المحرر موضوع: اســبوع على غياب " هادي المهدي"  (زيارة 801 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كمال يلدو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 563
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

اســبوع على غياب " هادي المهدي"




   هـا قـد مـّر اســـبوع على غيابك! وربما انت مشتاق لســماع ما جرى منـذ تلك اللحظة ، وسـأحاول ان الخصها لك .
ابـدأ بعائلتك الصغيرة ، فزوجتك ظهرت  عبر التلفاز عاجزة عن وصف هـول الخبر وهـي تتأبط ابنتك المرعوبة من  هذا الموقف ، والناس  وعدسات التصوير والوجوه  ، كان حزنا عراقيا بأمتياز ، وألم على خسارة  ورحيل مبكر لم يكن في الحسبان ، وغصـة تجاه من كانوا قد هددوك، ونفـذوا وعدهم !
اما عائلتك الكبيرة ، شباب سـاحة التحرير.  فقـد مضوا في تظاهرتهم يوم 9/9 ، وبذات الشعارات التي اتفقوا عليها، لمحاربة الفساد والمفسدين ، وتقديمهم للعدالة ، بتوفير الكهرباء والخدمات وفرص العيش الكريم  للعاطلين عن العمل ، بينما رفضت القوى الأمنية السـماح لمسيرة انطلقت من امام بيتك وهـي تحمل نعشـا رمزيا  لــّف بالعلم  وتصدرته صورتك وكانت غايتها الوصول راجلة الى حديقة الأمـة  ، حيث كان سيكون مكانك الطبيعي وسـط المظاهرات . وبالحديث عن المظاهرات، فقد قامت ذات القوات بسـد كل الطرق المؤدية الى ســاحة التحرير  ومنعت المركبات من المرور،  فيما منعت السيارات من عبور  ثلاثة جسور من جهة الكرخ الى الرصافة (التحرير، السنك والأحرار) وضربت طوقا امنيا اشتركت فيــه كل صنوف القوات – يذكرني بالمحاولات الانقلابية المزعومة ايام زمان -  من الجيش والشرطة  والمخابرات  والقوات الخاصة ( المنقبون) وقوات مكافحة "الشغب"  وحتى المخابرات باللباس المدني اضافة الى القناصة على اسطح البنايات!!!
ومنعت ايضا، سيارات النقل التلفزيوني للفضائيات من الوصول للساحة ، والأكثر من هذا ، فأنهم ( اي الجماعة) قـد  زجــوا بجماعات اخرى في ســاحة التحرير في محاولة – جديدة قديمة – لحرف شعارات تظاهرة الشباب ، لكنهم فشلوا هذه المرة لأن اعدادهم كانت قليلة!
امـا الأمر المهم عزيزي هادي ، فقد كان تصريح الجهات الأمنية بأنها شكلت لجنة مختصة للبحث في ملابسات الحادث والكشف عن القائمين عليه  وحتى كشـــف الجهات التي تقف وراءهم ! وهذا الأمر اعاد الى ذاكرتي  نفس التصريح الذي تلا اغتيال ( كامل شــياع)  بكاتم الصوت ايضا ، قبل حوالي ثلاث سنوات فقط ، وغيرها من اللجان التي مازالت تعمل بكل جدية ومهنية لليوم ، في البحث عن الخيوط والأرتباطات .


