المحرر موضوع: من الحقوق المنهوبة الى الهجرة  (زيارة 457 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح پلندر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 126
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من الحقوق المنهوبة الى الهجرة

أوقعونا بشعاراتهم الرنانة والمنمقة في فخ الحقوق، لأننا كشعب مسيحي كان لنا أمل كبير في العيش بسلام مع اخوتنا على كامل ارضالوطن ومهما كنا نشتاق لأمجاد أمتنا إلا إننا لم نكن نتحيز لها يوما إن كان في العراق الجديد بعد ٢٠٠٣ أو بعد إنسحاب الاداراتالحكومية من كوردستان عام ١٩٩١ وما يهمنا هنا هو في الأخيرة بسبب الدعايات الكثيرة للأحزاب السياسية الحاكمة بمنح الحقوق المطلوبةلهذه الشريحة المسالمة المحبة للخير  والبعيدة عن الشر وكلما كانت تزداد شعارات الاحزاب تألقا كان الفرح يعم بين أبناء أمتنا في المدنوالقرى وما كنا نعلم بأنها دعايات انتخابية رخيصة لنهب أصواتنا وإنما كنا نتصور بأن حق من حقوق شعبنا يعاد اليه بعد أن سلب منهعنوة أن كان حماية لقرى مسيحية( أينما وجدت) أو لأراضي الفلاحين المسلوبة والتي كانت بمثابة شريان حياتهم، ولم يتوقف الأمر عند هذاالحد بل تجاوزته السلطة إلى فرض الجزية بحجة الضريبة وصولا إلى التدخل في اختيار من يمثل شعبنا إن كان في البرلمان الكوردستانيأو العراقي وعلى ما يبدو كنا مع أحلامنا الوردية أن نرى من يمثلنا لا يخاف لومة لائم لأنه فاز بأصواتنا ولكن أحلامنا تبخرت كون الذييمثلنا جاء بدعم من يمثل السلطة... للأسف نرى الأكثر من كل هذا بفرض القانون الاسلامي علينا في تقاسم الورثة الذي يفرق بين الأخوأخته وإلى اليوم لم يتمكن البرلمانيون من انصافنا باصدار قانون الأحوال الشخصية وأصبحنا أسرى الشريعة في كل تعاملاتنا الشخصيةفي المحاكم وكأن لا دين ولاتاريخ ولا حضارة لنا ... 
عندما جاء داعش الملعون إلى الموصل وعبر إلى سهل نينوى هجر الآلاف من أبناء أمتنا ممن لا حول لهم ولا قوة ولا يزال الكثيرون منهميعيشون خارج قراهم ومدنهم وليس باستطاعة كلا الحكومتين المركزية أو الاقليم بعد موت داعش الظالم تأمين عودة آمنة وسليمة لهم وأبقواعلى الكثيرين منهم بهدف الاستفادة منهم مستقبلا في دعم أصواتهم ، فبقوا مكتوفي الأيدي ويحاولون بكل الوسائل المتاحة طرق بابالهجرة للتخلص من الواقع المؤلم الذي يعيشه الكثيرون منهم وإن لم يكن اليوم بسبب داعش وإنما من شكل آخر من الظلم المعاش ...
