المحرر موضوع: مع غبطة البطريرك ساكو في صومعته 6.  (زيارة 327 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف ابو يوسف

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 6328
  • الجنس: ذكر
  • ان كنت كاذبا فتلك مصيبه وان كنت صادقا المصيبه اعظم
    • مشاهدة الملف الشخصي
تحية وإحترام:

في عام 2016 كنت قد أعلنت عن توقفي مشاركة مقالات وأخبار الموقع الأعلامي الرسمي للبطريركية الكلدانية إحتراماً لكلمتي يومها وبرغبتي الخاصة بعد صدور بيان ركيك مُستفز بشأني من قبل البطريرك ساكو, لكن اليوم وللضروف العصيبة التي يمر بها غبطة نيافة الدكتور البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو فأني قررت أن أشارك بعض المقالات التي نشرها الموقع أعلاه قبل عشر سنين تخص ما حصل لأبناء شعبنا يومها من تهجير وأيضا مسألة الكهنة وتركهم مناطق تنسيبهم دون كتاب رسمي, هذه المقالات كان المرجو منها دعوة للصبر والتحمل والمحبة وغيرها من الأمور, واليوم وبعد إعلان غبطته نيته الأنسحاب من المقر البطريركي ببغداد والتوجه الى أحد الأديرة في أقليم كردستان بعد الظلم الذي وقع عليه وكما جاء في رسالة غبطته المفتوحة الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والى الشعب العراقي, فسأشارك هذه المقالات مع غبطته علها تكون رفيقاً له في صومعته ليتأمل بها ويستفاد مما جاء فيها من دروس وعبر كما أستفاد منها يومها من وجهت إليهم .

أترك غبطته مع هذه السلسلة ويمكن أن يستفاد منها المطلعين الكرام أيضاً, مع وافر تحياتي.

المقالة السابعة تحت عنوان: (نشيد المحبة)    https://saint-adday.com/?p=7015

أحبوا بعضكم بعضا كما أنا أحببتكم”… تلك الكلمة التي نجهلها نحن البشر ونسيء إستعمالها إنها محور الحياة البشرية بالأحرى هي مركز حياة كل إنسان إنها عديمة الوصف لأنها تملك كل معاني حياة الإنسان وحياة الإنسان ملخصة بهذه الكلمة (المحبة) فمن يحب بإخلاص يضحي بنفسه في سبيل غيره على سبيل المثال محبة إبراهيم لله الذي كان سيضحي بابنه إسحاق قربانا لله،  وربنا يسوع المسيح  ضحى بنفسه من أجل محبته لنا كي لا نكون عبيد للخطيئة وشركاء الإبليس.
فالمسيح هو النموذج العظيم للمحبة، فهو المحبة المتجسدة.وقد كانت المحبة واضحة في حياة المسيح وتعاليمه، فقد قال عن محبتة الباذله ” ليس لأحد حب اعظم من أن يبذل نفسه في سبيل أحبائه” (يو 13:15). فقد اعتبر أعداءه الخطاة أصدقاءه وأحباءه ، فبذل نفسه عنهم، ليجعل منهم فعلا أحباءه وأصدقاءه. والمحبة متواضعة وهذا مانراه في الرب يسوع وهو يغسل أرجل تلميذه يظهر الحب الكامل  “إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم إلى المنتهى” (يو10:13).
وفي تعاليمه كانت المحبة واضحة وهو يقول: ” أعطيكم وصية جديدة أحبوا بعظكم بعضا كما أحببتكم، إذا أحب بعظكم بعضاً عرف الناس جميعاً أنكم تلاميذي” (يو 35:13).
وعندما سئل عن الوصية الأولى والعظمى أجاب : ” إن أول كل الوصايا هي : اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد. وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك. هذه هي الوصية الأولى. وثانية مثلها هي أن تحب قريبك كنفسك. ليس وصية أخرى أعظم من هاتين ” ( مرقس 29:12ـ31).
واذا اردنا ان ننظر في تعليم الرسل بخصوص هذا الموضوع نجد الرسول بولس في رسالته الى أهل كورنتوس الأولى الاصحاح الثالث عشر تعليماً وشرحاً وافياً عن المحبة عملياً، وقد قدم الرسول بولس هذا التعليم لكنيسة كورنتوس لانها كانت تشبه كنيسة اليوم إلى حد كبير تفتقد هذه الفضيلة في حياتها اليومية التي تعيشها بين افرادها وهي أعظم جميع الفضائل وهي المحبة.
فقد كانت كنيسة كورنتوس منقسمة إلى أحزاب وإلى فرق كثيرة، لانكم بعد جسديون.فانه اذ فيكم حسد وخصام وانشقاق ألستم جسديين وتسلكون بحسب البشر. وهذا بسبب الاتكال على الحكمة البشرية الباطلة وعلى الذات، وهذا غير كافي فالفصاحة والفلسفة لا يكون لهما المكانة الأولى في حياتنا وهذا ما اكده بولس في رسالته ان كنت اتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن او صنجا يرن فما زلنا نسيروا سيرتاً بشريا . فالمكانه الأولى هيا للمسيح وهذا ما بينه بولس بقوله: ”  فانه لا يستطيع احد ان يضع اساسا آخر غير الذي وضع الذي هو يسوع المسيح،ولكن ان كان احد يبني على هذا الاساس ذهبا فضة حجارة كريمة خشبا عشبا قشا،فعمل كل واحد سيصير ظاهرا لان اليوم سيبيّنه.لانه بنار يستعلن وستمتحن النار عمل كل واحد ما هو.”
ولذلك نحن اليوم نحتاج لنشيد المحبة لنبني بيوتنا وعوائلنا وعلاقتنا على المحبة، ونقيم علاقتنا الفكرية مع المحيطين بنا على أساس المحبة، ولنصدر أحكامنا على الاخرين من منطلق المحبة.
فالمحبة لا تحتد، وهنا اليوم بيننا احتداد خاطئ، أحتداد بسبب لا يستحق الاحتداد: قال المسيح في موعظته على الجبل : ” كل من يغضب على اخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم ” (متى 22:5). فهناك من يغضب بحق ويطيع الوصية : : اغضبوا ولا تخطئوا . لا تغرب الشمس على غيظكم ، ولا تعطوا إبليس مكاناً” (أفسس 26:4و27). وهناك من يغضب ويحتد على أخيه باطلاً فيستوجب الحكم عليه من محكمة السماء، وربما من محاكم الارض أيضاً. قد نحتد لمجرد أن شخصاً يختلف معنا في وجهة نظرنا، وأحياناً لأن إنساناً يعاكس مصالحنا الشخصية البسيطة التي قد تكون تافهة ، فنفقد أعصابنا، وتخرج من أفواهنا الكلمات التي لا تليق، وقد نحتد على أقرب الناس إلى قلوبنا، لأننا لم نسمع دفاعهم عن أنفسهم، أو لأننا لم نعطهم فرصة للدفاع عن وجهة نظرهم. وقد نحتد عليهم لأننا نطلب منهم أن يكونوا مجرد أتباع لنا ولأفكارنا بدون مناقشة. ويوصي بولس أهل أفسس بقوله: ” ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث. وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما

