نبيل يونس دمان
في بداية الحرب العراقية- الإيرانية اوفدت للعمل في المشاريع الخاصة بالبصرة، هناك تعرفت على المرحوم أبو سمير وبمرور تلك الأيام الصعبة توطدت علاقتي به، وصرت اذهب تقريباً كل يوم الى محلّه (محل سرمد للمشروبات الروحية) في شارع الكويت، انطبعت صورته في تفكيري بانه انسان راقي وأصيل، وصرت اعتبره بمثابة حامي حمى الألقوشيين وغيرهم من المُلل في محافظة البصرة ثغر العراق الباسم.
وكما ذكرت ابنته لندى العزيزة في رسالتها الى أبو رنين، أؤكد على كل كلمة فيها والتي تفاعلت مع وجداني وهي الصائبة الصادقة الصريحة عن ذلك الوالد وزوجته الرائعة الأصيلة غزالا جونا كريش، وما كانا يفعلانه في استضافة الجنود والمنقطعة اخبارهم عن اهاليهم.
تابع أبو سمير هذه الأمور باندفاع قلّ نظيره وشهدت بنفسي مرات وهو يقفل الدكان (محل رزقه) ويذهب لزيارة جريح او مريض، وعند سماعنا بسقوط اول عسكري من القوش وهو جارنا سالم سعيد شاجا، كتبنا لأهله برقية تعزية ومواساة ووقعناها انا وأبو سمير. ولا زلت اذكر في احدى الليالي زرت بيت ابنته سميرة المتزوجة من الشماس سلمان حنا أحد الاخوة من قرية باقوفا، وقد حضر في إجازة من جبهة الحرب المشتعلة اوارها، كم كان سروري بلقائهم واولادهما الصغار، وجلسنا نتحدث بموضوع القتال غير المبرر على طول الجبهة العراقية- الإيرانية، يا للأسف بعد مدة سمعت باستشهاده فتألمت كثيراً وأصبحت اذكر الزوجة الثكلى واطفالها اليتامى التي نهضت بطلة في تربيتهم وتنشئتهم.
لم يطل الوقت كثيراً فقد جاءت العائلة في زيارة الى القوش تموز ١٩٨٢، دعوتهم الى بيتي وجلسنا نرجع ذكريات البصرة وحضر معنا خالي المرحوم يونس اودو، وسحبنا بعض الصور التذكارية في كامرتي التي حملتها معي يوم التحاقي بقوات الأنصار بتاريخ ٢٦- ١٠- ١٩٨٢، أكملت سحب باقي صور الفلم في كامرتي وفي الطريق الجبلي الذي سلكناه سقط البغل المحمل بشنطتنا وانتشر كل ما فيها بين الأحجار والادغال، فضاع الفلم وابديت اسفي على الصور التي فيه، ولكن عند رجوع مفرزة الطريق بعد مضي وقت فتشوا في ذلك المكان وعثروا عليه، فأرسلوه مع الراحلة ام جوزيف المتوجهة الى سوريا بعد حوالي الشهرين، طبعت الصور وقد زال الكثير من بريقها المعتاد ومنها الصور المنشورة هنا.
لن اطيل الحديث حيث لم التق بتلك العائلة حتى وصولي اميركا ولجوء العم حبيب موسى اليها ايضاً ولقائي به، ولكن بدون شريكة حياته التي ماتت مأسوف عليها في حادث سير مؤسف في طريق موصل- كرمليس ابان الحرب الضروس على الحدود الشرقية.
في عام ٢٠٠٣ توفي حبيب كادو في مشيكان فكتبت عنه مقالة (اعيد نشرها مصورة هنا)، امانة في كل ما كتبته عن حبيب هو النزر اليسير مما كان يقوم به في حياته، هنا اهيب بالفنانين والشعراء خصوصا الأستاذ لطيف في كتابة قصيدة مغناة عنه، أحيي أولاده في السويد وأميركا، وكل اقربائه، وأصدقائه، ومحبّيه.
هامش:
* قرات رسالة لندى حبيب كادو الى الأستاذ لطيف بولا وجوابه عليها لأول مرة يوم أمس وهي مؤرخة بتاريخ ٢٨- ١- ٢٠٢٤. فكتبت المقال اعلاه مرفقاً ببعض الصور الضرورية
دليل الصور:
١- غزالا جونا كريش
٢- حبيب موسى كادو
٣- صفحة من مجلة القيثارة الصادرة في مشيكان سنة ٢٠٠٣
٤- مقال منشور في العدد الأسبق من مجلة القيثارة لصاحبها المرحوم سلام رومايا
٥- صورة في بيتنا بالقوش في شهر تموز ١٩٨٢
٦- صورة في بيتنا بالقوش في شهر تموز ١٩٨٢
٧- صورة في بيتنا بالقوش في شهر تموز ١٩٨٢
California on January 29, 2025






