المحرر موضوع: قتل السفير الأمريكي والصدق مع النفس !  (زيارة 1253 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
قتل السفير الأمريكي والصدق مع النفس !

إصغوا معي لهذه القصة القصيرة

http://www.bbc.co.uk/arabic/multimedia/2012/09/120912_lybian_spooksman_clip.shtml

{ إنّ الإمور إختلطت في مبنى السفارة الأمريكيّة , بعد إطلاق النار من داخل المبنى , وخرج الأمر عن السيطرة ممّا أدّى الى مقتل السفير الأمريكي وثلاثة آخرين من موظفي السفارة }
هذا تصريح ونيس الشارف / وكيل وزارة الداخليّة الليبيّة . الذي يبدو من لحيتهِ وطريقة كلامه إسلامي حدّ النخاع .. ما علينا .
وأضاف ما يلي :
{ إختلط الحابل بالنابل , كانت هناك قوّة أمنية تحمي القنصليّة ,وقوة داعمة تحركت ( لم تصل )
لكن رأينا ( إحم ) ( يبدو أنّهُ مُحرج قليلاً ) سحب هذهِ القوّة ( إحم ) لأنّ تجمع الناس كان بأعداد كبيرة , حفاظاً على عدم إراقة الدماء .
أنا شخصياً أمرتُ بإنسحاب هذه القوّة , تقديراً ( كاد يقول لشجاعة المهاجمين ) , لهذا الموقف !
وأضاف / لا نريد تكرار ماحدث في 2006 في السفارة الإيطالية } .
يكفي إقتباسي لهذا الجزء , كون باقي كلامه يُثير الغثيان تقريباً , إذ يتحدث عن مظاهرة سلمية لإنزال العلم وحرقه فقط , لكن النار إنطلقت من الداخل فأشعلت فتيل الحرب .
شفتم إزاي ؟ هكذا تكون الصراحة والصدق مع النفس , ولاّ بلاش .
هذا الذي سوف أتحدّث عنه في مقال اليوم , وليس عن حادث السفارة بالتحديد .
***********
في الواقع , عند سماعي الخبر ,صباح اليوم ظننتُ أنّ لذلك علاقة بذكرى كارثة 11 سبتمبر 2001
لكن تبيّن من الأخبار / أنّ الفلم المُسيء هو السبب .
فعن أيّ فلم يتحدثون ؟ وأيّ فلم هذا الذي يدعو للهيجان والقتل والذبح والتخريب ؟
يتحدثون عن فلم مُسيء للإسلام , أنا لم اسمع بهِ (أنا ساعتها كنت في الحمام ) .
وأغلب الظنّ لم أكن لأسمع بهِ ( كما فلم الكرتون إياه ) , لولا تواتر الأحداث ذات العلاقة والتي طالت مصر ( هناك ضجّة كبيرة أيضاً ) .
بحيث إنقلب الحديث عن ورطة الأمريكان في مساعدتها لثورات الربيع العربي التي جاءت بالإسلاميين الى السلطة . ( و بالعراقي / هاي ال تردوها ؟ )
فكيف ستتصرف الولايات المتحدة ؟ ما موقف الرئيس أوباما وحكومته ؟
وبما أنّ الإنتخابات الرئاسية على الأبواب , فغالباً المنافس / ميت رومني سوف يشعللها , هذا إقتراحي في القضيّة .
***********
الحريّة لا تعني الإساءة !
في البدء يجدر بي إعلان موقفي بهذا الصدد والتأكيد عليه , كي لا ندخل في حوارات لا طائل منها , مع المخوّنين والشاتمين .
أنا ضدّ أيّ إساءة لكل ماهو مقدّس لدى الآخرين .
لكن لا تدخل داري وتُطالبني بإعتناق عقيدتكَ وأفكارك وطريقتك في الحياة . ثمّ تقفل فمي لو أردتُ الرّد بطريقتي , وهي الضحك ربّما !
فمن يكره أن تضحك الناس على عقائدهِ , ينبغي أن لا تكون عقائده مُضحكة / يقول أحدهم .
أو على الأقل لا نجبرهم على سماعها وإعتناقها / أليس كذلك ؟
حريّة التعبير وحريّة الفكر مقدسة وحقّ للجميع . لكن بحدود , مداها حريّة الآخرين .
ما أسهل إعلان قولي هذا , الجميع صار يُردّد هذه النغمة . لكنّها معادلة صعبة لو تعلمون . لماذا ؟
الناس في الغرب كما وجدتهم عن كثب , وصلوا الى حالة صاروا يضعون ( الحريّة ) بكل أنواعها عند أعلى درجة سلّم الحاجات الإجتماعيّة .
