المحرر موضوع: على الآباء والأمهات أن لا يخافوا من قول ( لا ) لأولادهم ! (3 أجزاء) الجزء الأول  (زيارة 198 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح پلندر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 128
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

على الآباء والأمهات أن لا يخافوا من قول ( لا ) لأولادهم !
(3 أجزاء)
الجزء الأول

إخوتي الأعزاء ، منذ فترة ليست بالقصيرة ومن خلال زياراتي المتكررة إلى بلدتي العزيزة عنكاوا وآخروها بدأت في حزيران من هذه السنة2023 وددت أن أكتب لكم في موضوع مهم من خلال مشاهداتي وتواصلي مع الزملاء والأحباب ووقوفي على أساليب مثيرة للريبة يتّبعُهااليوم البعض من شبابنا وشاباتنا مع جلَّ إحتراماتي لهم وهي بعيدة كلياً عن سمات وثقافة مجتمعنا الذي تربينا في أحضانه وشربنا منمياهه واستنشقنا هواءه العليل في ظل عائلة مضحية ومؤمنة بالله وبأقوال الرب من أجل لقمة العيش الكريمة لأولادها ... لربما أتجاسر علىالآباء والأمهات وأنا أتحدث في هكذا موضوع وإن لن يحلو للبعض ويتهمني بأني ترعرت في بيئة قديمة عفى الله عنها وعن الزمن الذيعشت فيه وهي غير البيئة الجديدة التي نحن فيها الآن وقد تغير كل شيء عن السابق وكأننا غافلون عما آلت اليه العولمة والمدنية الحديثة منتطورات هائلة في مجالات عمل الانترنيت والفضائيات بشكل عام ووسائل التواصل الاجتماعي ومعها مجالات الحياة المختلفة بشكل خاصوقطعاً وأنا في وطن الغربة لست بغافل عنها... أكرر وأقول إن كان الزمان الذي نشأت فيه غير هذا الزمان الذي ينشأ فيه الولد/البنت فيحرية (غير منضبطة أحيانا) ولكن إلى وقت قريب كانوا الجميع في بلدتي المتواضعة والمؤمنة (كما في البلدات المسيحية أو الاسلاميةالأخرى) ملتزمين بكلمة جميلة مؤلفة من حروف ثلاث كان لها فعل سحر عجيب الا وهي كلمة (عيب) ، لأننا كنا نعيش مع  هذه الكلمةالشائعة والسائدة منذ زمن السلف الصالح(الآباء والأجداد) التي عملوا و بنوا عليها أجيالاً وكنا نتقبلها صغارا وكبارا بفرح وأدب ومحبةواحترام ،ولا عجب بأن هذه الكلمة البسيطة حكمت العلاقات الأسرية والمجتمعية بالذوق الرفيع ووضعت حجر الأساس لأصول التربيةالسليمة للعائلة والمجتمع معاً ، حيث الأهالي بمختلف ثقافاتهم البسيطة كانوا يرددونها بشكل دائم ولم يكونوا خطباء منابر وإنما هي كلمتهملإحياء فضيلة في النفس وذم رذيلة بعينها ... ولكن للأسف الأكثرية من شبابنا وشاباتنا (وهم موضوع مقالتنا هذه) نراهم وقد تمردوا علىهذه الكلمة(عيب) ظناً منهم أنهم يعيشون بحرية أكبر و بطريقة أفضل من الجيل الذي سبقهم ، وينطبق عليهم ما قرأته يوماً من شعرأحدهم: " ولا خَيْرَ في حُسْنِ الجُسُومِ وطُولِها ... إذا لم يَزِنْ حُسْنَ الجُسُومِ عُقُولُ".
بهذه المقدمة الموجزة والبسيطة سأسمح لنفسي(وأرجو مخلصاً أن تسمحوا لي أنتم أيضاً ) أن أدخل في هذا الموضوع ، موضوع عنوانمقالتي(على الآباء والأمهات أن لا يخافوا من قول لا لأولادهم !) وإن كان الموضوع شائك ومعقد والخوض فيه قد يكون سبب في وجع الرأسوسوء فهم وازعاج للبعض ممن يقرؤنه وإن لم يكن لي شرف الاختصاص أو الالمام الكافي في أي فرع من فروع علم النفس المختلفة التربويةأو النفسية أو العلاجية منها وإنما أكتب بمقدار فهمي لعنوان الموضوع كما اسلفت فعسى أن تنال مقالتي هذه رضاكم أو أقله إعجابكم...     

