المحرر موضوع: يونان هوزايا، حشرجة صوتك تناديني  (زيارة 2542 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 761
    • مشاهدة الملف الشخصي
يونان هوزايا، حشرجة صوتك تناديني

غادرنا الى الأخدار السماوية قبل ايام وقبل الأوان الشاعر وكاتب القصة القصيرة والسياسي واللغوي والمهندس والوزير السابق في حكومة كردستان، الاستاذ يونان هوزايا الذي يعتبر أيضاً الابن البار لبلدة زاخو العريقة. وإضافة الى هذه المواهب كانت له خصال قلما يتصف بها رجال هذا العصر ومنها الطيبة والتواضع والإخلاص والمثابرة والصبر على المصاعب والتدّين والإيمان بالقضية. هذه الخصال هي بمثابة هالة القداسة التي يرسمها الرسامون لتحيط روؤس القديسين-- او العظماء للذين لا تستهويهم الروحانيات. كيف اعرف هذا كله عن هذا الرجل المعطاء في حياته الأرضية فالجواب اتٍ ، لاني لا اريد ان  امتدح شخص في غير استحقاقه وحين ذاك أكون انفخ عبثاً في قرب مثقوب.

التقيت الراحل يونان هوزايا مرتين في شيكاغو مرة لا أتذكرها جيدا ً سوى توقيعه لكتيب له بعنوان " لخما دتخوماني/ خبز السواتر" كنت قد اشتريته من بعد محاضرة له. ومرة كان لي الشرف لنقله في سيارتي الى اجتماع كان مقرراً ، ولم يجد احد الأخوة المجتمعين غيري لان يقوم بالمهمة لكوني اسكن قريباً. كانت  تلك المهمة فرصة نادرة وثمينة لي للتعرف عن كثب على شخصية يونان العظيمة والتي لا بد ان تشمل التواضع والّا فان الهالة لن تكون هناك، وهذا حقاً كان انطباعي الاول عنه، وسمة الوجه وأحاديثه كلها كانت تنطق بهذه الحقيقة. اعترف اني في عمري هذا لست من اصحاب الذاكرة القوية ولكن من الحديث الذي جرى بيننا كان إبان انتقال العراق من الديكتاتورية الى الديمقراطية التي لم يكن العراق مستعدا ً لها بعد، وأكاد اجزم التوقيت لان يونان بصوته الذي ينطقه دوماً بنبرات الحشرجة طلب مني في حينها ان اكتب عن الدستور العراقي المقترح ليكون منصفا ً لكل مكونات الشعب العراقي حيث ان العراق سوف يكون جميلاً بالموزاييك التي التي يجب ان يعكسه. هذه المناداة من قومي و وطني مخلص لازلتُ دوما ً احس بها ولا أظن اني قد وفيت العهد كاملا مثلما طلب مني ضيفي الجالس يميني في السيارة. 
أتذكر أيضاً  في هذه الفرصة  النادرة لي لسبر أغوار  المغوار يونان هوزايا انه سألني عن أهل زاخو الذين أعرفهم  في شيكاغو، لقد كان وقته أضيق من ثقب الأبرة لكنه طلب مني ان اخذه الى اقرب شخص اعرفه وصدفة كان المحل الذي يملكه الشماس المحترم أدور عوديشو  على اقل من ميل وهنالك التقى الاثنان وكانت فرحتهما لا توصف وخاصة ان زوجة الشماس أدور اتضح انها قريبة يونان ولكن للأسف ان التزامات الأخير حالت دون لقاء قريبته، رغم كل المناشدات من قبل الشماس للذهاب الى بيتهم القريب، ولكن أظن انه تكلم معها عبر التلفون . هكذا هي حياة الذين يحملون عاتق أمتهم على مسؤوليتهم، يضحون بالخصوصيات لأجل الأشمل والأهم.

