المحرر موضوع: قارئة الكف ...  (زيارة 405 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Naseer Boya

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 320
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قارئة الكف ...
« في: 02:05 05/10/2023 »
قارئة الكف ...
بقلم :
نصير بهنام بويا

ليلة أمس بعد الكأس الاول طمعت بشرب كأس خمر معتق اضافي، فغزاني الحنين لحلم زمان باهت وشعرت بضيق شديد في داخلي وكآبة مزعجة و رحت أغوص في غابر الأزمان واذا بي في سوق مزدحمة و جالس مع إمرأة جميلة تلف حول عنقها سلسلة ملونة من الاحجار والخرز الملونة تزيدها جمالا و بهاءا وتريد ان تقرأ لي كفي و طالعي..
جميلة جدًا مثل البدر، تتمتع بموهبة فذة في إماطة اللثام عن كثير من الامور المعقدة ..
هكذا وجدتها عندما وقعت عينايا عليها للمرة الأولى !!
ربآه ما هذا القدر المبالغ به من الجمال وكيف يمكن لهذه المرأة التي تشع كالشمس أن تقبل على نفسها أن تدخل في هذا المجال المخيف.
عرفتني المرأة بنفسها قائلة أنا يا سيدي كالمرآة سترى نفسك على وجهي وما سأقوله لك هو الواقع..
وتأكد بأنني لا أكذب عليك أبدا !!!
في البداية كنت على يقين بانها ستقول خرافات و خزعبلات مثل غيرها من العرافات التي أنا شخصيا لا اعترف بما يقولون و اعتبرها كلمات و جمل تافهة و تصفيط حكي لا اكثر ولا أقل ولكن ما أن لزمت يدي ولمست كفي حتى شعرت بشعور رهيب وكأنها نتلة كهربائية لذلك دفعني الفضول لأستمر بالانصات لها لتكمل.
قالت يا أخي ما سأقوله لك يجب أن تنشره على الملأ !!
لأنه يشرح الواقع و يتنبأ بالمستقبل !!!
بعد تفكير سريع وتردد قلت أمرك سيدتي لنسمع..
قالت بصوت يملأه الحزن و الشجن وهي مشدوهة ومدهوشة و منبهرة نوعا ما :
يا سيدي !!!
أنت قادم من أرض السواد وهي أرض الهم و الغم والصبر
هناك خيبة خرساء تجتاح بلادكم...
الدمار والخراب و التسيب والفوضى والاستهتار والانفلات والقتل و الدمار والخطف والاغتيال والفساد الذي عايشتموه و تحملتوه لمدة تقارب عشرين سنة
سيتجدد عشرون سنة اخرى !!!
فعاصمتكم المعروفة منذ قديم الزمان باسم ( دار السلام ) أصبحت ضحية رئيسية من ضحايا الحرب ( على ) الإرهاب ، والحرب ( من ) الإرهاب في نفس الوقت!!
ففي دار السلام فقد السلام !!!!
رجال دين دجالين وناس جهلة واميون و ذيول يعدمون البلاد وأم البلاد!!
و من قاموسهم حذفوا كل ما يتعلق بالعولمة والمدنية والحرية..
تستنجدهم العقول النيرة وأهل العلم و الثقافة وحتى الأنبياء في مراقدهم دون ان يرف لهم جفن ..
هرولوا و تآمروا .....
تباكوا و تناذلوا.....
تخاصموا و تقاتلوا ...
ذهبوا بعيدا للخلف بعكس البشرية !!
إن ما جد ليس وليد صدفة ولا وليد تصرّف أشخاص، بل هو نتاج ثقافة سلبية وعقول متحجرة ظلّت تترسخ على مدى سنوات، ثقافة تصب في خانة دوس القانون تحت الأحذية وتمريغ كل القيم في وحل الانفلات والفوضى من منطلق ديني و مذهبي ضيق.
يا أخي..
تمضي بكم الايام وتمضي معها أيام مجدكم
التي تتساقط كتساقط أوراق الشجر!!
تجاهدون بكل ما بقي لديكم من طاقة لتصلوا الى السعادة...
لذلك مهما بكيتم، حزنتم ، جعتم، عطشتم، عريتم، ضعفتم !!!