أعزائي الآباء والأمهات ، إن كانوا أولادكم متعلمين ومتزنين وعاقلين وطائعين وخدومين وبالتالي مثقفين، يحترمونكم ويحبونكم ويتصرفونتصرف الأبناء الأمناء وأفعالهم تطابق أقوالهم وهم منتبهين لكل شاردة وواردة ولم يخالفوا أو يعصوا لكم أمراً فهذه نعمة من الله ما بعدهانعمة أخرى وهي رأس مالكم المعلن بأن تفتخروا وأن لا تفرطوا بهم حيث يطيعونكم قبل أن تأمرونهم وهذا الولد/البنت يدعى بالإبن/البت البارالموفق وعليكم أن تجعلوهم أصدقاء حقيقيين تناقشوهم في كل المسائل التي تخص صالح العائلة وأنتم الرابحون عندما تستمعون لأراءهموسيبارك الله في تربيتكم لهم واعلموا بأن الذرية الصالحة نعمةٌ مباركةٌ من الرب ولا يجوز إهمالها ولا التفريط فيها، بل تستحق تواصل الشكرمعها لأنهم زينة الدنيا وبهجتها ومن طبيعة الوالدين أن يسعدا كثيراً بأولادهم وبناتهم حينما يرونهم يكملون مشوارهم، ويسيرون على دربهم،ويحملون اسمهم، فيكونون امتداداً طبيعياً لهم بعد وفاتهم.... أما إذا كانوا خلاف ذلك (لا سامح الله) مزعجون لامبالين ويقلقون راحتكموإرشاداتكم وترتفع عليكم أصواتهم(بسبب أو دون سبب) ولا يطيعونكم أو اقله يطيعونكم بنفس كريهة أو فيها تأفف فهذا يدعى بالإبن/البنتالعاق كونهم لا يعرفون لكلمة عيب من معنى إلى حدّ تتساءلون معه عما أخطاتم في حقهم ولا تجدون الجواب الشافي لسؤالكم وعندها لابدمن أن تأخذوا منهم  موقفاً حازماً وتقولوا لهم (لا) لكي يقف كل منهم ضمن الحدود المسموح بها وليس له الحق بتجاوزها وإن كان الكلاممؤلماً بعض الشيء كوننا نعيش اليوم في زمان بات فيه الولد أميراً والبنت أميرةً ، فهم الذين يرسمون للعائلة دستورها وإن كانت البعض منمواد هذا الدستور جيدة إلاَّ لها سلبيات كثيرة ومخيفة في مجالات أخرى في تربيتهم، لأننا نجد في مجتمعنا الحالي عوائل كثيرة فيهاالوالدين الوحيد ليس الاهتمام بحاجاتهم الشخصية قدر الاهتمام بحاجات الاولاد الذين يقررون مكان وخارطة بناء دار جديدة أو شراء سكنأو تأجيره ومكان إقامة السفرات وقضاء العطلة وصولاً إلى نوع وموديل السيارة التي يشترونها بل (أحياناً) حتى الملابس التي يشتريها الأبأو تلك التي تشتريها الأم لنفسها يتدخلون فيها وللأسف نجد الكثير من الآباء والامهات لا يعملون شيئا دون توجيه من الأولاد لهم ... ذلك هوالمؤلم والمخيف ولكنه واقع حال في الكثير من العوائل ولا مناص من الاعتراف به .   
ولكن لنبحث معاً للوقوف على سبب هذا الانتقال الغريب والعجيب في السلطة ضمن العائلة ؟ فقد نجد الجواب سريعاً بأن العلة (في أغلبها) تكمن في جانب الوالدين منذ نشأة صغيرهم والكثيرين منهم باتوا لا يجرؤون على قول (لا) لأولادهم بل لا يجرؤون على إعطاءهم أمراً أونصيحة وتجدهم يثورون بوجههم كما لا يستطيعون معاقبتهم مخافة أن يخسروا مودتهم وما من عائلة يزداد فيها التفكك إلا كان السببتخلي الوالدين(مع جل إحترامي لكل أب وأم) عن سلطاتهم التربوية ، فالزوج (الأب) عندما يشعر بلامبالاة زوجته وقلة احترامها له وعدمالاصغاء لكلامه يتقرب كثيراً من الأولاد ليستميلهم إلى جانبه ضد أمهم(زوجته) ، كذلك الزوجة (الأم) تسلك السلوك الغير سوي نفسه عندماتشعر بالاهمال والاحباط من جانب زوجها فتتقرب أكثر منه للأولاد لتظهر نفسها بمظهر الإنسانة الضعيفة والمضحية والخدومة وتتساهلمعهم بكل ما يطلبونه لتستميلهم هي الأخرى إلى جانبها ولو كان هذا بشكل مؤقت ، ومما لا شك فيه الوالدين الذين يحاولون كسب مودةأولادهم بهذه الطريقة أو بهذا الشكل سيدفعون/دفعوا الثمن غاليا إن كان عاجلاً أو آجلاً والاولاد بشطارتهم يستغلون موقف والديهم لكسبما بوسعهم كسبه لأنفسهم من هذه المساومات العاطفية الضعيفة .
