المحرر موضوع: الفنان العراقي عاصم فرمان يرحل كاشفا ما يخفيه خلف ابتسامته  (زيارة 283 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31700
    • مشاهدة الملف الشخصي
الفنان العراقي عاصم فرمان يرحل كاشفا ما يخفيه خلف ابتسامته
فنان يجمع بين الجانب العلمي الأكاديمي والفني.
عبدالعليم البناء

فنان آمن بأنه جزء من مجتمعه
ليس يسيرا على الفنان أن يجمع في تجربته بين الجانب الأكاديمي والعلمي والجانب الفني الإبداعي، ولكن الفنان العراقي عاصم فرمان تمكن من ذلك ليقدم تجربة لصيقة بحياته التي انتهت فجأة، تاركة إحساسا بخسارة الفقد في الساحة الأكاديمية والفنية العراقية والعربية على حد السواء.

من جديد تتوالى الخسارات لكبار مبدعي العراق، إذ مع رحيل الفنان والأكاديمي المبدع عاصم فرمان تخسر الثقافة العراقية واحدا من رموزها الأفذاذ الذين قدموا الكثير من جهودهم وعطاءاتهم الخلاقة طوال مسيرتهم الإبداعية والتربوية والفنية والتدريسية.

إن رحيل هذه القامة العراقية الأصيلة عن عمر ناهز 67 عاما على إثر نوبة قلبية حادة لم تمهله طويلا، غيّب تلك الابتسامة الجميلة التي -كما قال زميل دراسته معد فياض- حافظ عليها بالرغم من حزنه الكبير لرحيل نجله حارث عام 2012، لكن هذا الحزن بقي ينال من روحه حتى انتصر عليه.

يشكل رحيل فرمان صدمة وألما وحسرة لدى مختلف الأوساط الثقافية والفنية والأكاديمية، لأنه يعد علامة فارقة في تاريخ الفن التشكيلي المعاصر، لما تميز به من قدرات وإمكانات وطاقات إبداعية متنوعة قل نظيرها، فهو مسكون بهموم وتطلعات ناسه هنا وهناك منذ بواكير حياته التي بدأها على أديم مدينته الديوانية التي أكمل فيها دراسته الابتدائية والمتوسطة، وفيها بانت مواهبه وشغفه بالفنون التشكيلية ليصقلها بالدراسة الأكاديمية، حيث بدأ الراحل أول حضوره في بغداد عام 1970 ليتخرج فيها من معهد الفنون الجميلة متخصصا بفن الغرافيك عام 1978.

الأكاديمي والفنان
الراحل عاصم فرمان رجل المهمات العلمية والفنية وأحد الخبراء الأكاديميين يجمع بين الجانب العلمي الأكاديمي والفني والتصميمي والتدريسي

◙ عاصم فرمان أحد الخبراء الأكاديميين يجمع بين الجانب العلمي الأكاديمي والفني والتصميمي والتدريسي
بعد تخرجه التحق فرمان بكلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد ثم أكمل فيها دراسة الماجستير في فن الرسم عام 1989 والدكتوراه في تاريخ الفنون التشكيلية عام 1999 ليواصل العمل التدريسي في الكلية ذاتها حتى عام 2003.


بعدها انتقل من بغداد إلى كلية الفنون بجامعة الحديدة في اليمن ودرس فيها بين عامي 2003 و2006، ثم انتقل إلى الأردن في جامعة عمان الأهلية/ كلية الآداب والفنون سنة 2009، ليعود إلى اليمن مرة أخرى أستاذا مشاركا في كلية الفنون جامعة الحديدة ثم عميدا للكلية ذاتها.
عمل الراحل أستاذا مشاركا في كلية الآداب والفنون في جامعة عمان الأهلية في الأردن، وعمل مشرفا ومناقشا للعديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعة بغداد وجامعات أخرى عراقية وعربية، وكانت آخر هذه المهام عمله أستاذا للفنون التشكيلية وعميدا لكلية الفنون التطبيقية في جامعة أوروك الأهلية.

علاوة على تجربته الأكاديمية أقام فرمان العشرات من المعارض الشخصية فضلا عن مشاركاته في العديد من المعارض الجماعية داخل وخارج العراق، وله الكثير من الدراسات والبحوث في مجال الفنون التشكيلية، وقد نشرت نصوصه التخطيطية في المجلات الثقافية والأدبية المهمة.

كانت أعماله تتميز بشاعريتها وبمعايشتها وتجسيدها لمعاناة وأزمة الإنسان بكل أبعادها حيث كان يحسها كمثقف وكفنان عانى الكثير في مراحل حياته، وحسب تشخيص وقراءات العديد من نقاد الفن التشكيلي، “فهو من جهة يؤمن بقدرات الإنسان وإبداعه ومن جهة أخرى يعاني ضعفه وقيوده التي تجعله تحت رحمة ظروف قاسية وساخنة ليس له أي دور في صناعتها أو السيطرة عليها، وعليه هو كفرد وحيدا مواجهتها وتحمل أعبائها الثقيلة والتي سيبقى ينوء بوطأتها كل عمره المحدود".

لملمة الشظايا

◙ عطاءات وإبداعات تشكيلية
ولم يتوقف الراحل في أعماله عند حدود عطاءاته وإبداعاته التشكيلية، بل برزت جلية في مجموعاته الشعرية الثلاث بكل ما تحمله من أوجاع وآلام ظاهرة ومخفية وهي "شظايا الذاكرة"، و"شظايا الجسد"، و"شظايا الروح"، ففي الوقت الذي كان عبر انثيالاتها يلملم فيها "شظاياه" التي كانت القاسم المشترك بينها، فإنها كانت تتمحور حول هموم الناس، سواء في العراق أو في البلاد العربية وما تمر به من مخاض سياسي حاد جر الويلات على شعوبها المبتلاة بالتبعية والاستبداد والدكتاتورية.

وقد نال الراحل جوائز عراقية وعربية عدة منها جائزة فن الغرافيك في بينالي بغداد الثالث عام 2002، وجائزة وتكريم ملتقى التشكيليين العرب في القاهرة عام 2012، وجائزة الأوسكار البرونزية في ملتقى فناني الشرق الأوسط عام 2012، وغيرها الكثير.

لقد كان الراحل عاصم فرمان رجل المهمات العلمية والفنية وأحد الخبراء الأكاديميين يجمع بين الجانب العلمي الأكاديمي والفني والتصميمي والتدريسي، ولجأ منذ بداياته إلى المدرسة التعبيرية الرمزية التي تتصدى لهذه الموضوعات، فهو جزء من مجتمعه ولذا التقط بعض مفرداته بما يتوافق مع رؤيته الفنية، وبقي حتى آخر لحظة من حياته لا تفارقه تلك الابتسامة التي كان يغطي من خلالها على وجعه المزمن الذي قصم روحه برحيل نجله حارث في صقيع الغربة، ليلتحق به مناديا ها قد التحقت بك أخيرا، دون أن تفارقه ابتسامته المشرقة دوما برغم مرارة الفقدان.