الطريف في الأمر ، ان روايات كثيرة طفحت للسطح عقب الحادث وجرى تداولها في الصحافة وشبكة الانترنيت وعلى الألسن ، اذ قالت احداها ، ان الحادثة ســببها خلاف عشــائري معك ! واخرى ، ان اناســـا استقبلتهم في بيتك – اي معارف – هـم الذين قاموا بالعمل ، وآخـرون اتهموا جريدة " المدى" في تدبيرها الحادث لأحراج دولة القانون والسيد المالكي ، ودليلهم كان ســـرعة طبعهم لصورك ، والمظاهرة التي انطلقت حال نشر الخبر ! فيما ذهب آخرون للقول ، بأنك دبرت هذه هذه العملية ســـعيا وراء الشهرة ، ومن اجل ان تصبح رمزا ربما تتمتع به في اليوم الآخرة!
لكن مع هذا ، فأن اخوتك وزملاءك ، من شباب التظاهرات ، والمثقفين والصحفيين والفنانين والعديد من السياسيين الذين عرفوك عن قرب ، لم تنطل عليهم هذه الدعاوي ، وعلى العكس ، فقد قالوها بملء الفم ، ان عمل  " كاتم الصوت" ليس غريبا في استهداف الأصوات الخيرة والغيورة ، لابل انهم تذكروا جيدا ما صرحت به  عشية اطلاق سراحك نهاية شباط ، وحتى ما نشرته على " الفيس بوك" ليلة الحادث ، من ان هناك جهات تتصل بك ، وتتوعدك ، وحتى تهددك بالقتل! وأقولها شـهـادة مني للتأريخ ، ان منظمات دولية كثيرة ، اضافة للمحلية منها ، استنكرت الجريمة وحملت القائمين على الدولة مسؤولية حماية المواطن وأمنه . بينما تحفظت جهات " مسؤولة" في الحكم التعليق ، او استنكار الحادث ، ربما لأنها لا تعتقد بخصوصيته ، لأنه متكرر في المشهد العراقي ، فلماذا خصوصية هادي!

الا ان الأهم في الموضوع انك تعرف هؤلاء الناس! لابل انك كنت قد شـــخصتهم في كتاباتك واحاديثك الصحفية ، ورحت ابعد من ذلك حين ســميتهم بالأســماء .
لـقد ســّرب عن المحققين قولهم : ان الاستهداف لم يكن وجها لوجه ، فيما ذكر بعض الأهالي من المنطقة بأن شــخصا كان يتردد عليهم ويسأل كثيرا عنك ، وعن عدد افراد العائلة ، وعن زوارك ، وأوقات تواجدهم ومغادرتهم، وأن هذا الشخص ذاته شــاهدوه يوم الحادث  وهو يعتلي عمودا قرب بيتك كانت مثبتة عليه كاميرا للمراقبة ، وحينما احرجه احد الفضوليين رده بالقول  : " اني معجب بها ، وأردت معرفة ماركتها ، حتى اشتري واحدة منها"!والأكثر غرابة في الأمر ، ان الجهات الأمنية في المنطقة ، كانت اول من عثر عليك بعد الحادث ، اي قبل عائلتك أو احد اصدقائك أو احد معارفك الكثيرون  ، غريبة حقا!
اقســـم لك ، بأنك الآن تعرف من قام بهذا العمل ...اكيد ! لكن السؤال الأكبر يبقى : هل ســيعي المواطن العراقي ذلك؟ هـذا الذي نذرت شـــبابك لـه ، وقدمت كل ما تســتطيع  للدفاع عنه وعن مصالحه  وعن مستقبله ،والأكثر من ذلك ، عن مستقبل العراق؟
اخشـــى ياعزيزي هـادي ان يكون عامة الناس في غفلــة، ويمـر الفاعل دون حســاب ، ليجـهـز على هـادي آخـر وآخـر وآخـر .
أخشــــى كثيرا من ذلك ، لأنهم وحسب قولهم ، لم يعلنوا لليوم عن قتلة " كامل شـياع" وغيره من المثقفين والفنانين والأدباء والنخب العسكرية والطبية والعلمية.
أخشـــى اكثر ، من اننا لا نواجـه "كاتما" واحدا  ، بل كواتــم كثيرة  ...هذه التي صـــارت تفرخ ســـريعا .....  ببســاطة، لأن البيئـة تســـاعدها ، ولا احـد جـــاد في ايقافها !

كمـــال يلدو
أيلول 2011