بعدها بدأتم تصرخون، تتألمون، تتناثرون،
تنادون، تناجون، ترافعون، تتحدون، تمادون
تتحاورون، تتحاججون وتتقاتلون
بدون أي نتيجة !!!
ثم يسكن الجرح في أجسادكم وتغرز فيها السكاكين و تتعمق هذه الجراح الى أن تقتلكم جميعا
و يستقرجسدكم المسكين بانتهاء حياتكم!!!
وهنا قاطعتها وقلت لها ممكن أعرف حكمتك يا سيدتي في هذا الكلام
لأنه كلام مرعب و مخيف و متشائم ؟؟؟
ردت بصوت حاد وبغضب :
صاحب التجربة والحكمة مثلي هو الذي يضيف إلى قاموس الحكمة حكمة جديدة وتتمخض عنها تجربة ناجحة فتقف اجلالا لثقافة صاحب التجربة
وهذه فلسفتنا..
لا تتظاهر بالغباء وتدعي بانك غافل عن المشاعر العميقة التي تكنها لبلدك و قومك، لقد لفتت نظري اليك منذ اللحظة الاولى، سيطرت انتباهي وآثرت فضولي لمعرفة كل تفاصيل حياتك وتحول هذه الفضول الى رغبة ملحة لكي أصول و أجول في ماضيك و ماضي أجدادك و الارض التي أنجبتك.
وحقيقتكم أنتم كورود ذبلت بعد أن جف رحيقها وشموع ذابت بنار حرقتها بصمت وكأنكم أشجار منسية على جانب طريق مهجور!!!
شخصيتكم بكلِّ تنوعها وتعددها، حياتكم اليومية، أحزانكم وأفراحكم، لهجتكم بأنواعها وسخريتكم اللاذعة،أمثالكم، أحيائكم ومقاهيكم، وطريقة تعاطيكم مع الواقع وحتى في أغانيكم الحزينة تحرقون الثواني في عروقكم ومسحة الحزن بادية على وجوهكم وكأنها صفة تلصق بكم منذ تكوينكم كجنين في أرحام امهاتكم.
أنا آسفة أن اخبركم بأنه من غير المرجح أن يتم إنجاز التحول السياسي الذي يحتاجه بلدكم الذي يضج بالعجائب والغرائب كما يقول أهله في المدى القريب
ما بين الأتربة و أكوام القمامة و بين شواهد قبور الشهداء يتفرج العالم على صوركم الحزينة !!!!
وحكامكم أبدعوا في صنع ملحمة تأكل الناس كالمثرمة ..
باختصار كفاكم التباكي على العصور القديمة وربطها بالدين، والنواح على العصر الحالي وجلده لأنه ليس قائماً على الدين، مثل ما يتحاجج به حكامكم الفلتة!!!
هؤلاء نافقوا وكذبوا وظلوا يكذبون !
ختاما يا سيدي بلدكم هو أكثر ما أتعبني لأنني كل ما يأتي أحدكم أن أقرأ له طالعه أكرر ما قلته لك وكأنكم جميعا لكم نفس الكف وهذا ما يدهشني !!!
وتأكد يا أخي بأنه لا يوجد حاليا أي أمل لكم ما دام ان من يدير بلادكم هو دولة جارة كل ما تريده احتلال أرضكم وتدمير فكركم و ثقافتكم وحضارتكم والانتقام من شعبكم
وعليكم أن لاتصدقوا بأن تجدوا الضوء في نهاية نفقكم المرعب لأن مشعوذا قد خدعكم وقال لكم أن في نهاية كل نفق ضوء قوي يجعل الظلام نهاراً
وهو أصلا لا وجود لهذا النفق بل هناك ظلام دائم!!!!
في النهاية بدأت أقتنع أو حاولت أن أقتنع شيئا فشيئا بعد أن بددت الشكوك في قلبي بثباتها القوي وكلامها المرتب والمتناسق
وأردت الاستمرار والاسترسال ولكن رن منبه الساعة في السادسة صباحا معلنا انتهاء الحلم وبداية يوم جديد !!!!!
وهكذا نظرت الى الحياة فلم أجدها
سوى حلم يمر و لا يعود !!!!
نصير