المحرر موضوع: الانسان والمال  (زيارة 511 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خالد عيسى

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 349
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الانسان والمال
« في: 19:46 24/10/2021 »

الانسان والمال

الدكتور
خالد اندريا عيسى

 
ان الاختلاف اي التفاوت الاجتماعى – الطبقى عند الانسان في المجتمع موجود وبقوه منذ أن تحول الإنسان الأول الى ما يُطلق عليها الان الحياة الطبيعية والاجتماعيه إلى تكوين مجتمعات بدأت صغيره جدا او قزمية ثم كبرت تدريجيًا.
كذلك تكونت طبقات في المجتمع من أغنياء وفقراء وطبقات وسطى فيما بينهما هي حاله معروفه، وبدراسة علم الإنسان وعلم الاجتماع، منذ تلك اللحظة التى لم يُعرف بعد متى بدأت واين كانت على وجه التحديد.
ربما هى اللحظة التى تصور المفكر المُبدع الكبير جان جاك روسو امتلاك بعض الأفراد أراضى كانت مشاعًا. فقد تخيل أن التفاوت بدأ عندما ظهر أول شخص يمتلك قطعة لأرض، ووجد من يصدقه، ومن يعمل فى خدمته.
غير أنه على مدى ملايين السنوات لا نعرف عددها من السنين، لم تبلغ المسافة بين الأكثر ثراء والادقع فقرا المدى الذى وصلت إليه خلال العقود الأخيرة.
لم يُنتج التفاوت الاجتماعى طول ذلك التاريخ المديد ثقافة تُدعمه وترسخه مثلما أنتج فى الفترة بين أواخر الثورة الصناعية الأولى وبدايات الثانية.
وأخطر ما فى هذه الثقافة التى استشرت وانتشرت فى أنحاء العالم تقدير قيمة الإنسان وبما يمتلكه من المال الذى يملكه، وتحديدًا بما يُنفقه ويعرف الناس عنه.
فهناك أثرياء، وفاحشو الثراء، يملكون أموالا طائلة، ولكنهم يحيون حياة عادية جدا مُريحة بعيدًا عن السفه والاسراف والترف المتزايد فى أنماط حياة آخرين من الفئات الاجتماعية نفسها.
كما يحرص كثير من كبار الأثرياء الذين يتبرعون بأموال وفيرة لأغراض شتى على أكتاف إنفاقهم النبيل، بخلاف آخرين يعرف العالم كله ما يتبرعون به قبل أن يخرج من رصيدهم فى المصارف. وكلما ازداد كبار الأثرياء الذين يتفاخرون بأموالهم، تنامى الاتجاه إلى وضعهم فى مرتبة أعلى من غيرهم، ومن ثم ترسيخ ثقافة تقدر قيمة الإنسان فى ظلها بماله وليس بعمله وعلمه وإسهاماته فى هذا المجال أو ذاك، وخاصةً منذ انتشار الأفكار اليبرالية الحديثه النيو لبراليه  منذ منتصف السبعينيات. ومن أهم هذه الأفكار أن الأكثر ثراء هم الأوفر ذكاءً ونشاطًا وطموحًا، وأن الفقراء ليست لديهم هذه السجايا والميزات، وأن التفاوت يعود بالتالى إلى عوامل مكتسبه اساسها مادي طبيعية وليس إلى اختلالات اجتماعية واقتصادية. وبرغم أن هذه الثقافة النيوليبرالية نشأت فى الغرب، فهى تنتشر بدرجة أعلى فى مناطق أخرى، لأنها تجد مساحة أوسع فى المجتمعات الأكثر تخلفًا، والأقل تقدمًا. ازدادت هذه الثقافة البائسة رسوخًا فى المجتمع، واشتد أثرها فى سياسات عدد أكبر من الحكومات وصارت أكثر انحيازًا للأثرياء، وقوى بالتالى نفوذهم فى المجال العام، فى إطار ظاهرة الزواج والارتباط بين السلطة والثروة. ويظهر الانحياز للأثرياء، فى هذه الحالة فى سياسات وتشريعات تمنحهم مزايا أو تعطيهم واجبات اضافيه