المحرر موضوع: جمر الذكريات بين الواقع والخيال من أيام الكفاح المسلح في كردستان  (زيارة 883 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردا البيلاتـي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
جمر الذكريات بين الواقع والخيال من أيام الكفاح المسلح في كردستان

ألأمية التخلف

في احدى ليالي عام 1980 كنا في جولة انصارية في قرى كردستان توزعنا ما بين بيوت الفلاحين ففي وقت العشاء استقبلنا صاحب البيت وكان وقتها جاهزاً للصلاة فبعد لحظات صرخ الرجل في وجه زوجته (قحبة)!!
 وبرمشة العين سحب رفيقي اقسام البندقية في وجه الرجل فأن كانت زوجتك قحبة فانت إذاً قواد اليس كذلك؟ ...
 سيدي كلا..
ما هو السبب إذاً؟ أجاب في الشرع الاسلامي وبعد الوضوء لا يجوز للمرأة لمس يد الرجل.
ومن قال لك ذلك؟
سيدي إمام الجامع قال ذلك في خطبة الجمعة.
وهل يصح في الشرع الاسلامي ان تلفظ كلمات بذيئة بحق زوجتك بوجود ضيوف؟
 لا سيدي.
 اسمع أذاً الان تعتذر لزوجتك امامنا وإلا نقبض عليك وسيكون مصيرك مجهولاً وقتها لم يكن هناك بد امام الرجل إلا أن يعتذر ... بعد ثلاث سنوات زرنا تلك القرية وذهبنا الى نفس البيت وتم استقبالنا بحرارة وصاحب البيت لا يتذكرنا، عندما سمعنا اذان المغرب قلت له لماذا لا تذهب الى الصلاة؟
لقد تركت الصلاة وانا الان سعيد مع عائلتي، وهل هناك سبب ما؟ نعم لقد تعلمت قبل سنوات درساً لن أنساه ابداً.

 ثمن الكرسي خروف وعجل


في إحدى استراحات المفرزة كنت جالساً تحت شجرة الجوز في بساتين برواري بالا
 (قرية دركلي) كنت منسجماً مع رواية (الحب في زمن الكوليرا) توجه نحوي (سركال)*وهو شخصية معروفة في المنطقة.
بعد السلام مرحباً به قلت له تفضل اراك متعب؟
سركال: سيدا** الحقيقة كنت لدى مدير ناحية كاني ماسي وخلال اسبوع مرتين التقيته بتوصية من شيخنا الجليل.
قلت: اي شيخ ولماذا؟
سركال: سيدا شيخ بامرني، لا أخفى عليك سراً (قرية ....) قبل اسبوع جلب أحد الفلاحين خروف هدية للشيخ ليكون مختار القرية، رغم أنه في القرية يوجد مختار لكن يظهر هناك سوء تفاهم بينهما، وعلى ضوء ذلك كلفني الشيخ بتوصية منه أن يتم تغير المختار القديم ويحل محله المختار الجديد. بعد اسبوع جاءني المختار القديم ومعه (عجل)
سركال: ما هذا!؟
المختار القديم: هدية للشيخ واريد أن يتم إعادتي كمختار الى قريتي.
وهل تم ذلك؟
سركال : نعم سيدا الان رجعت وتمت الموافقة وهذه مهمة جداً بسيطة كلمة شيخنا الموقر يتم تنفيذها من قبل جميع مؤسسات الحكومة بسلاسة بين مدينة دهوك وأريافها.
ما الغاية من سرد هذه القصة؟
سركال: سيدا لكونكم معروفين كمسؤول في المنطقة وأنتم الثوار تقع على عاتقكم مسؤوليات جمّة التي تخدم أبناء المنطقة. أن تقوموا بعقد ندوى تثقيفية لأهالي القرية على أن يتم الصلح بين المتنازعين على كرسي المختار لماذا؟

سركال: خوفي ألا يقوم المختار المعزول بجلب بقرة هذه المرة.!!
.
سركال: (الوكيل). يعتبر نفسه هو الشخصية الثانية والمتنفذة التي تدير الأمور الزراعة
وغيرها نيابة عن الشيخ في المنطقة. *

