المحرر موضوع: تركيا وأقلياتها الدينية  (زيارة 777 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مــراقـــــــــب

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 6289
    • مشاهدة الملف الشخصي
تركيا وأقلياتها الدينية
« في: 10:53 15/06/2011 »
تركيا وأقلياتها الدينية

المستقبل -

 
 
جيروم شاهين
تركيا على موعد مع أوروبا.. على أمل أن تدخل مجموعة دول أوروبا الموحدة في العام 2015.
آخر الترتيبات في تذليل عقبات المفاوضات لدخول تركيا أوروبا الموحدة على وشك أن تتم، ومنها اعتراف تركيا بدولة قبرص اليونانية وهذه الأخيرة أصبحت عضواً في المجموعة الأوروبية. تبقى بعض المسائل الأخرى العالقة، كاعتراف تركيا بإبادة الشعب الأرمني وغير ذلك.
من المسائل التي تُطرح وراء الكواليس في مباحثات انضمام تركيا الى مجموعة أوروبا الموحدة، مسألة احترام تركيا شرعة حقوق الإنسان ومعاملتها للأقليات الدينية غير الإسلامية. فما هو وضع تلك الأقليات غير الإسلامية في تركيا اليوم؟
تعيش في تركيا اليوم أقليات دينية غير إسلامية تعاني من ضآلة عددها ومن توزعها الجغرافي. بعض منها، كالأرثوذكس، عرف أمجاداً في التاريخ، في عهد الامبراطورية البيزنطية، ما زالت في ذاكرة الكنائس المسيحية الشرقية. وبعض آخر، كالأرمن، ما زال يحمل جروحات تنزف من جراء إبادة وقعت به وشردته في أرجاء المعمورة.
الأقلية اليهودية التي ما زالت تعيش اليوم في تركيا يربو عددها على 20 ألف شخص. كان عدد اليهود في العام 1908، أيام الامبراطورية العثمانية، نحو 250 ألف شخص، وفي العام 1943 سيقوا الى معسكرات عمل في شرق تركيا. لكن معظمهم عاد الى حياته الطبيعية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وبعد تلك الحرب أخذ 30 ألف يهودي طريقهم الى إسرائيل. ومن بقي منهم في تركيا نسج علاقات ممتازة مع مجموعات اليهود الأميركيين وساهموا بذلك في تحسين العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية. ومن المعروف اليوم أن العلاقات ما بين تركيا ودولة إسرائيل هي علاقات ودية رغم بعض التوتر. يهود تركيا اليوم يصيبهم ما يصيب يهود أوروبا من أعمال عنف فردية، من وقت الى آخر، تندرج ضمن "معاداة السامية".
أما في ما يتعلق بالطوائف المسيحية، فإن المسيحيين في تركيا اليوم لا يتجاوز عددهم نسبة 0,1 في المئة من عدد سكان تركيا، أي نحو 70 ألف مسيحي. الأكثر عدداً بين هؤلاء هم أرمن ما زالوا يعيشون ذكرى مذابح عام 1915. الكنيسة الأرمنية التركية، وهي أرثوذكسية، وكذلك اليهود والأرثوذكس اليونانيون يتمتعون بوضع "الأقلية المحمية" وفق مضمون معاهدة لوزان عام 1923. وعلى هؤلاء أن يبدوا ولاءهم للنظام التركي. تعيش الجماعات الأرمنية التركية في منطقة استانبول، وتجتمع حول خمسين كنيسة ومدارس وجمعيات ثقافية واجتماعية ناشطة جداً.
أما الروم الأرثوذكس فيقدر عددهم ما بين ثلاثة وخمسة آلاف. إنهم ورثة بطريركية القسطنطينية، مهد الأرثوذكسية في العالم. بطريركهم الذي يسكن في منطقة الفنار في استانبول، ما زال يعتبر البطريرك الأرثوذكسي المسكوني "الأول شرفاً" ما بين بطاركة الأرثوذكس في العالم. تمتد ولايته على أرثوذكس أوروبا الغربية والأميركيتين (جزئياً) واستراليا. إلا أن مسكونية بطريرك الفنار المعترف بها دولياً لا تتمتع بهذا الاعتراف من قبل الدولة التركية. وعلى الرغم من ان أرثوذكس تركيا (ويمتلكون نحو 70 كنيسة) يتمتعون، كما قلنا أعلاه، بوضع "الأقلية المحمية"، فإنهم يعانون من شتى المعاكسات الإدارية. فمن غير المسموح لهم بناء كنائس أو مدارس جديدة. ومعهد اللاهوت في خالقي (جزيرة في البوسفور) والذي اشتهر بتخريج أفواج عديدة من الاكليروس الأرثوذكسي في العالم، مقفل منذ سبعينات القرن الماضي، وتعارض السلطة التركية حتى اليوم إعادة فتح هذا المعهد.
أما وضع السريان والكلدان فهو صعب الى حد كبير. فعدد هؤلاء يربو على 25 الفاً نجوا من المجازر الأخرى للعام 1915 (المجازر "السريانية" التي ذهب ضحيتها 300 ألف شخص). هذا وقد أشار تقرير الأمم المتحدة عام 2000 حول حقوق الإنسان الى أن هؤلاء "في طريق الانقراض". هذه الأقلية لم تذكرها معاهدة لوزان المذكورة أعلاه. وأعضاؤها يتجمعون خصوصاً في منطقة طور عابدين ويعانون من شتى المضايقات التي تأتيهم من الأكراد.
هناك أخيراً في تركيا أقليات كاثوليكية لاتينية وبروتستانتية وهي قليلة العدد ومؤلفة خصوصاً من الأجانب. وهؤلاء لا يتمتعون بصفة دينية قانونية ولا يحق لهم تملك الأراضي.
كان، في العام 1914، سكان مدينة القسطنطينية الكوزموبوليتية، والتي أصبح اسمها استانبول في العام 1453، ثلثهم من المسلمين والثلثان الآخران من المسيحيين. اليوم تعيش الأقليات المسيحية منطوية على ذاتها. وبقى في ذاكرة هؤلاء ما كانت عليه القسطنطينية، الواقعة في آسيا الصغرى مهد المسيحية ومركزها الأساسي حتى القرن السادس عشر. وهناك، في تركيا، انطاكيا المدينة التي سميت باسمها بطريركية إحدى البطريركيات الخمس الكبيرة والأولى حيث المؤمنون بالمسيح سموا أولاً مسيحيين، وحيث لم يبق فيها اليوم أكثر من مئتي عائلة أرثوذكسية تتكلم العربية.
تركيا على موعد مع أوروبا.. والأقليات الدينية فيها على موعد مع غدٍ أفضل...
 

http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=471328