المحرر موضوع: البطريرك مار لويس ساكو .. ماضي في التجدد والاصالة والوحدة … مقالته (الاصالة ليست الاصوليّة) مثال  (زيارة 550 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سلام مرقس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 133
    • مشاهدة الملف الشخصي
البطريرك مار لويس ساكو .. ماضي في التجدد والاصالة والوحدة … مقالته (الاصالة ليست الاصوليّة) مثال
 
 ان الفكر التنويري الذي يحمله غبطة البطريرك مار  لويس ساكو يعتمد بالاساس على قوة العقل في ادراك الامور وهذا نابع من تجربته الطويلة في الكهنوت والتدريس والارشاد والادارة مع خبرته العلمية الواسعة وتعدد مشارب علومه ، لذلك نرى انه يجاهد في نقل وتبسيط المعلومة الى الغالبية من المؤمنين .
 لقد عمل غبطته طيلة فترة تسنمه سدة البطريركية ان يجدد في الليتورجيا ( القداس الالهي )مثلًا، او  من خلال التغييرات والاصلاحات لتجلب تحسين وسهولة في فهم  لاهوت الكنيسة وتعاليمها وطقوسها بما يتناسب مع ثقافة المومنين وظروفهم اينما وجدوا .
 وعبر تاريخ كنيستنا الطويل تركت بعض احكامها واساليبها في سبيل التأوين ، واشار  المجمع الفاتيكاني الثاني للكنيسة الكاثوليكية ( 1962-1965) الى هذا  المصطلح  بإجراء إصلاحات وتغييرات .
اليكم مقال غبطة البطريرك مار لويس ساكو عن الاصالة .