من المؤكد لما نلمسه من وسائل التواصل الاجتماعي بأن شر النظريات التي يعتمدها الوالدان اليوم هي تلك التي يتركون فيها للاولاد الحريةالمطلقة كترك الحبل على الغارب وهي تزداد يوما بعد آخر تفشيا في العديد من العوائل الكبيرة أو الصغيرة ومن نتائجها أولاد مزاجيينمتحركين مع كل نسمة ريح ، لذا (من وجهة نظر الكثيرون من أمثالنا) آن الأوان للوالدين لكي يشدوا الضوابط والاصرار على رؤية الأشياءبألوانها الزاهية ليفضي إلى عمل بناء لما يحتاجه الاولاد اليوم وهو الاقلاع عن تدليلهم وتنفيذ كل مطاليبهم ووعودهم بالهدايا واغراقهم بها(بمناسبة أو غير مناسبة) وارضائهم في كل شيء حتى ليتوهمون أن العالم كله ملك ايديهم وهذا يدخل في باب  المهانة للوالدين ... وكثيراً مايجسون الابناء (خاصة البنت قبل الولد) نبض الأم قبل الأب ليعرفوا ماذا يستطيعون إباحته لانفسهم عندما تراضيهم في غضبهم وتنتظرهمعندما يغيبون وتعذرهم بلا عذر وهم يعودون ويرتفع صوتهم وصراخهم عليها دون سبب وتسامحهم ويصل حلمها وتساهلها معهم إلى حد غيرمعقول وتخسرهم وفي قلبها غصة ولكن في سرهم يأملون منها ألاَّ تدعهم يتجاوزون الحد المسموح به...، فلا تنسين أيتها الأم عندما يعلوصوتكِ لأمر ما مع ابنك/ابنتك فعليك ألاّ تلقي سلاحك أرضا و أن الوالدين الذين بحجة إرضاء الولد/البنت يتركونه يفعل كل ما يريد ولايرفضون له شيئا انما يعلمون جيداً بأنهم الخاسرون ويستنتج الولد بأن والديه وفي أحسن الأحوال ليسا سوى خيال(دمية) فيقل احترامهماعنده/عندها ويعملون كما يحلو لهم وبمزاجهم الخاص ثم يحمّلونهم مسؤولية كل مكروه يصيبهم ليقولوا: " أنتم السبب ، لماذا لم تَمنعاني منفعلِ ما فعلتْ" . وبهذا يكون الوالديْن قد قطعا الروابط السليمة التي تربط الأولاد بجذورهم، فلم يعد لهم ارتباط بها، وأصبحت الصورة العامةلأولاد أنهم فاقدوا القدوة الحسنة في المنزل، فيرى أباه وأمه (أو إخوته الأكبر منه) على جملةٍ من المخالفات قولاً وعملاً، فيتأثر بها ويقلدها،ويظنها شيئ حسن، وما عداها باطلاً، ثم يُفاجَأ الوالدان بأن شخصية هذا الولد/البنت قد تبلورت على خلاف ما كانا يرجوان له من خيرٍ،رغم أنهما السبب في ذلك . لذا فإن التأديب المؤلم ضروري لتنشئة الأولاد منذ نعومة أظفارهم تنشئة تربوية صالحة للمستقبل حياتهم الروحيةوالدنيوية واحذروا من المال الزائد بين أيديهم إنما هو مفسدة لهم ويجب أن يكون تأثيركم(الوالدين)على الأولاد كما للملح تأثيره في اعطاءالنكهة للطعام ويجب أن تحييوا معاً حياة فاضلة حتى تزرعون حبكم في قلوبهم فيستمعون بلطف لنصائحكم وارشاداتكم فينعمون بالمحبةوالعطاء وهو خير مثال للابن /البنت الصالح .

صباح بلندر 12/تموز/2023