ترجمة: الاستاذ يوآرش هيدو
من المؤمل أن هذه اللغة خلال السنوات القادمة ستبعث فيها الحياة مجدداً وتنقى من شوائبها. إذ نسمع هذه الأيام
بأن بني جلدتنا في الموصل قد شرعوا بتدريسها . وقد تكون الكتب والمقالات التي تصل إلى أيدي إلناس من خلال المطابع في الشرق والغرب من عوامل أحيائها. وبإمكاننا أن نقول يقيناً بأن اللغة السريانية لو لم تكن لغة الطقس الكنسي لطواها النسيان منذ زمن بعيد .
ومن الواضح الجلي أن افضل وسيلة للاحتفاظ باللغة ، أية لغة ، وصقلها و تعزيزها و إثرائها وتسهيل تعلمها وإستيعابها هي اتاحة كتب النحو ، والقواميس التي ترتب فيها المفردات والألفاظ أبجدياً أي وفق الترتيب أو التسلسل الأبجدي ليسهل العثور عليها لمن يرغب في معرفة معاني الكلمات وكيفية استعمالها .
وفيما يتعلق بالنحو ، فقد كان هناك العديد من الكتاب الذين بذلوا جهوداً كبيرة لتثقيف هذه اللغة وأحكام قواعدها . وفي مقدمة من يذكر في هذا المجال من السريان الشرقيين هو يوسف الهوزي.
ܙܘܣܦ ܗܘܝܙܐ المعروف ب ( الرائي) ܚܝܙܐ الذي اشتهر بالتعليم في اكادمية نصيبين الشهيرة وتوفي سنة (580) م.
اما أول من اشتهر بين النحويين الغربيين كان يعقوب أسقف الرها : المعروف ب ( يعقوب الرهاوي ) الذي عرف بغزارة علمه ولاسيما في الأدب السرياني وقد وافته المنية سنة(780)م.
وتجدر الاشارة الى ان كتب يعقوب الرهاوي في النحو اضحت مرجعاً مهماً للطلبة والأساتذة على حد سواء لقرون عديدة .
بعد هذين الكاتبين اللامعين اشتغل العديد من الكتاب من كلا الفريقين بصناعة نحو اللغة السريانية، منهم بين الشرقيين يشوع دناخ ܙܫܘܥ ܕܢܚ في القرن الثامن. وحنين بن إسحاق ܐܣܙܐ ܚܘܢܙܢ ܒܪ ܐܣܚܩ الطبيب في القرن التاسع.
وايليا بن شينايا ܐܙܠܙܐ ܒܪ ܫܙܢܙܐ أسقف نصيبين في القرن الحادي عشر .
ويوحنا بن زوعبي ܙܘܚܢܢ ܒܪ ܝܘܥܒܙ في القرن الثالث عشر الذي فاق جميع الذين سبقوه، فقد وسع قواعد النحو وفصلها تفصيلاً وافياً.
ومن الغربيين الذين اشتهروا في القرن الثالث عشر أيضا يعقوب البرطلي المعروف ب ( ساويرُس )
الذي كتب رسائل مختصرة في قواعد النحو السرياني.
لكن الذي فاق جميع النحاة السريان شرقيين وغربيين هو مار گريگوريوس ابن العبري المفريان ܡܪܙ ܓܪܙܓܘܪܙܘܣ ܒܪ ܥܒܪܙܐ ܡܦܪܙܢܐ اليعقوبي الشهير في القرن الثالث عشر الذي ، فضلاً عن مؤلفاته العديدة في كل فروع المعرفة، له كتابان في قواعد اللغة السريانية أحدهما منظوم مختصر بعنوان ܡܥܠܬܐ ( أي المدخل ) ، والثاني اسمه ܨܡܚܐ ( أي الأشعة ) وهو منثور ومفصل. وقد شرح ابن العبري في هذين الكتابين قواعد اللغة السريانية شرحاً وافياً وشاملاً ولم يترك باباً من أبواب النحو إلا وتطرق إليه.
بعد ابن العبري لم يظهر بين السريان كتاب معتبر في قواعد اللغة السريانية حتى قام في الأمة السريانية المارونية الساكنة في جبل لبنان رجال خبيرون متضلعون من لغتهم الأم.
