بداً فليعذرني القراء الكرام في تسمية اغنيتنا القومية والجميع هنا يعرف ما المقصود وكل منا له الحق في تسميتها كما يتناسب مع ثقافته. ولا احبذ هنا النقاش في التسمية لان المطلوب هنا تقييم اغنيتنا القومية المعاصرة التي نفهم كلماتها، تؤثر فينا او نطرب لها ونرقص على ايقاعها
منذ أن بَطُلَ استخدام الأشرطة والسي ديس ( CDs) أصبح جمهور اغنية السورث في ضياع تام حول المغنين الجدد والأغاني الجديدة. صرنا نستمع الى الى مغنينا الجدد ولا نعلم ان كانت هذه اغانيهم ام يقلدون مغني آخر . لقد اختلط علينا الحابل بالنابل، وكاتب الكلمات والملحن او صاحب التأليف الموسيقي صاروا كلهم في عداد المجهولين.
هناك مطربين جدد كثيرون ظهروا على الساحة ولا اعرف أسمائهم واثنين منهم عجبوني مبدئياً وهم كل من هديل توما و مارتن ياقو وفي خلال هذه الفترة ايضاً عجبتني اغنيتان وهما “هيدي هيدي،” واخرى فلكلورية من التراث الهكاري بدايتها ” خا شمشا سارا بدري” .الأولى لا اعرف المغني لها ولا ملحنها او من كتبَ كلماتها وإن كنت اشك انها من ألحان وكلمات ادور موسى الذي اعرف نمطه بهذا الخصوص. الذي اتمناه هو ان يكون لأغنية السورث فرقة انشاد تغني الأغاني الفلكلورية التراثية مثل المذكورة اعلاه ” خا شمشا، نركَس نركَس، كَولبارا، كَول شيني، الخ “
الألحان لم نعد نعرف الجديدة من القديمة، والسرقات غدت عادية وخاصة في بداية الأغنية ثم للتمويه نسمع قليل من التغيير او الفبركة ليتحول الى لحن كأنه جديد. في هذا الأمر لي أمثلة ولكني لن اذكرها كي لاتحسب مقالتي هذه من صنف التهجم. او النقد السلبي. في الحقيقة ليس لي إلمام كبير في الألحان، لكن بلا شك المختصين يدركون مدى التأثير السلبي لهذا التعدي على حقوق الآخرين.
مشكلة اغنية السورث الحالية هي في ضعف الكلمات وقلة الملحنين وإصرار المغنين على غناء الكلمات من غير استشارة المختصين بلغة السورث. الكلمات متشابهه في كل اغنية حب او اغنية تراث، لكن القومية ( اومتنيثا) منها جيدة نسبياً لانها من كتابة الشعراء القوميين.
في مضمار سلبيات كلمات اغنية السورث الأمثلة كثيرة ، القوافي غير أصيلة وفي الرباعيات الغالبية من القافية هجينة حيث الفعل يتبعه نفس الضمير . وهناك جمع الأسم لتصبح القافية مملة ومشوهة. وهناك السجع حيث نفس القافية تتردد ܵمراراً في بيت واحد. الصور الجمالية غائبة من معظم الأغاني ، ولكن عليَّ أن استثني القلة من المغنين مثل آشور بيث سركيس، وايوان آغاسي، ونينوس اوشانا، والبرت روئيل.
اغانينا أصبحت قصيرة لا تتجاوز الخمس دقائق في الغالب وهي بلا مقدمة ولا فحوى ، مجرد كلمات جيء بها من هنا وهناك لرقص الخكَا وكأن ألأغنية السماعية انقرضت، وتُرِكَ الذين يستمتعون باغاني السورث في السيارة بلا مؤانس، عدا القلة القليلة من اغاني الفنانين المذكورين اعلاه . انا شخصياً لا استمع في السيارة الى اغاني الخكا الصاخبة التي هي بلا معنى. كما اني لست متعطشاً لسماع ام كلثوم،أو عبد الحليم او كاظم الساهر رغم روعتها وسموها، لسبب بسيط لان البيئة العربية لا تستهويني مثما تستهويني بيئة السورايي والبهدينانية وحتى التركية.
