المحرر موضوع: و ليَّ موعدٌ معها..  (زيارة 76 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل jean yazdi

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 84
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
و ليَّ موعدٌ معها..
« في: 03:54 29/04/2024 »
و ليَّ موعدٌ معها..
خابرتني كي نتقابل ..شعرت بفرحةٌ لا توصف ..! جهزت نفسي و حرصت على اناقتي
و ارتديت ما يروق و يليق بلقائها..
و رشقت على اماكن محددة من جسدي عطر فينيقي ، و حرصت بأن لا اركب سيارة أجرة كي لا يعكر صفوتي سائق السيارة بثرثرتهم المعتادة ، و لا ان استقيل حافلة عامة كي لا تلامس روحي في هذا التوقيت سلبية من الركاب ، و لا أن أذهب إلى الموعد بقليل كي لا اضطر للهرولة فأفقد رونق عطري و تسلسل  أفكاري المرتبة لبدء الحديث معها ..
قلت : اليوم سوف اصارحها بشغفي و ودي لها ...وأي شغفٍ ثري أملكه كلما ألقاها .
رتبت وضعية الكرسي كي تجلس و شكرتني و وجهها مزين بإبتسامة ملائكية ..جلست معها و كان النادل سريعاً كلهيثي في أخذ طلبنا .
طلبت قهوة ايطالية  .. و قُلت لي ايضاً .. بدت مرتاحة الملامح ..سحرني منظرها و للحظات قليلة و ثوانٍ معدودة غمرتني فرحة سحرية و كأن دعوتها لي أشبه بدعوة ملاك لناسك و فرزه الى جنات الخُلد..
 و لم  أكن بعلم بأن عزازيل سوف يجلس ساخراً مني لمدة تطول الزمن بأكمله .
وقتها بدأت الحديث و هي مبتهجة و ما أن بدأت بالحدث قد غيرت خارطة قوافي القصيدة المجهزة لمغازلتها و غيرت مواقع ترتيب الكلمات كنت هادئ لم يكن  ليقلقني شيء سوى مرور الوقت.
يومها لم يلفت أو يشتت انتباهي لا صوت صفارة سيارة الشرطة المفاجئ الذي هزَّ اسوار الطمأنينة كرعد مفاجئ ، و لم يلفت انتباهي صوت مغني الشارع المجاور للمقهى و هو يغني بلهفة عن الحبيبة الغائبة .
كل ما كان يقلقني توقيت  نهاية الموعد  قبل ان اصارحها . نعم هذه المرة الوداع كان يقلقني ويربكني
و رغم تعودي للوداعات فمن قبل بعيد قلت وداعاً أبي و وداعاً يا أماه و يا مائة صديق و الف إمرأة  اعجبت بها قلت وداعاً  يا وطن ..لكن يومها توقف الزمن في حضرتها ..
اخبرتني و نحن نرتشف قهوتنا في فسحة ذلك المقهى بأنني احببتك و كنت لطيفاً و راقياً دائماً
(( ارتحت قليلاً و لحفتي الطمأنينة أكثر)). و انت اليوم من النخبة المخملية من الأصدقاء و المفضلين لاخبرهم ببشارة خطوبتي ابتسمت و رفعت ساعدها من على الطاولة و باصبعي سبابتها والوسطى و هي ترفعهما للأعلى و ترخيهما للاسفل لتقول سوف اتزوج عما قريب و اسافر لقارة بعيدة عن خارطة الوطن .
 بينما كنت مسترخياً بكل مشاعري و جسدي على الكرسي و كأن إعصار الفضول و برق مخيف لسع ظهري فنهضت قليلاً للأمام محافظاً على هدوئي في لحظة عشتها تحت رحمة الإرتباك .
لأستمع اليها و انا اعيش لحظات أشبه بجدال الصمت مع الهدوء ..ابتسمت و هي مستهزئة بمشاعري عن غير قَصدْ .
لحظةٌ كانت الأشرس و الأشد عاصفة في تحطيم  اجمل الأيام التي عشتها فرحاً ..
لحظةٌ و كأنني أقاوم  آلاف الخيبات و الخذلان دفعةً واحدة و اي خيبة يعقوب بغياب يوسف أمام رحيلها ..!
وقتها شعرت بأن الحزن قد سرق رائحة عطري الفينيقي و  نثر كل ما من حولي من رماد الوصب(١).

باركتها لحظة الفراق بروح مُنكسرة و ابتسامة أصابها الفتور و الوهن ... رجعت ادراجي و انا استقل حافلة  النقل الموعجة بأناس لا تعرف لهم عنوان و فوضويين كَحالتي .
كنت في حيرة و ضياع كحال عصفور صغير في صباحٍ ضبابي قلقٌ كي لا يصبح فريسةً سهلة.
انطفأت حالتي كشمعة عاشق اشعلها مكان لقائه الاول لحبيبته على شاطئ هائج .
و عندما صعدت ادراج البناية قاصداًغرفتي في الدور الثالث و قفت منتصف الدرج امتلكني شعور بالفقد و الوهس و في لحظة اشد ضياعاً مررت بها  سألت نفسي هل أنا بصاعد الدرج ام بنازل...؟! و مذ يومها  لا زلت عالق هناك في منتصف الدرج اكرر سؤالي لنفسي .

 الوَصَبْ(١). التعب من شدة الحب

جان يزدي
جان يزدي