المحرر موضوع: المحتوى الروحي واللاهوتي لغسل الأرجل  (زيارة 74 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وردااسحاق

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1208
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • https://mangish.net

المحتوى الروحي واللاهوتي لغسل الأرجل
بقلم / وردا إسحاق قلّو
   قال يسوع لبطرس ( إذا لم أغسلك فلا نصيب لك معي ) " يو 8:13 "
   بعد أن غسل الرب يسوع أرجل تلاميذه قال لهم ( إن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض ) " يو 14:13 " .
  بعد العشاء الأخير ، وبعد تأسيس سر الأفخارستيا من قبل الرب يسوع بحضور التلاميذ في علية صهيون . قام يسوع من العشاء ليغسل أرجل التلاميذ والشيطان وسوَسَ إلى يهوذا بن سمعان الأسخريوطي ليسلمه ، فعمل يسوع كان يرتبط إرتباطاً وثيقاً بخيانة يهوذا . عندما إنحنى يسوع إلى أرجل تلاميذه ، أضمر يهوذا الخيانة في قلبهِ . فالحفلة تلك كانت ترتدي طابع الحبك المؤلم بين أقصى الحب وأقصى الدناء ، بين النور والظلمة ، وهذه الفكرة أقلقت يسوع ، فقال ( ألحق الحق أقول لكم ، أن واحداً منكم سيسلمني ) " يو 21:13 " . ففي حفلة غسل الأرجل ، كما في قصة الآلام كلها ، يوحنا البشير يتألم لرؤية حب المعلم يبادل بالرفض والخيانة . والعالم غير المنظور متورط مع يهوذا ، يلوح وجه القوى الشيطانية . فالشيطان هو الذي دفع يهوذا لكي يسَّلِم سَيده . فقاعة العشاء السري أصبحت ساحة ليتصارع ويخطط فيها يهوذا لكي يسَّلِم سيده ،
 إنما هو الأبليس كان يعمل في يهوذا ضد المسيح . ويسوع تحدى ، وإستعد لقهر ما يخطط له يهوذا ، لهذا قال له ( إسرع في ما نويت أن تعمله ) " يو 28:13 " . لم يفهم التلاميذ ما قصده المعلم .
   بدأ يسوع بغسل الأرجل بعد أن خلع رداءه ، أخذ منديلاً فإئتزر به ، ثم صب ماء مطهرة وأخذ يغسل أقدام الحضور ، ويمسحها بالمنديل الذي إئتزر به . كل شىء يبدو غامضاً ، لأن هذا العمل يقوم به الخدم لغسل أرجل الضيوف قبل الطعام ( طالع تك 4:18 ) فغسل الأرجل لضيف قادم من بعيد وأقدامه المتعبة من السير والمتسخة ، كانت خدمة هامة ومطلوب فيها الترحيب والإحترام ( لو 44:7) ، والغريب أن المعلم هو الذي كَلّفَ نفسه بهذه الخدمة المحفوظة للعبيد فقط ( 1 صم 41:25 ) والتي كانوا يتحاشون أن يطلبوها من عند اليهود لأنها مذلة .
  يسوع إذاً فعل ما يفعل العبد ، فإنحنائه كرب ومعلم ( يو 13:13 ) ، وهذا ما جعل التلاميذ يترجمون عمله إلى حب لا محدود منذ الساعات الأولى لتضحيته على الصليب والتي بدأت من هناك .
   إننا نرى المسيح في صورة عبد الله في سفر إشعياء ( طالع 52: 13-53 ) مزدرياً ومهاناً يمضي في الخدمة حتى الموت لأجل خاصتهِ .
   شكلت حفلة غسل الأرجل صراعاً حقيقياً ليسوع مع قساوة قلب يهوذا ، وقوة إبليس ، وعناد بطرس الذي رفض أولاً أن يغسل قدميه رغم كون تصرفه يدل على التوقير والإحترام ، وحب نقي لسيده ، لهذا رأيناه مضطرب ومحرج . أعذره يسوع أولاً لقلة فهمه وكما عذر نيقوديمس لتعجبه من موضوع الولادة الجديدة . ففي الحالتين هناك سر يفوق إدراك البشر . لهذا قال لبطرس ( أنت الآن لا تفهم ما أنا فاعل ، ولكنك ستدركه بعد حين ). وبطرس يستمر في عناده متكلاً على ما يملك من معلومات وحكمة . لهذا ساءت الأمور وتعقدت فهدده يسوع بكلام قاس ، فقال ( إذا لم أغسلهما لك ، فلا حظ لك معي ) أي النصيب في خيرات الحياة الأبدية ( يو 47:6 ) . لم يبطىء بطرس في الرد فتنازل ليعبر عن حبه العميق ولأنه لا يريد أن يخسر نصيبه معه ، لهذا صرخ قائلاً ( يا رب ، لا قدميَّ فقط ، بل يدي ورأسي أيضاً ) " يو 9:13 " وهنا رأي بطرس نابع من تفسير مادي معتقداً بأنه كلما زاد الغسل زاد حظه مع معلمه . إنه لم يفهم التطهير الذي يرمز إليه عمل المسيح . يسوع سيضحي من أجله ليغسله لا بالماء ، بل بالدم الذي سيطهره من دنس الخطيئة . ( 1 يو 7:1 ، عبر 22:10 ) فالهدف من عمل الغسل هو تتميم هذا الإيمان ، وربطه بالساعة ، وتنقيته أيضاً من الأوهام التي ماتزال تشوشه . ورغم كل هذا تهرب واحد من الذين غسل الرب قدميه ، وذلك بعد أن قال يسوع  ( وأنتم أيضاُ أطهار ، ولكن ليس كلكم ) لأنه يعلم بإبن الهلاك الذي سيسلمه للموت .
   بعد أن أنهى يسوع خدمته ، لبس رداءه وعاد إلى المائدة . وسأل تلاميذه قائلاً ( أتفهمون ما صنعتُ إليكم ؟ ) . عمل المسيح كان كشفاً لمعنى التجسد ، ولكنه أيضاً هو قدوة ، لهذا قال ( أنتم تدعوني معلماً ، ورباً ، وأصبتم فيما تقولون ، فهكذا أنا ) وهكذا إتخذت سلطة يسوع بهذه الخدمة أبعاداً كبيرة ، وهكذا وضع يسوع الأسس الجديدة لمفهوم السلطة . لقد شجب مسبقاً كل سلطة لا تكون في خدمة الأخوة .
  رأوا آباء الكنيسة في غسل الأرجل رمزاً للأسرار ، فمنهم من رأى فيه رمزاً لسر الإفخارستيا ، ومنهم من رأى رمزاً للعماد . وآخرون رمزاً لسر التوبة . وفي الواقع صلتها بالآلام ضعيفة . والمقارنة بين رواية يوحنا ، ونص مار بولس في رسالته إلى أفسس ، تفرض نفسها ، إذ أننا متفوقون على أنها تلميح إلى العماد . ( أيها الرجال ، أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وضحى بنفسهِ من أجلها ليقدسها ويطهرها بماء الإستحمام وبما يُتلى من الكلام ) "  أف 25:5 "  والعماد يخَلِّد المسيح في غسل الأرجل ، فهل المسيح في ذلك اليوم عمد تلاميذه ليعدهم للإنطلاق لنشر رسالة الإنجيل ؟  وبواسطة هذا العماد يجعل المسيح حبه الذي دفعه إلى التضحية بنفسه حتى النهاية   
   توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"