الجمهور الواعي تواق لسماع اغاني هادفة عاطفية او اجتماعية بقافية او دون تقييد القافية ( سردي) فيها مصطلحات أدبية وليس مجرد كلمات ضجرنا من سماعها. هذا الجمهور يريد موسيقى تُشنف الأذن. وتخدم لغة السورث في استمراريتها وتطورها . بكل اسف اذكر هنا ان غالبية جمهور الأغنية لا يكترث للكلمات وهذا يحز الألم فيَّ ان استمع الى اغاني بكلمات ركيكة ولكنها تلقى الأقبال أكثر من اغاني كلامها راقي ومعناها ذي مغزى مفيد.
اتودد هنا لأن يستمع القاري الكريم الى هاتين الأغنيتين من كلماتي وغناء الفنان جنان ساوا وفيها كنز من الكلمات التي نحن بأمس الحاجة لإحياها واستعمالها كي نحتفظ بتراثنا اللغوي الجميل.
الأولى هي بعنوان “شميرام” :
هنا اقول ان الغاية من ادراج هذه الأغنية ليس لأجل اللحن الجميل والأداء الجيد فقط، لكن ليفحص المستمع الكلمات الواردة فيها مثل زَينخ= سلاحك؛ قراوا= حرب؛ علدواوي= أعداء؛ ارشخيثا= عاصمة؛ زرِزتا= باسلة؛ طوسا= نموذج.
ما احوجنا ان ان نستعمل مثل هذه الكلمات في حياتنا اليومية او نفهمها حين تكون مقابلة أثيرية مع شخص متمكن في اللغة ويأتي على ذكرها.
الأغنية الثانية هي”خُلقي” :
هذه الأغنية اضافة الى قصة العشق المؤثرة فيها، هناك كلمات اوردتها لانها أصيلة في لغتنا مثل: خْلقي = قدري؛ عنانا= غيمة؛ اِقما= فصل السنة؛ ديلانايا= خاص؛ دْذياتيقي= وعد؛ اقبالي = مستقبلي؛ سَروالي= خانتني.
ثمة امر أخير اريد التطرق اليه وهو ان اجلب انتباه أصحاب الصوت الغنائي من كهنة وشمامسة ومرنمين، ذكور وإناث، ان لنا موروث كنسي رائع وللأسف يكاد هذا الموروث يضيع فلماذا لا يحييه أصحاب المواهب بلغة السورث او باللغة الأرامية ( السريانية) ليستمتع بسماعها الجمهور الذوّاق. فهذه التراتيل الواغلة في القِدم ( القرن الرابع الميلادي) هي اصول نشأة كل المقامات المعروفة حالياً عند العرب واالكرد والترك.
في أمريكا ثمة نمط من الغناء منتشر وتقام له مهرجانات يحضرها الألوف ويسمى هذا النمط Gospel music اي الموسيقى الأنجيلية ، فلما نحن والأجدر لان يكون لنا مثل هذا النوع من الغناء الروحي وقد اسسه لنا الأباء المقدمين منذ نشأة المسيحية في الشرق .
اطلب من القاريء الن يستمع الى هذه ا لترتيلة من تأليف والحان المطران اندراوس صنا وهي بصوت الأب المطران افرام بدي:
سجلت هذه الترتيلة الكنسية من قبل كثيرين لروعة لحنها الذي هو مقام الطوراني (حسب اعتقاد الأب داؤد بفرو). ويمكن للقاري الكريم النقر على اسمها” ملكا مشيحا دعلمين” في الكّوكَل والاستماع الى مرتيليها المختلفين.
في الختام علينا جميعاً العمل على ديمومة اغنية السورث وتطويرها لستمتع بها الأجيال القادمة.
حنا شمعون / شيكاغو

Alla reaktioner:
60Du och 59 andra
19 kommentarer
4 delningar
Älskar
Kommentera
Dela
Mest relevant
Författare
اخي سالم ابو فادي الكل الاحترام :
نعم حنا شمعون هو شاعر وعشت معه في شيكاغو قرابة سبعة سنوات وكنت اسمعه اكثر من مرة يلقي قصائد ،وكتب اكثر من قصيدة للمطرب جنان ساوا . وهو من منكيش.
