هل يستجيب الرب لدعاءِ راعٍ لا يستجيب للرعية/كهنة الكلدان مثالاً
د. صباح قيّاأكرر ما سبق وأن بينته سابقاً بأني أقف على مسافة واحدة من كافة رعاتنا الأفاضل مهما بلغ المركر الروحي أو الموقع الكنسي لأي واحد منهم. كما أن الإشارة إلى السلبيات لا تعني الوقوف بالضد من المعني, والإشادة إلى الإيجابيات لا تدل أني على وفاق مع المنوه عنه.
ألموقف سلباً أو إيجاباً هو مع الحدث وليس مع المتحدث.لا يختلف إثنان من المتعلمين بأن المؤسسات العراقية لن تستجيب إلى أي طلب شخصي عبر البريد أو ما شاكل إلا بالحضور الذاتي لصاحب الطلب. أي أن المؤسسات العراقية بمختلف عناوينها لا ترد على الإستفسارات والمطالب المشروعة للمواطنين غيابياً.
لقد حصلت معي أكثر من مرة, ولم يتم الإستجابة إلى ما مطلوب إلا بعد حضوري شخصياً. ليجرب أي من الإخوة مخاطبة مدرسته أو كليته أو جامعته راجياً تزويده بأية وثيقة تخصه فماذا سيكون رد الفعل؟ وبالمقارنة ليحاول مخاطبة أية مؤسسة تعليمية في الدول الغربية كي يقف على الفرق الشاسع بين ما سيحصل أولاً بالمقارنة مع ما سيحصل ثانياً.
يُعزى اختلاف السلوك في الحالتين, بكل بساطة, إلى مدى الإلتزام
بمفهوم الحقوق والواجبات الخاصة باهل كل بلد.
ما تفعله المؤسسات ينعكس على ما يقوم به الأفراد والعكس أيضاً صحيح. تقاعس الفرد من تقاعس المؤسسة, وتقاعس المؤسسة من تقاعس الفرد, والويل لمن يستهدف التغيير حتى ولو بحسن نية.
ربما انتقلت عدوى السلوك التقاعسي السائدة في مؤسسات مجتمعنا إلى البعض من رعاتنا الأفاضل سواء على المستوى الشخصي أو المؤسساتي.
أشدد على كلمة البعض. نعم البعض حيث هنالك من الآباء من يرد حالاً على أية مراسلة بغض النظر عن مصدرها , ويعتذر إن تأخر عن ذلك لسبب ما.
ما سأطرحه من تجارب حصلت لي مع من أنوه عنه ليس بداعي النقد أو العتاب وإنما بهدف التصحيح والتقويم, إن صح التعبير, عسى أن يتعلم جميعنا من بعضنا.
ألتجربة 1: أرسلت رسالة كتابية عبر الهاتف إلى أحد الرعاة مستفسراً عن صحته ومتمنياً له الشفاء العاجل بعد أن أعلمني أحد معارفي بانه يعاني من أزمة صحية. لم أتلقى الجواب لا خلال مرضه ولا بعد شفائه. إلتقيت به بعد فترة وجيزة معلقاً: أبونا: يظهر أنك تهمل الرسائل التي تصلك, لذلك سوف لن أراسلك مستقبلاً لأي سبب كان. بدت على محياه علامات الحرج وحاول اقناعي بتكرار اعتذاره, ولكن بعد ما حصل الذي حصل.
ألتجربة 2: إستضاف الصالون الثقافي الكلداني أحد الآباء المقتدرين لإلقاء محاضرة على رواده. جرت العادة أن يتم إعلامياً تغطية وقائع اللقاء الثقافي لاحقاً. أرسل الأب الفاضل رابط محاضرته إلى بريدي الألكتروني. من سوء الحظ, لم أفلح بفتح الرابط. كتبت للأب رسالة ألكترونية أعلمه بذلك وراجياً توجيهي لفتحه. لم يصل الجواب, أكدت على رجائي برسالة ثانية ثم ثالثة, ولا أتذكر كم من الرسائل كتبت لحين استلام الجواب, ورغم ذلك لم أستطع فتح الرابط. تركت الموضوع لعدم رغبتي بخوض التجربة المملة مرة أخرى, فظلت محاضرة الراعي الجليل بدون تغطية, وهي الوحيدة كذلك لحد اليوم.