يونان كان له دور ريادي في تطوير أعلام الحركة الديمقراطية الآشورية وكان يعرفني من بعد لكن عن كثب --بفضل التكنولوجيا --و من خلال كتاباتي في بهرا التي كان هو لفترة رئيس تحريرها. لمدة سنتين كتبتُ أربعة وعشرين حلقة في زاوية خاصة بعنوان عزيزي الوطن، وذلك من كانون الثاني عام ٢٠٠٠ الى كانون الثاني عام ٢٠٠٢، وحين كتبتُ اخر حلقة وقررت ان تكون الأخيرة أذهلني يونان انها ليست حقاً الأخيرة وكتب هو الحلقة ٢٥ وهو رقمي المفضل، وكانت رائعة بكل معنى الكلمة وفيها علَّق على بعض مما ورد في مقالاتي وحين اقرأها الان احس ان الفقيد يونان كان حقا ً يسكن قلبي. أخذت هذه الحلقة حيز صفحة كاملة كي يعلمني  ويعلم القراء أهمية الذي كتبته، اذ سطر قلمهُ الأدبي الفصيح : ( لا أشك ان معظم الذين يهتمون بالحبيبة " بهرا " قد اطلعوا على حلقة -- او اكثر -- من ما سطره يراع زميلنا الكاتب المغترب " حنا شمعون -- ابو دقلت " .. ولا أشك أيضاً انهم قد تلمسوا فداحة الجرح الذي شكله ويشكله الأغتراب .. وكذلك .. فلا بد ان " يعوا " أولئك النزيف الهائل الذي " سكبته " هذه الجراحات " بعيدا ً عن الوطن .. واه يا وطن.. ) 

الذي أذهلني عن شخصية يونان هوزايا انه بدأ يتعلم لغة الام حين كان في السنة الثانية من دراسته في كلية الهندسة في الموصل.  بدأ من الألب بيث وفي خلال اقل من ثلاثين سنة اعتلى قمة الكتابة الأدبية باللغة السريانية، أربعة عشر مؤلفا أدبيا ً والحبل على الجرار لولا المرض اللعين ومن ثم الرحيل المبكر. قاموس "بهرا" وهو من مؤلفاته مع الشماس أندريوس يوخنا هو ملاذي كلما كتبتُ قصيدة او احتجت الى كلمة اعرفها بالعربية وأريد كتابتها بالسورث / السريانية. وماذا عن المناهج التدريسية بلغة الأم ، مشروع ما كان يكتب له النجاح لو جهود  ومثابرة يونان وزملائه ، لم يفسحوا اي مجال لإجهاض هذا المشروع القومي فكلما أرادت الحكومة المحلية إنجاز المنهج في وقت محدد كان يونان في المقدمة لسهر الليالي لإنجاز المطلوب ، هكذا كان الأمر مع توفير الأقسام الداخلية والباصات كان يونان ورفاقه يستنجدون بالمغتربين والمعاضدين عاجلا ً لتوفير المال اللازم كي لا تنقطع الدراسة في المدارس السريانية ومن ثم يفشل المشروع اللغوي الذي خططت له الحركة الديمقراطية الآشورية بكل ما تملك من قدرات. 

هذه هي اعمال الفقيد يونان هوزايا التي تفصح عن عمق إخلاصه لقوميته ولغته ووطنه، وبشهادة رفاقه او الذين زاملوه من أمثال توما خوشابا، يوسب شكوانا، لطيف بولا، لطيف نعمان ، إسكندر بيقاشا، نزار الديراني ، وغيرهم كثيرون ..لقد كان مدرسة للتثقيف وإنتاج الشباب الغيارى لبث الروح القومية ضمن العراق الموحد والمعروف بفسيفساء مكوناته الأثنية، وكذلك أيقظ يونان هوزايا بكتاباته الأدبية المشاعر القومية الآشورية لدى العديد من المثقفين والشعراء الذين أبعدتهم السياسية الشوفينية في العراق عن معرفتهم لحقيقة قوميتهم ، لقد كان قومياً نقياً من غير تعصب ويحترم وجهات نظر الآخرين وخياراتهم السياسية وبذا نال كل التقدير والاحترام من لدن الجميع .
رحيل يونان هوزايا وهو في قمة العطاء هو خسارة كبيرة لأمته ووطنه، وستبقى ذكراه خالدة في قلوب جميع من عرفوه او اطّلعواعلى كتاباته.
في شيكاغو كان للفقيد مكانة خاصة في قلوب ومشاعر أهلها وكلما شرفها بزيارة كانت تمتلئ القاعة بالمحبيين له والمقدّرين لأنجازته في الحقل الثقافي القومي.
نسأل الرب ان يمنحه الراحة الأبدية في الملكوت السماوي.

