المحرر موضوع: كارثة الموصل تيقظ الشباب المسيحي  (زيارة 954 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.محمد البندر

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 18
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كارثة الموصل تيقظ الشباب المسيحي

د.محمد البندر
 
 بينت كارثة سقوط الموصل، والتخاذل المهين للقطعات العسكريةوانهيارهاالإسطوري العجز الفاضح للنظام السياسي في العراق،وإخفاقه في بناء أسس دولة وطنية متوازنة ومقبولة. لكن هذه الكارثة لم ترقَ الى مستوى الصدمة، ولم تؤدي الى إنتفاضة عارمة كالتي عرفهانظام صدام حسين عقب انسحاب الجيش العراقي من الكويت، على العكس تماماً فقد تقبل الشيعةالأعذار والحجج الواهيةالتي ساقتهاالحكومة لتبرير هزيمة الجيش في الموصل وصلاح الدين على أنها مؤامرة أشترك فيها السنة مع داعش والأكراد.
كانت هذه الهزيمة وتداعياتها بمثابة القشة التي قصمت ظهرالهوية الوطنية العراقية العامة بسبب التشظي والقومي لدى الشعب العراقي الذي عزلت مكوناته نفسها عن بعضها البعض بجدران كونكريتية عالية من الاستقطاب الطائفي ، ومن هذا المنطلق نظر الشيعة الى احتلال الموصل، وهي تاج العراق وحاضنة تاريخه الحضاري  بشماتةوبرود، ومنهم ذهب أكثر ليقول( حيل بيهم..)، ولو كان الأمر يتعلق باحتلال مدن  مقدسة عند الشيعة لكان موقف السنة لايقل شماتة. أما أغلب أهل الموصل السنة فقدنظروا الى داعش المحتل كمحرر لهم من حكم الشيعة في بغداد، ولم يواجهوها بأية مقاومة ، وهذه مثلبة لأهل الموصل الذين عُرف عنهم شدة مقاومتهم للمحتلين الأجانب ، حتى اعتاهم. مثلما فعلوا مع نادر شاه الذي اكتسح الهند وايران والعراق وبغداد والدولة العثمانية في القرن الثامن عشر لكنه لم يستطع في سنة 1731احتلال الموصل رغم حصارها لفترة طويلة فضل خلالهاأهلهاالمقاتلون أكل الكلاب والقطط على الإستسلامَ..وللأسف القول أن داعش كانت تحكم الموصل فعلاً وتجبي الضرائب من أهلها قبل سقوطها في 9 حزيران.
لقد بينت السنوات القليلة السابقة أن من يدفع ثمن صراع الأقوياء هم الضعفاء أو المستضعفين الذين لاحول لهم ولا قوة، ففي طاحونة الشد والجذب والصراع بين السني الشيعي والأثنين ضدالأكراد كانت المسيحيون، وتلاهم الأيزيديون لاحقاً أول من يدفع الثمن دائماًلأنهم الحلقة الأضعف في الصراع، ولا من مدافع يدافع عنهم سوى الغرب.
والأن تتعالى الأصوات لفعل شعبي ومبادرة لمواجهة داعش
عسكريا وسياسياً، ومنها الدعوة لتشكيل فصيل مسيحي مسلح ضد داعش. وقد يعترض البعض على ذلك متحججاًبأن المسيحيين شعب مسالم، وتعاليمه الدينية تدعوه الى نبذ العنف ، وهذا في رأيي صحيح فالشعب المسيحي لم يمارس العدوان والإعتداء ضد جيرانه المسلمين قط ، لكنه كان مدافعاً شرساًعن حقوقه وأرضه ولا يستكين للذل والهوان . وافادنا تاريخ القرون السابقة عن شدة مراس القبائل الاشورية في قتالها ضد محاولات الأتراك العثمانيين الدائمة لاجتياح هكاري واخضاع الآشوريين  لكنها كانت دائماًتبوء بالفشل الذريع رغم رجحان الكفة العسكرية لصالح الأتراك في العدة والعدد، وأثناء الحرب العالمية الأولى لم يخسر الآشوريون القلائل في العددأية معركة مع الأتراك قط، وحتى وهم في طريقهم الى دخول العراق عن طريق همدان.
لقدجذبت خصال الآشوريين القتالية انتباه الإنكليز فشكلوا منهم فصائل الليفي التي أوكلت إليهامهمة الدفاع عن ولاية الموصل لمدة أربع سنوات متواصلة قبل تشكيل الجيش العراقي. أما عن خصال الكلدان العراقيين
العسكرية فكانت بارزة وتتمثل في انخراطهم في القتال ضدالنظام سواء مع الحركةالكرديةالمسلحة أو في صفوف حركة الأنصارالشيوعيين في شمال العراق.لقد جمع المسيحيون العراقيون بين خصال الشعب المدني المثابر الباني للحضارة وبين الخصائل العسكريةالممتازة كالشجاعة والإنضباط والتضحية.
لقد تكدست لدى الجيل الأقدم من الكلدان والآشوريين والسريان خبرات قتالية ممتازة أثناء الفترات السابقة ينبغي الإستفادة منهااليوم عندالحديث عن تشكيل فصيل مسيحي مسلح يواجه داعش.وبالطبع فأن قوام هذا الفصيل المسلح لابد أن يضم الشباب المسيحي الواعي من جميع الطوائف لما له من طاقة متجددة ورغبة في الصمود والمجابهة ، وكانت المظاهرات العفوية في أورباخلال الشهرين الماضيين والتي شارك فيها الشباب المسيحي بقوة تبعث الفخر والأمل، وتشير الى يقظة شبابية مسيحية غير مسبوقة ينبغي الأستفادة منهاالى أقصى حد، فهم قادرون على صنع المعجزات. وفي هذا الصدد ندعو الفصائل والتشكيلات السياسية المختلفة كزوعا والحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الآشوري ، وحزب بيت نهرين الديمقراطي وماعداهم من التنظيمات الى العمل الفوري من أجل تنسيق الجهودومساندة الفكرة. إن أستعادة الموصل وضواحيها على أيدي الأبطال المسيحيين ومن معهم ستكون حافزاً ومشجعاًللتمسك بالأرض ورفض الهجرة.
 إن دعوة تشكيل الفصيل المسلح يجب أن تقترن بالإتفاق على برنامج عمل سياسي وطني مسيحي شامل لا يقتصر على السياسيين فحسب بل يشمل المشاركة النشيطة لجميع الكنائس المسيحية ومنظمات المجتمع المدني والأندية وغيرها، وصياغة خطاب مسيحي موحد يتوجه للعالم، بموقف صريح لمطالب الطوائف المسيحيةوعلى رأسها مطلب إقامة الملاذ الآمن الذي يحظى بحماية دولية سواء ضمن الأقليم الكردي أو خارجه.