المحرر موضوع: ذكرى الصديق تترك أثراً طيباً بقلم الدكتور يوسف حنا للو  (زيارة 1014 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. بهنام عطااالله

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1509
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

                                              ذكرى الصديق تترك أثراً طيباً 
                                                 الدكتور: يوسف حنا للو
                                          رئيس قسم العلوم التربوية والنفسية
                                                في كلية التربية/ الحمدانية

بمناسبة مرور أربعون يوماً على رحيل الصديق العزيز والفقيد الغالي المرحوم بهنام بحو رفو (أبو زهير) لابد من وقفة في هذه المحطة لإعطاء هذا الرجل ما يستحقه، سيما وإنني رافقت هذا الإنسان طيلة أكثر من أربعين عاماً، فاستحقاقات الصداقة تحتم علي ذلك، وعليه فحينما اكتب بحقه السطور، فمن المؤكد سوف اكتب من وحي صداقتنا وعمق ارتباطنا الأخوي وملازمتنا اليومية والتفصيلية دون أن تشوب هذه العلاقة أية مصلحة أو تجارة أو نفع مادي لأننا ومع الأسف اعتدنا أن نشيع موتانا ثم ننساهم دون أن نقول بحقهم ولو جملة مفيدة واحدة وكأننا نودع سحابة دخان إلى أن تتلاشى في الفضاء وتغيب عن أعيننا ثم ننساها، لا بل والأكثر من ذلك فقد نلاحق موتانا بذكر أخطائهم ونواقصهم، وكأننا ديّانون، بينما الدينونة من اختصاص الديان العادل وحده (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بأول حجر). إضافة إلى ذلك فأن عدم الكتابة بما يستحق أحباؤنا وأصدقاؤنا الذين غادرونا إلى الحياة الآخرة، يعد تقصيراً بحقهم، لان إبراز أسمائهم الايجابية مسألة مطلوبة لتكون هذه السمات مثالاً يقتدي به الآخرون.
ومن هذه المنطلقات سوف اكتب عن فقيدنا الراحل (بهنام)
لقد كان الفقيد رحمه الله إنساناً هادئاً بسيطاً متواضعاً خدوماً متسامحاً، لقد تميز بهذه الصفات حقاً وبكل ما تحمله من عمق المعاني، لا بل عاش هذه الصفات وجسّدها في مفردات حياته اليومية المليئة بالخدمة والعلاقات الطيبة مع الجميع. لقد كان نفسهُ في التعاون وخدمة الآخرين أمراً منقطع النظير، فلم يطرق بابه احد ويطلب منه استفساراً أو مساعدة أو استشارة إلا وقدم له ما يريد.
وما يستحق فقيدنا أن نذكر عنه انه كان يخدم الجميع دون استثناء، فلم يكن في عقله ونفسيته حدوداً طائفية أو دينية أو مذهبية، إنما كانت نظرته لمعونة الآخرين ومساعدتهم نظرة إنسانية مفتوحة للجميع، وكأن لسان حاله يقول ان الناس تبحث عن عمل الخير، وأنا تأتيني فرصة عمل، وتطرق بابي، فلماذا لا افعل ذلك، ولماذا لا أشرك معي الآخرين في عمل الخير، حيث كان رحمه الله يكلف أصدقاؤه الكثر ومعارفه لمساعدة وخدمة الآخرين.
لقد كان رحمه الله يتطوع بشوق ويندفع بحماس، لعمل الخير، وكانت دائماً ترافق هذا التطوع نظرة عقلانية وواقعية. ونذكر هنا على سبيل المثال (لا الحصر) بعضاً من الأعمال التي ساهم بها:-
•   معاملة تمليك الأرض المحيطة بقصر المطران حيث تم تحويلها الى ملك صرف وتسجيلها باسم أوقاف السريان الكاثوليك.
•   تمليك قطعة الأرض بمساحة 1400 متراً مربعاً في قره قوش والمشيدة عليها حالياً بناية إذاعة صوت السلام حيث كان لتوجيهاته ومتابعاته دوراً في ذلك.
•   إعداد مسودة قانون الأحوال الشخصية لمسيحيي العراق (مع لجنة من المختص) حيث تابع مشروع المسودة بجدية بالغة مع العديد من الرؤساء الدينيين وبعض أعضاء البرلمان إلا أن هذه الجهود لم تر النور لحد الآن.
•   تابع مسودة قانون الملكية العقارية لإضافة عبارة (الأراضي التي اطفيء حق التصرف بها) لشمول هذه الفئة بالقانون المذكور لكي يستفيد منه العديد من أبناء المنطقة حيث اتصل حسب علمي بعدد من أعضاء البرلمان سيما من هم في اللجنة القانونية.
•   ساعد العديد من أهالي المنطقة لمعرفة أرقام ومواقع أراضيهم فضلاً عن توجيهاته لهم بتفاصيل المعاملات المطلوبة حيث كان للمرحوم أرشيفاً كاملاً بأرقام ومواقع القطع الزراعية والخرائط عن المقاطعات التابعة لبلدة برطلة.
لا أود أن استرسل بهذه الأعمال لئلا يشعر البعض بأنها مبالغة ولكن أقول هذا غيض من فيض وقليل من كثير يذكر بحق المرحوم عن خدماته وأعماله التي أداها طيلة سنوات عمره.
نعم لقد رحل (أبو زهير) بجسده عنا ولكن ذكراه الطيبة ودماثة خلقه وأمثلته الحكيمة التي لا تنسى سوف تبقى بيننا نبراساً نكررها مقرونة باسمه حيث كان رحمه الله حاضر الجواب، سريع البديهية، ياتي الجواب او الرد منه بأقصوصة أو مثل أو حكمة مباشرة بعد سماع المقابل.
نعم لقد ترك فينا وبيننا أثراً ايجابياً قوياً وعميقاً، نحن لفيف من أصدقائه ومحبيه وجلسائه الذين كنا نقضي معه ساعات مفيدة.
نم قرير العين يا أبا زهير فلقد زرعت زرعاً طيباً، وأكملت سعيك وجاهدت الجهاد الحسن كما يقول بولس الرسول.
نطلب من الرب أن يكافئك بإكليل المجد الذي تستحقه على متاجرتك بالوزنات التي اؤتمنت عليها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشرت المقال في جريدة صوت بخديدا العدد (95) شباط 2012