( أقصد تسلسل ماسلو الهرمي للإحتياجات )
الذي يبدأ بالقاعدة , وهي الحاجات الفسيولوجيّة / كالمأكل والجنس والنوم .
ثمّ حاجات الأمان / كالسلامة في العمل والسكن .
ثم الحاجات الإجتماعية / كالصداقة والعلاقات مع الآخرين , ( يعني الفيس بوك حالياً ) .
ثم الحاجة للتقدير / تقدير الذات والسعي للفوز بتقدير الآخرين , الذي يتطلّب سمواً في النفس والأخلاق والعلم والعمل .
وأخيراً في أعلى الهرم / الحاجة ( لتحقيق ) الذات , أو الإبتكار
( براءة إختراع مثلاً أو السعي للحصول على جائزة نوبل ) ,  وحلّ المشاكل وتقبّل الحقائق .
المتابع المنصف يرى , أنّ العالم الحُرّ وشعوبه يعيشون اليوم في هذهِ الحالة الأخيرة .
معناها حلّ المشاكل عن طريق مواجهتها وتقبّل الآخرين .
هم لديهم برامج ترفيهيّة كوميدية مضحكة ساخرة / القصد الأساسي منها تشجيع الحرية الفردية وحرية التعبير .
عندهم حلقات طبيّة نفسيّة , يجلس فيها المشاركين , ويشتمون كل شيء مزعج في حياتهم  , فيخرجوا من داخلهم طاقة الغضب .
يشتم المرء زوجه وأصدقائه واقربائهِ الذين لم يتعاملوا معهُ كما يُريد .
ويلعن رئيس عملهِ ورئيس دولتهِ , وينتقد حتى طريقة خلق الإنسان , ويتسائل عن جدوى هذا الجزء أو ذاك في جسدهِ .
أنا هنا لستُ بصدد التشجيع على الشتائم في حواراتنا الثقافية مثلاً , لكن بقول مايريد المرء وإظهار كلّ ما يُضمرهُ .
بينما ( فيصل القاسم ) لا يرى مانعاً حتى في تشاتم المثقفين وصراخ الديكة في برنامجه الإتجاه المعاكس
في الغرب يعرضون برامج غريبة حقاً , شاهدت بعضها ( ولم أستطع إجبار نفسي على المزيد )
يأتي صاحب البرنامج وهو طبيب نفسي كما أظنّ ويجعل الضيوف وهم زوجان أو خليلان أو مهما كانت التسميّة يحكون عن عيوب بعضهم
الغريب عندما تقول سيّدة أنّ شريكها خانها مع ( فلانة ) , تظهر فلانة جالسة بين الحضور وهي تراقب وتضحك .
فيستدعيها الطبيب مقدّم البرنامج الى المنصة , فتأتي وتتحدث مكذّبة أو مؤكدة تلك العلاقة ومدافعة عنها , الى درجة تقوم خناقة بين أطراف القضية .
والغريب أنّهم يدعونهم يتضاربون قليلاً , ثمّ يتدخلون للإصلاح .وغالباً يخرج الجميع هاديء وراضٍ وإبتسامة عريضة تُغطي وجهه .
لن اُطيل عليكم بمثل تلك البرامج / لكن اُريد أن أوصل فكرتي عنهم
فهم يبذلون جهود وأموال وبرامج وأطباء ومتخصصين في جرّ الناس للحديث عن مشاكلهم , حتى الشخصيّة والحميميّة منها .
ولا يرون في ذلك خصاصة , بل نفع شديد . وفعلاً تراهم غالباً يخرجوا ماسحين دموعهم , ضاحكين , متحاضنين . وقد إعترف الشريك بخيانته مثلاً , وسامحهُ الطرف الثاني وهو يمسح دموعه , وتقبّل الطرف الثالث الإنسحاب من حياة الشريكين .
أمّا عن نقدهم وإنتقادهم لساستهم وزعمائهم وملوكهم وحتى أنبيائهم , فحدّث ولا حرج !
مرّة شاهدتُ لقطة ( من نوع أفلام التصنيف على الأفلام والشخصيات العامة ) , ينحني فيها الأمير جارلس ليلتقط ( خراء ) لطير ويضعهُ في فمهِ . ربّما حقيقةً هو إلتقط (فستقه ) سقطت من يدهِ فأكلها .
ومرّة شاهدتُ لقطة من فلم بريطاني / يخرج السيّد المسيح عارياً تماماً على أتباعه الغاضبين المنتظرين لتعاليمهِ ودعائهِ . ( وكان في حالة تستسة مع إحداهنّ ) , وأخذ ينصحهم دون أن ينتبه أنّه من غير هدوم والأتباع أسفل الدرجات يناقشون تفاصيل أعضاءهِ / هل تصدقون ذلك ؟
هذهِ الأفلام والبرامج قد لا تصل الى المشاهد العربي والمُسلم عموماً .