 سامحكم الله ايضا في المسيح”. ( أفسس 31:4و32). فالمحبة الحقيقية لا تغضب لسبب لا يستحق فهي لا تلجأ أبداً للانتقام.
المحبة لا تظن السوء، أن نتأكد من كل حقيقة قبل أن نصدر حكماً فيها، لأن ظن السوء يؤذينا ويؤذي غيرنا. والمحبة لاتظن السوء لأنها تتأنى وترفق، فلا تصدر أحكاماً سريعة، بل تعطي فرصة لتتأكد.
ماهو ظن السوء؟ ظن السوء هو أن نفسر كلمات وأفعال الآخرين تفسيراً سلبياً، وأن نحكم عليهم أحكاماً ظالمة دون أن تكون لنا أدلة على ذلك.
ننسب السوء اليهم في أقولهم وأعمالهم وصفاتهم. وهذا يخلق في داخلنا من نحو الشخص الذي نسيء الظن به موقفاً فكرياً سلبياً يحدد معاملاتنا معه اليوم وغداً، وتظل الصورة السيئة لذلك الشخص عالقة في ذهننا بدون تغير، لأننا نظن به السوء.
نتوقع السوء من الشخص الذي أسأنا الظن به، وكأننا نلبس نظارة سوداء كلما نظرنا إليه. ومهما أحسن التصرف فإننا نعزو حسن تصرفه إلى غايات وأهداف شريرة. وما أن يحدث خطأ حتى يتبادر أسمه إلى فكرنا باعتبار أنه هو الذي ارتكبه، ونتنبأ دوماً برد فعله الخاطئ على أي عمل صالح نقوم به. وأسوأ نتائج هذه الحالة أن صاحب الظن السيء عندما يتصرف في سوء الظن سرعان ما يحتاج لعلاج نفسي، لأنه يتعب من توقع خيانة الناس له، وطمعهم في مايملك، وسرقته لما عنده، وارتكاب كل أمر شرير يؤذيه!
ننمي أفكار السوء من نحو الآخرين، فنفسر مواقفهم البسيطة بتعقيد، ونلون مواقفهم الرمادية اللون الغير واضحة بعد، باللون الأسود. ويزيد الأمر سوءاً حتى نفسر مواقفهم البيضاء بأنها سوداء.
لهذا السبب نحتاج إلى المحبة التي لاتظن السوء لأنها تنقذ حياتنا الإيمانية والاجتماعية والنفسية،وتريحنا من المشاكل مع الذات والمجتمع.
صلاة :
يارب، أغفر لي سوء الظن في غيري، فإني لا أعرف كل شيء عن كل شخص. ساعدني لأرى الجانب المشرق في الناس قبل أن أرى الجانب المظلم فيهم، وهبني وأنا أحكم على غيري بساطة الحمام وحكمة الحيات. أعطني النعمة لأفكر في غيري كما تفكر أنت في، فإنك دائماً تتوقع مني الخير وتستأمنني على الكثير، وتكلفني بخدمات أؤديها لك. لقد استأمنتني على دخلي ووقتي وأسرتي وبركاتي الروحية، فأعطني أن أرى الآخرين بمنظارك أنت. في شفاعة المسيح وجميع القديسين . آمـــــــــــــــــين.
إنتهى المقال.

                           ظافر شَنو
لن أُحابيَ أحدًا مِنَ النَّاسِ ولن أتَمَلَّقَ أيَ إنسانٍ! فأنا لا أعرِفُ التَمَلُّقَ. أيوب 32.