الكاردينال لويس ساكو

 كتب أحد الأشخاص – أعتقده شماساً، أعتبره من ” أهل الكهف”- على موقع عنكاوا كوم، يدعو الى محاكمتي بحجة تدميري الطقس الكلداني. إني أجزم أنه لا يفهم الطقس، ولا يمّيز بين الأصيل والدخيل، والاصالة والاصولية، وغير واعٍ بأن عالمنا اليوم مختلف تمامًا عن القرون الماضية. وعوض ان يشكرني ويثني على جهودي في إبراز طقسنا ورفع الدخيل عنه، وأنه لأول مرة في التاريخ يحتفل البابا بالقداس بحسب الطقس الكلداني، وراح يُطالب بمحاكمتي. اني أشفق عليه حقّاً.
الاصالة تعني الأصل. فيها فكرٌ وابداعٌ، فيها روحٌ ومعنى، وقابليّةُ التطور. الاصالة تنبع من الجذور. وما لدينا اليوم بعد عشرين قرناً يختلف عن الأصل.
الاصوليّة أي التطرف، الغلو هي عقلية الإبقاء على الموروت حرفيًّا، والحفاظ عليه من دون العودة الى الأصل وفهم الروح والمعنى الحقيقي وتأوينه ليتماشى مع ثقافتنا وبيئتنا،  فهو بالنتيجة افراغ من معناه.
 الشخص الأصولي لا يتحاور لأنه يعتبر نفسه فوق الجميع. يفكر انه دوماً على الحق، وأن الاخرين على الباطل. الأصولي لا يقرأ المستجدات، لا يفكر ولا يعتمد النقد العلمي، ولا يُحلل ولا يبحث عن من كتب هذا النص الليتورجي  ولمن كتبه؟  ولماذا كتب وماذا كانت تعني العبارات في ذلك الزمان.
المتعصب لا يرى سوى الماضي الذي عاش فيه في بلدته، وكأنه حالة صالحة لكل زمان ومكان حتى في بلاد الغرب.. و يستميت في الدفاع عن رأيه ويفرضه بتعسف، لذا لا يتقدم.
 رسالة الكنيسة
من الأهمية بمكان ان تقدم الكنيسة اليوم كما فعلت في الماضي، الإيمان والليتورجيا، بطريقة جديدة بسيطة ومفهومة وحيّة، لكي توقظه في قلوب الناس الحيارى امام العلمنة التي غيبت الله، و التشدد الذي شوهه، ليؤثرا إيجابيا في حياتنا. هذه الرسالة أساسية لتجدد الكنيسة ذاتها من الداخل تجديداً روحيًّا وفكريًّا واجتماعيًّا ” بالروح والحق”( يوحنا 4/ 23). لا بدّ من المواكبة بحسب الزمان والمكان وطول الرتب، ولا يفوتنا القطار…
يتعيّن على الكنيسة ان تحرص بترجمة إيمانها وليتورجيتها الى اللغات المحكية حتى يفهم المصلون الذين لا يعرفون السريانية – الكلدانية ما يتلونه. هذا حقهم وهو نقطة أساسية بالنسبة للكنيسة لان الليتورجيا مرتبطة بالناس وبالارض. والتحدي الكبير لكنيستنا هو كيف تحافظ على هويتها المشرقية الكلدانية وكيف تقدر ان تنشئ ابناءها في العراق وفي بلدان الشتات المختلفة لغويا وثقافيا واجتماعيا تنشئة مستدامة.. هذا الحس الذي كان منذ البدء عند الرسل وابائنا الاوائل ينبغي ان يستمر عندنا.
ليتورجيا اليوم وخصوصا القداس تتماسك داخليا وفي الجوهر مع تاريخ الكنيسة وليتورجيتها.
 الكنيسة الكلدانية رأت من الضرورة بمكان اجراء تعديلات على ليتورجيتها (طقوسها) القديمة، وصياغة بعض نصوصها بطريقة ايجابية تعكس بدقة واقع الحال اليوم، اي ان نجد كلمات جديدة وأشكال جديدة معبرةى تعطي ايماننا عمقا وشهادة..
سؤالي اليوم هو:  من يصلي الحوذراء ( الصلاة الطقسية)؟ كم أسقف او كاهن او رعية؟ قد يكونون على عدد أصابع الكف الواحد.
 التجديد الذي قام به السينودس
 بتجديدنا لم نقم بعملية “الناسخ والمنسوخ” اي ازالة القديم، بل اعتمدنا التأوين في رفع الدخيل والتكرار، وإيجاد عبارات اكثر فهما وملائمة لزماننا. اذكر على سبيل المثل في القداس: غيرنا كلمة عبدك أو جاريتك، بخادمك أو ابنك او بنتك ، لان العبد لا يرث . وفي صلاة التقدمة التي كان فيها المسيح هو الذبيحة والموجهة اليه.. وهذا يعد خطأ لاهوتيا، فجعلنا تقدمة المسيح موجهة الى الله الآب…
وعدلت بعض الصلوات مثلا صلاة (التذكارات) : إِقبله يا ربّ لأَجل هٰذا ٱلبلد وسكانِه، وهٰذه ٱلمدينة (يذكر اسم المدينة أو القرية) وأَهلِها، صُنهُم بقدرتِك من كلِّ ٱلأَضرار وٱلمصائب، وأَبعِد عنهم ٱلخوف وٱلعُنف، وٱمنحهم أمنَكَ وسلامَكَ كلَّ ٱلأَيام.
اما الكلام الجوهري الذي لم يكن في رتبة اداي وماري وحتى اليوم غير موجود لدى كنيسة المشرق الاشورية، حاولت الغاءه لتبيان اصالة الرتبة، غير ان الاساقفة رفضوا بسبب تعود الناس عليها، بالرغم من وجود بديل له في هذه الصلاة: : ونحن أيضاً، يا ربّ عِبادَك ٱلضعفاء ٱلمجتمعين باسمكَ وٱلقائِمين قُدامَك ٱلآن، إذ قَبِلنا بالتواتر الرسولي عن آبائنا، ما رَسمَهُ إِبنُك، فإننا نحتفلُ مُسبِّحين وفَرِحين بِهٰذا ٱلسِّرِّ ٱلعظيم، سِرِّ آلام ربِّنا ومخلِّصنا يسوع ٱلمسيح وموتِه ودفنهِ وقيامتهِ.
كذلك صلاة الروح القدس، فالروح هو من يحول كل شيء..
كما نوعنا القراءات واضفنا طلبات ملائمة بعد الأنجيل.
رتبة المعمودية هي للأطفال ولا توجد رتبة للبالغين.
وهكذا رتبة الزواج للشباب.. وليست للارامل او الكبار.
اتذكر اني حضرت ككاهن جديد زواج شخص عمره نحو سبعين سنة وامرأة بحدود الستين: فقال الكاهن:  لقد تقدمت ايها الشاب المبارك فلان.. لتقترن.. وفي التبريكات صلى:  كثر نسلهم واجعل من بينهم كهنة وبتولات؟؟؟ ضحكت في قلبي.. وغيرنا الجملة.
وفي الجناز تلاوة مداريش ليس فيها رجاء عوض مداريش مفعمة بالرجاء وعبارات من الكتاب المقدس. كما تحتوي عبارات مهينة للمرأة مثلا جاريتك الحقيرة؟؟
أما صلاة الصباحى والمساء التي نادرا ما تصلى في المدن، فعمدت على ترتيب النصوص العربية والكلدانية حتى تصلى وترتل هذه النصوص اللآليء في الرعايا في المدن التي لا يعرف الناس  اللغة السريانية – الكلدانية ورفعت التكرار، وتستغرق عشرين دقيقة. اليوم العديد من الرعايا تعتمدها.
اليكم نص تسبحة – الصبح- النور للايام العادية وما أجملها.
• معَ شُروقِ، آلفجرِ نُسَّبِحُك. أنتَ الفادي، لكلِّ البشرْ، بحنانِكَ، هَبنا يوماً مِلؤُهُ الاستقرارُ وراحةُ البالْ܀
• لا تُخَّيِبْنا، ولا تصُدْ بابَكَ في وجْهِنا، ولا تُهْمِلْنا، كما نستَحِّقن بل ُجازينا يا ربْ. إذْ وحدَكَ، تعلَمْ ضُعفَنا܀
• إِزرَعْ في العالمْ، حُباً، أَمناً ووِئامْ. وَفِّقْ بينَ، كلِّ المسؤولينْ، وامنحهم الحكمة، وآشفِ المرضى وآحرُسْنا. وآغفِر ذُنوبَ كلِّ البشرْ܀
اخيرا اني راع وحارس لايمان الجماعة وتنشئتهم ولست امينا للمتحف!