مطران جديد للسريان الأرثوذكس في هولنداالمطران بوليكاربوس أوكين مع البطريرك في صيدنايا
ينصب يوم السبت 29 أبريل، المطران بوليكاربوس أوكين أيدين المطران الجديد للسريان الأرثوذكس لهولندا في دير مار أفرام في خلان بالقرب من انشخيدي في هولندا ومن المتوقع أن يحضر الحفل عدة آلاف من المؤمنين والمدعوين.
وكان المطران الجديد قد جري ترسيمه الأسبوع الماضي مطرانا جديدا للسريان الأرثوذكس لهولندا في صيدنيا قرب دمشق وسط اهتمام شعبي كبير، وتكشف رسامة هذا المطران وموت المطران السابق النقاب قليلاً عن طائفة منغلقة على ذاتها.
خلال المراسم التي دامت ثلاث ساعات في كاتدرائية القديسين مار بطرس ومار بولس في معرة صيدنايا قرب دمشق، مركز الكرسي الرسولي لبطريركية إنطاكية للسريان الأرثوذكس، تمت رسامة الربان أوكين أيدين التركي الأصل مطراناً لهولندا. وفي ذروة المراسيم، وحسب التقاليد المتّبعة، أطلق قداسة البطريرك اسم "بوليكاربوس" على المطران الجديد، وهو الاسم الذي يوحي به الروح القدس لإطلاقه على المطران المرتسم. وقد حضرت الرسامة "ديزيريه بونيس" سفيرة هولندا لدى الجمهورية العربية السورية.
لهولندا مكانة مرموقة في قلوب الجالية السريانية الأرثوذكسية في الشتات. ففي قرية "خلان Glane" القريبة من مدينة "انشخيدي" يقع دير مار أفرام السرياني، المركز الروحي لطائفة السريان الأرثوذكس في أوروبا، حيث مقر كرسي المطران الجديد.بوليكاربوس أوجين أيدين (36 سنة) يخلف رئيس الأساقفة يوليوس جيجك الذي توفاه الله في نهاية شهر أكتوبر عام 2005 في فندق في مدينة "دوسلدورف" الألمانية عن عمر يناهز 64 عاماً اثر نوبة قلبية.
المعروف عن طائفة السريان الأرثوذكس انغلاقها الشديد على ذاتها. ولكن وفاة المطران السابق ورسامة المطران الجديد سلطت الضوء بعض الحقائق "المختمرة" بين أتباع هذه الطائفة.
لا يزال الناس في هولندا يتذكرون وفاة المطران السابق، وخاصة مراسيم دفنه المثيرة للاهتمام. فقد كان يجلس على كرسي متشحاً بثيابه الحبرية الكاملة، ومحمولاً على الأكتاف في طريقه إلى مثواه الأخير.
ولكن وراء هذا التقليد كانت تكمن مأساة كبيرة. فقد تورّط المطران جيجك بفضيحة مالية شغلت طائفة السريان الأرثوذكس لفترة من الزمن، حيث قام بإقراض مبالغ كبيرة للمطران إقليميس قبلان، مطران ولاية لوس أنجلس الأمريكية، الذي استثمر ملايين الدولارات من أموال الكنيسة في اعتمادات مالية مشكوك فيها تبيّن لاحقاً أنها عائدة لعصابة احتيال نيجيرية تقاسمت
كل تلك الأموال، فخسر المطران جيجك بضعة مئات آلاف يورو. وبالكاد استطاعت الطائفة في هولندا فك رهن دير مار أفرام. وعند وفاة المطران جيجك راجت أقاويل أن تلك الكارثة تسببت بموته المفاجئ، وإشاعات حول احتمال موته قتلاً كام اوردت صحيفة تراو الهولندية.
