المحرر موضوع: المدرسة الأمريكية تكرّم فاطمة ناعوت  (زيارة 2419 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مــراقـــــــــب

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 6289
    • مشاهدة الملف الشخصي
المدرسة الأمريكية تكرّم فاطمة ناعوت




وقع اختيار طلاب المدرسة الأمريكية بالقاهرة، على الكاتبة فاطمة ناعوت لتكريمها هذا العام، نظرًا لدورها الحقوقي والثقافي الفاعل في حاضر مصر.
في فصل "الحضارة المصرية الحديثة"، يدرس الطلاب التاريخَ المصريّ الحديث الذي بدأ مع محمد علي بك الكبير، وحتى اللحظة الراهنة. وفي كل عام يصوّت الطلاب على بعض الشخصيات العامة التي لها دور بارز في راهن مصر تحت مسمى "شموع من بلادي"، ووقع الاختيار هذا العام على الشاعرة والكتابة فاطمة ناعوت. قام الطلاب بعمل دراسات وأبحاثًا حول الشخصية التي وقع عليها الاختيار، وتم التكريم الأربعاء 11 مايو بالمدرسة الأمريكية الدولية بالتجمع الأول، القاهرة الجديدة. بدأت الكلمة، التي سبقت تسليم ناعوت درع التكريم، بمقطع من قصيدة "اسمك راشيل كوري" التي كتبتها ناعوت تحية للشهيدة الأمريكية المناصرة لقضية فلسطين:
"مثلنا جميعًا/ رسمتِ كيوبيدَ وسهمًا وحرفيْن/ وانتظرتِ الفارسَ والحصان/ مثل كل صبيّةٍ سمراء/ تمنيتِ حذاءً عاليَ الكعبِ وجوربًا شفافًا/ وأضجرتِك شرائطُ الشَّعرِ والضفيرة،/ ومثلنا – لو كنت تمهلّت–/ ستنتجين صغارًا/ وتلعنين سخافاتِ الرجال./ مثلنـا؟/ نحن البنات/ لكننا لم نقف أمام جرّافةٍ لتسحقَنا/ كي نتكلمَ مع الله/ أو لنوقفَ مدفعًا/ يريد أن يخطفَ طفلا/ من ضحكته."
البنت في القصيدة هي راشيل كوري، التي سافرت إلى فلسطين كناشطة من أجل السلام ووقفت في وجه جرّافة إسرائيلية لكي تحمي بيتًا فلسطينيا من التدمير في رفح. لكن الجرافة سحقتها!
هذا المقتطف العذب من قصيدة كتبتها سيدة مصرية هي فاطمة ناعوت، تصف عبرها نشاطًا سياسيًّا لسيدة أخرى تبحث مثلها عن العدالة الاجتماعية. واليوم، يشرفنا أن نقدم للسادة الحضور هذه الشاعرة اللامعة، والمترجمة والمهندسة المعمارية المرموقة. ولدت في القاهرة، ونالت بكالوريوس العمارة من كلية الهندسة جامعة عين شمس عام 1987. ثم ابتعدت كثيرًا عن "درجتها" العلمية، لتصدر 17 كتابًا حتى الآن في الأدب. ستة دواوين شعرية، سبع أنطولوجيات مترجمة من الإنجليزية للعربية، وثلاثة كتب في النقد الأدبي.
التعاطف الإنساني يجعلك تضع نفسك محلّ الآخر. تحسّ مشاعر شخص خارج دائرة اهتمامك الحميم. تعيش أفكار إنسان بعيد عنك. لناعوت العديد من القصائد والمقالات التي تدافع فيها عن العدالة الاجتماعية تطرح خلالها موضوعات شائكة يرفض الكثيرون الاقتراب منها، مثل حرية العقيدة، والتسامح الديني، والعدالة الاجتماعية بصرف النظر عن العقيدة، مثلما بوسعنا أن نلمس في مقالتها الجميلة، الشهيرة، "شيءٌ من الخيال لن يفسد العالم". تسأل في مقالها المسلمين أن يتخيلوا أنفسهم محلّ أقباط مصر، ليكتشفوا كيف يواجهون التمييز العنصري، حتى في أبسط الأمور مثل رفض المسلم شرب الماء من كأس المسيحي، أو تناول الطعام عنده! اختيارُها للكلمات يجبر القارئ أن يتخيل نفسه في موضع "الآخر" طوال قراءته المقال. فيدرك القارئ خطورة الحال رغم عبثية الفكرة التي أقرّت ناعوت بوجودها في بداية المقال حين قالت: "هذا مقال عبثي، يعتمد على الخيال، بما أن الخيال لا يعاقب عليه القانون." فتكشف ضيق عقول البعض وظلاميتها وسلوكاتهم تجاه شركاء الوطن. في هذا المقال سألت ناعوت "الأغلبية" المسلمة أن يعيدوا التفكير في كيف يتم توجيه الإسلام قسرًا ضد "الأكثرية" المسيحية، على يد من يسيئون فهم الإسلام، وكيف يعدّ هذا لونًا من التعصّب في حد ذاته. تجبرنا ناعوت أن نراجع أنفسنا في أشياء غدت من المسلمّات التي لم نعد ننتبه إليها مثلما يقول العامة "لا مؤاخذة كنيسة- مسيحي بس طيب- عضمة زرقا، الخ" والأهم أننا تعلمنا عبر التاريخ أن الشعب المصري لم يسمح عبر تاريخه الطويل أن يجعل الدين يقسم المواطنين أو يفرق بينهم ، فكان دائمًا يتعالى فوق تلك المحاولات التي كانت تتم لتفتيت المجتمع رافعًا شعار: "الدين لله والوطن للجميع."
في هذا المقال أكدت ناعوت أن ذلك التعصب دخيل على الثقافة المصرية، لكنه وليد التشوش والفوضى التي أصابت المجتمع في العقود الأخيرة، داعيةً الناس بقولها "دعونا نكون أكثر ذكاءً من حكوماتنا، فلو كانت حكومتنا تقمعنا جميعًا معًا، ثم تغازل الأكثرية بمزيد من قمع الأقلية، فلماذا نفعل نحن مثلها؟ ثم منذ متى صرنا نفعل هذا؟ منذ السبعينيات الماضية، وهي في عمر الزمان لمحةٌ خاطفة."
في قصائدها، ترسم فاطمة ناعوت إشارات على السياسات الراهنة والوضع الاقتصادي والاجتماعي، من أجل تسجيل نقاط لما يُمارس ضد مصر على يد حكامها، ومن أجل تحريض الناس على اتخاذ موقف. وفي هذا تثبت دراسة تقول إن القصائد، عبر التاريخ، كانت تحرّك الشعوب وتشكل وعيهم في كل العصور.