صباح توما مركايا .
- 1 d
- Gilla
- Svara
- Redigerad
اثارة هذا الموضوع مهم جدا.. وبا شك يحتاج الى دراسات وبحوث. لوضع كتاب الاغنية والملحنين والمغنين امام كم من البيانات والمعلومات العلمية .. واجراء مقارنات مع الاغنية عند الشعوب الجارة.. ويستفيد ون منها لتطوير الاغنية .. ومركز يونان هوزايا للبحوث والدراس…
Visa mer
- 1 d
- Gilla
- Svara
4
موقع مركايا كوم.. انت عايش ويا (قيثارة الروح) مار فلن وفلان ( ولو عايش) مار (فلان ولو فلانة).. ويمكن عايش
- 22 tim
- Gilla
- Svara
الأخ حنا شمعون..
شكرا على سردك الرائع وتحليلك المنطقي حول أغنية السورث. وكذالك حول موسيقى الكنيسة السريانية.
بكل تواضع اريدك أن تسمع لبعض أعمالي والحاني الموسيقية مثلا:…
Visa mer
- 4 tim
- Gilla
- Svara
- Redigerad
2
Visa 1 svar
رابي استاذي .. عندك . افرام الكبير في (قالي دملكوثا) يعني قصدي (الحان الروح.. فقط.. ( الحان الروح) الملفان افرام (قصدي كنارا دروخا)
- 22 tim
- Gilla
- Svara
هذا ماكنت اقوله دايما
نعد نعرف الجديدة من القديمة، والسرقات غدت
عادية وخاصة في بداية الأغنية ثم للتمويه نسمع قليل من…
Visa mer
- 13 tim
- Gilla
- Svara
إذا ارتم اغنية آشورية جميلة ورائعة لديكم الخطوات البسيطة التالية
1–وجود ندوات للمهتمين بالموسيقى من عازفين و خريجين معاهد موسيقية
2/شعراء الاغنية الآشورية او السورث سموها ما شئتم وجود قاعات والبحث عن المهتمين في الموسيقى …
Visa mer
- 7 tim
- Gilla
- Svara
مقال اكثر من رائع. صح. كلامك
- 19 tim
- Gilla
- Svara
اني عايش ويا ( الصحيح.. ولا يصح الا الصحيح) كايمان. (قديم او حديث) .. الايمان او العقيدة هي نفسها (غير قابلة على التغيير). حسب قناعتي.
- 22 tim
- Gilla
- Svara
مقال نقدي جيد ومنذ زمان كنت مفكر ان اكتب شيئا بهذا الصدد شخصيا لا اجد الصورة الشعرية واللحن المميز لاغاني الجديده
- 1 d
- Gilla
- Svara
- Redigerad
بقلم الكاتب والشاعر حنا شمعون
الان الموسيقى في كل العالم عبارة عن موسيقى هابطة معنويا واخلاقيا وكلماتيا وكل العالم تسرق الحان من بعضها البعض اما مايسمى الموسيقى الاثورية او بالدارجة سورت لاحدث ولاحرج كلها طيط وطيط وزورنا ودهولا لاكلمات لاالحان لاذوق ولا احساس فقط صياحات وهوسة والاسوا من ذلك الحان كلها كردية وايرانية وتركية وايرانية وهندية وغيرها واخذ مثلا جنان ساوة الحانه كلها كردية وكلنا نعرفها قبل مايغنيها فقط يضع كلمات على اللحن وهو لاعلاقة له بالموسيقى ولا اصولها والكثير من امثال جنان ساوة يوجد في امريكا واستراليا وغيرها لايعرفون اصول الغناء الحقيقي والموسيقى الهادفة الحقيقية حتى المشهورين منهم مع كل الاسف كثير منهم يغنون نشاز لاكن لايعرفون الناس العاديين سوى الموسيقيين الحقيقيين والعازفين المحترفين من امثال الموسيقار رائد جورج وهلال متي وغيرهم من العمالقة العازفين الذين لهم بصمة حقيقية بالموسيقى في العراق ايام زمان واليوم هم خارج العراق لاكنهم لحد الان مشهورين ومعروفين