أثارت هذه القضية الغضب في صفوف أبناء الطائفة في كل أنحاء العالم. وطالب الكثيرون بمزيد من الشفافية في الكنيسة
والسماح للعلمانيين بضبط الأمور المالية للأكليروس بشكل أكبر. فإلى جانب سوء الإدارة المالية أثارت رسامة المطارين دون أخذ رأي كل الجماعة الغضب لدى البعض.
وحتى رسامة المطران أيدين كانت مثيرة للجدل. فبعد موت المطران جيجك طالب عدد من أبناء الطائفة بالربان حنا أيدين مطراناً، هو راهب كان يقيم في دير مار أفرام في خلانGlane ووهو يحمل الجنسية الهولندية يتكلم اللغة الهولندية بطلاقة وعلى اطّلاع واسع بما يجري في المجتمع الهولندي وكان على علاقة جيدة مع الشبيبة. ويشكو مؤيدو هذا الراهب من عدم استشارتهم في هذه المسألة وأن القرار قد صدر بمعزل عنهم.
ولكن السيد فكري سومر، وهو شخصية بارزة في مجتمع السريان الأرثوذكس في هولندا، ينفي وجود مثل هذه الاعتراضات، قائلاً إن الراهب أوجين أيدين تمت رسامته من قبل البطريرك في دمشق:
"أجرت لجنة استقصاء الوقائع التي عيّنها البطريرك استفتاء للرأي حول من سيخلف المطران جيجك. وقد ارتأت سبعة كنائس من أصل ثمانية في هولندا أن أوجين أيدين هو المرشح الأمثل لهذا المنصب".
وعلى كل الأحوال فإن المطران الشاب الجديد ليس بالراهب الساذج الذي لا يتكلم سوى اللغة التركية. والمعجبون به لا يمتدحونه لمجرد شخصيته المتواضعة فقط، وإنما أيضاً لرجاحة عقله. فقد درس علم اللاهوت في جامعات لندن وأوكفورد ودرّس تاريخ الكنيسة في جامعة برينستون الأمريكية الشهيرة.
سيكون تنصيب المطران بوليكاربوس أوكين أيدين في دير مار أفرام في خلانيوم السبت الواقع في 29 أبريل، حيث من المتوقع أن يحضر الحفل عدة آلاف من المؤمنين والمدعوين.
اذاعة هولندا الدولية
* يتراوح عدد أبناء طائفة السريان الأرثوذكس في العالم بين أربعة وعشرة ملايين. يقع مقر الكرسي الرسولي لبطريركية السريان الأرثوذكس في معرة صيدنايا، دمشق. البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص هو خليفة بطرس الرسول، مثل بابا روما. أصل السريان الأرثوذكس من بلاد سوريا وتركيا ولبنان والعراق وقد تشتتوا، بسبب الاضطهاد غالباً، على مر العصور إلى كل أنحاء العالم. ويبلغ عدد أبناء الطائفة في هولندا حوالي عشرة آلاف نسمة متواجدين بشكل مكثّف في مدن هينغلو وإنشخدي وألميلو. وأغلبهم هاجروا من شرق تركيا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، مع أقليات من أصل سوري وتتكلم اللغة العربية بالإضافة إلى السريانية. السريان الأرثوذكس هم من الأقليات في الشرق الأوسط التي لا تزال تتكلم اللغة الآرامية، وهي لغة سامية قديمة تكلم بها يسوع المسيح.
* أغلب أبناء طائفة السريان الأرثوذكس في هولندا من أصل تركي، مع أقليات من أصل سوري وعراقي. تشعر هذه الأقليات الناطقة باللغة العربية بالعزلة بسبب عدم تعيين كاهن خاص لهم يتكلم باللغة العربية. وبسبب هذا الإحباط تحوّلت عشرات العائلات إلى كنائس كاثوليكية أو بروتستانتية، عربية وهولندية، ومنهم من ذهب إلى أبعد من ذلك وانضم إلى جماعات شهود يهوه. هذه المجموعة تأمل بشدة أن يلقوا اهتماماً خاصاً من المطران الجديد لتحقيق أمانيهم المنشودة.
