المحرر موضوع: طريق الشعب: مؤتمر السلم الاجتماعي .. ما له وما عليه  (زيارة 829 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الحزب الشيوعي العراقي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1291
    • مشاهدة الملف الشخصي
طريق الشعب: مؤتمر السلم الاجتماعي .. ما له وما عليه


بعد تحضيرات مبتسرة واتصالات محدودة ومشاورات انتقائية، عقد الخميس الماضي في بغداد المؤتمر الذي دعا اليه نائب رئيس الجمهورية السيد خضير الخزاعي، للتوقيع على "مباديء السلم الاجتماعي" و"وثيقة الشرف".
ويحق لنا وقد انتهت وقائع المؤتمر ان نسأل: هل ان ما جرى يلبي المطلب الشعبي الملح بعقد مؤتمر وطني واسع التمثيل، لمراجعة وتقييم مسيرة العملية السياسية منذ بدايتها حتى اليوم، بما يتيح وضع المعالجات الجذرية لدوامة الازمات المتتابعة وللخلاص منها، وإنقاذ البلد مما يتهدده من مخاطر ويحيق به من احتمالات سيئة، ووضعه على طريق التطور السلمي الطبيعي الضروري لبناء عراق ديمقراطي مدني اتحادي مستقل؟.
لا ريب في ايجابية وضرورة كل جهد عام، يستهدف حقن الدماء وإيقاف التدهور ومنع التصعيد وقطع دابر التوترات والمهاترات والتشنجات في العلاقات السياسية بين الاطراف المتورطة في صناعة الازمة العامة التي يعيشها البلد، إنما هل يمكن، ونحن امام نشاط سبقته مبادرات واتفاقات عديدة، ان نتوقع له - وهو على ما هو عليه من ثغرات ونواقص في الاعداد وفي التركيب والمستلزمات – ان يتجاوز ما انتهى اليه سابقوه من فشل ونكوص عن الالتزامات والتعهدات؟.
وفي شأن اللقاءات والمشاورات التي جرت في سياق الاعداد للمؤتمر، يحق لنا ان نتساءل عما اذا اشرك الشعب وجماهيره المعنية بشكل مباشر، في ما جرى فيها وسط دهاليز السياسة ووراء الابواب الموصدة؟ وهل اتيح لوسائل الاعلام نشر ما تم تداوله في تلك المشاورات من امور ومعالجات وتعهدات، كي يطمئن المواطن الى ان المباديء العامة والصياغات العمومية المسطرة في الوثيقتين، والتي سبق للمتنفذين المتصارعين ان تبنوا في مناسبات مختلفة ما يماثلها، والتي ينطوي الدستور على ما هو ابلغ منها واعمق واشمل.. كي يطمئن الى انها ستأخذ طريقها هذه المرة نحو التطبيق والممارسة الفعلية؟ وما الجديد الذي يلزم المعنيين، وهم صناع الازمة الحقيقيون، ان يتوجهوا بصدقية لانجاز ما تتضمنه الوثيقتان من افكار وغايات؟.
للاسف الشديد لم يتجاوز القيمون على المبادرة العلة، التي كانت من اسباب نشوء الازمات وتفاقمها، الا وهي عقلية اقصاء القوى الاخرى وتهميشها، والتعالي على اطراف اساسية في العملية السياسية، لذلك وجدناها – كما بالامس – ضيقة الصدر، تستنكف من بذل جهود اضافية قائمة على إجراءات ملموسة ومواقف محددة وممارسات مخلصة، لاقناع قوى غير مقتنعة بالمشاركة في المؤتمر، وليس اقل ضررا تجاهلها اطرافا اساسية في العملية السياسية، مثل التيار الديمقراطي العراقي وبضمنه حزبنا الشيوعي، وعدم دعوتها للمساهمة في المشاورات والتحضيرات والى المؤتمر نفسه، وهي التي كان لها شرف المبادرة للدعوة الى عقد المؤتمر الوطني الحقيقي.
فمن ياترى يتضرر من ذلك؟ وهل التعامل بهذا الغرور يضفي صدقية على سعي الفعالية الى تجاوز بواعث الازمات؟ ام انه يشرع الابواب امام ازمات جديدة، لم يعد الشعب والوطن قادرين على تحمل المزيد منها؟.
ان معالجة ما يواجهه الوطن من ازمة بنيوية عميقة متعددة الاوجه ومأزق حاد، تتطلب نهجا جديدا بعيدا عما يكرس المحاصصة الطائفية – الاثنية، التي كانت للاسف ملحوظة بجلاء في الفعالية وفي تركيبتها ومجرى اعمالها، كما تستلزم وبنحو ملح نمط تفكير جديد، يتسم بالواقعية والعقلانية والمرونة، وبالترفع عن الصغائر والمصالح الحزبية الضيقة والانانية، والقبول بالآخر المختلف وبالبحث عن الحلول المشتركة.
في كل الاحوال تبقى العبرة "في خواتمها" كما يقال، فهل ستتحول كلمة الشرف الجميلة النبيلة، الى افعال وممارسات واجراءات وتعامل عياني يتلمسه الناس؟ ذلك ان الممارسة هي مقياس الحقيقة، وليس الخطب الرنانة والاقوال المنمقة.
نأمل مخلصين ان يكون مؤتمر الخميس الماضي فاتحة خير، ومؤشرا جادا لصد الموجة الجديدة من الاحتقان والتهجير والقتل على خلفيات طائفية، ولتعبئة العراقيين لمواجهة الاحتمالات الخطرة المحيقة بعموم بلدان المنطقة، والعراق في قلبها، بالوحدة الوطنية المتينة، والتوجه المسؤول لبناء الوطن وتحقيق أمن واستقرار الشعب، حتى لا يكون المشهد كله مجرد بداية مبكرة للحملة الانتخابية.
ونتمنى ان تحسن النوايا وتصدق، وان تتعزز الثقة المتبادلة، وتحشد الامكانات للتوجه نحو ضمان حرية الشعب، وتعزيز سيادته وقراره السياسي المستقل، في مواجهة التدخلات الاقليمية والدولية بشتى صنوفها، وكلنا ثقة بجماهير شعبنا وحراكها الواسع والمتصاعد، وبجهدها المثابر في متابعة سلوك المتنفذين ومراقبته، وفي الضغط من اجل الاصلاح والتغيير ولبناء العراق الديمقراطي المدني الاتحادي المستقل، فسبيل التعبئة والفعل الجماهيريين هو الاجدى والاسلم لتقويم المسيرة ووضعها على المسار الصحيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الافتتاحية "طريق الشعب"
الاحد 22/ 9/ 2013