                                                                                       حنا شمعون / شيكاغو



غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2243
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاستاذالعزيز حنا شمعون المحترم
تحيه طيبه , وأمنيات أطيب في العام الجديد .
جزيل الشكر لكم صديقنا الموقر حنا شمعون على تقديمكم التعريفي الراقي  هذا بشخصيه فقيدنا الاستاذ هوزايا, تلك الشخصيه التي حازت على ما تستحقه من تقدير ومحبه من لدن ابناء شعبنا نتيجة مثابرتها واعتدالها .
نسأل الرب ان يسكنه فسيح جناته ويلهم ذويه ومحبيه بالصبر والسلوان
تقبلوا خالص تحياتي


غير متصل جان يلدا خوشابا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1834
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اخي العزيز حنا شمعون
تحياتي وكل وأنتم بخير
أقول لك ولأمتنا ان رحيل يونان هوزايا تعتبر اكبر خسارة لنا .
حيث هذا الرجل الامير كان محبوباً مثقفاً ومدركاً لهموم أمته وشعبة .
لقد كتبت عنه كلاماً جميلاً  لا يُكتب الا عن أشخاص  مثل الاستاذ المرحوم يونان هوزايا .
حيث اعتبره انا كوكباً لامعاً في سماء الثقافة والكتابة  والمحبة والاخلاص  واالنزاهة  .   
الله يرحمه  . 
وتقبل تحياتي
جاني

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 761
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأعزاء شوكت توسا وجان يلدا خوشابا المحترمين،
شكراً لقراءتكما هذه الشهادة مني بحق الفقيد يونان هوزايا . كثيرون كتبوا عنه ولكن في ظني ثمة الكثير الذي لم يرى النور عنه بعد، لان الفقيد رغم اعتلال صحته في السنين الاخيرة كان خزينة من المواهب وماكنة للأنتاج الأدبي  وقد سخر حياته لخدمة  أبناء قوميته التي كان يرى لونها جميلاً ضمن موزائيك وطن اسمه الحديث هو العراق والتاريخي بيث نهرين.
هكذا الذين يسعون لخدمة امتهم في حياتهم الارضيّة  وان خطفهم الموت فإنهم يبقون احياء في الذاكرة القومية.
                                                                 حنا شمعون / شيكاغو

غير متصل كوركيس أوراها منصور

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1091
  • الجنس: ذكر
  • الوحدة عنوان القوة
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ الكريم حنا شمعون

تحية محبة وتقدير .. من خلال متابعتي لكتاباتكم وتعليقاتكم على مواضيع الساعة، أجزم أنني أمام شخصية قومية مثقفة خدمت ولا زالت تخدم ثقافة وتراث ولغة الاباء والأجداد وتعمل لخدمة حاضر ومستقبل أبناء أمتنا لكي يبقى أرثنا الثقافي الثر مصدر أعجاب الشعوب الأخرى.

موضوعكم "يونان هوزايا، حشرجة صوتك تناديني" هو وفاءا منكم لذكرى هذه الشخصية الفذة التي ستبقى خالدة في ذاكرة الأجيال الواعية وفي ذاكرة التاريخ معا.. وما موضوعكم هذا "وفائكم" والعديد من المواضيع المماثلة التي أمتلأت بها مواقعنا الألكترونية حول هذا الراحل الكبير الا دليلا ساطعا على الخلود الذي سيسجله التاريخ للراحل "يونان هوزايا" هذا الأنسان الفذ المبدع والمنتج والمضحي لبني قومه وأمته .

