الجزء الأول : استعراض تاريخي
المقدمة : نشر غبطة البطريرك الكاردينال لويس ساكو المحترم بتاريخ 17 / 3 / 2021 في موقع البطريركية الكلدانية تحت الرابط :
https://saint-adday.com/?p=42249 مقترح في نيته طرحه في السينودس القادم لغرض مناقشته وبالتأكيد حضرته يأمل في
( اقراره ) ، سنبيّن ما جاء في هذا المقترح وهل يستوجب طرحه في السينودس القادم لانتفاء وجود ما هو اعظم لطرحه وما هي الأبعاد السياسية لطرح هكذا مقترحات ... ؟؟ كل هذا سنتناوله من وجهة نظرنا التحليلية منطلقين من دراسة لشخصية البطريرك الكاردينال ... وكما بدأ غبطته باستعراض تاريخي كذلك نحن سنقدم استعراضنا التاريخي في الجزء الأول من تحليلنا ، ونحن متأكدين من انكم لم تسمعوا مثل هكذا توجيز وتحليل تاريخي من قبل .... من كتابي
( المسيح بين استعمارين الكهنوتي والتقني ) :
1 ) البناء المذهبي للمؤسسات الكنسية بعد
العام 325 م أي بعد
( مجمع نيقيه ) الذي جعل من المؤسسة الكنسية شريكاً في الحكم واعطاها شرعية قيادة الجماهير على أساس الانضباط تحت لواء ومنهج الدولة السياسي لا تحيد عنه بل تأتمر بأمره ... لقد كان مذهب الكنيسة المشرقية في الإسكندرية هو الذي طغى على قرار الإمبراطورية في تسيّد المسيحية المؤسساتية على روما ومنه استخرج
( قانون الإيمان المسيحي ) وتم تعيّن اول بابا على المؤسسة الكنسية الحاكمة
( البابا الكسندروس ) وكان ممثلي الشرق 210 اسقفاً وممثلي الغرب 8 أساقفة وحضر آريوس وثلاثة أساقفة وعشرة فلاسفة من مؤيديه وقد كان المجتمعون بعدد
( 318 اسقفاً من كل العالم المسيحي ) ... فازت مجموعة الأساقفة التي كانت مع البابا الكسندروس على مجموعة آريوس بعد تدخل الشماس " الخادم الخاص للبابا "
" اثناسيوس " في النقاشات اللاهوتية . من هنا طبعت المؤسسة الكنسية بطابعها القومي المشرقي الإسكندري القبطي .... وبعد ان تزايد عدد أساقفة روما احسوا بأنهم خاضعين للشرق قومياً فأنقلبوا على قيادتها المؤسساتية وحوّلوا المؤسسة إلى مؤسسة قومية صرفة بتسيّد بابوات
( رومان ) على كراسيها وبهذا انتهت تلك الانتفاضة لصالح روما واستمر ذلك المنهج لغاية
( ستينيات القرن الماضي أي اكثر من 1500 عام لحكم أساقفة روما حيث تم تعيين البابا يوحنا بولس الثاني الروماني ) باباً على المؤسسة الكنسية وهو الاول الذي كسرت به تلك القاعدة واستمر ذلك لما بعده
( البابا بندكتس الألماني والبابا الحالي فرنسيس الأرجنتيني ) نعم كان أسباب كسر تلك القاعدة
( سياسي بحت ) وليس عقائدي ... انظر الأحداث التي حصلت في بولونيا وأوربا وقتها كمثال على ذلك ..
2 ) بعد ان تم تغيير المؤسسة إلى المنهجية القومية في روما واعطائها خصوصيتها القومية كانت هناك ردّة فعل قوية غيّرت مجرى تاريخ المؤسسات الكنسية الدينية وفتحت الأبواب للانشقاقات المتتالية
( وهنا لا بد ان نشير إن المؤسسة الدينية في الشرق كانت مؤسسات قومية حيث نقلت ذلك المنهج إلى روما فاكتوت بعدها بنفس الداء الذي نقلته إلى أوربا ) ، لم تعترف المؤسسة الدينية الشرقية بعملية التغيير وما كان منها إلاّ ان أعلنت انفصالها عملياً عن روما بعد
( مجمع خلقدونيا العام 480 م " على الأرجح " ) فعادت المؤسسة الدينية الشرقية الى أصولها القومية حيث تم
( تجديف ) ما آلت إليه المؤسسة الرومانية على الرغم من ان واضعي قانون المؤسسة هم كهنة المشرق فقد انقلبوا على تشريعاتهم ودعوا انفسهم بـ
( الأرثدوكس أي الإيمان الصحيح او القويم ) واعطوا تسمية للمؤسسة الرومانية ( الكاثوليكية أي الملكية ) ... لم تتوقّف الانشقاقات منذ ذاك الزمان حيث طال الانشقاق مؤسسات المنشقين ايضاً فانفصلت المؤسسة الأرثدوكسية ايضاً على الأساس القومي ... وجميع هذه الإنشقاقات كانت تغلّف بمبادئ لاهوتية واختلافات لاهوتية في
( طبيعة الرب يسوع المسيح وكينونته اللاهوتية والإنسانية ) وابتدأت الفتاوى تصدر من
" الباحثين في لاهوت الرب يسوع المسيح ممن دعوا قديسين وحسب تبني المؤسسات الدينية لبحوثهم " اما الذين لا يتوافقون ومنهج أي مؤسسة منهم يدعى
" مهرطق او هرطوقي " ولهذا نلاحظ
( قديسين من هذه المؤسسة يهرطقهم قديسي المؤسسة الأخرى وهكذا دواليك ) فأصبح لكل مؤسسة
( مسيحها القومي ) الذي يختلف عن
( مسيح ) الأخريات ... وقد تضمن كتابنا الأخير
( المسيح بين استعمارين الكهنوتي والتقني ) تفاصيل ذلك
3 ) الخلاصة : ان مؤسساتنا الكنسية تم تعريفها على أساس قوميتها
( إلاّ النزر القليل منها ) بتبني أسماء تلاميذ الرب الذين بشروا بها ... وهذا يعني ان تسمية المؤسسات انطلقت من
( قوميتها اولاً والرسل الذين بشروا تلك القوميات ثانياً ) لا على أساس جغرافية موقعها ولم نشهد يوماً ان مؤسسة دينية سميت على اسم مدينة بشر بها رسول او تلميذ او أنشأت فيها اول تنظيم كنسي مؤسساتي إلاّ في زمن الرسل وخاصة
( الرسول بولس ) وهذا ما نشهده في سفر اعمال الرسل وخطابات الرسول بولس وهذه لم تكن
( مؤسسات كنسية تفرض نفسها على الواقع الاجتماعي للمؤمنين ) بل كانت تنظيمات مجتمعية تقرّب المؤمنين بعضهم من بعض أي لم يكن المؤمنون بعد
( تحت الإستعمار الكهنوتي ) بل كانوا هم من يعيّنون الكهنة ويفصلوهم حسب اخلاقياتهم المجتمعية ... إذاً الكنائس كانت في زمن الرسل
( كنائس شعبية مناطقية ) منفصلة ادارياً ومالياً بعضها عن بعض يوحدها ايمانها بالرب يسوع المسيح
( الواحد الكتابي الأممي " العالمي " ) ...
