المحرر موضوع: مقال جدير بالقراءة / لماذا خطباؤنا غاضبون علي الدنيا؟  (زيارة 723 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Dr. Mathematics

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2750
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
لماذا خطباؤنا غاضبون علي الدنيا؟
[/color]


ضياء الموسوي
رجل دين ومفكر شيعي بحريني


نقلا عن العربية نت

نحن قوم منزهون، جلودنا سماوية، دمنا أزرق، وجيناتنا ملائكية، ومشاعرنا حريرية مخملية، لانقتل لانذبح لا نتآمر لا نرعب احدا.

كل العالم متآمر علينا وكل مايجري علينا هو بسبب (الامبريالية). فهذه الامبريالية هي نفسها وراء حروبنا التاريخية، فهي وراء قتل الخلفاء الراشدين، ابتداء بالخليفة عمر ومرورا بالخليفة عثمان وليس انتهاء بالامام علي.

الغرب هو وراء قتل قابيل لهابيل وعبدالرحمن بن ملجم قاتل الامام علي، وهو بالمناسبة من كبار معلمي القرآن في الكوفة، جندته الامبريالية العالمية لهذا الفعل الاجرامي.

خطباؤنا الافاضل لن ينفكوا في اتهام الغرب ايضا في اذكاء شرارة الفتنة في حرب البسوس.

نعم كلها مؤامرات علي جسدنا البرونزي القدسي الجميل، وعلي طهارة قلوبنا المفعمة (بالخير) و(الطهارة) والمطرزة بالذهب الملائكي والالماس السماوي.

نحن امة بلا أخطاء، امة لاتعرف الخطأ، تاريخها جميل، مشرق، مضيئ لم تسفك فيه قطرة دم واحدة.

نحن معصومون عن الخطأ، واجسادنا قبل مواقفنا، تقطر طهارة وحلاوة، لانها مصنوعة من البقلاوة والفستق والعسل.

روائحنا ملائكية، فنحن امة ولدت في قارورة عطر، ويوم ولدنا ولدنا دون بقية العالم على شجرة ياسمين. لذلك نحن امة تحارب اعداءها بالحب، نحارب بلغة ياسمينية لاتعرف الانتقام.

هذه النرجسية المنتفخة هي التي توزع كل اسبوع علي شبابنا من قبل خطباء بعض صلوات الجمع في عالمنا العربي. فنحن خير امة وخير شعب ونمتلك افضل تاريخ وافضل حضارة وكل ماوصلت إليه الحضارة اليوم هو بالاساس تفجر من حضارتنا الكبري، فلا أحد سبقنا في الابداع ولا احد سيأتي بعدنا.

ان امة بهكذا نرجسية لابد ان تكون نهايتها الخسارة والتراجع والتقهقر.. هذه النرجسية الموزعة مع أكياس المخدرات الدينية التي توزع عبر ربطات اخباز الاحباط في صلوات الجمع هي وراء تخلفنا، هي وراء هذا السراب اليتوبي الموثولوجي الموزع علي شبابنا الضائع، والمحبط من السياسة العربية المتخلفة حيث لا تنمية ولاحقوق للانسان ولامعرفة الا ما قل وندر.

كل هذه التفجيرات التي تحدث لأوطاننا وللعالم هي من ايدي العدو، فنحن أمة لاتشرب الا من بحيرة السلام، فلا يمكن للحمامة ان ترفع مسدسا، ولا يمكن لغصن زيتون ان يعتدي علي اسلاك الكهرباء المسيجة للحديقة.

كلها مؤامرات دولية، هدفها ضرب الاسلام، كلها مؤامرات لأجل تشويه الاسلام والمسلمين، وكلها مفبركة ووراءها ايد خبيثة. فشبابنا لايعرفون شيئا عن الحقد. فمعاهدنا ومدارسنا الدينية، ومنابرنا وعلماؤنا ومثقفونا الافاضل لا تتحدث الا عن الحب والجمال والسلام وكتب التدريس في مؤسساتنا لا تدرس الا عن التسامح والتعايش بين الاديان وكيفية احترام الاخر فكيف اذن يتهموننا بالارهاب فكيف لنا ان نمارس كل ذلك انها تهمة سخيفة نحن براء منها كبراءة الذئب من دم يوسف.

الفتاوي التي تكرس الكراهية اصبحت بعدد حباة الرمل، ورغم ذلك يخرج علينا مشايخنا وهم يتفجرون استغرابا و تعجبا، مندهشين من اتهامات الامم والشعوب لنا بالارهاب.

نحن في ردة فكرية وكلما القينا دلاء من التسامح علي ارضنا العربية ابتلعته الارض. فمن يسمعك وعلى من تلقي مزاميرك ياداوود؟

مجتمعاتنا مخطوفة الي حيث التشدد، ولا أحد يريد ان يمنحك اذنه. مئات السنين مرت على هذه الامة والنفخ في اذنها هو ذات النفخ حتى تراكم الكلسترول الفكري وجمد الاسمنت الايديولوجي علي العقول.

