المحرر موضوع: الفساد في العراق ... إلى أين !!!  (زيارة 926 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حسين حسن نرمو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 64
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الفساد في العراق ... إلى أين !!!
حسين حسن نرمو *
(( حينما يسيرون اللصوص في الطرقات آمنين ، فمعنى ذلك ... أن النظام لصّ كبير )) .
ظاهرة الفساد ، بأنواعه الإداري أو المالي أو حتى الأخلاقي ، هي وليدة ظروف معينة واستثنائية أحيانا ً كثيرة ، ومن هذه الظروف هي الحروب والتي تكون نتيجتها الفوضى وغياب القانون ... لكن ! الأخطر منه ، وكما يؤكد عليه المعنيون أكثر هي الفساد العقلي أو الفكري والذي إن أصاب به أصحاب الفكر وهم من المتنورين والمثقفين ، حيث التحرّر منه ، أي من فكر الفساد سيكون صعب للغاية ... الكثير من الدول وخاصة الذين تعرضت إلى حروب وانقلابات وفوضى وغياب القانون ، عانوا من ظاهرة الفساد أشّد معاناه ، في الكثير من الأوقات يتم النشر والإعلان عن قائمة طويلة وعريضة للدول التي تنتشر فيها الفساد وحسب الأولوية ، أي زيادة نسبة الفساد ...
أما عن العراق ، فالحديث لا يكون فيه أي حرج ، حول ظهور هذه الظاهرة ربّما منذ عشرات السنين ، لا سيما بعد انتهاء الحُكم الملكي بانقلاب دموي ، تلتها المزيد من الانقلابات والأنظمة الاستبدادية خاصة ً بعد السبعينات وخوض نظام صدام العديد من الحروب ، بدءا ً من الدخول في معركة طويلة مع الأكراد ، حينما كانوا يطالبون بالحقوق المشروعة لهم ، وبعدها أو اثناء الحرب مع أيران واحتلال الكويت والانتفاضة الآذارية إلى سقوط بغداد في 9 / 4 / 2003 ... هذه المغامرات والحروب ، كانت لها تأثير مباشر على انتشار ظاهرة الفساد وديمومتها بشكل مفرط ومفضوح ، وربّما بشكل علني ، بعد سقوط النظام والاحتلال الأمريكي ، وإدارة بريمر ، بعد اتخاذ الكثير من الخطوات غير الملائمة حينذاك ، والذي قيل ، بأنه ( بريمر ) ، كان الأكثر تبذيرا ً أو فسادا ً بأموال العراق ... مرّ العراق ، بعد مرحلة بريمر ، بتشكيل خمس حكومات بدءا ً من حكومة الدكتور أياد علاوي ، تلتها حكومة الدكتور أبراهيم الجعفري ، مرورا ً بحكومتي نوري المالكي ، وصولا ً إلى الحكومة الحالية برئاسة حيدر العبادي ، غالبية هذه الحكومات بكُل أجزاءها من الوزارات والمؤسسات والهيئات ، لم تتمكن لحد الآن من التحرّر من ظاهرة الفساد أو مكافحتها وفق الضوابط أو الشروط أو التعليمات العالمية ، لا بل زادت أو انتشرت بشكل متزايد أو مفرط من حكومة إلى أخرى وحسب التسلسل ... البرلمان بدوراته الثلاث وقبلها الجمعية الوطنية والمجلس الوطني ، لم يتمكن أو تتمكن من ممارسة دوره أو دورها الرقابي بالشكل الصحيح وحسب الدستور ، هذا يرجع في اعتقادي عن ضلوع الكثير من البرلمانيين في صفقات الفساد ، حيث كما هو معروف بأن البرلمان مُكون ٌ من كتل برلمانية ،  سياسية ، حزبية ، دينية ، مذهبية ، وقومية ، الكثير لهم ارتباط  مباشر مع الحكومة برئاستها ووزراءها ، والتي كانت لها ضلوع مباشر أيضا ً في صفقات فساد ، وفي حالة وجود صوت ٌ برلماني ، أو أكثر، ينادي ، أو يمارس مهامه في مكافحة الفساد من خلال دوره الرقابي ، سيتعرض إلى أكثر من تهديد ومن جهات عديدة لإسكات هذا الصوت ربّما مقابل صفقة من نوع خاص ، أو ينتهي به المطاف ثمن حياته ... رغم ذلك ، كان هنالك محاولات من خلال الحكومات المتعاقبة بعد السقوط لمكافحة ملفات الفساد الكثيرة ومن الجهات ذات العلاقة المتمثلة بهيئة النزاهة على سبيل المثال لا الحصر ، لكنها كانت محاولات خجولة ،  وربما كانت بالتنسيق مع الجهات المتنفذة ( الحكومة ) حيث محاولاتها دائما ً بالضّد من الاجراءات القانونية لمعاقبة الفاسدين وخاصة الكبار ، بدءا ً من رأس الهرم ومَن لَفَ لفه ، من المحاولات الحكومية والتي تحدث بها السيد صالح المطلك أثناء توليه نائب رئيس الوزراء ، حيث تم تشكيل اللجنة العليا لمكافحة الفساد برعايته وحسب قوله في لقاء تلفزيوني ، لكن تَبَيَن وبعد تأكيد السيد المُطلك نفسه ، بأنها أي اللجنة كانت محمية سياسية ومن الحيتان الكُبار من الفاسدين أنفسهم ، وَلَم يتمكن حسب قوله من التقدم في مجال مكافحة الفساد ... يجب أن لا ننسى دور وتدخل العشائر ورؤساءها في حماية السياسيين الفاسدين العراقيين من خلال إيواءهم والدفاع عنهم متذرّعين بالقيم والأصول العشائرية ، حيث يعرض الفاسد نفسه دخيلا ً بين صفوف العشائر ، خير مثال لحماية أمثال هؤلاء هو لجوء السيد طارق الهاشمي إلى إقليم كوردستان بعد محاولات المتابعة واللحاق به من قبل أقطاب الحكومة ، حيث تمكن من الذهاب إلى الإقليم بصفة الدخيل لدى السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كوردستان ، وهذا ليس حصرا ً على الأخير ، هذا ما أكد سيادته في إحدى اجتماعاتنا معه ، حينما كُنا ممثلين عن الإقليم من الوزراء والبرلمانيين في مصيف صلاح الدين ( بيرمام ) ، حيث أصبح في موقف محرج لإيواء وقبول دخالة السيد الهاشمي ، علما ً أن الأخير كان لا يُحَبِذ َ حتى حضور المناسبات التأبينية والتي كانت تُقام في بغداد / البرلمان العراقي لكارثتي حلبجة والأنفال السيئتين الصيت من قبل نظام صدام .