 ** سيدا (معلم باللغة الكردية)

ثوار يشاركون مائدة الفلاحين

على الثائر أن يتحلى بصفات من القيم والأخلاق العالية ويناضل من أجل المساواة والكرامة والحرية والعدل ونكران الذات وصولاً الى التضحية من أجل الكادحين والفقراء.
في إحدى جولاتنا الأنصارية في ريف دهوك كنا ضيوف عند عائلة من فلاحي القرية. استقبلنا الفلاح صباحاً بابتسامة مشرقة ومرحبا بنا، قدم لنا الفطور على المائدة من بيضتين مقليتين مع الشاي والخبز وكان عددنا ثلاثة أنصار والفلاح مع ابنه، وزوجته الجالسة بجانب المنقل وثلاثة من أبنائها بقربها وهي تصب الشاي لنا. نظرت الى الأطفال شعرت بألم وغصة وهم ينتظرون دورهم في تناول الفطور الى أن ننتهي نحن من الفطور. قلت لرفاقي ابقوا البيضتين سالمتين بدون ان تثقبوا عين صفار البيض. وبدأت أنا بغمس الخبز بالدهن ولم أتقرب من البيضتين. وهكذا فعل رفاقي. ويبدو أن الفلاح وابنه فهما اللغز. فبقت البيضتين سالمتين بعد انتهائنا من تناول الفطور. ثم نهضت زوجته ورفعت الصينية من أمامنا، وقدمتها لأطفالها فعمت الفرحة وجوه الأطفال. أما أنا فشعرت بسعادة لا مثيل لها. وبعد توديع الفلاح قال: كلما أتيتم إلى قريتنا أريدكم أن تكونوا ضيوفي! شكرته على ضيافته. وبعد أن مشينا مسافة بدأ رفاقي بانتقادي،" لماذا لم تسمح لنا بأكل البيض"؟ فقلت لهم أنتم محقون وأنا أيضا محق. نحن الثوار علينا أن نثبت للجماهير أننا نتحلى بنكران الذات والتضحية من أجلهم ألم تشاهدوا المنظر كيف كان الأطفال ينظرون إلينا؟
أجاب أحدهم: رفيقي العزيز تريد أن أستشهد وأنا جائِع؟
أجبته لكوننا ثوار علينا بالتضحية من أجل الآخرين وهذه هي مبادئنا.

الفلاح والضفادع

التقيت ذات يوم مع أحد الفلاحين من منطقة السندي قضاء زاخو وجرى حديث مشوق بيننا: سألته عن عمله؟
ضحك الفلاح وقال: وما للفلاح عمل غير أن يحرث ويزرع ويحصد؟
كنت أتصور أنك راعي لأغنام القرية.
الفلاح: كلا
ولم تعمل في حياتك غير الفلاحة؟
الفلاح نظر في الافق عسى أن يتذكر وبدأ يلف سيكاره بعد حين أجاب نعم قبل سنوات أرسل الإقطاعي بطلبي للعمل عنده، وما هو نوع العمل؟
الفلاح: بعد لقائي معه علمت أن نوع العمل هو حراسة، لكن ليس حراسة القصر أو الحماية، وماذا اذن؟
هو أن أكون حارس للضفادع وقلت للإقطاعي كيف لي أن احرس الضفادع؟
الإقطاعي يبتسم: كل ما في الأمر مساءً بعد ما نخلد الى النوم عليك أن ترمي الحجارة بعد أن تسمع الضفادع تصدح في النهر وأنت تعرف في الصيف نحن ننام على السطح والضفادع تحرمنا من النوم..
الفلاح: جيد وكم هي الأجر؟
الإقطاعي: سوف أوفر لك ولزوجتك السكن مع ما تحصله وقت الحصاد، وتعمل خلال ثلاثة أشهر.
الفلاح: فكر بعد حين وافق على العمل عند الإقطاعي.
الإقطاعي: جيد عليك جلب زوجتك اليوم وتبدأ في العمل.
الفلاح: ذهب مسرعاً الى القرية وهوغير مصدق لإعلان الخبر ألي زوجته.
الزوجة: اراك سعيدا اليوم بعد لقائك مع الأغا.!
الفلاح: نعم حصلنا على عمل وعلينا أن نجهز أنفسنا أسرعي بجلب الحمار فليس الآن وقت الحديث، الزوجة تسرع بجلب الحمار وتم تحميل الحمار ما يملكون من حاجات بسيطة..
تم ترحيب بالعائلة من قبل الإقطاعي وقدموا لهم عشاء فاخر. واكد الإقطاعي على مهمة الفلاح مرة اخرى وسمعت الزوجة حديث الاقطاعي ولم تجيب، لكن بعد خروج الإقطاعي، الزوجة امتعضت وعاتبت زوجها بقبول العمل وهي مدركة من الصعب اسكات صوت نقيق الضفادع..
اول مساء بدأ الفلاح جالساً على جرف النهر ينتظر أن تصدح الضفادع بعد سماعه لها اخذ يرمي الحجارة نحوها.. سكتت الضفادع، ولكن بعد حين تكررت الحالة وأستمر الصراع بين الفلاح والضفادع حتى الصباح برمي الحجارة.
مضت ثلاث ليال متعبة ومرهقة جدا بحيث الضفادع تعودت على الأمر الجديد وبدأت تصدح للصباح بدون توقف ولم تكن مهتمة بحجارة الفلاح!، وفي اليوم الرابع هرب الفلاح وزوجته مساء إلى قريته تاركاً الإقطاعي يستمتع على أنغام نقيق الضفادع.

