المحرر موضوع: الكود الأخلاقي لدى العرب!  (زيارة 346 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
الكود الأخلاقي لدى العرب!
« في: 11:24 15/06/2023 »
الكود الأخلاقي لدى العرب!
رعد الحافظ
13  يونيو 2023

مقدمة :
الكود الأخلاقي أو الشفرة الاخلاقية وأحياناً يقال بالعربية ميثاق الشرف.
Moral code
هي مجموعة المباديء والقيم الأخلاقية الإيجابية (الخيّرة) الموافقة للفطرة الإنسانية عموماً ,التي أثبتتها مؤخراً العلوم المتعلقة بدماغ الإنسان ,وتوصلت إليها البشرية تدريجياً عبر التأريخ ,وتحكم قرارات وعمل ومهن الأفراد والمؤسسات على إختلاف أنواعها!
على سبيل المثال اليوم على كل محامي الإلتزام بأخلاق (مهنة المحاماة) ,ليس فقط الأمانة والنزاهة والإخلاص ,لكن أيضاً عدم البوح بأسرار موكله الخاصة ,
إذا لم يوافق هذا الاخير على ذلك .وهكذا الحال مع الطبيب (قسم أبقراط) ,
والصحفي والمعلّم ,وحتى في الأعمال الحكومية كالشرطة والجيش وما شابه!
ومن غرائب الامور في هذا الشأن ,أنّنا نسمع أحياناً عن أخلاقيات المهنة حتى لدى مافيات المخدرات والعصابات ,بعدم التقرّب من عوائل الخصوم وعدم التعرّض للكبار في العمر .. الخ .وقد يكون كلّ هذا للتهكم!
***
صورة

