المحرر موضوع: من هو الدفتــردار السكّــــير ! عــــِــبرةٌ و عــَبــــرَه  (زيارة 1874 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2257
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 من  هو الدفـــتردار السكّيـــر / عِبــْـرةٌ وعَبــْــرَه .

 يُلام المرء أحيانا على التكرار,لكن ليس عندما يكون في الاعاده سبب و مدعاة .

يُحكى عن والي بغداد العوصمللي,أنه إحتاج الى مترجم يجيد التركيه والعربيه, فأصدرأمرا لإثنين من جندرمة القصر للبحث عن شخص يجيد تأدية المهمه ,قضى الإثنان النهار بطوله دون أن يعثرا على المُراد ,ولشدة خوفهما من عقوبة العودة للقصربخفي حنين, استمرا في التجوال  الى ان عثرا في ساعة متاخره من الليل على سكران  كان يغني بالتركيه  منزوياً  في احدى  زوايا حانه ليليه ,توسّل صاحب الحانة وروادها من الجندرمه ان يتركا البغدادي المسكين وشأنه كونه مظلوم اجبرته مشاكل الدنيا على ادمان السكر والغناء الشجي ,لم يستجيبا فاصطحباه عنوة ً.

وفي الصباح الباكر,حلقوا شعرالسكير, ثم غسلوا جسمه و البسوه ملابس تليق بالمثول امام الوالي,سأله الوالي بالتركي عن إسمه. فأجابه افندم المنطقه تناديني  بــ أبوكَنــّو.شكرالوالي جندرمته , وتقررتعيينه كمترجم في القصر,مرت الايام والوالي يزداد اعجابا بلغة المترجم ,بينما وجهاء الولاية لم يطمئنوا للحظةٍ من سلوك المترجم , وما زاد من استياءهم ,قرارالوالي بترفيع المترجم الى منصب دفتر دارالولايه بصلاحيات الآمر والناهي في شؤون الولايه الماليه والاداريه,وزادعليها السماح له باقامة سهرات شرب الخمر وجلب الغواني والغلمان داخل القصر يومي الخميس والجمعه لكسب التجاروالمستثمرين .

مرت الشهور واوضاع الولاية المتدهوره تسير من سيئ الى أسوء من دون ان ينتبه الوالي لشكاوى الناس , بالنتيجه قررالاهالي والتجار قطع زياراتهم للقصر ومقاطعة سوق الولايه والذهاب الى سوق آخرعلّهم يصونون فيه كرامتهم ويأتمنون على أموالهم, كان  وقع هذه المقاطعه  شديدا  على  الوالي مما اظطره الى عقد جلسه مع الدفتردار لإستقصاء مسببات ما يجري.
 إجتمع الإثنان في إحدى شُرف القصر المطلّه على السوق الكبير في الولايه , ثم بدأ الوالي  يوجه سؤالا تلو الآخر الى دفترداره الذي فاحت رائحة الخمر من فمه,استغرب الدفتردار من عصبية الوالي  وكثرة اسئلته,فإختطفته صفنة ثمالته وعقدت لسانه,فجأة مرت جنازة ميت أمام القصر فطلب الدفتردارمن الوالي السماح له بدقيقتين للنزول الى موكب الجنازه لتوديع ابن ولايته المتوفى ,نزل الدفتردارمسرعا ثم عاد ليرى ازدياد غضب  الوالي من تصرّفه.بكل برود قال الدفتردارمخاطبا الوالي : مولاي أرجو ان تهدأ كي تسمع الحقيقة من الثمل  ثم افعل  به ما تشاء, سأجيبك على اسئلتك بعين الكلام الذي همسته للتو في اذن الميت. استغرب الوالي من كلام الدفتردار,هل جننت يا ابو كنو؟ هل انت ساحر كي تكلّم الاموات؟ هات ما عندك بسرعه من دون لف ودوران ! .
 نهض ابو كنو على رجليه ثم راح يعيد ما همسه في أذن الميت ولكن بصوت مرتفع:
(يا ايها المغادرالى دارالحق,بـلــّغ رب الكون وأسلافنا الراقدين,قل لهم بحق السماء,إني بريئ مما حلّ في الولاية براءة الذئب من دم يوسف,فالولايه التي يديرها حاكم يمنح سكيرامثلي كل هذه السلطة والامتيازات,فهو حاكم أرعن يستحق الرجـــم).
 
