تحرك حكومي لوقف هجرة المسيحيين
خطوة السوداني تهدف لدعم استقرار المكون المسيحي في مناطقه، مع تعهد الحكومة بإعادة الإعمار وتنفيذ مشاريع لفائدة العوائل النازحة والعائدة.
الاثنين 2025/01/27
بغداد – وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأحد، بدمج المزيد من أبناء المسيحيين في صفوف الشرطة المحلية بمحافظة نينوى، شمالي البلاد، في خطوة، تهدف إلى دعم استقرار المكون المسيحي في مناطقه بالمحافظة.
وأكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان في بيان، أن القائد العام للقوات المسلحة وجه بدمج المزيد من أبناء المكون المسيحي في صفوف الشرطة المحلية بمحافظة نينوى.
وحسب البيان، يأتي التوجيه في إطار جهود الحكومة دعم الاستقرار والبناء في جميع مناطق العراق، ومنها منطقة سهل نينوى، وضمن مسار تحقيق الأمن وإعادة إعمار هذه المنطقة.
واعتبر البيان أن تلك الخطوة تأتي استكمالا لقبولهم خلال العامين الماضيين في كلية الشرطة، والمعهد العالي للتطوير الإداري والمهني، ومعهد إعداد مفوضي الشرطة، ومعهد التدريب النسوي.
وشدد على أن القرار يعكس حرص الحكومة على تقوية العلاقة بين أبناء المكونات المحلية والمؤسسات الأمنية، والمحافظة على الوجود المسيحي في بلاد الرافدين.
كما ينسجم مع رعاية التنوّع و”زرع الاستقرار في مناطق سهل نينوى، والوجود الكلداني والآشوري والسرياني في المدن والبلدات والقرى، التي تزدان بهذا التنوّع والإرث الثقافي والاجتماعي الغني والمتلاحم”. وفق البيان.
وفي الوقت نفسه، أكد البيان على “التزام الحكومة بإعادة إعمار المناطق المتضررة، والتركيز على تنفيذ مشاريع تخدم العوائل النازحة والعائدة، وتوقف الهجرة والعمل على عكسها، وتوفير الخدمات الأساسية في مختلف المجالات”.
ونوّه إلى أن “إشراك أبناء المكون المسيحي في القوات الأمنية يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الوحدة الوطنية، واحترام التنوّع الذي يعدّ أساساً لقوّة العراق وتماسك شعبه والحفاظ على الفسيفساء الإنساني العراقي”.
كذلك يعد إشراكهم “تعزيزاً للتمثيل العادل بين جميع مكوّنات الشعب العراقي، في حفظ الأمن وحماية مناطقهم”.
وتقدر مصادر غير رسمية، أعداد المسيحيين في العراق قبل انهيار النظام العراقي السابق في أبريل 2003 بنحو مليون ونصف المليون مسيحي، ويؤكد لويس مرقوس أيوب، العضو المؤسس لتحالف الاقليات العراقية، أن أعدادهم تقلصت لتبلغ نحو 400 ألف شخص فقط.
وقد تواجد المسيحيون بنسبة أكبر في محافظة نينوى، ببلداتهم التاريخية في سهل نينوى مثل بغديدا (قرقوش) مركز قضاء الحمدانية، وقضاء تلكيف وناحيتي برطلة وألقوش، وأيضاً في مدينة الموصل مركز المحافظة.
لكن أعدادهم كانت في تناقص مستمر وتدريجي بسبب هجمات التنظيمات الارهابية وأبرزها تنظيم القاعدة، سواء في بغداد أو سهل نينوى أو الموصل، حيث كان يعيش 20 ألف مسيحي، بينما كانت تعيش نحو 30 ألف عائلة في بلدات سهل نينوى.
وحتى قبل سيطرة داعش على نينوى في يونيو 2014 كانت هجرة المسيحيين مستمرة وبمعدلات كبيرة هربا من التمييز المجتمعي ومن الهجمات الارهابية على أساس ديني، وبحسب تقديرات لباحثين مسيحيين، كانت هنالك فقط 1000 عائلة مسيحية في الموصل، و15 ألف عائلة في عموم سهل نينوى، قبيل غزو التنظيم، لتنزح هي الأخرى صوب أقليم كردستان خلال اسابيع قليلة فقط حتى أصبحت نينوى خالية من المسيحيين.
وكان الخور اسقف يوسف شمعون، قد ذكر في تصريح إعلامي أن عدد المسيحيين قبل سيطرة التنظيمات الارهابية على مناطق في العراق كان يشكل 5 بالمئة من نسبة سكان البلاد، لكنه أصبح اليوم فقط 1 بالمئة وأنهم بحاجة للوحدة والتماسك للبقاء.
وما زالت عودة مسيحيي نينوى إلى مناطقهم خاصة في مدينة الموصل ضئيلة جدا بسبب فقدان ثقتهم بالمحيط الاجتماعي وبقدرة أجهزة الدولة الأمنية على حمايتهم، فضلا عن اقتصادها وفرص العمل فيها الذي لا يقارن بإقليم كردستان.
ويحدث ذلك على الرغم من العشرات من ندوات ومؤتمرات التعايش والسلام التي عقدتها المنظمات الدولية والمحلية والوعود التي قطعتها الحكومة العراقية بدعم تلك العودة من خلال تقديم الخدمات اللازمة وضمان الأمن وأحيانا فرص العمل في المواقع المسيحية التي يتم إعادة إعمارها كالكنائس والبيوت المهدمة.
ووفقا لتقرير الخارجية الأميركية لعام 2022، ما يقرب من 67 في المائة من المسيحيين هم من الكلدان الكاثوليك (طقوس شرقية للكنيسة الكاثوليكية الرومانية)، وحوالي 20 في المائة أعضاء في الكنيسة الآشورية الشرقية، أما البقية فهم من السريان الأرثوذكس، والسريان الكاثوليك، والأرمن الكاثوليك، والأرمن الرسوليين، والأنجليكان، وغيرهم من البروتستانت والمسيحيين الإنجيليين.