المحرر موضوع: رحلة الى إسرائيل / علي سالم!  (زيارة 163 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
رحلة الى إسرائيل / علي سالم!

رعد الحافظ


مقدمة:
بمناسبة الحرب الحالية بين غزّة وإسرائيل .ووقوف غالبية الناطقين بالعربية مع حماس قلباً وقالباً .رغم ما قادَ إليه عملها من مآسي تصيب شعب غزّة قبل أيّ شيء.ورغم أنّ حماس لم توفر لشعبها أدنى مقومات الحفاظ على الحياة كالملاجيء على سبيل المثال .ومستمرة بفكرة (ميثاقها) القضاء على جميع اليهود وتحرير فلسطين من النهر الى البحر ..وباقي هذا الكلام ,والإبتعاد كلياً عن فكرة السلام بين الطرفين ,الذي يراه العقلاء أنّه السبيل الوحيد المعقول إنسانياً.
لذا أجد من المناسب أن يقرأ العرب بعض السطور لأحد دعاة السلام!
أدناه مقتطفات من كتاب الكاتب المسرحي المصري الكبير (علي سالم)!
ولد عام 1936 ورحل عام 2015 عن 79 عام!
لمن لا يعرفه ,يكفي القول أنّه مؤلف مسرحية (مدرسة المشاغبين) الشهيرة!
وله العشرات من المسرحيات والكتب والمقالات الأخرى!
كتاب (رحلة الى إسرائيل) ,كتبه عام 1994 ,بدافع رغبتهِ وسعيه للسلام والنهوض في منطقة الشرق الأوسط .
كان الرجل من فرسان السلام الشجعان ,لذا دفع ثمن موقفه هذا في بلده حتى أواخر أيامهِ .إذ طالته المعارضة والقسوة الشديدة والعنف من الحنجوريين!
لكنه حاز على جائزة (الشجاعة المدنية) التي تمنحها مؤسسة (تراين) الامريكية!
بالنسبة لي , كان الرجل يستحق جائزة نوبل للسلام ,أكثر من ياسر عرفات مثلاً!
***

