القتال من أجل لا شيء

كانت هناك منطقتان لكل منهما قرية، وبينهما عين ماء كانت شريان حياتهم، يعتمدون عليها في العيش، والمراعي، والمزارع. كان لكل قرية رجل كبير مسؤول يدير أمورهم ويحل مشاكل العوائل.

ذات يوم، دخلت أغنام أحد رعاة القرية إلى بستان القرية الأخرى، مما تسبب في خسائر قليلة. فهاجم صاحب البستان الراعي دون أن يعرف سبب عدم سيطرته على المواشي؛ هل كان في حالة مرضية، أم لم يستطع السيطرة عليهم بسبب هجوم كلاب حراسة البستان؟ فأبلغ صاحب البستان الرجل المسؤول عن قريته، وقصَّ عليه القصة، فطلب حضور الراعي إلى القرية الأخرى لمعرفة القصة وسبب الحادث.

عند إبلاغ الراعي، توجه إلى الرجل المسؤول لغرض شرح ما حدث، وفي طريقه صادف صاحب البستان، فأراد الابتعاد عنه، لكن صاحب البستان ضربه بفأس فأرداه قتيلاً. كان الراعي المسكين لديه طفلان صغيران في العمر ويتيمان بعد وفاة أمهما.

اقترب رجال القرية وطلبوا دية من صاحب البستان، لكن الرجل المسؤول في قريته رفض وقال: “واحد بواحد”. فدارت معارك بين القريتين حتى وصل الأمر إلى تشريد العوائل، ومن بينهم الطفلان. قبل أن يتفرق الطفلان، كانت أمهما قد صنعت لكل واحد منهما وشمًا يميزه.

استمر القتال، وكل رجل مسؤول احتفظ بأولاده وأقاربه، ودفع أهل قريته للقتال. وبعد تدخل كبار المنطقة من خارجها، تم الصلح بين الطرفين. أما الطفلان، فتَبنى الفتاة رجل غني، وتَبنى الولد رجل فقير، وكل واحد منهما عاش في منطقة بعيدة عن الأخرى.

مرت السنين، وتزوجت الفتاة من رجل غني يملك مزرعة كبيرة فيها العديد من الحيوانات، واحتاج إلى عمال. عندما سمع الشاب عن الحاجة إلى عمال، ذهب للمقابلة مع زوج أخته دون أن يعرف أي شيء عنه، وطلب منه العمل، فوافق وجعله حارسًا للمزرعة.

كل يوم، كان صاحب المزرعة يكلفه بأعمال تفوق طاقته حتى أنهكه التعب ومرض. وعندما عاد الرجل الغني، سرد قصة الحارس لزوجته، وقال لها: “سأطرده من العمل حتى يموت جوعًا”. لكن زوجته طلبت منه إعطاءه فرصة أخرى عسى أن يتحسن، فوافق زوجها.

ذهبت الزوجة إلى المزرعة لتفقد صحة الحارس الفقير، فوجدته نائمًا، وصاحت بصوت عالٍ: “زوجي محق!” ففزع الحارس وقال لها: “رجاءً، قولي لزوجك ألا يطردني”. فردت عليه: “أنا سأطردك!” من شدة الألم، بكى الحارس ورفع قميصه ليمسح دموعه، فوقع نظر الزوجة على وشم في صدره يشبه تمامًا الوشم الذي على صدرها.

فقالت: “أنت أخي! سوف أفديك بعمري!” وأخذته إلى بيتها وقالت لزوجها: “إنه أخي، انظر إلى الوشم، إنه دليل ثابت على الأخوة. بسبب خطأ صغير فقدنا كل شيء، واليوم لا أريد أن أفقد أخي من جديد!”

بقلم صباح پلندر 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *