المحرر موضوع: كلام الدم..  (زيارة 435 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كلام الدم..
« في: 11:48 29/05/2013 »

كلام الدم.. 

عبدالمنعم الاعسم

 ما يجري على الارض هو الدم. بركة دم. اصوات ناقلات الجثث دم. سيارات الاسعاف وعربات الباعة دم. الارصفة دم. سلال الخضروات وحقائب التلميذات وواجهات دكاكين ملابس الاطفال دم.
 من اليمين رجال ملثمون بوجوه صفراء من فضلات البشر، وقد غسلوا ايديهم توا بزيوت الجاهلية وفتاوى اهل الدين الجديد، والغل الطائفي، وتخفوا عن الانظار حال انهيار المباني وتطاير الاجساد.
 من الاقصى، ساسة يكشرون عن افواه تفيض بالدم. يبحثون عن مكان على جلد الضحايا المحترق لتوقيع بيان استنكار يقول كل شيء عن مرتكبي الجريمة ولا يقول شيئا شيئا واحداعن مسؤولية اصحابه في هذه المذبحة.
 في الادنى، ساسة آخرون يتسلون سرا بلوحة بركة الدم. يتبادلون التهاني، ويبحثون في صور هذا المهرجان من الاشلاء عن ديباجة محبوكة يدسون فيها شفاء غليلهم.
 الى الشمال عويل نساء واطفال يكتبون بالدم فجيعتهم، ويتلون بالدم نشيد الاباء والابناء الذين سقطوا توا في المذبحة، ويحملون اسئلتهم الى مجالس عزاءعما جناه القتلى ليكونوا طعما للتفجيرات. 
 على نقالات الجثث دم ضحايا عابرو سبيل. احدهم شاب بنصف جسد  بعينين مفتوحتين في مدينة الحرية، وهناك  امرأة  في حي الصدرية حُملت بلا يد. تمزقت عباءتها ولا تزال لم تمت وهي تنقل الى مستشفى قريبة من الحي. قالت لرجال الانقاذ بصوت خفيض ومتقطع ومكلوم..اعطوني قطرة ماء.. وقبل ان يأتوها بالماء لفظت انفاسها.
 الليلة، السابع والعشرون من ايار، مات كثيرون في هذا المهرجان الدموي، وفقد المئات اطرافا لهم واجزاء من اجسامهم وبعضهم يحتظر مع اسئلته عما جناه، وعمن سفك دمه.
 نامت الملايين  العراقية هذه الليلة على مشاهد مفزعة ومروعة ومخيفة عرضتها الشاشات الملونة..
 ونام القتلة على  حافة بحيرة الدم يتبادلون كلمات الله في القصاص من الكفار والمرتدين.
 ونام اركان اللعبة السياسية متعبين من التفكير في تحويل بركة الدم الى لعبة سياسية.
*******
"المجرمون انواع.. واحد يرتكب القتل بيده.. وآخر يرتكبه بتبرير القتل، وثالث يستغله للحصول على الميراث".
مانديللا