 
***
يقول ...ص  10
في نهاية عام 1993 ,مباشرةً بعد إعلان (إتفاقية أوسلو) بين الإسرائيليين والفلسطينيين ,أعلنتُ فكرتي بزيارة إسرائيل بسيارتي النيفا الخضراء,التي أعتبرها أقوى ما تبقى من الإتحاد السوفيتي المنحل .لأجلِ تأليف كتاب يجيب عن سؤالين مهمين هما : مَن هم هؤلاء القوم ؟ وماذا يفعلون؟
كنتُ أرى أنّ هذا الإتفاق بين الطرفين يمثل لحظة نادرة في التأريخ!
إنّها لحظة إعتراف الأنا بالآخر!
أنا موجود وأنت أيضاً موجود ,الحياة من حقي ومن حقك!
طريق السلام شاق طويل ,محطته النهائية الحرية وحقوق الإنسان الفرد!
بالطبع لن يكون مفروشاً بالورود ,لكن بالنضال والصبر .فالحديث عن السلام ليس كافياً لصنعه ,لابدّ أن نتقدم نحن لتجسيده بالفعل وليس بالكلمات!
ص 21
أنا أغادر الحدود .مصر خلفي الآن .لفترة طويلة لن أتعامل بالمصرية التي أحبّها.
ص 22
في نقطة الحدود ,ضابطة شرطة إسرائيلية أعطتني بطاقة دخول ملأتها ,ثمّ سألتني في أيّ فندق حجزت؟ .. لم أحجز في أيّ فندق!
الى أين مكان أنت ذاهب في إسرائيل؟..الى أيّ مكان وكلّ مكان!
مَن تعرف هناك؟
الشاعر توفيق زياد (عمدة الناصرة) ,الروائيين إميل حبيبي وسامي ميخائيل.
الإستاذ ساسون سوميخ (رئيس قسم الأدب العربي /جامعة تل أبيب)!
ص 23
غيّرت 500 دولار الى شيكلات.الشيكل حوالي جنيه وربع .الدولار أقل من ثلاث شيكلات.دفعتُ تأمين على السيارة ضد الحوادث لمدّة شهر.أعطوني رخصة سير السيارة داخل إسرائيل .إنتهت الإجراءات الإدارية!
ص 26
بسيارتي ملاكي القاهرة التي تحمل أرقاماً مصرية على لوحةٍ سوداء أخذتُ طريقي الى تل أبيب!
فيما بعد قال لي (فيكتور نحمياس) وهو يهودي من أصل مصري ,إسمع:
أنت تتجول في إسرائيل رافعاً علماً مصرياً .
لم أفكر في ذلك ,لكني أعترف عندما تركوا لي لوحة الارقام المصرية شعرتُ بالفرحة على نحو غامض .وبدأتُ أستغل هذه الفرصة لعمل مظاهرة مصرية,
خصوصاً في القرى العربية . بلوحة الأرقام المصرية وصوت موتور الجيب المرتفع كنتُ أصيح دون أن أفتح فمي :
أيّها السادة مصر قريبة منكم .أنا مصري قادم من مصر!
ص 27
الطبيعة متماثلة على جانبي الحدود لعدد كبير من الكيلومترات,لكن كلّما توغلت في الطريق إنتصر اللون الأخضر على اللون الأصفر ,لإعلان إنتصار عزيمة الإنسان .وأنّ أخطر مشاكل المنطقة هي المياه!
بدأتُ أقرأ العلامات : أشدود ,عسقلان ,بير سبع .إستيقظت طفولتي ,هذه هي إسماء البلاد التي كانت تحفل بها نشرات الاخبار في الراديو عام 1948 .
هذا الطريق الذي أسير عليه الآن ,سارت عليه من قبل العربات والمدرعات المصرية ,في حربٍ لا أحد يعرف تفاصيلها حتى الآن!
ص 43
المهم في هذه اللقطة ,أنّ هذا الصبي الصغير الذي كان يحاول إلصاق على زجاج السيارات الخلفي , شعار يتعلق (بالبقاء في الجولان) ,كان لا يشعر بالضيق والإحباط عندما يرفض ذلك أحد أصحاب السيارات ,بل كان ينتقل الى سيارة اخرى دون مشكلة أو غضب.هذا هو ما يجب أن نركز عليه في تربية أطفالنا ,من حق الناس أن تكون لهم آراء مختلفة عمّا تعتقده أنت ,دون أن يكون ذلك مدعاة للعنف والعدوان.لتتصارع الافكار والحجج مع بعضها لصالح الامة!
الأفكار المطروحة في إسرائيل ليست محبوسة في مكاتب الاحزاب وأعمدة الصحف ,ستراها قد تحوّلت الى لافتات يحملها الشباب عند نواصي الشوارع!
هناك مجموعة شهيرة تقف عند ناصية معينة في القدس يرتدي أفرادها اللون الأسود تحمل شعارات تقول : إتركوا الضفة الغربية وجولان وغزّة!
تعدد الأفكار مفيد ومسموح به مادام بعيداً عن العنف.
الحزب الواحد والفكرة الواحدة (خاصة عندما تكون مثالية وبراقة) ,يخفيان عشرات التناقضات الحادة التي لا تتسق مع قوانين الواقع ومعطياته.
هذه التناقضات تتحول في النهاية الى إنفجار كبير.. ثمّ الى صواريخ وطائرات ومدرعات وقتلى يموتون مجاناً من أجل لا شيء أو فكرة غبية!
ص 44
قبل سفري الى إسرائيل ,جائني صديق قديم وقال لي :
حضرتُ إجتماعاً قبل قليل ,تقرر فيه تصفيتكَ فنياً وثقافياً وأدبياً وإجتماعياً ,إذا ذهبتَ الى إسرائيل!
شعرتُ بالقرف ,ما هو الردّ المناسب في هذه الحالة؟
عقول تربّت على التصفية .هذه عقول جبانة لا تتخيل أنّ بعض البشر لايخشون التهديد .و ربّما يزدادون إصراراً على ممارسة حريتهم في الفكر والعمل!
صديق آخر كتب بعد أن عدتُ من إسرائيل : لو كنّا حُكاماً لحاكمناك!
أنا أردّ عليه :
الحُكم يتطلب الكفاءة ونصيبكم منها صفر!
والمحاكمة تستلزم العدل ,وأنتم مدربون على الظلم!
أنتم صدفة تأريخية حدثت وإنتهت بنهاية الفاشية في العالم كلّه!
أنتم ضدّي لأنّه لا شيء لديكم تقدمونه للسلام!
ولم يكن لديكم ما تقدمونه للحرب سوى الضعف والأكاذيب!
السلام يصنعه الشجعان وأنتم جبناء!
السلام يطلبهُ الأحرار وأنتم عبيــد!
السلام يحرص عليه الأذكياء وأنتم بُلهاء!
السلام يعمل من أجله الأقوياء وأنتم ضعفاء!
يا رجل كيف تحلم بحكمي ومحاكمتي وأنتم حتى الآن لا تعرفون الفرق
بين حريّة التعبير وقلّة الحياء؟
أنتم حتى لا تعرفون الفرق بين الصحافة والجريمة!
***
إنتهى الجزء الاول .. ربّما يليه أجزاء اخرى!

رعد الحافظ
29 إكتوبر 2023