ألتجربة 3: إلتحق إلى أبرشيتنا مطران جديد. إستبشرت الرعية الخير. بادر الصالون الثقافي الكلداني بمد الجسور الثقافية مع غبطته من خلال تعريفه عبر رسالة ألكترونية بنشاط الصالون منذ تأسيسه عام 2014 مع ملاحق تغطية المحاضرات المنفذة. إنتظرت مع أقراني في نواة الصالون جواباً من سيادته, ولكن بدون طائل. تم التأكيد برسالة ثانية وثالثة وربما رابعة أو أكثر. وصل بعدها الجواب معرباً سيادته عن سروره ومباركته لفعاليات الصالون الثقافية مع تمنياته باستمرار العطاء. إكتفى الصالون بهذا المكسب المعنوي المتأخر ولم يحاول عرض نشاطه أمام سيادته مجدداً.
ألتجربة 4: أحاول قدر الإمكان أن أطالع ما ينشر موقع البطريركية من أخبار ومواضيع وخاصة ما يتعلق بالإيمان المسيحي والتعليم الكنسي. من المواضيع التي أحرص على المرور عليها بانتظام هي التي ينشرها غبطة البطريرك كل يوم سبت. إستفسرت من غبطته برسالة ألكترونية عن بعض ما جاء في أحدى طروحاته ليوم السبت. لم يصلني الجواب. أكدت على غبطته بعد فترة ليست بالقصيرة برسالة ثانية فكان مصيرها كالأولى. أيقنت, وقد أكون متوهما, بأن غبطته لا يرغب بالرد على استفساري. صادف أن نشر الكاتب الساخر نيسان سمو الهوزي على هذا الموقع رسالة موجهة إلى غبطة البطريرك الكلي الطوبى. أجاب عليها غبطته إعلامياً على الفور. أوعز لي إحساسي المهني أن اؤكد على استفساري الآنف الذكر لقناعتي أن الثمرة أينعت وحان قطافها. صدق حدسي ولكن جزئياً, حيث أتاني الجواب بتوقيع سكرتارية البطريركية مشيرة أن غبطته ينصحني باستشارة أحد الإختصاصيين في الكتاب المقدس للإجابة على استفساري. تركت الامر جانباً لعدم معرفتي من هو صاحب هذا الإختصاص.
يا حبذا لو تبادر البطريركية بتعريف الرعية
عن اختصاصات الرعاة كافة بغية طلب المشورة حسب العائدية بدل أن يحتار السائل ويطرق باباً مغايراً.
ألتجربة 5: أرسلت رسالة ألكترونية إلى غبطة البطريرك الكلي الطوبى قبل عدة أسابيع طارحاً أمامه أمراً يخص الرعاة والرعية. لم يصل الجواب. أكدت على رسالتي برسالة أخرى ولكن بدون نتيجة. لا أظن أن غبطته سيجيب بعد مرور هذه الفترة من عدم الرد.
ما ذكرت من التجارب هي غيض من فيض. كل المراسلات موثقة ( حسب مصطلح الأستاذ الشماس مايكل سيبي) ولا يمكن نكرانها أو تبريرها. قد لا أكون صادقاً إن ذكرت بأنني أجهل الدوافع التي تكتنف مثل هذا السلوك, ولكن, أستميح القارئ الكريم, بأني أفضل الإحتفاظ بها لنفسي إلى حين.
