وأفريقيا حيث أسقطت الثورة في مصر عدد من النظريات السابقة للثورات فالثائر الذي دخل ميدان التحرير بصدره العاري ليس بحاجة إلى حزب طليعي أو قائد ملهم ولا وجود للداعية الثوري الذي يأخذ التعليمات منه فالكل نادى بعضه البعض عبر (الفيس بك ) فتكنولوجيا المعلومات أصبحت هي القائد والحزب المنظر وهي أشياء جيدة في الحدث الذي برز في العقد الثاني وربما يغير وجه المنطقة ويتخذ مسارات مختلفة ولابد الاعتماد على صندوق الاقتراع وسيادة القانون والفصل بين السلطات.
*هل هذه الثورات تشبه ما حصل بالعراق ؟
- نموذج العراق مختلف تاما عما يحصل في العالم العربي فقد تم حل الجيش وأطيح بالنظام السابق من قوى خارجية وتركت البلاد عرضة للانفلات الأمني والطائفية ومع ذلك استطاع إن يستعيد جزءاً من مؤسسات الدولة ويشق طريقه رغم العقبات والمشاكل بالاتجاه الذي يواكب التطور الذي حصل بالعالم ،لكن في تونس ومصر الحالة تختلف بخروج الشعب الذي اسقط النظامين الفاسدين وفي ليبيا بدأت سلمية ،ولكن تمسك الحاكم بكرسيه حولها الى دموية وما يحصل باليمن تعنت من الرئيس الذي نتمنى أن يكون رئيساً سابقاً، وفي سوريا ستشهد الثورة دماءً غزيرة أيضا ،كذلك في البحرين سالت دماء ،والعراق ليس استثناءً فهو جزء من الحركة الصاعدة في تتجاوز الحالة الطائفية والاحتدام المذهبي ،لكن مرحلة الانتقال ستتعثر وتنقلب على بعضها وتنحرف لكنها ستصل إلى ضفاف مرحلة جديدة مختلفة عن الماضي الذي اخذ يحتضر، والجديد لم يولد على حد تعبير كرانشي وفي مرحلة الانتقال ستظهر مشاكل تطفو على السطح وفساد من نوع آخر و قوى تستثمر الأوضاع.
من سارة علي،تح:سلام بغدادي
http://www.aknews.com/ar/aknews/9/237692/