في القرون الثلاثة السابقة لعصرنا هذا ( اي القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر - المترجم ) وصنفوا كتباً مفيدة في شرح قواعدها منهم گيورگيس عميرا، ܓܙܘܪܓܙܣ ܥܡܙܪܐ ، إسحاق شدرايا ܐ ܣܚܩ ܫܕܪܙܐ ، يشوع عاقورايا ܙܫܘܥ ܥܩܘܪܙܐ ، وإبراهيم خقلايا ܐܒܪܗܡ ܚܩܠܙܐ وغيرهم . وهناك مصنفات أخرى عديدة ومتنوعة أُلفت باللغات الأوروبية تشرح قواعد اللغة السريانية وكذا في الشرق في أيامنا هذه أُلفت كتب مماثلة هنا وهناك . أما في ما يتعلق بالقواميس فإن الرجال الذين خاضوا غمار هذه المهمة الشاقة ولكن الجديرة بكل ثناء وتقدير، فهم قلة نذكر منهم ( حسن بن بهلول ) وحنين بن اسحاق الطبيب الذي صنف قاموساً شرح فيه الأسماء الصعبة والمتشابهة ܫܡܗܐ ܥܣܩܐ ܘܕܡܙܙܐ . والقس يعقوب قطربلايا ܙܥܩܘܒ ܩܛܪܒܠܙܐ الذي الف( زهرة المعارف ) ܗܒܒ ܙܕܥܬܐ الذي لا يحوي سوى افعال مرتبة وفق أوزانها.
ثم خدر الموصلي الذي له قاموس سرياني_ عربي _ تركي ، و في أيامنا هذه العلامة الاب جبرائيل القرداحي الماروني ܓܒܪܙܠ ܩܪܕܚܙ ܡܪܘܢܙܐ الذي ألف قاموسه السرياني _ العربي .
ومن الغربيين الجديرين بالذكر والذين اشتغلوا في هذا المجال يوحنا پراريوس ܙܘܚܢܢ
ܦܪܪܙܘܣ اليسوعي الذي الف قاموساً صغيراً( مختصراً ) ( سرياني_ لاتيني )، وميخائيل أو ميخائيليس ܡܙܟܐܙܠ ܐܘ ܡܙܟܐܙܠܙܣ له قاموس سرياني _لاتيني ايضاً.
لكن الرجل الذي يستحق كل الثناء وكل التقدير والذي احرز قصب السبق وفاق جميع الذين اشتغلوا في هذا المجال هو ( پاين سميث )ܦܐܙܢ ܣܡܙܬ العالم الجليل اركدياقون ܐܪܟܕܙܩܘܢ الكنيسة الانگليكانية النبيل ذو العلم الغزير الذي صنف قاموساً ضخماً تطلب عملاً متواصلاً وجهوداً مضنية وصبراً قل نظيره حتى انجز هذا المعجم الذي ضم اكبر عدد ممكن من المفردات السريانية الكتابية فضلاً عن مفردات اللهجات العامية ولا سيما لهجة اورميا.
كما اضاف الى قاموسه حتى المفردات اليونانية المبثوثة في كتب المؤلفين القدامى. ويمكننا القول جازمين بأن قاموس پاين سميث pyne Smith هو اكمل وأشمل وأغنى وأوسع من كل القواميس التي صنفت قبله على الإطلاق.
إلا ان ما يدعو للأسف الشديد هو أن هذا المعلم الجليل غادر هذا العالم الفاني قبل إتمام قاموسه.(2)
الهوامش
————-
1. لقد صنف المطران توما اودو (1855_1918) معجماً سريانياً أسماه"كنز اللغة السريانية"ܣܙܡܬܐ ܕܠܫܙܐ ܗܘܪܙܙܐ وشرحه بالسريانية أيضا في مجلدين ضخمين نشرهما في الموصل سنة (1797)م. وقد اورد المؤلف في هذا المعجم النفيس الذي يبلغ عدد صفحاته ( 1128 ) من الحجم الكبير كلمات يونانية أيضاً. وقد شرح المفردات فيه بلغة واضحة وسلسة، كما استعمل أحياناً كلمات عربية للزيادة في ايضاح المعنى . ( المترجم )
2. عنوان هذا المعجم الاصلي هوThesaurus Syriacus اي معجم اللغة السريانية. بعد وفاة مؤلفهR. Pyne Smith سنة (1895)، قامت ابنته السيدة مارگوليوث بطبع هذا القاموس الضخم ، بعد اختصاره ، سنة ( 1903 ) في مطبعة جامعة أكسفورد بعنوان A compendious Syriac Dictionary . بعد ذلك ظهرت طبعات اخرى في السنوات 1957 ، 1967 ، 1976 . ( المترجم )