ضفدع تصدر 50 ألف صوت نقيق في الليلة للبحث عن شريك، حسب ما جاء في الدورية العلمية "زالاماندا" نقلا عن خبراء معهد الأبحاث شينغنبيرغ في مدينة فرانكفورت بألمانيا"

النهر والبندقية

مواقف أنصارية النهر والبندقية في السرية الثالثة أحدى سريا الفوج الثالث قاطع بهدنان ( دهوك وزاخو وسميل والعمادية) التابعة إلى حركة أنصار الحزب الشيوعي العراقي في الثمانينيات من القرن الماضي في ذلك الوقت زار المستشار السياسي للفوج الثالث الرفيق د. سليم (ياقو أيشو )هذه السرية لمتابعة عملها في الجوانب الحزبية والسياسية والعسكرية وأثناء مسيرتها في المنطقة تطلب منها أن تعبر نهرا سريع الجريان لدرجة خطورة اجتيازه وأثناء عبور أنصار المفرزة إلى الجهة الأخرى لتنفيذ مجموعة ندوات تثقيفية في القرى المنطقة تحت شعار:(الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان). وما أن اجتاز غالبية الأنصار النهر صرخ أحدهم بالكردية (جو) وتعني ذهب أو ذهبت ، ثم عرفنا أن بندقيته قد سقطت في النهر، وبخفة وسرعة نزع د. سليم ملابسه رغم برودة الماء القارصة وسرعة جريانه، ورمى بنفسه في النهر، باحثا عن البندقية إلا أنه لم يعثر عليها ثم تبعه المستشار السياسي للسرية الرفيق أبو عوف (د. علي إبراهيم) وظل يغطس ويبحث في قعر النهر ثم يخرج دون أن يعثر عليها وعندما رأيت التعب والإعياء الشديدين ينتابهما صرخت: كفى رفاق لا فائدة لقد فقدناها، والظلام يداهمنا ولكن الرفيق أبا عوف أصر وقال: اتركني للمرة الأخيرة لقد لمست أخمص البندقية، وفعلا غطس ثم خرج رافعا البندقية بيده صارخا وجدتها، وجدتها وانطلقت صيحات الرفاق وبعضهم اطلقوا الزغاريد واجتاح فرح كبير واقدوا النيران للتدفئة وتجفيف الملابس ، وبعدها واصلوا مسيرتهم ..

 تواطئ حارس القطيع (الكلب)


كانت عتمة الليل قد انتشرت على جبل متين، مشينا لساعات، وقطعنا مسافات طويلة حتى وصلنا جبل كارا. لقد تعودنا نباح كلب الراعي الذي نكون في ضيافته حينما نقترب من الكهف الذي يسكنه وابنه مع قطيع اغنامه.
مستغرباً من عدم نباح الكلب علينا كما يفعل دائماً، وعدم وجوده اصلاً بين القطيع لذلك ونحن نشرب الشاي مع بعض سألته: "أين كلب؟
اجاب بعصبية " قووندەر"(لوطي)! ثم بدأ كلامه عن سبب غياب كلبه أجاب قتلته، ولماذا؟
"منذ فترة وانا اخسر عدد من اغنامي ،شعرت ان هناك شيء ما ثم اكتشفت متأخراً أن الكلب متواطئ مع الذئب، فقد راقبته لبضعة ليالي".
في ليلة رأيت ما لم يكن يطرأ على بالي او في خيالي، حدقت في الظلمة الدهماء كان الذئب ينسحب بهدوء حتى وصل للكلب، كنت ما زال انتظر رد فعل الكلب حتى رايته وهو ينحني امام الذئب الذي اخذ ينكحه، عند ذاك سحبت الاقسام وقتلتهما معاً، وقررت بان لا يكون لي كلب اخر..

وردا البيلاتي
 



غير متصل متي كلـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 376
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

الاستاذ وردا البيلاتـي

تحية بلون البنفسج

ذكرياتك لم تنطفئ برحيلها، ولم يستطيع الزمن ان يمسح اثارها  بالرغم من بعض الايام حرمتك من حريتك  ووطنك، لكن قلمك الجميل سطر ما سوف يخلده التاريخ ، وسوف تبقى عالقة في اذهاننا  رغم تباعد الايام والمسافات .. ارفع قبعتي لك ايها المناضل، ولك محبتي


غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3072
    • مشاهدة الملف الشخصي
اخي العزيز وردا البيلاتي
بعد التحية
في مقالتك السابقة كتبت لك تحية وكلام عبق وجميل ولكن يبدو ان السيد سامي الما.... الذي عاش في كركوك وكان معك في الانصارية قد رفعه ومنع التعليق عملا بقواعد منع حرية الراي عند الشيوعيين من امثاله (حرية الراي ممنوعة)
انت مخضرم يا وردا في جميع العهود ولك من الذكريات الجميلة وطالعت قسما منها في كتابك كان بيد صديق لي
تحيتي