رد على مقال الأستاذ نبيل دمان: "الأب العلامة البير ابونا في ذمة الخلود"
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1027579.0.htmlاخي العزيز نبيل دمان،
شغفي بقُرانا لا يبلغه احد الا انت-- لكنَ اريدك ان تصبر الى لكنْ قادمة -- وقد لمستُ ذلك حين تكتب في اي موضوع لك وان مرَّ عليك اسم قرية فلا بد ان تذكرها بالاجلال وكأنك تقول هذه واحدة من كنوزنا.
لكنْ يا عزيزي نبيل شغفي وشغفك بقُرانا ماهو الا قطرة في اناء ماء يروي الغليل وهذا الاناء قدمه لنا في زمن العطش الرهيب، القس الراهب العلّأمة البير ابونا.
أكثر من خمسين قرية بالأسم جاء ذكرها في سياق قصيدتي التي تحوي ٣٢ بيتاً رباعياً تحت عنوان "مثواثن/ قرانا" وجُل تواصيف وتاريخ هذه القرى جاءت من كتاب " الرؤساء" الذي ترجمه العلامة البير ابونا من السريانية و اللاتينية الى العربية.
اهمية هذا الكتاب التاريخية لا تصل غايتها الًا بقراءة الحواشي التي توازي وزن وأهمية هذا الكتاب المدون بالسريانية في القرن التاسع الميلادي من قبل توما المركَي. و يندر أن تجد صفحة من الكتاب الا وفيها ما لا يقل عن حاشية من نتاج وعبقرية البير ابونا، ومعضمها عن قرى وجغرافية قرانا الشمالية.
الوارد اعلاه هو ضئيل نسبة الى مئات الكتب التي ألفها او ترجمها في شتى الصنوف منها التاريخ الكنسي، والروحيات والأدب السرياني. وعلى حد قولك ياعزيزي نبيل ما من احد في العصر العراقي الحديث كتب بغزارة الذي كتبه هذا الجهبذ، وما من مكتبة سريانية خاصة او عامة تخلو من كتبه.
أخوة كثيرون في هذا الموقع الأغر كتبوا عن مشاعرهم لفقدان هكذا بارع ومنهم الأستاذ الجليل رشيد الخيون، وهنا الاسم يكفي ويستغني الولوج في التفاصيل. كما كتب هؤلاء الكتاب والمعلقين عن إنجازاته الأدبية. الكتابة عن البير ابونا لا تفِ بها مئات المقالات. حين تكتب عنه لا تعرف كيف تنهي الكتابة لأنها ذات شجون، لكن هنا اسمح لي عزيزي نبيل ان اتطرق عن اثنين فقط من إنجازاته وتأثير كتاباته.
في المقدمة التي كتبها عن كتاب الرؤساء والمكونة من ١٢ صفحة يلمس القاريء الذكي دقة التحليل والاستنتاج لديه ، معتمداً على مصادر اخرى لا يعرفها إلا المختصون، مغترفاً منها. والمقدمة هذه تثبت بشكل قاطع نزاهة هذا الكاتب في نقل وقائع التاريخ كما هي من غير تحيز لدينه، مذهبة او طائفته.
النقطة الثانية علينا ان نتذكرها ليبقى خالداً في التاريخ ان هذا المؤرخ المتواضع عدا عن استفادة القراء من كتاباته، له تلاميذ تعلموا منه وأفادونا ، هنا اذكر اثنين في هذا الموقع الأغر وهم كل من الشماس سامي ديشو الذي الف كتاب ثمين في قواعد اللغة الأرامية، وكذلك التلميذ الآخر وهو الشماس الأديب شمعون كوسا الذي يعزي مقدرته الكتابية باللغتين العربية والسريانية الى استاذه المرحوم البير ابونا.
عزيزي نبيل كانت نيتي ان اكتب رداً مقتضباً على مقالتك القيمة ، لكن كما ترى وما ذكرت اعلاه انه في ذكر مناقب البير ابونا نحتاج إلى صفحات وصفحات وبسهوله تصبح مقال آخر ، والخاتمة تكون جبرية على الكاتب.
نسأل الرب القدوس اسمه ان يقبله في الملكوت السماوي مع الأبرار والقديسين، وفي عالمنا هذا سيظل خالداً في ذهن الأجيال القادمة، وكتبه ستكون مصدراً لا يستغنى عنه في كتابة التاريخ السرياني.
حنا شمعون / شيكاغو