لكن تصل إليه بالطبع أعمال ودعوات تخّص الإسلام . ومن يوصلها أليهم ؟
إمّا مسلمين متشدّدين يسكنون الغرب ويلعنوه ليل نهار . أو إعلام الغرب نفسهِ .
بحيث يحار المرء / ما القصد من هذا العمل ؟ فيجيبوك بالكثير من الآراء المختلفة .
وعندما نقول لهم / لكن مجتمعاتنا مجبولة على الهروب من مواجهة المشكلة والواقع .
يفضلون عليها / وإن اُبتليتم بالمعاصي فإستتروا
ويفضلون عليها / ولا ... تسألوا عن أشياء , إن تُبدَ لكم تسؤوكم .
ويفضلون عليها / النار ..  ولا العار , حتى لو كان العار مجرّد خروج إبنتهم مع جارٍ لها ( كم آلمتني قصة الفتاة القتيلة في غزّة , في مقالة السيدة سونيا إبراهيم )
أظنّكم سمعتم عشرات مثلها / فلا داعي للتوسع فيها .
*******************
أقول نحنُ الشرقيون , نفضّل أن نتحدث بكلّ مشاكل العالم وشرورهِ لكن على أن تكون سريّة وحصريّة بيننا .
حتى أنا عندما أحكي لصديق عن حالة شاهدتها أو سمعت بها , تأتي الجملة التالية غالباً بعد حديثي ذاك / لا تنشرها !
بينما في الجهة الثانية نجد الغربيين , يكشفون ويناقشون كلّ شيء على الهواء الطلق
حتى عن ( رائحة القدمين ) يتحدثون . وهذه للتشبيه  وليست تهكماً على اُغنية ( حافية القدمين ) لكاظم الساهر .
هل فكرتم بالفارق والإختلاف الشديد الذي تقود إليه كلتا الطريقتين ؟
ببساطة / هم سيتوصلون لحلّ لكل مشكلة صغيرة وكبيرة , لأنّهم يعرضوها للنقاش .
بينما نحن / سنحتفظ بمشاكلنا مع أنفسنا لتكبر وتنمو سريّاً وقد تتحول الى سرطان لا ينفع معهُ سوى ( المجازفة ) بعملية إستئصال الورم !
*****************
قتل السفير الأمريكي ( أو القنصل ) في بنغازي جاء نتيجة لهذا الحال الذي لخصته الآن .
السفير المقتول / لم يكن لديه سلطه تمنع منتجي الفلم المقصود من إنتاجه .
يقولون , أنّ القس المتطرف تيري جونز , صاحب فكرة حرق المصحف لجلب النظر الى الكلام الذي يحويه ضدّ حقوق النساء , مشترك مع أصحاب الفلم .
أتذكر أنّي كتبتُ مقالة يومها , تدعوه للتوقف عن فعلتهِ كونهِ سيستفيد بتوقفه أكثر من تنفيذها .
وبرّرت ذلك بفكرة أنّ المقابل بدل أن ينفذ تهديداته بحرق الأخضر واليابس , سيتوقف لشكر القس ومراجعة النفس .
لكن في الواقع ( وتلك مصيبة عظمى أيضاً ) نحنُ لا نعتبر تراجع الخصم عن موقفهِ , دعوة للسلام .
بل الغالبية ستصرخ مليء الحناجر / أرايتم كيف خاف وإرتعد الغرب كلّهُ عندما سمعوا نداء / الله أكبر ؟
لكنّي أقول / حتى لو خافوا , ما العيب في ذلك ؟ الخوف أحدّ أهمّ عناصر البقاء على قيد الحياة .
ثمّ أنّ الناس في الغرب تُعلن بمنتهى الصراحة أنّهم يحبون الحياة ويسعدون بها ويتمنون إطالة أعمارهم حتى بعد المائة ( وتُقرأ مئة ) .
بينما يتبرع مشايخنا بالقول نيابة عنّا / بأنّنا قوم نحب الموت أكثر من حبّنا للحياة ونرقص لهُ طرباً .
وهذا الحُبّ للموت ليس سهلاً إدخالهِ في أمخخة الشباب الاُتتِ .
فهناك ثمّة صناعة للفتوى . أفضل صناعة عربية إسلامية , لا تُضاهيها صناعة في العالم .
إنّها تفوق كلّ الصناعات العسكرية الغربيّة , وحتى صناعة الطائرات والفضاء ومركبة كريوستي .
