المحرر موضوع: الشيعة في العراق بين الأغلبية الاجتماعية والأقلية السياسية  (زيارة 98 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31535
    • مشاهدة الملف الشخصي
الشيعة في العراق بين الأغلبية الاجتماعية والأقلية السياسية
الانقسام الحاد داخل المشهد الشيعي ضيع حقوق الأغلبية وجعلها تبدو أقلية أمام القوى المشاركة في العملية السياسية وترك الباب مفتوحا أمام قيام العديد من الانتفاضات الداخلية.
محمد حسن الساعدي

أوجه التيار الصدري المتعددة
‏في لقاء جمعنا كمحللين سياسيين مع أحد أهم قياديّي الإطار التنسيقي، ألا وهو رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم، تحدث بتركيز معروف عنه حول المكونات المهمة للشعب العراقي، وتطرق في حديثه إلى أن المكونات الاجتماعية للعراق لم تأخذ استحقاقها المكوناتي سابقا، بسبب حكام الجور الذين نصبوا أنفسهم حكما على الجميع وضيعوا حقوق هذه المكونات وذوبوها تحت طائلة الملاحقة والتهجير والقتل والإبادة الجماعية. وبعد عام 2003 بدأت صفحة جديدة في إدارة الشأن العراقي من خلال هذه المكونات التي استشعرت أنها بدأت تمارس دورها وأحست بوجودها السياسي والاجتماعي في البلاد، وهذا ما انعكس بالفعل من خلال مشاركة هذه المكونات في الانتخابات البرلمانية والمحلية والسلطة التنفيذية حيث أصبحت للأقليات وزارة تعبر عن وجودهم السياسي والمكوناتي.

‏وهنا لا بد من وقفة، إذ لا يختلف اثنان في أن الشيعة في العراق يمثلون الأغلبية، وكذلك لا خلاف في أن الشيعة أقلية في العالم العربي والإسلامي. ولكن، رغم الكثافة السكانية التي يتمتع بها الشيعة في مواطن تواجدهم داخل العراق، إلا أنهم فقدوا نقاط قوتهم سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي. ورغم كل النفوذ الذي تتمتع به الأغلبية السياسية في العراق، إلا أن هذا النفوذ بات يتأرجح بين السقوط والتعرج ‏وأخذ يتعرض للكثير من الاهتزازات، لاسيما ما تعرض له من خطر يهدد استقراره من قبل تنظيم داعش الإرهابي، والذي لولا الفتوى الجهادية الكبيرة للمرجعية الدينية العليا في النجف لأصبح العراق في خبر كان.

◄ الإطار التنسيقي يسعى للحفاظ على حجمه السياسي وعلى منجزاته وأصواته الجماهيرية، مع بقاء بعض القوى السياسية المنضوية تحت هذا الإطار محافظة على جمهورها الذي لن يتغير كثيرا

‏الخلافات الخطيرة التي عصفت بالأغلبية السياسية في العراق، وأهمها انشقاق التيار الصدري عن هذه الأغلبية لأسباب كثيرة، بعضها ربما نقف عنده والبعض الآخر متعدد الأوجه؛ فهو مرة يريد أن يشكل الغالبية السياسية بيده ويسعى إلى قيادة الشيعة بنفسه، وأن يسيطر على مقاليد السلطة الشرعية والسياسية في البلاد، ما أدى في نهاية المطاف إلى ظهور مسميات جديدة كالإطار التنسيقي والتيار الصدري، الأمر الذي شتت وجودهم وكسر قوتهم أمام القوى الأخرى التي، بالتأكيد، تنظر إلى نهاية القوة السياسية الشيعية بعين الطامح الراغب في أي يكون المسيطر على المشهد السياسي في البلاد، وهو ما رأى فيه الإطار التنسيقي خروجا على العرف السائد من قبل الصدريين، وضيع فاعلية الأغلبية الشيعية واعتبروه استهدافا لهم.

‏ما جرى من انقسام حاد في المشهد الشيعي ضيع الكثير من حقوق الأغلبية، وجعلها تبدو أقلية أمام القوة السياسية المشاركة في العملية السياسية، وترك الباب مفتوحا أمام قيام العديد من الانتفاضات الداخلية من أجل انقسام هذه الأغلبية وخروج طرف آخر غير التيار من المشهد السياسي، إضافة إلى أن الأمر أصبح مسلما به؛ إذ أن القوى السياسية وتحديدا الشيعية منها ربما تقْدم مستقبلا على نفس الخطوة التي قام بها التيار الصدري، في حال وجدت الأرضية والفرص المناسبة. لذلك وكمراقب للمشهد عموما، أعتقد أن القوة الشيعية ليست بأفضل حال، وأنها مهما بلغت من قوة فإنها لن تكون موحدة، ولا يمكن لأي طرف أن يقود العملية السياسية وحده، فلا بد من اجتماع القوى السياسية الشيعية على كلمة على الأقل تكون موحدة داخل قبة البرلمان وفي القوانين التي تمثل عصب الدولة، خصوصا مع تعنت الصدريين وقوة موقفهم الرافض أمام الإطار التنسيقي، حيث سيكون من الصعب تقريب وجهات النظر بينهما، لذلك لجأ الصدريون إلى تعديل المسار من خلال مسمى جديد لتيار يحمل اسم “التيار الوطني الشيعي” بدلا من التيار الصدري، ليكون ذا لون جديد يدخل الانتخابات وربما ضم القوى العلمانية والليبرالية، وهو ما سيجعل الخارطة السياسية القادمة في البلاد أكثر صعوبة ومتغيرة تماما.

الإطار التنسيقي يسعى هو الآخر للحفاظ على حجمه السياسي وعلى منجزاته وأصواته الجماهيرية، مع بقاء بعض القوى السياسية المنضوية تحت هذا الإطار محافظة على جمهورها الذي لن يتغير كثيرا. وهذا الأمر ينطبق على بعض القوى المنضوية داخل الإطار التنسيقي، كتيار الحكمة الذي حافظ على وجوده خصوصاً في الانتخابات المحلية، وربما يطمح إلى تعديل مساره في الانتخابات البرلمانية القادمة، بالإضافة إلى اللاعب الجديد “العصائب” الذي يريد أن يكون رقما مهما في المعادلة السياسية القادمة، وهو ما يعني أن القادم لن يكون سهلا، وأن الانتخابات القادمة ستكون محملة بالكثير من المفاجآت والمتغيرات، وأن القوة السياسية الشيعية ستبقى أغلبية اجتماعية، ولكن وفق المنظور السياسي ستكون أقلية.