 بعد هذه التجربه التي خاضها أبو كنوّ بين السكر والغناء وبين الترجمة والدفترداريه,رقد على رجاء يوم الدينونة, ومن رقدته ارشدته غيرته الى استرجاء الأخلاف بالانتباه والحذر من منح  السكير الثرثار شهادة العمل كمترجم ثم دفتردارا في القصر.
من ارشيفي عام  2009  و 2010



غير متصل بولص آدم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1185
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
  رابي شوكت توسا
  شلاما وايقارا
 بين كتاباتك تلك وهذه الأخيرة، هناك الكثير لكي يُكتشف.
 وبالنسبة للاعادة التي نوهت اليها في بداية سرديتك فهي لأن شعر الرأس كل ما تحلقه يطلع لك ثاني وثالث وهكذا! ولكن ايضاً، عندما يُسمعُ ماهو مؤثر وجميل، يُقالُ: ( أعِد أعد ) واحياناً نقرأ شيئا ما عدة مرات..
 في احدى جولاتي في اوربا الشرقية، صادفتنا حفرة في الشارع صعب تجاوزها في طريق ضيقة تؤدي الى منزل كنا نقصده، وعند تجاوزها واجسادنا اهتزت هزة عنيفة مُزعجة، سألت الجالس جنبي: الا يتمكنوا من ردم وتبليط هذه البقعة؟ فاجابني: هي اكبر من قضية حفرة، انهم يتحدثون كثيرا عن ضرورة التحسين بالتغيير ولكنهم في افعالهم يُبقون الأمور كما هي وحتى اسوأ مما كانت... بعد ذلك وبعد مرور عامين، كنا في نفس طريقنا الى نفس المنزل ولا حظت بأن الحفرة قد عولجت وبلطت، وعندما عبرت عن ارتياحي وقلت: واخيراً طابقت افعالهم الأقوال.. قال واحد ممن برفقتنا: ذلك لم يكن ليتم لولا ان (الكلب لايتعلم السباحة الا اذا غرق حتى أذنيه) وعلمت بأنه مثل روسي..أحد المسؤولين كان مضطرا لتجاوز تلك الحفرة ولم يأمر بردمها الا بعد ان احس بارتطام وهو يقود سيارته. اما عندنا: "لقد أسمعت لو ناديت حيـا" ولكن ياعزيزي يبدو اننا ننفخ في الرماد، لا حياة لمن تنادي.
 شكرا صديقي مع التقدير

غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2257
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
صديقي العزيز, الاستاذ بولص آدم المحترم
تحيه طيبه
 أنا أعجبتني طريقة إختصار تجسيدكم لمصيبة الشعب والوطن , بمشكلةالحفره التي لولا ازعاجها للحاكم لما قام المسؤول في ردمها بينما تركوا بقية الشوارع والمدن تكبر يوما بعد يوم.
 الولاةالحاكمون في العراق ,هم من الصنف الذي لم تدعهم شهواتهم سوى إعطاءالأذن الصماء لصرخات الشعب , بينما منحوا لمترجميهم ولدفترداراتهم ما لم يمنحه الوالي العثماني للسكير المترجم ,فامتلأت الاحياء والشوارع ببيوت الملاهي والقمار لترف المتاجرين وسهرات لياليهم الحمراء.
 ليس بالأمر السهل ازاحة هذه الزمره ما لم ينتفض الشعب بمليونية المساكين والمظلومين  وليس بتلك التي تشتري الذمم والولاءات.
شكرا لكم رابي بولص
تقبلوا خالص تحياتي