بحيث يقول هذا الشاب الذي لم ينفجر حزامهُ الناسف وسط السوق المكتظ بالنساء والأطفال .
يقول : شاهدتُ الحوريّة مُقبلة عليّ , فاتحةً ذراعيها تحتضنني , لحظة ضغطتي على زر التفجير .
بربّكم اسألكم / ماذنب هذا الشاب البائس ( بائس على الأقل لأنّهُ لفّ عضوه الذكري بمادة صلبه كي يبقى سليماً ليستخدمه في الجنّة لاحقاً )
وما ذنب أمثالهِ , يتمزقّ هكذا وتتطاير أشلاؤهِ في الفضاء لتختلط بأشلاء الأطفال الابرياء الذين قتلهم ؟ ناهيك عن باقي الضحايا ؟
وكيف لنا , لو كنّا نملك ذرة عقل , أن نسمح لمشايخ الفتوى , أن يقتلوا الحياة هكذا ؟
أليس أضعف الإيمان في هذهِ الحالة أن نقول لهم / كفاكم تمزيقاً لمجتمعاتنا ؟
في الواقع / لو عادَ أمرهم لي , لفضلتُ أفضل الإيمان وليس أضعفهِ .
أن أحجر عليهم في مصحّ عقلي / حتى ينصلح حالهم أو يموتوا دون ذلك كمدا !

*****************
الخلاصة
عاداتنا وأخلاقنا وطبائعنا , فيها أخطاء وسلبيات ومشاكل ينبغي معالجتها
السبب طبعاً / أدياننا وثقافاتنا وتطرّفنا , وربّما الجو أيضاً .
الضغط والظلم والفساد والقهر السياسي , يوّلد الثورة .
والكبت الجنسي ومنع كلّ شيء حتى السؤال , يوّلد الإنفجار والكراهيّة .
( تذكروا وضع غزّة مثلاً والتحرّش الجنسي في مصر الذي يكاد يدخل مجموعة جينس ) .
والهروب من مواجهة المشاكل , يُفاقمها .
غالبيتنا نُفضّل مادح كاذب يُجمّل لنا الواقع ,على خصم يواجههنا بعيوبنا .
مشايخ الفتوى وأنصاف المثقفين الإقصائيين , أشدّ خطراً على مجتمعاتنا من الجاهلين .
نعم الحريّة والديمقراطيّة / هي السبيل الأفضل لنهوضنا .
لكن ليست حرية ( مفصّلة ) للإسلاميين , أن يصلوا السلطة ويقولوا باي باي ديمقراطيّة , شدّوا الحجاب والنقاب وثبتوا الزبيبة لننطلق الى الجنّة .
تلك الجنة التي في خيالكم , نحنُ متنازلين عنها لكم , فدعونا نعيش ونتفاعل مع عالم اليوم الحُرّ المتقدم شبابنا مساكين يريدون أن يعيشوا , لا تقتلوهم لأجل مبادئكم التي لا تصمد أمام أبسط نقاش .
من جهة اُخرى ومهمّة جداً , لا نقول وندعي الى حريّة منفلته . في الغرب قادت الحريّة بلا حدود الى إنفلات وشذوذ ( مثليّة ) ومخدرات .
نحنُ مساكين متخلفين أربعة قرون عن الركب العالمي , لذلك نحتاج صحوة وقفزة بأحلامنا ومشاعرنا وأفكارنا .
أفلام مُسيئة للمقدسات , مرفوضة طبعاً في مجتمعاتنا كوننا لم نصل بعد ما وصلوا هم إليه بحيث يتقبلوا تلك اللقطات التي تحدثت عنها في بداية مقالي .
لكن من جهة اُخرى أقول للمشايخ لا تدعوا الى معتقداتكم كلّ الناس , كي لا يضطروا لتوضيح أفكارهم بالأفلام والنكات .
إتركوا الناس تعبد ما تشاء / أليس الله ورسوله , قالوا بذلك ؟
ومن أنتم في الواقع , لتحموا الله ورسولهِ ؟ (لو كنتم فعلاً صادقين في إيمانكم) , ألا يُفترض أنّكم تؤمنون بأنّ الله على كلّ شيءٍ قدير ؟
وبخصوص الحادث الأخير في ليبيا , صحيح أنّ رئيس المؤتمر الليبي العام / أدان بشدّة ذلك الهجوم .
لكن ما نفع الإدانة أمام الفكر الظلامي , إن كان مازال حُرّاً طليقاً يفعل مايشاء بعقول أطفالنا ؟
نحنُ نحتاج ثورة للوعي وفتح الآفاق وتوسيع المدارك وقبول الآخر !

تحياتي لكم
رعد الحافظ
12 سبتمبر 2012