ذكريات ومحطات ومواقف سجلها الكثيرون مع الراحل الكبير "يونان هوزايا" وهي جميعها تدخل في خانة العمل والخدمة والتضحية والأبداع والأنتاج المتعدد الجوانب "أدب من شعر ونثر وقصة ونقد" لغة من تأليف وترجمة وطبع وأصداريات ووضع مناهج تعليمية، أعلام من أبداع وكتابة وتطوير وأدارة ونشر، سياسة من فكر وممارسة وعمل وتخطيط ونجاح، هذا كله يصاحبه التواضع والمحبة والتضحية، ما أروع هذا الأنسان وكم كانت خسارتنا كبيرة في رحيله المبكر حيث كان الأبداع لا يعرف معنى التوقف عنده والأنتاج الأدبي لا يعرف حدودا للنهاية وهكذا لبقية المجالات.

شخصيا تمتد علاقتي مع الراحل الكبير يونان هوزايا لفترة أربعة عقود وبدأت علاقتنا تتوطد وتقوى منذ منتصف السبعينييات عندما تكونت صداقتنا مع أخوة اخرين منهم "ألياس متي منصور، أسكندر بيقاشا، أديب كوكا، نزار الديراني، سلام مرقس، جميل أيشو" وفي الثمانينييات توسعت الحلقة الى ثلاثة أضعاف وأربعة لتكون نواة لثورة ثقافية شبابية عهدت على نفسها أن تخدم ثقافة وتراث وتاريخ ولغة أمتنا العريقة وعملنا في الجمعيات الثقافية وأتحادات الأدباء والكتاب لنقوم بالأعداد والتخطيط للكثير من النشاطات حتى غدت مجموعتنا معروفة على مستوى المشهد الثقافي العراقي عموما، حيث كان يونان في الطليعة دوما مبدعا ومخططا وقائدا ومعلما حتى قرر في منتصف التسعينييات أن يلتحق بركب السياسة ليخدم من خلالها أبناء أمتنا بطريقة أكثر مؤثرة ومن خلالها عرف العالم بقضيتنا كشعب محروم من ممارسة حقوقه.

الكلام في هذا المجال يطول ولا يمكن أن يختصر في مقال ولا في كتاب وسندع الزمن يكشف لنا عن ابداعات هذا الأنسان الفذ الذي ضحى كثيرا وفي النهاية ضحى بصحته وحياته من اجل الاخرين.

شكرا لكم لكتابتكم لهذه المواقف التاريخية والتي أنارت جانبا من حياة الراحل الكبير يونان هوزايا ونطلب من الرب يسوع المسيح ان يعطيه الراحة الأبدية تكريما لتضحيته على هذه الأرض وشكرا.

كوركيس أوراها منصور
ساندييكو - كاليفورنيا


 

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 761
    • مشاهدة الملف الشخصي
اخي گورگيس اوراها منصور،
يسرني ان احييك تحية محبة وتقدير وشكر . انا أيضاً أعرفك كاتباً مرموقا ً من خلال كتاباتك وليصدقني القراء الكرام ان لي تلك الآهلية لتقييم اي كاتب، ليس لأَني ارفع منهم في مستوى الكتابة لكن المعيار عندي هو هل الكاتب الذي امامي هو صادق مع نفسه ام لا. للأسف ثمة كتاب في عنكاوا .كوم لا أحسبهم صادقون مع أنفسهم ولذا نرى هذا التشتت في  شعبنا المسيحي العراقي ولذا لا نجد من يستمع الى مطاليبنا. في هذه الأيام رحل عنا المغوار يونان هوزايا الذي عاش حياته القصيرة صادقاً مع نفسه ولذا فإن سجله جاء ناصع البياض ونال التقدير الذي يستحقه من قبل كتاب النخبة بعد لانتقال الى الأخدار السماوية.
 قرأت  رثاءك  المخلص وانت الذي عايشته اكثر مني بقولك: " يا من حمل هموم الأمة بكل أمانة  .. نحن امام رثاء امة بكاملها " . لقد أصبت يا صديقي  في شهادتك هذه لانك كتبت هذا وانت صادق مع نفسك وتتحمل المسؤولية في قولك هذا. ليس المهم ان نكون في حزب واحد او كنيسة واحدة او قومية واحدة ، لكن المهم ان نقول الحق كما يمليه ضميرنا، وانت ياخي گورگيس أحسبك هكذا، وهذه هي شهادتي.
دمت سالماً ودام قلمك يكتب الحق والحقيقة.
                                            حنا شمعون / شيكاغو