إذا ً ! هكذا وصل حال الفساد في العراق إلى درجة ً لتُصبِح الفاسدين أقوياء أكثر من الحكومة والاجهزة الأمنية ، لا بل تَمَكَنَ الحيتان من تحجيم دور مؤسسات مكافحة الفساد ، وأحيانا ً كثيرة تصل الأيادي إلى حَرق الملفات المعنية في عقر تلك الدوائر المعنية بمكافحة الفساد ... ويجب أن لا ننسى بأن المحاكم المختصة أيضا ً باتت تحت السيطرة ليصل الأمر إلى الادعاء العام والمحكمة الاتحادية ، خير مثال على ذلك القرار الأخير بعدم دستورية إلغاء مناصب رئاسة الجمهورية بعد أكثر من عام على قرار الإلغاء من مجلس الوزراء وتصويت البرلمان عليه ، هذا ناهيك عن صُدور قرارات في صالح الذين اُتهموا بالفساد حتى يكونوا أحرارا ً يسرحون ويمرحون في الطُرقات آمنين ... لكن ! الغريب في الأمر وأحيانا ً كثيرة وعلى مستويات عالية ، بأن الذين يقدمون أو ينشرون ملفات فساد لجهات معينة وخاصة الصُحفيين ، يتعرضون هُم إلى المسائلة وربما المُحاكمة ، مثلما حصل في محاكمة أحد الصُحفيين الأكفاء والذي نَشَرَ ملفات فساد في هيئة الاعلام والاتصالات ( وزارة النفط الثانية في الدولة عادة ً ) ، والتي تتعامل مع الفضاء بالأجور العالية ، فيما يخص شركات الهواتف النقالة  ، أو الفضائيات ، ومحطات الراديو ، وشبكات الأنترنيت ، والتي كانت ، أي الهيئة تفوح منها رائحة قوية للفساد ولحد الآن ، ومن المقرّر أن يتم استجواب رئيس الهيئة لدى البرلمان العراقي وفق قواعد الدستور والنظام الداخلي للبرلمان ...
خلاصة القول .. والحق يُقال بأن الحكومة الحالية برئاسة العبادي ، كانت ومنذ ُ تشكيلها تواقة ً في مكافحة الفساد وحسب الامكانيات المتاحة ، لكنها اصطدمت بِجدار وربما بجدران كونكريتية تم إنشاءها من قبل حيتان الفساد ، لذا كانت ولحد الآن الخطوات أو الاجراءات في هذا المجال باتت ضئيلة جدا ً ، مما اضطرت الحكومة أن تستعين بالأمم المتحدة والجهود الدولية منها الشركات المتخصصة في مُكافحة الفساد والفاسدين ، وفق مذكرة تفاهم معها ، وسط اعتراض منقطع النظير من قبل الأحزاب الدينية ، تحت ذريعة التشكيك بالقضاء العراقي ، وإهانة الشخصيات ، الغريب في الأمر بأن الفاسدين أنفسهم يستعينون بالدول الإقليمية لمحاربة وإسكات الأصوات التي تعلو ضد الفساد ، ومن الجدير بالذكر ووفق مذكرة التفاهم مع الأمم المتحدة ، من المقرّر وصول محققين دوليين إلى بغداد ، للنظر في التحقيق لملفات الفساد ، بدءا ً من رؤساء الوزراء السابقين والوزراء وكافة المسؤولين ، نعتقد وإن كانوا جادين في هذه الخطوة وبعيدين عن شبكات الصيد للكبار لهم ، سيتمكنون من تحديد ظاهرة الفساد في المرحلة الراهنة ، آملين أن يتم القضاء عليها في المستقبل القريب . بقي لنا في نهاية هذا الموضوع المهم جدا ً ، أن نشير إلى ما تم التعليق كتابة ً على لوحة رسم على شكل كاريكاتير (( في كاريكاتير لأحد الرسامين المشهورين ، رأى الناس شخصا ً وراء قضبان حديدية ، كل الأنظار كانت متوجهة للرسم الكاريكاتيري بأن الشخص المقبوض عليه هو فاسد كبير ومسجون للمحاكمة ، لكنهم تفاجأووا ، بأنه أي المقبوض عليه ، كان الذي كشف ملفات الفاسدين )) .
h.nermo@gmail.com
www.hnermo.blogspot.com
11 / 10 / 2016
برلماني سابق في البرلمان العراقي