المحرر موضوع: تسليح أم تفريغْ  (زيارة 998 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تسليح أم تفريغْ
« في: 16:07 26/05/2016 »
تسليحْ آم تفريغ
ثارت في الآونة الاخيرة مسألة تسليح الميليشيات المسيحية، بعد أن أقرت الأدارة الامريكية ذلك قبل أيام . أولاً وقبل كل شيء لا الولايات المتحدة ولا حلفاؤها يهُمهم المسيحيين العراقيين أو غير العراقيين وهذا جَليّ للعيان لا يقبل الطعن . فأمريكا ومن خلال تجربة مريرة وطويلة من بعد السقوط 2003 وهي متواجدة على أرض العراق، لم تقدم آيَ مساعدة حقيقية أوتمد يد العون لهم ، بل بالعكس من ذلك ، كانت تحمل معاول للهدم في تحقيق أي مبادرة من آي نوع تصب في مصلحتهم، وتسد كل الطرق والمنافذ عليهم في الداخل من أجل دفعهم الى الخروج والهرب وترك كل ما يملكونه ورأهم، طبعاً هذا يتم بالتنسيق مع الحكومة في بغداد التي هي نفسها ميليشيات مسلحة، وألا كيف نفسر هذا الهروب والهجرة الجماعية حتى قبل قدوم وظهور تنظيم داعش الارهابي. مع العلم كان بستطاعت أمريكا أن تحَول وتجعل العراق دولة علمانية قوية ذات سيادة ، وهذا كان مطروح في بداية الاحتلال من قبل شخصيات عراقية معارضة وطنية ، ولكن أسُكت وخُنقْ هذا الصوت الحر، ولم يبقى غير أولئك الأفاقين واللصوص والمتشردين والجواسيس والشواذ الذين كانوا في سوريا وإيران ولبنان ينفذون أوامر دوائر المخابرات في تلك الدول ، وشَرعت أمريكا لهم أبواب البنوك ومتاحف الاثار لسرقتها ونهبها وبيعها ، بعد ذلك أعطت العراق حين أصبح مرتع خصب وحضانة جيدة لكل إرهابيي العالم، لإيران لتتحكم به كيف ما تشاء وتفعل ما تراه يناسب مصالحها. وهكذا أغُلق الباب أمام بقاء المكون الأصيل وأستقرارهم في بلادهم ووطنهم الأصلي، وأمريكا تتحمل الجزء الكبير ولو بصورة غير مباشرة بتهجير وأضطهاد وقتل المسيحيين من خلال ميليشيات وعصابات مدعومة منها وتأتمر بأوامرها وهي التي صنعتها ووظفتها لتحقيق أهدافها. وفي مقام أخر كنتُ قد كتبت عن تفجير مطرانية الكلدان في الموصل ( حي الشفاء ) عام 2005 والذي استمر الإرهابيين يزرعون المتفجرات والعبوات الناسفة والصواريخ داخلها لساعات ، والقوات الامريكية كانت متواجدة و بالقرب منهم وعلى بعد أمتار ولم تحرك ساكن ، الى أن فُجرت وحُرِقت بالكامل. والان وبعد كل الذي حدث ويحدث من فوضى وتغير ديموغرافي هائل وتنكيل وأقصاء وتهميش لهذا الشعب الاعزل المسكين وخاصة في مدينة الموصل ، تُريد الولايات المتحدة تسليح المسيحيين،؟ الان بعد خراب مالطا، طيب أين كانت قبل هذا الوقت ولماذا لم تُفَعل هذا القرار من قِبل ، ولصالح من تفعل ذلك، ومن المستفيد الحقيقي منه ، ولا أحد يقول لي كل هذا لعيون المسيحيين الخضر فهذه كذبة كبيرة فالأمريكان لا يهمهم غير مصالحهم، ومصالحهم فقط . الغاية من هكذا قرار هو تهجير البقية الباقية منهم، أو في حالة أخرى تحويلهم الى كبش فداء في معركة الموصل القادمة لا محالة. ولا بأس بتسمية الأمور بأسمائها الصحيحة حتى لو بدا ذلك غير مستحب للبعض، فالمسيحيون بصورة عامة ، سواء من كان منهم في العاصمة بغداد أو في الأقليم الكردي لا يتعدون في أحسن الاحول 300 أو 400 الف مواطن، نصفهم مهُجر ومُبعد عن قراهم ومدنهم ، يبحثون عن وطن أخر بديل ، أكثر أمناً واستقراراً وهذا حقهم الشرعي، والنصف الأخر مستقر في الشمال الكردي والأمور والحياة والمعيشة تسير جيدة ، فعلى أي أساس يبحث عن المتاعب ووجع الرأس والقيل والقال وتراهات وأرهاصات الأحزاب. ومن جهة ثانية أكثر منطقية نقول أن كل العوائل المسيحية تقريباً لها هاجس السفر والرحيل وحلم الوصول الى بلد أخر، وقدمْ في الداخل والأخرى في الخارج، ولا يوجد عائلة ليس لها أقارب خارج البلد تريد اللحاق به ،مما أضعف شعور المواطنة والانتماء والولاء الحقيقة للأرض وترك كل ما هو أصيل. الأمر الأخر هو ضعف وهزل الأحزاب السياسية المسيحية والتمثيل الهش لهم في الحكومة ، وعدم وجود رؤية واضحة ، مما أعطى شعور عام أنهم غير مؤهلين للقيادة، وعديمي الثقة ولا يهمهم شيء سوا مصالحهم الخاصة الضيّقة وبالتالي أصبحوا مصدر ازعاج وتشتت وتفريق أكثر منه وحدة، وهذا هو السبب في عزوف الكثير من الشباب عن الانخراط في صفوف تلك الأحزاب و القوات الغير نظامية . وهنُا لم نتطرق الى ملف الفساد المالي والاختلاسات والسرقات ، حالهم حال بقية رجال الأحزاب وأعضاء الحكومة والبرلمان العراق.
من عام 2003 والى حد هذا اليوم لم يعرف الشعب المسيحي راحة بال ولم يهدء لهم مضجع، ولم تَنم ْلهم عين قريرة ، على طول الخط من تهجير الى قتل الى أغتصاب للحرمات الى دفع جزية بإسم الدين ، وهم بين نارين نار العصابات والميليشيات ونار المخادعين والدجالين من أبناء جلدتهم . بين مطرقة اللصوص والميليشيات المسلحة وسندان الحكومة التي لم تفعل شيء لهم يستحق الذكر والقول . جلَ أمال المسيحيين ومبتغاهم هو العيش في سلام وأمان، وممارسة الشعائر الدينية بحرية واحترام وهذا هو أبسط حق من حقوقهم المدنية والاجتماعية، بعيدين عن مزايدات وارهاصات وخداع الأحزاب التي أثبتت فشلها الذريع، وخسَرت تأيد الشعب لها قبل كل شيء.