لا اريد ان اسقط في بئر المازوخية والتلذذ بايقاع الألم علي الذات، فخمسون عاما ونحن نجلد ظهر هذه الامة في الساحات العامة املا في يقظتها، لكنها تبقى في غيبوبتها، لأن هناك من يهرب اليها الاقراص المنومة تحت سرير السياسة حتى لاتخرج من غيبوبة الماضي وتخرج من مرضها الاكليلي.

قد يسأل سائل وما هو الحل؟ الحل بعدة امور لكني هنا ابدأ بالحل الاهم، وهو اعادة صياغة عقول مشايخ الدين.

من نستطيع تغيير عقولهم نغيرها والا نبدأ بالصغار، وعبر مناهج تأسيسية تعمل علي ازالة التسوس والتكلس المتراكم علي لثة هذه كتب التدريس آملا في ظهور ضرس العقل ذات يوم.

لابد من فتح علماء الدين على الحياة والثقافة والفنون وعلى الأمم والشعوب واهم الاختراعات.

الحكومات لابد ان تفرض على المدارس مواد لتدريس الموسيقي والرسم والفنون واللغات الاجنبية، وتفرض انشاء ملاحق للمدارس والحوزات والمعاهد نواد للاستحمام والرياضة والالعاب المسلية.
فالرسول دعا للرياضة والخليفة عمر بن الخطاب دعا للرماية وركوب الخيل والسباحة ايضا.

كما يجب على الحكومات ان تقوم بإرسال علمائنا الافاضل للغرب، للبقاء فترة من العيش للاطلاع علي آخر الابداعات، وان تجلسهم الى حيث جمال الطبيعة، وترسلهم الى المتحف ليقرأوا تاريخ الشعوب، كما تفرض عليهم- قبل دعمها لهم ولمؤسستهم-دراستهم للعلوم الانثربولوجية. فقديما كان علماؤنا يدرسون الكيمياء والحساب والفلك وحتى الموسيقى. وفي مقال قادم سأتحدث عن اسماء الكتب التي كتبها علماؤنا في الموسيقى.

بعض من علمائنا الأجلاء لم تتح لهم الفرصة الاطلاع على جمالية الكون وابداعات الخالق علي الارض وما وهبه الله للانسانية من نعم ذهبية . لاشك انها تزيد من ايمان الانسان.

عندما اذهب للغرب يزداد ايماني بالله، وتدمع عيني وانا ارى اللوحات الفنية التي رسمت بيد إلهية من جمال الطبيعة، وخشوع الجبال والوديان.

كلما زرت امة او بلداً اكتشفت طبائع فيها تختلف عن الامة الاخرى وكلها تشير الى وحدانية الله. يقول الشاعر:

عباراتنا شتي وحسنك واحد
وكل الى ذاك الجمال يشير

قد يقول البعض كثير من العلماء المتشددين يذهبون الي الغرب، بل يعيشون فيه ولا يزدادون إلا تشددا.

هذا صحيح، ولكني هنا ادعو الى تطعيم المناهج بالافكار التنويرية والجمالية مقرونة برحلات وورش عمل عفوية على الارض. فإذا اختل احد الركنين لايمكن ان تنتج ما أردت تحقيقه.

كثير من الفتوائيين المتشددين وبعض العلماء درسوا منذ طفولتهم على كراهية الحياة وتشويه صورة الدنيا حتى تحولت الدنيا الى عقدة، فباتوا ساخطين عليها محقرين لها بصورة تخرجهم عن بشريتهم حتى سقطوا ضحايا للتشدد فأسقطوا المجتمع معهم.

هل سمعتم عالما يتحدث عن جمالية الحياة وأهمية تقديس الحياة؟.

منذ كنا صغارا ونحن نشعر بعقدة الذنب، واننا امة عاصية، تنتظر الحرق الإلهي والانتقام الالهي وغضب الله، وكاننا لم نقدم طيلة حياتنا أي عمل خير، هذا والامة لها مواقفها الجميلة من انسانية ودعم للخير.

شبابنا المسلم يحقر كل جمعة ويتم اشعاره بهوس ديني، انه عبد عاص حقير ذليل وحش مهما عمل فهو مذنب، وانه لابد ان تكون نهايته حزينة حتي يصل الى مرحلة الاحباط وكراهية الحياة. هذه التربية ليست صحيحة، فالقرآن يتحدث ايضا عن الجمال والطبيعة والمغفرة والرحمة وان الله اقرب للعبد من حبل الوريد. بالطبع ألا أعمم الحكم فعندنا علماء يحبون الحياة لكنهم قلة نتمني ازديادهم.

هل لنا ان نخطف علماءنا الي حيث الجمال والمرح الدنيوي المباح، الى حيث جمالية الحياة كما اختطف بعضهم شبابنا الى حيث كراهية الدنيا وتحقير الحياة.



http://www.alarabiya.net/views/2007/07/13/36517.html