المحرر موضوع: رسالتي الى معالي السيد بان كي مون الامين العام للأمم المتحدة  (زيارة 923 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل آشور قرياقوس ديشو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 88
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

رسالتي الى معالي  السيد بان كي مون الامين العام للأمم المتحدة

معالي السيد بان كي مون الامين العام للأمم المتحدة                                                                                   
الامانة العامة للأمم المتحدة
نيويورك –  10017

عزيزي السيد الامين العام :                                                                                                             
كنت دائماً أؤمن بان السلام العالمي يمكن بلوغه وبأن الانسان يمكنه أن يتمتع بحقوقه الاساسية والتي هي الحياة والحرية طالما هناك مؤسسة عالمية مهمتها حماية السلام و القيم الانسانية وتعمل بجد وجهد كبيرين لجعل هذا العالم مكاناً أمناً لمن يبحث عن الامان والسلام وبأن هذه المؤسسة والتي هي الامم المتحدة تسهم من اجل زرع السلام بين البشر وتقارب الشعوب والثقافات والديانات والمذاهب المختلفة للعيش معاً دون كراهية وتحامل .
اليوم  أكتب هذه الرسالة لاعبر لكم عن قلقي العميق أزاء ما بدأ يتغير في مواقف هذه المؤسسة من وقوفها بجانب حقوق الانسان بشكل محايد وعادل . لقد بدأت أفقد هذا الايمان والشعور وأنا أشاهد كل هذه الفوضى والالام والحروب  التي يعيشها العالم والتي أصبح وقودها الشعوب الصغيرة و الضعيفة والمسالمة. وهذه الاحداث والظروف جعلتني أجزم بأن السلام العالمي بعيد المنال لان كل هذه الصراعات والحروب والقتال بين دول العالم تعالج من قبل المجتمع الدولي ويتم وزنها على أساس المصالح و بمكاييل غير متساوية وغير عادلة .
 
عام 1991كنت متعاطفاً بشدة مع قرارالامم المتحدة المرقم ( 688) والذي تم به فرض منطقه آمنة تحظر الطائرات العراقية من التحليق داخل المناطق التي تنحصر بين خطي العرض 36 شمالاً لحماية الاكراد و 32 جنوباً لحماية الشيعة في العراق من براثن الدكتاتورية والتي على اساسها وفرت الامم المتحدة ودول التحالف لهم المساعدات الانسانية وحفظت أمنهم وسلامتهم ومنعت المزيد من الانتهاكات لحقوق الانسان ضد السكان المدنيين الذين كانت حكومة صدام  تطاردهم وتمارس العنف بحقهم بعد حرب الخليج . وظلت هذه الحماية باقية الى سنة 2003 الى أن تم اسقاط الدكتاتور بمساعدة الحلفاء وبقرار من الامم المتحدة المرقم  (  1483 )  لتاتي أمريكا بحكومة طائفية ومذهبية ودستوراً كتبه الاقوياء والكبار ليحرموا الصغار من حقوقهم وحرياتهم . 

لقد شعرنا بخيبة امل كبيرة  لما وصلت اليه الظروف والاحوال في وطننا العراق اليوم بعد 2003 فكل هذه الجهود التي بذلتها الامم المتحدة والمجتمع الدولي جلبت بنتائج عكسية لم تكن في الحسبان. فالحكومة الجديدة التي جاءت بها أمريكا لم تلتزم بالديمقراطية ولم تمتثل بنظام الدولة الفيدرالي وحقوق الانسان وحرمت الفئات الاثنية والدينية الصغيرة من حقوقها بعد أن فرضت أجنداتها المذهبية والطائفية ولم يظهر خلال كل هذه السنوات  أية مسار أيجابي لتحقيق فرص العيش الكريم والامن وظمان الرخاء  للمواطن العراقي.فحصل الصراع المذهبي الذي أدى الى القتل والذبح على الهوية . ولم يكن في الحكومة قائداً سياسياً واحداً يدعوا المواطن العراقي للبيعة أو الولاء للوطن بل دأبت هذه القيادات السياسية الى اقحام الدين في الحياة العامة . وجعلوا الدين والمذهب هو التاهيل لتولي المناصب السياسية والوظائف في دوائر الدولة .

عزيزي السيد الامين العام :
الحرب والفوضى هي واحدة من النتائج التي تحدث في الاوطان عندما تحاول فئة قوية حاكمة  للحد من قدرة فئة آخرى للحصول على حقوقها والوصول الى  اهدافها وعندما تتضارب مصالح اي مجتمع او قومية مع مصالح الدولة وعندما لا تفعل الدولة ما هو بأستطاعة هذه الفئات للوصول الى غاياتها وحقوقها المشروعة عندها يحدث هناك صراع . وعندما لا تتحقق من هذه المطالب والاهداف بصورة شرعية ولا يلبي المجتمع الدولي أية مساعدة للفئات المظلومة حينها ليس هناك أدنى شك من حدوث قتال وحرب وقد كان الاهمال والانكار سبباً لأشعال  الغضب و الرفض عند المكونات الاخرى فنشطت بؤرة المقاومة وظهرت المليشيات والارهاب لينتشرالقتل والعنف في الوطن ولتكن المكونات الصغيرة و الفقراء والمساكين والضعفاء وقوداً سهلاً لهذه الفوضى بينما الحكومة تعيش مع عائلاتهم في حماية وامن وسلام في المنطقة الخضراء .