في كندا مثلا (الدولة التي أقيم فيها) تعفى من الضرائب الأقوام الأصيلة من الذين عاشوا فيها ولهم بصمة تاريخية في بناءها ولها ميزةخاصة في التعامل معهم ويعاملون معاملة حسنة، قطعا هذا ليس مقتصرا على كندا فهناك عدد من الدول النفطية في الشرق الأوسطوتحديدا في الخليج العربي كالسعودية والكويت وقطر والبحرين ليس لها ضريبة دخل على مواطنيها، وتعتبر الامارات العربية المتحدةنموذجا في واحدة من أكثر الدول جاذبية للسياحة مع حكومة مستقرة تتمتع باقتصاد مزدهر وبيئة أكثر ثقافية من غالبية دول الشرقالأوسط ولا ضريبة تفرض على مواطنيها، ولكن للأسف بدلا من انصاف الشريحة الأصلية في بلادنا نراها مستغلة للمصالح الحكوميةالضيقة وتطبق عليها الأوامر وتفرض عليها الوصاية وكأنها قادمة من كوكب آخر وبهذا نكون قد فقدنا كل شيء بدءا بحق التعبير عن الرأيوحرية الكلام وصولا إلى طمس معالم تاريخ أجدادنا العظام فتم تجزئتنا إلى مجموعات تحاول كل منها النيل من الآخرى ومن خلال عملهمبشعارات رنانة في الوطنية وحب الأرض خدعونا وقاموا بتشييد لسدود كبيرة بين أبناء الأمة الواحدة لا يمكن لاحدنا العبور منها ولهذا بقيناعلى الطرف الآخر وبما أن أكثريتنا لا يجيد السباحة في الماء العكر فتمكنوا من الاستيلاء على حقوقنا ووضع اليد على أراضينا ومسحواتاريخنا وأصبحنا كسرب حمام طائر تصفق باجنحتها من الفرح ولا تدري بتربص قناص محتال من الأرض وطير جارح من السماء للنيل منهفتم تشتيته إلى أسراب صغيرة رحل كل سرب منها إلى مكان بحيث لا يعرف شيئا عن مكان السرب الآخر وبقي القليل ممن خان قومهليلتقط بعض الحبات المهدئة من يد صياد غادر وبجناحه السليم يصفق له ...
 هذا ما فعلوه معنا بحجة الدفاع عن حقوقنا فقسمونا ونحن لم نكن نعلم للتقسيم معنى وزرعوا بيننا الكره والبغض وكنا في الزمن الجميلنجهلهما ، فجعلوا منا طيورا مسالمة مكسورة الجناح واذا ما حاولنا أن نحلق عاليا فلن نستطيع كما ينبغي وقد نطير في اتجاهات مختلفةوالصياد يتحرك مجددا لصيدنا ويجلبوا لأبنائنا أبا ويذوقوننا الويل تلو الآخر ...
لهذه الأسباب وغيرها مجتمعة لا تزال العديد من العوائل المسيحية تحاول البحث عن حياة في خارج مؤاها لأن التمييز والتهميش وتراجعالحقوق لم ينته( وإن لا وجود لضغط مباشر عليها حاليا ولكن الممارسات اليومية فيها اقصاء ولا مكان لك بالعمل أو أن يكون لك ممثل علىمستوى المؤسسات الحكومية العليا) علما بأن الدستور العراقي أو مسودة دستور الاقليم يضمن لجميع مكونات المجتمع التساوي بالحقوقوالحريات ، لكن ذلك لا يطبق بشكل كامل بسبب المحاصصة وضعف تطبيق القانون وان وجد قانون رقم ٥ الخاص لحماية المكونات فيالاقليم فإننا بحاجة إلى دستور يضمن حقوقنا لا قانون يعدل يوما بحسب المزاج  .
لم يبق للكثير من الشباب حاملي شهادات وكذلك للكثير من العوائل أمل سوى طرق باب الهجرة إلى الجنات الموعودة في عوالم بعيدةومجهولة ليسعوا إلى تحقيق أحلامهم ويبنون فيها مستقبلهم ، ومنهم من يتحول إلى فريسة سهلة في أيدي اللصوص ومنهم من يتوجه نحوالتمزق الهوياتي العنيف الذي يعيشونه ومنهم من يقطعون التذكرة باتجاه واحد نحو المجهول ؟ ومنهم من هاجر رغما عنه ولكنه يعيش بأمانوسلام مع أمل العودة يوما ما إلى أرض الوطن لأنها أرضهم وتاريخهم وإن ذهبوا بحثا عن مستقبل لأولادهم .

صباح بلندر
  كندا