( وهذا هو أساس الكهنوت المسيحي الذي لا يحاجج الرب في كينونته ولا يخترع له كينونات ويلصقها به ارضاءً لمصالح هذي المؤسسة او تلك ولا يجيز فتاوى لا علاقة لها بالرب وينسبها إلى كتاب او انبياء فيجعلهم " اعظم منه حاشاه " ) وهنا لابد ان نعطي امثلة على الانشقاقات وانشقاق الانشقاقات وتخصيصاتها القومية
(( فيما يخص المؤسسات الكنسية الأرثدوكسية : الكنيسة المرقسية الأرثدوكسية القبطية ... الكنيسة الأرثدوكسية اليونانية ... الكنيسة الأرثدوكسية الروسية والأرمنية ... الخ )) المؤسسة الكنيسة الكاثوليكية وتقسيماتها القومية (( المؤسسة الكاثوليكية الرومانية ... المؤسسة الكاثوليكية المارونية .. الكلدانية .. الأرمنية .. السريانية ... الخ )) الجميع تسمى بأسمائها
( القومية ) اما أسماء الرسل الذين بشروا بها فهم يأتون في المرحلة الثانية .
4 ) من هنا نكتشف إن الارتباط المؤسساتي هو ارتباط قومي وليس مناطقي ولا محلي لأنه يمثل
( هوية الشعب ) ولم نسمع
( بكنيسة مناطقية يرتبط اسمها بمدينة او منطقة بعد ان أصبحت المؤسسة دولة وتنظيم سياسي .... لكونها متغيّرات جغرافية تتبع سياسة محتلي الأرض وادارتها ) منذ انتهى عهد الرسل الأوائل ... إذاً فالمؤسسات الكنسية هي مؤسسات قومية ومسيحها
( مسيحاً قومياً ... يلتقي بإنسانيته ويختلف بلاهوته وهذا ما قصدته المؤسسات الكنسية لتميّز كراسيها الواحدة عن الأخرى ولأعطائها الحق بتجديف الواحدة للأخرى " هكذا تلعب المصالح وشهوات الكراسي وتمجيد الذات الميّته " ) يتكتل اجزائها ويتفرّق على عقائدهم وحسب مميّزات الكراسي مستخدمة اسم مبشريها من التلاميذ او الرسل . من هنا لا يسعنا إلاّ ان نقول ان المؤسسات الدينية بنيت على أساس المصالح والامتيازات ولتمجيد الذوات البشرية على حساب الذات الإلهية على أساس انها وكيلة الله على الأرض وبيدها مفاتيح الحل والربط يبيعون ويشترون أراضي الملكوت ويدخلون من يدفع اكثر لهم مقابل جنانهم ، وما المؤمنون إلاّ خرفاناً يرعون في مراعيها جاهزين للذبح حين تحتاجهم مصالح المؤسسة او موظفيها من
" الكهنة " لتقديمهم ذبائح وقرابين .
هكذا يولد العبيد وتستمر العبودية بالقضاء على حرية الإنسان في المسيح يسوع وتعاليمه في التحرير فينتقل المؤمن من
( مفهوم فكر الله من انه " ابن الله " إلى " خروف مؤسساتي " في أي مؤسسة دينية ) هكذا
يستعمر فكر الإنسان الجاهل .
في الجزء الثاني سنتكلّم عن مقترح غبطته وهل هو ضرورة تاريخية لبحثها في
( سينودس ) ام
( مراهقة فكرية وتطبيع سياسي ) لإشغال الأساقفة في موضوع لا يضر ولا ينفع تطورات مستقبل شعبنا وما تقتضيه المرحلة من مواجهة الصعوبات والأزمات المفتعلة لتقليل وجوده في المنطقة بل وانهائه ان جاز لنا التعبير ... و أين يكمن التخبط وشعاره " فسر الماء بعد الجهد بالماء "
( نرجو ان لا يكون طويلاً فنضطر لتجزئته ) . تحياتي الرب يبارك حياتكم واهل بيتكم جميعاً اخوكم الخادم حسام سامي 19 / 3 / 2021 [/size]