***
الكود الأخلاقي العالمي للبشرية حالياً
كما ذكرت ,هذا الكود في تطوّر تدريجي ومستمر ,منذ ظهور البشر الى يومنا!
لكن جزء مهم منه نلمسه من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ,الذي تبنته الاُمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948 في قصر شايو ,في باريس الجميلة!
يتألف من 30 مادة (مقارنةً بالوصايا التوراتية العشر/ لا تقتل لا تسرق لا تزني ..الخ) ,التي تجاوزها الزمن ولم تعُد تكفي!
مواد هذا الإعلان المذكور ,تتناول حقّ الحياة والكرامة البشرية ومباديء الحرية الشخصيّة (الفكر والتعبير والمعتقد والدين ...وحتى التنقل) .كذلك المساواة بين البشر (النساء والأطفال),وحظر الرقّ والعبودية .ثمّ يأتي دور حقوق الإنسان الجمعية العامة ,التي يتوجب على الحكومات ضمانها وصيانتها لشعوبها ,مثل الرعاية الصحيّة والتعليم والدفاع عنهم والمشاركة في الحياة العامة عن طريق الاحزاب .. الخ , يعني بإختصار الديمقراطية!
وفي وقتنا الراهن نسمع عن الكود الأخلاقي في السرقات الفكرية والعلمية والتكنولوجية (الصين شاطرة في هذا المجال).
وعن الكود الأخلاقي في إستخدام الإنترنت ومنتجاته (منع الجرائم السيبرانية مثلاً) ,وكلّ ما يتعلق بالتقدمات الطبية الحديثة ,في زراعة وإستبدال الأعضاء ,
وصولاً الى الذكاء الإصطناعي ومشاكله المتوقعة!
ملاحظة : الدول الإستبدادية مثل الصين وروسيا ,لا تشتري إعلان حقوق الإنسان بفلس .ينما الدول الإسلاميّة تعلن قبولها نظرياً بمباديء حقوق الإنسان.
إنّما عملياً تقول أنّ لها خصوصيتها أو (ثقافتها الإسلاميّة الخاصة)!
ويظهر ذلك جليّاً في حالة حقوق المرأة والطفل (تشغيل الاطفال) والمعارضين السياسيين والأقليات الدينية والعرقية ,والطبيعة الجنسية للفرد (المثلية الجنسية).
ومَن يشك في هذا الكلام فليستمع للسيسي (رئيس مصر) ,عندما يجيب الصحفيين الغربيين عن حقوق الإنسان في بلده .لسان حاله كما وصفه المفكر الأديب المصري (د.علاء الاسواني) يقول : شعبي وأنا حُرّ فيه!
***
أمثلة على عطب الكود الاخلاقي العربي!
أيّ مصيبة تصيب العرب : حروب بينهم ,جفاف ,مجاعات ,حوادث كبرى ,حتى الثورات الشعبية ,يلقون أسبابها على أعدائهم المُفترضين .يعني الغرب الكافر الصهيونية الماسونية الإمبريالية وعد بلفور سايكس پيكو ,الى آخر هذا الهراء!
و في أفضل الاحوال يردونها لقضاء الله وقدرهِ ولا رادّ لقدرهِ .
يعني العلوم والدراسات العلمية والمختبرات والمخترعات (ملهاش أيّ لازمة) بالمصرية الجميلة!
لكن لو حدث لغيرهم مثل تلك المصائب (تسونامي ,هزّات أرضية ,زلازل ,براكين ,حروب كحرب بوتين القذرة على اوكرانيا ..الخ),سيقولون أنّها إنتقام الله من أعداء المسلمين ,فليذهبوا الى الجحيم.
لا بل أنّ بعض قادة المسلمين يأمر بصلاة الشكر ,كما فعل خامنئي على الملأ ,في حالة زلزال هايتي 2010 ,الذي وصل عدد ضحاياه حوالي ثلث مليون إنسان.
فلاحظوا معي نوعية هذا الكود الأخلاقي الغريب.
السلوك الفردي والجماعي العربي والإسلامي ,من جهة يدعو للسمّو والرفعة والمحبّة ,لكنّهم غالباً يفعلون العكس ,حيث كراهية الآخر المختلف.
كلّ شيء يقولونه ممكن أن يفعلو عكسه!
على سبيل المثال يدّعون أنّ النظافة من الإيمان ,لكنّهم يدّمرون كلّ شيء جميل بأزبالهم و قاذوراتهم في الغرب وفي البلدان التي عطفت عليهم وآوتهم بمنتهى الإنسانية والمحبّة ,فما تفسير ذلك سوى عطب الكود الأخلاقي؟
يتعاطفون مع الفقراء نظرياً لكن يتهربون من الضرائب عملياً!
يقولون بالمساواة وحماية حقوق المرأة نظرياً بينما يجعلونها نصف الرجل عملياً.
حتى قضايا الجمال والفن والإبداع ,يعلنون تبنيهم لها ,لكنّهم يحاربوها عن طريق (التابوهات) الدينية والشروط والضوابط والرقابة الحكوميّة!
حتى السرقات الفكرية والفنيّة يستنكرونها من غيرهم ويقومون بها بأنفسهم!
***
الخلاصة :
الكود الأخلاقي العربي غريب و يعاني من تناقضات لا حدّ لها!
يسعدني هنا أن أستعين بمنشور مفيد للصديق المصري المهندس (فادي سليمان) حول كتاب قرأه عن علم الجريمة عنوانه :
Criminology: A Complete Introduction
من ضمن محتويات الكتاب ,الأمراض النفسية التي قد تصيب الإنسان ,وبعضها بالطبع لها علاقة بالجريمة بدرجة واضحة!
هناك مرضين ذات صلة كبيرة بتقليل أو منع التعاطف مع الضحايا ,وعدم الشعور بالذنب تجاه ذلك ,بالأخص إذا كانوا أغراب أو ما شابه .
المرض الأوّل عضوي سايكوباثي ,سببهُ خلل جيني وراثي في المخ!
لكن المرض الثاني سببه تأثير المجتمع (وعقائده بالطبع) على الإنسان!
مظاهر هذا المرض تصل حدّ تعذيب بعض الحيوانات لسبب أو دون سبب.
وأنا مازلتُ أذكر مشاهد رجم الكلاب حتى الموت أحياناً ,بقسوة مفرطة لا علاقة للرحمة الإنسانية وكودها الاخلاقي في أضعف حالاته!
وقبل أيام قليلة شاهدنا فيديوهات من مصر عن إصطياد سمكة القرش التي قتلت سائح روسي مسكين ,وقيام الناس حولها بضربها بقضيب معدني على أسنانها في مشهد عجيب غريب ,كأنّهم يعذبوها لتعترف بجريمتها .
حتى بيان وزارة البيئة المصرية كان أغرب من الحادث عندما وصفوا سلوك القرش بأنّه غير طبيعي وغير مفهموم .كأنّ طبيعة القرش هو الرقص مع الناس!
بالطبع العديد كتبوا أنّ هذه مؤامرة خارجية على مصر المحروسة والسياحة المزدهرة فيها ,وحمداً لله أنّهم أمسكوا بسمكة القرش ولاقت ما تستحق من عذاب.
فأين غاب أحبتي ,الكود الأخلاقي في دين الرحمة والمحبّة والسلام ؟

رعد الحافظ