غير متصل زيد ميشو

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأستاذ شوكت توسا
موضوع جميل فعلا لا يخلو من شمولية في الهدف، من الخطأ حصره على شريحة دون آخرى، إنما الفرق قد يكون في اختلاف ابطال القصة وتسقيطها على من يشعر به قاريء مثلي والكاتب او قاريء اخر وهذا لن يكون ابدا سبب اختلاف كون الرواية تتحمل توسيع في الاهداف، وقد نكون متفقين ايضا.
ابو كنو السكير ومن صفة السكير يكون فاقد السيطرة على تصرفاته، ينتشل من تسكعه وهو خائف من خائفين، لا بل مرعويين.
جوندرمة تخيف بلد ومعروف عنهم قساوتهم مرعوبين من بطش والي أمرهم بجلب مترجم، فأصبحوا بين مطرقة حاكم لا يمكن التنبوء بقرار في حالة رجوعهم خائبين، وبين اختيار سكير للمهمة أصبح ضرورة ملحة لابقاء رأسهم معلق على جسدهم
والسكير أيضا.. عاش رفاهية ولا يلمك خيار مصارحة والي بامكانه هدم بلد بقرار، وبمثال أقرب، من يلتزم بقرار اتخذ في لحظة غضب قال فيها انت طالق، في عين الوقت نلمس من المطلِق تغيير مئات القرارات وإنزال مئات الوعود إلى الأرض لكن بكلمة طالق أصبح رجلا صاحب كلمة.
رباط الكلام
رأيت في نصك وضعنا السياسي المزري، ويا ليتنا على ابو كنو، فهو ضحية المسكين محدد بخيارين لا غير، موت وحياة
سياسينا اختيروا بدقة غريبة من حثالة القوم، وضعوا أمامهم سلطة او يبقوا على وضعهم، اختاروا السلطة بمحظ حريتهم على أن الثمن في انهيار دولة وتحطيم شعوبها.
لكن بنظرة سريعة لواقع الحال الاجتماعي سنجد أنفسنا مضطرين للتعايش مع أشخاص فرضوا علينا بمناصب مختلفة وعلى عدة اصعدة حتى في المؤسسات الخيرية سواء في الوطن او المهجر.
المشكلة اخي الكريم وباختصار: أصبح من أكثر الأمور صعوبة ان نجد الشخص المناسب في المكان المناسب
وفي اي مكان سياسي كان ام اجتماعي او مؤسساتي والمنظمات المختلفة، وأحيانا كثيرة ينطبق حتى على الرجل في البيت
شخصيا أجد نفسي مجبرا على أن أعيش بقانون والي وضع أمامي ابو كنو في كل مكان منذ أن كنت في الوطن، والحال ليس افضل في المهجر في التعامل مع أبناء جلدتنا وكل الناطقين بالعربية.
تحياتي
مشكلة المشاكل بـ ... مسؤول فاسد .. ومدافع عنه
والخلل...كل الخلل يظهر جلياً بطبعة قدم على الظهور المنحنية

غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2257
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
السيد زيد المحترم
   انااشكرك كثيراعلى طريقتك في استخدام تعددية شخوص قصةالخاطره كحجة منطقيه مسنوده للتطرق الى خليط مركب من  ظواهر سلبيه ربما يكون الكاتب قد تكاسل في ذكر  التفاصيل , او تعمّد تقنينها بالترميز اليها , فيكون في كلا الحالتين قد اعطى لحلم القارئ حرية التفصيل  والأضافه بالتأشير الواضح على ما يستوجب , وهذا بحد ذاته ما تفضلت به مشكورا. 
تحياتي     

غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3071
    • مشاهدة الملف الشخصي
مبوقرا رابي شوكت توسا
شلاما وايقارا
عاشت اناملك والله ورب الكعبة ما قلت الا الحق بعينه وليس غيره، انت قلتها بجراءة وشجاعة وهذا هو حال بلدنا المسكين المبتلي بسكارى منتشرين يحكمون مسؤؤلون في بلدنا يديرون وزارات ومؤسسات
لقد وقع الاختبار على هؤلاء المتسكعين السكارى ليحكوا هذا الشعب ويهينوه كما يريدون، متسكعون جلبوا من شوارع لندن ونيويورك وستوكهولم.
لا اقول اكثر مما قلته ولكن اقول عاشت يداك.
رائع
احترامي

غير متصل شوكت توســـا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2257
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ميوقرا رابي وليد بيداويذ
شلاما
انت وانا وغيرنا نعرف, باننا نكتب تحت يافطة حق التعبير,ونعرف بأن النسبه الاكبر مما نكتبه هي من حصة السلوى والمواساة  فيما بيننا, لأننا متيقنون  بان  بين ما نقوله وبين آذان المؤذنيّن باسم الخالق و مصلحة الشعب مسافات وعوازل,نعم نُسعَد حين نشارك في كلامنا صرخات المعذبين الذين يبحثون عن مناصر لهم بعد ان خابت آمالهم  في المسؤولين .
 حتى كلمات القواميس لم تعد تشفي الغليل,فدناءة الظالم تجاوزت المدى ,بينما الحيرة تلاحقنا هل نصدق رب الكعبة  الذي يتناطح مع ارباب مراقد الرسل الاخرى أم نسأل الرب الواحد عن ما الذي يجري ولماذا هذا كله ؟
   تخيل أخي وليد ,عندمايضطر احدنا لذكر اسماء بعض الأمعات باعتبارهم أناس مثلنا يجتهدون  يخطأوا و يصيبوا, تشمئز منا مقولة احترام خلق الله واجب كوننا كلنا ابناء ادم وحواء, بينما الذي يتمناه العراقي المظلوم هورؤية الارامل والثكالى  و الجياع  طوابيراً إصطفّت في شوارع بغداد  للبصاق على وجوه هؤلاء المجرمين  بصقة اللعن الى جهنم وبئس المصير. حاشا الذين اقولها بوجههم  .
شكرا لكم وتقبلوا تحياتي