لا شك أن هنالك
انتقائية في الرد على مراسلات أبناء الرعية, والإنتقائية تخضع لعوامل متعددة لا تخفى على حتى البسيط من ابناء الرعية. رجائي أن تعامل الرعية بالسوية حيث الجميع من أبناء الكنيسة وخدامها.
من المعروف أن هنالك
سكرتارية في مقر البطريركية, وأيضاً سكرتارية في كل أبرشية أو خورنة. أنا لا أعلم بالضبط ما هي مهام مثل تلك السكرتاريات, ولكن خبرتي في المجال المهني والإداري تدل على أن إجابة معظم المراسلات تقع على كاهل السكرتارية. فهل المهام في الكنيسة مختلفة؟. لا أعتقد ان هنالك صعوبة التنسيق بين الراعي والسكرتارية لتحقيق ذلك على الوجه الافضل.
للبطريركية ولمعظم الابرشيات والخورنات, إن لم تكن جميعها, صفحة على الإنترنيت. أقترح عمل
نموذج لمخاطبة غبطة البطريرك أو المطران أو الكاهن على غرار ما هو معمول به عند مخاطبة قداسة البابا. مثل هذا النموذج ضروري جداً حيث أن عدداً لا بأس به يجهل أصول مخاطبة المرجع الديني حسب درجته. مع العلم أن مقر البابوية له توجيهاته الخاصة بالكتابة لقداسته تختلف بالنسبة للكاثوليك عن غيرهم.
رجائي إلى رعاتنا الأجلاء بدون استثناء أن يمنحوا ما يتيسر من وقتهم لسد رمق أبناء الرعية من جوعهم الإيماني والكنسي. كما أن لجميعنا وقت لتناول الطعام والإستحمام وتبادل الحديث والكلام وما شاكل من حاجيات الدنيا والأنام, فحتماً هنالك متسع من الوقت لمنح الرعية بعض الإهتمام. لا أرغب ذكر ما يحويه الكتاب المقدس من آيات بهذا الخصوص, بل أكتفي بالإشارة إلى
أركان المسيحية المتمثلة بالمحبة والعطاء والتسامح والغفران. لو عشناها جميعاً رعاة ورعية لما حصلت ولن تحصل ثغرات في البنيان.
يقول الفيلسوف ديكارت: ألتجرد عن كل شيء عند البحث عن الحقيقة.رباعياتي التالية تشير إلى جزءٍ من الحقيقة. قد تكون مرة بطعمها, لكن متى كانت الحقيقة حلوة المذاق؟
لِمَ يهملُ الكاهنُ مراسلاتِ الرعيّهْ؟
ينتقي ما يحلو لهُ وللأزبالِ البقيّهْ
فبأيِّ معيارٍ تسيرُ عليهِ الكهنوتيّهْ؟
وهلْ هذا السلوكُ مِنْ تعاليمِ المسيحيّهْ؟...متى نصحوا؟
أليْسَ في الكنيسةِ للكاهنِ سكرتيرهْ؟
تتولّى الردَّ حتى ولوْ جُملٍ قصيرهْ
أم أنّها تتسلّى في الدوامِ كالأميرهْ؟
كأنَّ الغُنْجَ عند الراعي مقاييسُ المديرهْ...متى نصحوا؟
مَنْ يقتنعُ أن الكاهنَ دائماً مشغولُ؟
وهْوَ لاهٍ بالزوّارِ وبالسفْراتِ يجولُ
يستكبرُ على الأهلِ مع الأغرابِ حمولُ
كانّهُ بديلُ الربِّ على الخلْقِ مسؤولُ...متى نصحوا؟
تبّاً لراعٍ يستجيبُ لِمنْ يتملّقُ
ويصغي صاغِراً لِمنْ مالُهُ يتدفّقُ
لا يعي أنَّ رؤى الكلدانِ لا تتحقّقُ
إلا بالذي معَ المبادئِ يتخندَقُ...متى نصحوا؟