أن العراق يعيش أمام تحديات كبيرة بسبب الخلافات الطائفية والمذهبية واصبح بحاجة ماسة الى عملية صياغة جديدة شاملة وشفافة للدستور وفرض القوة على  الحكومة للاتزام بالعملية الديمقراطية وأحترام حقوق الانسان والحريات الاساسية للجميع واللتزام بالمجتمع المدني الكامل. ان  قدرات وقوة  الحكومة العراقية اليوم أصبحت  مترنحة وضعيفة وقد أثبتت أحداث الموصل ( نينوى) وصلاح الدين ومدن أخرى على هشاشة هذه الحكومة الطائفية وأثبتت أنها غير قادرة على حماية شعبها و الوقوف أمام هجمات المجموعات الارهابية الشرسة وخاصة بعد ظهور تهديد جديد وهو الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)  التي خلفت جرائم بشعة تذهب بأرواح بريئة من الشعب على أساس الاختلاف الديني والمذهبي والعرقي كل يوم .



عزيزي السيد الامين العام :
لقد نال المسيحيون في العراق العبئ  الثقيل من هذه الفوضى التي حدثت في العراق بعد 2003 فلم يعرفوا خلال كل هذه  السنوات طعم الامن والامان  فطالتهم الهجرة بسبب رسائل التهديد بالقتل التي كانت تصلهم الى بيوتهم وكلمات التهديد بالاخلاء التي كانت تكتب على جدرانهم وابوبهم  وعانوا التغيير الديمغرافي المخطط والمدروس  الذي كان يطال مناطق سكنهم من قبل الدولة وبحجج واهية. وواجهوا البطالة بسبب عدم منحهم فرص العمل أسوة مع المكونات الاخرى . وحرموا أيضاً من الحقوق الثقافية والاجتماعية والدينية بسبب التوجه الديني والطائفي الذي تذهب اليه الدولة ولا ترضاه لبقية الفئات .

ان وجود هذا النظام الطائفي والمذهبي المبني على المحاصصة  في العراق وهذه الفوضى  تتحمله أمريكا وان تجربة أكثر من 10 سنوات في أسناد ودعم ورعاية حكومة فاسدة ليست الا أستهانة بمصير هذا الشعب من قبل الحكومة الامريكية  والهيئة الدولية اللذان لم يكونا جاهلين بما يحدث في العراق فأهملا  شأن الشعب المسيحي ليتركوه تحت مطرقة الارهاب والطائفية المقيتة حتى بدا وكأنه مسلسل متعمد لأخلاء المسيحيين من العراق .

عزيزي السيد الامين العام :
نحن المسيحيون في العراق نطالب  بأستخدام (  الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يجوز أتخاذ تدابير للمحافظة على السلام والامن الدوليين أو أستعادتها  ) ونسعى للحصول على قرار من مجلس الامن  يلبي أمن وسلامة المسيحيين في العراق بأقامة منطقة أمنة في سهل نينوى وأرسال قوات حفظ السلام الدولية  لأيقاف هذه الجرائم التي ترتكب بحقهم منذ 2003 وان يشمل تفويض بحظر الطيران على هذه المنطقة أو قيادة مركبات عسكرية لمسافة محددة كما حصل في قرار الامم المتحدة ( 688 ) عام 1991  وندعو الى المبادرة لتقديم المساعدات الانسانية العاجلة لهم وأغاثتهم . ان وقوف المنظمة الدولية والمجتمع الدولي بجانب المسيحيين وأسنادهم ستمنع معاناة ومجازر كبيرة لا سامح الله يمكن أن تحصل لهذا الشعب الذي سكن هذه الارض لأكثر من سبعة الاف سنة  .
عزيزي السيد الامين العام :
ختاماً لا يسعني الا ادانة هذ الاهمال الذي يطال المسيحيين في العراق من قبل المجتمع الدولي والهيئة العامة للأمم المتحدة بعد أن تركت مصيرهم بيد الارهاب والفوضى .ونحن اليوم في أمس الشوق والامل لرؤية بعض التغيير في مواقف هذه القوى  اتجاه هذا الشعب المتحضر والمسالم الذي يحق له الحياة أسوة ببقية الشعوب .لان الانسان هو واحد مهما كان عرقه ودينه ومذهبه أو لونه وشكله.



Ashour Disho
Canada – Toronto
ashourdisho@yahoo.com
29/07/2014